شبكة النبأ: أحدى مكارم الرب العظيم
وهدية من هدايا شهر رمضان المبارك التي نورت أركان بيت الرسالة وأشعت
بضيائها على امة الرسول المختار(ص) لتنير لها طريق الهداية والصلاح.
ثمرة من ثمار آل محمد(ص) وورقة من أوراق شجرة الرسالة نزلت بفرح في
بيت فاطمة(ع) فأدخلت البهجة والسرور على قلوب الأهل والأحبة تلك كانت
ولادة سبط رسول الله(ص) وكريم آل بيت الرسالة السيد الزكي والإمام
التقي ابو محمد الحسن ابن علي (ع).
نسبة الشريف
هو ابن أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين واخو رسول
رب العالمين الامام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف
ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر
بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان
بن أد بن أدد بن الهميسع بن أشعب بن أيمن بن نبت بن قيدار بن إسماعيل
بن إبراهيم عليه السلام وهو سيد شباب الجنة.
أمه سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين والبتول المعصومة
والمظلومة حقها أم أبيها أم الحسنين بضعة المصطفى فاطمة الزهراء بنت
محمد بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة عليهم
أفضل الصلاة والسلام الطاهرة المطهرة أم الأئمة الأطهار.
مولده
وُلِدَ سلام الله عليه في يوم الخامس عشر (وقيل ليلة الخامس عشر) من
شهر رمضان المبارك عام ثلاثة من الهجرة، في المدينة المنورة. وهو أول
أولاد مولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها.
روى ابن بابويه بأسانيد معتبرة عن الإمام زين العابدين سلام الله
عليه أنّه قال: «لما ولدت فاطمة الحسن سلام الله عليهما قالت لعلي سلام
الله عليه سمّه، فقال: ما كنت لأسبق باسمه رسول الله، فجاء رسول الله
صلّى الله عليه وآله فأخرج إليه في خرقة صفراء، فقال: «ألم أنهكم أن
تلفوه في خرقة صفراء»، ثم رمى بها وأخذ خرقة بيضاء فلفّه فيها، ثم قال
لعلي: هل سمّيته؟ فقال: ما كنت لأسبقك باسمه، فقال صلّى الله عليه وآله:
وما كنت لأسبق باسمه ربي عز وجل، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرئيل
أنّه قد ولد لمحمد إبن فاهبط فاقرأه السلام وهنئه وقل له: إن علياً منك
بمنزلة هارون من موسى، فسمّه باسم ابن هارون، فهبط جبرئيل سلام الله
عليه فهنّه من الله عز وجل، ثم قال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن
تسميه باسم ابن هارون، قال: وما كان اسمه؟ قال: شبّر، قال: لساني عربي،
قال: سمّه الحسن، فسمّاه الحسن».
صفته
كانت ملامح الحسن (عليه السلام) وصفاته تحاكي ملامح جده رسول الله (صلى
الله عليه وآله) وصفاته، فعن الغزالي في إحياء العلوم أن رسول الله (صلى
الله عليه وآله) قال للحسن: أشبهت خلقي وخُلُقي.
فكان (عليه السلام) كجده في الأخلاق والصفات الحسنة من العبادة وحسن
معاشرة الناس والسخاء والكرم والعفو، والتجاوز عن الآخرين وغيرها من
الفضائل الأخلاقية والصفات الحميدة.
وكيف لا يكون كذلك، وهو من شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء، قد
نشأ في بيت الوحي، وتربّى في مدرسة التوحيد، فالرسول (صلى الله عليه
وآله) تولّى تربيته وأفاض عليه بمكرمات نفسه، والإمام أمير المؤمنين (عليه
السلام) غذاه بحكمه، والزهراء (عليها السلام) غرست في نفسه الفضيلة
والكمال، فهو من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهير.
ويوصف أيضا بأنه كان عليه السلام أبيض، مشرباً بحمرة، أدعج العينين،
سهل الخدين، رقيق المشربة، كث اللحية، ذا وفرة، وكأن عنقه ابريق فضة،
عظيم الكراديس، بعيد ما بين المنكبين، ربعة، ليس بالطويل ولا القصير،
مليحاً، من أحسن الناس وجهاً، وكان يخصب بالسواد، وكان جعد الشعر، حسن
البدن.
