حوار البحرين... الدوران في حلقة مفرغة

المعارضة اعتبرتها مجرد مسرحية مع غياب الاصلاحات الجوهرية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: كما توقع الكثير من المراقبين والمختصين في دراسة الشؤون السياسية لم تفض جلسات الحوار التي نظمتها السلطة عن نتائج جوهرية تضع حدا للتوتر القائم في البحرين، كما اعلن عنها مسبقا.

فبحسب قوى المعارضة لم تلبي التوصيات المرفوعة من قبل الجهات المشرفة على مبادرة الملك للحوار عن اصلاحات سياسية جدية، على الرغم من ادعاءات السلطة باجراءها، سيما القضايا المتعلقة بالتغيير الديموغرافي السريع الذي تقوم به السلطات، بالاضافة التهميش المستمر لاغلبية الشعب عن المشاركة في صناع القرار السياسي الذي تهيمن عليه الاقلية السنية الحاكمة.

فيما تمهد الاحداث الاخيرة لتصعيد حركة الاحتجاجات بشكل اكثر اتساع، على الرغم من الانتشار الامني الخليجي في البلاد، وعمليات القمع المستمرة للمتظاهرين.

تصاعد الاحتجاجات المناوئة

فقد تجمع الآلاف من أنصار جمعية "الوفاق،" كبرى الحركات الشيعية المعارضة في البحرين، للمشاركة في أول مظاهرة مرخصة من نوعها بعد رفع قانون السلامة الوطنية (الطوارئ،) بينما فشلت حركة "14 فبراير" من تنظيم مظاهرة غير مرخصة أمام السفارة الأمريكية بعد قطع الطرقات عن المنطقة.

وتنبع أهمية المظاهرة من كونها الأولى التي يسير فيها المحتجون في الشارع، إذ سبق حصول تجمعات للمعارضة لكن دون أن تتحول إلى مسيرات. ورفع المشاركون في المسيرة شعارات ضد مرئيات الحوار الوطني ، ولم تشارك الجمعيات الست الأخرى المعارضة، بما فيها الجمعيات الليبرالية المتحالفة مع الوفاق، في هذه التظاهرة الضخمة التي سارت مسافة 800 مترا فقط.

كما يستعد عدد كبير من المفصولين عن العمل بسبب الإحداث الأخيرة، الذي يصل عددهم إلى قرابة ثلاثة آلاف شخص، للتظاهر أمام وزارة العمل، مطالبين بتطبيق أوامر الملك حمد بن عيسى آل خليفة، بعودة المفصولين.

وكان مرائيات الحوار الوطني بلغت 331 مرئية اتفق على 291 مرئية 25 في الحوار السياسي و85 في المحور الاجتماعي و85 في المحور لاقتصادي و96 في المحور الحقوقي. بحسب السي ان ان.

فيما اختلف المتحاورون على 40 مرئية 28 مرئية في القطاع السياسي و3 مرئيات في المحور الاقتصادي و9 مرئيات في المحور الحقوقي ولا اختلاف في المحور الاجتماعي، وقد تعهد عاهل البحرين في خطابه الأخير بدراسة المحاور جميعها بعناية و اتخاذ ما هو مناسب منها.

بالمقابل شهدت البحرين عدة تظاهرات غير مرخصة تخللها مصادمات مع شرطة مكافحة الشغب أدى إلى إصابات طفيفة متعددة كما نفت وزارة الداخلية تعرض متظاهر إلى إطلاق مباشر من الغاز المسيل الدموع والقنابل الصوتية أدى إلى إدخاله إلى العناية المركزة.

فشل في كسب المعارضة

من جهته وافق عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى على اصلاحات برلمانية بعد قمع احتجاجات مؤيدة للديمقراطية ومنح مزيدا من الصلاحيات لمجلس النواب المنتخب لكنه ابقى على هيمنة مجلس الشورى الذي تعينه النخبة الملكية.

وكان الملك حمد بن عيسى يتحدث لهيئة عينتها الحكومة تسمى الحوار الوطني - شكلت لمعالجة الشكاوى العامة بعد انهاء العمل بالاحكام العرفية في مايو ايار- بعدما قدمت الهيئة مقترحاتها النهائية بشأن الاصلاحات.

