لو نتصفح التاريخ صفحة صفحة نبحث عن ملك أو سلطان أو حاكم يستحق إن
يحكم العالم فهل يا ترى نجد من هو جدير بذلك... حتما سنجد رجل حمل على
أكفه آلام وهموم أمته وألقى على عاتقة مسئولية رعاية شعبه وتفقد
أحوالهم وكان لا يميز بين العربي والأعجمي ولا بين الأسود والأبيض
والمسلم والمسيحي فالكل عنده سيان... والناس عنده اثنان إما أخا لك في
الدين أو نظير لك في الخلق.
يعيش حياة الفقراء وهو حاكم على ما يقارب 50 دولة من دول هذا الزمان...
كان يمتلك مبادئ لا يخالفها حتى مع أقرب الناس إليه. ذات مرة أتى له
أخيه يسأله الزيادة في العطاء من بيت المال فما كان منه إلا إنه أخذ
حديده أحماه بالنار وقربها من أخيه ليشعر بحرارة النار مذكره بنار جهنم...
كان مناوئوه يعيشون معه في أمن وأمان، حتى العطاء لم يقطع عنهم رغم
ما زرعوا من فتنة في البلاد... كان عادلا في كل شيء... يهتم بالصغيرة
قبل الكبيرة...
كان يهدف لإكمال مسيرة السماء من بعد آخر الأنبياء... حينما نحي عن
الخلافة لم يرفع سيفا ليقاتل بل صبر حتى جلس على الكرسي قبله ثلاثة
وبعد مقتل الثالث تزاحمت الأمة عليه حتى وطء أبناه من شدة الزحام...
كان يتجول في الأسواق حاله حال أبسط إنسان في الأمة، ومن تواضعه
الناس لا يعرفوه لا بطانة حوله ولا جيش يحميه، ذات مرة وهو يتفقد أحول
الرعية في السوق شاهد جارية تبكي سألها ما الخبر قالت: أنا جارية
اشتريت تمرا بدرهمين فذهبت به إلى سيدي فقال لي أرجعيه فذهبت به إلى
التمار فأبى إرجاعه فأنا لا استطيع الرجوع إلى سيدي خوفا من العقوبة
فذهب هذا الحاكم إلى التمار يطلب منه إرجاع التمر وإعطاء الجارية
النقود فبادر التمار بدفع هذا الحاكم بيده، وإذا برجل يسلم عليه عند
ذلك عرف التمار بأنه من دفع هو الحاكم تذلل منه وتسامح فكان العفو
شيمته...
رجل من أعدائه فارق زوجته وعاش في مصر وظنت زوجته الموجودة في
الكوفة بأنه مات فاعتدت ومن ثم تزوجت، عادة زوجها إلى الدار فدهشت
الزوجة وقالت له ظننتك مت فأنا اعتديت وتزوجت فذهب الرجل إلى الحاكم
العادل يطلب منه الحكم في القضية رغم إنه كان يحاربه في إناء الليل
والنهار إلا إن الرجل كان يعرف الحاكم جيدا بأنه يتعالى على كل الجراح
ويبسط الحق مع الجميع فحكم له بأن تعتد زوجته من جديد ويرجع لها...
كان يعلم بالرجل الذي سوف يقتله... قالوا له أصحابه لما لا تقتله
قال: لهم كيف أقتله وهو قاتلي... أي لم يتخذ الضربة الاستباقية
بمفهومنا المعاصر...
ولما أقدم قاتله على ضربه وهو في صلاته أمر بإلقاء القبض عليه
ومعاملته أحسن معامله وإطعامه بنفس طعامه... وقال أيضا هذا الحاكم إذا
مت ضربة بضربة وإذا بقيت حيا فأنا أحق بالعفو...
أرسى للبشرية قواعد حقوق الإنسان... فصار خير إنسان بعد كل ما ذكر
فهل هل يستحق أحدا يحكم العالم غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب؟ |