ألقابه
لقب عليه السلام بعدة ألقاب منها السيد، السبط، الأمير، الحجة، البر،
التقي، الأثير، الزكي، المجتبى، الأول، الزاهد، وسماه الله تعالى الحسن
وسماه في التوراة شبراً وكنيته أبو محمد وأبو القاسم.
نقش خاتمه: العزة لله وحده.
نشأته: نشأ سلام الله عليه في كنف جده الرسول الأعظم صلّى الله عليه
وآله فتربا في بيت الوحي والرسالة ونهل من منبع العطاء والإيمان وتشبع
بعطر الوحي وتزود بها هذا بالإضافة لحضن أبيه أمير المؤمنين وأمّه
فاطمة الزهراء سلام الله عليهما فمن الجميع اكتسب التربية والصبر
والإيمان، حتى إذا بلغ أشدّه كان صورة رائعة عن الإنسان الكامل،
ونموذجاً مثالياً للمسلم القرآني، وقدوةً صالحة للأمة. وكان النبي صلّى
الله عليه وآله يحبّه حباً شديداً.
فقد روى الأربلي في كشف الغمة فقال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه
وآله واضعاً الحسن على عاتقه وقال: من أحبّني فليحبّه.
وقال صلّى الله عليه وآله فيه وفي أخيه الحسين سلام الله عليهما:
«أبناي هذان إمامان قاما أو قعدا».
«الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة».
«إنهما ريحانتاي من الدنيا».
زوجاته
ففي موضوع زوجاته عليه السلام مواضيع شتى ومختلفة وهو موضوع جدل
واختلاف، وأما زوجاته أم أولاده - أم ولد خولة بنت منظور الفزارية، وأم
بشير بنت ابي مسعود الأنصاري الخزرجية، جعدة بنت الأشعث، هند بنت عبد
الرحمن بن أبي بكر، وأم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمي، وأم
عبدالله وأم سلمه ورقية.
أولاده
في كشف الغمة قال كمال الدين: كان الحسن عليه السلام له من الأولاد
عدداً لم يكن لكلهم عقب بل كان العقب لأثنين منهم فقيل كانوا خمسة عشر
وهذه أسماؤهم - الحسن، زيد، عمرو، الحسين، طلحة، عبد الرحمن، عبد الله،
إسماعيل، محمد، يعقوب، جعفر، أبوبكر، والقاسم.
وكان العقب منهم للحسن ولزيد وقيل كان له أولاد أقل من ذلك وقيل كان
له بنت تسمى أم الحسن، وقال ابن الخشاب: ولد له أحد عشر ولداً وبنت
والأولاد كما ذكر سابقاً بالإضافة إلى الحسين، عقيل، أم الحسن فاطمة
وهي أم محمد الباقر عليه السلام.
أما الشيخ المفيد (ق.س) في إرشاده قال: أولاد الحسن بن علي خمسة عشر
ولداً ذكراً وأنثى وهم زيد بن الحسن وأختاه أم الحسن وأم الحسين أمهم
أم بشير بنت أبي مسعود عقبة بن عمرو بن ثعلبة الحزرجية والحسن بن الحسن
أمه خولة بنت منظور الفزارية وعمرو وأخواه القاسم وعبد الله بن الحسن
أمهم أم ولد وعبد الرحمن بن الحسن أمه أم ولد والحسين بن الحسن الملقب
بالأثرم وأخوه طلحة بن الحسن وأختهما فاطمة بنت الحسن أمهم أم إسحق بنت
طلحة بن عبد الله التميمي وأم عبدالله وفاطمة وأم سلمة ورقية بنات
الحسن عليه السلام لأمهات شتى وقتل مع الحسين عليه السلام من أولاده
عبدالله والقاسم وأبو بكر.
