شبكة النبأ: لشهر رمضان الكريم خصوصية
وتفضيل فهو شهر الله وباب من أبواب رحمته الواسعة وفرصة من فرص التوبة
والعودة الى طريق الهدى والصلاح، فيه يضاعف الأجر وفيه يعلوا الإنسان
ويرتقي ليصل الى أعلى مراتب السمو التي تغبطه عليها الملائكة لأنه ضيف
الكريم.
في هذا الشهر المبارك يتعلم المؤمن دروس الصبر والتسامح والإخاء
يتعلم فيه تهذيب النفس وإذلالها لخالقها العظيم، شهر له من الفضل
الكثير الكثير و وردت بذلك العديد من الاحاديث والروايات التي أكدت
عظمة وفضل هذا الشهر المبارك وفضل صيامه وقيامه واجر العاملين فيه.
ومنه ما رواه محمد بن أبي القاسم الطبري في كتاب بشارة المصطفى
لشيعة المرتضى بإسناده الى الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن موسى الرضا،
عن أبيه موسى بن جعفر، عن ابيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن
أبيه علي بن الحسين، عن أبيه السيد الشهيد الحسين بن علي، عن أبيه سيد
الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام
قال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله خطبنا ذات يوم فقال: أيها
الناس! انه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو
عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي،
وساعاته أفضل الساعات، وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله، وجعلتم فيه
من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه
مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة،
ان يوفقكم الله لصيامه وتلاوة كتابه فان الشقي من حرم غفران الله في
هذا الشهر العظيم.
اذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه وتصدقوا على
فقرائكم ومساكينكم، ووقروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم،
واحفظوا ألسنتكم، وغضوا عما لا يحل النظر إليه أبصاركم، وعما لا يحل
الإسماع إليه أسماعكم، وتحننوا على أيتام الناس يتحنن على أيتامكم،
وتوبوا الى الله من ذنوبكم وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات
صلواتكم، فإنها أفضل الساعات، ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة الى عباده
ويجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه. أيها
الناس! ان أنفسكم مرهونة بأعمالكم، ففكوها باستغفاركم وظهوركم ثقيلة
من أوزاركم، فخففوا عنها بطول سجودكم واعلموا ان الله عز وجل ذكره
اقسم بعزته ان لا يعذب المصلين والساجدين، ان لا يروعهم بالنار يوم
يقوم الناس لرب العالمين.
أيها الناس! من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند
الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه، فقيل: يا رسول الله وليس كلنا
نقدر على ذلك ؟ فقال عليه السلام: اتقوا النار ولو بشق تمرة، اتقوا
النار ولو بشربة من ماء.
أيها الناس! من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط
يوم تزل فيه الأقدام، ومن خفف منكم في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف
الله عليه حسابه ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم
فيه يتيما أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته
يوم يلقاه ومن قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوع
فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار، ومن أدى فيه فرضا كان له ثواب
من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، من أكثر فيه من الصلاة علي
ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له
مثل اجر من ختم القرآن في غيره من الشهور. أيها الناس! ان أبواب الجنان
في هذا الشهر مفتحة فاسألوا ربكم ان لا يغلقها عليكم، وأبواب النيران
مغلقة فاسألوا ربكم ان لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة فاسألوا ربكم
الا يسلطها عليكم.
من الروايات في تعظيم شهر رمضان ما رواه الشيخ المفيد محمد بن محمد
بن النعمان في أماليه قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار، قال:
حدثنا جعفر بن احمد الشاهد، قال حدثنا أبو الحسين احمد بن محمد بن أبي
مسلم، قال: حدثنا أحمد بن خليس الرازي، قال: حدثنا القاسم بن الحكم
العرني، قال: حدثنا هشام بن الوليد، عن حماد بن سليمان السدوسي، قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد السيرافي، قال: حدثنا الضحاك بن مزاحم،
عن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله
يقول.
إن الجنة لتنجد وتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان، فإذا كان
أول ليلة منه هبت ريح من تحت العرش يقال لها: المثيرة، تصفق ورق أشجار
الجنان وحلق المصاريع، فيسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه،
وتبرزن الحور العين حتى يقفن بين شرف الجنة، فينادين: هل من خاطب إلى
الله عز وجل فيزوجه ؟ ثم يقلن: يا رضوان ما هذه الليلة ؟ فيجيبهن
بالتلبية، ثم يقول: يا خيرات حسان! هذه أول ليلة من شهر رمضان، قد فتحت
أبواب الجنان للصائمين من امة محمد صلى الله عليه وآله.
قال: ويقول له عز وجل: يا رضوان! أفتح أبواب الجنان، يا مالك! أغلق
أبواب الجحيم عن الصائمين من امة محمد، يا جبرائيل! أهبط إلى الأرض
فصفد مردة الشياطين، وعلقهم بأغلال، ثم اقذف بهم في لجج البحار حتى لا
يفسدوا على امة حبيبي صيامهم. قال: ويقول الله تبارك وتعالى في كل ليلة
من شهر رمضان ثلاث مرات: هل من سائل فأعطيه سؤله ؟ هل من تائب فأتوب
عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ من يقرض الملئ غير المعدم والوفي غير
الظالم ؟ قال: وان لله تعالى في آخر كل يوم من شهر رمضان عن الافطار
ألف ألف عتيق من النار، فإذا كانت ليلة الجمعة ويوم الجمعة، أعتق في كل
ساعة منهما ألف ألف عتيق من النار، وكلهم قد استوجبوا العذاب، فإذا كان
في آخر يوم من شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بعدد ما أعتق من أول
الشهر إلى آخره. فإذا كانت ليلة القدر أمر الله عز وجل جبرئيل عليه
السلام، فهبط في كتيبة من الملائكة إلى الأرض، ومعه لواء أخضر،فيركز
اللواء على ظهر الكعبة، وله ستمأة جناح، منها جناحان لا ينشرهما إلا في
ليلة القدر، فينشرهما تلك الليلة، فيتجاوزان المشرق والمغرب، ويبث
جبرئيل الملائكة في هذه الليلة، فيسلمون على كل قائم وقاعد، ومصل وذاكر،
ويصافحونهم ويؤمنون على دعائهم حتى يطلع الفجر.