وجاءت المقترحات اقل كثيرا مما طالبت به جماعات المعارضة والمحتجون في فبراير شباط ومارس اذار حين قمعت الاحتجاجات. وانسحبت جمعية الوفاق وهي اكبر جماعة معارضة شيعية من الحوار الاسبوع الماضي ووصفته بأنه "مسرحية".

وقال العاهل البحريني في كلمة بثها التلفزيون "وفي سبيل أن تأخذ مرئيات التوافق الوطني طريقها نحو التفعيل عن طريق المؤسسات الدستورية فقد أمرنا السلطتين التنفيذية والتشريعية باتخاذ ما يلزم."

وأمر ايضا بزيادة في "رواتب موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين والمتقاعدين" وهو اجراء يعيد للاذهان اجراء اتخذته السعودية في وقت سابق هذا العام بصرف توزيعات نقدية كبيرة لقطاعات اساسية من المجتمع في محاولة لمنع تمرد شعبي مثل الانتفاضات التي هزت دولا عربية أخرى هذا العام.

واستدعى الحكام السنة قوات من السعودية ودول خليجية اخرى في مارس اذار للمساعدة في قمع الاحتجاجات التي قادتها الاغلبية الشيعية التي تشكو من التمييز. وقالت الحكومة ان الاضطرابات طائفية ومدعومة من ايران الشيعية وهو ما نفاه شيعة البحرين. بحسب رويترز.

وتضمن ملخص لمقترحات الحوار الوطني نشر يوم الخميس دورا رقابيا اكبر لمجلس النواب المنتخب ولكن لم يتحقق تقدم بشأن النزاع الاساسي بخصوص توازن القوى بين مجلسي البرلمان.

وقال ملخص باللغة الانجليزية ارسلته هيئة الحوار الوطني "لم يتفقوا بشأن ما اذا كان مجلس الشورى يجب ان يمنح نفس السلطات مثل مجلس النواب وما اذا كانت مسؤولية التشريع والرقابة يجب ان تقصر على المجلس المنتخب." واضاف "لم يتوصل المندوبون الى اجماع بشأن عدد من الاقتراحات الاخرى مثل تقييد فترة عمل الوزراء ورئيس الحكومة او حصة محددة للنساء في البرلمان."

ويضم مجلس الشورى المعين نفس عدد المقاعد مثل المجلس المنتخب ويهيمن على العملية التشريعية.

وقال المتحدث باسم جمعية الوفاق خليل المرزوق ان المقترحات النهائية تثبت صحة قرار الجمعية بالمقاطعة. ولم تشارك الجمعية في الحفل الذي حضره الملك. واضاف المتحدث "هذا هو سبب انسحابنا. مفروض مجلس الشورى موجود فقط من اجل الاستشارة." وانتقد الضجة في وسائل الاعلام الحكومية بشأن الاصلاحات وقال انها لم تتطرق لشريحة كبيرة من البحرينيين.

وحاولت البحرين التصدي للانتقاد الدولي بما في ذلك الانتقاد الامريكي للاجراءات الامنية الصارمة التي اعقبت فض الاحتجاجات وشملت عمليات احتجاز ومحاكمات عسكرية وحالات فصل من العمل وبعض الوفيات اثناء الاحتجاز.

وقال الملخص "أقر المشاركون بأهمية حل الامور المتعلقة بالاستغناءات اثناء الاضطرابات الاخيرة." واضاف انهم "اوصوا بالنظر في افضل الاجراءات الدولية للتوصل لحلول للتغلب على الانقسامات الطائفية ودعم عملية التعافي بعد الازمة الاخيرة."

وتعتبر البحرين وبها مقر الاسطول الخامس الامريكي نقطة احتكاك في التوترات بين ايران والسعودية.

واصدرت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات تقريرا قاتما يوم الخميس قال ان تجدد الاضطراب الاهلي محتمل في اي وقت في البحرين اذ يستعد المتشددون بين السنة والشيعة والنخبة الحاكمة لاي صراع جديد.

وقال التقرير "يوجد سبب للخوف من ان تتجه البحرين الى جمود سياسي طويل يعززه وجود امني كثيف بدعم من القوات الاجنبية وتتخلله احتجاجات حين تسمح الظروف."

