
شبكة النبأ: لقد قسمت السلطة في لبنان
على اساس طائفي وحسب الديانات والمذاهب الرئيسية فيها منذ نيلها
الاستقلال في اواسط القرن الماضي بين اتباع الديانة المسيحية والمسلمين
من السنة والشيعة، وبحسب هذا التقسيم "الاستعماري" الذي مزق التعايش
السلمي بين ابناء البلد الواحد وفرقهم الى شيع واحزاب، تحول هذا البلد
الجميل من قبلة للسياحة والسلام والامن الى بركان ثاثر يرمي بحمم
الطائفية والصراعات التي لا تهد، وقد شهدت بلاد الارز العديد من الحروب
الدامية والنزاعات والمذابح التي عصفت بهذا البلد ابتداءً من الحرب
الاهلية المفجعة ومروراً باحتلال اسرائيل لها وتدمير بناها التحتية الى
حرب الاخيره مع حزب الله اللبناني.
ولم يكتفي المستعمر بهذا القدر من بذور الفتنة التي نثرها منذ سنين
على ارض لبنان الخصبة والتي تأتي اكلها كل حين من الزمن، بل وفتح باب
الصراع الحزبي على مصراعيه لمنع اي محاولة لتوحيد الصفوف او التقاط
الانفاس، حيث تطل المحكمة الدولية المكلفة بالنظر في ملف اغتيال
الحريري "رئيس الحكومة الاسبق" برئسها كلما حاول السياسيون في لبنان
الجنوح الى السلم والتهدئة في خطاباتهم السياسية من خلال اثارة الموقف
وتاجيج القضية سياسياً.
اتهامات باطلة
فقد رفض الامين العام لحزب الله حسن نصر الله مؤخراً كل ما يصدر عن
المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق
الحريري من اتهامات واحكام، مؤكدا انه لن يكون في الامكان توقيف عناصر
حزبه الواردة اسماؤهم في القرار الاتهامي الذي تسلمته السلطات
اللبنانية اخير، وقال نصر الله في خطاب مباشر عبر تلفزيون "المنار"
التابع لحزبه تعليقا على القرار الاتهامي، ان "هذه المحكمة وقراراتها
وما ينتج عنها بالنسبة الينا اميركية اسرائيلية بوضوح، بناء عليه
نرفضها ونرفض كل ما يصدر عنها من اتهامات باطلة او احكام باطلة
ونعتبرها عدوانا علينا وعلى مقاومينا وظلما لشرفاء هذه الامة"، واضاف "لن
يكون في الامكان توقيف المتهمين لا في ثلاثين يوما او ستين يوما او
ثلاثين سنة او ثلاثمئة سنة"، مضيفا "ستذهب الامور الى المحاكمة
الغيابية والحكم صادر ومنته"، وأمام الحكومة اللبنانية مهلة ثلاثين
يوما لتسليم المتهمين، او تبلغ المحكمة انها لم تتمكن من توقيفهم
بالاجراءات التي اتخذته، وقد تقرر المحكمة بعد نشر الاسماء في وسائل
الاعلام والاتهامات الموجهة اليهم ودعوتهم للمثول امامها، بدء محاكمة
غيابية، واضاف نصر الله "لا تحملوا حكومة (رئيس الوزراء نجيب) ميقاتي
في هذا الملف ما لا يجوز ان تحملوها، وما لم تكن حكومة (رئيس الوزراء
السابق سعد) الحريري لتحمله"، وتابع "لو كانت الحكومة برئاسة الحريري
او (رئيس الوزراء السابق فؤاد) السنيورة، هل كانت تستطيع ان تعتقل
هؤلاء الاشخاص؟، هل كانت تستطيع ان تنفذ مذكرات التوقيف؟، لن تستطيع
وكلنا يعرف ذلك، ولا اعتقد انه يمكن ان يعثروا على المتهمين او يوقفوهم".
بحسب فرانس برس.
