رمضان والصحة: التخلص من السموم والصداع النفسي

شبكة النبأ: يضفي حيوية على الجسم ويُزيد القدرة على التركيز ويمنح البشرة طلة مشرقة.. ما يبدو أنه تأثير الاستجمام والتردد على الأندية الصحية، يمثل في حقيقة الأمر نتيجة صيام شهر رمضان المبارك، على الأقل إذا تم صومه بشكل سليم؛ لأن الصيام ينظف الجسم ويخلصه من السموم ويمده بطاقة جديدة.

وعن فائدة الصيام تقول الدكتورة نبيلة شفقت، أخصائي التغذية السريرية بالمستشفى الكندي التخصصي بدبي :''أثبتت الدراسات الطبية أن الصيام يمكن أن يساعد في التمتع بحياة أطول وأكثر صحة''، موضحة أن الصيام يسهم مع الوقت في تحسين جهاز المناعة وطاقة الجسم والقدرة على التركيز. بحسب نقل الوكالة الالمانية..

ويمتص الجهاز الهضمي العناصر المغذية التي تحتاجها جميع الأجهزة في الجسم. ونظراً لأن الصيام يخلص الجسم من السموم الضارة التي تتجمع خلال اليوم، فإنه يساعد في تنظيف أجهزة الجسم. وعن فائدة ذلك تقول الدكتورة شفقت :''بذلك يمكن امتصاص العناصر المغذية بشكل أسرع وأكثر فعالية، مما يعمل على التمتع بحالة صحية عامة أفضل ويمنح البشرة إشراقة''.

ولتحقيق هذا التأثير يجب أن تخلو قائمة طعام وجبة الإفطار من المواد الغذائية غير الصحية والمعالجة صناعياً والمحمرة، وأوضحت الدكتورة شفقت أن الأطعمة المحمرة والمُبهَّرة بشدة والمُحلاة بالسكر تؤدي إلى الشعور بحموضة وعسر الهضم وزيادة الوزن. كما ينبغي مراعاة عدم تناول الطعام بكميات زائدة عن الحد في وجبتي الإفطار والسحور. وكقاعدة أساسية، ينبغي ملء ثلث المعدة بالطعام وثلث آخر بالمشروبات، من أجل تعويض السوائل المفقودة على مدار اليوم.

وتقول الدكتورة شفقت :''تتباطأ عملية التمثيل الغذائي التي يقوم بها الجسم، عندما لا يتم إمداد الجسم بطاقة كافية لمدة طويلة''. وعند الإفطار يقع الكثيرون في خطأ إمداد الجسم بالكثير من الطاقة في وجبة واحدة، ثم يذهبون إلى الفراش وبطونهم ممتلئة. وتقول شفقت إن النتيجة تكون كالتالي: ''يقوم الجسم بتخزين الطاقة التي تم إمداده بها ليلاً''، وفي نهار اليوم التالي يشعر الصائم بالإعياء؛ نظراً للاحتياج للطاقة، ولكن الجسم لا يكون قادراً على توفير ما يكفي منها. وتلفت شفقت إلى أن زيادة الوزن تُعد من العواقب الأخرى المحتملة.

وكي لا يحدث ذلك، ينبغي أن تشتمل قائمة الطعام على الكثير من المواد الغذائية التي تخلص الجسم من السموم، مثل المواد الغذائية الخام وغير المعالجة، وتمتاز الخضروات الورقية الخضراء بفعاليتها الكبيرة في هذا الصدد. وتنصح شفقت قائلة :''لقضاء شهر رمضان بشكل صحي، ينبغي تناول كميات طبيعية من مجموعة المواد الغذائية الهامة''. وتتضمن المواد الغذائية الهامة الخبز ومنتجات الحبوب ومنتجات الألبان والأسماك واللحوم والدواجن والفاصوليا والفواكه والخضروات.

ويؤكد محمد الفلاحجي، عالم واستشاري التغذية بمستشفى ميدكير في دبي، على ذلك قائلاً :''الخضروات والفاكهة تساعد الجسم على التخلص من السموم''. ولا يسري ذلك على المنتجات المحتوية على البروتينات ومنتجات الألبان.

