لقب (الامام) اختص به عليّ بين جميع
الخلفاء الراشدين، فلا ينصرف الى احد غيره،
وكذلك الحال بين جميع الأئمة الذين
وسموا بهذه السمة من سابقيه ولاحقيه.
الاستاذ والمفكر عباس محمود العقاد
لا انطفاء لمصباحك يا ابا الحسنين وهل ينطفئ مصباح ربيب الوحي
والنبي محمد (ص)، وهل ينطفئ مصباح من ترك لنا سراجا لا يخبو توقده
وبحرا لا يدرك مدى علمه، وهل ينطفئ مصباح من هو امام للبلاغة والادب
واللغة وقواعدها والشريعة وفقهها والحكمة وموارده، وهل ينطفئ مصباح
امام كل المتقين والمذاهب اجمعين حتى قال فيه امام الازهر الشريف
المرحوم الشيخ محمد عبده في شرحه لكتاب نهج البلاغة :" واحيانا كنت
اشهد ان عقلا نوراني، لايشبه خلقا جسداني، فصل عن الموكب الالهي، واتصل
بالروح الانساني. فخلعه عن غاشيات الطبيعة وسما به الى الملكوت الاعلى.
ونما به الى مشهد النور الاجلي. وسكن به الى عمار جانب التقديس. بعد
استخلاصه من شوائب التلبيس. وآنات كأني اسمع خطيب الحكمة ينادي بأعلياء
الكلمة، واولياء امر الامة، يعرفهم مواقع الصواب ويبصرهم مواضع
الارتياب ويحذرهم مزالق الاضطراب. ويرشدهم الى دقاق السياسة..." ان
علوم كتاب نهج البلاغة تحتوي على فيض من آيات التوحيد ونورا لاتطفئ
مصابيحه وكذلك على ينابيع للعلم وبحوره وعيون من الحكمة لاتنضب، واصبحت
كلماته علما ودليلا لمن وعى.
وقد اشار شيخ الازهر المرحوم محمد عبده الى قوة وغزارة المعاني
والالفاظ في كتاب نهج البلاغة الذي احتوى على خطب ورسائل ووصايا وحكم
للامام علي (ع) قائلا:" وليس في اهل هذه اللغة الا قائل بان كلام
الامام علي بن ابي طالب هو اشرف الكلام وابلغه بعد كلام الله تعالى
وكلام نبيه (ص)-واغرزه مادة ورفعة اسلوبا واجمعه لجلائل المعاني." وهل
هذا بكثير هذا على مَن هو ابن ابي طالب وجده عبد المطلب اذ حمل منهما
سجايا حميدة واخلاقا فاضلة وهما نفسيهما من تولى رعاية نبي الاسلام بعد
وفاة ابيه وامه، فاصبح مصدر القيم والاخلاق والتربية واحدا مشتركا بين
نبي الامة محمد (ص) وابن عمه ووصيه علي (ع) ، فسادات بني هاشم اجود
الناس كفا واكثرهم عطاء واصدق الناس في حماة العقيدة والدفاع عن
المبادئ.
فمن هو هذا الفتى الذي نحاول ان نقفو اثره ولو قليلا انه: علي بن
ابي طالب، ابن عم النبي محمد (ص) الذي كنّاه ابو تراب فكان احب الاسماء
اليه. وامه فاطمة بنت اسد بن هاشم وهي اول هاشمية ولدت هاشميا قد اسلمت
وهاجرت وهو احد المشهود لهم بالجنة واخو رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالمؤاخاة حيث قال له النبي (ص):" اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون
من موسى، وكان النبي (ص) يدعوه اخاه حتى قالت له ام أيمن ذات يوم
مداعبة: كيف تدعوه اخاك وتزوجه ابنتك!"
