ليبيا... من نشوة الثورة الى اخفاقات الحرب

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يبدو ان الثورة الليبية اتخذت اكثر من منعطف حتى الان دون تحقيق هدفها المنشود في المتمثل بالاطاحة بنظام القذافي القابع في طرابلس. على الرغم  من المساندة الغربية لقوى المعارضة التي غيرت الكثير من مجرى المعارك التي دارت ولا تزال.

فقد اتخذت الانتفاضة الشعبية الليبية منذ انطلاقتها في البدء كتظاهرات سلمية للاحتجاج، عدة اوجه باتت تجردها شيء في شيء من صبغتها الثورية، لتتحول الى ما هو اقرب من الحرب الاهلية بين الشرق والغرب، مما قد يرجح فكرة بداية انقسام مجتمعي في حال استمرار الامور على ذات المنوال.

فيما لم تستثنى من ادوات المعركة لطرفي النزاع كل ما هو متاح لكسر شوكة الآخر، بدأ من التنكيل والتسقيط والترهيب، لتبرز عمليات الاغتيال كوسيلة مضافة لسياقات القتال الدائر. 

عبد الفتاح يونس

فما زالت ملابسات اغتيال القائد العسكري للثوار الليبيين اللواء عبد الفتاح يونس الذي كان من الموالين للعقيد معمر القذافي، غامضة لكن مقتله يشكل ضربة سياسية وعسكرية قاسية للمتمردين. وكان مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الهيئة السياسية للثوار، اعلن في مؤتمر صحافي في بنغازي "وفاة اللواء عبد الفتاح يونس رئيس الاركان العامة للجيش الليبي ورفيقيه العقيد محمد خميس والمقدم ناصر مذكور".

وقال ان يونس ورفيقيه تعرضوا لاطلاق نار من مسلحين، مشيرا الى ان القائد العسكري للثوار كان استدعي للمثول امام لجنة "للتحقيق بموضوعات تتعلق بالشأن العسكري"، ولكنه قتل قبل مثوله.

واعلن الحداد ثلاثة ايام على الضحايا، مؤكدا انه تم اعتقال رئيس المجموعة المتهمة بتنفيذ عملية الاغتيال وفتح تحقيق للوقوف على ملابسات ما جرى. ولم يقدم عبد الجليل اي ايضاحات اضافية حول ملابسات الحادث بعدما سرت شائعات خلال النهار تفيد بان اللواء يونس اعتقل في بنغازي للتحقيق معه بتهمة الاتصال بنظام العقيد معمر القذافي.

ودعا عبد الجليل الى "عدم الاصغاء للشائعات التي تحاول قوات القذافي نشرها في صفوفكم" لكن مسؤولا كبيرا في التمرد قال ان معمر القذافي اضطلع بدور في اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس.

وقال هذا المسؤول الكبير الذي طلب عدم الكشف عن هويته ان "تدخل القذافي واضح جدا في هذه القضية". واكد هذا المسؤول ان "كل هذه المؤشرات تفيد ان القذافي يقف وراء" الاغتيال.

وقال المسؤول الكبير نفسه "لا احد يملك كل الاجوبة لكنها ستأتي مع الوقت"، مقللا من خطورة حدوث انقسامات داخلية او تصفية حسابات من قبل جنود موالين ليونس او افراد قبيلته. وقال هذا المسؤول ان "الناس يعرفون ان (هذه الانشقاقات) تخدم مصلحة والناس ضد القذافي. حتى افراد قبيلته كانوا حكماء وادركوا انه فخ للقذافي لاثارة مشاكل". بحسب فرانس برس.

وحضر مسؤولان من قبيلة العبيدي التي كان ينتمي اليها يونس المؤتمر الصحافي لجليلي الخميس، لكن فور اعلان وفاته وصل عشرات المسلحين الذين قاموا باطلاق النار في الهواء.

