حرب أفغانستان واستراتيجيات الثأر والتسلية والعمائم

 

شبكة النبأ: اعتبر تقرير صادر عن «مجموعة الازمات الدولية «التي مقرها بروكسل» ان المجتمع الدولي فشل في اقامة نظام سياسي مستقر واقتصاد حيوي في افغانستان على الرغم من انفاقه مئات مليارات الدولارات خلال السنوات العشر المنصرمة منذ اسقاط نظام طالبان وحتى الآن، موضحا «ان حكومة كابول مازالت تعتمد في سد %90 من احتياجاتها المالية ونفقاتها المختلفة على الاموال والمساعدات التي تحصل عليها من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وغيرهما من الدول والمنظمات العالمية.

فقد اشار التقرير الى ان الولايات المتحدة وحلفاءها الاوروبيين ليس لديهم اية سياسات واقعية لتقوية افغانستان وجعلها قادرة على مواجهة التحديات الامنية والسياسية والاقتصادية لوحدها قبل الشروع في الانسحاب التدريجي للقوات الاطلسية في العام 2014» وقال «انه على الرغم من انفاق عشرات المليارات من اموال دافعي الضرائب مازالت مؤسسات الدولة وهيئاتها العامة هزيلة وغير قادرة على تنفيذ وظائفها ومهماتها وتبقى اداراتها غير كفوءة وفاشلة ما يزعزع ثقة السكان ليس فقط بالدولة الجديدة وانما ايضا بدور الغرب ووعوده في تحسين حياة المجتمع».

اوباما يتعهد بالمضي في استراتيجيته

من جانبه تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالمضي قدما في استراتيجية الحرب الافغانية بينما سعت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) إلى تبديد المخاوف من صعود جديد لطالبان بعد مقتل 30 من القوات الامريكية في سقوط طائرة هليكوبتر.

وكان سقوط الهليكوبتر من أكثر الحوادث دموية بالنسبة للقوات الامريكية منذ بدء الحرب الافغانية قبل نحو عشر سنوات وجاء بعد سلسلة من الاغتيالات والهجمات التي نفذها متشددون خلال الاشهر القليلة الماضية.

وزادت هذه الحوادث المخاوف من حجم التقدم الذي أحرزته الولايات المتحدة خلال عقد من الصراع لكن أوباما ووزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا أكدا عزمهما على اتمام المهمة في افغانستان.

وقال أوباما في تصريحات بالبيت الابيض "اعرف ان قواتنا ستواصل العمل الشاق لنقل (المسؤولية) الى حكومة افغانية اقوى وضمان الا تكون افغانستان ملاذا امنا للارهابين." وتابع"سنواصل المضي قدما وسننجح."

وقال بانيتا وزير الدفاع الامريكي الجديد في مراسم لتغيير القيادة في مقر قيادة العمليات الخاصة في فلوريدا ان هذا الحادث "يذكر الشعب الامريكي بأننا مازلنا أمة في حالة حرب" ووعد بتكريم ذكرى القتلى "بأن نظهر للعالم عزمنا الذي لا يلين للمضي قدما." وأضاف "رغم فداحة هذه الخسارة سيكون الامر مأساويا أكثر اذا سمحنا له ان يخرج هذه البلاد من مسار الجهود التي نبذلها لهزيمة القاعدة وحرمانها من ملاذ آمن في أفغانستان."

وهون المسؤولون العسكريون مرارا من الاغتيالات والهجمات البارزة التي تشنها طالبان كمحاولة من جانب المتشددين للظهور بمظهر قوي بعد سلسلة من الهجمات على أرض المعارك سيطرت خلالها قوات حلف شمال الاطلسي على معاقل سابقة لهم.

وقال الكولونيل ديف لابان المتحدث باسم البنتاجون "هذا الحادث المنفرد لا يمثل بأي شكل حدا فاصلا او توجها. مازالت طالبان في حالة هروب ونجحنا في تحويل قوة الدفع التي كانت لديهم. لكنهم سيستمرون في ايقاع خسائر في الارواح. هذا ما يفعلونه."

وانهالت الانتقادات على خطة أوباما لسحب 33 الف جندي أمريكي من أفغانستان بحلول نهاية الصيف القادم وانقسم المنتقدون بين من يرى انها خطة بطيئة جدا او سريعة جدا.

وقال السناتور الجمهوري جون مكين الذي خسر امام أوباما في الانتخابات الرئاسية لعام 2008 وكان يريد انسحابا أبطأ "علينا ان نتعامل مع هذه المشكلة التي خلقها الرئيس." وأضاف "هناك شعور في أفغانستان واماكن اخرى من هذه المنطقة من العالم بأن أمريكا تنسحب وهذا ليس شيئا جيدا."

