ماذا يفعل العلم الايراني

في احداث ليبيا وسوريا؟

محمد الوادي

من الواضح ان العراق اكثر البلدان العربية فرحا بالربيع العربي، وذلك لانه كان السباق في هذا الربيع وكان قد اعتلى منصة السبق والفوز قبل كل الثورات العربية دون منازع او منافس، وفي الجانب الاخر ان الاحداث وتفاصيلها المثيرة في هذه الثورات العربية سحبت البساط من تحت اقدام مايطلق عليهم كذبا " منظري ومفكري القومية العربية " واعلام الطائفية العربية الشهيرة ومعهم بهائم التفخيخ ومنظريهم وداعميهم.

 وذلك لسبب بسيط جدا ان جميع هذه الثوارت العربية استنجدت بالغرب " وبالاحتلال الامريكي والغربي " في العراق لمساعدتهم عسكريا وسياسيا لازاحة هذه الانظمة الديكتاتورية.

وفي خلال ثماني سنوات مضت كان يعيب هولاء القومجية والبهائم ويحرضون على العراقيين لتطابق مصالحهم في مقطع تاريخي فريد مع قوات التحالف لاسقاط نظام الصنم، لكن نفس هذه المنابر والطبول والمفكرين الورق ومنظري الكذب وبهائم الموت ووعاظ السلاطين الان تصفق وتهلل لطائرات القوات الغربية وهي تقصف مدن ليبيا حد العتب والزعل اذا تاخرت طائرات اف 16من قصف طرابلس الغرب في احدى الليالي!! بل ان قوات وطائرات عربية تشارك بهذه الفعل الذي فقد عذريته في بعض الجوانب المهمة. كما هو الحال في بلدان عربية اخرى وان اختلفت طرق وأليات التدخل والتحريض.

وفي ظل صورة هذه الاحداث التاريخية والتغيرات الجوهرية التي تجري في العالم العربي، يتواجد داخل هذه الصورة مقطع غاية في الخطورة لايتم الاشارة اليه ولا استدعائه لطاولة النقاش والندوات العربية التي تعقد في كل المحافل المستمرة منذ اشهر دون انقطاع تحت عناوين قومية ويافطات ديمقراطية شتى. هذا المقطع يختص بالتدخل التركي الشنيع بالاحداث العربية وبشكل يدعو الى الدهشة وضرورة المراجعة والمتابعة والملاحقة والتدقيق لاسباب عدة قد يكون أولها ما سر هذا الاندفاع التركي الذي كشف عن وجوه متعددة ومركبة تعيد للاذهان الاحتلال العثماني للبلدان العربية الذي دام لاكثر من 400 عام من التخريب تحت شعار الخلافة الاسلامية.

وتركيا اليوم تتصرف بوجه عثماني كوصي على العرب الذين ادخلوا الاسلام اليها بدستور احرف كتابه نزلت من السماء بتكريم الاهي جاءت بلغة عربية. وتركيا تحاول مسك خيوط الاخوان المسلمين في البلاد العربية للتوجيه والتحكم!! وتركيا تدخل على الجانب الطائفي فتلعب دور مشبوه في احداث سوريا وبطرق تحريضية و استفزازية مسخة في كثير من الاحيان!!

 بنفس الوقت الذي تلعب فيه بدور خطير في العراق الجديد لكن بشكل مستتر بسبب اختلاف الظروف والوقائع في العراق مع دور اخر اقتصادي " ومائي " خطير. كل ذلك تقوم به تركيا وهي العضو النشيط وراس الحربة الجغرافي في حلف الناتو!! وادوار تركيا هذه تقوم بها بنفس الوقت الذي تربطها علاقات ومعاهدات ستراتيجية مع بني اسرائيل لن تغير جوهرها لعبة اسطول الحرية الذي ذهب ضحيتها بعض الابرياء، بل ان طائرات بني اسرائيل مازالت تتدرب في الاجواء التركية بمعدل اربعة ايام في الاسبوع دون انقطاع. فاين التطابق المفروض بين اوجه وادوار تركيا المتعددة في البلدان العربية والمنطقة!؟

النتيجة المنطقية ان تركيا بمثابة " مساكة النار " الغربية والاسرائيلية والطائفية في المنطقة وهي الذراع التنفيذي لهذه الخطط ضمن لعبة مزدوجة تحاول فيها بنفس الوقت تطبيق اجندتها وضمان مصالحها على مستوى المنطقة ولو بوجه عثماني او بوجه طائفي او غيره من الوجوه المستترة، وبمباركة واضحة من بعض البلدان العربية المتخبطة في ميزان المنطقة.

ان صورة العلم التركي وهو يتوسط المظاهرات و الاحداث العربية في ليبيا وسوريا وبلدان عربية اخرى في حقيقة الامر يدعو الى استفزاز الرشد والاستماع الى صوت المنطق وصوت ناقوس الخطر المغيب من قبل الاعلام العربي في هذا الاتجاه. فلقد اصبح من المسلمات ان نرى على الشاشات والصحف العربية العلم التركي في مظاهرات او معارك عربية دون ان يستوقف ذلك المواطن العربي لمجرد السؤال عن مكان ودور هذا العلم ونتائجه على مستوى بلداننا، فاذا كان هذا العلم يستمد موقفه ودوره من مواقف رسمية عربية مكشوفة تبحث عن " أب او راعي ولو عن طريق زوج الام " فان دور المثقف والاعلامي العربي يجب ان يكون اكثر وضوح في الاشارة الى خطورة دور " زوج الام الاجنبي التركي " الذي يروج له الاعلام العربي، وكأننا امة من القاصرين بحاجة دائمة الى وصي، وكأن عجز بعض الانظمة العربية وصل الى حدود فقدان البوصلة وبدورها افقدتها عذريتها الشرعية التي تدعيها.

وفي ظل هذه الحقائق الخطيرة سيكون من المنطقي طرح السؤال التالي.. ماذا لو كان ذلك العلم ايراني وليس تركي!؟ الجواب سيكون عملي من خلال الندوات العربية وطبول الاعلام العربي الفارغ والتصريحات الرسمية الهزيلة والمضحكة لبعض العرب. مع العلم ان دور الاب زوج الام مرفوض في الحالتين اذا كان ايراني او تركي طالما ان الاب الشرعي الحقيقي موجود بوجود الشعب العربي وبضرورة توافر الشرعية الدستورية الغائبة في معظم البلدان العربية.

 ولو كان العلم الايراني يقوم بدور العلم التركي لكان السؤال اكثر الحاح وقوة وانتشار من قبل الاعلام العربي، ولاصبح مثل " كبسولة " الدواء الضرورية والحتمية ولتردد في كل لحظة.. ماذا يفعل العلم الايراني في سوريا وليبيا!! والسبب في ذلك جدا بسيط وذلك لان الخلل العربي يطمئن بطائفيته وبامتياز وقبل كل شيء أخر.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 27/تموز/2011 - 25/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م