شبكة النبأ: يبقى سحر كربلاء وهي
تستقبل الاسبوع الثاني من شهر رمضان المبارك لضى يحرق عيون وقلوب
الحاقدين وهي تزدان بحلتها وبهائها الجميل الذي يكاد أن يعانق عنان
السماء من خلال تلك القباب الذهبية الشامخة التي تعلو الى السماء لتمنح
منطقة ما بين الحرمين الشريفين بهجة وسرورا وتمنح كذلك الزائرين فرصة
الانطلاق في رحاب فضائل وبركات هذا الشهر العظيم من خلال ممارسة بعض
الطقوس والوسائل العبادية للاضطلاع بالمعاني السامية التي من أجلها
أختص الله سبحانه وتعالى المسلمين بهذا الشهر الكريم.
وللوقوف عند الممارسات والطقوس الرمضانية كانت لـنا هذه الوقفة مع
بعض المؤمنين للاطلاع على ماهية تلك الممارسات او الطقوس فكانت الحصيلة
ما يلي:
الحاج (عطية محمد) وهو من أهالي مدينة الصدر، قال: أعتدنا منذ أعوام
أن نأتي الى كربلاء للزيارة في يومي الخميس والجمعة، وهناك ثمة ممارسات
ننتهجها تزخر بمعاني الدعاء وقراءة القرآن واحياء تلك الليالي بمجمل
القضايا العبادية، ناهيك أن أجواء رمضان في كربلاء يتملكها سحر ايماني
خاص لا يكاد ان يصدق على مدينة اخرى سواها. فهي التي ترفل بالمعاني
العظيمة من خلال موقف أبى الشهداء وسيد الاحرار الامام الحسين(ع).
ويشير، كما نحرص على ممارسة الموروث من قبيل لعبة (المحيبس)
التراثية ونعد لهذه اللعبة العدة من خلال توفير بعض المأكولات
والمعجنات.
ويتابع، ربما يتبادر الى ذهنك سؤال يقول لماذا في كربلاء على وجه
الخصوص، يقينا زيارة كربلاء في شهر رمضان يمثل مطلب لكل المؤمنين في
العراق في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها بلدنا العزيز ونعدها أي
كربلاء ملاذا امنا لكل العراقيين بل لكل المؤمنين في رحاب المعمورة.
أما الحاج (فائز العبودي) فهو يقول: مما لا شك فيه فأن شهر رمضان
يمتاز عن سواه من الاشهر بانه شهر الله سبحانه وتعالي وهو الشهر الذي
تفتح به خزائن الارض والسماء وتغلق به ابواب جهنم.
اذن نحن في شهر أختصه الله سبحانه وتعالى بالرحمة والمغفرة، لذا
يجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يستغل هذه الفرصة خير استغلال من خلال
ممارسة الوان العبادة والدعاء والتقرب الى الله والاعراض عن كل ما من
شانه أن يعكر صفو هذا الجو الايماني، فنحن في العراق على سبيل المثال
نجد في ارض كربلاء منتجع خصب لتقبل الطاعات وممارسة الدعاء وقراءة
القرآن, واستخلاص الدروس والعبر من ارض الشهادة والفداء، بالاضافة الى
ذلك فهناك ثمة تقاليد وعادات وطقوس نمارسها منذ زمن بعيد في ظل اجواء
رمضان المبارك تتضمن التزاور بين الاقارب والاحبة ومحاولة ردىء الصدع
بين المتخاصمين ناهيك عن ممارسة التكافل الاجتماعي من خلال أعطاء
الجيران والاقارب وجبات من الفطور أو السحور بشكل دوري او متناوب وهو
بالتاكيد المسعى الحقيقي الذي من اجله اوجد الله سبحانه وتعالى فريضة
الصوم ليدرك من خلالها الغني عظم آفة الجوع والصبر على العوز وكبح لجام
الشهوات والالتزام بعفة البطن، اذن نحن أمام استراتيجية سامية تذهب بنا
الى حالة السمو بالنفس من حالة الجسد الى حالة الروح.
أما محطتنا التالية كانت مع السيد(محمد الميالي) وهو من مؤسسة شهيد
المحراب، حيث قال لـ(شبكة النبأ): يقينا بأن شهر رمضان هو شهر الخير
والبركة وهو أنموذج حي للتجربة الاسلامية التي تحاول أن تشير الى أن
المسلم هو أخو المسلم مهما كانت الظروف وهم كالجسد الواحد.