ويقول بعض زعماء السنة انهم يعتبرون عائلة ال خليفة الحاكمة حصنا ضد سيطرة الشيعة ويخشون رفع السيطرة الملكية على البرلمان.

ويقول الملخص ان رئيس الوزراء الذي يعينه الملك حمد بن عيسى سيكون عليه الحصول على موافقة البرلمان على اعضاء حكومته.

ويعتبر رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان الذي يشغل المنصب من 40 عاما من بين من يتخذون موقفا متشددا في العائلة الحاكمة ويعارضون تقديم تنازلات للمعارضة.

وقال الملخص "اذا رفض اعضاء البرلمان فيمكنهم التصويت لرفض كل الحكومة. وسيكون للبرلمان ايضا سلطة رفض خطة عمل الحكومة التي تمتد اربع سنوات." وتابع "تضمن هذه الاصلاحات ان تعكس تشكيلة الحكومة وخطة عملها ارادة الشعب."

وقال ايضا ان وزراء الحكومة سيكون عليهم حضور بعض جلسات البرلمان ومواجهة الاستجواب في قاعة المجلس وليس امام اللجان. واضاف "بصورة عامة تعزز هذه القرارات سلطات البرلمان في الرقابة على انشطة الحكومة."

ولم يتم التوصل لاتفاق بشأن السماح لجماعات المعارضة بوصف نفسها بأنها احزاب سياسية. وتعتبر السلطات كلمة "حزب" مصطلحا من نظام يمكن فيه للجماعات المنتخبة ان تشكل الحكومات.

الى ذلك طالب خليل المرزوق، نائب رئيس مجلس النواب من كتلة الوفاق المستقيلة، بعدم تكرار تجربة دستور 2002 بإصدار دستور بإرادة منفردة لأن البحرين "لن تستقر بدون حل دائم وإصلاح يلبي مطالب الشعب عبر حوار حقيقي،" على حد تعبيره.

وقال مرزوق إن البحرينيين: "لن يرجعوا إلى بيوتهم بدون مخرجات حقيقية كما حصل في تونس ومصر واليمن وسوف يواصل الشعب التظاهر السلمي وفق شرعة القوانين والمواثيق الدولية،" وأضاف أن "تفاقم التنكيل لن يزيد البحرينيين إلا تماسكا."

ورأى مرزوق أن السلطة في البحرين "تلعب بالنار بإشعال الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة،" واعتبر أن مبادرة ولي العهد، الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة: "هي الأرضية الحقيقية الصالحة لأي حوار جدي وعلى عاهل البحرين سماع صوت الشعب عبر الإعلام أو عبر الرسائل التي تم إرسالها له من قبل الجمعية أو من الحوار."

وأكد المرزوق بأن إي تأخير في الإصلاحات "يؤثر سلبا على اقتصاد البحرين،" وتابع بالقول: "المؤشرات واضحة، فقد خسرت البحرين تنظيم 'فورمولا1' وبطولة الغولف وتراجع في المؤشرات واحتمال تأجيل حوار المنامة الأمني ودارسة واشنطن لإغلاق قاعدتها من البحرين ومراجعة اتفاقية التجارة الحرة."

وعن المشاركة في الانتخابات التكميلية المعلنة بسبب استقالة نواب الوفاق ، قال المرزوق إن شورى الجمعية سوف تقرر في الأسبوع المقبل المشاركة من عدمها.

متفجرات على متن طائرة

من جهة أخرى قالت وزارة الداخلية البحرينية إن السلطات اعتقلت بريطانيا من أصل آسيوي للاشتباه في حيازته متفجرات خلال سفره على متن طائرة لطيران الخليج. وأضافت الوزارة أن الشرطة عندما فتشت الطائرة لم تعثر على متفجرات. وتابعت قائلة "أوقفت القوات الأمنية بريطانيا كان مسافرا على متن طائرة توقفت مؤقتا في البحرين في طريقها إلى بريطانيا. بعد التأكد من أن كل الركاب يوجدون في أمان وتفتيش الطائرة والركاب لم تعثر على أي متفجرات." ومضت قائلة "لا تزال التحقيقات متواصلة مع المشتبه به."

