
شبكة النبأ: تثير الإجراءات التي يقوم
بها الجيش المصري الذي يهيمن على مقاليد السلطة بعد أطاحت ثورة الشباب
بنظام مبارك الكثير من مشاعر السخط والإحباط في الشارع المصري، خصوصا
مع تصعيد القوات العسكرية مواجهاتها مع المدنيين المطالبين بتحقيق ما
قامت لأجله الثورة.
ويتهم الجيش المصري بمحاولاته للتغطية على قضايا الفساد السائدة في
مرافق الدولة، والضغط لتمييع محاكمة رموز النظام السابق عبر الإبطاء في
إجراءها، فيما وجد بعض المراقبين في سياسة المجلس العسكري الحالية
مشروع لتفتيت الثورة بشكل غير مباشر.
الى جانب ذلك كشف عن قيام الجيش المصري بانتهاكات واسعة في صفوف
المدنين، سيما المعتقلين منهم، المطالبين بالمزيد من الإصلاحات
السياسية، وشملت تلك الانتهاكات الأخيرة عمليات تعذيب نفسي وجسدي واسعة
النطاق، مع استمرار المحاكمات العسكرية بحق معظم من تم اعتقالهم.
عودة المتظاهرين
فقد أكدت مصادر بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر، أن الجيش قام
بفتح "ممر آمن" أمام مئات المتظاهرين المتواجدين في ميدان "العباسية"،
للعودة إلى ميدان "التحرير"، في أعقاب أحداث العنف التي وقعت، وخلفت ما
يقرب من 300 جريح.
وقال قائد الشرطة العسكرية، اللواء حمدي بدين، إن القوات المسلحة
دفعت بعدد من المدرعات لحماية المتظاهرين، حتى يتمكنوا من العودة إلى
ميدان التحرير سالمين، وسط مخاوف من تجدد الاشتباكات بين متظاهرين
يطالبون بإسقاط المجلس العسكري، وآخرين يعارضون مطالب المجموعة الأولى.
وأفاد التلفزيون المصري بأن المحتجين الذين كانوا يعتصمون في ميدان
العباسية، بالقرب من مقر وزارة الدفاع، اختلفوا فيما بينهم حول العودة
إلى الميدان مرة أخرى، لمواصلة الضغط على المجلس العسكري، بعد أحداث
العنف التي شهدتها المنطقة على مدى اليومين الماضيين، أو التوجه إلى
ميدان التحرير.
من جانبه، أكد مساعد وزير الصحة للشؤون الفنية والسياسية، عبد
الحميد أباظة، أن عدد المصابين الذين سقطوا في اشتباكات ميدان العباسية،
ارتفع إلى 296 جريحاً، مشيراً إلى أن الإصابات تتراوح بين إصابات في
الرأس، وجروح عميقة، وسطحية، وكدمات في مناطق مختلفة من الجسم.
إلى ذلك، أوردت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مصدر عسكري قوله إن
عناصر القوات المسلحة من الشرطة العسكرية، تعاملت مع المتظاهرين بمنطقة
العباسية، "بأقصى درجات ضبط النفس، رغم قيام معتصمي ميدان التحرير برشق
رجال القوات المسلحة بالزجاجات والحجارة."
وأوضح المصدر أنه أثناء تقدم معتصمي ميدان التحرير في طريقهم إلى
مسجد "النور"، قام أفراد من اللجان الشعبية بعمل حاجز بين المعتصمين
وقوات الجيش، فقام المعتصمون بإلقاء الحجارة والزجاجات على أفراد
اللجان الشعبية ورجال القوات المسلحة، الأمر الذي أدى إلى وقوع عدد من
الجرحى تم نقلهم إلى المستشفيات.
وأضاف المصدر العسكري، الذي لم تكشف الوكالة الرسمية عن اسمه أو
طبيعة منصبه، أن المعتصمين قاموا أثناء ذلك، "في مشهد يثير التساؤل"،
بحسب وصفه، بالدخول إلى الشوارع الجانبية بمنطقة العباسية، ومهاجمة
المواطنين من أفراد اللجان الشعبية، وأشعلوا النار في عدد من السيارات
والمارة أيضاً.