فضلا عن كون ما يصدق في شهر رمضان لا يختلف عن بقية الاشهر ولكن
ثمة دلالات تشير الى وجود نقطة ارتكاز يتمحور حولها الضمير الانساني
والاسلامي على حدا سواء الا وهي شهر رمضان المبارك، أذن هذا الشهر يعد
معلم للتذكير بالمعاني الجليلة التي يذهب اليها الاسلام من خلال تحقيق
غاية التكافل الاجتماعي والاحساس بحالة الجوع والظمأ لأولئك المعوزين
الذين لا يستطيع تحقيق صفة الشبع.
لذا يجب ان نتخذ من رمضان علامة مميزة نتوقف عندها لنستخلص تلك
المعاني الايمانية السامية التي تحاول أن تطهر مساحة الجسد من حالة
الاكتناز الى حالة الارتقاء بالمشاعر والاحاسيس الى النضوج الانساني.
وأما في خصوص محور التسائل عن الطقوس الرمضانية فهي حالة حضارية
دأب العراقيين عموما والكربلائيين على وجه الخصوص على تحقيقها منذ
أزمان بعيده من خلال بث روح التزاور بين الأحبة ومحاولة مساعدة الفقراء
ومنح بعض العوائل الفقيرة بعض الوجبات الغذائية، كما عهدنا بعض
الممارسات التي يختص بها شهر رمضان دون غيره من الاشهر مثل لعبة
المحيبس والدمام في ساعة السحور وأطلاق مدفع الافطار وتوزيع بعض الحلوى
بين الجيران ناهيك عن قراءة القران والدعاء في هذا الشهر الفضيل.
فضلا عن القاء المحاضرات الدينية التي تعنى ببث حالة الوعي الديني
بكل مفاصل ومكونات الطيف المجتمعي، وفي الختام كل تلك الممارسات
والطقوس كما ذكرنا سابقا ما هي الا رسالة مفادها السعي الى تحقيق مرضاة
الله سبحانه وتعالى.
ومن ثم انتقلنا الى الحاج (ابو واثق) وهو من أهالي الوشاش، حيث قال:
شهر رمضان يمثل كفارة للذنوب ويعد أنموذج مصغر لعظمة الاسلام والمسلمين
حيث تتجلى من خلاله معاني الشريعة السمحاء ابتداء من صحوة الضمير
المستتر تحت وطأة مغريات الحياة المختلفة الى حالة الصفاء الذهني
والتعلق في اركان الفضيلة الصادقة، والابتعاد عن كل ما من شانه أن يمس
بحرمة هذا الشهر الكريم.
أذن هي تجربة الهية تستشرق لدى الانسان مكامن الخير والصلاح، واما
فيما يخص ممارسة بعض الطقوس في مدينة كربلاء الحسين(ع) في هذا الشهر
الكريم، لزاما بأن كربلاء لها خصوصية الموقف وهي التي جسدت معاني الصوم
في أبهى حلتها من خلال ذلك الواقف المشرف الذي أضطلع به الامام
الحسين(ع)، لذا ترى في كربلاء مراسم الصوم الحقيقي فهناك ثمة طقوس
وممارسات تحدو بنا الى أبعد نقطة من فضائل الصوم، وما تراه في ليلتي
الخميس والجمعة له خير دليل حيث يشدو صدى الدعاء وانفاس تلاوة القرأن
وتسبيح المؤمنين وصلاة المتهجدين ففيها طعم لا يتحقق في مكان أخر، فضلا
عن ذلك فنحن نستغل تلك المناسبة لاشاعة روح التعاون والتسامح وتجاوز كل
المنغصات من خلال أجواء رمضان وممارسات لعبة المحيبس وأجراء بعض
المسابقات الايمانية للتزود بالمعلومات، وقد يرافق هذه المسابقات أطباق
الزلابية والبقلاوة وزنود الست لا لشيئ بل للتعبير عن فيض هذا الشهر
الكريم.
ومن هنا نستشعر بأن شهر الصوم يمثل صمام أمان لكل المسلمين لاعادة
النظر في السلوك اليومي واعتماد مزايا الصوم سلاح يقي النفوس والظمائر
خفايا النفس الشريرة واشاعة روح التعاون بين المسلمين والتي ربما نحن
اليوم في أمس الحاجة للاقتداء بها في عراقنا الجريح وما تلك الطقوس الا
نفحات ايمانية تطهر النفس والجسد من أدران الامراض المختلفة. |