وتم اجلاء الصحافيين بينما قال شاهد عيان ان المسلحين دخلوا باسلحتهم الى فندق تيبستي حيث عقد المؤتمر الصحافي، لكن قوات الامن نجحت في تهدئتهم واقناعهم بالرحيل. وقال احد الشهود العيان انهم كانوا يهتفون "انتم (المجلس الوطني الانتقالي) قتلتم يونس".

وفي المؤتمر الصحافي نفسه، دعا عبد الجليل المجموعات المسلحة المنتشرة مثل ميليشيات في بعض المدن الى الانضمام الى قوات المجلس الوطني. وقال "انه آخر ندء الى الافراد المسلحين داخل المدن. لن نسمح بالميليشيات المسلحة في المدن. هناك خياران: اما ان ينضموا الى الجبهة او يضعوا انفسهم تحت سلطة المجلس الوطني في المدن".

وكان يونس وزيرا للداخلية قبل انشقاقه عن القذافي، وكان يعتبر الرجل الثاني في النظام قبل انضمامه للثوار في الايام الاولى لاندلاع الثورة وهو مذاك تولى مناصب قيادية في صفوف الثوار.

مقتل السنوسي

على الجانب الآخر وبالرغم من نفي السلطات الليبية قيام حركة مسلحة وسرية محسوبة على الثوار بعملية نوعية في العاصمة الليبية طرابلس والتي استهدفت اجتماعا لمسؤولين ليبيين كبار إلا أن فوزي الغرياني المنسق العام للحركة الوطنية لتحرير ليبيا التي أعلنت تبنيها للعملية المعروفة باسم "عملية الأندلس"، قال لصحيفة "الشرق الأوسط"، من مقره في جزيرة جربة التونسية، إن رئيس جهاز الاستخبارات الليبية عبد الله السنوسي، قتل في هذه العملية، وأصيب رئيس الحكومة البغدادي المحمودي.

ويقاتل الثوار الليبيون نظام العقيد معمر القذافي منذ السابع عشر من شباط (فبراير) الماضي، لكن حسم المعركة في وقت قريب أصبح أمرا مشكوكا فيه. وجاءت "عملية الأندلس" كأول عملية من نوعها منذ قيام الثورة، استهدفت اجتماعا كان يشارك فيه سيف الإسلام، النجل الثاني للقذافي، في أحد الفنادق الحديثة في ضاحية الأندلس بالعاصمة، طرابلس.

وكشف الغرياني، وهو رجل أعمال وتاجر سابق انضم للثوار المناهضين للقذافي ويستخدم اسما مستعارا ويبلغ من العمر 47 عاما، أن الحركة التي تعتبر نفسها الجناح العسكري لمجلس طرابلس، وهي أيضا تنظيم سري مناوئ للقذافي، نفذت العملية بشكل منفرد ومن دون الاستعانة بحلف شمال الأطلسي (الناتو).

وقال الغرياني إن 6 من عناصر الحركة قاموا بتنفيذ هذه العملية، التي تمت بإطلاق صاروخي "آر بي جي" المضاد للدبابات، على مكان الاجتماع السري الذي كان يعقده نجل القذافي مع كل من البغدادي المحمودي والسنوسي وضو منصور رئيس الكتائب الأمنية الموالية للقذافي، واللواء الهادي أمبيرش أحد كبار مساعدي القذافي.

وأضاف الغرياني أن السنوسي، وهو صهر للقذافي، لقي حتفه في هذه العملية، بينما تم نقل ضو منصور على عجل إلى تونس للعلاج بعدما أصيب بحروق كبيرة في مختلف أنحاء جسده. وقال إن نجل القذافي نجا من الحادث، بينما أصيب رئيس الحكومة الليبية البغدادي المحمودي بإصابات طفيفة.