وقد قال عنه النبي محمد(ص) كما ورد في الطبراني:" علي مع القرآن،
والقرآن مع علي؛ لايفترقان حتى يردا علي الحوض." وانه صهره على فاطمة
(ع) سيدة نساء العالمين. وقد قال عنه بن عباس وانس وزيد بن ارقم وسلمان
الفارسي وجماعة: انه اول من اسلم ونقل بعضهم الاجماع عليه كما يذكر
جلال الدين السيوطي صاحب تفسير الجلالين. والامام علي (ع) هو امام
للأمة الاسلامية والأئمة الربانيين، وهو اشهر الشجعان المشهورين فهو
الذي يذكر عنه بن عساكر:" حمل الامام علي الباب على ظهره يوم خيبر حتى
صعد المسلمون عليه ففتحوه، وانهم جرُّوه بعد ذلك فلم يحمله الا اربعون
رجلا"، وهو ازهد الزهاد المعروفين وابلغ الخطباء والبلغاء واغزر وأصدق
الكتاب المذكورين فهو احد من جمع القرآن وعرضه على النبي وروى الكم
الكثير من احاديث النبي(ص)، وهو اول خليفة من بني هاشم.
ان الكتابة والحديث عن سيرة امام المتقين علي بن ابي طالب (ع) تحتاج
الى كتب وليس كتاب واحد او مقالة ولكننا نحاول ان نساهم بالقاء نظرة
سريعة تساهم بكتابة بعض السطور عن استشهاد ورحيل امام زان الخلافة وما
زانته ورفعها وما رفعته وهي كانت احوج اليه منه اليه، وبمناسبة هذا
المصاب الجلل الذي حل في الامة الاسلامية بل بالعالم اجمع يوم استشهاد
رائد الحق والعدالة الانسانية امام المتقين نحاول ان نتحدث عن بعض فيض
امام وعالم فتح للمسلمين ابوابا من العلم والفضائل والتُقى لاتحجب.
والحيرة من أي الزوايا والمناحي نبدأ الحديث عن حياة امام الحكمة
والعدل والسياسة والاقتصاد والقضاء؟ فهواقضى الخلفاء كما يقول الخليفة
عمر بن الخطاب:" علي اقضانا"، اما الحديث عن شجاعته وسيفه الذي يقال
عنه لولا سيف علي لما قام عمود للاسلام اذ يذكر ابن ابي الحديد قول
الخليفة عمر بن الخطاب معلقا على سيف الامام:" والله لولا سيفه لما قام
عمود للاسلام، وهو بعد اقضى الأمّة وذو سابقتها وذو شرفها."
واما عدالة الامام ورعايته للفقراء فهي تشغل معظم حياته فهو يوصي
واليه مالك الاشتر النخعي حين ولاه على مصر بالفقراء والمساكين
والانفاق عليهم وقد سبق بهذا المجال الدول الاوربية في وقتنا الحاضر
التي تمتاز على غيرها بقوانين المساعدات الاجتماعية والتي يطلق عليها "الضمان
الاجتماعي" Social Security فيقول في وصيته لمالك الاشتر:" الله الله
في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم والمساكين والمحتاجين واهل
البؤسى والزمنى، فان في هذه الطبقة قانعا ومعترا." وقد ذهب الامام علي
(ع) اكثر بكثير مما يقوم به الضمان الاجتماعي الاوربي الذي يساعد من
يطلب المساعدة عن طريق كتابة طلب رسمي، اما الامام علي (ع) فهو يطلب من
عماله على الامصار ويوجب عليهم تفقد الفقراء وارسال من يتفقد احوالهم
الى اقصى المسافات والاماكن: "فان للاقصى منهم مثل الذي للادنى....وتفقد
امور من لايصل اليك منهم...ففرغ لاولئك ثقتك من اهل الخشية والتواضع ".
