جمعة العتاك... ووزارة الثقافة

شؤون عراقية.. من هنا وهناك

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: أحب واحكي، اكره واحكي..مثل عراقي دارج وهو باللهجة العراقية اكثر وقعا من تحويله الى الفصحى.. يقابله بيت شعري للإمام الشافعي يقول فيه:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة

ولكن عين السخط تبدي المساويا

وربما المثل الدارج ماخوذ من هذا البيت الشعري، لتقارب المعنى.. ينطبق هذا المثل على وسائل الاعلام العراقية (صحافة – اذاعة – تلفزيون) التي ظهرت بعد العام 2003.

لا تستطيع اي وسيلة اعلامية الاستمرار في عملها دون وجود الدعم المادي الضخم.. وهذا الدعم لا يمكن ان توفره مجموعة شخصيات مستقلة تعمل في مهن متعددة وتستطيع الاستمرار في تقديم دعمها مع عدم وجود ارباح من الاعلانات التي تستطيع الحصول عليها من المعلنين الذين يتوجهون تحديدا الى تلك الوسيلة او غيرها.. يشذ عن هذه القاعدة جريدة الصباع والنوافذ الاعلامية التابعة لهيئة الاتصالات.. فتلك النوافذ تتمتع بدعم مالي غير محدود.

بفية الوسائل الاعلامية لا تتوفر على تلك المبالغ المالية ويكون دعمها من قبل الجهات المؤسسة لها والتي كثيرا ما تختفي خلف تسميات لمراكز دراسات او مؤسسات بحثية او منظمات مجتمع مدني وهي تخضع لاشتراطات المانحين للدعم المالي.

الفضائيات العراقية وحسب دراسات التكلفة للبث الفضائي وما يتعلق بجميع تفصيلاته لا يمكن ان يكون الداعمين لها شخصيات مستقلة ذوي مهن معينة يستمرون بالتبرع لتلك الفضائيات طيلة تلك السنوات، بل هناك دول تساهم في استمرار عمل تلك الفضائيات لتحقيق مصالحها عبر الخطاب الموجه للداخل العراقي.

قناة الشرقية على سبيل المثال تستلم دعمها المالي من عدد من الامارات الخليجية التي لا يمكن باي حال من الاحوال ان تنظر للتجربة العراقية بعين الرضا بسبب الاختلافات الايديولوجية والمذهبية.

قناة الشرقية ومنذ ان فشل صاحبها سعد البزاز في الحصول على حقيبة وزارة العراق في العام 2005 بعدما ذهبت الكثير من الترشيحات اليه وهو لا يكف عن جعل فضائيته بازارا لكل ما من شانه الحاق الضرر بالعراق حكومة وشعبا.

المواد الاعلامية كثيرة في هذا الصدد.. ومنها مسلسل الرسوم المتحركة (جمعة العتاك) وهو يستلهم شخصية رئيس الوزراء نوري المالكي عبر كوميديا مبتذلة ووقحة لا تليق بفضائية عراقية يجب ان تكون مهنية.. ولا يقف الابتذال عند النقد الموجه الى رئيس الحكومة بل يمتد الى شريحة واسعة من شرائح المجتمع العراقي واقصد تحديدا شريحة الفقراء الجنوبيين والذين دأب الاعلام البعثي على اطلاق تسمية (الشروكية) عليهم وكرس صورتهم النمطية عبر الكثير من الاعمال التلفزيونية والخطابات الاعلامية الاخرى.

في احدى الحلقات الاسد يتحدث بلهجة بغدادية في قفصه في حديقة الحيوانات لكن القرود يتحدثون بلهجة جنوبية..وغيرها الكثير من الصور التي لا مكان لذكرها بل تحتاج الى موضوع منفصل.

اللصوص الكبار يكسبون دائما

في احد افلام الممثل الامريكي ستيفين سيغال بقول مخاطبا احد الممثلين (قال لي ابي يوما اذا سرق اللص قليلا دخل الى السجن واذا سرق كثيرا اصبح ملكا).