وجدد المصدر تأكيده على أن عناصر القوات المسلحة "لم تتعامل مع
المعتصمين بأي شيء من القوة، ولم تخرج طلقة واحدة تجاه المواطنين"،
وأشار إلى أن المنطقة بدأت تشهد حالة من الهدوء عقب مغادرة الأغلبية
منهم، موضحا أن أعداد المعتصمين تراوحت، في بادئ الأمر، ما بين ثلاثة
إلى أربعة آلاف.
يُذكر أن المسيرة، التي دعت إليها حركة "شباب 6 أبريل" وبعض القوى
السياسية، من ميدان التحرير إلى وزارة الدفاع، جاءت احتجاجاً على اتهام
المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد في الفترة
الانتقالية، للحركة بالسعي للوقيعة وزرع الفتنة بين الجيش والشعب،
وحصول بعض أعضائها على تمويل أجنبي.
ووصف ناشطون أحداث العباسية بـ"موقعة الجمل الثانية"، حيث تعرضوا
لـ"الضرب، والاعتداء والهجوم عليهم بالعصي والحجارة وزجاجات المولوتوف"،
من قبل من وصفوهم بالبلطجية، وذلك أمام الجيش، الذي اكتفى بوضع الأسلاك
الشائكة، لمنع المسيرة من الاتجاه إلى وزارة الدفاع.
وقال ناشطون بالحركة الشبابية إنه على المجلس الأعلى للقوات المسلحة
تقديم ما لديه من مستندات ضد "حركة 6 أبريل" إلى القضاء، بدلاً من
الإعلان عنها في البيانات والتلفزيون وموقع فيسبوك، بحسب تعبيرهم. بحسب
السي ان ان.
وكانت العلاقة بين مجموعة من القوى السياسية المصرية والمجلس الأعلى
للقوات المسلحة قد توترت بشكل واضح مؤخراً، مع عودة الاحتجاجات إلى
ميدان التحرير وتحولها إلى المطالبة بكف يد الجيش عن إدارة البلاد، ما
دفع المجلس إلى التنديد ببعض تلك القوى، وخاصة حركة "6 أبريل."
ورد ممثلو 28 من القوى السياسية والمجموعات والحركات الشبابية
المعتصمة في ميدان التحرير بإعلان الرفض التام لما وصفوه بـ"نبرة
التخوين الناجم عن عدم تقبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة للنقد
والاختلاف السياسي في طريقة إدارته السياسية للبلاد، ومحاولات إحداث
انقسام بين القوى الثورية والشعبية."
وأوضحت القوى في بيان لها، أن حركة شباب 6 أبريل "هي جزء من نسيج
الحركة الوطنية المصرية، وأن الدعوة لمسيرة سلمية أمام المجلس العسكري
مجمع عليها من كافة القوى والحركات الشبابية والأحزاب السياسية بمختلف
المحافظات"، بحسب البيان
المحاكمات العسكرية
الى ذلك لم تتجاوز المحاكمة العسكرية للممثل المصري علي صبحي 20
دقيقة بعد ساعات من القاء القبض عليه في مارس اذار مع أكثر من 160
محتجا اخرين في وسط القاهرة. كان صبحي من بين محظوظين تمت تبرئتهم من
اتهامات "بالبلطجة" بعد حملة للافراج عنهم لكنه قضى أربعة أيام في
السجن وأصبح يشكك الان في نوايا المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد.
وقال ان هناك الاف الشبان محتجزون في سجون عسكرية لسبب بسيط هو أنهم
كانوا في الشارع في الوقت الخطأ. وأضاف أنها خطة لتفتيت الثورة لانهم
اذا اعتقلوا البعض فان الاخرين سيخافون من الخروج في احتجاجات.
ويتنامى الغضب من ادارة المجلس الاعلى للقوات المسلحة لعملية
الانتقال الى الحكم المدني في مصر. ويقول متظاهرون معتصمون في ميدان
التحرير بوسط القاهرة ان الجيش يتباطأ في تطهير النظام وانهاء ممارسات
فساد تعود لايام الرئيس السابق حسني مبارك.
ويشير المتظاهرون الى محاكمة الكثير من المدنيين عسكريا وهو اجراء
كان سائدا في عهد مبارك ويمارسه الان المجلس العسكري بقيادة المشير
محمد حسين طنطاوي الذي يتولى منصب وزير الدفاع منذ 20 عاما في حكومة
مبارك.