وكانت الرحلة رقم جي إف 547 قادمة من أبوظبي في طريقها إلى بريطانيا وعلى متنها 39 راكبا. ووجاء في بيان لطيران الخليج أن السلطات الأمنية أمرت ربان الطائرة بالتوقف في جزء منعزل من مطار البحرين الدولي بعد تلقيها تحذيرا أمنيا. بحسب بي بي سي.

وذكرت قناة العربية أن الشرطة أخرجت الرجل من الطائرة وهو في حالة هستيرية أو في حالة سكر. وقالت السفارة البريطانية في المنامة إنها لا تستطيع تأكيد أن الرجل المعني بريطاني.

السعودية تبدل بعض قواتها

على صعيد متصل ذكرت وكالة أنباء البحرين ان المملكة العربية السعودية تجري عملية تبديل لبعض قواتها في البحرين وذلك في اعقاب تقارير عن احتمال ارسال المزيد من القوات السعودية لقمع الاضطرابات في الدولة الخليجية.

وكان قد تم ارسال قوات أمن من المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة الى البحرين في منتصف مارس اذار للمساعدة في تطهير الشوارع من المحتجين الذين نظموا مظاهرات منذ فبراير شباط.

وكانت القوات جزءا من قوات درع الجزيرة التي شكلتها دول الخليج العربية من اجل الدفاع المشترك.

ونقلت الوكالة عن مسؤول دفاعي بحريني قوله "قوات درع الجزيرة المشتركة المتواجدة في مملكة البحرين تقوم ضمن الخطط الدفاعية بعمليات اعادة تموضع وذلك من خلال عمليات التبديل لبعض القطاعات العسكرية بمقتضى اتفاقيات التعاون الدفاعية المشتركة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية."

وأضاف المصدر ان "عمليات التبديل لبعض القطاعات العسكرية هي عمليات معتادة تجرى بين الحينة والاخرى."

اطلاق سراح ضابط سابق

فيما أطلقت السلطات البحرينية سراح نقيب سابق في الجيش كان قد شارك في الاحتجاجات التي عصفت بهذه الامارة الخليجية في وقت سابق من العام الجاري. وقال ناشطون بحرينيون إن النقيب محمد بوفلاسه كان قد اعتقل في فبراير / شباط المنصرم بعد ان القى كلمة في المحتجين المتجمعين في "دوار اللؤلؤة" في العاصمة المنامة الذي كان بؤرة المظاهرات والاحتجاجات التي قمعتها السلطات في مارس / آذار الماضي.

وتجمع عدد كبير من البحارنة امام منزل بوفلاسه في بلدة حمد القريبة من المنامة لتحيته بعد اطلاق سراحه، ونقل عن عدد من الحاضرين قولهم إن التجمع ضم افراد من الطائفتين السنية والشيعية. يذكر ان بوفلاسه من اتباع المذهب السني. وقال شهود إن قوات الشرطة سرعات ما فرقت التجمع باستخدام الغاز المسيل للدموع. بحسب بي بي سي.

الا ان بوفلاسه القى كلمة في المرحبين قبل ذلك حذرهم فيها من مخاطر الطائفية التي قد تهدد الاصلاح الديمقراطي في البحرين.

ونقل عن احد الحاضرين واسمه محمود قوله "كان الجمع يهتف بأن السنة والشيعة اخوان وانهم لن يقتلوا هذا البلد، بينما كان بوفلاسه يلوح لهم وهو يبكي." وقال الشاهد إن بوفلاسه خاطب الجمع بالقول إن للسنة والشيعة نفس المطالب.

تعذيب محتجزين

من جهتها قالت لجنة كلفتها السلطات البحرينية بتقصي الحقائق في اسابيع من الاحتجاجات التي هزت المملكة انها ستحقق في دور قوات الامن في الاضطرابات وفي اتهامات بالتعذيب. وفي مؤتمر صحفي بمناسبة الاعلان عن بدء عمل اللجنة المؤلفة من خمسة اعضاء قال رئيس اللجنة شريف بسيوني ان فريقه سينظر في التهم الموجهة ضد 30 ضابط شرطة تحقق معهم وزارة الداخلية بتهمة عدم اتباع الاجراءات. وقال انه سيتم ايضا فحص التهم الموجهة للجيش.

