شبكة النبأ: قال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): إنّ الله جلّ جلاله جعل لأخي عليّ بن أبي طالب فضائل لا
تحصى كثرة، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقّراً بها غفر الله له ما تقدّم
من ذنبه وما تأخّر، ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له
ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن أصغى إلى فضيلة من فضائله غفر الله له
الذنوب التي اكتسبها بالإستماع، ومن نظر إلى كتاب في فضائل عليّ غفر
الله له الذنوب التي إكتسبها بالنظر.
ثم قال: النظر إلى عليّ بن أبي طالب عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل
الله إيمان عبد من عباده كلّهم إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه...
بهذا الحديث الشريف وبهذه الدرر العظيمة نبداء مع الإمام علي(عليه
السلام) هذه الرحلة الايمانيه الموجزة لنستذكر بعض حياة هذا العملاق
العظيم الذي بذل كل شيء لأجل إعلاء كلمة الله.
نسبه الشريف
هو الإِمام أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين عليّ بن أبي طالب بن
عبدالمطلب ابن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي
بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إياس
بن مضر بن نزار ابن معد بن عدنان.
والده
عبد مناف، وقيل: عمران، وكنيته أبو طالب وهو أخو عبدالله والد النبيّ
(صلى الله عليه وآله) لاُ مّه وأبيه. ولد أبو طالب بمكّة قبل ولادة
النبيّ (صلى الله عليه وآله) بخمس وثلاثين سنة، وانتهت إليه بعد أبيه
عبدالمطلب الزعامة المطلقة لقريش، وكان يروي الماء لوفود مكّة كافّة
لأنّ السقاية كانت له، ورفض عبادة الأصنام فوحّد الله سبحانه ولمّا
توفّي عبدالمطلب تكفّل أبو طالب رعاية رسول الله(صلى الله عليه وآله)
فكان يحبّه حبّاً شديداً وميزه عن جميع أبنائه وكان لا ينام إلاّ إلى
جنبه ويخرج فيخرج معه وكان يخصّه بالطعام دون أولاده.
وروي أنّ أبا طالب دعا بني عبدالمطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم
من محمّد (صلى الله عليه وآله) وما اتّبعتم أمره، فاتّبعوه وأعينوه
ترشدوا. وما زالت قريش كافّة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى
مات أبو طالب توفّي (رض) قبل الهجرة بثلاث سنين وبعد خروج بني هاشم مع
النبيّ (صلى الله عليه وآله) من الشِعب وعمره بضع وثمانون سنة وكان
للنبي (صلى الله عليه وآله) تعلّق شديد بأبي طالب، فقد عاش في كنفه
(43) عاماً منذ الثامنة من عمره الشريف حينما توفّي جدّه عبد المطلب.
وقد ثبت أنّ أبا طالب كان موحّداً مؤمناً بالله ومعتقداً بالإسلام
أرسخ الاعتقاد، وبقي على حاله هذه حتى وافاه الأجل، وإنّما أخفى إيمانه
ليتمكّن أن يكون له شأن واتّصال مع كفّار مكّة، وليطّلع على مكائدهم
ومؤامراتهم، فكان يعيش حالة التقيّة، وكان مثله كأصحاب الكهف في قومهم،
وهو ممّن آتاهم الله أجرهم مرّتين لإيمانه وتقيّته.
أمه
هي السيدة الفاضلة فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف تجتمع هي
وأبو طالب في هاشم وهي بمنزلة الاُمّ للنبيّ (صلى الله عليه وآله) فقد
ربّته في حجرها الطاهر وتكفلت رعايته وسهرت على راحته.
ولمّا ماتت فاطمة بنت أسد(رض) دخل إليها رسول الله (صلى الله عليه
وآله) فجلس عند رأسها وقال: «رحمك الله يا أمي، كنت أمي بعد أمي،
تجوعين وتشبعيني، وتعرين وتكسيني، وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني،
تريدين بذلك وجه الله والآخرة».