وعن تفاصيل العملية قال الغرياني: "حصلنا على معلومات عن تكوين غرفة قيادات، قيادة في فندق (شيراتون) بحي الأندلس، وتم رصدها عن طريق أحد العاملين فيه، وتم رصد المكان لمدة أسبوع بواسطة عناصر الحركة الوطنية لتحرير طرابلس". وأضاف أن "المقر المستهدف مفتتح منذ 15 يوما فقط، واستشرنا الناس في إمكانية الاستعانة بحلف ناتو، لكن وجدنا ان الفكرة لن تمضي لأن (الناتو) لن يضرب الفندق، ولذلك نفذنا العملية بشكل منفرد". بحسب صحيفة القدس.

وتابع: "لم يسهم (ناتو) في هذه العملية بأي شكل من الأشكال، وليس لدينا أي اتصال معه من قريب أو من بعيد، لم يكن أحد يعلم بها سوى عدد محدود للغاية".

وخلافا للرواية التي قدمتها الحركة، بأنها قصفت إحدى غرف الفندق الذي احتضن اللقاء السري بين المسؤولين الليبيين الرسميين، فقد قال الغرياني إن 6 من عناصر حركته توجهوا بسيارة إلى مدخل الفندق، وترجل منها اثنان منهم، قذفوا المدخل بقذيفتين حيث كان هؤلاء المسؤولون على وشك المغادرة على ما يبدو.

واستطرد قائلا: "القذيفة الأولى انطلقت في مواجهة السنوسي، ولا يمكن أن يكون قد نجا منها، واتصلنا صباح أول من أمس، بأحد أقاربه وهو ابن عمه، وأكد لنا مصرعه. أما القذيفة الثانية، فقد أصابت المكان الذي يوجد فيه ضو منصور القحصي الذي يتولى حاليا منصب آمر الكتائب الأمنية الخاصة بالقذافي"، مشيرا إلى أن سيف الإسلام القذافي، والبغدادي المحمودي رئيس الحكومة الليبية، كانا في الخلفية "ولهذا نجيا بينما أصيب البغدادي بجروح".

وإذا صحت ادعاءات الحركة الوطنية لتحرير ليبيا، فإن هذه هي المرة الأولى التي ينجح فيها الثوار المناهضون للقذافي، في القيام بعملية نوعية غير مسبوقة في قلب العاصمة الليبية، طرابلس، التي كثيرا ما قال القذافي إنه يتمتع فيها بتأييد شعبي وجماهيري منقطع النظير.

وعلى الرغم من الشكوك في مدى صحة الرواية التي تقدمها الحركة الوطنية، فإن منسقها العام الغرياني أجاب قائلا إنه يتحدى النظام الليبي أن ينفي مصرع السنوسي أو إصابة ضو منصور، مضيفا: "الجميع يعرفون من هو السنوسي وشكله. إذا كان حيا يرزق فليظهر على شاشات التلفزيون الرسمي الموالي للقذافي، وإذا كان ضو في طرابلس ولا يعالج في تونس كما نقول فليظهر أيضا".

وأضاف: "نتحدى النظام أن يكذِّب ما قمنا به. نحن لا ندعي بطولات زائفة، وسنصدر قريبا شريط فيديو هو في طريقه إلينا من طرابلس. لقد صورنا العملية برمتها حتى نؤكد للعالم مصداقية ما نعلنه".

ويطرح تنفيذ العملية بهذه الطريقة تساؤلات حول كيفية حصول الثوار على السلاح في معقل القذافي بطرابلس، بالإضافة إلى تساؤلات أخرى حول عدم قيام الحراس المرافقين عادة لكبار المسؤولين الليبيين بالرد على منفذي العملية. لكن الغرياني يقول في المقابل، إن ما حدث لم يكن متوقعا على الإطلاق، وإن المبنى المستهدف تم افتتاحه قبل نحو أسبوعين فقط، وتعمد النظام أن لا يضع حوله حراسة لافتة للانتباه كنوع من التمويه.

وتابع موضحا أن "القصف أربك الجميع، وكان همّ الحراس المرافقين لنجل القذافي تأمينه، حيث نقلوه على عجل في سيارة إلى خارج المكان. لقد حصل هرج ومرج واضطراب كبير. هذا لم يكن متخيلا وقوعه، والمفاجأة أعجزت الجميع عن الرد".