وقال بسيوني ان فريقه سيحقق في دور الجيش وان الجيش ليس فوق القانون ولا أعلى من القانون مضيفا ان معظم الحوادث التي هي رهن التحقيق وقعت عندما كان الجيش يتولى المسؤولية.

وفرضت السلطات في البحرين الاحكام العرفية وسحقت الاحتجاجات المنادية بالديمقراطية التي استمرت أسابيع وقادتها الاغلبية الشيعية في مارس اذار لكنها انهت حالة الطواريء بعد ذلك بأربعة أشهر.

وخلال حملة القمع جرى اعتقال مئات الاشخاص كما طرد نحو 2000 من وظائفهم غالبيتهم من الشيعة. وما زال التوتر شديدا في البحرين مع اندلاع احتجاجات صغيرة يوميا في قرى شيعية تحيط بالعاصمة منذ انهاء قانون الطواريء في اول يونيو حزيران.

وقرر الملك حمد بن عيسى ال خليفة تشكيل اللجنة من خبراء قانونيين وناشطين في مجال حقوق الانسان في يونيو حزيران بعد مواجهة انتقادات دولية لحملة القمع.

ويرأس اللجنة أستاذ القانون شريف بسيوني وهو مصري أمريكي الجنسية وخبير بالامم المتحدة في جرائم الحرب وشارك في تشكيل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وترأس في الاونة الاخيرة لجنة تحقيق دولية في احداث ليبيا.

وتضم اللجنة ايضا القاضي الكندي والرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية فيليب كيرش ومحامي حقوق الانسان البريطاني نايجل رودلي والمحامي الايراني ماهنوش ارسنجاني والخبيرة الكويتية في الشريعة الاسلامية بدرية العوضي.

وتقول البحرين انها ستسمح للجنة بالاطلاع على الملفات الرسمية ومقابلة شهود سرا. لكن جماعات المعارضة تقول ان التحيز قد يفسد عمل لجنة شكلتها الحكومة. وقال بسيوني ان اللجنة تحقق في حالات القتل المسجلة وعددها 33 خلال الاحتجاجات بالاضافة الى 400 حالة اصابة. وقال ايضا ان اللجنة ستحقق في اتهامات بتعذيب محتجزين بينهم عدد من العاملين في المجال الطبي.

أجبروني على الاعتذار

من جهتها كشفت الشاعرة الشابة، آيات حسن القرمزي، التي أطلقت السلطات البحرينية سراحها مؤخراً، رغم صدور حكم بسجنها لمدة عام، أن الاعتذار الذي أذاعه التلفزيون الحكومي لها عن الأشعار التي ألقتها خلال احتجاجات "دوار اللؤلؤة"، تم تسجيله بـ"الإكراه."

وقالت الفتاة البالغة من العمر 20 عاماً، في مقابلة مع CNN بالعربية، إن تسجيل الاعتذار تم في 23 أبريل/ نيسان الماضي، فيما بدأت محاكمتها أمام محكمة "السلامة الوطنية"، في الثاني من يونيو/ حزيران الماضي، إلا أن التلفزيون أذاع الاعتذار في الحادي والعشرين من نفس الشهر.

وأمضت آيات القرمزي نحو أربعة شهور خلف القضبان، منذ أن اعتقلتها السلطات الأمنية أواخر مارس/ آذار الماضي، بعدما ألقت أشعاراً، اعتبرت "مهينة" بحق العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حيث كان يتخللها هتاف الحضور "يسقط النظام.. يسقط حمد."

وأقرت الشاعرة الشابة بأن القصائد الشعرية، التي ألقتها على منصة دوار اللؤلؤة، أثناء اعتصام فبراير/ شباط الماضي، وهجت فيها عاهل البحرين ورئيس وزراءه، "لم تكن موفقة"، إلا أنها شددت على أنها "غير متأسفة" لإلقائها، واعتبرت أنه هذه الفترة لـ"مراجعة النفس والتقييم."

