السلطان أوردغان وصبره

الذي نفذ في سورية !!

محمد الوادي

ذكر الصبر في القرآن الكريم 102 مرة، والصبر نوع من العبادة الواجبة على المسلم ويكاد يلامس كل الاتجاهات والزوايا والمساحات في الحياة البشرية حتى توج بقوله تعالى " أن الله مع الصابرين ". وفي جانب اخر صبر أيوب له وقع مطابق واستدعاء خاص وتفرد ديني وتاريخي فريد فيقال في المحن والمواقف الصعبة يا صبر ايوب نسبة الى المحنة التي طالت نبي أيوب علية السلام وامتدت لأعوام طويلة من المرض والجوع والخوف والعوز.

 وفي شعر الجاهلية قيل " اذا ما ألمت شدة فاصطبر لها.. فخير سلاح في الشدة الصبر " اما في عصر الصنمية شاعر عراقي شعبي جميل قال " مليت من الصبر والصبر مل مني " وتبقى لام كلثوم حصتها وهي تصدح " للصبر حدود ".

كل انواع الصبر هذه المتعارف عليها ورغم الفارق الكبير والجذري بينها بين ما هو من السماء وماهو من نتاج الارض، لكن مع ذلك لا يحتار المرء ان يضع " صبر اوردغان على سوريا " في اي خانة من الفجاجة السياسية والتعالي " العثماني المحتل " الذي يتعامل به رئيس الحكومة التركية مع كل البلاد العربية دون استثناء ولو بنسب متفاوتة او بأوجه واساليب متعددة.

واختلاف الاسلوب من ماركة التحذير البائس الذي اطلقه اوردغان للحكومة السورية او من ماركة بعض الحكومات العربية التي تلوذ باوردغان في واقع الامر الامر ليس هناك فارق كبير او جوهري ففي الحالتين من الراضخين او المتصدين يتعامل اوردغان تعامل السيد الامر الناهي وعلى الاخرين اما التنفيذ او التبعية كما تفعل بعض دويلات العرب.

وليس مهما ماذا قال او نقل أوغلو وزير خارجية السلطان اوردغان للحكومة السورية بل الاهم ان هذا السلوك التركي يدق ناقوس الخطر الكبير الذي لايحتاج الى عناء طويل لاكتشاف مدى خطورته على مستوى الامة العربية مجتمعة او البلاد العربية منفردة، ومثل سلوك الاحتلال العثماني هذا و الذي ينتهجه اوردغان بحاجة الى وقفة جادة للتحليل والتصدي من كل شرائح المجتمع العربي، اما وسائل الاعلام العربية التي تصفق وتهلل لمواقف تركيا العثمانية والسلطان اوردغان فتلك شائبة طائفية مريضة لاترى الامور بعين الصواب والتوازن وهذه الطبول الاعلامية الفارغة كشفت وجهها الخطير والمركب من الطائفية المقيتة والغباء التاريخي الذي دمر كل الامم والحضارات على مستوى التاريخ.

كان بودنا نفاذ صبر اوردغان وهو يقتل رافدي العراق دجلة والفرات ويبطش من خلال هذه الجريمة بالحرث والزرع والانسان العراقي، او نفاذ صبره على البطش الذي يتعرض له اكراد تركيا على ايدي قواته، او على احتلال تركيا للواء الاسكندرونة العربي السوري، او عدم اعترافه الكامل بجرائم الابادة البشرية التي تعرض لها الارمن على يد القوات العثمانية، او معضلة احتلال جزء من قبرص. كل هذه الحقائق بحاجة فعلية لنفاذ صبر اوردغان وبشكل ايجابي ناهيك عن علاقة تركيا المشبوهة مع اسرائيل والتي تسمح بموجبها للطائرات المقاتلة الاسرائيلية بالتدرب في سماء تركيا لخمسة ايام في الاسبوع وهي بالتأكيد لاتتدرب في اجواء تركيا لتخطط كيف توزع الفرح والثورات على العرب !!

وكل هذه الحقائق تسحب البساط من بطولات اوردغان المزعومة في مؤتمر دافوس مع بيريز او من حكاية اسطول الحرية التي ذهب ضحيته بعض الابرياء. فمثل هذه الامور لاتتطابق مع الواقع التركي على الارض مما يحولها الى نوع من المسرحيات الهزيلة والتي تحتاج الى صبر فعلي لمتابعتها. وبعد ذلك وغيره الكثير على ماذا يصفق ويهلل غالبية الاعلام العربي لدور تركيا الاقليمي !؟

ان دور تركيا بحاجة الى حكمة وصبر عربي كبيرين، حتى ولو بأدنى الدرجات من نوع صبر عنترة بن شداد وهو يقول " ساصبر حتى تطرحني عواذلي.. وحتى يضج الصبر بين جوانبي " اما اذا فهموا العرب موقعهم ودورهم التاريخي الغائب منذ عقود وأنهم اصبحوا مجرد كعكة يتقاسمها الغرب والدول المجاورة في الاقليم فمجرد الفهم هذا سيلفظ الف اوردغان وسيكون للشعوب العربية كلمتها الوطنية الفعلية لا كلمات اوردغان تزيد بهجتهم ولا علم تركيا يرفرف في بنغازي واجدابيا وفي دور الزور وحماة دون حياء او مجرد خجل او وقفة مع النفس للمراجعة.

وحتى تحين تلك الساعة علينا بصبر امام المتقين علي بن ابي طالب عليه السلام وهو يقول " ترد رداء الصبر عند النوائب.. تنل من جميل الصبر حسن العواقب ".

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 20/آب/2011 - 19/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م