وتفضل الدكتورة نبيلة شفقت نوعين من المواد الغذائية، ألا وهما الموز والتمر، وتقول :''الموز يعتبر مورداً جيداً للكالسيوم والماغنسيوم والكربوهيدرات''، أما التمر فيعتبر من المواد الغذائية المحببة جداً في رمضان، لأنه خال من الدهون وغني بالألياف الغذائية والفيتامنيات ''أ 1'' و ''ب 1'' و ''ب 2'' و ''ب 3'' و ''ب 5'' وفيتامين ''ج'' وأكثر من 20 نوعاً مختلفاً من الأحماض الأمينية التي تُسهل من عملية الهضم وامتصاص الجسم للكربوهيدرات. وبذلك يساعد التمر في السيطرة على نسبة السكر بالدم ونسبة الأحماض الدهنية بالجسم. وبالإضافة إلى ذلك فهو غني بعنصر السيلينيوم، وتقول شفقت :''السيلينيوم يقلل من خطر الإصابة بأمراض السرطان والقلب، ويعتبر مفيداً لجهاز المناعة''.

وتنصح شفقت الصائمين بالحرص على أن تتألف وجبة السحور من المواد الغذائية التي تحتوي على الكربوهيدرات المركبة، مثل الحبوب والبذور كالقمح والشعير والشوفان والدخن والسميد والفاصوليا والعدس والحبوب الكاملة. وتمتاز هذه المواد الغذائية بأن طاقتها تدوم لعدة ساعات وأنه يتم هضمها ببطء، مما يقلل من الشعور بالجوع.

وبإمكان الصيام أن يقدم مزيداً من الفوائد للصحة: فبما أن جزء كبير من الطاقة التي يحتاجها الجسم أثناء الصيام يتم توليده من دهون الجسم المتراكمة، فإن الصيام يساعد في إنقاص الوزن من ناحية. وفي هذا الصدد تقول ريم السعدي، نائبة مدير قسم التغذية العلاجية بمؤسسة حمد الطبية في الدوحة :''على المدى الطويل ينخفض مستوى الكوليسترول أيضاً''، موضحة أن إنقاص الوزن بدوره له تأثير إيجابي على داء السكري، كما أنه يسهم في خفض ضغط الدم المرتفع.

ومن ناحية أخرى، تزداد نسبة تركيز هرمون الإندورفين في الدم بعد بضعة أيام من الصيام، وتقول السعدي :''يؤدي هذا إلى مزيد من الانتباه وشعور عام بالراحة الذهنية''. وأضافت السعدي أن الصيام يساعد أيضاً في علاج بعض المتاعب، لاسيما في الجهاز الهضمي، وتقول :''المعدة والأحشاء والأمعاء الغليظة يمكن أن تتعافى''. وبذلك تشفى الالتهابات والبواسير بشكل أسهل.

ولمساعدة الجسم بعض الشيء في سبيله للتنظيف الذاتي، يُوصى أيضاً بممارسة الرياضة، مع مراعاة أن يتم ذلك قبيل الإفطار أو بين وجبتي الإفطار والسحور، كي يتسنى إمداد الجسم بالسوائل بعد ممارسة الرياضة مباشرة.

التغلب على الصداع النفسي في رمضان

من جهة اخرى يواجه مرضى الصداع النصفي صعوبة كبيرة خلال حياتهم اليومية؛ إذ تهاجمهم فجأة آلام رهيبة تشبه الطرق على الرأس وتستمر معهم لساعات طويلة.

وفي شهر رمضان المعظم يعاني كثير من هؤلاء المرضى من الصداع بصورة أكبر من المعتاد؛ حيث تتفاقم متاعبهم، ويتكرر حدوث نوبات الصداع النصفي لدى الكثير منهم؛ هذا ما أوضحته نتائج دراسة نُشرت في الدورية الطبية (مجلة الصداع والألم). كما تنقل ذلك وكالة الانباء الالمانية.

وفي هذه الدراسة تم ملاحظة 32 من البدو في صحراء النقب الذين يعانون من الصداع النصفي؛ حيث أظهرت النتائج أنهم عانوا من آلام الصداع خلال شهر رمضان لمدة 4ر9 يوم في المتوسط. في حين استمرت معاناتهم مع هذه الآلام خلال شهر بعد الصيام لمدة 7ر3 يوم فقط. حتى أن المشاركين في الدراسة، والذين تناولوا مسكنات وقائية للآلام، تعرضوا لعدد أكبر من نوبات الصداع النصفي بشكل أكثر من المعتاد.