وغمّضها ثمّ أمر أن تغسل بالماء ثلاثاً فلمّا بلغ الماء الّذي فيه
الكافور سكبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده ثمّ خلع قميصه
فألبسه إيّاها وكفّنت فوقه ودعا لها أسامة بن زيد مولى رسول الله (صلى
الله عليه وآله) وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطّاب وغلاماً أسود
فحفروا لها قبرها فلمّا بلغوا اللّحد حفره رسول الله (صلى الله عليه
وآله) بيده، وأخرج ترابه ودخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبرها
فاضطجع فيه، ثمّ قال: «الله الّذي يحيي ويميت، وهو حيّ لا يموت، اللّهمّ
اغفر لاُمّي فاطمة بنت أسد بن هاشم، ولقّنها حجتها، ووسّع عليها مدخلها
بحقّ نبيّك والأنبياء من قبلي، فإنّك أرحم الراحمين» وأدخلها رسول الله
(صلى الله عليه وآله) اللحد.
فقيل: يا رسول الله رأيناك وضعت شيئاً لم تكن وضعته بأحد من قبل:
فقال (صلى الله عليه وآله): «ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنّة،
واضطجعت في قبرها ليخفّف عنها من ضغطة القبر، إنّها كانت من أحسن خلق
الله صُنعاً إليّ بعد أبي طالب رضي اللّه عنهما ورحمهما».
ولادته
ولِد الإمام عليّ (عليه السلام) بمكّة المشرّفة داخل البيت الحرام
وفي جوف الكعبة في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب سنة ثلاثين من عام
الفيل قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة، ولم يولد في بيت الله الحرام قبله
أحد سواه، وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له وإعلاءً لمرتبته
وإظهاراً لكراماته.
روي عن يزيد بن قعنب أنّه قال: كنت جالساً مع العباس بن عبد المطلب
وفريق من بني عبد العزّى بإزاء بيت الله الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد
أم أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكانت حاملاً به لتسعة أشهر وقد أخذها
الطلق.
فقالت: ياربّ إنّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإنّي
مصدّقة بكلام جديّ إبراهيم الخليل (عليه السلام) وإنّه بنى البيت
العتيق، فبحقّ الّذي بنى هذا البيت، وبحقّ المولود الّذي في بطني إلاّ
ما يسّرت عليَّ ولادتي.
قال يزيد: فرأيت البيت قد انشق عن ظهره، ودخلت فاطمة فيه، وغابت عن
أبصارنا وعاد الى حاله والتزق الحائط فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم
ينفتح فعلمنا أنّ ذلك أمر من أمر الله عزّ وجلّ، ثمّ خرجت في اليوم
الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
وأسرع البشير إلى أبي طالب وأهل بيته فأقبلوا مسرعين والبِشر يعلو
وجوههم، وتقدّم من بينهم محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله) فضمّه الى
صدره، وحمله الى بيت أبي طالب حيث كان الرسول في تلك الفترة يعيش مع
خديجة في دار عمه منذ زواجه وانقدح في ذهن أبي طالب أن يسمّي وليده «عليّاً»
وهكذا سمّاه، وأقام أبو طالب وليمةً على شرف الوليد المبارك، ونحر
الكثير من الأنعام.
ولازال الأثر موجوداً على جدار الكعبة حتى اليوم بالرغم من تجدد
بناء الكعبة في خلال هذه القرون، وقد ملئوا أثر الانشقاق بالفضة والأثر
يرى بكل وضوح على الجدار المسمى بالمستجار، والعدد الكثير من الحجاج
يلتصقون بهذا الجدار ويتضرعون إلى الله تعالى في حوائجهم.
كناه وألقابه
إن لأمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) ألقاباً وكنىً ونعوتاً يصعب
حصرها والإلمام بها، وكلّها صادرة من رسول الله (صلى الله عليه وآله)
في شتى المواقف والمناسبات العديدة التي وقفها (عليه السلام) لنشر
الإسلام والدفاع عنه وعن الرسول(صلى الله عليه وآله).