وكذلك تذكر كتب التأريخ عن اهتمام الامام بتوزيع ما يأتي لبيت مال
المسلمين دون تأخير ودون ادخار او حبس للمال، وذلك من اجل مساعدة
الفقراء والمساكين اولا ولتحريك اسواق المسلمين ثانيا ويذكر احمد بن
حنبل في كتابه (الزهد) :" ان عليا رضي الله عنه كان يأمر ببيت المال
فيكنس ثم ينضح ثم يصلي فيه رجاء أن يشهد له يوم القيامة انه لم يحبس
فيه المال عن المسلمين." أما نحن اليوم فنرى ان الملوك والحكام
والوزراء والاغنياء يدخرون الاموال في البنوك المحلية والعالمية
وشعوبهم تتضور الجوع، وفي نفس الوقت ان اكثر ابناء المجتمع يعيشون تحت
خط الفقر ولكن هذه الاموال السحت ما جمعت الا من حرام ونهب وسرقة
لاموال الفقراء والمساكين وفي هذا المجال قال الامام علي (ع) :" ان
الله فرض في اموال الاغنياء اقوات الفقراء، فما جاع فقير الا بما متع
به غني، والله تعالى سائلهم عن ذلك." وفعلا اخذت الدول الاوربية
المتحضرة بتطبيق نظرية الامام علي (ع) وهي فرض ضرائب متصاعدة على
الواردات والارباح المتزايدة لدخل الافراد واصبحت قانونا صارما على كل
فرد دون تمييز وعلى رجال الاعمال ان يكشفوا ارباحهم السنوية لدفع
الضرائب التي تدفع نسبتها الكبيرة للضمان الاجتماعي لكي يعيش الفقراء
من ابناء الشعب بكرامة ولكي تقل الجريمة والفساد.
ولكن الذي يؤسف له ان حكوماتنا العربية التي تدعي الاسلام لم تطبق
قوانين القرآن واوامر نبيها محمد (ص) ولا تعليمات امامها علي بن ابي
طالب (ع) الذي سبق الدول الاوربية باكثر من 1400 سنة في هذا المضمار،
الا ان الامة التي نزل عليها القرآن انغمس حكامها بالفساد وسرقة الشعوب
فهذا حسني مبارك وعائلته يملكون اكثر من 70 مليار دولار حسب ماكشفته
الصحف البريطانية والاجنبية الاخرى اذ ذكرت صحيفة الكاردين اللندنية
The Guardian في عددها الصادر بتاريخ 4-2-2011 تحت عنوان ان (ثروة
مبارك وعائلته قد تصل الى 70 مليار دولار كما يقول الخبراء) Mubarak
family fortune could reach $70 bn، says experts وتضيف الصحيفة الى ان
هذه الاموال مودعة في البنوك السويسرية والبريطانية والامريكية، واما
الرئيس التونسي فلم يكتفي بوضع امواله بالبنوك وانما اظهرت لنا شاشات
التلفزيون الخزائن المحفوظة بغرف خاصة في بلاطه تحتوي على الدولارات
والمجوهرات. ولكن كل ما ادخره الحكام المذكورين لايعادل ما سرقه صدام
حسين من الشعب العراقي وانظر كيف كانت عاقبته وعائلته، واما العائلة
السعودية الفاسدة المفسدة فقد تجاوزت كل هؤلاء ولكن الظلم لايدوم وسوف
يأتي اليوم الذي تقدم فيه هذه العائلة المارقة للعدالة كما يقدم حسني
مبارك اليوم للمحاكم المصرية، وقد يكون مصيرها اسوء من مصير الرئيس
المصري والتونسي واليمني بل كمصير صدام وعائلته حيث اخزاه الله في
الدنيا والاخرة وليس ذلك ببعيد مازالت هنالك عدالة الهية وارادة شعبية.
واما نظرة الامام علي (ع) الثاقبة في الحكم والسياسة، وستراتيجيته
الثابتة الصالحة الى يومنا هذا فهي تتضح بتوصيته لولاته بعدم التعاون
مع الاجهزة السابقة للحكومات الشريرة الظالمة، لان نفوس شخصياتها
لاتتحول من الشر والظلم الى الخير والعدالة لانها نفوس جبلت بالاجرام
والاعتداء فليس من السهل تغير تلك السلوكيات بين عشية وضحاها. ولذا
توجب تغيرها واقصاء من كان واضحا سلوكه الاجرامي وفساده الاداري اثناء
عمله في الحكومة الشريرة الظالمة السابقة والا سوف تبقى الامور كما
كانت عليه في زمن الحكومات الظالمة وعصر الطواغيت. وهذا ما حدث فعلا
ونشاهده باعيننا بعد الثورة التونسية والمصرية حيث بعض وزراء رئيس تونس
المخلوع لايزالون في الحكم، وكذلك بعض المسؤولين في حكومة حسني مبارك
المباد لايزالون في وظائف ومراكز مهمة، فكيف يرجى التغيير والاصلاح
لتلك البلدان ولايزال حثالات وبقايا الانظمة الدكتاتورية يمارسون
السلطة، فلا امن ولا استقرار وخاصة ان المخابرات الامريكية والصهيونية
والاموال السعودية اخذت تصل الى تلك البقايا العميلة والمتآمرة على
التغيير والاصلاح.
