شبكة النبأ: كل ما يسعى إليه الانسان
دائما، هو أن يتقدم خطوة الى أمام في حياته، ويتطلب تحقيق هذا الهدف،
جملة من الاشتراطات الذاتية والموضوعية، فإذا تحقق هذه الاشتراطات،
يمكن للانسان أن يقوى ويتصاعد في مساره الصحيح الناجح، فثمة جانبين
يشتركان في تطور الانسان وبنائه، الاول هو الارادة التي يمكنها تحجيم
الاهواء والرغبات، التي تدفع إليها النفس، والثاني طبيعة الظروف
المحيطة به، ودرجة مؤازرتها للانسان، كي يحقق درجة نجاح مقبولة في
حياته.
إذن لابد للانسان أن يتحلى بإرادة قادرة على قيادة النفس وليس العكس،
لكي يُتاح له فرصة التغيير نحو الافضل، ولابد أن تتوافر الظروف
الملائمة والمساندة لتحقيق التغيير الافضل، لهذا يعتبر شهر رمضان
المبارك فرصة ذهبية لتحقيق التغيير الامثل للانسان.
في هذا الخصوص، يؤكد سماحة المرجع الشيرازي، آية الله العظمى، السيد
صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في كتاب جميل يحمل عنوان من (عبق
المرجعية) يؤكد على: (ان شهر رمضان هو شهر الله سبحانه وتعالى، اختص
به دون باقي الشهور، فهو شهر لتنظيم حياة الانسان، والتغيير نحو الافضل،
والتطهر من كل دنس، والطاعة لله سبحان).
إذن هذا الشهر يمثل تحقيق الاشتراطات الموضوعي،ة لتحقيق النقلة
المرتقبة في حياة الانسان، حيث تسود اجواء المحبة والتسامح والهداية
بين الجميع، وهي تمثل فرصة مواتية جدا لتحوّل الانسان، من حال أسوأ الى
حال نفسي إيماني أفضل، يتيح له تحقيق النجاحات في عموم المجالات
المادية والمعنوية، ودائما هناك فرصة متاحة للتغيير.
يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الصدد: (مهما كان الانسان بعيدا
عن الخير والصلاح والتقوى، يمكنه ان يستفيد من اجواء شهر رمضان
المبارك، لتغيير نفسه، فإن الله تعالى اودع هذه القدرة في الانسان،
وشهر رمضان فرصة مناسبة جدا لهذا الامر).
ويضيف سماحته قائلا: (من الممكن ان يغير الانسان نفسه خطوة خطوة،
وشهر رمضان، مناسبة جيدة جدا للغيير).
وليست هناك حدود معينة لنجاحات الانسان، فغالبا ما تكون فضاءات
العمل المميز مفتوحة الى ما لانهاية، حيث الرغبة في تقويم الذات
وبنائها على النحو الامثل، بالتوازي مع البناء المادي السليم الذي يدعم
البناء الروحي، ولذلك يعد شهر رمضان من بين جميع الشهور، هو الوقت
الافضل لتغيير حياة الانسان نحو المسار الصحيح، إذ يقول سماحة المرجع
الشيرازي حول هذا الموضوع: إن (شهر رمضان المبارك، هو شهر بناء الذات،
وتغيير النفس، وهذا الامر مطلوب من الجميع، يستوي في ذلك اهل العلم
وغيرهم، ومهما يبلغ المرء درجة في هذا الطريق، فثمة مجال للرقي ايضا).
إن أجواء السلام والايمان التي تسود العالم في هذا الشهر، وخاصة
العالم الاسلامي، تجعل من الانسان لطيفا حساسا رقيقا مسالما، ومدافعا
عن حقوق الآخرين، وغالبا ما يهفو قلبه لمساعدة الآخرين، لاسيما
المحتاجين والفقراء، لأنه يشعر بمعاناتهم، ويتمنى أن يكون عونا لهم،
فتسمو روحه واخلاقه وكلماته معا، في إطار إنساني متناغم، ينتج عن النفس
المهذبة، التي جمَّلتها الاجواء الرمضانية المتسامحة، حتى تجعل منها
المعين الاجمل والافضل، للناس الآخرين، لاسيما من هم بحاجة للعون.
لذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي بهذا الخصوص على أن: (شهر رمضان
المبارك يلطّف المشاعر والأحاسيس، بما جعل فيه من البرامج، وخاصة
الصيام التي تجعل الانسان يشعر بآلام الفقر، ويعيش ولو بنسبة، مآسي
المحرومين، لذا ينبغي للمؤمنين الكرام، الاهتمام اكثر من ذي قبل
بالفقراء والمحرومين، في كل بلدان العالم).
وهناك وسائل مساعدة للانسان، في الاستفادة من الاجواء الرمضانية،
وأهمها تلاوة القرآن الكريم، فهو كتاب حياة، ودستور يمنح الانسانية
مسارا أكيدا نحو الخير والنجاح الابدي، لذا يركّز سماحة المرجع
الشيرازي على هذا الجانب قائلا: (ينبغي علينا في شهر رمضان المبارك،
تلاوة القرآن الحكيم، والتدبر فيه، فهو المقياس الادبي لسعادة الدنيا
والاخرة، فمن اتبعه سعد في الدارين، ومن تركه شقي في الدين).
ونسأل الله تعالى الهداية للعباد جميعا، وأن يكون شهر رمضان
المبارك، فرصة لتصحيح المسارات وتحقيق الرضى الالهي للجميع. |