وتضم الحكومة الحالية التي تستعد لمناقشة بيانها الوزاري اغلبية من
حزب الله وحلفائه، وكانت الحكومة السابقة برئاسة الحريري سقطت في 12
كانون الثاني/يناير بضغط من حزب الله على خلفية خلاف حول المحكمة،
وانتقدت قوى 14 آذار (الحريري وحلفاؤه) تخلي حكومة ميقاتي في بيانها
الوزاري عن فقرة وردت في بيان الحكومة السابقة تؤكد "التزام التعاون"
مع المحكمة الخاصة بلبنان، واعتمادها بدلا عن ذلك عبارة تؤكد على "احترام
القرارات الدولية ومتابعة مسار عمل المحكمة"، ووصف نصر الله المتهمين
الاربعة الصادرة في حقهم مذكرات توقيف دولية بانهم "مجاهدون" و"مقاومون
بعضهم له تاريخ طويل وعريق في مقاومة الاحتلال" الاسرائيلي، الا انه لم
يتطرق الى اسمائهم او الى اي تفاصيل اخرى تتعلق بهم، ورغم ان نصر الله
هاجم المحكمة بشدة متهما اياها ب"الفساد" و"التسييس" و"استهداف
المقاومة"، الا ان كلامه اتسم بالهدوء الشديد محاولا تهدئة الداخل
وتجنب اي ردود فعل، وقال ان "كل الضباط والمحققين والمستشارين (في
المحكمة) معادون للمقاومة"، مضيفا ان "الذين اوكل اليهم امر اكتشاف
الحقيقة، بعضهم قاتل ومتآمر وجاسوس واغلبهم مرتبطون باجهزة الاستخبارات
الاميركية"، وارفق خطابه بـ"وثائق وافلام" قال انها دليل على فساد
المحققين والقيمين على المحكمة وارتباطهم باجهزة استخبارات غربية
وباسرائيل، وعن الداخل، قال "اذا احتكمنا للعقل وتصرفنا جميعا بحكمة،
اعتقد اننا نستطيع ان نعبر بلبنان من هذا الحدث الذي ينتظره
الاسرائيليون منذ سنوات"، واكد انه "لن تكون هناك فتنة بين السنة
والشيعة بفضل وعي اللبنانيين ولن تكون حرب اهلية في لبنان".
ودعا "جمهور المقاومة" الى عدم الرد على "استفزازات قد تصدر من هنا
وهناك" والى "الصبر وان كان الاستفزاز الاكبر حصل من خلال استهداف
الاخوة الاربعة"، والمتهمون الاربعة من حزب الله هم حسن العنيسي وسليم
العياش واسد صبرا، اضافة الى مصطفى بدر الدين، وهو شقيق زوجة القيادي
في حزب الله عماد مغنية الذي اغتيل في 2008 في دمشق، وهو بحسب ما نقلت
تقارير اعلامية عن القرار الاتهامي "من خطط واشرف على تنفيذ العملية
التي استهدفت رفيق الحريري"، وجاء كلام نصرالله فيما يتجه الانقسام
السياسي بين الاكثرية والمعارضة الى التصاعد قبيل جلسة مناقشة بيان
الحكومة في مجلس النواب، وابرز البنود الخلافية الفقرة المتعلقة
بالمحكمة الدولية، وفي وقت سابق من السبت، توقع عضو الامانة العامة
لقوى 14 اذار المعارضة (الحريري وحلفاؤه) النائب السابق مصطفى علوش "ان
تنال الحكومة الثقة، بناء على المعطيات المنطقية، اذ ان الاكثرية
الجديدة (حزب الله وحلفاؤه) لديها العدد الكافي من النواب، ولكن نحن لن
نمنحها الثقة"، وتعقد قوى 14 اذار اجتماعا موسعا الاحد في فندق ببيروت
تتخذ خلاله موقفا من القرار الاتهامي والبيان الوزاري، واسقطت الحكومة
من البيان عبارة "التزام التعاون" مع المحكمة التي كانت موجودة في بيان
الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، ونص البيان
الوزاري على ان الحكومة "ستتابع مسار المحكمة الخاصة بلبنان التي انشئت
مبدئيا لاحقاق الحق والعدالة وبعيدا عن اي تسييس او انتقام وبما لا
ينعكس سلبا على استقرار لبنان ووحدته وسلمه الاهلي".