فضائله ومكارم أخلاقه
كان سلام الله عليه، عابداً، سخيّاً، كريماً، حليماً، عطوفاً، من
أفضل الناس خلقاً وخُلقاً. كان كثير الصلاة والصيام والحج والصدقات حتى
عُرف ببحر الجود، وبكريم أهل البيت سلام الله عليهم، وكان مرجعاً
للفقهاء والعلماء في عصره يرجعون إليه لمعرفة الأحكام والسنن، وذلك كله
من دلائل إمامته وموجبات خلافته بعد أبيه سلام الله عليهما. وروى
الصدوق عن الإمام الصادق سلام الله عليه أنّه قال: «حدثني أبي عن أبيه
سلام الله عليهما، أن الحسن بن علي بن أبي طالب سلام الله عليهم كان
أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ حج ماشياً وربما
مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر
البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممرّ على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض
على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها.
وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عز وجل، وكان إذا
ذكر الجنة والنار إضطرب إضطراب السليم، ويسأل الله الجنة ويعوذ به من
النار، وكان سلام الله عليه لا يقرأ من كتاب الله (يا أيها الذين آمنوا)
إلا قال: (لبيك اللهم لبيك)، ولم يُر في شيء من أحواله إلا ذاكراً لله
سبحانه، وكان أصدق الناس لهجة، وأفصحهم منطقاً».
وعن حذيفة بن اليمان قال: «بينا رسول الله صلى الله عليه وآله في
جبل أظنّه حرى أو غيره ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي سلام الله عليه
وجماعة من المهاجرين والأنصار وأَنَس حاضر لهذا الحديث، وحذيفة يحدِّث
به إذ أقبل الحسن بن علي سلام الله عليهما يمشي على هدوء ووقار فنظر
إليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وقال: إن جبرئيل يهديه وميكائيل
يسدِّده، وهو ولدي والطاهر من نفسي وضلع من أضلاعي، هذا سبطي وقرَّه
عيني بأبي هو.
فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وقمنا معه، وهو يقول له: أنت
تفّاحتي، وأنت حبيبي، ومهجة قلبي، وأخذ بيده فمشى معه ونحن نمشي حتى
جلس وجلسنا حوله ننظر إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو لا يرفع
بصره عنه.
ثم قال: أما إنه سيكون بعدي هادياً مهديّاً، هذا هدية من رب
العالمين لي، ينبئ عنّي، ويعرِّف الناس آثاري ويحيي سنّتي ويتولى أموري
في فعله، ينظر الله إليه فيرحمه، رحم الله من عرف له ذلك، وبرّني فيه
وأكرمني فيه».
وفي المناقب قال: قال واصل بن عطا: كان الحسن بن علي سلام الله
عليهما عليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك. وقيل له سلام الله عليه: إن
فيك عظمة! قال سلام الله عليه: بل فيَّ عزة، قال الله تعالى: «ولله
العزة ولرسوله وللمؤمنين».
وكان سلام الله عليه إذا بلغ باب المسجد رفع رأسه وقال:«إلهي ضيفك
ببابك، يا محسن قد أتاك المسئ، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك
يا كريم».
وقال الإمام الصادق سلام الله عليه:إن الحسن بن علي سلام الله
عليهما حجّ خمساً وعشرين حجة ماشياً، وقاسَمَ الله تعالى (ماله) مرتين،
وفي خبر قاسَمَ ربه ثلاث مرات».
ومن حلمه سلام الله عليه ما روي عن الكامل للمبرد وغيره: «أن
شاميّاً رآه راكباً فجعل يلعنه والحسن سلام الله عليه لا يردّ، فلما
فرغ أقبل الحسن سلام الله عليه فسلّم عليه وضحك فقال:
«أيها الشيخ أظنّك غريباً ولعلّك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو
سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا احملناك، وان
كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنيناك،
وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك
إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت إرتحالك كان أعود عليك لأنّ لنا موضعاً رحباً
وجاهاً عريضاً وما لا كثيراً».
فلما سمع الرجل كلامه بكى، ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه،
الله أعلم حيث يجعل رسالته، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ، والآن
أنت أحبّ خلق الله اليّ، وحوّل رحله إليه وكان ضيفه إلى أن ارتحل وصار
معتقداً لمحبتهم).
