الأذكياء في زمن الجذب هم الفائزون، فإذا مرت سحابة مثقلة بالغيث
والمطر، رأيت عقولهم تشحذ لاغتنام الفرص قبل رحيل ذلك الغيث والسحاب،
فكلما كان الوعاء كبيراً والحماسة في أوجها كان الربح من تلك الضيافة
وفيراً ومغرياً، وهل بعد ضيافة الله من ضيافة؟!
يقول (صلى الله عليه وآله وسلم) واصفا شهر رمضان: (هو شهر دعيتم
فيه إلى ضيافة الله)، فالبعض يدخل من باب الضيافة ويخرج منه كما دخل،
والبعض يقلب الفنجان دون أن يشرب، وبعضهم ينسى حمل الفنجان؛ فيأخذ
بالتسكع هنا وهناك، وقد سحرته الأضواء وأغرت عيونه خلاخل الشياطين
المقيدة !!، فهو سارح في سبات عميق وإن شاهده الجميع مفتوح العينين؛
لكونه لا يعرف ما تلك الضيافة؟!، وأين يذهب؟! وماذا يفعل؟!، بل قد يجهل
أنه في مائدة ضيافة أكرم الأكرمين، فهو يسمع أن (النوم في هذا الشهر
عبادة) فيطيل نومه، ويكون أسير فراشه الوثير، حالماً بالحور العين وما
لذ وطاب من أحلام الحالمين، أو أنه يسمع أن (الأنفاس في هذا الشهر
تسبيح) فيملأ رئتيه بأطنان الشهيق ويفرغها بالزفير دون معنى كالمجانين
البلهاء.
أنه الشقاء الذي يحذرنا منه الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله
وسلم) حينما نُحرم المغفرة ونفقد الجادة في أهم شهر يطالعنا في هذا
العام، وهذا يدلل على أن من أولويات مكاسب هذه المأدبة نيل المغفرة،
وهي قريبة المنال في هذا الشهر أكثر من غيرها من الأوقات والشهور، إذ
يقول (صلى الله عليه وآله وسلم): (فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا
الشهر العظيم)..
في هذا الشهر عراقيل كثيرة تصدنا عن نيل تلك الضيافة، لم يكن الباري
قد وضعها بل هو من قيد عفاريت الجن والأباليس في هذا الشهر، إلا أننا
أطلقنا للشياطين السراح وفتحنا أقفال القيود والأقفاص وبلعنا المفاتيح
باختيارنا، يقول (صلى الله عليه وآله): (والشياطين مغلولة، فاسألوا
ربكم أن لا يسلطها عليكم)، إلا أننا غرقنا في الشهوات وطابت لنا
المحارم، وبذلك كسرنا قيود الشيطان بفؤوس إرادتنا ليرقص فوق جماجمنا
فرحين، فأوصدنا أبواب الجنان المفتحة، وفتحنا أبواب النيران المغلقة
على أنفسنا، وكان من الحري بنا أن يكون لنا عزم إرادة لقطف الخيرات من
شهر الصيام، ومن خطبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لاستقبال
شهر رمضان المبارك، نستلهم هذا البرامج العملي الذي يعرفه كل من يقرأ
الخطبة بعيون تعشق التطبيق، ويحلوا لها كسب القطاف، ليرى أن أبرز ما
فيها:
1- الصيام الحقيقي (كمن صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش).
2- تلاوة القرآن الكريم حق تلاوته.
3- تذكر جوع وعطش الآخرة.
4- الصدقة للمستحقين (فقراء، مساكين، أيتام).
5- صيانة العلاقات (توقير الكبير، رحمة الصغير، صلة الرحم).
6- حفظ الجوارح عن المحرمات (اللسان، البصر، الاستماع).
7- الورع عن محارم الله والتوبة النصوح.
8- الدعاء ورفع اليدين (خاصة في أوقات الصلوات).
9- إفطار الصائمين ولو بالقليل (شق تمرة، شربة ماء).
10- تحسين الأخلاق والتخفيف عما ملكت اليمين.
11- كف الشر عن الآخرين.
12- الإكثار من (الصلاة والاستغفار و السجود والصلاة على النبي
وآله).
ahzaid.maktoobblog.com |