وقال الغرياني، إن الحركة الوطنية لتحرير ليبيا هي بمثابة الجناح العسكري لمجلس طرابلس وهدفها تحرير العاصمة وحمايتها، وحرمان أعوان النظام من تولي أي منصب سياسي في المستقبل.

وأشار الغرياني في حديثه إلى أن العاصمة الليبية تعج بعشرات الحركات والتنظيمات السرية المناهضة للقذافي، وقال: "كلها حركات سرية ضد القذافي رغم أنه يقول إن الشعب معه. لا أحد يحب طرابلس يحب القذافي، ومن تراهم في الإعلام يهتفون له، يدفع لهم النظام (أموالا)". وقال أيضا عن "التنظيمات السرية في طرابلس"، إنه على اتصال بـ6 منها على الأقل، موضحا أن هذه التنظيمات بصدد توحيد جهودها وتوسيع نطاق عملها ونوعيتها ضد نظام القذافي.

وأضاف: "نحن نعمل منذ أكثر من شهرين في طرابلس، وبيننا مدنيون وعسكريون ورجال أمن، وكل أطياف الشعب. عدد المنخرطين في صفوفها (التنظيمات) داخل طرابلس أكثر من ألفين، ولدينا 600 مقاتل في الجبل الغربي، ونحو 450 عنصرا في تونس"، وقال إن أحد هذه التنظيمات قام قبل أيام بإعدام اثنين من القيادات النسائية للحرس الثوري الموالي للقذافي في أحد شوارع طرابلس.

ومضى الغرياني يقول، إن تنظيمه يعتمد على التقنية والتكنولوجيا الحديثة في التواصل مع عناصر التنظيم في داخل طرابلس وتمرير المعلومات، وأضاف: "عندنا تواصل مع طرابلس ولدينا وسائلنا الخاصة، ولا تنس أننا نعيش عصر التكنولوجيا".

وأشار الغرياني إلى أن صواريخ "آر بي جي" التي استخدمت في عملية طرابلس، تم شراؤها من بعض عناصر الكتائب الأمنية الموالية للقذافي، وأن هناك سوق سلاح رائجة في طرابلس تمكن من لديه المال من الحصول على السلاح الذي يريده. وقال، إن سعر "الكلاشنيكوف" 3500 دينار ليبي، بينما الـ"آر بي جي" فيباع مقابل 7 آلاف دينار، مضيفا: "كل السلاح موجود. وأنت وفلوسك".

وبالإضافة إلى ذلك، كشف الغرياني عن أن الحركات السرية في طرابلس، ومن بينها حركته، قد تمكنت من اختراق نظام القذافي أمنيا، وقال: "لدينا رجال حتى داخل أجهزته الأمنية، وسنعلن لاحقا بعد سقوطا النظام عن الأبطال الذين يعملون لصالحنا داخل نظام القذافي"، معربا عن اعتقاده بأن القذافي ليس قويا على الإطلاق، قائلا: "هو يملك المال والمرتزقة فقط ولا يملك الليبيين. الليبيون أحرار ولم يكونوا معه مطلقا".

يشار إلى أن الناطق باسم الحكومة الليبية موسى إبراهيم نفى مرتين على الأقل، خلال الساعات الماضية وقوع أي هجوم من نوعه ضد أي اجتماع لمسؤولين في النظام الليبي. كما لم يتحدث أي من الإعلاميين والصحافيين الأجانب الموجودين في طرابلس عن سماع أي انفجار مزامن لتوقيت العملية التي تتبناها الحركة الوطنية لتحرير ليبيا.

فرقتهم الحرب

وبعيدا عن بنغازي معقل المعارضة التي تنعي قائد قواتها العسكرية قال انصار الزعيم الليبي معمر القذافي الذي يتهاوى نظامه الحاكم في ليبيا منذ 41 عاما في طرابلس ان الرجل الذي وصفوه بالخائن نال في النهاية المصير الذي يستحق. وأصاب مقتل رجل القذافي القوي السابق الذي انقلب عليه المعارضة وأنصارها في الغرب بضربة وأدى الى تضاؤل الامال أكثر في نهاية سريعة للحرب المستمرة منذ خمسة أشهر.

