أمريكا والطائرات بلا طيار... خفايا الحرب والقواعد السرية في العالم العربي

 

شبكة النبأ: نقلت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية عن مصادر لم تكشف عنها قولها ان وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية تستخدم الطائرات التي تعمل بلا طيار في مهمات يومية فوق اليمن.

وجاء في مقال اعده ثلاثة من محرري الصحيفة ان وكالة الاستخبارات الاميركية اقامت شبكة من القواعد السرية للطائرات التي تعمل بلا طيار داخل الدول العربية فيما يعتبر تصعيدا رئيسيا لحملتها ضد مقاتلي "القاعدة" في اليمن.

وقالت مصادر في الخليج ان الوكالة تعمل بكثافة على حدود اليمن، وتطلق الطائرات التي تعمل بلا طيار يوميا من قواعد في المملكة العربية السعودية وعُمان وجيبوتي والامارات العربية المتحدة.

وتعتبر هذه العمليات اكثر عمليات القصف كثافة حتى الان ضد تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية". وتقول الصحيفة ان الحلفاء العرب يقومون بتأجير التسهيلات للاميركيين، وبذا فان القواعد تمنح الوكالة الاميركية تغطية شاملة للفضاء الجوي للبلاد، بما يمكن الولايات المتحدة من القيام بعمليات قصف سريعة في الوقت الذي تختاره.

وقال احد مصادر الدفاع الخليجي ان "الطائرات الاميركية تستخدم القواعد في عُمان والسعودية والامارات. وقد تصاعدت عمليات القصف ضد "القاعدة" في اليمن وفي الصومال".

بينما قال مصدر امني خليجي اخر ان "هذه العمليات تجرى برعاية وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية. وهناك اهتمام كبير لنقل حصيلة اعمالها الى واشنطن في اعقاب اغتيال بن لادن".

ويتسبب وجود قوات تابعة لوكالة الاستخبارات فوق الاراضي العربية في خلاف واسع مع حكومات الدول المعنية التي تخشى هجمات انتقامية من الميليشيات وردا عدائيا من السكان المحليين.

وتدرك الدول المجاورة لليمن بان "القاعدة" تمثل اكثر المخاطر شدة بالنسبة لامنها. وازدادت مشاعر القلق عقب انهيار سلطة الدولة على الاقاليم اليمنية منذ اندلاع الاحتجاجات المناوئة للحكومة في شباط (فبراير).

وقد قامت الطائرات بموجات من الهجمات على مقار الارهابيين في شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) كما ورد في بيان اصدرته وكالة الاستخبارات التي يرأسها حاليا الجنرال ديفيد بتريوس الذي خلف ليون بانيتا نتيجة التعديل الذي اجراه الرئيس باراك اوباما على فريق الامن القومي. وقد عين بانيتا وزيرا للدفاع.

وقال بروس ريدل، وهو ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية وكان مستشارا لثلاثة من الرؤساء الاميركيين بمن فيهم اوباما، ان "القاعدة في شبه الجزيرة العربية انتقلت الى قمة قائمة التهديد التي تعدها الادارة، ومع تنامي الفوضى في انحاء اليمن فان القاعدة في شبه الجزيرة العربية لا تخضع لاي ضغط من الحكومة، وعليه فان الطائرات بلا طيار هي الوسيلة الوحيدة لعرقلة تقدمها وانشطتها".

ورغم ان البنتاغون احال طلبات التعليق على هذه الانباء الى وكالة الاستخبارات التي تتحكم بعمليات الطائرات الاميركية بلا طيار في المنطقة، فان الوكالة امتنعت عن التعليق، الا ان مصادر عسكرية اشارت الى ان هجمات تلك الطائرات في اليمن تنطلق من السفن الحربية الاميركية في بحر العرب ومن قواعد ارضية ايضا.

وأعربت مصادر خليجية في دولة الامارات عن اعتقادها ان الطائرات بلا طيار استخدمت القاعدة الجوية في ليوا التي تقع جنوب العاصمة ابوظبي منذ افتتاحها في كانون الثاني (يناير).