واعتبرت قوى 14 آذار ان الفقرة "ملتبسة ومرفوضة ولن تجدي نفعا في
التحايل على المحكمة وعلى المجتمع الدولي"، وفور اغتيال الحريري في
انفجار في شباط/فبراير من العام 2005 وجهت اصابع الاتهام الى النظام
السوري بالوقوف وراء العملية، لكن دمشق تنفي ذلك باستمرار، من جهة اخرى
اعتبر رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني في تصريح نشره الموقع
الرسمي للمجلس، ان المحكمة الخاصة بلبنان "مسيسة" "وغير نزيهة" وان
توجيهها الاتهام الى عناصر في حزب الله "لا اهمية له"، وتعد ايران
وسوريا الداعمين الاساسيين لحزب الله، وتتولى المحكمة الخاصة بلبنان
التي انشئت في 2007 بموجب قرار من الامم المتحدة، محاكمة المسؤولين عن
اغتيال الحريري مع 22 شخصا آخرين في عملية تفجير في بيروت في شباط/فبراير
2005، كما انها مخولة النظر في عمليات اغتيال اخرى وقعت في لبنان بين
2005 و2008 اذا تبين ان هناك رابطا بينها وبين اغتيال الحريري.
رداً على نصر الله
في سياق متصل رد دانيال بلمار المدعي العام في المحكمة الخاصة
بلبنان المكلفة النظر في اغتيال رفيق الحريري على رفض الامين العام
لحزب الله حسن نصر الله كل ما يصدر عن المحكمة، مؤكدا ان التحقيق يستند
الى "ادلة ذات مصداقية"، وقال بلمار في بيان صادر عن مكتبه ورد فيه على
ما اعتبره "مزاعم نصر الله في الخطاب الذي القاه في 2 تموز/يوليو"، ان
التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق "يتم وفقا لأعلى
معايير العدالة الدولية ولا تعتمد نتائجه إلا على حقائق وأدلة ذات
مصداقية"، وكان نصر الله رفض كل ما يصدر عن المحكمة الدولية من اتهامات
واحكام، مؤكدا انه لن يكون في الامكان توقيف عناصر حزبه الواردة
اسماؤهم في القرار الاتهامي الذي تسلمته السلطات اللبنانية اخير،
واعتبر ان "هذه المحكمة وقراراتها وما ينتج عنها بالنسبة الينا اميركية
اسرائيلية بوضوح، بناء عليه نرفضها ونرفض كل ما يصدر عنها من اتهامات
باطلة او احكام باطلة ونعتبرها عدوانا علينا وعلى مقاومينا وظلما
لشرفاء هذه الامة"، وتسلمت السلطات اللبنانية قرارا اتهاميا مصادقا
عليه من المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رفيق الحريري يتضمن
مذكرات توقيف في حق اربعة لبنانيين ينتمون الى حزب الله، واضاف بلمار
ان "العاملين في مكتب المدعي العام عينوا بناء على كفاءتهم المهنية،
ونزاهتهم، وخبرتهم، وأنا واثق تمام الثقة في التزامهم القوي بالتوصل
إلى الحقيقة"، لافتا الى انهم "يتصرفون باستقلالية وحسن نية في بحثهم
عن الحقيقة"، وتابع ان "قاضي الاجراءات التمهيدية (في المحكمة الخاصة
دانيال فرانسين) بتصديقه قرار الاتهام في 28 حزيران/يونيو 2011، قد قرر
أنه مقتنع بوجود دليل كاف لمحاكمة المتهمين في الاعتداء الذي وقع في 14
شباط/فبراير 2005". بحسب فرانس برس.
وارفق نصر الله خطابه بـ"وثائق وافلام" قال انها دليل على فساد
المحققين والقيمين على المحكمة وارتباطهم باجهزة استخبارات غربية
وباسرائيل، وشدد المدعي العام على انه "لن يدخل في نقاش عام في وسائل
الإعلام بشأن مصداقية التحقيق الذي أجراه أو عملية التحقيق، فهذه عملية
قضائية وينبغي اعتبارها كذلك"، واكد ان "المكان المناسب للطعن في
التحقيق أو في الأدلة التي جمعت نتيجة له هو محكمة مفتوحة تعقد محاكمة
تلتزم التزاما كاملا بالمعايير الدولية"، ورحب "بعرض السيد نصر الله
تقديم الملف الذي أشار إلى وجوده لديه بشأن بعض عناصر التحقيق ويطلب
الحصول على ما عرض بالفيديو في أثناء الخطاب المتلفز، اضافة الى أي
معلومات ومستندات أخرى قد تساعد المحكمة في سعيها الجاري للتوصل إلى
العدالة"، وأمام الحكومة اللبنانية مهلة ثلاثين يوما لتسليم المتهمين،
او تبلغ المحكمة انها لم تتمكن من توقيفهم بالاجراءات التي اتخذته، وقد
تقرر المحكمة بعد نشر الاسماء في وسائل الاعلام والاتهامات الموجهة
اليهم ودعوتهم للمثول امامها، بدء محاكمة غيابية، من جانبها، طالبت قوى
14 اذار التي تمثل المعارضة اللبنانية مؤخراً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي
باعلان التزامه تنفيذ مقررات المحكمة الدولية او الرحيل، متوعدة اياه
في حال لم يلب مطلبها باسقاط حكومته "التي جاءت بانقلاب" وبشن حملة
عربية ودولية لمقاطعته، ورد ميقاتي على موقف المعارضة مؤكدا "احترامه"
القرارات الدولية وبينها القرار 1757 الذي نص على انشاء المحكمة الخاصة
بلبنان، متهما المعارضة ب"تضليل الرأي العام" عبر القول ان الحكومة "تتنكر
لدماء الشهداء"، وتضم الحكومة الحالية التي تستعد لمناقشة بيانها
الوزاري غالبية من حزب الله وحلفائه، وكانت الحكومة السابقة برئاسة سعد
الحريري، نجل رفيق الحريري، سقطت في 12 كانون الثاني/يناير بضغط من حزب
الله على خلفية خلاف حول المحكمة.