فمن ألقابه (عليه السلام): أمير المؤمنين، ويعسوب الدين والمسلمين،
ومبيرالشرك والمشركين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، ومولى
المؤمنين، وشبيه هارون، والمرتضى، ونفس الرسول، وأخوه، وزوج البتول،
وسيف الله المسلول، وأمير البررة، وقاتل الفجرة، وقسيم الجنّة والنار،
وصاحب اللواء، وسيّد العرب، وخاصف النعل، وكشّاف الكرب، والصدّيق
الأكبر، وذو القرنين، والهادي، والفاروق، والداعي، والشاهد، وباب
المدينة، والوالي، والوصيّ، وقاضي دين رسول الله، ومنجز وعده، والنبأ
العظيم، والصراط المستقيم، والأنزع البطين.
وأمّا كناه فمنها: أبو الحسن، أبو الحسين، أبو السبطين، أبو
الريحانتين، أبو تراب.
صفاته
امتاز الإمام علي (ع) بالصفات الفاضلة والأخلاق الحميدة نذكر منها:
الإيمان: هو أول من آمن بالله وصدق رسوله ولم يشرك بالله طرفة عين
ولم يسجد لصنم قط.
العلم: كان أعلم الناس بعد رسول الله وكان الصحابة يرجعون إليه في
كثير من المسائل. وقد شهد له النبي (ص) بالعلم بقوله: (أقضاكم علي).
وقوله (ص): (أنا مدينة العلم وعلي بابها).
الزهد: كان أزهد الناس، قوته خبز الشعير ولباسه الخام الغليظ،
وحمائل سيفه ليف، وكانت الأموال تجبى له من الأقطار، ومات ولم يخلف
شيئا.
العبادة: لا خلاف أنه كان أعبد الناس، ومنه تعلم الناس صلاة الليل
والأدعية والمناجاة.
الشجاعة: أما شجاعته فلا تحتاج إلى دليل فإنه أشجع الخلق، ومواقفه
في الحروب تغني عن شرح شجاعته.
الجهاد: هو سيد المجاهدين، شهد غزوات النبي (ص) كلها وأبلى فيها
بلاء حسنا إلا غزوة تبوك فإن النبي (ص) خلفه نائبا عنه في المدينة وقال
له:(أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).
العدالة: كان أعدل الناس لا يفرق بين رئيس ومرؤوس في الحق وهو الذي
ساوى بين الناس في العطاء وأخذ كأحدهم.
الفصاحة: هو إمام الفصاحة وسيد البلغاء ويكفي دلالة على فصاحته كتاب
نهج البلاغة.
الكرم: كان (ع) أسخى الناس، يصوم ويطوي ويؤثر بزاده، وفيه نزلت
الآية الكريمة.. ((ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما
نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا)).
حسن الخلق: كان لين الجانب شديد التواضع طليق المحيا كثير التبسم.
الحلم: كان حليما كثير الصفح، ظفر بعدوه مروان بن الحكم يوم الجمل
فصفح عنه، ومنع معاوية وأهل الشام الماء عنه (ع) فلما ملكه أباحه لهم.
عليّ (عليه السلام) أول المؤمنين
لقد نشأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) على قيم إلهية سامية كما
صرّح بذلك القرآن الكريم بقوله تعالى: (وإنّك لعلى خلق عظيم)، فكان
النموذج المغاير لإنسان الجزيرة في معتقده وتفكيره وسلوكه وأخلاقه،
فسلك منذ نعومة أظفاره خطّاً موازياً لقيم رسالات الأنبياء سيّما شيخهم
إبراهيم الخليل (عليه السلام)، وكان في قناعة الرسول (صلى الله عليه
وآله) أنّ هذا الخطّ لا يلتقي بقيم المجتمع الجاهلي، من هنا بدأ (صلى
الله عليه وآله) بإنشاء نواة الاُسرة المؤمنة المتكونة منه وخديجة وعليّ
(عليهم السلام).
وقرّر أن يشقّ مجرى التأريخ، وأن يفتح طريقاً وسط التيار العام، وأن
يقاوم بتلك الاُسرة الانحراف السائد، وأن يُحدث موجاً هادراً يتحوّل
شيئاً فشيئاً إلى تيار جارف للوثنية والجاهلية من ربوع الأرض، إنّ عليّ
بن أبي طالب (عليه السلام) والذي تربّى في حِجر الرسول (صلى الله عليه
وآله) لم يسجد لصنم قطّ، ولم يُشرك بالله طرفة عين. وعندما نزل الوحي
على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان عليّ (عليه السلام) الى جانبه،
وكان أوّل من آمن برسالته (صلى الله عليه وآله) كما شهدت بذلك عامّة
مصادر التأريخ.