كما قال مصدر استخبارات خليجي كبير ان من المحتمل ان القاعدة التي تستخدم في السعودية هي قاعدة "خميس مشيت" في الجنوب الغربي. وكانت القاعدة تستخدم من قبل الطيران السعودي في عمليات القصف الجوي ضد الثوار الحوثيين في الربع الخالي القريب من الحدود اليمنية والذي تنقصه شروط الامن.

وفي عُمان، فان اكثر المواقع احتمالا هي جزيرة مسيرة او بلدة الثومريت النائية القريبة من الحدود. وقال مصدر كبير ان "لمسيرة قوائد كثيرة كونها جزيرة وفيها قاعدة جوية ممتازة ومأمونة".

كما انطلقت الطائرات بلا طيار من القاعدة الثابتة في كامب ليه مونيير في جيبوتي، في مواجهة رأس عدن. ويأتي تصاعد العمليات ضد القاعدة بعد أيام من ظهور معلومات عن الغارة التي فشلت في اغتيال انور العولقي، رجل الدين الاميركي المولد، وهو من قادة المجموعة في اليمن. وبناء على معلومات من الاستخبارات اليمنية، فان الطائرات الاميركية بلا طيار وطائرات "هارير" النفاثة اكتشفت شاحنة صغيرة تنقل العولقي في محافظة شبوه الجنوبية.

وكانت القاعدة قد جمعت قواتها في اليمن تحت قيادة العولقي وقامت بسلسلة من الهجمات ضد الولايات المتحدة.

وقد استهدفت هجمات الشهر الماضي ميلشيات "انصار الشريعة" الذين سيطروا على عدد من المدن الجنوبية. وقال مصدر بوزارة الدفاع ان "الطائرات الاميركية بلا طيار قامت بالقصف بشكل يومي في الجنوب منذ بداية حزيران (يونيو)"

وقد حلت هذه الطائرات محل الصواريخ العابرة للقارات كاسلوب مفضل للهجمات الاميركية لتحقيق مزيد من دقة القصف والرؤيا على الارض. وتقول "ذي تايمز" انها كشفت العام الماضي عن مقتل عدد من المدنيين اليمنيين بلغ خمسة اضعاف عدد الارهابيين لدى استخدام الصورايخ في قصف مواقع "القاعدة" في اليمن.

من باكستان الى ليبيا

الى ذلك تستخدم عبارة «خذ الكاب»، في وزارة الدفاع الاميركية لإغراء الخصوم كي يقبلوا بالحل الذي تقدمه لهم، خصوصا عندما لا يخدم مصالحهم كما ينبغي. وهذا التشبيه مأخوذ من التلويح بالرداء الاحمر امام الثور في مصارعة الثيران. وعلى الرغم من ان اللعبة النفسية المتمثلة في «الضرب والإبهار»، كانت ناجحة في الـ«بنتاغون» وسيلة للفوز بميزانيات الحروب، الا ان الجيش الاميركي بالمقابل لم يكن ناجحا بهذا القدر في هزيمة خصومه منذ امد بعيد، وهناك العديد من الامثلة على ذلك.

وبعبارة اخرى، فإن البعض يرى أن أوباما يعمل على تحويل الحرب في ليبيا إلى نسخة مما يجري في باكستان، أي مواصلة الاستراتيجية العسكرية التي تعتمد على هجمات الطائرات غير المأهولة لتدمير الاعداء المختبئين. والأمر المثير للذهول ان أوباما وافق على ذلك، على الرغم من أنه وقبل 12 يوما فقط، أوضح تقرير نشرته «لوس انجلوس تايمز» للكاتب ديفيد كلاود، وللمرة الثانية مدى سخافة ادعاءات كارترايت وغيتس. ويستحق تقرير كلاود الدراسة بعناية، لأنه مملوء بكل التشعبات التي لم يتم استكشافها بعد، وهي سيئة بمجملها. وباستخدام الكلمات الواقعية للاحاديث بين طاقم التحكم في الطائرة غير المأهولة، كشف ديفيد كلاود عن الاثار النفسية السيئة لما يعرف بالقصف الدقيق، وحرب التقنية، على الاميركيين المشاركين بها. ويظهر حوارهم العقيم، كيف ان فكرة حرب التقنية الدقيقة، التي تنفذ عن مسافة آمنة، تزيل مشاعر الاحساس من محاربينا وتجعلهم يتصرفون دون رحمة، فيقتلون دون شعور بالانسانية، ويدمرون الممتلكات دون اكتراث. وليس هناك أي شجاعة او ما يعرف بشرف الجندية أو روح التضحية بالنفس بين طاقم التحكم في الطائرة غير المأهولة، إذ يقبعون بعيدا في قاعدة كريش في ولاية نيفادا، وهم يقومون وببساطة بتشغيل آلات مجردة من الانسانية، وكان ذلك جليا في حواراتهم من خلال انعدام التقدير النفسي لأعدائهم، ولم يكن هناك حتى أي تلميح لمثل هذا التقدير. ولننظر على سبيل المثال على الخواء الانساني في الحوارات التالية، التي ذكرها كلاود:

ويشكل الافتقار الى الفضول للتحقق مما يجري في ذهن العدو مقارنة صارخة للتقدير النفسي الذكي للاعداء المحليين للبنتاغون (وهم في هذه الحالة الرئيس اوباما، وأسلافه من الرؤساء حتى نصل الى الرئيس كينيدي، إضافة إلى اعضاء من الكونغرس)، وكان ذلك الامر يحقق النجاح في معارك الحصول على الميزانية التي يريدها، ولاستخلاص المال اللازم من الشعب الاميركي.

و في حقيقة الامر فإن الجانب النفسي الاحادي من جانبنا فحسب ليس أمرا جديدا في عملياتنا العسكرية. بل انها كانت مسألة مركزية للاسلوب الاميركي في الحرب التقنية لوقت طويل، وفي واقع الامر فإن النظرية التي تقول ان العدو مجرد مجموعة مادية من الاهداف (أي مجموعة من العقد الحساسة والخالية من أي تفكير ذكي أو قوة معنوية)، التي يمكن التغلب عليها ببساطة عن طريق التحديد والتدمير المادي لهذه العقد، هو مبدأ استعلائي متبع منذ فترة، وأصبح اكثر تطرفا منذ تطوير تقنيات القصف الاستراتيجي النهاري الدقيق من قبل الجيش الاميركي في ثلاثينات القرن الماضي. وكانت هذه العقد في الحرب العالمية الثانية هي المعامل على سبيل المثال، وأما في باكستان فإن العقد المهمة هي أهداف قيادات «طالبان» و«القاعدة». أما في ليبيا فإن الله وحده هو الذي يعلم ما العقد المهمة في هذا التناقض الذي يطلق عليه الهجمات الانسانية، باستثناء قتل القذافي.

ضحايا محتملون

و‏تحاول الولايات المتحدة التقليل من خسائرها البشرية في حربها ضد «الإرهاب» من خلال استخدام تقنيات متطورة. وتعد الطائرات من دون طيار أهم الوسائل الحديثة المستخدمة في أفغانستان، ورغم الجدل حول هذه الطائرات وعدم دقتها في إصابة الأهداف، فإن وزارة الدفاع الأميركية مستمرة في تطوير هذه التقنية واستخدامها بشكل متزايد. إلا أن اللافت للانتباه أن من يقوم بتشغيل هذه المعدات هم من العسكريين الأميركيين الذين لم تطأ أقدامهم أرض المعارك أبداً.

يقوم «الطيارون عن بعد» بمهامهم القتالية انطلاقاً من قاعدة كريتش الجوية في ضواحي مدينة لاس فيغاس في ولاية نيفادا. ومن بين الضباط الذين أوكل إليهم هذا النوع من المهام، النقيب سام نيلسون، الذي يساعده زميله الرقيب جيم جوتشوم، ومن خلال قمرة قيادة بالغة التطور يقوم «الطياران» بقيادة الطائرات المجهزة بالقنابل والصواريخ الموجهة، على بعد 1200 كيلومتر، لضرب مواقع المسلحين من حركة طالبان. ويعتمد نيلسون وجوتشوم على البيانات التي توفرها القيادة الميدانية في أفغانستان، والحسابات «الدقيقة» التي تأتي من أقمار التجسس الأميركية.