لائحة اتهامات
الى ذلك من شأن لائحة الاتهامات التي أصدرتها محكمة مدعومة من الامم
المتحدة تحقق في اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري "والتي
يقول مسؤولون لبنانيون انها توجه الاتهام لاعضاء في جماعة حزب الله"
توسيع هوة الشقاق السياسي في البلاد وزيادة حدة التوتر الطائفي، وسيشجع
قرار الاتهام الذي طال انتظاره المعارضة التي يتزعمها سعد نجل رفيق
الحريري الذي أطاح حزب الله وحلفاؤه في يناير كانون الثاني بحكومة
الوحدة الوطنية التي كان يرأسها بعد اعتراضه على مطالب برفض التعاون مع
المحكمة، ولكن محللين يقولون انه من غير المرجح أن يتحول التوتر
المتزايد الى العنف أو يؤدي الى تكرار للاشتباكات الطائفية في عام 2008
التي سقط خلالها 85 قتيلا على الاقل ووضعت البلاد على شفا حرب أهلية
أخرى، وسيكثف تحالف 14 اذار المعارض الذي يتزعمه سعد الحريري ويضم
شخصيات مسيحية ودرزية الضغوط على رئيس الوزراء السني نجيب ميقاتي
لتسليم المتهمين، ويشكل حزب الله وحلفاؤه أغلبية في حكومة ميقاتي،
ويقول المحلل السياسي اللبناني نبيل بومنصف ان المعارضة ستكون ضارية
وستركز على ميقاتي أكثر من أي شخص اخر اذ يعتبرونه نقطة الضعف في
الحكومة في مواجهة الشارع السني، وأضاف أن ميقاتي سيتعرض للضغوط
فالصراع بين المعارضة والاغلبية سيتزايد وسيصعد تحالف 14 اذار من ضغوطه،
وسيكون ميقاتي في قلب هذه المعمعة.وكان حزب الله المدعوم من سوريا
وايران على خلاف مع سعد الحريري المدعوم من الغرب والمملكة العربية
السعودية، وكان لبنان وهو بلد صغير يسكنه أربعة ملايين نسمة ساحة قتال
للقوى الاقليمية الاكبر، ولا تزال سوريا التي كان لها وجود عسكري في
لبنان على مدى 29 عاما حتى عام 2005 أكبر لاعب خارجي مؤثر في السياسة
الطائفية في لبنان، لكن معظم القوى الاقليمية والدولية التي لها تأثير
على السياسة اللبنانية تواجه هي نفسها مشكلات ومن غير المرجح أن تكون
راغبة في تحمل عبء اضافي بأن تتورط في أزمة أخرى في لبنان، ويخوض
الرئيس السوري بشار الاسد وهو داعم قوي لحزب الله صراعا لاحتواء
انتفاضة مستمرة منذ 14 أسبوعا ضد حكمه بينما كان يتعين على العاهل
السعودي الملك عبد الله أن يتعامل مع الاضطرابات في اليمن والبحرين
المجاورتين لبلاده، وقال مسؤول لبناني "اذا نظرت حولك لا تجد أحدا يريد
أن يقاتل، المنطقة تغلي بالتوتر الطائفي، ومن ثم فان السعودية لا تشجع
الحريري على اشعال أي شيء، ذلك ليس في مصلحتها".