وقد كان هذا واضحا في العراق بعد الاطاحة بصدام حيث امتدت يد
الاخطبوط السعودية الوهابية الصهيونية على العبث في امن العراق
واستقراره، وفعلا تم القاء القبض على المئات من السعوديين الوهابيين
التكفيريين داخل العراق بعد ان فجروا المئات من السيارات وزرع الالغام
والمتفجرات بالطرق والاحياء السكنية الامنة، وقتلوا الالاف من
العراقيين من شيوخ واطفال ونساء، ولايزال اجرام الوهابيين الارهابيين
في العراق حتى ايام هذا الاسبوع حيث اعلن عن استشهاد العشرات من
المدنيين العراقيين العزل. وان سبب ذلك دون شك او اشكال هو التعاون منذ
اليوم الاول بعد الاطاحة بصدام وعصابته مع اعوان النظام السابق باوامر
امريكية صهيونية وخدمات تقدمها العائلة السعودية لاعادة نسبة كبيرة من
بطانة حكومة صدام السابقة وذلك في سبيل ان لاينعم العراق بالاستقرار
حتى يتمكن مثلث الموت المذكور ان يفعل ويعمل ما يشاء، فكان نتيجة لذلك
سفك الدماء في شوارع مدن العراق ووضع العراق في معادلة سياسية فاسدة
تسمى بالكليبتوقراطية يصعب الخلاص منها الا بارادة شعبية تهشم هذا
البناء الفاسد وتعيد بناءه من جديد، حيث اصبحت السلطة التنفيذية مشلولة
الجسد ولا تستطيع اصدار اوامر حاسمة من الاصلاح والتغيير لان انصار
النظام السايق انتصروا اداريا واصبحت لهم اليد الطولى في التأثير على
كل مرافق الدولة الرسمية، واصبح التعاون واضحا بين انصار النظام السابق
فيما بينهم على طريق الشر والفساد، وهذا ما حذر منه امام المتقين علي
بن ابي طالب (ع) حيث خاطب ولاته ناصحا ومرشدا لهم كما كتب الى مالك بن
الاشتر حين ولاه على مصر:" ان شر وزرائك من كان للاشرار قبلك وزيرا ومن
شركهم في الاثام فلا يكونن لك بطانة فانهم اعوان الاثمة واخوان الظلمة،
وانت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل آرائهم ونفاذهم، وليس عليه مثل
آصارهم وأوزارهم ممن لم يعاون ظالما على ظلمه ولا آثما على اثمه...."
ان هذه النظرية السياسية حية تعيش معنا ونشاهد تطبيقاتها السلبية
بالعين المجردة في جميع البلدان التي سمحت لمثلث الموت هذا بالتدخل في
شؤونها سواء مصر او العراق او تونس او اليمن او افغانستان او الباكستان،
فكل هذه الدول لحقها الاثم والعدوان من قبل هذا المثلث المميت الذي
تصرخ من جوره الدماء وتعج الاصوات من ظلمه، فكل ما لحق من ضرر
بالمواطنين بعد التغيير والاطاحة بالحكومات السابقة هو لعدم الاخذ
بنصيحة امام المتقين علي بن ابي طالب (ع) في ابعاد بطانة حكومة الاشرار
السابقة.
واما تشجيع الامام (ع) للعلم واحترام القائمين عليه فليس له حدود
فهو باب مدينة علم النبي محمد (ص) كما جاء في الحديث النبوي: "انا
مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد العلم فليأتها من بابها" واي علوم عند
النبي؟ فهي غنية عن التعريف ويكفي الاشارة الى انها علوم الرحمان في
القرآن واحاديث الوحي من الرحمان، فهي تأتي من قرآن حكيم محكم واحاديث
قدسية لاينطق فيها نبي الاسلام عن الهوى وانما وحي يوحى كما جاء في
الاية الكريمة:" ما ينطق عن الهوى. ان هو الا وحي يوحى.
