سوريا والذئاب... حرب الممانعة والاعتدال

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: ما تمر به سوريا هذه الايام صورة حقيقية لبشاعة الحرب المستمرة منذ سنوات بين معسكري ما يسمى الاعتدال والممانعة الذي انقسمت عليه دول المنطقة العربية وغير العربية.

وعلى الرغم من اصرار معظم المراقبين على قدرة القيادة السورية من تجاوز الازمة الداخلية الراهنة مستقبلا، الا ان الدول الغربية ومنظومة مجلس التعاون الخليجي العربية نجحت في اضعاف دمشق بالشكل الذي كانت تجهد في سبيل تحقيقه.

وتطل طهران على حليفتها استراتيجية بعين الحسرة لما آلت اليه الامور، مكتفية باشارات خفية لدول المنطقة بعدم تجاوز الخطوط الحمراء التي تحكم لعبة الصراع السياسي القائم بين المحورين.

فيما تسعى تركيا الى مسك العصى من المنتصف، دون التفريط بصلاتها مع دمشق، في محاولة لتجنب أي تداعيات ميدانية قد تنجم عن نزاع مسلح او فراغ امني على حدودها الجنوبية، الى جانب الحفاظ على مصالحها في ايران والعراق، خصوصا بعد ان اعلن قادة بغداد عن عدم رغبتهم في أي ضرر قد يلحق بسوريا.

ايران والسعودية

لم يعد أمام الرئيس السوري بشار الاسد الذي يواجه احتجاجات هائلة في الداخل وعزلة من دول غربية وعربية مجاورة بسبب قمعه الشديد للمعارضة سوى ايران كقوة داعمة له. ويصف الساسة والاعلام بايران حكومة دمشق بأنها احدى نقاط مقاومة اسرائيل.

ومع سحب عدد من دول الخليج سفراء من سوريا احتجاجا على العنف وقيام دول كانت مقربة يوما لدمشق مثل روسيا وتركيا بانتقاد النظام هناك بشدة تصبح ايران هي البلد الكبير الوحيد الذي ما زال يدعم سوريا وتقول ان أي شيء دون ذلك سيعني كارثة.

قال علاء الدين بروجردي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الايراني "فيما يتعلق بسوريا فاننا نواجه خيارين.. الاول هو أن نضع سوريا في فم الذئب الذي يدعى أمريكا ونغير الظروف بطريقة تجعل حلف شمال الاطلسي يهاجم سوريا... وهذا يعني اضافة مأساة أخرى الى ماسينا في العالم الاسلامي." وأضاف "الخيار الثاني هو أن نساهم في انهاء الاشتباكات في سوريا... مصلحة المسلمين تقتضي أن نحشد أنفسنا لدعم سوريا باعتبارها مركزا للمقاومة الفلسطينية."

وأكد رجل الدين اية الله العظمى ناصر مكارم شيرازي على هذه النقطة قائلا "من واجب المسلمين المساعدة على تحقيق الاستقرار في سوريا في مواجهة مؤامرات أمريكا واسرائيل."

وكانت طهران تأمل أن تكون ثورات الربيع العربي -التي وصفها الزعيم الايراني الاعلى اية الله علي خامنئي بأنها "صحوة اسلامية"- ايذانا بنهاية دعم الولايات المتحدة للنظم الاستبدادية وبداية عهد جديد من الوحدة بين المسلمين لمواجهة الغرب واسرائيل.

وفي ذكرى رحيل اية الله روح الله خميني زعيم الثورة الايرانية في يونيو حزيران قال خامنئي "موقفنا واضح.. في أي مكان تكون هناك فيه حركة اسلامية وشعبية مناهضة للولايات المتحدة فسوف ندعمها."

ودون أن يذكر سوريا بالاسم مضى قائلا "اذا ظهرت حركة في مكان ما بايعاز من أمريكا والصهاينة فلن ندعمها. أي مكان تدخله أمريكا والصهاينة للاطاحة بنظام ما واحتلال البلاد سنكون على الطرف الاخر."

وقال محمد مرندي وهو أستاذ مساعد في جامعة طهران ان دعم ايران لسوريا يستند الى مصلحة مشتركة في تعزيز مقاومة اسرائيل -اذ ان كلا البلدين يدعمان حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وحزب الله- مضيفا أن من الواجب استمرار دعم الاسد بينما هو يمضي في اصلاح نظام الحزب الواحد. وتابع قائلا "ترى ايران دائما أنه ينبغي عدم اضعاف سوريا لان النظام الاسرائيلي سيستغل حتما فرصة أي ضعف."