لكن حتى في عهد مبارك كانت المحاكمات العسكرية للمدنيين تقتصر على
المشتبه بهم في قضايا أمنية خاصة أيام نشاط الجماعات الاسلامية المسلحة
في التسعينيات وليس المدنيين العاديين.
ويقول نشطاء وجماعات معنية بالحقوق ان المحاكمات العسكرية التي جرت
بالجملة في الشهور القليلة الماضية تثير تساؤلا حول رغبة المجلس
العسكري في تحويل مصر الى بلد ديمقراطي.
ويقول المجلس ان هذه المحاكمات مقتصرة على الجرائم الخطيرة وليس
الهدف منها قمع حرية الرأي لكن نشطاء وجماعات معنية بالحقوق يشيرون الى
ست حالات على الاقل من الاعتقالات العشوائية لتفريق مظاهرات خلال
الشهور القليلة المنصرمة. بحسب رويترز.
وقال شادي حامد مدير الابحاث في مركز بروكينجز بالدوحة ان الجيش
أثبت انه يرتكب نفس الممارسات التي كانت تستخدم أيام نظام مبارك. وأضاف
أن السجن بسبب التظاهر هو نقيض ما كان الناس ينادون به في ميدان
التحرير.
وترى جماعات للحقوق أن المحاكمات العسكرية للمدنيين تقوض سيادة
القانون وتعوق التحول المنظم وتقول انه كان من الافضل استخدام النظام
القضائي المدني رغم عيوبه ووتيرته البطيئة.
وتقول منظمة هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وجماعات أخرى
معنية بالحقوق ان عشرة الاف مدني على الاقل مثلوا أمام محاكم عسكرية
منذ تخلي مبارك عن منصبه في 11 فبراير شباط بعد الثورة المصرية.
وتتراوح الاتهامات التي وجهت لهؤلاء من سرقات صغيرة الى جرائم عنف
ويمكن أن تكون العقوبات صارمة. وحكم على صاحب محل بالسجن سبع سنوات
بعدما أدانته محكمة بسرقة أربعة أحذية وبطاقة للهاتف المحمول. ونفى
صاحب المحل الاتهام الموجه له.
وقال اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس الاعلى للقوات المسلحة للصحفيين
انه يجب ألا يحاكم أي مدني عسكريا لكن الوضع الطارئ الذي تعيشه البلاد
جعل المحاكمات العسكرية تحل محل المحاكمات المدنية الى ان تصبح المحاكم
المدنية قادرة على العمل.
وردا على الانتقادات أعلن المجلس رقما للفاكس في حالة وجود أي شكاوى
أو استفسارات بشأن محاكمات عسكرية سابقة للمدنيين. وكان هذا غير كاف
بالنسبة لصبحي واخرين.
وقال عادل رمضان وهو محام معني بحقوق الانسان ويعمل مع المبادرة
المصرية للحقوق الشخصية ان اصرار الجيش على الدفاع عن القضاء العسكري
هو مشكلة في حد ذاته. وأضاف أن هذه سياسة تبنتها القوات المسلحة ولا
ترغب في التخلي عنها.
ويمثل أمام المحاكم العسكرية من خمسة الى 30 متهما في القضية
الواحدة التي تستمر مداولاتها بين 20 و40 دقيقة لاتهامات بانتهاك حظر
التجول أو حيازة أسلحة غير مرخصة أو تدمير الممتلكات أو السرقة أو
الاعتداء. وتراوحت أحكام السجن بين ستة أشهر و25 عاما.
وعادة لا يسمح للمتهمين في القضايا العسكرية التي لا تكون علنية
باختيار محامين يمثلونهم الا في القضايا التي تسلط عليها الاضواء مثل
قضية المدون مايكل نبيل البالغ من العمر 26 عاما والذي حكم عليه بالسجن
ثلاث سنوات بتهمة اهانة المؤسسة العسكرية.
وقال مارك نبيل شقيق مايكل ان شقيقه اتصل به وأبلغه بأن محاكمته
ستبدأ في غضون 30 دقيقة وتساءل أين العدل في ذلك. وابلغ مارك جماعات
للحقوق ووسائل الاعلام وأحضر محاميا للدفاع عن شقيقه.