وروى الشيخ رضي الدين علي بن يوسف بن مطهر الحلّي أنه: وقف رجل على
الحسن بن علي سلام الله عليهما، فقال: يا ابن أمير المؤمنين بالذي أنعم
عليك بهذه النعمة التي ما تليها منه بشفيع منك إليه، بل إنعاماً منه
عليك، إلا ما أنصفتني من خصمي فأنه غشوم ظلوم، لا يوقّر الشيخ الكبير
ولا يرحم الطفل الصغير.
وكان سلام الله عليه متكئاً فاستوى جالساً وقال له: من خصمك حتى
أنتصف لك منه؟ فقال له: الفقر، فأطرق سلام الله عليه رأسه ساعة ثم رفع
رأسه إلى خادمه وقال له: أحضر ما عندك من موجود، فأحضر خمسة آلاف درهم،
فقال: أدفعها إليه، ثم قال له: بحق هذه الأقسام التي أقسمت بها عليّ
متى أتاك خصمك جائراً إلا ما أتيتني منه متظلّماً».
وروى ابن شهر آشوب في المناقب عن محمد بن اسحاق قال: ما بلغ أحد من
الشرف بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله ما بلغ الحسن، كان يبسط له
على باب داره فإذا خرج وجلس انقطع الطريق، فما مرّ أحد من خلق الله
إجلالاً له، فإذا علم قام ودخل بيته فمرّ الناس، ولقد رأيته في طريق
مكة ماشياً، فما من خلق الله أحد رآه إلاّ نزل ومشى).
وروى ابن شهر آشوب أيضاً أشعاراً عن الإمام الحسن سلام الله عليه
منها:
قل للمقيم بغيـر دار إقامة حان الرحيل فودع الأحبابا
ان الذين لقيتهم وصحبتهم صاروا جميعاً في القبور ترابا
وجاء في المناقب أيضاً: وطاف الحسن سلام الله عليه بالبيت فسمع رجلاً
يقول: هذا ابن فاطمة الزهراء، فالتفت سلام الله عليه إليه فقال: قل ابن
علي بن أبي طالب، فأبي خير مني.
من كلماته سلام الله عليه
* نحن الآخرون، ونحن الأولون، ونحن النور، بنور الروحانيين، ننوّرُ
بنور الله، ونروح بروحه فينا مسكنُه، وإلينا معدِنُه، الآخرُ منّا
كالأول، والأول منّا كالآخر.
* والله لا يحبنا عبد أبداً، ولو كان أسيراً في الديلم، إلا نفعه
حبُّنا، وإن حبَّنا ليُساقط الذنوب من بني آدم، كما يساقِطُ الريحُ
الورق من الشجر.
*يا ابن آدم: عِفَّ عن محارم الله تكن عابداً، وارض بما قسم الله
تكن غنيّاً، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وصاحب الناس بمثل ما تحبُّ
أن يصاحبوك به تكن عادلاً، إنه كان بين يديكم أقوام يجمعون كثيراً،
ويبنون مشيداً، ويأملون بعيداً، أصبح جمعُهُم بوراً، وعملهم غروراً،
ومساكنهم قبوراً. يا ابن آدم: لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن
أمِّك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، فإن المؤمن يتزود والكافر يتمتع.
* قيل للإمام الحسن سلام الله عليه : مَنْ أعظمُ الناس قدراً؟
فقال: مَن لم يُبالِ بالدنيا في يَدَي مَن كانت.
«أعرف الناس بحقوق إخوانه، وأشدُّهم قضاءً لها، أعظمُهُم عند الله
شأن».
«ومَن تواضع في الدنيا لإخوانه، فهو عند الله من الصِّدِّقين، ومن
شيعة علي بن أبي طالب سلام الله عليه».
«عجبتُ لمن يفكر في مأكوله، كيف لا يفكر في معقوله، فيجنِّب بطنه ما
يؤذيه، ويودعُ صدره ما يرديه؟»
* وسُئل عن الصمت؟ فقال سلام الله عليه:
هو سترُ العيِّ، وزينُ العرضِ، وفاعله في راحه، وجليسُه في أمنٍ.