فإذا طلع الفجر نادى جبرئيل عليه السلام: يا معشر الملائكة! الرحيل
الرحيل فيقولون: يا جبرائيل! فماذا صنع الله تعالى في حوائج المؤمنين
من امة محمد ؟ فيقول: ان الله تعالى نظر إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم
وغفر لهم إلا أربعة.
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وهؤلاء الأربعة: مدمن
الخمر، والعاق لوالديه، والقاطع الرحم والمشاحن. فإذا كانت ليلة الفطر،
وهي تسمى ليلة الجوائز أعطى الله العاملين أجرهم بغير حساب، فإذا كانت
غداة يوم الفطر بعث الله الملائكة في كل البلاد، فيهبطون إلى الأرض
ويقفون على أفواه السكك، فيقولون: يا امة محمد أخرجوا إلى رب كريم،
يعطي الجزيل ويغفر العظيم، فإذا برزوا إلى مصلاهم قال الله عز وجل
للملائكة: ملائكتي! ما جزاء الأجير إذا عمل عمله ؟
قال: فتقول الملائكة: ألهنا وسيدنا جزاؤه أن توفي أجره. قال: فيقول
الله عز وجل فاني أشهد كم ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم عن صيامهم شهر
رمضان وقيامهم فيه رضاي ومغفرتي ويقول: يا عبادي! سلوني فوعزتي وجلالي
لا تسألوني اليوم في جمعكم لآخرتكم ودنياكم إلا أعطيتكم، وعزتي لأسترن
عليكم عوراتكم ما راقبتموني وعزتي لآجرتكم ولا أفضحكم بين يدي أصحاب
الخلود، انصرفوا مغفورا لكم، قد أرضيتموني ورضيت عنكم.
قال: فتفرح الملائكة وتستبشر ويهنئ بعضها بعضا بما يعطي الله هذه
الأمة إذا أفطروا.
وعن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): مَن ذكرني فلم يصلِّ عليّ
فقد شقي، ومَن أدرك رمضان فلم تصبه الرحمة فقد شقي، ومَن أدرك أبواه أو
أحدهما فلم يبرّ فقد شقي..
وقال صلى الله عليه وآله في فضل شهر رمضان: مَن أكثر فيه من الصلاة
عليّ ثقّل الله ميزانه يوم تخفّ الموازين.
وقال رسول الله(صلي الله عليه و آله): ان للجنة بابا يدعى الريان لا
يدخل منه ألا الصائمون
وعن أمير المومنين (عليه السلام): صوم القلب خير من صيام اللسان و
صوم اللسان خير من صيام البطن.
وقال أبو عبدالله ( عليه السلام ): إذا أصبحت صائما فليصم سمعك
وبصرك عن الحرام وجارحتك وجميع أعضائك عن القبيح، ودع عنك الهذي وأذى
الخادم، وليكن عليك وقار الصائم، وألزم ما استطعت من الصمت والسكوت إلا
عن ذكر الله، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك، وإياك والمباشرة والقبل
والقهقهة بالضحك فان الله يمقت ذلك.
وعن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي
عبدالله ( عليه السلام )، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال: قال رسول
الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ): ما من عبد صائم يُشتم فيقول: إني
صائم سلام عليك لا أشتمك كما تشتمني، إلا قال الرب تبارك وتعالى:
استجار عبدي بالصوم من شر عبدي قد أجرته من النار.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: أيما مؤمن أطعم مؤمناً ليلةً من شهر
رمضان، كتب الله له بذلك مثل أجر من أعتق ثلاثين نسمة ًمؤمنةً، وكان له
بذلك عند الله عزّ وجلّ دعوة مستجابة.
وقال الإمام الباقر (عليه السلام): يا جابر!..من دخل عليه شهر
رمضان، فصام نهاره، وقام ورداً من ليلته، وحفظ فرجه ولسانه، وغضّ بصره،
وكفّ أذاه، خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه، قلت له: جعلت فداك!..ما أحسن
هذا من حديث!..قال: ما أشدّ هذا من شرط!.
وعن الإمام الصادق(ع) انه قال:من صام لله عز وجل يوما في شدة الحر
فأصابه ظمأ و كل الله به ألف ملك يمسحون وجهه و يبشرونه حتى أذا افطر.
وعن الإمام الرضا (عليه السلام) انه قال: من قرأ في شهر رمضان آية
من كتاب الله كان كمن ختم القران فى غيره من الشهور.
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): كان الإمام علي بن الحسين (عليه
السلام) إذا كان شهر رمضان لم يتكلم إلا بالدعاء والتسبيح والاستغفار
والتكبير فإذا أفطر قال: اللهّم إن شئت أن تفعلَ فعلتَ. |