وفي لبنان نفسه لا يبدي اللبنانيون العاديون اهتماما كبيرا بلائحة
الاتهامات التي سلمت لبيروت مؤخر، فالحياة في بيروت كانت عادية في
تناقض مع ما حدث عند تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة في يناير حينما خرج
أنصار الحريري للشوارع احتجاج، قال بومنصف انه لا أحد في لبنان سواء في
الحكومة أو المعارضة مهتم أو لديه القدرة على اثارة مشكلات في الشارع،
وينفي حزب الله الاضطلاع بأي دور في اغتيال الحريري وقال انه لن يسمح
أبدا بتسليم أي من أعضائه ليحاكم امام المحكمة، ولم تكن هناك مفاجأة
كبيرة في محتوى لائحة الاتهام التي لم تعلن رسمي، وقال السيد حسن نصر
الله الامين العام لحزب الله العام الماضي ان المحكمة ستستهدف جماعته
وذكرت وسائل اعلام لبنانية وأجنبية اسمي اثنين يقول مسؤولون انهما
مدرجان على لائحة الاتهام، ولكن مسؤولين متحالفين مع حزب الله يقولون
ان المحكمة ليست سوى أداة اسرائيلية وقالوا انهم منزعجون من توقيت
اصدار لائحة الاتهامات التي سلمت لحكومة ميقاتي التي جرى تشكيلها قبل
أسبوعين بعد أشهر من المشاحنات والتي اجتمعت للاتفاق على البيان
السياسي الذي ستقدمه للبرلمان، وتقدم الحكومات اللبنانية عادة بيانا
سياسيا قبل اي اقتراع على الثقة في البرلمان، ومن المتوقع أن يجرى
التصويت هذا الاسبوع، وقال أحد المسؤولين "من الواضح أن أعمال المحكمة
تقوم على السياسة، فالهدف من لائحة الاتهامات وكل ما يتصل بها هو توصيل
رسالة، انهم يريدون تخريب عمل الحكومة ووضعها في موقف حرج"، وشدد بيان
الحكومة الذي صيغ بعناية على أهمية الحقيقة في الجريمة التي ارتكبت ضد
رفيق الحريري وقال انه سيراقب التقدم في مسار المحكمة، ودعا ميقاتي
اللبنانيين الى "التعقل والتبصر ملي، لتفويت الفرصة على الراغبين
باستهداف هذا الوطن ودفعنا الى فتنة نعرف متى تبدأ لكننا حتما لن نعرف
متى تنتهي". بحسب رويترز.
وأدى اغتيال الحريري في عام 2005 الى سقوط لبنان في سلسلة من
الازمات والاغتيالات واقتتال داخلي استمرت لفترة قصيرة وحرب استمرت 34
يوما بين حزب الله واسرائيل في عام 2006، والسؤال الرئيسي، هل سيسلم
لبنان المتهمين للمحاكمة؟، وحزب الله وهو حزب سياسي كما أنه في الوقت
جماعة مدججة بالسلاح متكتم بشدة بشأن جناحه العسكري مما يجعل مهمة قوات
الامن في العثور على المتهمين ناهيك عن القبض عليهم مهمة شبه مستحيلة،
وقال أحد المتحالفين مع حزب الله "الجماعة لن تدخل في مواجهة"، ولم
يسمع كثير من الناس عن اسماء المتهمين ولا يعرفون بالدقة ما هي المواقع
التي يحتلونها في الحزب رغم أنه يعتقد أن اثنين منهم من الشخصيات
القيادية في الحزب، كذلك فان القليل من الناس يعرفون اذا كانوا موجودين
في لبنان، وقال وزير الداخلية اللبناني مروان شربل ان لبنان سيتعاون مع
المحكمة ولكنه لم يتوقع فرصا كبيرة في أن تصل قوات الامن للمتهمين،
وقال "يمكن ننفذ (لائحة الاتهامات بطرق نشوفها/نراها/ مناسبة"، ومضى
يقول "في ناس مطلوبين أكثر في لبنان، نداهم مراكز عملهم ومراكز سكنهم
ولا نلقيهم (لا نجدهم)، لكن ننفذ واجباتنا"’، نروح ونداهم واذا نلقيهم
نجيبهم (نأتي بهم)، واذا لا نلقيهم نبلغ السلطات القضائية أننا لم
نلقهم"، وأمام السلطات اللبنانية 30 يوما لمحاولة تنفيذ الاعتقالات،
واذا لم يتم اعتقال المتهمين فانه يمكن للمحكمة اجراء المحاكمات غيابي،
ورفض مسؤولو حزب الله التعليق، وقال تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري
بعد اجتماع انه سيصوت ضد حكومة ميقاتي عندما يجتمع البرلمان الاسبوع
القادم، وقال انه يرى ان البيان السياسي للحكومة انقلاب على المحكمة
ويجر لبنان الى فخ تعميق الانقسام الداخلي وخوض مواجهة مع المجتمع
الدولي.