فقد روي عن سلمان الفارسي أَنّه قال: أوّل هذه الاُمّة وروداً على
نبيّها (صلى الله عليه وآله) الحوض، أوّلها إسلاماً عليّ بن أبي طالب (عليه
السلام).
وعن العباس بن عبد المطلب أنّه سمع عمر بن الخطاب وهو يقول: كفّوا
عن ذكر عليّ بن أبي طالب إلاّ بخير، فإنّي سمعت رسول الله (صلى الله
عليه وآله) يقول: في عليّ ثلاث خصال، وددت أنّ لي واحدةً منهنّ، كلّ
واحدة منهنّ أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس، وذلك أنّي كنت أنا وأبو
بكر وأبو عبيدة بن الجرّاح ونفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه
وآله) إذ ضرب النبي على كتف عليّ بن أبي طالب وقال: يا عليّ، أنت أوّل
المسلمين إسلاماً، وأنت أول المؤمنين إيماناً، وأنت منّي بمنزلة هارون
من موسى، كذب من زعم أنّه يحبّني وهو مبغضك.
أوّل من صلّى
عاش الإمام عليّ (عليه السلام) مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)
كلّ متغيّرات حياة الرسول الأعظم، فكان يرى في محمّد المثل الكامل
الّذي يُشبع تطلعاته وعبقرياته، فكان يحاكيه في أفعاله ويرصده في
حركاته ويقتدي به ويطيعه في كلّ أوامره ونواهيه قبل البعثة النبويّة
الشريفة وحتى آخر لحظة من عمر النبيّ (صلى الله عليه وآله)، كما أجمع
المؤرّخون على أنّه لم يردّ على رسول الله كلمة قطّ.
وقد صرّح الإمام (عليه السلام) بأنّه أوّل من صلى بعد رسول الله (صلى
الله عليه وآله) قائلاً:
«لم يسبقني إلاّ رسول الله بالصلاة».
كما روي عن حبّة العرني أنّه قال: رأيت عليّاً (عليه السلام) يوماً
ضحك ضحكاً لم أره ضحك ضحكاً أشدّ منه حتى أبدى ناجذه، ثمّ قال: «اللّهم
لا أعرف أنّ عبداً من هذه الاُمّة عبدك قبلي غير نبيّها(صلى الله عليه
وآله)».
وجاء في تفسير قوله تعالى: (واركعوا مع الراكعين) عن ابن عباس:
أنّها نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليّ بن أبي طالب وهما
أول من صلّى وركع.
كما جاء عن أنس بن مالك: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «صلّت
الملائكة عليَّ وعلى عليٍّ سبعاً، وذلك أنّه لم يرفع إلى السماء شهادة
لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله إلاّ منّي ومنه».
وعن أنس بن مالك قال : أنزلت النبوّة على رسول الله (صلى الله عليه
وآله) يوم الإثنين وصلّى عليّ (عليه السلام) يوم الثلاثاء.
أوّل مراحل الفَدى
كان علي (ع) مستعداً للذود عن رسول الله (ص) وافتداء نفسه الزكية
رخيصةً من اجل المصطفى (ص) في كل وقت وكان علي (ع) على درجة من التضحية
والإيثار في جميع مواطن ملازمته لخاتم الأنبياء (ص). ولكن المصادر
التأريخية تذكر واقعتين لهما خصوصية عظيمة فدى بهما علي (ع) نفسه من
أجل رسول الله (ص).
الاولى: المبيت في الشعب مكان رسول الله (ص). فقد «كان ابو طالب
كثيراً ما يخاف على رسول الله (ص) البيات اذا عرف مضجعه وكان يقيمه
ليلاً من منامه ويضجع ابنه علياً مكانه...». فكان علي (ع) يقدم نفسه
للموت، فداءً لرسول الله (ص).
الثانية: المبيت ليلة الهجرة. والرواية مشهورة عند الفريقين، فقد
روي عن ابن عباس في قوله تعالى: (وإذ يَمكُرُ بِكَ الذيَنَ كَفَروا
لِيُثبِتُوكَ...)