وما زال الغموض يلف تفاصيل مقتل يونس لكن علي الترهوني الوزير في حكومة المعارضة قال ان مقاتلي المعارضة الذين ارسلوا لاصطحابه من جبهة القتال بالقرب من البريقة الى بنغازي للتحقيق معه قتلوه والقوا جثته على الطريق خارج المدينة. واضاف الترهوني ان احد قادة المعارضة قد اعتقل وانه اعترف بأن جنودا تحت امرته نفذوا عملية القتل.

وقال العقيد علي عياد الذي عاد من الجبهة بعد ان سمع نبأ مقتل يونس "اللواء عبد الفتاح يونس كان أبانا. لقد كان رمزا للثورة."

واتهم عياد انصار القذافي في الشرق الذي تسيطر عليه المعارضة باغتيال يونس. بينما تحدث اخرون عن خونة في صفوف المعارضة وسط موجة من الشائعات ونظريات المؤامرة سادت بنغازي قلب الانتفاضة التي سيطرت على نحو نصف مساحة ليبيا لكنها لم تنجح حتى الان في الاطاحة بالقذافي.

ويقول محللون ان يونس اقام لنفسه عداوات من خلال دوره السابق تحت جناح القذافي وانه فشل في كسب بعض المعارضين. كما انه انغمس في صراع على قيادة القوات المسلحة للمعارضة مع خليفة حفتر الذي كان هو الاخر أحد الضباط في جيش القذافي.

وبينما دعا اقارب يونس وخطباء المساجد في صلاة يوم الجمعة في بنغازي الليبيين الى التوحد حول الانتقام لمقتل القائد المعارض لم يزرف سكان العاصمة الليبية طرابلس دموعا تذكر على رجل قالوا انه خان بلاده.

وقال محمد امين الذي يبيع الملابس في سوق في منطقة ابو سليم بطرابلس "في النهاية هو ليبي وموته موجع لنا جميعا." واضاف "لكن ما الذي يمكنني ان اقول.. في النهاية لقد باع بلده وشعبه وتسبب في مقتل الكثيرين." بحسب رويترز.

وقال الليبيون الذي اجرى مراسلون اجانب يصحبهم دائما مرافقون من الحكومة مقابلات معهم ان الحياة تمضي بشكل طبيعي على الرغم من الغارات الجوية والنقص في الوقود.

واعرب هؤلاء السكان عن تاييدهم للقذافي ورددوا وصف القذافي للمعارضة بأنها حفنة من المتطرفين الاسلاميين واللصوص والاجانب. وقال مراد ناجي أحمد "منذ اللحظة الاولى التي انشق فيها عبد الفتاح يونس توقفنا عن اعتباره ليبيا."

تركز على الوحدة

الى ذلك قالت وزارة الخارجية الامريكية ان مقتل القائد العسكري للمعارضة الليبية يمثل تحديا للمعارضة التي يتعين عليها ان تركز الان على تعزيز الوحدة داخل صفوفها. وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية ان الولايات المتحدة تبحث في مقتل عبد الفتاح يونس يوم الخميس في بنغازي ولم تصدر أي حكم بشأن من قد يكون مسؤولا عن الهجوم.

لكن تونر قال ان الاغتيال الذي يمثل ضربة لقوات يدعمها الغرب تقاتل للاطاحة بمعمر القذافي يسلط الضوء على التحديات التي تواجه المجلس الوطني الانتقالي في سعيه لقيادة تحول ديمقراطي في نهاية المطاف في ليبيا.

وقال تونر للصحفيين "المهم هو ان يعملوا بجد وشفافية لضمان وحدة المعارضة الليبية." وقالت المعارضة ان يونس الذي ظل لفترة طويلة احد اعضاء الدائرة المقربة للقذافي قبل ان ينشق في فبراير شباط قتل برصاص مهاجمين بعد استدعائه من على خط الجبهة لاجراء محادثات مع زعماء اخرين بالمعارضة.