"وهنالك الكثير من الايات القرآنية التي تثبت عصمة النبي محمد (ص)
في اقواله وافعاله ليست ببعيدة عن الباحث. ونستنتج من ذلك ان مدينة
العلم متكونة من العلوم الالهية المحكمة التي نقرأها في القرآن،
والاحاديث النبوية، وما جمع الامام علي (ع) من المصدرين الاساسين
المذكورين ليرشد بها المسلمين والناس اجمعين كما نقرأها ونجدها في كتاب
نهج البلاغة والاماكن الاخرى من بطون الكتب كما في مؤلفات الجاحظ
150-255هجرية والمسعودي والطبري وحتى نقلة الحديث النبوي والبلغاء
والخطباء. والامام علي هو موسوعة العلوم والمعارف الاسلامية والانسانية
فكان محبا للعلم ويجله ويكنّ التقدير لحامليه.
ومن خطب وكلمات الامام علي (ع) في تفضيل العلم وتشجيعه والحث عليه
تلك التي خاطب بها كميل بن زياد النخعي وهو صاحب الامام علي (ع) قائلا
له:" الناس ثلاثة: فعالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع اتباع
كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا الى ركن
وثيق. ياكميل العلم خير من المال. والعلم يحرسك وانت تحرس المال. المال
تنقصه النفقة والعلم يزكوا على الانفاق، وصنيع المال يزول بزواله.
ياكميل العلم دين يدان به. به يكسب الانسان الطاعة في حياته، وجميل
الاحدوثة بعد وفاته. والعلم حاكم والمال محكوم عليه. يا كميل هلك خزان
الاموال وهم احياء، والعلماء باقون ما بقى الدهر. اعيانهم مفقودة
وامثالهم في القلوب موجودة. ه، ان هاهنا لعلما جما (واشار الى صدره) لو
اصبت له حملةً." أي لو وجدت له حاملين لأبرزته واظهرته وبثثته. وهنالك
الكثير من الحكم والاقوال للامام علي (ع) لتشجيع العلم والعلماء
واحترام مكانة العلماء وشرف العلم حيث يقول:" ولا شرف كالعلم..." وفي
مكان اخر:" كل وعاء يضيق بما جعل فيه الا وعاء العلم فانه يتسع". ثم
انه يشجع على استخدام العلم وليس العلم للعلم او العلم من اجل العلم
للطموح الشخصي والافتخار والكبرياء وحسب اذ يقول:" لاتجعلوا علمكم جهلا
ويقينكم شكا اذا علمتم فاعملوا واذا تيقنتم فاقدموا." ثم يبين للناس
كيف ان الله سبحانه يقدر اهل العلم بعكس اهل الجهل اذ يقول:" اذا أرذل
الله عبدا حظر عليه العلم." ثم ان الامام علي (ع) يحاول ان يجعل ابناء
المجتمع ان يقرنوا اعمالهم بالعلم والمعرفة رغم انهم كانوا يعيشون في
مجتمع ابتعد عن الجاهلية توا الا ان الامام يحذر من لديه العلم بالضياع
ان لم يمارسه ويطبقه ويربطه بالعمل والا ارتحل عنه كما يقول:" العلم
مقرون بالعمل فمن علم عمل. والعلم يهتف بالعمل فان اجابه والا ارتحل
عنه." وقد قال عليه السلام في هذا ايضا :" ما أخذ الله على اهل الجهل
أن يتعلموا حتى أخذ على اهل العلم ان يعلموا". وقد قارن بين المشغوفين
في طلب العلم مع المنهومين بكسب وجمع المال اذ قال: "منهومان لايشبعان:
طالب علم وطالب دنيا."
واما فضائله فانه عدل القرآن اذ قال النبي(ص) فيه وعترته: "اني تارك
فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي." وقد ذكر احمد بن حنبل بعضا
من فضائل الامام قائلا: " ما ورد لاحد من اصحاب رسول الله صلى الله
عليه واله وسلم من الفضائل ما ورد لعلي رضى الله عنه،" اخرجه الحاكم.