قال: «تشاورت قريش ليلاً بمكة فقال بعضهم: اذا اصبح فاثبتوه
بالوثاق يريدون النبي (ص) وقال بعضهم: بل اقتلوه، وقال بعضهم: بل
اخرجوه فاطلع الله عزّ وجلّ نبيه على ذلك.
فبات علي (ع) على فراش النبي (ص) تلك الليلة، وخرج النبي (ص) حتى
لحق بالغار. وبات المشركون يحرسون علياً (ع) يحسبونه النبي (ص) فلما
اصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوا علياً رد الله مكرهم.
فقالوا: اين صاحبك هذا؟ قال: لا ادري. فاقتصوا أثره. فلما بلغوا
الجبل خُلّط عليهم فصعدوا في الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج
العنكبوت، فقالوا: لو دخل ههنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث (ص)
فيه ثلاث ليال».
قال الشبلنجي في «نور الابصار» عارضاً فضائل أمير المؤمنين (ع): «فمن
شجاعته نومه على فراش رسول الله (ص) لما أمره بذلك وقد اجتمعت قريش على
قتل النبي (ص) ولم يكترث علي (رضي الله عنه) بهم، قال بعض أصحاب الحديث:
أوحى الله تعالى الى جبرئيل وميكائيل (عليهما السلام) ان انزلا الى علي
واحرساه في هذه الليلة الى الصباح فنـزلا اليه وهما يقولان: بخّ بخّ من
مثلك يا علي؟ قد باهى الله بك ملائكته.
واورد الغزالي في كتابه (احياء العلوم) ان ليلة مبيت علي (رضي الله
عنه) على فراش رسول الله (ص) أوحى الله تعالى الى جبرئيل وميكائيل: اني
آخيت بينكما وجعلت عمر احدكما اطول من عمر الآخر، فأيّكما يؤثر صاحبه
بالحياة، فاختار كلاهما الحياة وأحباها، فاوحى الله اليهما: أفلا كنتما
مثل علي بن ابي طالب آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه
ويؤثره بالحياة. اهبطا الأرض فاحفظاه من عدوه فكان جبريل عند رأسه
وميكائيل عند رجليه ينادي ويقول: بخّ بخّ من مثلك يا ابن ابي طالب؟
يباهي الله بك الملائكة فانزل الله عزّوجل: (ومِنَ النّاسِ مَن يَشري
نَفسَهُ ابتِغاءَ مَرضاةِ اللهِ واللهُ رؤوفٌ بالعِبادِ).
شجاعة علي
فأمير المؤمنين (عليه السلام) كان شجاعاً، إلا أنه لم يستخدم شجاعته
في سبيل المصالح الشخصية، أو الأطماع الدنيوية، بل كانت شجاعته في سبيل
الله وعلى أعداء الله.
لقد تميزت شجاعة علي (عليه السلام) وبطولته بأنها لم تستخدم أبداً
لتحقيق غاية دنيوية ولا شخصية.
بل كان الأمير (عليه السلام) يملك عنان شجاعته، ويتحكم بزمام قدرته،
ويحركها باتجاه رضى الله ونُصرة دينه.
فيروى أنه (عليه السلام) لمَّا صرع عَمرو بن عَبد وِدٍّ يوم الخندق
تباطأ في احتزاز رأسه وتوقف قبل أن يضربه.
فلما رجع سأله النبي (صلى الله عليه وآله) عن ذلك فقال: (قَد كان
شَتَم أُمي، وتَفَل في وجهي، فخشيت أن أضربَه لِحظِّ نفسي، فتركتُه حتى
سَكن ما بي ثم قتلتُه في الله).
فقد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) أبرز مصداق للآية الشريفة: (مُحَمَّدٌ
رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ
بَينَهُمْ) الفتح 29.
وقد وصفه تعالى في آية أخرى فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَومٍ
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً
عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ
لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلٌ اللهِ يُؤتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ
وَاسِعٌ عَلِيمٌ) المائدة : 54.
أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مناقبه (عليه السلام).