وبعد تجربتها مع السجن، قالت القرمزي إن "الشعر، والفن بشكل عام، يجب إن يشمله الغموض والتورية، أكثر منه الإفصاح"، ولكنها أشارت إلى أنها تفاجأت مما وصفته "الدعم اللا محدود" المحلي والدولي بقضيتها، واعتبرت أن ذلك سوف يزيد من عزمها "مواصلة النضال السلمي بالكلمة الصادقة"، على حد قولها. وتابعت في هذا الإطار أنها تشعر بأن العالم بأسره شارك في الإفراج عنها، بسبب الضغوط السياسية أو الإعلامية التي شاركت مؤسسات المجتمع المدني في العالم بجزء كبير منه، وأكدت أنها ستواصل "النضال من أجل تحقيق الديمقراطية" في البحرين.

وعن تكيفها مع السجن خلال الشهور الأربعة الماضية لأول مرة في حياتها، قالت: "وضعنا مع رفيقاتي وزميلاتي في المعتقل، برامج تثقيفية وترفيهية ورياضية، لقتل الوقت وعدم الاستسلام إلى الجلادين، ورفع المعنويات، و نظمنا نوعاً من الندوات السياسية، عن الأوضاع المستقبلية في البحرين، وعلاقة العالم بالبحرين، وكيف أصبحت البحرين محور الإعلام العالمي، ومصيرنا في هذا السجن، وتوقعاتنا بشأن المبادرات السياسية المقبلة."

وأوضحت أن رفيقاتها في السجن "متعددي المواهب والمهن"، من الكادر التعليمي والطبي والعمالي، وذكرت منهن رولا الصفار، وفاطمة حاجي، وجليلة السلمان، وأفراح العصفور، وفاطمة البقالي، وسناء أحمد، ورجاء كاظم، ونجاح خليل، وأضافت أن "الرفقة معهن شيقة، لولا عذابات السجن."

ورفضت آيات القرمزي الحديث عن تعرضها للتعذيب أُثناء فترة احتجازها، مشيرةً إلى أن قضيتها مازالت أمام المحكمة، واحتمال تأثير ذلك على الحكم، ولكنها لم تنكر ما تطرق إليه الإعلام عن نفس الموضوع.

وذكرت أن قرار الإفراج عنها جاء بضمان محل إقامتها، بناءً على طلب محاميتها، وأكدت أنها ليست رهن الاعتقال المنزلي، وسوف تحضر محكمة الاستئناف، أو بناءً على طلب المحكمة.

وفيما يتعلق بحكم محكمة السلامة المدنية (أول درجة) بسجنها لمدة عام، قالت: "أنا بريئة ولا يجب أن يتم اعتقالي على ذلك في أي بلد متحضر في العالم، إذ يعتبر الشعر نوع من إبداء الرأي وحرية التعبير"، ووصفت الحكم بأنه "شديد جداً"، وتابعت: "أتمنى خفض الحكم إلى براءة، أو بمدة الفترة التي بقيت فيها بالسجن."

وفيما يتعلق بالحوار الوطني، الذي بدأ قبل أسبوعين، قالت: "أرى أن هذا الحوار سوف يخرج بلا نتيجة، ما لم تكن هناك أرادة ملكية بالتغيير، ونية صادقة بالإصلاح السياسي، والاعتماد على مبادرة ولي العهد كأساس لحل سياسي جذري."

وعن خططها للمستقبل قالت: "سوف أواصل دراستي الجامعية على حسابي الخاص، بعد فصلي وسحب منحتي الدراسية، ولكن بعد حكم المحكمة بالبراءة، إن شاء الله في سبتمبر (أيلول المقبل) وكل شيء معلق على حكم المحكمة."

واختتمت تصريحاتها لـCNN بالعربية بقولها: "سوف أواصل عملي كشاعرة وكوطنية، غير ملتزمة بأي تنظيم سياسي أو حزب أو جمعية، وأعمل ما يمليه علي ضميري، لتحقيق المطالب الديمقراطية بالطرق السلمية."

يُذكر أن عدداً من المنظمات الحقوقية كانت قد ذكرت أن القرمزي، وهي واحدة من بين خمس نساء لا زلن رهن الاعتقال من الكادر الطبي والتعليمي، تعرضت لأعمال "تعذيب وإهانة"، ولكن الحكومة البحرينية رفضت تلك الاتهامات. وذكرت القرمزي نفسها، في وقت سابق، أنها تعرضت للتعذيب، أثناء فترة احتجازها في السجن، عبر الضرب بخراطيم المياه والصعق الكهربائي في الوجه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 31/تموز/2011 - 29/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م