يعتبر إدراج «الطيارين عن بعد» في الحروب المعاصرة ثورة حقيقية في هذا المجال، في الوقت الذي تعقد فيه القيادة العسكرية الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية آمالاً كبيرة عليهم لتغيير ملامح المعارك الحديثة. وقد ارسلت أول طائرة من هذا النوع إلى أفغانستان مباشرة عقب هجمات سبتمبر ،2001 وتنفق أميركا نحو ثلاثة مليارات دولار سنوياً لشراء وتشغيل الطائرات، كما تقوم «البنتاغون» بتدريب المزيد من الطيارين لتشغيل عدد أكبر من الطائرات، وبات التدريب يشمل المدنيين والشرطة العسكرية. وتستخدم القوات الأميركية هذه الطيارات في حربيها القائمتين حالياً في العراق والمناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان، وتم تجهيز قمرات القيادة عن بعد بأحدث الوسائل، بما في ذلك البث التلفزيوني عبر الأقمار الاصطناعية والفيديو الرقمي لتوفير مشاهد حية للطيارين.

تدخل المهمات القتالية للطائرات ضمن برنامج خاص لوكالة الاستخبارت المركزية، وقد تمكنت من القضاء على عدد من زعماء طالبان، إلا أن فاعلية هذه الطائرات تبقى موضع شك لما تخلّفه من ضحايا في صفوف المدنيين. ورغم أن الأمر يبدو أشبه بلعبة فيديو، فإن «الطيار عن بعد» من قمرة القيادة الموجودة في صحراء نيفادا يقوم من خلال ضغطه الزر بقتل عشرات الأشخاص، مثله مثل الطيار الذي يقود طائرة حربية فوق أجواء أفغانستان أو باكستان. وينجز «الطيارون عن بعد» مهامهم دون أن يعرّضوا حياتهم للخطر، وتستغرق المهمة في الغالب ساعة واحدة أو أقل، يعود بعدها الطيار إلى بيته في لاس فيغاس أو يذهب إلى قضاء حاجياته، وكأنه يقوم بوظيفة إدارية في إحدى المؤسسات العمومية.

يقول العقيد المتقاعد كريس تشامبلس، الذي كان يقود فريق الطيارين عن بعد في قاعدة كريتش الجوية «بمجرد دخولك إلى القاعدة يجب أن تستعد لخوض قتال انطلاقاً من الجو»، مضيفاً «وعند انتهائك من المهمة وعودتك إلى المنزل استعد لتلعب مباراة كرة قدم». ويستمر العمل اليومي 10 أو 11 ساعة، وعادة ما يكون الطيارون عسكريين محترفين في القتال الجوي، إلا أن مشغلي الكاميرات لا تزيد أعمارهم على 20 سنة. ورغم أن الأمر يبدو للوهلة الأولى سهلاً، فإن العاملين في القاعدة يتعرضون لضغط نفسي كبير، ويعمل أطباء نفسانيون وأخصائيون على مراقبة الحالة الصحية للعاملين هناك.

شبح مفــــزع

في السياق ذاته تتزايد ردود الفعل الدولية الرافضة لاستخدام الطائرات من دون طيار في الهجمات العسكرية، في ضوء الغضب المتصاعد على ما تقوم به طائرات أميركية من هجمات قاتلة في باكستان افغانستان، ويسقط معظم ضحاياها من المدنيين من النساء والاطفال والشيوخ.

والطائرة غير المأهولة لا تحتاج إلى طيار لاستخدامها، ويمكن توجيهها عن بعد أو برمجتها مسبقاً، ويستخدم عدد كبير منها لأغراض عسكرية في شن الهجمات، وفي أعمال المراقبة والاستطلاع. وتمت أول التجارب العملية في هذا الشأن في بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى، ثم جرى تطوير هذه الطائرة سنة 1924 كأهداف متحركة للمدفعية. وفي عام 1962 أسقطت طائرة التجسس الأميركية «يو تو» فوق روسيا خلال مشكلة الصواريخ الكوبية. ثم استخدم الاميركيون الطائرة من دون طيار عملياً خلال حربهم في فيتنام، ثم لمصلحة إسرائيل في حرب أكتوبر 1973 ومن بعد ذلك في معارك لبنان بين سورية وإسرائيل.

