تفاهمات ايران والسعودية... سحب للبساط من تحت الاقدام الامريكية

تحليلات: المنامة في مقابل دمشق... برعاية بريطانية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يبدو ان الانظمة الخليجية والنظام الايراني توصلا اخيرا الى نقطة لقاء مشتركة تؤمن مصالح جميع الفرقاء التي تتهددها رياح التغيير في المنطقة، خصوصا بما يتعلق بالقطيعة والصراع السعودي الايراني المستمر منذ سنوات.

حيث باتت تلك الدولتين على الرغم من العداء شبه المعلن اكثر تفاهما وتناغما عما سبق، وان كانت تلك التفاهمات قد جاءت على حساب شعوب المنطقة بحسب المراقبين.

فتشير التسريبات السياسية الى تفاهم سعودي ايراني متبادل وبرعاية بريطانية خالصة لدعم كل من النظام البحريني والنظام السوري للسيطرة على الاحتجاجات المندلعة منذ شهور والحد من تأجيج الصراعات السياسية، تمهيدا لاستتباب الاوضاع.

فيما برزت في تلك التفاهمات الاخيرة تهميش الولايات المتحدة بشكل ملحوظ من المشاركة فيها او ابداء المشورة والنصح، مما قد يمهد لوضع سياسي جديد خصوصا مع اقتراب موعد اجلاء القوات الامريكية من العراق.

فهل نجحت ايران اخيرا في تحييد واشنطن من معادلات المنطقة السياسية؟ سيما انها نجحت بشكل بارز في سحب البساط من تحت ارجل امريكا في باكستان، وهل ستكون بريطانيا الاعب الدولي الجديد في المنطقة؟

مفاوضات سعودية إيرانية بلا أميركا

فقد كتب سركيس نعوم في النهار اللبنانية مقالا تحت عنوان " مفاوضات سعودية - ايرانية بلا أميركا" جاء فيه: أثارت أخبار الانسحاب الجزئي للقوات السعودية، او بالأحرى لقوات "درع الجزيرة" من البحرين قبل اسابيع، فضولاً واسعاً في العالم العربي الذي كانت غالبيته تخاف على البحرين من الغالبية الشيعية فيها ومن حليفتها ايران الاسلامية، كما اثارت تساؤلات عن اسباب هذه الخطوة ودوافعها. وقد أشبعت جهات ديبلوماسية وأخرى بحثية اميركية الفضول المذكور والتساؤلات، وذلك بعد حصولها على معلومات اكدت ان اجتماعات خمسة رسمية عقدت في الاسابيع الاخيرة بين طهران والرياض.

وقد مثّل الاولى فيها نائب وزير الخارجية الايراني، في حين مثّل الثانية نائب وزير الخارجية السعودي. واشارت المعلومات نفسها الى ان القيادة الايرانية حاولت اجتذاب الكويت الى طاولة البحث هذه، لكنها فشلت لأن السعودية أرادت ان تكون المحاور باسم مجلس التعاون الخليجي انطلاقاً من اقتناع بأن ايران اعتمدت دائماً سياسة التعاون مع اكثر من طرف بغية اثارة نوع من الخلافات بينهم قد تسمح لها بتحقيق اختراقات عدة تؤمن مصالحها.

وابرز مثال على ذلك كان التفاوض الدولي مع ايران حول ملفها النووي، اذ حاولت اثناءه زرع شقاق داخل مجموعة الـ 5 +1 كما بين هذه المجموعة ودول اخرى مهمة مثل تركيا والبرازيل.

