شبكة النبأ: في بلد يتعافى ببطء من
تداعيات الحرب والعقوبات الاقتصادية يعمل مصنع لتجميع السيارات مملوك
للدولة كخلية نحل. ويتحرك العمال بنشاط وهم يركبون اطارات ومصدات
للشاحنات. ويقع المصنع المترامي الاطراف في بلدة الاسكندرية على بعد 40
كيلومترا جنوبي بغداد ويمتلئ بسيارات جديدة.
وللمصنع عقود مع سكانيا ومرسيدس بنز ورينو وله اتفاقات أيضا مع
الصين وايران اذ يستورد مكونات السيارات من البلدين لتجميعها في العراق
حيث تلقى سيارات شيري الصينية وتويوتا وبي.ام.دبليو رواجا كبيرا.
ومن المتوقع خلال عشر سنوات أن ينتج العراق المكونات الكبيرة والهدف
هو صناعة سيارة عراقية بالكامل في نهاية المطاف.
لكن معظم المصانع المتقادمة في العراق مازالت متوقفة عن العمل بعد
أكثر من ثماني سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة. وتعرضت بعض
تلك المصانع للنهب بينما يقع بعضها في مناطق مازالت تعتبر غير امنة.
بحسب رويترز.
ومما يعوق التعافي أيضا ارتفاع تكاليف الكهرباء والاهمال وأعداد
العمال الضخمة الذين لا يمكن تسريحهم في المصانع الحكومية وغياب
الاستثمار وتدفق المنتجات الرخيصة المستوردة.
وبحسب البنك المركزي يساهم القطاع الصناعي في العراق بما لا يزيد
على اثنين بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي. وحاول العراق تنشيط
القطاع فضخ ملياري دولار خلال السنوات الثلاث الماضية في بعض مصانعه
البالغ عددها 260 مصنعا تملكها 76 شركة.
وقال عادل كريم وكيل وزير الصناعة لشؤون الاستثمار "كثير من مصانعنا
كانت خاسرة .. الان بدأت ثماني شركات تكون رابحة وبنهاية العام نأمل أن
نصل الى عشرين شركة."
وظلت الشركة العامة لصناعة السيارات التي أنشئت في 1976 متوقفة عن
العمل في الفترة من 1991 الى 2005 حتى ساعدتها مجموعة من العقود على
استئناف العمل في المصنع.
ووقعت الشركة في 2008 عقدا قيمته 42 مليون دولار مع سكانيا السويدية
المملوكة لفولكسفاجن لتجميع 500 شاحنة وأبرمت عقودا مع مرسيدس بنز
الالمانية ورينو الفرنسية لتجميع المركبات ولاسيما الشاحنات.
وفي مايو أيار فازت الشركة بعقد اخر من سكانيا لتجميع خمسة الاف
شاحنة وحافلة على مدى خمس سنوات وتستهدف انتاجا سنويا قدره 800 مركبة.
وبموجب الاتفاق يتعين على العراق تصنيع بعض المكونات مثل الاطارات
والبطاريات داخل البلاد.
وقال عدنان رزين المدير العام للشركة العامة للسيارات "لحد عام 2010
كانت الشركة خاسرة ومبيعاتنا لحد شهر يونيو من عام 2010 لم تتعد 500
مليون دينار في الشهر. وصلنا في الوقت الحاضر في الشهر الاخير أي الشهر
الخامس الى 8.5 مليار.
"خلال عشر سنوات سنكون قادرين على تصنيع أجزاء كبيرة من الشاحنة في
العراق وهذا تخطيطنا وأمنيتنا بأن تكون هناك شاحنة عراقية 100 في
المئة."
وقال كريم ان احدى أكبر المشكلات التي تواجه الوزارة هي العمالة
الزائدة في المصانع. وبسبب السياسات الاقتصادية المركزية التي بدأت قبل
عقود أصبحت الحكومة أكبر جهة توظيف في العراق ومن الصعب أن تسرح العمال
مما يجعل الشركات الحكومية تعاني من العمالة الزائدة.