أنواع ومهام

هناك تصنيفات مختلفة للطائرات من دون طيار حسب انواعها ومهامها. وطبقاً للتصنيف الأول هناك نوعان:

طائرات يتم التحكم فيها عن بعد، ويكون موقع السيطرة والتحكم بعيداً، مثل طائرات «البريداتور».

طائرات التحكم الذاتي، وهي التي تسمى «درون»، ويتم تشغيلها على نظريات الذكاء الاصطناعي والكمبيوتر وشبكات التقنية المتطورة، ويتمتع هذا النوع باستقلالية أكبر في اتخاذ القرارات ومعالجة البيانات.

ومن حيث المهام هناك ثلاثة أنواع:

ذات الانشطة العسكرية المتخصصة في المراقبة والتجسس.

المقاتلة والهجومية.

المزدوجة الاستعمال (للغرضين)، وعادة ما تكون أصغر حجماً من الطائرات العادية، وتعتمد طرق طيران ودفع مختلفة، فمنها ما يطير بأسلوب المنطاد، ومنها ما هو نفاث، ومنها ما يدفع عن طريق مراوح.

ولهذه الطائرة أهمية كبيرة تنبع من قيامها بكل الاعمال التي تعرّض الطيار للخطر، كأعمال المراقبة والاستطلاع، إذ تقوم بالمراقبة على مدار الساعة لأرض المعركة، وتعطي صوراً فريدة تكشف مواقع العدو ومرابض مدفعيته ومنصات صواريخه، وتعطي بيانات دقيقة عن نسبة إصابة الاهداف تمكن القائد المسؤول من اتخاذ القرار المناسب، ما يساعد على إعاقة أو تسريع نشر اسلحة او سحبها، إضافة الى انه يمكن التشويش على محطات الرادار والصواريخ ورصد التحركات العسكرية براً وبحراً وجواً. وفي الاغراض المدنية تقوم الطائرات من دون طيار بدور حيوي في استطلاع حالة الطقس من حيث درجة الحرارة واتجاهات الرياح وقوتها وكذلك والأعاصير، إضافة الى أعمال التصوير والمسح وجمع البيانات الخاصة بابحاث الفضاء، والمساعدة في عمليات إطفاء الحرائق، وكذلك عمليات الانقاذ في عرض البحر او أعماقه أو في المناطق المعزولة والنائية التي يصعب الوصول اليها،

وإضافة الى الولايات المتحدة تنشط دول أخرى لتصنيع أعداد من هذه الطائرة للغايات العسكرية وغيرها مثل روسيا وبريطانيا والصين وفرنسا والهند وإيران وتركيا، وقبلها اسرائيل التي تتردد تقارير استخبارية وعسكرية عن أنها قد تكون في طليعة من يمتلكون هذه الطائرات، ويعملون على تطويرها وتحديث استخداماتها، إذ تزود جيشها بعدد كبير من طائرات استطلاع، ومن المتوقع أن تقوم بإنتاج اعداد ضخمة من هذه الطائرات بأحجام صغيره للغاية من الطائرة الموسكيتو التي لا يزيد طولها على 33 سنتمتراً، ويتم توجيهها بالكمبيوتر، ويصل مداها إلى خمسة كيلومترات.

ومن حيث استهلاك الوقود فإن الطائرة من دون طيار تستهلك في 200 رحلة ما تستهلكه طائرة «اف - 4» في رحلة واحدة لأداء المهمة ذاتها. ومن أشهر أنواع هذه الطائرات «يو تو» وسلسلة «إكس - ،34 و54»، و«بريداتور»، و«ريبر». وخلال الاعوام الاخيرة شنت القوات الاميركية عشرات الهجمات المميتة بطائرات من دون طيار على قرى وتجمعات افغانية، وأخرى مماثلة في باكستان، في إطار ما تسميه واشنطن الحرب على الارهاب، إذ راح المئات من المدنيين ضحايا لهذه الهجمات، ما اثر غضباً رسمياً وشعبياً عارماً في البلدين، وسبب إحراجاً شديداً لحكومتي إسلام اباد وكابول امام شعبيهما.