ولم تقل المعارضة من الذين قتل يونس او اين قتل. وتزامن اغتياله مع هجوم جديد للمعارضة في الغرب ومزيد من الاعتراف الدولي بالمعارضة التي تأمل ان يساعد ذلك في الافراج عن مليارات الدولارات الليبية المجمدة.

وقال تونر ان مسؤولين أمريكيين في بنغازي معقل المعارضة يجرون محادثات مع قيادة المجلس الوطني الانتقالي "لمحاولة تكوين صورة عما حدث". وقال تونر "انه (يونس) شخصية كبيرة ولقد خسروا خبرته وقيادته العسكرية." وأضاف "ليس واضحا من المقصر هنا. رأينا تقارير تفيد بأنه كان شأنا داخليا. لم نتوصل الى استنتاجات حتى الان."

وكانت الولايات المتحدة واعضاء اخرين من مجموعة الاتصال الدولية بشأن ليبيا اعترفوا رسميا هذ الشهر بالمجلس الوطني الانتقالي بوصفه الحكومة الفعلية لليبيا. واستهدفت الخطوة تعزيز شرعية المجلس في مسعاه للحصول على تفويض موسع للمضي قدما في اصلاحات ديمقراطية.

وقال تونر ان واشنطن لا توجه اللوم على أحد في اغتيال يونس لكنها تؤكد لزعماء المعارضة ضرورة الحفاظ على هيكل موحد و"تذكر انهم يمثلون الشعب الليبي." وأضاف تونر ان الاغتيال متعلق بالعنف الناجم عن رفض القذافي التنحي. واستطرد "من المهم وضع اللوم في موضعه وانه يقع على القذافي."

تنامي الضغوط

من جهة أخرى استعد مقاتلو المعارضة الليبية في الجبل الغربي لشن هجوم جديد على قوات الزعيم الليبي معمر القذافي في تصعيد للضغوط عليه بعد اعتراف بريطانيا دبلوماسيا بالمعارضة. وعقب تراجع الامال في التوصل الى تسوية من خلال التفاوض بعد نشاط دبلوماسي محموم في الاسابيع الاخيرة أذعن طرفا الحرب الدائرة منذ خمسة أشهر للامر الواقع وأدركا ان الصراع سيتواصل في شهر رمضان في اغسطس اب.

وقال مسلحو المعارضة الذين يقاتلون في منطقة الجبل الغربي يوم الاربعاء انهم يستعدون لشن هجوم كبير للاستيلاء على مدينة الغزايا الاستراتيجية قرب الحدود مع تونس خلال الساعات الثماني والاربعين القادمة.

وشوهدت عشرات الشاحنات المسلحة تتجه صوب نالوت القريبة من الحدود. كما تمركزت نحو 30 شاحنة صغيرة أخرى مموهة بالطين الى الشرق منها استعدادا للمشاركة في الهجوم.

وقال عمر فكان وهو قائد ميداني من المعارضة لرويترز "نعزز الموقع حول نالوت وسنهاجم الغزايا غدا أو بعد غد بكل تأكيد. نخطط للاستيلاء عليها." وتابع ان قوات من عدد من المدن التي تسيطر عليها المعارضة في جبل نفوسة بغرب البلاد تتجمع في نالوت وتستعد للهجوم.

وسيطر مقاتلو المعارضة على مساحات كبيرة من الاراضي الليبية منذ بدء انتفاضتهم ضد حكم القذافي الممتد منذ 41 عاما وهم يسيطرون الان على منطقة جبل نفوسة وشمال شرق ليبيا ومدينة مصراتة في الغرب.

لكن مقاتلي المعارضة مازالوا يفتقرون للتنظيم والتسليح الجيد. ورغم الضربات الجوية لحلف شمال الاطلسي على مدى أربعة أشهر الا انهم فشلوا في احراز أي مكاسب كبيرة قبل بداية شهر رمضان في أول أغسطس.