هل أعلمت المملكة العربية السعودية حليفتها الأولى في العالم الولايات المتحدة بنيتها التفاوض المباشر مع ايران ومن دون شريك؟ ولماذا فعلت ذلك؟

تفيد معلومات الجهات الديبلوماسية والبحثية الاميركية اياها ان المسؤولين الكبار في السعودية على اطلاع تام على كل الاتصالات الدائرة منذ مدة بين واشنطن وطهران. وتفيد ايضاً انهم على اطلاع على التعاون الميداني القائم بينهما وإن جزئياً، وخصوصا في العراق وافغانستان. وتفيد ثالثاً أن واشنطن تسعى، ومنذ مدة، الى الحصول على موافقة عراقية رسمية على ملحق لاتفاق انسحاب القوات الاميركية من العراق، يجيز لها ابقاء قرابة عشرة آلاف جندي في العراق، وانها تعرف ان ذلك سيكون صعباً، نظراً الى العلاقات الجيدة بين "الحاكمين" الفعليين في العراق وحليفتهم ايران. كما تعرف ان عدم رضى ايران عن البقاء المذكور لا بد ان يكون حافزاً لقيام تشكيلات عراقية عدة بالاعتداء على القوة الاميركية، كما على مصالح اميركا ورعاياها المدنيين. وتفيد رابعاً أن قبول اميركا بدور نافذ ومهم لايران في العراق احتمال وارد لأسباب كثيرة ومتنوعة. وتفيد خامساً ان السعودية قالت لنفسها: اذا كان الاميركيون يتحاشون ادخال السعوديين معهم في مفاوضات مع ايران رغم ان خطرها، على الخليج عموماً وعلى السعودية خصوصاً، كبير جداً، فلماذا يفترض في السعوديين أن ينسّقوا مع اميركا مفاوضاتهم مع الايرانيين؟ وتفيد سادساً ان هذا التساؤل نابع في رأي الرياض من حقيقة ان الولايات المتحدة لا تملك استراتيجيا واضحة لمنع ايران من ملء الفراغ الامني والعسكري في العراق بعد انسحاب قواتها منه. كما انها لا تملك القدرة لتنفيذ هذا المنع. وتفيد سابعاً ان السعودية ليست متأكدة أن اميركا ستكون قادرة على تقديم الدعم اليها في مواجهة ايران اذا حصلت هذه المواجهة. وتفيد ثامناً أن السعودية تخشى ان يجعلها اي اتفاق اميركي – ايراني عرضة للعطب. بحسب القدس.

ما هو الأثر الذي ستتركه المفاوضات السعودية – الايرانية على اميركا في حال استؤنفت؟ الجهات الديبلوماسية والبحثية الاميركية نفسها تجيب بأن من شأنها وضع الادارة الاميركية في موقف صعب ودقيق، ذلك أن واشنطن تحتاج، وهي تفاوض ايران، الى بناء فاعليتها ونفوذها وقوتها في العراق. واي مفاوضات مباشرة، وثنائية بين السعودية وايران قد تلحق ضرراً بالغاً بذلك. فضلاً عن ان واشنطن لا يمكن ان تكون متأكدة من الاتجاه الذي ستسلكه المفاوضات المذكورة، علماً ان الاخيرة قد تحقق نوعاً من الهدوء في البحرين. ولكن ماذا يكون رد الفعل الاميركي اذا توسعت المفاوضات بين طهران والرياض وشملت اخراج الاسطول الخامس الاميركي من البحرين في مقابل ضمانات ايرانية ثابتة واكيدة للأمن في السعودية؟ طبعاً يأمل المسؤولون السعوديون أن يدفع ذلك كله "البيت الابيض" في واشنطن الى التزام بناء قوة مواجهة وصدٍّ مع ايران، الامر الذي يمنعهم من التوصل الى تسوية موفقة مع ايران. الا ان المشكلة الحقيقية هي ان اميركا تجد نفسها في موقع حرج نظراً الى ان يد ايران "طايلة" اكثر من يدها.

