ما علاقة الايمان بعلي المرتضى؟ وهل هي علاقة متلازمة بحيث لايجوز
للمسلم أن يدخل دائرة الايمان ان لم يكن علوي الايمان والمعتقد
بالامامة والولاية له ومعرفته حق المعرفة؟.
حين يطرح تساؤلا كهذا يفترض أن يكون هناك ما يستند عليه كدليل
منطقي، ونعتقد جميعا كمسلمين موحدين أن القرآن الكريم والسنة النبوية
المطهرة هما الدليل على ما نعتقد ونؤمن به دليلا وحجة شرعية علينا.
فالقرآن الكريم يصرح في سورة المائدة من الآية 55 قوله تعالى (إنما
وليكم الله ورسوله والذين آمنوا * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة
وهم راكعون) وكتب التفاسير اتفقت على ان المعني في هذه الاية الشريفة
هو الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام. ثم تأتي مناسبة
يوم الغدير وتنصيب النبي الاكرم للامام علي اميرا للمؤمنين ومبايعة
المسلمين له وهم في طريق العودة من الحج كولي للمؤمنين حتى قالها
الخليفة الثاني وحسب المصادر الاسلامية (بخ بخ لك ياعلي لقد امسيت ولي
كل مؤمن ومؤمنة).
ثم يأتي صريح العبارة فيما ورد من الصحابة الذين تعتقد المذاهب
الاسلامية الاربعة بعدولهم جميعا حين يؤكدون على حقيقة ان حب علي ايمان
وبغضه نفاق. قَالَ عَلِيٌّ (وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ
النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ أَنْ لاَ يُحِبَّنِي إِلاّ مُؤْمِنٌ وَلاَ
يُبْغِضَنِي إِلاّ مُنَافِقٌ)* بل الاكثر من ذلك يقولون اذا اردنا ان
نعرف المنافق من المؤمن نعرفه من خلال حبه لعلي عليه السلام.
اكتمال المقدمة في اعتبار ان ايمان المسلم وليس اسلامه مرتبط بحبه
لعلي هو ماجاء متمما لحديث النبي الاكرم يوم الغدير من كنت مولاه فعلي
مولاه ليتوقف عند خطورة النتائج في الحب والبغض بقوله صلى الله عليه
وآله (اللهم وال من والاه وعاد من عاد وانصر من نصره واخذل من خذله).
ان معرفة المسلم المؤمن بجوهر الايمان ارتبط ليس فقط بالاقرار بالتوحيد
والنبوة انما بالولاية لعلي عليه السلام ولا فائدة من حبه لعلي ان لم
يترجم الحب الى الاقرار بالولاية الشرعية للامام الذي يعتبر امام
الموحدين والمتقين وقد امرنا رب الجلالة وبنص القرآن وحسب كتب التفاسير
فيمن كان المعني بها في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
وكونوا مع الصادقين) ان المعني هو الامام علي بين ابي طالب.
هذا المدخل الاولي في مفهوم هوية ايمان المسلم من خلال حبه لعلي
بطريقة مرتبطة بالاقرار بامامته وهو جزء مهم من حديث الثقلين كون ان
النبي الاكرم صرح ان اهل بيته الاطهار والقرآن الكريم هما متلازمان ولا
انفصام بينهما كما اخبره رب العزة حين قال ولن يفترقا حتى يردا علي
الحوض، هو المدخل الذي يوصلنا الى الشق الثاني من الموضوع بكيفية
الاستدلال على مصداقية الانطباق على علي بن ابي طالب دون الاخرين من
الصحابة في عهد النبي الاكرم ولحين انقطاع الوحي الالهي.
ان سيرة الامام أمير المؤمنين من حيث تفرده بخصائص له دون غيره تؤكد
أن كل ما يرتبط بمقاماته هو حق طبيعي له، فولادته عليه السلام في بيت
الله الحرام والتي لم يسبقه احد ولم يأتي من بعده انما هي حالة متميزة
لعلي ولو استغرقنا في تحليل الحدث ومكانة بيت الله الحرام واهميته زمن
الانبياء والمرسلين وموقعه العقائدي لوجدنا في الامر حالة غير طبيعية.
ثم تأتي العلاقة الوثيقة بين علي وابن عمه المصطفى عليهما افضل
الصلاة والسلام منذ ان كان صبيا. يقول الامام علي السلام في هذا المقام
(ولقد كنت اتبعه اتباع الفصيل اثر امه، يرفع لي في كل يوم من اخلاقه
علما ويأمرني بالاقتداء به.
ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فاراه ولا يراه غيرى... ارى نور
الوحى والرسالة. واشم ريح النبوة ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحى
عليه (ص) فقلت: يا رسول اللّه ما هذه الرنة؟ فقال: هذا الشيطان قد ايس
من عبادته. انك تسمع ما اسمع وترى ما ارى الا انك لست بنبي ولكنك لوزير
وانك لعلى خير). ان دراسة شخصية الامام من خلال ما كتب عنه لم تكن
شخصية عادية في مواقفه وعطائه الفكري والانساني وبطولاته وكمال اخلاقه
وسموه ورفعته جعلت كل من كتب عنه يعتذر ان ما كتبه لم يصل الى حقيقة
علي.
لذلك انطلق الحديث من حقيقة الايمان بحب علي والعلاقة الوثيقة
بينهما كما يقول رب الجلالة في مسألة الاسلام والايمان قَالَتِ
الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا
أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ
تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ
شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ولا يمكن لأي عاقل وحر يملك
عقلا يميز بين الحق والباطل ان يتجاوز على حقائق التاريخ والشخصيات
التي كان لها موقع الصدارة والتفرد بكل المزايا والخصوصيات ان لم ينصف
بالاقرار لشخصية الامام علي بن ابي طالب وما تبع من مستلزمات الاقرار
بعد التوحيد والنبوة الى الاقرار بالامامة، وعلي أهل لها فهو كما قال
النبي يوم الخندق خرج الايمان كله الى الشرك كله. |