وقد استلهمت السينما شرقا وغربا قصص اللصوص ومغامراتهم عبر الكثير من الافلام.. اخر الاخبار في هذا المجال ان اللص الأميركي كولتون هاريس مور المعروف باسم (قاطع الطريق الحافي) وقّع عقدا مع عملاق الإنتاج السينمائي الأميركي (20th Century Fox) عقدا، يسمح بموجبه للشركة بانتاج فيلم يتناول قصة حياته، يحمل عنوان "Taking Flight"، وذلك مقابل 1,3 مليون دولار أميركي.

وذكرت صحيفة "دايلي ميل البريطانية" أن اللص الأميركي البالغ من العمر 20 عاماً قد حاز على لقبه بعد نجاحاته المبهرة بالسطو حافي القدمين على منازل مواطنين في ولايتي واشنطن وأيداهو الأميركيتين، بالإضافة الى مقاطعة كولومبيا البريطانية في كندا. وبعد أكثر من عامين من السعي الفاشل في العثور عليه او حتى تعقب أثره، كللت محاولات اعتقاله بالنجاح في تموز (يوليو) الماضي بجزر البهاما، حيث اعترف بكل ما اقترفه من جرائم.

ولم تقتصر "مهارات" اللص الشاب على السطو على المنازل فحسب، اذ شملت سرقته 4 طائرات خاصة وسيارات فارهة وزوارق فخمة.

ومن الوارد ان يأخذ القضاء بعين الاعتبار بعض سلوكيات اللص الشاب، التي تنم عن ان كل ما ارتكبه من جرائم لا تعدو ان تكون مشاغبة بريئة كما يراها البعض، خاصة وانه قرر تعويض كل ضحاياه عما بدر منه وإعادة الأمول المسروقة لكل ضحاياه البالغ مجموعها 1,4 مليون دولار.

والملفت ان كولتون مور وقع العقد مع الشركة السينمائية مقابل 1,3 مليون دولار، ما يعني انه ينبغي له الحصول على 100 ألف دولار إضافية. وربما سيقوم عشاق الفيلم المعجبون بشخصية "اللص الحافي" ومعهم عدد من ضحاياه بتوكيل فريق من أمهر المحامين للإفراج عنه، في حال لم يكن حكم القضاء مخففاً كما يأمل الكثيرون.

عراقيا يبدو هذا الخبر سارا للكثير من اللصوص الكبار الذين لم تتوقف سرقاتهم جهارا نهارا وبارقام يحسدهم عليها هذا اللص الحافي.. وهو حافي فعلا بقرار اعادة الاموال المسروقة الى اصحابها.

لكن السؤال من من تلك الشركات السينمائية يمكن ان تتقدم بشراء انتاج افلام حول سراق العراق؟

ربما تجازف اكثر من شركة انتاج بذلك مع كثرة اعدادهم وقصصهم العديدة التي تغطي مجالات السرقة كافة..

حرامية الحواسم لهم قصصهم ويمكن ان يكون عنوان الفلم (حواسم التحرير)، حرامية النفط كثر ويمكن ان يكون عنوان الفلم (نفط الشعب للحرامية.. موتوا يارجعية)، حرامية الاراضي والعقارات والقصور الفاخرة اكثر مما يمكن عدهم ويمكن ان يكون عنوان الفلم (قصور وحرامية وامراء)، حرامية البطاقة التموينية ويمكن ان يكون عنوان الفلم المقترح (طعام على مؤائد السارقين)، حرامية الكهرباء ويمكن ان يكون عنوان الفلم المقترح (اسلاك وارصدة وجيوب منتفخة).

حرامية التعيينات في دوائر الدولة، حرامية تبليط الارصفة، حرامية رفع القمامة، حرامية البنوك، حرامية منظمات المجتمع المدني المزيفة، حرامية اصناف اخرى لا عد لها ولا حصر يمكن ان تشكل مادة دسمة لشركات الانتاج التلفزيوني ولسنوات طويلة.. وهذه الافلام اذا فكرت بانتاجها تلك الشركات فهي سوف تحقق ارقاما قياسية في مبيعاتها وستحتل سباق افلام (البوكس اوفيس) الامريكي... ولا يستغرب هذا فالعراق هو بلد الف ليلة وليلة وفيه ظهر علاء الدين والاربعين حرامي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 16/آب/2011 - 15/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م