مناقشات البرلمان اللبناني
من جانبه بدأ مجلس النواب اللبناني مؤخراً مناقشة البيان الوزاري
لحكومة الملياردير نجيب ميقاتي وسط تصعيد سياسي حاد بين قوى الرابع عشر
من اذار بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وحزب الله وحلفائه
بشأن المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال والده رئيس وزراء لبنان
الاسبق رفيق الحريري، ومن المتوقع ان تكون الجلسات التي تستمر لمدة
ثلاثة ايام عاصفة بعد مواقف قوى الرابع عشر من اذار التي تطالب الرئيس
ميقاتي بتبني المحكمة او الرحيل، وعرض ميقاتي في بداية الجلسة البيان
الوزاري الذي على اساسه ستنال الحكومة ثقة اغلبية البرلمان بعد ان
انتقلت الاكثرية في البرلمان الى فريق حزب الله وحلفائه اثر انتقال
الزعيم الدرزي وليد جنبلاط مع عدد من اعضاء كتلته من قوى 14 اذار في
يناير كانون الثاني الى الاصطفاف بجانب حزب الله وحلفائه، وكانت
الحكومة اقرت مؤخراً بيانها الوزاري الذي يتضمن مواد خلافية فيما يتعلق
بالمحكمة الدولية حيث اسقطت الحكومة من فقرة المحكمة عبارة "التزام
التعاون" التي كانت موجودة في بيان الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري
نجل رفيق الحريري، ونص اليبان الوزاري الذي تلاه ميقاتي في بداية
الجلسة على "ان الحكومة انطلاقا من احترامها القرارات الدولية تؤكد
حرصها على جلاء الحقيقة وتبيانها في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق
الحريري ورفاقه وستتابع مسار المحكمة الخاصة بلبنان التي انشئت مبدئيا
لاحقاق الحق والعدالة بعيدا عن اي تسييس او انتقام وبما لا ينعكس سلبا
على استقرار لبنان ووحدته وسلمه الاهلي"، واعتبرت المعارضة برئاسة سعد
الحريري ان الفقرة "ملتبسة ومرفوضة ولن تجدي نفعا في التحايل على
المحكمة وعلى المجتمع الدولي" وطالبت المعارضة الدولة بالتزام تنفيذ
مطالب المحكمة التي سلمت السلطات اللبنانية مؤخراً القرار الاتهامي في
جريمة اغتيال الحريري متضمنا اربع مذكرات توقيف في حق اشخاص، ولم تذكر
المحكمة اسماء المتهمين لكن مسؤولين لبنانيين يقولون ان من بينهم مصطفى
بدر الدين وهو قيادي بارز في حزب الله وصهر عماد مغنية القائد العسكري
لحزب الله الذي اغتيل في سوريا وثلاثة اعضاء اخرين في الحزب، وقال
النائب مروان حمادي من قوى 14 اذار والذي كان تعرض لمحاولة اغتيال في
العام 2004 "نطالب الرئيس ميقاتي بالتخلي فورا عن الصيغة المعتمدة في
البيان الوزاري حول المحكمة والعودة الى ميثاق الوفاق الوطني والى
تسوية الدوحة فيتأكد الالتزام مكان الاحترام ويحل التعاون محل المتابعة
وتحذف نهائيا عبارة مبدئيا التي لا تعني الا التخلي عن المبدئية
الحقيقية لحساب الاذعان لغير المبدأ ويندرج من ذلك تثبيت القضاة وتأمين
التمويل وتنفيذ المذكرات الصادرة".