وقد بدأت الشركة العامة للسيارات أخيرا الاستفادة من كل عامليها هذا
العام. ففي 2010 كان 1500 من عمالها الذين يتلقون رواتب والبالغ عددهم
3700 هم عمالة زائدة بلا عمل.
وكذلك الحال في الشركة العامة للصناعات الجلدية التي لا تحتاج سوى
2400 من عمالها البالغ عددهم 4170. لكن خلافا لشركة السيارات تواجه
شركة الصناعات الجلدية التي أنشئت في 1936 صعوبة في الوقوف على قدميها
مجددا.
وقال سعدي المالكي معاون المدير العام للشركة العامة للصناعات
الجلدية "نحتاج استثمارا ونحتاج الى تمويل من الدولة ونحتاج الى تدريب
كوادرنا ونحتاج الى حماية المنتج المحلي."
وقال المالكي ان الشركة تورد معظم انتاجها من الاحذية والحقائب
والمعاطف الى وزارتي الداخلية والدفاع العراقيتين ولا يصل الى السوق
المحلية الا خمسة بالمئة. وأضاف أن العراقيين يفضلون عادة الاحذية
والملابس الصينية أو التركية وليس المنتجات المصنوعة في العراق.
وقال كريم ان الخصخصة هي احدى وسائل جذب الاستثمارات الجديدة لكنها
أيضا تواجه عقبة العمالة الزائدة.
وأضاف "المستثمر سوف يستغني عن الاعداد الهائلة (من العاملين) ويمكن
أن يبقي عشرة الى 20 في المئة من الموجودين لانه يريد أن يعمل بطريقة
اقتصادية وهذا من غير الممكن تنفيذه الان لان نتائجة السلبية ستكون
كارثية على الدولة."
وقال كريم انه بسبب ذلك يحاول العراق استغلال امكانات صناعته من
خلال عقود المشروعات المشتركة مع الشركات الاجنبية والمحلية.
زيادة ميزانية الاستثمار
من جهته قال وزير التخطيط العراقي ان العراق يطمح الى رفع ميزانيته
الاستثمارية لعام 2012 لما يصل الى 60 تريليون دينار عراقي (51 مليار
دولار) لضخ أموال في مشروعات جديدة.
وعانى العراق من شح الاستثمارات خلال سنوات من الصراع بفعل الغزو
الذي قادته الولايات المتحدة للاطاحة بصدام حسين اضافة الى تباطؤ عملية
اعادة البناء.
وقال وزير التخطيط علي الشكري في مقابلة مع رويترز ان حجم ميزانية
الاستثمار المطروحة حاليا 40 تريليون دينار لكن هناك محاولة لزيادتها
الى 55 تريليون دينار على الاقل أو الى 60 تريليون دينار.
وقال وزير المالية العراقي رافع العيساوي في مايو ايار ان ميزانية
2012 ستخصص 40 تريليون دينار (34 مليار دولار) للمشروعات الاستثمارية
بينما يخصص باقي الميزانية المقترحة وقوامها 115 تريليون دينار للانفاق
الحكومي.
وقال الشكري ان التغيير المقترح يتطلب موافقة مجلس الوزراء
والبرلمان. وأرسل وزير المالية ميزانية الاستثمار لمجلس الوزراء
للمناقشة وقال انها ليست كافية لتمويل المشروعات القائمة أو اطلاق
مشروعات جديدة.
وتخصص ميزانية 2011 التي تمت الموافقة عليها في فبراير شباط 25.7
مليار دولار للاستثمار.
وقال الشكري ان حكومته تريد زيادة تلك الميزانية لتمويل المشروعات
القائمة وخلق مشروعات جديدة حيث يتمثل هدفها في زيادة ميزانية
الاستثمار أربعة الى خمسة في المئة سنويا.
ويشكل عجز الميزانية تحديا أمام قدرة العراق على اعادة البناء.
وأعلن العراق عن مشروعات ضخمة لبناء مئات الالاف من المنازل الجديدة
وزيادة توليد الطاقة الكهربائية.
ولا يزال الاقتصاد العراقي منفصلا بدرجة كبيرة عن النظام المالي
العالمي ويهيمن عليه النفط حيث تشكل الصادرات النفطية ما يزيد عن 95 في
المئة من الايرادات الحكومية. |