ومضى يقول "بأي حال فان الاصلاحات الحقيقية لا يمكن أن تنفذ الا في ظل مناخ سلمي. الحملة الاعلامية الغربية والعربية الموالية للغرب ضد سوريا تهدف الى زعزعة استقرار البلاد ومنع سوريا من تنفيذ اصلاحات تبقيها قوية وتبقيها حكومة مناهضة لاسرائيل في السلطة."

وقلل مرندي من شأن تقارير اعلامية عن زيادة ايران المساعدات لسوريا. وقال "لم أسمع عن تقديم أي مساعدات غير معتادة الا في وسائل الاعلام الغربية أو المنابر الاعلامية التي تمتلكها أنظمة عربية مستبدة."

وفي حين ان الاضطرابات في سوريا لم تكن غائبة عن الذكر في ايران فانها لم تلق على الاطلاق نفس القدر من الاهتمام مثل الثورات في مناطق اخرى بالمنطقة خاصة البحرين حيث ساعدت المملكة العربية السعودية الحكومة على اخماد الاحتجاجات التي قادها الشيعة.

ومع انقلاب دول عربية خليجية على الاسد واتخاذ تركيا التي تمثل جسرا بين الشرق الاوسط والغرب موقفا أكثر تشددا تعكس صحف ايرانية عزلة طهران المتزايدة. بحسب رويترز.

فبعد أن نأى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ببلاده عن اسرائيل وتقربه للعالم الاسلامي منذ أن تولى السلطة عام 2003 فاجأ البعض في ايران بالتغير الحاد في موقفه. وقال "في سوريا الدولة تصوب البنادق على شعبها... رسالة تركيا للاسد واضحة جدا.. أوقفوا كل أشكال العنف واراقة الدماء."

وقالت صحيفة قدس اليومية المتشددة ان تركيا بدلا من أن تبدي دعمها لسوريا وايران فانها أذعنت للضغوط الامريكية.

وكتبت في مقال افتتاحي "اذا لم تغير حكومة رجب طيب اردوغان نهجها السياسي ازاء سوريا فان تركيا ستكون الخاسر الرئيسي في الاحداث السورية اذا خرجت دمشق من الازمة الحالية."

ووجهت الصحف أقسى انتقادات لدول الخليج العربية خاصة السعودية التي زاد توتر علاقاتها مع ايران في الاشهر القليلة الماضية.

وقالت صحيفة سياست روز في مقال افتتاحي "الطعن في الظهر أصبح عادة بين الدول العربية مثل الطريقة التي سبق وأن خانت بها فلسطين وليبيا والعراق والسودان. والخيانة الحالية مع سوريا يجب ألا تحمل مفاجأة." وأضافت الصحيفة المحافظة "ما زالوا تحت وهم أن التحالف مع أمريكا يمكن ان يساعدهم في الحفاظ على مؤسستهم ويعيد مكانتهم التي فقدوها في المنطقة."

وقالت صحيفة ارمان الاصلاحية اليومية ان السعودية والبحرين ترسمان فيما يبدو الخطوط لصراع اقليمي في المستقبل. وأضافت "انهما تريدان أن تهيئا الاجواء نفسيا بحيث تقفان -اذا كان هناك صراع مع سوريا ودعمتها ايران- على الجانب الاخر وضد ايران."

ومضت تقول "كل الدول التي تريد أن تسوي حساباتها مع ايران ستسعد لدخول ايران مثل هذا الصراع وبعدها -وباسم المجتمع الدولي- ستؤذي ايران."

وأشارت الصحيفة الى ضرورة اسراع الاسد بتنفيذ وعود الاصلاح السياسي لكن مع ارتفاع عدد القتلى هناك والذي قالت الصحيفة انه بلغ 2000 "فانه يبدو أن الوقت قد مضى بالنسبة لبشار الاسد للخروج من هذا الوضع الصعب."

وخلصت الصحيفة الاصلاحية الى أن الوقت ربما يحين قريبا كي تعيد طهران التفكير في دعمها الشديد للاسد. وتابعت "اذا استمر الوضع القائم في سوريا فان الوقت يكون قد حان لايران كي تفكر في مصالحها على المدى الطويل" مضيفة أن الدعم المطلق للاسد ربما يجعل ايران تدعم حكومة "أطيح بها من السلطة... لا يمكن ان تفيد نفسها ولا ايران."