وقال القاضي العسكري لمحامي مايكل ان الحكم تأجل بناء على طلبهم
وطلب منهم مغادرة قاعة المحكمة. واكتشف المحامون فيما بعد أن القاضي
أصدر حكمه بادانة موكلهم في غيابهم.
وذكر مارك أن المجلس العسكري يعتقل أي شخص يحب أن يعتقله ويتهمه
بالبلطجة وفي خلال 10 ساعات يدينه ويمكن أن يحكم عليه بالسجن ثلاث
سنوات.
وتقول جماعات معنية بالحقوق ان المحاكمات العسكرية تقوض النظام
القضائي المدني خلال الفترة الانتقالية التي يدير المجلس العسكري شؤون
البلاد خلالها.
وقالت هبة مورايف من منظمة هيومان رايتس ووتش انها تأسف لانه لا
يوجد المزيد من التركيز على مضمون الانتقال. وأضافت أن المصريين
يواجهون ارثا ثقيلا وتحديا لحكم القانون واستقلال القضاء.
وكان قانون الطوارئ الذي أعطى وزارة الداخلية في عهد مبارك سلطات
مطلقة في الاعتقال قد أسفر عن سجن ما بين عشرة الاف و14 ألفا بدون
محاكمة عادلة. وتشعر جماعات معنية بالحقوق أن القانون مازال يستخدم
لاعتقال أشخاص بدون وجه حق. وقالت هبة مورايف ان ما حدث يمكن ان يكون
استبدال وزارة الداخلية بالجيش.
ويقول نشطاء حقوقيون ان الفراغ الامني الذي أعقب الاطاحة بمبارك كان
معناه أن تلعب المحاكمات العسكرية دورا في اعادة فرض الامن لكن السؤال
هو لماذا اتسع نطاقها منذ ذلك الحين..
ويقول محتجون ان الجيش كان يجب أن يدفع باتجاه محاكمة أسرع لمبارك
القائد الاعلى السابق للمجلس الاعلى للقوات المسلحة وأركان نظامه
المتهمين حاليا بالفساد واستغلال السلطة.
وفي محاولة لتهدئة الغضب قال الجيش في صفحته على موقع فيسبوك
للتواصل الاجتماعي ان المحاكمات العسكرية ستقتصر على "أعمال البلطجة
المصحوبة باستخدام الاسلحة النارية أو الاسلحة البيضاء والتي تؤدي الى
ترويع المواطنين وجرائم الاغتصاب وجرائم التعدي العمد على رجال الامن
أثناء تأدية مهام وظيفتهم."
وتقول منى سيف من مجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين ان تهمة
البلطجة الفضفاضة استخدمت كثيرا. وأضافت أنه طالما استمرت المحاكمات
العسكرية للمدنيين فان السلطات ستجد فرصة لقمع الاحتجاجات وتهديد
الحريات المدنية. وقالت ان ذلك كله لا يحدث فرقا لان معظم الاتهامات
مفبركة.
وينفي المجلس العسكري احتجازه لاي متظاهرين ويقول انه لا يحتجز الا
"بلطجية" يسعون لاحداث شقاق بين الجيش والشعب لكن نشطاء يقولون ان
المحاكمات العسكرية للمدنيين تؤجج انعدام الثقة في لواءات الجيش
واحساسا دائما بالظلم.
وقال مارك ان الجيش يجب أن يوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين سواء
أراد هذا أم لا. وأضاف أن المتظاهرين الذين ظلوا في ميدان التحرير 18
يوما من أجل الاطاحة بمبارك سيظلون لهذه الفترة وأكثر منها لاجبار
المشير أو أي شخص يريد فرض رؤيته على المسار الصحيح.
طنطاوي وقوته التي لا تلين!
وفي أول كلمة يوجهها إلى الشعب المصري منذ أحداث ثورة 25 يناير/
كانون الثاني الماضي، سعى المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى
للقوات المسلحة، الذي يتولى إدارة شؤون البلاد، إلى تأكيد دعم الجيش
للثورة، التي وصفها بأنها تحمل "مبادئ سامية ونبيلة"، إلا أنه شدد على
أن المجلس العسكري عازم على مواجهة التحديات، سواء الداخلية أو
الخارجية، "بقوة لا تلين."