ولكن حتى مع الأشخاص الذين لا يعانون من مرض الصداع النصفي المزمن يمكن أن تظهر هذه الآلام بشكل متزايد خلال شهر رمضان. وأوضح الدكتور بيني باناكال، مدير مجموعة الخدمات الطبية واستشاري أمراض القلب في مستشفى بدر السماء بسلطنة عُمان، قائلاً :''هناك نوعان من الصداع، يمكن أن يرجع سببهما إلى الصيام، وهما الصداع النصفي والصداع التوتري''. وتظهر آلام الصداع في هذين النوعين بسبب انخفاض مستوى الجلوكوز في الدم، كما يمكن أن يؤدي التعب والإرهاق وقلة النوم إلى ظهور آلام الصداع أيضاً.

وغالباً ما يكون الأشخاص، الذين يتناولون القهوة أو يدخنون السجائر، أكثر عرضة لظهور آلام الصداع؛ وتُعزي ريم السعدي، نائبة مدير قسم التغذية العلاجية بمؤسسة حمد الطبية في الدوحة، السبب في ذلك إلى أن الجسم لا يحصل أثناء النهار على الكمية المعتادة من الكافيين والنيكوتين.. كما أن النظام الغذائي غير المتوازن ما بين الإفطار والسحور والجفاف يمكن أن يعززا من ظهور هذه الآلام.. ولذلك فإن الحصول على قسط كافٍ من النوم والحرص على اتباع نظام غذائي متوازن مع تناول كمية كافية من السوائل تعتبر من العوامل المهمة لتجنب آلام الصداع.

ومن الأمور المهمة أيضاً في النظام الغذائي أن يشتمل على مواد غذائية ذات مؤشر منخفض لنسبة السكر في الدم. وتحتوي مثل هذه الأطعمة على ما يُعرف باسم الكربوهيدرات البطيئة، ويقول الدكتور بيني باناكال :''يتم هضم وامتصاص هذه المواد الغذائية ببطء، وهو الأمر الذي يُحافظ على ثبات مستوى السكر في الدم لفترة أطول''. وينطبق هذا القول على معظم أصناف الفاكهة والأطعمة التي تحتوي على الألياف الغذائية مثل الحبوب، وعلى العكس من ذلك تعمل الحلويات والأطعمة المُحلاة بشدة على ارتفاع نسبة السكر في الدم بسرعة وبشكل مفاجئ ثم انخفاضه مرة أخرى، وبالتالي فهى غير مناسبة خلال شهر الصيام.

وبالإضافة إلى ذلك هناك بعض الطرق البسيطة التي تساعد على تجنب آلام الصداع؛ حيث تقول خبيرة التغذية ريم السعدي :''ينبغي على المرء مثلاً عدم التعرض لأشعة الشمس المباشرة، مع ضرورة ارتداء قبعة ونظارة شمسية عند الخروج في الهواء الطلق''، لأن الإبهار، الذي تسببه الشمس، يمكن أن يعزز من آلام الصداع. وينطبق نفس الأمر على العضلات المشدودة والمتوترة، والتي يمكن أن تنعم بالاسترخاء بصورة أفضل من خلال تدليكها لفترة قصيرة.

وأوضح استشاري أمراض القلب أنه ينبغي على المرء التوجه إلى طبيب إذا لم تختف آلام الصداع بالرغم من اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة. وحتى مع الأشخاص، الذين يعانون من آلام صداع مزمنة، فإن الدكتور بيني باناكال ينصح بضرورة استشارة أحد الأطباء قبل بداية شهر الصيام، لأنه يمكن أن يصف للمريض بعض الأدوية يتم تناولها أثناء الليل، والتي تعمل على التخفيف من الآلام. وأضافت خبيرة التغذية ريم السعدي أن هذه الأدوية، مثل الباراسيتامول، يتم استخدامها كمسكنات وقائية أيضاً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/آب/2011 - 8/رمضان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م