وجادل معارضون لهذه الهجمات بأنها زادت من صعوبة مهمة الاميركيين في استمالة قلوب ابناء الشعبين الافغاني والباكستاني، والحصول على تفهمهم لاسباب وظروف ودوافع حربهم ضد «القاعدة» و«طالبان»، إذ حل محل ذلك استياء وعداء بالغان، ورغبة شديدة في الانتقام تعتمل في صدور الذين فقدوا أقرباء لهم في تلك الهجمات. كما ذهب فريق آخر الى أن ما تقوم به هذه الطائرات خارج على القانون، لانه يتم غالباً من غير موافقة صريحة من سلطات الدولة التي تمت على ارضها تلك الاعمال.

وقد دعــا المقـرر الخاص للأمم المتحدة بشأن أعمال القتل خارج نطاق القضاء فيليب ألستون، إلى وقف الهجمات بالطائرات من دون طيار التي تــأمر بها وكالة المخابرات المركزية الأميركية على من يشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة، محذرًا من أن عمليات القتل بعيداً عن ميدان المعارك قد تؤدي إلى تبني عقلية ألعاب الفيديو الـ «بلاي ستيشن».

وفي تقرير قدمه أخيراً الى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، سرد ألستون انتقادات كثيرة للهجمات الأميركية بأفغانستان وباكستان، التي أدت إلى مقتل مئات من المدنيين، وان تلك الهجمات تشكل تحديا لمبدأ القتل في إطار القانون.

وقال الاسترالي ألستون إن «استخدام وكالة المخابرات المركزية للطائرات التي تعمل من دون طيار في أفغانستان وباكستان أدى إلى مقتل مئات من الناس، بينهم عدد كبير من المدنيين الأبرياء»، وان «أجهزة المخابرات التي بحكم تعريفها تصر على أن تبقى غير عرضة للمساءلة، إلا أمام من يدفعون أجور عناصرها ليس لها مكان في إدارة برامج تؤدي إلى قتل أناس في بلدان أخرى».

كما أشار إلى أن «العالم يجب ان يعرف متى وأين تكون وكالة المخابرات المركزية مفوضة للقتل وما معاييرها في اختيار الأهداف، وهل هي أعمال قتل مشروعة أم لا؟ وماذا تفعل للمتابعة حينما يُقتل مدنيون بغير وجه حق.

من جهتها دافعت وكالة المخابرات المركزية الأميركية عن موقفها، ورفضت اتهامات ألستون وما جاء في تقريره من توصيات ونتائج، فقال متحدث باسمها إن «عمليات الوكالة تجري في إطار القانون وتحت إشراف حكومي دقيق، وهناك مساءلة حقيقية، ومخطئ من يظن غير ذلك». ويقول محللون إن عهد الرئيس الاميركي باراك أوباما شهد تكثيفاً متزايداً لهجمات الـ «سي آي إيه» بطائرات من دون طيار في العديد من المناطق القبلية في باكستان والقرى والجبال في أفغانستان.

إسرائيل الأولى في العالم

فيما أضحى الاعتماد على هذه الطائرة كبيراً إلى حد أنه حتى في خضم الازمة الاسرائيلية - التركية الاخيرة، واستناداً إلى وسائل الاعلام المحلية، وصل وفد عسكري منذ أيام سراً من تركيا إلى إسرائيل للتدرب على تشغيل الطائرة «حيرون» الاسرائيلية الصنع.

هذه الطائرة بلا طيار التي يبلغ طولها 11 متراً، تعمل بمحرك بقوة 1200 حصان. وهي تستطيع التحليق لمدة 52 ساعة بلا توقف، على ارتفاع 10 كيلومترات مع 300 كيلوغرام من الاجهزة والمعدات.