ففي كلمته بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو/ تموز عام 1952، خاطب طنطاوي
المصريين قائلاً: "أبناء شعب مصر العظيم، تمر هذه الأيام 59 عاماً على
قيام ثورة يوليو المجيدة، التي توجت بها القوات المسلحة كفاح ونضال شعب
مصر عبر العصور، في سبيل الحرية والاستقلال، والقضاء على الاستغلال
والإقطاع، وتحكم رأس المال في الحكم."
وأضاف أن ثورة يوليو انطلقت من "مبادئ سامية ونبيلة، استهدفت تحرير
الإرادة، وإعلاء الكلمة، واستقلال القرار، وتحقيق العدالة الاجتماعية،
في غير تميز أو تفرقة، وإرساء حياة ديمقراطية سليمة، وإقامة الجيش
الوطني القوي"، مشيراً إلى أن الثورة "رعت صالح الوطن والمواطن، فالتف
الشعب حولها، وأيدها وناصرها."
وتابع قائلاً: "يتواكب احتفالنا بذكرى ثورة يوليو المجيدة، التي
حملت القوات المسلحة لواءها، وحظيت بتأييد شعب مصر العظيم ومساندته، مع
مرور 6 أشهر على انطلاق ثورة 25 من يناير، التي حمل لواءها الشعب،
وحظيت بحماية القوات المسلحة وتأييدها."
وفي وصفه للثوار، قال رئيس المجلس العسكري إن "هذا الجيل من شباب
الوطن، الذين خرجوا يوم 25 من يناير مطلع هذا العام، نبت طيب من أرض
مصر، ينتمون لشعب عريق، تبنوا مبادئ سامية ونبيلة، أكدت إحساسهم الوطني،
وإدراكهم بمسؤوليات شباب الوطن في تقدمه وصنع تاريخه."
ووجه طنطاوي "تحية إجلال وإكبار لشهداء ثورة 25 من يناير وتضحياتهم،
ولكل الشهداء من أبناء الوطن الذين ضحوا من أجل مصر وعزة شعبها"، بحسب
ما جاء في الكلمة التي أذاعها التلفزيون المصري.
واعتبر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن تماسك الجبهة الداخلية
وصلابتها "ضرورة وطنية، لمواجهة التحديات والصعاب" وشدد على الالتفاف
حول هدف واحد وهو "مصر أولاً"، قائلاً إن "الشعب الذي رفض الهزيمة في
عام 1967، وحقق نصر أكتوبر (تشرين الأول) المجيد عام 1973، قادر على
تخطى الصعاب، وصنع التاريخ، بتكاتفه وتآلفه وتعاونه والتفافه حول راية
الوطن."
وعن توجهات السياسة الخارجية خلال المرحلة الانتقالية، قال: "سوف
نواصل جهودنا ودعمنا لعملية سلام الشرق الأوسط، واضعين تحركنا على
الصعيد العربي على رأس أولويات سياستنا الخارجية، ولن نتردد في اتخاذ
مواقف تدعم التعاون بين مصر وشقيقاتها العربيات، نساند قضايا أمتنا في
كافة المحافل الدولية، ونحمي أمنها القومي."
وتابع في هذا الصدد: "كما أننا نضع تحركنا على الصعيد الأفريقي في
مقدمة اهتمامات سياستنا الخارجية، ونولي اهتماماً كبيراً بعلاقات مصر
بدول حوض النيل، تقوم على التعاون وتحقيق المصالح المشتركة، وإننا
واثقون في قدرتنا على التوصل إلى رؤى مشتركة تحقق أهدفنا الوطنية."
وشدد، في ختام كلمته، على قوله: "إننا عاقدون العزم على مواجهة
تحديات الداخل والخارج بقوة لا تلين، واثقين في قدرتنا على التغلب
عليها، بروح أكتوبر (تشرين الأول 1973)، التي قويت على الصعاب، وحققت
النصر التاريخي المجيد."
كما أكد عزمه على مواصلة تطوير وتحديث القوات المسلحة، لتظل "الدرع
الواقي للوطن، والحصن المنيع للشعب"، موجهاً التحية لرجال القوات
المسلحة، مشيراً إلى دور الجيش في تقديم الحماية الكاملة للشعب خلال
ثورة 25 يناير/ كانون الثاني الماضي.