منابر الجمعة

وفيما تتواصل التصريحات والإشارات الإيجابية هذه الأيام ما بين طهران والرياض التي كان آخرها ماصرح به المتحدث باسم الخارجية الإيرانية من ان بلاده تتطلع لتنمية علاقاتها مع دول المنطقة وعلى رأسها السعودية وإزالة سوء الفهم معها وتأكيده على ان إيران والسعودية تشكلان ثقلاً كبيراً في المنطقة وبإمكانهما ان يحققا الكثير من مشاريع التعاون التجارية والاقتصادية الى جانب المساهمة في دعم الأمن والاستقرار بالمنطقة، أعلن السفير الإيراني لدى الرياض محمد جواد رسولي لصحيفة الوطن السعودية عدم ممانعة طهران في فتح منشآتها النووية أمام الخبراء السعوديين لتوضيح حقيقة برنامجها النووي، مؤكداً ان بلاده لا تسعى للحصول على السلاح النووي، مشيراً الى ان هناك دولاً تسعى لتصوير الأمور على غير حقيقتها لتعميق الخلافات بين إيران وجيرانها حتى تحقق اطماعها في المنطقة وثرواتها.

وأوضح رسولي ان حكومته لاتتحمل مسؤولية ما يصرح به البعض في منابر الجمعة وخطبهم الخاصة، مؤكداً على انها لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن سياسة الحكومة الإيرانية ونظرتها الى السعودية ومكانتها السياسية والاقتصادية والعقدية في العالم عموماً والعالم الإسلامي خصوصاً.

وأكد رسولي في تصريحات له على ضرورة العمل من اجل تطبيق رسالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة أبوظبي التي شدد فيها على أهمية التعامل بوضوح مع الملف الإيراني لتبديد الصورة الضبابية وإنهاء الخلافات من خلال الحوار لما فيه مصلحة الأمة الإسلامية.

باكستان وإيران تصبحان حليفتين طبيعيتين!

الى ذلك لقد كانت مشاركة الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري في المؤتمر الذي عُقد في طهران حول الإرهاب، في 25 يونيو، ودام يومين، مليئة بالرموز السياسية، فقد دلّت بوضوح على استياء باكستان من الولايات المتحدة، لكن تحمل عودة زرداري إلى طهران، بعد ثلاثة أسابيع فقط، للقيام بزيارة ثانية يوم السبت، معنى "التحدي الاستراتيجي" في وجه الولايات المتحدة.

كذلك، للمرة الثانية خلال ثلاثة أسابيع، استقبل القائد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، الرئيس زرداري، ما يشير إلى الأهمية الكبرى التي توليها طهران تجاه المؤشرات المتزايدة على حصول تحول في السياسة الإقليمية الباكستانية.

اعتمدت المملكة العربية السعودية مقاربة دبلوماسية مع باكستان لردع زرداري عن حضور مؤتمر طهران في شهر يونيو، وللمرة الثانية، جددت الرياض، يوم الجمعة، التعبير عن مخاوفها من التقارب الباكستاني الإيراني، فاتصل السفير السعودي في باكستان، عبد العزيز الغدير، بالرئيس زرداري في إسلام أباد عشية مغادرته إلى طهران.

لا شك أن الرياض تشعر بقلق متزايد من حصول أي تحول في ميزان القوى في منطقة الخليج العربي نتيجة تعزيز التقارب بين طهران وإسلام أباد، وينفي هذا التضامن بين إيران وباكستان الفرضية السعودية القائلة إن الشرخ بين الشيعة والسنّة هو الموضوع الأبرز الذي يطغى على سياسة الشرق الأوسط.

شددت وزارة الخارجية الباكستانية، في أحد التصريحات الرسمية، على أن زيارة زرداري حصلت في إطار "متابعة الاستشارات والتعاون والتنسيق" بين إسلام أباد والدول الإقليمية في ما يخص إرساء السلام والاستقرار في المنطقة، وتحديداً في أفغانستان. تولي باكستان أهمية خاصة إلى الجهود المشتركة التي تبذلها الدول المجاورة بهدف إرساء السلام في أفغانستان وعكس تيار الإرهاب الذي يجتاح المنطقة.