ويقول الكابتن جيل (30 عاماً) الذي يقود سرباً «يعمل كل يوم ليلاً نهاراً»، في قاعدة بالماخيم الجوية جنوب فلسطين المحتلة، إن هذه الطائرات «حلقت عشرات آلاف الساعات. ومهمتها هي الاستطلاع والمراقبة والدعم، أي رصد المعلومات الاستخبارية ومراقبة الارض ودعم القوات البرية.

والطائرة «حيرون» التي تعمل ذاتياً من الاقلاع وحتى الهبوط، تكون على اتصال بقيادة عامة عملانية متحركة عبر ترددات لاسلكية. وتتيح أجهزة تصويرها الفائقة الدقة رصد أي جسم مريب على الارض بوضوح. والطائرة بلا طيار مزودة بصواريخ تضرب أهدافها من دون ان يراها أحد. وقد أصبح أزيزها مألوفاً في قطاع غزة، حيث يثير الخوف. ويوضح جاك شملا كبير المهندسين ورئيس ما يعرف بـ«مالات»، دائرة يو.ايه.في «آنماند اير فيهيكل» في هيئة الصناعات الجوية الاسرائيلية ان 100 طائرة «حيرون» بيعت بتسميات مختلفة الى جميع انحاء العالم، وخصوصاً لفرنسا وألمانيا واستراليا وكندا واسبانيا أو تركيا ويمكن رؤيتها في أفغانستان والعراق.

ولدخول هذا القسم القريب من تل أبيب والمحاط بحراسة أمنية مشددة، يتعين الحصول على التصاريح اللازمة. ويحظر داخله حمل الكاميرات والهاتف المحمول او آلة التسجيل كما يوجد رقيب على التصريحات. ويضيف شملا ان «إسرائيل هي أول مصدر عالمي للطائرات بلا طيار مع بيع اكثر من الف نموذج منها إلى 42 دولة أي حجم أعمال سنوي بنحو 350 مليون دولار». وتقدم مالات الطلبية جاهزة تماما لزبائنها مع الخصائص المطلوبة والدعم اللوجيستي (التدريب) والتقني. ويعمل ألف موظف ومتعاقد على فحص وتنقيح الطلبيات. ومن بين 80 مشروعاً قدمت تمت الموافقة على 15 فقط.

وأكبر الطائرات بلا طيار هي «حيرون تي.بي» التي يطلق عليها «ايتان» (القوي بالعبرية) ويبلغ حجمها حجم الطائرة البوينغ 737 وتزن 4.5 اطنان. وهذه الطائرة التي ادخلها سلاح الجو الاسرائيلي الى الخدمة أخيرا لديها قدرة ذاتية على التحليق لمدة 36 ساعة حاملة طنا من التجهيزات على ارتفاع 13 الف متر. ويتم الاتصال بها عبر القمر الصناعي. ويغطي مدى تحركها إيران. على العكس، فإن الطائرة «بربار» (الفراشة) لا تزن سوى 35 غراماً. ويقول خبراء اسرائيليون، انه بوساطة هذه العين الطائرة، كان يمكن ان تحظى القوات الروسية بفرص اكبر في تفادي مذبحة بيسلان عام 2004 برصد مجموعة الكوماندوز الموالية للشيشان التي احتجزت الرهائن في مدرسة. والطائرة الصغيرة يمكن بسهولة اطلاقها ثم استعادتها بوساطة اسلاك ومظلات كبح أو حتى بالانقلاب على الظهر لدى الهبوط للمحافظة على الكاميرا المثبتة على البطن. والتطبيقات المدنية لهذه الطائرات تفتح أيضاً آفاقاً غير محدودة.

ويقول شملا «بعد دوريات لا تنتهي وعندما تختلط عليهم زرقة البحر والسماء، يحلم جميع الطيارين بأن يتم استبدالهم بطائرات بلا طيار لمراقبة الحدود والسواحل أو أنابيب النفط».

إضافة إلى ذلك، فإن هذه الطائرات بلا طيار هي الوحيدة القادرة على إرشاد رجال الاطفاء عبر الدخان الكثيف المنبعث من بؤر حرائق الغابات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 31/تموز/2011 - 29/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م