ومن فضائل الامام علي (ع) ايضا ما قاله الخليفة عمر بن الخطاب كما اخرج
ابو يعلى عن ابي هريرة :" قال عمر بن الخطاب : لقد أعطى علي ثلاث خصال
لأن تكون لي خصلة منها أحب الي من ان أُعطى حُمُرَ النعم، فسئل وما هن؟
قال: تزوجه ابنته فاطمة، وسكناه المسجد لايحل لي فيه ما يحل له،
والراية يوم خيبر." ومن الفضائل التي اكتسبها ومنحها اليه رسول الله(ص)
وابن عمه ما اخرجه الطبراني بسند صحيح عن ام سلمة عن رسول الله عليه
الصلاة والسلام قال:" من احب عليا فقد احبني. ومن حبني فقد احب الله،
ومن ابغض عليا فقد ابغضني ومن ابغضني فقد ابغض الله.
" ومن فضائله التي تذكرها عموم كتب التأريخ ؛ تعففه عن استلام
الخلافة حين اراد المسلمون مبايعته قائلا لهم:" لاتفعلوا فاني اكون لكم
وزيرا خير من أكون اميرا".!
قالوا لا والله ما نحن فاعلين حتى نبايعك. قال:" دعوني والتمسوا
غيري فانا مستقبلون امرا له وجوه وله الوان، لاتقوم له القلوب ولا تثبت
عليه العقول." قالوا ننشدك الله الا ترى ما نحن فيه الا ترى الاسلام
الا ترى الفتنة الا تخاف الله. قال:" اعلموا ان اجبتكم ركبت بكم ما
اعلم وان تركتموني فانما انا كاحدكم، الا اني أسمعكم وأطوعكم لمن
وليتموه امركم."
ولو اعتبر الحكام العرب بما ترك لهم امام الخلفاء والفقهاء والعلماء
والناس اجمعين لما كان الحال كما عليه اليوم اذ ان الاحوال مضطربة،
والكثرة متفرقة، والايدي مختلفة ومتنازعة فيما بينه، فقد ترك امام
المتقين لنا علوما لايضاهيه او ينازعه او ينافسه عليها أي خليفة او
فقيه او عالم. ولكن حكام العرب وبطاناتهم لم تأخذ بها وذهبت تلهث خلف
الغرب والصهيونية فاستحقت ما عليه اليوم من ذل وبلاء ازل ودائم حتى
يدفعون الثمن غاليا نتيجة لظلمهم للشعوب. واصبحت وظيفة هؤلاء الحكام
العملاء من العرب بث الفتنة والفرقة بين الشعوب، فتشتت واصبحت من اذل
الامم اذ لايسمع لها صوتا ولا تحظى بمكانة بين شعوب العالم وها هي
اليوم كما توقعها امام الحكم والسياسة حين حذر المسلمين من عواقب
الفتنة قائلا:" ولا تقتحموا ما استقبلتم من فور نار الفتنة. واميطوا عن
سننه، وخلوا قصد السبيل لها. فقد لعمري يهلك في لهبها المؤمن ويسلم
فيها غير المسلم." وفعلا ان ما يحدث اليوم من اقتتال بين ابناء الشعب
العربي المسلم الواحد ما هو الا نتيجة فتنة قامت الحكومات التي تلهث
خلف الغرب والصهيونية فبدلا من ان يكون الصراع بين الحاكم والمحكوم في
مطالبة الحقوق تحول الى مذبحة بين ابناء الشعب الواحد كما هو الحال في
ليبيا وما يخطط لغيرها وخاصة ان اليمن على شفا حفرة من نار، واليوم لقد
امعنت السعودية الوهابية الارهابية وحلفاؤها في التآمر ليست على ليبيا
وحسب وانما المحاولة اليوم على سفك الدماء في شوارع دمشق الحضارة، دمشق
عاصمة الممانعة والتصدي للصهاينة المحتلين، فاغدقت السعودية بدولارات
النفط على عملائها في العراق ولبنان وسوريا واليمن وشعب الجزيرة ومصر
وتونس وارسلت جيشها الواهي المهزوم بضربات الحوثيين الابطال الى
البحرين في سبيل خلق الفتن والصراعات الداخلية بين ابناء الشعب الواحد
ولكي تبعد رياح التغيير التي لابد منها للاطاحة بعرش العائلة السعودية
الفاسدة المفسدة.