الثأر

في السياق ذاته نفت حركة طالبان مقتل المقاتل الذي اسقط المروحية الأمريكية في افغانستان. وكان الجنرال الأمريكي جون آلن قائد القوات الدولية في افغانستان أعلن ان قوات التحالف قتلت متمردي طالبان الذين أسقطوا المروحية وتسببوا بمقتل 30 جندياً أمريكياً وثمانية أفغان في افغانستان.

وقال أحد الناطقين باسم الحركة ذبيح الله مجاهد «هذا خطأ. بعدما اطلعنا على تصريحات العدو اتصلنا بالمجاهد الذي قصف الطائرة ولم يمت ومنشغل بقيادة الجهاد في كل مكان في البلاد». واضاف ان اربعة من مقاتلي طالبان قتلوا في الغارة الأمريكية لكن أياً منهم لم يشارك في إسقاط المروحية.

اعرب الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن عن "حزنه الشديد" لمقتل جنود اميركيين وافغان في في تحطم مروحية اعلنت حركة طالبان انها اسقطتها في افغانستان.

وقال راسموسن في بيان "في هذه اللحظة المأساوية اود ان اؤكد تضامن الحلف الاطلسي القوي مع الشعبين الاميركي والافغاني ومع حكومتي البلدين".

وتابع قائلا "نحن مصممون على مواصلة السير.. خاصة في هذا المنعطف الحرج حيث تتعاون القوات الافغانية وقوات الامن الدولية بشكل وثيق اكثر من اي وقت مضى لانجاح المرحلة الانتقالية". بحسب فرانس برس.

وقال راسموسن ان افرادا من 48 بلدا يعملون حثيثا في الوقت الراهن الى جانب نظرائهم الافغان "لجعل افغانستان بلدا ينعم بالسلام والاستقرار". واضاف "نحن نثمن تضحياتهم".

واعلن شهيد الله شهيد المتحدث باسم سلطات وردك قبل ذلك ان المروحية "اصيبت بصاروخ اطلقه عناصر طالبان فيما كانت تقلع" في عملية مشتركة للقوات الاميركية والافغانية في احدى مناطق وردك الولاية المحاذية لولاية كابول والتي تنشط فيها الحركة.

القنابل في العمائم

فيما طلب الرئيس الافغاني حامد كرزاي من كبار رجال الدين استخدام نفوذهم لاثناء المتشددين الإسلاميين عن إخفاء القنابل في الهجمات الانتحارية في عمائمهم في مسعى للقضاء على هذا التكتيك الفتاك قبل ان يروج استخدامه.

واستخدمت العمائم الملغومة في هجومين انتحاريين وقعا الشهر الماضي وأسفرا عن مقتل رئيس بلدية مدينة قندهار الجنوبية مهد حركة طالبان المتشددة مما أثار القلق من هذا التكتيك الجديد وكيفية التحسب له دون إثارة حساسيات دينية. كما لجأ مفجرون انتحاريون في أفغانستان وباكستان الى استخدام النقاب للتخفي. والتقى كرزاي أخيرا مع مجلس العلماء الذي يضم كبار رجال دين من شتى انحاء البلاد لمناقشة الأمر.

وقال سياماك هرواي المتحدث باسم كرزاي «من وجهة نظرنا ان اساءة (المتمردين) لاستخدام القيم الإسلامية يجعلهم يقدمون لشعوب العالم صورة سيئة عن الإسلام». بحسب رويترز.

وصرح بأن الرئيس الأفغاني طلب من علماء الدين شن حملة لإقناع المتشددين بعدم استخدام العمائم أو أي رموز أخرى مرتبطة بالإسلام في شن هجماتهم وألا يستهدفوا المساجد وإبراز مبدأ تحريم الانتحار في الإسلام.

إلى ذلك قتل 21 متمرداً أفغانياً من مجموعة حقاني في غارة نفذتها طائرة أمريكية بدون طيار على احدى المناطق القبلية شمال غرب باكستان كما أعلن مسؤولون امنيون محليون.

وأطلقت الطائرة الأمريكية صاروخين استهدفا سيارة ومعسكرا مما أدلى الى تدميرهما قرب ميرانشاه كبرى مدن ولاية وزيرستان الشمالية التي تقع على الحدود مع افغانستان ومعقل متمردي طالبان المتحالفين مع القاعدة. وقال مسؤول عسكري باكستاني في بيشاور كبرى مدن شمال غرب البلاد «قتل 21 متمرداً من مجموعة حقاني وأصيب ثلاثة بجروح».  واضاف هذا المسؤول طالباً عدم كشف هويته ان جميع الذين قتلوا هم أفغان ومن مقاتلي مجموعة حقاني. وأكد مسؤولون أمنيون محليون هذه الحصيلة.