لكن حملت التقارير الإيرانية انطباعاً بأن قضايا التعاون الاقتصادي هي التي طغت على محادثات زرداري مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي قابله مرتين خلال زيارته التي دامت يوماً واحداً إلى طهران. ما يثير الفضول هو أن شأن أفغانستان لم يُذكر مطلقاً في المحادثات التي جرت في طهران مع أن وسائل الإعلام الباكستانية اقتبست كلام كبار المسؤولين في إسلام أباد، وهم أعلنوا أن الموضوع الأساسي الذي تمحورت حوله المحادثات كان يتعلق بأفغانستان، وتحديداً انسحاب القوات الأميركية وإنشاء قواعد عسكرية أميركية في أفغانستان.

لكن بقيت التقارير الإيرانية متكتمة على ما حدث، ما يشير إلى أن المحادثات تطرقت إلى قضايا حساسة للغاية تتعلق بالتعاون بين الطرفين، لكن لم يشأ أي منهما الإفصاح عنها علناً، ولا شك أن القضايا الأمنية كانت ضمن مواضيع النقاش الأساسية أيضاً.

رافق وزير الداخلية الباكستاني رحمن مالك الرئيس زرداري للمرة الثانية خلال زيارته إلى طهران، ووافق زرداري وأحمدي نجاد على تبني "مقاربة إقليمية" لمواجهة تحديات العنف والإرهاب. اقترح زرداري إنشاء نظام مشترك لإدارة الحدود ووضع آلية ثلاثية تشمل باكستان وإيران وأفغانستان لمحاربة تهريب المخدرات.

بعد يوم على عودة زرداري من طهران، زعم مالك ضبط أسلحة إسرائيلية الصنع في كراتشي، أكبر مدينة باكستانية تجتاحها أعمال العنف في الأسابيع الأخيرة. فقال: "تصل الأسلحة إلى كراتشي من الخارج"، وأضاف أن القتلة أيضاً يتوافدون من الخارج. من الواضح أن الاستخبارات الإيرانية ناشطة جداً في كراتشي التي شهدت صراعاً طائفياً على مر السنين.

أخبر زرداري أحمدي نجاد بأن باكستان تعتبر إيران "صديقة مهمة ولاعبة أساسية في المنطقة". يتضح هذا التقارب المتزايد بين القيادتين في السجلات الإيرانية الخاصة التي تشير إلى اتصال زرداري بخامنئي. بالغ القائد الأعلى في مدح "الأمة الباكستانية"- "تلك الأمة العظيمة المعروفة بخلفية قديمة وعميقة من الصراعات"، "تلك الأمة التي تؤمن بالإسلام"- وتشعر إيران بالسرور بازدهارها ونجاحها.

أخبر خامنئي زرداري بأن "العدو الحقيقي" للشعب الباكستاني ووحدته الوطنية هو الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، وما يثير الاهتمام هو أن زرداري رد على ذلك التعليق قائلاً إن باكستان تعتبر إيران "نموذجاً للمقاومة وإحراز التقدم".

ذكرت المصادر الباكستانية أن خامنئي وزرداري ناقشا "تطور الوضع في أفغانستان، مع الإشارة إلى الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية". وأضافت المصادر نفسها أن زرداري عدّد النقاط الآتية أمام القيادة الإيرانية:

• كانت باكستان تدعم جهود الرئيس الأفغاني حامد كرزاي لتحقيق المصالحة وإرساء السلام.

• تفضل باكستان تنفيذ عملية سلام "بقيادة أفغانستان وبجهدها الخاص".

• باكستان مستعدة لتقديم المساعدة في مجال "بناء إمكانات" المؤسسات الأفغانية.

• يجب ألا تتحول أفغانستان إلى ساحة حروب بالنيابة عن أطراف خارجية أو صراعات أهلية بعد مغادرة القوات الغربية.

• لدى باكستان وإيران "مصالح حيوية" في إرساء الاستقرار والسلام في أفغانستان.