يُذكر أن ثورة 23 يوليو/ تموز عام 1952، جاءت بعد انقلاب عسكري،
قاده الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأيده الشعب، وأدى إلى عزل الملك
فاروق الأول عن الحكم ومغادرته البلاد، بينما توصف ثورة 25 يناير/
كانون الثاني 2011، بأنها ثورة شعبية، أيدها الجيش، وأدت إلى الإطاحة
بنظام الرئيس حسني مبارك.
تزايد الإحباط
في السياق ذاته توعد نشطاء مصريون بمواصلة اعتصامهم في ميدان
التحرير بالقاهرة متهمين الحكام العسكريين للبلاد بعدم القضاء على
الفساد ووقف استخدام المحاكم العسكرية ومحاكمة قتلة المحتجين بشكل سريع.
ولم تؤد كلمة القاها رئيس الوزراء المصري عصام شرف تعهد فيها بالعمل
دون ذكر تفصيلات الا الى تأجيج الاحباط. وقال احد المتحدثين في ميدان
التحرير وهو المركز الرمزي للثورة التي اسقطت مبارك ان شرف يستحق "كارت
احمر" وهو المصطلح المستخدم في كرة القدم للطرد من الملعب. ودعت تجمعات
شبابية على الفيسبوك الى تصعيد العمل هذا الاسبوع.
وقال مكتب شرف في بيان على صفحته على الانترنت ان شرف التقى مع وفد
من المحتجين لبحث مطالبهم. واضاف ان المجموعة جددت ثقتها في شخص عصام
شرف واكدت رغبتها في اجراء تغيير يحقق اهداف الثورة.
وقال محللون ان على هذه الحكومة التي عينها الجيش العمل بسرعة اذا
كانت تريد تفادي حدوث مزيد من التصعيد حتى وان كانت بعض طموحات التغيير
عالية بشكل غير معقول.
ونشر مكتب النائب العام في محاولة على ما يبدو لتهدئة المحتجين
قائمة لاجراءات قانونية اتخذها ضد مسؤولين كبار بوزارة الداخلية متهمين
بقتل المحتجين من بينها مواعيد المحاكمات.
وقال قاض مصري ان القضايا الجنائية الجديدة ستحال الى محاكم اخرى
لتفريغ القضاة الذين يتولون القضايا المرتبطة بالفساد وقتل المحتجين
تمشيا مع دعوة شرف للتعجيل بمطالب المحتجين.
وسد المحتجون الطرق الرئيسية المؤدية الى ميدان التحرير واقاموا
حواجز ووضعوا لافتة كتب عليها "عصيان مدني حتى اشعار اخر" خارج مبنى "مجمع
التحرير" الاداري.
وظل الاف حتى ساعة متأخرة من الليل يتحدثون في امور سياسية في خيام
مؤقتة او متجمعين حول منصات حيث يقوم نشطاء بالقاء قصائد سياسية
وموسيقيون بالعزف على الجيتار او الكمان.
وقال احمد محمد (27 عاما) والذي يعمل طاهيا باحد الفنادق ان الناس
كانوا ينتظرون نزول عصام شرف الميدان. واضاف انه رجل مباديء ولكن
شخصيته ضعيفة وان المحتجين يريدون منه الان ان يرحل.
وتجمع مئات اخرون امام مكتب حكومي في مدينة الزقازيق بشمالي القاهرة
للمطالبة "بتطهير" وزارة الداخلية والعدالة السريعة للقتلى من المحتجين
. وبقيت مجموعة اساسية من المحتجين منذ التجمع الحاشد يوم الجمعة والذي
اطلق عليه اسم "الثورة اولا" والذي طالب باصلاحات اسرع. وهتف البعض
مطالبا باستقالة المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات
المسلحة.
محاكمة امرأة عسكريا
على صعيد متصل أقامت ثلاث منظمات لمراقبة حقوق الانسان دعوى قضائية
ضد رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي لمحاكمة
أنثى أمام محكمة عسكرية وقالت ان المرأة تعرضت للتعذيب وأرغمت على
اجراء فحص عذرية.
وكانت مقيمة الدعوى التي لم يعرف عمرها على الفور من بين 17 امرأة
وفتاة ألقي القبض عليهن في التاسع من مارس اذار حين أبعد الجيش محتجين
عن ميدان التحرير الذي كان بؤرة الاحتجاجات التي أسقطت الرئيس السابق
حسني مبارك يوم 11 فبراير شباط.