من جهة أخرى أعلن قائد شرطة قندهار مقتل اثنين من عناصر ميليشيا محلية موالية للحكومة في جنوب افغانستان بنيران جنود الحلف الأطلسي الذين ظنوا انهم متمردون.

وصرح الجنرال عبد الرزاق ان عسكريين من القوة الدولية التابعة للحلف الاطلسي في افغانستان (ايساف) أطلقوا النار مساء الثلاثاء في ولاية قندهار على عناصر من شرطة محلية افغانية مشكلة لمساعدة قوات الامن في المناطق النائية.

وأوضح الجنرال عبدالرزاق «أطلقوا النار عليهم للاشتباه في انهم متمردون» مؤكداً ان «الشرطة (المحلية) ردت وحصل تبادل نيران لوقت قصير».

مقتل جندي بريطاني

على صعيد متصل قتل جندي في البحرية الملكية البريطانية في هجوم شنه متمردون في جنوب افغانستان، كما اعلنت وزارة الدفاع في لندن، مشيرة الى انه العسكري البريطاني ال30 الذي يسقط في افغانستان هذا العام.

وقالت الوزارة ان الجندي ينتمي الى الفرقة ال42 من كوماندوس البحرية الملكية واصيب بجروح بالغة اثر هجوم بقنبلة يدوية استهدف نقطة تفتيش في ناد علي في ولاية هلمند حيث تتمركز القوات البريطانية، وما لبث ان فارق الحياة في مستشفى بريطاني متأثرا بجروحه.

وتعتبر ولاية هلمند معقلا لحركة طالبان والولاية الاكثر دموية في النزاع الذي يدخل قريبا عامه العاشر. وبهذا يرتفع الى 378 عدد العسكريين البريطانيين الذين قتلوا في افغانستان في هذا البلد منذ بدء النزاع في 2001. وتنشر بريطانيا حوالى 9500 عسكري في افغانستان في اطار قوة الحلف الاطلسي وهي القوة الثانية من حيث الحجم بعد الولايات المتحدة.

قتل للتسلية

الى ذلك حكمت محكمة عسكرية اميركية على احد خمسة جنود اميركيين متهمين بقتل ثلاثة مدنيين افغان بقصد التسلية مطلع العام الماضي، الجمعة بالسجن ثلاث سنوات. وكان آدم سي وينفيلد (23 عاما) وهو من فلوريدا ملاحقا بتهمة القتل العمد والتآمر بهدف القتل.

لكن خلال محاكمته الجمعة في محكمة عسكرية في قاعدة لويس ماكهورد قرب سياتل في ولاية واشنطن (غرب) اعترف بواحدة من التهم الموجهة اليه، القتل غير العمد، وهي الاقل خطورة مقابل شهادته ضد الجنود الآخرين في وحدته. وقد خفضت رتبته العسكرية وحرم من معاشه وطرد بسبب سوء السلوك. وكان يمكن ان يحكم عليه بالسجن 17 عاما.

من جهتها ذكرت صحيفة صن ان تحقيقا يجري مع جندي بريطاني يقاتل في افغانستان بشأن مزاعم عن قيامه بقطع اصابع متشددين من طالبان بعد مقتلهم واحتفظ بها كتذكار.

وقالت الصحيفة ان المزاعم تدور حول جندي خدم في الكتيبة الخامسة من الفوج الملكي الاسكتلندي خلال عملها في اقليم هلمند المضطرب في جنوب افغانستان. وقالت وزارة الدفاع في بيان "يمكننا تأكيد ان الشرطة العسكرية الملكية ( فرع التحقيقات الخاصة) تحقق في الواقعة.

وكانت هذه ثاني زيارة للكتيبة الى افغانستان والتي ساعدت خلالها في ادارة مركز تدريب للشرطة المحلية في حين شاركت بعض السرايا مع وحدات قتالية اخرى. ويعتقد ان التحقيق بدأ بعد عودتها في ابريل نيسان. ونقلت صن عن مصدر قوله "ربما قطع اصابع متشددين قتلى من طالبان على ما يبدو.

"ثمة شائعة عن انه ربما كان يريد الاحتفاظ بها كتذكار وهو امر مروع للغاية. هذه المزاعم هزت الكتيبة." بحسب رويترز.

وقال مسؤول عسكري انه جرى ابلاغ الجنود البريطانيين بأن يعاملوا قتلى العدو بنفس الاحترام الذي يعاملوا به قتلاهم. ولبريطانيا نحو 9500 جندي في افغانستان وهي ثاني اكبر قوة عسكرية اجنبية بعد الولايات المتحدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 14/آب/2011 - 13/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م