ولقد حذرنا امام المتقين بعدم السير خلف هؤلاء الحكام وطاعتهم فهم
الذين تكبروا وترفعوا على تعاليم الاسلام وجاحدوا الله مكابرة ومغالبة
لنعمه وعظمته الا انهم اصبحوا خدما للصهيونية والمخابرات الامريكية
واصبحوا في المنطقة قواعد اساس العصبية والطائفية ودعائم اركان الفتنة.
حذرنا بعدم طاعتهم لانهم ادعياء، فعلينا ان لا نشرب بصفونا كدرهم فقد
جعلت الدول الاستعمارية هؤلاء الحكام في مستنقعات آسنة يحاولون جر
الشعوب لها لتختلط بامراضهم فابتعدوا عنهم لانهم اساس الفسوق، واتخذتهم
الصهيونية مطايا لضلالة شعوبهم وجندا يصولون على شعوبهم ليسفكوا دماءها
بسيوفهم التي يرقصون بها في احتفال (الجنادرية) وهي تقطر دم، من دماء
الابرياء من اطفال ونساء وشيوخ وعجزة ، هذه السيوف هي التي تقطعت بها
رؤوس العراقيين، هذه السيوف هي التي تقطعت ولا تزال تتقطع بها رؤوس
ابناء ليبيا وسوريا واليمن والبحرين ومصر وتونس وابناء الرياض والقطيف
والاحساء وسوف لم تغمد حتى يهشمها سيف ذي الفقار الذي هشم الجاهلية
والكفرة، وكما هشم الحوثيون دبابات ومدافع ال سعود، وصمود ابناء
البحرين بوجه جيشهم البربري المحتل المعروفة عواقبه التي سوف تلحق
بالوهابيين الارهابيين الهزيمة والخزي والعار. وان السطوة الالهية من
الظالمين قد قربت وصدق الامام ابو الحسنين حين قال:" ولئن امهل الظالم
فلن يفوت اخذه، وهو له بالمرصاد..." وكذلك مخاطبا المستضعفين
والمظلومين يحثهم على الصبر بعد ما عانوه من ظلم :" فأن اتاكم الله
بعافية فأقبلوا وان ابتليتم فاصبروا فان العاقبة للمتقين." فسلام على
فارس حلبات ميادين نصرة الاسلام، وسلام على ينبوع معرفة سامقة تبقى
منارا لاينطفئ نورها على مر الزمن، وما اشد حاجتنا اليك حيث استلم
الظالمون الكفرة امور الله في ايديهم يعملون في الشبهات ويسيرون في
الشهوات كما توقعت، وقد رجع الخوارج والامويون يا سيدي بثوب وهابي
تكفيري ارهابي فلم يكتفوا بقتلك بل قتلوا ويقتلون كل من ينصر الله
ونبيه وكل من حبك ووالاك وانهم انصار للصهيونية والمسيحيين الجدد اعداء
الاسلام والمسلمين صراحة وعلانية ولكنهم لايستطيعون اطفاء نورك الذي
طوى مئات السنين فانت الذي وضعت كتاب الله حكما لك فاتبعته، وما استن
النبي فاقتديته.
اللهم اجعل جزاء امامنا مضاعفات الخير من فضلك، واقسم له مقسما من
عدلك واكرم لديك نزله واحشرنا في زمرته غير خازيا لنا وانت ارحم
الراحمين. اللهم ثبت اقدامنا وانصرنا على القوم المفسدين وبقوتك وقدرتك
سوف يهزم هذا الجمع من المجرمين وسيولون الدبر كما نصرت داود على جالوت
وانت القائل سبحانك: "لن يضروكم الا اذى وان يقاتلوكم يولوكم الادبار
ثم لاينصرون. ضربت عليهم الذلة اين ما ثقفوا..." صدق الله العلي
العظيم. |