ان حياة علي عليه السلام هي حياة الرسالة المحمدية لذا فهو كل
تفاصيلها وهي مليئة بالعبر والبطولات وتحمل فيها علي ما تحمل ومن بعده
اهل بيته عليهم السلام لذا سنكتفي بما قاله عنه رسول الله(ص) في بعض
احاديثة الشريفة نعم بعضها فقط لان جمعها يحتاج الى مجلدات وكتب ضخمه.
فعن الإمام جعفر بن محمّد عن آبائه (عليهم السلام)، أنه قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله): يا عليّ، أنت أمير المؤمنين، وإمام المتقين،
يا عليّ، أنت سيّد الوصيّين، ووارث علم النّبيين، وخير الصدّيقين،
وأفضل السابقين. يا عليّ أنت زوج سيّدة نساء العالمين، وخليفة خير
المرسلين، يا عليّ، أنت مولى المؤمنين، يا عليّ، أنت الحجة بعدي على
الخلق أجمعين، أستوجب الجنّة من توّلاك واستحق النّار من عاداك.
يا عليّ، والذي بعثني بالنبوة وإصطفاني على جميع البّرية، لو أن
عبداً عبد الله ألف عام، ما قبل الله ذلك منه إلا بولايتك، وبولاية
الأئمة من ولدك، وإن ولايتك لا يقبلها الله تعالى إلا بالبراءة من
أعدائك، وأعداء الأئمة من ولدك،بذلك أخبرني جبريل (عليه السلام) (فمن
شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
عن عبد الله بن مسعود قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
أوّل من أتخذ عليّ بن أبي طالب أخاً من أهل السّماء إسرافيل، ثم
ميكائيل، ثم جبرائيل، وأول من أحبّه من أهل السّماء حملة العرش، ثم
رضوان خازن الجنّة، ثم ملك الموت، وإن ملك الموت يترّحم على محبّي عليّ
بن أبي طالب كما يترّحم على الأنبياء (عليهم السلام).
عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام)، أنه سئل أمير
المؤمنين (عليه السلام) عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، فقال من العترة؟ فقال: أنا
والحسن والحسين، والتسعة من ولد الحسين، تاسعهم مهديهم وقائمهم، لا
يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم، حتى يردا على رسول الله (صلى الله عليه
وآله) حوضه.
عن الفضل بن شاذان، بسنده عن عيسى بن المعتمر قال، قال: رأيت أباذر
الغفاري أخذ بحلقة باب الكعبة وهو يقول: ألا من عرفني فقد عرفني، ومن
لم يعرفني فأنا أبوذر جندب بن السكن، سمعت رسول الله (صلى الله عليه
وآله) يقول: إنّي مخلف فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي،
وإنهما لن يفترقا حتى يردا علّي الحوض، ألا وانّ مثلهما كسفينة نوح، من
ركب فيها نجى، ومن تخلف عنها غرق.
عن إبن عباس قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما أظلّت
الخضراء، ولا أقلّت الغبراء بعدي أفضل من عليّ (عليه السلام)، وإنه
إمام أمتي وأميرها وهو وصيي وخليفتي عليها، من اقتدى به بعدي اهتدى،
ومن اقتدى بغيره ضلّ وغوى.
عن أبن عباس قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو أنّ
الغياض أقلام، والبحار مداد، والجنّ حسّاب، والإنس كتّاب، ما قدروا على
إحصاء فضائل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
عن أبن عمر قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول وقد سئل:
بأيّ لغة خاطبك ربّك ليلة المعراج؟
قال: خاطبني بلسان عليّ، فألهمني أن قلت: يا ربّ خاطبتني أم عليّ؟.
فقال: يا أحمد، أنا شئ ليس كالأشياء، ولا أقاس بالنّاس، ولا أوصف
بالشبهات، خلقتك من نوري، وخلقت عليّاً من نورك، إطلّعت على سرائر قلبك،
فلم أجد أحداً إلى قلبك أحبّ من عليّ بن أبي طالب، فخاطبتك بلسانه كيما
يطمئن قلبك.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سرّه أن يجوز على الصراط
كالريح العاصف، ويلج الجنّة بغير حساب، فليتول وليّي ووصيّي وصاحبي
وخليفتي على أهلي وأمتّي عليّ بن أبي طالب. ومن سرّه أن يلج النّار
فليترك ولايته، فوعزة ربّي وجلاله إنّه لباب الله الذي لا يؤتى إلا منه،
وإنّه الصّراط المستقيم، وانّه الذي يسأل الله عن ولايته يوم القيامة.