وسخر القذافي من الجهود الرامية لانهاء حكمه وتحدى هجوم المعارضة المتعثر الان والهجمات الجوية التي يشنها حلف شمال الاطلسي على قواته وعلى البنية التحتية لجيشه. ولم تحقق الجهود الدبلوماسية المحمومة التي بذلت مؤخرا الكثير وأصرت المعارضة على ان يتنحى القذافي كخطوة أولى بينما تقول حكومته ان دوره ليس محل تفاوض. بحسب رويترز.

وزار مبعوث الامم المتحدة عبد الاله الخطيب الجانبين وعرض خططا لوقف اطلاق النار وحكومة لاقتسام السلطة تستبعد القذافي دون ان يحقق أي تقدم ملموس.

وحين سئل مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي المعارض عن اقتراح الخطيب قال ان المعارضة فوجئت بعد اتخاذ عشر خطوات الى الوراء بان العرض هو اقتسام السلطة مع نظام القذافي وهذا مضحك.

وفي وقت سابق قال عبد الجليل ان المجلس كان عرض قبل شهر على القذافي البقاء في البلاد بشرط تنحيه أولا ولكن هذا العرض انتهى الان. وأضاف للصحفيين في مدينة بنغازي بشرق البلاد أن هذا العرض لم يعد ساريا. وقال انه جرى التقدم بالعرض قبل شهر عن طريق مبعوث الامم المتحدة مع تحديد مهلة مدتها أسبوعان. وأردف قائلا ان الاسبوعين مرا ولم يعد العرض قائما.

وبدا القذافي أيضا متحديا وطالب المعارضة بالقاء السلاح والا واجهت الموت. وفي رسالة صوتية بثت في حشد مؤيد للزعيم الليبي في بلدة على بعد 140 كيلومترا غربي معقله في العاصمة طرابلس قال القذافي ان الكل سيقود هذه المعركة "حتى النصر.. حتى الشهادة."

وفي تصعيد للضغوط على القذافي طردت بريطانيا وهي من الدول الرئيسية المشاركة في الحملة التي تستهدف الاطاحة بالقذافي دبلوماسييه من لندن ودعت المجلس الوطني الانتقالي ليحل مكانهم. وأعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيج ان بريطانيا اعترفت الان بالمجلس الوطني الانتقالي المعارض على انه الحكومة الشرعية لليبيا وأفرجت أيضا عن 91 مليون جنيه استرليني من أصول شركة الخليج العربي للنفط المجمدة في بريطانيا.

واعترفت الولايات المتحدة و30 دولة اخرى بالمعارضة وهو ما سيؤدي الى الافراج عن مليارات الدولارات المجمدة. وانتقدت روسيا مثل هذه الاجراءات واتهمت الدول بالانحياز الى طرف في حرب أهلية.

وقال هيج في مؤتمر صحفي "ندعو المجلس الانتقالي الى تعيين مبعوث دبلوماسي ليبي جديد للسفارة الليبية في لندن." وقال هيج "يعكس هذا القرار الشرعية المتزايدة للمجلس الوطني الانتقالي والكفاءة والنجاح في التواصل مع الليبيين في أنحاء البلاد." وانتقدت الحكومة الليبية الخطوة البريطانية وقالت انها "غير قانونية وغير مسؤولة."

وقال خالد كعيم نائب وزير الخارجية الليبي ان حكومته ستتوجه الى محكمة العدل الدولية والمحاكم البريطانية لتحقيق العدالة. لكن الخطوة البريطانية لقيت ترحابا من المعارضة في الجبل الغربي. وقال فكان "تشجعنا بما فعلته بريطانيا ويستحيل ان يبقى القذافي في ليبيا." واستطرد "القتال سيشتد الان لان عليه ان يقاتل حتى ينجو.. الليبيون لا يريدونه."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 30/تموز/2011 - 28/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م