شحنة اسلحة

في السياق ذاته ذكرت وكالة أنباء الاناضول التركية التي تديرها الدولة ان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أكد ان السلطات الحكومية اعترضت شحنة أسلحة قادمة من ايران الى سوريا.

وعندما سئل عن تقرير أفاد بأن السلطات التركية اعترضت شاحنة تحتوي على أسلحة قال داود أوغلو "لدينا هذه المعلومات وتجرى التحقيقات اللازمة... سأدلي بمعلومات مفصلة عندما تقتضي الضرورة." بحسب رويترز.

وجاء في تقرير نشرته صحيفة سودويتشه تسايتونج نقلا عن "مصادر دبلوماسية غربية" قولها ان تركيا أوقفت تسليم الشحنة.

وفي مارس اذار أبلغت تركيا لجنة تابعة لمجلس الامن الدولي بانها صادرت شحنة أسلحة كانت ايران تحاول تصديرها في انتهاك لحظر سلاح تفرضه الامم المتحدة.

تركيا لن تسمح بعراق آخر

الى ذلك بداية نهاية الحرب العالمية الأولى لم تأتِ من خلال حسمها في حقول القتل بأوروبا بل من خلال فتح دمشق. هذا ما أدركه الضابط البريطاني الشاب تي. إي لورنس الذي لعب دوراً محورياً في الثورة العربية الأولى. فبعد أن علم مدى أهمية دمشق للأتراك، رأى أن الاستيلاء على هذه المدنية التاريخية سيؤدي لانهيار الإمبراطورية العثمانية ومن ثم هزيمتها بالنهاية.

واليوم لما كانت دمشق لاتزال مهمة لجارتها في الشمال، لم يكن غريباً أن أصبحت تركيا رأس الرمح في الجهود الأخيرة التي استهدفت الضغط على نظام الرئيس الأسد لوقف حملة القمع في مدن سورية.

وزار وزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو دمشق لإبلاغ الرئيس السوري بنفاد صبر تركيا، وتسليمه (بشكل غير رسمي بالطبع) رسالة من الولايات المتحدة تطالبه فيها بإعادة جنوده الى ثكناتهم فوراً.

بيد أن داوود أوغلو كان غامضاً جداً ومتحفظاً في تحدثه حول تفاصيل اجتماعاته التي استغرقت ست ساعات مع الأسد وفريقه، لكن من الواضح أنه لم يلقَ تجاوباً من دمشق.

فبعد وقت قصير من الاجتماعات، بل وبينما كان لايزال محلقاً بالطائرة عائداً لأنقرة، أعلنت دمشق رفضها لأي تدخل خارجي، واستمرار حملتها ضد ما وصفتهم بـ«المجموعات الإرهابية المسلحة».

لذا، لم يكن مجرد مصادفة أن أعلن العاهل السعودي الملك عبدالله انتقاده الشديد والمفاجئ للنظام السوري بعد يوم واحد فقط من إعلان رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان نفاد صبره من الرئيس الأسد.

كما لم يكن الأمر مجرد مصادفة أيضاً أن رأينا المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين تسحبان سفيريهما بعد ذلك من دمشق. إن كل هذا يبين أن الدول العربية المعنية فوّضت تركيا لقيادة الحملة ضد نظام دمشق.

لكن بينما تبدو دوافع الدول العربية في هذا المجال واضحة وهي قطع يد إيران في العالم العربي، تبدو الدوافع التركية أكثر تعقيداً ومرتبطة بالمصالح الذاتية.

فعلى الرغم من ضم تركيا لإقليم إسكندرون السوري إليها عام 1938، وكادت سورية أن تدخل حرباً مع تركيا عام 1998 في عهد الرئيس حافظ الأسد، إلا أن دفئاً كبيراً طرأ على العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة.

ومن الواضح أن اتفاق المصالح أدى لتعزيز العلاقات السياسية، الاقتصادية والثقافية بينهما، وبدا هذا جلياً على أكثر من مستوى مثل غزو الدراما التركية الناطقة باللغة العربية، وتحديداً اللهجة السورية، العالم العربي.

غير أن العلاقة بين البلدين تتحرك في اتجاهين، فبينما يمكن أن تلعب سورية دور البوابة لتركيا للدخول الى العالم العربي، تستطيع تركيا أن تكون باب سورية نحو أوروبا والغرب.

على الصعيد الجغرافي يشترك البلدان بحدود طويلة تمتد لـ800 كيلومتر تقريباً، وكان تأييد سورية سابقاً للمجموعات الكردية المسلحة أكبر مصدر للتوتر بين البلدين.