لما انتهى إلى النّجاشي ملك الحبّشة خبر النّبي (صلى الله عليه وآله)
قال لأصحابه:
إنّي مختبر هذا الرّجلّ بهدايا أنفذ إليه، ثم أعدّ له تحفاً عظيماً
وفيها من الفصوص ياقوت وعقيق، فقال: إن كان الرجلّ يطلب الدنيا والملك،
فهو يختار الياقوت، وإن كان نبيّاً حقّاً فإنّه يختار العقيق.
فلمّا وصلت الهدايا إلى النّبي (صلى الله عليه وآله) قسّمها على
أصحابه، ولم يأخذ لنفسه سوى فصّ عقيق أحمر، ثم أعطاه لعليّ وقال: يا
عليّ فاكتب سطراً واحداً (لا اله إلا الله).
فمضى عليّ فقال للنقّاش: اُكتب عليه ما يحبّ رسول الله (صلى الله
عليه وآله) لا اله إلا الله، فقال له: اُكتب ما أحب أنا (محمّد رسول
الله)، فلمّا جاء به إلى النّبي (صلى الله عليه وآله) وجد عليه ثلاثة
أسطر.
فقال: يا عليّ أمرتك أن تكتب عليه سطراً واحداً، فكتبت عليه ثلاثة
أسطر، فقال (عليه السلام): وحقكّ يـا رسول الله، مـا أمـرتـه أن يكتب
عليه إلا ما أحببت (لا اله إلا الله)، وما أحببت أنا (محمّد رسول الله).
فهبط جبرئيل الأمين (عليه السلام) فقال: ربّ العزة يقول: كتبت ما تحبّ
(لا اله إلا الله) وعليّ كتب ما يحبّ (محمّد رسول الله)، وأنا كتبت ما
اُحبّ (عليّ ولي الله).
إن رجلاً قدم على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير
المؤمنين إنّي أحبّك وأحبّ فلاناً، وسمى بعض أعدائه، فقال (عليه السلام)
أما الآن فأنت أعور، فإما أن تعمى وإما أن تبصر.
أبن بابويه بسنده عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) عن قول
الله عزّ وجلّ: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) قال: إن رهطاً
من اليهود أسلموا، منهم عبد الله بن سلام وأسيد بن ثعلبة وأبن يامين،
وأبن صوريا فأتوا النّبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: يا نبي الله، إن
موسى أوصى إلى يوشع بن نون، فمن وصيّك يا رسول الله، ومن وليّنا بعدك؟.
فنزلت هذه الآية (إنما وليكم الله ورسوله الذين آمنوا والذّين
يقيمون الصلوة ويؤتون الزّكوة وهم راكعون).
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قوموا فقاموا وأتوا المسجد،
فإذاً سائل خارج فقال: يا سائل ما أعطاك أحد شيئاً؟ قال نعم، هذا
الخاتم. قال من أعطاك؟ قال: أعطانيه ذلك الرجّل الذّي يصّلي. قال،
قال:علـى أيّ حال أعطاك؟ قـال: كان راكعاً، فكبّر النّبي وكبّر أهل
المسجد، فقال النّبي (صلى الله عليه وآله): عليّ بن أبي طالب وليّكم
بعدي.
قالوا: رضينا بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمّد (صلى الله عليه
وآله) نبيّاً وبعليّ بن أبي طالب ولّياً، فأنزل الله عز وجل (ومن يتولى
الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون)
عن أبي سلمى، قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:ليلة
أسري بي إلى السّماء، قال لي الجليل (جلّ جلاله): (آمن الرسول بما أنزل
إليه من ربّه). قلت: والمؤمنون. قال: صدقت يا محمّد، من خلّفت في أمتك؟.