من الناحية الاقتصادية، اقترح زرداري إبرام اتفاق تجارة حرة بين البلدين وفرض تدابير لتبادل العملات لتمكينهما من استعمال العملتين الوطنيتين لإجراء صفقات تجارية ثنائية. إنها مجرد أفكار مطروحة، لكن يبدو أن النتيجة الملموسة الوحيدة التي تم التوصل إليها تتعلق بمشروع بناء خط أنابيب الغاز بين إيران وباكستان، ومن الواضح أن البلدين يحرصان على تسريع تنفيذه.

طمأن أحمدي نجاد زرداري إلى أن إيران ستنهي على الأرجح بناء خط الأنابيب على الحدود الباكستانية بنهاية عام 2012. لكن المشكلة تكمن في واقع أن باكستان لم تبدأ بعد بعملية البناء على جهتها من الحدود. بدأت عملية المسح لتنفيذ المشروع في شهر يونيو ولن تنطلق عمليات البناء على الأرجح قبل بداية السنة المقبلة.

في المبدأ، سيكون خط أنابيب الغاز مفيداً جداً بالنسبة إلى باكستان كونه سيوفر على الأقل ربع حاجاتها من مصادر الطاقة، ويشير البعض إلى أن المشروع سيوفر حتى 50% من حاجاتها. قد يساهم المشروع في تعزيز العلاقة الإيرانية الباكستانية ورفعها من مستوى الخطابات والمبالغات الشفهية إلى مستوى الخطط الاستراتيجية الملموسة.

هكذا نجحت باكستان في تجاهل الاعتراضات الأميركية على مشروع خط الأنابيب، وهي تتابع السير بمخططها. بحلول عام 2015 تقريباً، من المتوقع أن يتدفق الغاز الإيراني إلى باكستان.

إذن يشكل هذا المشروع إشارة واضحة على الروابط الاستراتيجية التي تجمع إيران وباكستان. بدأت هذه الروابط تتعزز تدريجاً وبكل ثبات، وهي تضمن المصالح المشتركة للبلدين، وبالنسبة إلى إيران، تُعتبر باكستان "جائزة" لها كونها دولة مسلمة سنّية، وحليفة تقليدية للمملكة العربية السعودية، ودولة مجاورة يزداد عداؤها للولايات المتحدة. سيكون التعاون الأمني الوثيق مع باكستان مفيداً جداً لطمس بقايا منظمة "جند الله" الإرهابية والمناهضة لإيران والناشطة في محافظة سيستان وبلوشستان.

بالنسبة إلى باكستان التي تتعرض لضغوط متزايدة من الولايات المتحدة، ستتحول إيران إلى "حليف طبيعي" في هذه المرحلة، فعملياً، سيكون تشارك المعلومات الاستخبارية مع إيران مفيداً لباكستان من أجل مراقبة أو قمع أي نشاطات أميركية سرية على الأراضي الباكستانية.

لكن على الرغم من اختلاف مصالح إيران وباكستان تقليدياً في ما يخص المشكلة الأفغانية، يبدو أن البلدين يتشاركان المخاوف نفسها. لم تعد إيران تحمل مشاعر البغض التي كانت تكنها خلال التسعينيات تجاه حركة طالبان باعتبارها كياناً وهابياً.

لقد تغيرت معالم حركة "طالبان" فعلاً خلال العقد الماضي وأصبح ممكناً أن تنظر إليها طهران كحركة مقاومة وطنية، ومن مصلحة إيران أن تبقى "طالبان" صارمة في رفضها للاحتلال الأميركي في أفغانستان وأن تتمسك بموقفها المتشدد الذي يرفض بقاء أي قاعدة عسكرية أميركية.