لكن لما كانت دمشق مهمة تاريخياً لتركيا في الماضي، من الطبيعي ألا يجلس الأتراك اليوم مكتوفي الأيدي ويراقبوا احتمال أن يتحول مثل هذا الجار المهم سورية الى عراق آخر.

على أي حال، إذا كان أحد لا يعرف ما سيحدث بعد الآن، من الواضح أن التأييد الدولي، الذي كان يتمتع به نظام دمشق من جانب حلفاء رئيسيين له مثل روسيا، بات اليوم غير مؤكد مع تآكل سلطته محلياً وتراجع سمعته دولياً. بل وربما يكون غضب واستياء أنقرة من دمشق في هذه الأزمة بمثابة القشة التي تقصم ظهر البعير، لاسيما إذا تذكرنا أن تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، هي البلد الأكثر شعبية لدى السوريين العاديين.

المنطقة العازلة

في حين نفى مسؤولون أتراك تقريرا بثته قناة تلفزيونية محلية عن تخطيط أنقرة لإنشاء منطقة عازلة على الحدود مع سوريا للحيلولة دون تدفق اللاجئين. وكانت قناة (سي.ان.ان ترك) قد أوردت ذلك التقرير على شاشتها وبموقعها على الانترنت لكنها لم تنسبه الى مصدر ولم تذكر تفاصيل عن شكل المنطقة العازلة. ويوحي لفظ المنطقة العازلة بتوغل من نوع ما لقوات تركية عبر الحدود في سوريا.

لكن وزير الدفاع التركي عصمت يلمظ ذكر أن بلاده لا تريد إنشاء مثل هذه المنطقة على الحدود مع سوريا. ونقلت عنه وكالة الاناضول الرسمية للانباء قوله "نحن لا نريد إقامة.. منطقة عازلة." كما نفى مسؤولون بمكتب رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان ومن وزارة الخارجية تقرير المحطة التلفزيونية.

جاء ذلك بعد يوم واحد من مطالبة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو للرئيس السوري بشار الاسد بوضع حد لعملياته العسكرية ضد المدنيين على الفور وبدون شروط.

وحذر داود أوغلو الرئيس السوري خلال مؤتمر صحفي قائلا "هذه كلمتنا الاخيرة". وكان الزعماء الاتراك يساندون الاسد قبل اندلاع العنف لكن احباطهم من دمشق يتزايد على ما يبدو.

ومع تحدي الاسد للضغوط الدولية وتدفق لاجئين سوريين عبر الحدود الى داخل تركيا كانت وسائل الاعلام قد ذكرت في وقت سابق أن الساسة والقادة العسكريين الاتراك يبحثون انشاء منطقة عازلة داخل سوريا.

وأُخذت تركيا على غرة حين تدفق زهاء 500 ألف شخص معظمهم أكراد عبر حدودها قادمين من العراق خلال حرب الخليج عام 1991. وظلت وحدات صغيرة من القوات التركية على مدى سنوات بعد ذلك تراقب مساحة أصبحت فعليا منطقة عازلة في شمال العراق.

وشهدت العلاقات بين سوريا وتركيا فترات من التوتر على مر الأعوام. ففي التسعينات عندما كانت القوات التركية تقاتل متمردين أكرادا كانوا يعملون من قواعد داخل سوريا كادت تنشب حرب بين البلدين.

المصالح تبعد العقوبات الاوروبية

في السياق ذاته لا يبدو أن الدول الغربية ستمارس ضغوطا على الرئيس السوري بشار الاسد بفرض عقوبات على قطاع النفط الحيوي في أي وقت قريب.

وتنتج سوريا نحو 400 ألف برميل نفط في اليوم وتصدر الجزء الاكبر من 150 ألف برميل يوميا الى دول أوروبية من بينها هولندا وايطاليا وفرنسا واسبانيا. وعلى الرغم من ضألة هذه الصادرات على المستوى العالمي يقول نشطون انها تجلب ملايين الدولارات يوميا لحكومة الاسد مما يمثل نحو 30 في المئة من دخلها.

واستمر الاتحاد الاوروبي في اتباع نهج فرض العقوبات على نطاق ضيق على الرغم من الزيادة اليومية في عدد القتلى بين المتظاهرين واستخدام الدبابات ضد المحتجين المناهضين لحكومة دمشق.