قلت: خيرها. قال: عليّ بن أبي طالب؟. قلت: نعم يا رب. قال: يا محمّد،
إني إطلّعت إلى الأرض إطلاعة فاخترتك منها، وشققت لك أسما من أسمائي،
فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي، فأنا المحمود وأنت محمّد. ثم اطلعت
الثانية، فاخترت منها عليّاً وشققت له أسما من أسمائي، فأنا الأعلى وهو
عليّ. يا محمّد إني خلقتك وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من
ولده، من شبح نور من نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السـماوات وأهل
الأرضين فمن قبلهـا كان عندي من الـمؤمنين، ومن جحدها كان عندي من
الكافرين، يا محمّد، لو أن عبداً من عبيدي عبدني حتى ينقطع ويصير
كالشّن البالي، ثم أتاني جاحداً لولايتكم ما غفرت له حتى يقرّ بولايتكم،
يا محمّد أتحبّ أن تراهم؟.
قلت: نعم يا ربّ، فقال لي: ألتفت عن يمين العرش، فألتفت فإذا أنا
بعليّ، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ،
وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمّد بن عليّ، وعليّ
بن محمّد، والحسن بن عليّ (والحجّة القائم ـ عليهم السّلام ـ) والمهدي
بينهم في ضحضاح من نور، كأنّه كوكب درّي.
فقال: يا محمّد هؤلاء الحجج، وهو الثّائر من عترتك، فوعزّتي وجلالي
أنه الناّصر لأوليائي، والمنتقم من أعدائي.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا بن عباس، والذي بعثني بالحق
نبياً إن النّار لأشد غضباً على مبغضي عليّ منها على من زعم أن لله
ولداً.
عن إبن عباس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني
بالحق لا يقبل الله من عبده حسنة، حتى يسأله عن حبّ عليّ بن أبي طالب (عليه
السلام).
عن محمّد بن مسلم، قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن الله
تبارك وتعالى أخذ ميثاق النّبيين على ولاية عليّ (عليه السلام)، وأخذ
عهد النّبيين بولاية عليّ (عليه السلام).
عن الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام)، قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله):
من أحبّ أن يركب سفينة النجاة، ويستمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم
بحبّل الله المتين، فليوال عليّاً بعدي، وليعاد عدّوه، وليأتّم بالهداة
من ولده، فإنّهم خلفائي وأوصيائي، وحجج الله على الخلق بعدي، وسادة
أمتي وقادة الأتقياء إلى الجنّة، حزبهم حزبي، وحزبي حزب الله عزّ وجل،
وحزب أعدائهم حزب الشيطان.
عن الحسين بن عليّ (عليهما السلام)، عن أمّه فاطمة (عليها السلام)
قالت: خرج عليّنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشّية عرفة. فقال: إن
الله تعالى باهى بكم الملائكة، فغفر لكم عامة، وغفر لعليّ خاصة، وإني
رسول الله إليكم غير هائب لقومي، ولا محاب لقرابتي، هذا جبرئيل يخبرني
أن السّعيد كل السّعيد حق السّعيد من أحبّ عليّاً في حياتي وبعد موتي.
استشهاده عليه
فزت ورب الكعبة تلك الكلمة الرائعة التي أطلقها وهو بين يدي الله عز
وجل نعم فالفوز كان بالشهادة في محراب العبادة في مسجد الكوفة
المبارك.. فولادته عليه السلام كانت في جوف الكعبة المشرفة وشهادته
كانت في محراب الكوفة المقدسة بمسيل دمائه الطاهرة على ترابها..
وكان ذلك في صبيحة يوم 19من شهر رمضان المبارك حيث كمن له أشقى
الأولين والآخرين ابن ملجم المرادي (لعنه الله) وعندما أخذ الإمام عليه
السلام بنافلة الفجر ضربه بسيفه المسموم على قرنه الشريف فخضب لحيته
الشريفة من دمه الطاهر كما أخبره ابن عمه الرسول الأعظم صلى الله عليه
وآله.
وأنتقل الإمام عليه السلام الى جوار ربه بعد يومين من تلك الحادثة
أي في ليلة 21من شهر رمضان المبارك سنة 40 للهجرة المباركة..
هذا مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فمن مثل علي...؟ فسلام
علية يوم ولد في بيت الله ويوم ستشهد في بيت الله ويوم يبعث حيا وجعلنا
وإياكم من الفائزين بحب علي وشفاعته. |