وقالت المنظمات الحقوقية الثلاث في بيان ان المرأة حوكمت أمام محكمة
عسكرية دون أن تعرف الاتهامات الموجهة لها وان الاحكام صدرت على
المحتجات اللاتي قبض عليهن في غضون أربعة أيام من اعتقالهن.
وجاء في صحيفة الدعوى التي أقيمت أمام محكمة القضاء الاداري بحسب
البيان أن الفتاة "تعرضت لابشع أنواع الاهانة والتعذيب وانتهاك لحرمة
جسدها وصل للكشف على عذريتها على مرأى ومسمع من العاملين بالسجن الحربي
ابان فترة اعتقالها." وأضاف أن الفتاة التي لم يرد اسمها في البيان
احتجزت في الفترة من التاسع من مارس اذار الى الحادي عشر من نفس الشهر.
وأقامت الدعوى منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز النديم
لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب ومركز هشام مبارك للقانون وورد بها اتهام
لاشخاص اخرين. وكانت منظمة العفو الدولية قد جمعت شهادات من بعض النساء
اللاتي تحدثن عن اختبارات العذرية وضرب وصدمات كهربائية وتفتيش ذاتي
وأن ذلك حدث خلال قيام جنود بتصويرهن.
ونفي مسؤول عسكري كبير الشهر الماضي تصريحات لواء في الجيش للقناة
الاخبارية سي ان ان أكد فيها اجراء اختبارات العذرية على المحتجات خلال
احتجازهن. وينفي الجيش أيضا اساءة معاملة المحتجات المعتقلات.
ونال الجيش اشادة عن تسيير البلاد خلال الازمة السياسية التي تسببت
في اسقاط مبارك لكن التقارير عن اساءة معاملة المحتجين لطخت صورته
وتسببت في احتجاجات جديدة. ويقول نشطاء ان ألوف المدنيين حوكموا أمام
محاكم عسكرية منذ اسقاط مبارك.
وتقول منظمة العفو الدولية ان المحاكمات التي أجريت سرا هي محاكمات
جائرة وتنتهك القانون الدولي وتخالف نظام العدالة الجنائية.
الجيش المصري.. حقائق أساسية
وتشكل مصر واحدة من أكبر الدول المتلقية لمعونات عسكرية أمريكية،
ففي العام 2007، وافقت واشنطن على تقديم ما يصل إلى 13 مليار دولار
كمساعدات عسكرية لمصر على مدى عشرة أعوام.
تعتبر معنويات الجيش المصري وقوات الأمن شبه العسكرية عالية في مصر
بشكل عام، ويعود سبب ذلك جزئياً إلى مستويات المعيشة العالية للقوات
المسلحة، قياساً بمستويات المعيشة بين الشعب المصري ككل، وفقاً
للمعلومات الاستخبارية في مجلة الدفاع العسكري "جينز."
يراقب الجيش المصري عناصره عن كثب فيما يخص التأثير الإسلامي، بحيث
يظلون بمعزل عن هذا التأثير. بحسب السي ان ان.
قبل وصوله سدة الرئاسة، كان حسني مبارك قائداً لسلاج الجو المصري
خلال حرب أكتوبر/تشرين الثاني عام 1973، التي شهدت انتصاراً عربياً
أولياً، قبل أن تشن القوات الإسرائيلية هجوماً مضاداً وتحقق انتصاراً
على الجيوش العربية.
وأصبح حسني مبارك نائباً للرئيس الراحل أنور السادات في العام 1975،
ثم أصبح رئيساً لمصر في أعقاب اغتيال السادات في حادثة المنصة الشهيرة
عام 1981.
يعتبر الجيش المصري من بين أكبر الجيوش في الشرق الأوسط.
كبار الضباط في الجيش المصري، والضباط القدامى منه، تدربوا في
الاتحاد السوفيتي السابق، غير أن الضباط الأصغر سناً درسوا وتدربوا في
الغرب.
وغالباً ما يجري الجيش المصري مناورات تدريبية مع قوات حلف شمال
الأطلس "الناتو."
وزير الدفاع المصري الحالي، والقائد العام للقوات المسلحة هو المشير
حسين طنطاوي، في حين يتولى رئاسة الأركان الفريق سامي عنان. |