كذلك، أصبح زعيم المقاومة قلب الدين حكمتيار صديقاً مشتركاً لإيران وباكستان معاً، والأهم من ذلك هو أن المصالح الإيرانية في أفغانستان تغيرت أيضاً، فقد تدرجت من مخاوف تاريخية تنحصر بمشكلة جماعة الهزارة الشيعية لتطول القضايا الجيوسياسية الأكبر التي سببها الغزو الأميركي لأفغانستان وأثرت في المصالح الأمنية الوطنية الإيرانية، إذ تجد إيران نفسها على الموجة نفسها مع باكستان في المرحلة الأخيرة.

تفضل إيران وباكستان تطبيق عملية سلام في أفغانستان بقيادة كرزاي- وهما بموقع يخولهما التأثير في الوضع- بدل عقد تسوية بحسب الشروط الأميركية. كذلك، لا يحبذ البلدان بقاء القواعد العسكرية الأميركية في أفغانستان، لكن إيران ستبقى حذرة في مواقفها حتى تتأكد كلياً من أن التحول في السياسة الباكستانية ليس مجرد تكتيك بهدف الضغط على الولايات المتحدة وإجبارها على التفاوض.

لكن لا يمكن أن تتوهم إيران بأن تنحاز إسلام أباد علناً إلى طهران في خصومتها الإقليمية مع المملكة العربية السعودية نظراً إلى روابط باكستان السياسية والاقتصادية الوثيقة مع السعوديين. ويبدو أن طهران لا تريد إثارة قلق المملكة العربية السعودية بشكل واضح.

ربما يفسر ذلك سياسة ضبط النفس غير المعهودة التي طبعت المشهد الإيراني خلال زيارة زرداري إلى طهران، بينما كان الدور ملائما لباكستان كي تدلي بتصريحات مبالغ فيها وتضفي أهمية إعلامية لهذه الزيارة حتى تبدو خطوة مصيرية كبرى!

نظرة سلبية تجاه إيران لدى غالبية العرب

في سياق متصل أظهر استطلاع اجراه الباحث جيمس زغبي رئيس مؤسسة المعهد العربي الأمريكي الى وجود نظرة سلبية ومخاوف تجاه ايران منتشرة بشكل واسع النطاق بين العرب، مع استثناء وحيد هو لبنان على خلفية تركيبته الطائفية والسياسية.

وشمل الاستطلاع الذي اجري في يونيو الماضي اكثر من اربعة الاف عربي في كل من المغرب ومصر والسعودية ولبنان والاردن اضافة الى الامارات الذي شمل فيها الاستطلاع العرب الوافدين ايضا، لكنه لم يشمل دولا بارزة على تماس مع الدور الايراني مثل سورية والبحرين.

واظهر الاستطلاع ان %89 ممن شملهم الاستطلاع في الامارات يرون ان الدور الايراني سلبي في العراق وسلبي في البحرين (%82) وسلبي في الخليج عموما (%83)، فيما اعتبر %100 ممن شملهم الاستطلاع في السعودية ان الدور الايراني سلبي في البحرين، وكانت النسبة %81 بالنسبة للتاثير الايراني في العراق، و%84 لهذا التاثير في الخليج.

ورأى %61 ممن شملهم الاستطلاع في مصر ان الدور الايراني سلبي في العراق. الا ان %70 من اللبنانيين المشمولين في الاستطلاع يرون ان الدور الايراني ايجابي في بلدهم فيما اشارت نسبة قليلة من المشمولين في الاستطلاع الى دور ايراني سلبي في دول عربية اخرى. بحسب فرانس برس.

ويرى %89 من الشيعة اللبنانيين المشمولين في الاستطلاع ان الدور الايراني ايجابي في بلادهم، مقابل %53 في صفوف السنة، %64 في صفوف المسيحيين.

لكن اللبنانيين يؤيدون بدرجة اقل بكثير الدور الايراني في مناطق عربية اخرى. وفي الادرن كانت الاراء ازاء سلبية التاثير الايراني اقل حدة من دول الخليج ومصر والمغرب. واظهر الاستطلاع تراجعا عاما في النظرة الايجابية تجاه ايران بشكل تدريجي منذ العام 2006.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 1/آب/2011 - 30/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م