وفرض الاتحاد أربع جولات من العقوبات على سوريا منذ مارس اذار وأخضع 35 شخصا بينهم الاسد الى تجميد أصول وحظر الحصول على تأشيرات واستهدف شركات لها صلة بالجيش السوري متورطة في قمع المعارضين.

لكن الدول الاوروبية لم تمس قطاع النفط السوري. وشركة رويال داتش شل الانجليزية الهولندية وشركة توتال الفرنسية من كبار المستثمرين في قطاع النفط في سوريا.

وعبر الاتحاد الاوروبي الاسبوع الماضي عن صدمته بسبب "المذبحة" التي تعرض لها مدنيون في مدينة حماة السورية واتفق سفراء الاتحاد بعد ذلك على توسيع قائمة العقوبات في الاسابيع المقبلة وقالوا انه يجب وضع توسيع "نطاق" القيود في الاعتبار.

لكن مسؤولين في الاتحاد الاوروبي يقولون ان أي خطوات أكثر صرامة ضد المصالح الاقتصادية السورية والتي قد تشمل قطاع النفط لن تطرح للنقاش على الارجح قبل انتهاء العطلة الصيفية للاتحاد في أغسطس اب.

وفي أحدث اجتماع لسفراء الاتحاد الاوروبي دعت ألمانيا الدول الاوروبية الى "النظر في خيارات العقوبات الاقتصادية" لكنها أضافت أنها نفسها "غير واثقة" من أن هذا هو الاسلوب الامثل.

وقالت بريطانيا ان الاتحاد يجب "أن يبدأ عملية بحث" فرض عقوبات اقتصادية وأشارت فرنسا الى احتمال فرض عقوبات على المصرف التجاري السوري.

وذكر مسؤول في الاتحاد الاوروبي أن الاجتماع اختتم بدعوة المفوضية الاوروبية وهي الذراع التنفيذي للاتحاد الى وضع "ورقة خيارات" والاشارة الى أنه "من الجيد" أن تكون الورقة جاهزة قبل اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية دول الاتحاد المقرر في بولندا يومي 2 و3 سبتمبر أيلول.

ويرى محللون أن التراخي في مسألة العقوبات لا يضر فحسب بمصالح الاتحاد الاوروبي لكنه يصب مباشرة في مصلحة الاسد.

وقالت كلارا اودونيل من مركز الاصلاح الاوروبي "العقوبات في قطاع الطاقة ستكون خطوة مقبلة واضحة. وأضافت "من الواضح أن رغبة صانعي السياسة الاوروبية في عدم الاضرار بالمصالح الاقتصادية لشركة ما قد تلعب دورا."

ومن بين الاسباب التي تسوقها دول أوروبية تتردد في فرض عقوبات اقتصادية على سوريا أنها ستزيد بذلك من معاناة المدنيين وذلك على الرغم من أن المعارضين يقولون ان الكثير من السوريين سيتحملون معاناة على المدى القصير في سبيل المنفعة على المدى الطويل.

وذكر مسؤول سويدي أن تباين الاراء حول تمديد العقوبات الى صناعة النفط والمؤسسات المالية يعني أن "احتمال توجيه رد قوي في الوقت الحالي يبدو ضئيلا." وقال انه على الرغم من أن الولايات المتحدة ربما تريد الذهاب الى ما هو أبعد فانها "لا تريد اثارة الامر اذا لم تكن دول الاتحاد الاوروبي تؤيده أيضا."

ولم تتحقق نتائج سريعة للتدخل العسكري في ليبيا كما لا توجد ضمانات على أن أي انتقال للسلطة في سوريا سيكون سلسا أو حتى مفيدا للمصالح الغربية الامر الذي قوض أي حديث عن الخيار العسكري في سوريا حتى من الناحية النظرية. وصب كل هذا مجددا في صالح الاسد.

وقالت اودونيل "من المحتمل جدا أن يظل الاسد مسيطرا... حقيقة ادراكه أن الخيار العسكري مستبعد تماما يعني أن الامريكيين والاوروبيين خسروا أوراق الضغط ولا يمكنهم الاستمرار في الضغط عن طريق التلويح بأنهم قد يتدخلون."

وأضافت "يعلم الاسد أيضا أنه عندما يأتي الحديث الى الاوروبيين على وجه التحديد فانهم لا يملكون الاساليب العسكرية حتى التي تمكنهم من القيام بعمل كبير وذلك لانهم منهكون عسكريا في مناطق أخرى."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/آب/2011 - 16/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م