قال رجل للحسن سلام الله عليه: مَن شرُ الناس؟ فقال: مَن يرى أنّه
خيرُهم.
* أوصيكم بتقوى الله، وإدامة التفكر، فإن التفكر أبو كل خيرٍ
وأُمُّه.
* رأسُ العقل: معاشرة الناسِ بالجميل.
* مَن نافسَك في دينك فنافِسْه، ومن نافسك في دنياك فألقِها في نحره.
* في تفسير قوله تعالى: «آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة»
قال:«هي العلمُ والعبادة في الدنيا، والجنةُ في الآخرة».
استشهاده علية السلام
اعلم انّه وقع الخلاف في يوم استشهاد هذا الإمام المظلوم، قيل في
الشهر السابع من شهر صفر سنة خمسين للهجرة، وقيل في الثامن والعشرين من
ذلك الشهر، ووقع الخلاف أيضاً في مدّة عمره الشريف، والمشهور هو (47)
سنة كما روى صاحب كشف الغمّة عن ابن الخشاب عن الإمام الباقر والصادق
سلام الله عليهما انّه: «مضى أبو محمد الحسن بن عليّ سلام الله عليه
وهو ابن سبع وأربعين سنة، وكان بينه وبين أخيه الحسين مدّة الحمل وكان
حمل أبي عبدالله ستّة أشهر، فأقام أبو محمد مع جدّه رسول الله صلّى
الله عليه وآله سبع سنين، وأقام مع أبيه بعد وفاة جدّه ثلاثين سنة،
وأقام بعد وفاة أمير المؤمنين سلام الله عليه عشر سنين».
وروى القطب الراوندي عن الإمام الصادق سلام الله عليه انّه قال: قال
الحسن لأهل بيته: انّي أموت بالسم كما مات رسول الله صلّى الله عليه
وآله فقالوا: ومن يفعل ذلك؟ قال: امرأتي جعدة بنت الأشعث بن قيس فانّ
معاوية يدسّ إليها ويأمرها بذلك.
قالوا: أخرجها من منزلك وباعدها من نفسك، قال: كيف أخرجها ولم تفعل
بعد شيئاً ولو أخرجتها ما قتلني غيرها وكان لها عذر عند الناس، فما
ذهبت الأيام حتى بعث إليها معاوية مالاً جسيماً وجعل يمنّيها بأن
يعطيها مائة ألف درهم أيضاً ويزوجها من يزيد وحمل إليها شربة سمّ
لتسقيها الحسن.
فانصرف سلام الله عليه إلى منزله وهو صائم فأخرجت له وقت الافطار ـ
وكان يوماً حارّاً ـ شربة لبن وقد ألقت فيها ذلك السمّ، فشربها وقال:
ياعدّوة الله قتلتيني قتلك الله والله لا تصيبين منّي خلفاً، ولقد غرّك
وسخر منك والله يخزيك ويخزيه.
قُتل(عليه السلام) مسموماً على يد زوجته جُعدة بنت الأشعث الكندي
بأمر من معاوية بن أبي سفيان قال الشيخ المفيد(قدس سره) وضمن لها أن
يزوّجها بابنه يزيد، وأرسل إليها مائة ألف درهم، فسقته جعدة السم»ففعلت
وسمّت الإمام الحسن(عليه السلام)، فسوّغها المال ولم يزوّجها من يزيد.
(فاسترجع الإمام سلام الله عليه وحمد الله على نقله له من هذه
الدنيا إلى تلك الدنيا الباقية ولقائه جدّه وأباه وعمّاه حمزة وجعفر)
فمكث يومين ثم مضى، فغدر معاوية بها ولم يفِ لها بما عاهد فسلام عليه
يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.
هذه بعض المقتطفات من حياة هذا السيد العظيم نقلناها باختصار شديد
في ذكرى ولادته العطرة فهنيئا لنا ولكم تلك الولادة المباركة. |