واثار القرار الظني ازمة سياسية ادت الى الاطاحة بحكومة الوحدة
الوطنية برئاسة سعد الحريري في يناير كانون الثاني عندما استقال حزب
الله وحلفاؤه احتجاجا على رفضه التخلي عن المحكمة قبل ايام فقط من
تقديم لائحة الاتهام التي بقيت سرية الى قاضي التحقيق، وكانت المعارضة
اعلنت انها ستحجب الثقة عن حكومة ميقاتي بسبب ما اعتبرته تنكرا من هذه
الحكومة لالتزامات لبنان في ما يتعلق بالمحكمة الدولية، ووصف السنيورة
الحكومة الحالية بانها "حكومة انقلاب تستقوي بسلاح حزب الله غير الشرعي"
وقال ان المعارضة ستباشر العمل على اسقاطها ما لم تعلن التزامها
بالمحكمة الدولية التي قال انها السبيل الوحيد لتحقيق العدالة في ما
يتعلق بعمليات الاغتيال التي شهدها لبنان، وسيكون امام السلطات
اللبنانية 30 يوما لابلاغ المحكمة بالتدابير المتخذة تجاه مذكرات
الاعتقال، وتتضمن مذكرات الاعتقال ايضا امرا بسرعة مثول المتهمين امام
المحكمة، لكن امين عام حزب الله حسن نصر الله قال في اول تعليق له على
القرار الاتهامي ان احدا لن يستطيع ان يعتقل من صدرت بحقهم مذكرات
توقيف ولا بثلاثمائة عام داعيا قوى 14 اذار الى عدم تحميل حكومة ميقاتي
ما لم تكن حكومة سعد الحريري السابقة ستتحمله، وأدى اغتيال الحريري في
14 فبراير شباط 2005 الى سقوط لبنان في سلسلة من الازمات السياسية
والاغتيالات والتفجيرات وهو ما تسبب بدوره في اندلاع اشتباكات طائفية
في مايو ايار 2008 دفعت البلاد الى شفا الحرب الاهلية. بحسب رويترز.
وينفي حزب الله الذي يشكل مع حلفائه السياسيين الاغلبية في حكومة
ميقاتي الجديدة اي دور له في الانفجار الضخم الذي اودي بحياة رفيق
الحريري و22 اخرين، وهناك مخاوف في لبنان من ان لائحة الاتهام بحق
اعضاء من حزب الله الشيعي في اغتيال زعيم سني بارز كان رئيسا للوزراء
لعدة دورات بين عامي 1992 و 2004 يمكن ان تثير توترات طائفية بين فصائل
مازالت تحمل ارث الحرب الاهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990، ويضع
منتقدون للتحقيق في اغتيال الحريري علامات استفهام على التحقيقات بما
في ذلك الاعتماد على شهود تراجعوا لاحقا عن افاداتهم واحتجاز اربعة
ضباط لبنانيين كبار لمدة اربع سنوات قبل اطلاق سراحهم في عام 2009 لعدم
كفاية الادلة، وخلص تقرير اولي الى توريط سوريا التي نفت اي دور لها في
الاغتيال قبل تحويل الانظار نحو حزب الله، واضطرت سوريا الى انهاء 29
عاما من وجودها العسكري في لبنان تحت وطأة ضغوط دولية وشعبية، وفيما
يتعلق بالعلاقة مع سوريا فان البيان الوزاري قال ان "الحكومة اذ تسجل
التطور الذي تحقق في العلاقات اللبنانية- السورية من خلال التمثيل
الدبلوماسي بين البلدين تؤكد التزامها تطبيق اتفاق الطائف الذي نص على
اقامة علاقات مميزة بين لبنان وسوريا وهي ستعمل على ان تصل هذه
العلاقات الى الموقع الذي يجسد عمق الروابط التاريخية والمصالح
المشتركة بين الشعبين "ووصف النائب في كتلة الحريري هادي حبيش حكومة
ميقاتي بانها حكومة "جسر الشغور" في اشارة الى البلدة السورية على
الحدود التركية التي نزح معظم اهلها الى تركيا اثر مواجهات مسلحة بين
الجيش السوري ومسلحين.
درء الفتنة
من جانب اخر دعا رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي مؤخراً
اللبنانيين الى تفويت الفرصة على الراغبين في دفع البلاد نحو الفتنة،
وقال ميقاتي في كلمة نقلها التلفزيون بعد ساعات على صدور قرار الاتهام
المتعلق باغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري "اننا اليوم
امام واقع مستجد يتطلب منا مقاربة واعية ومدركة نضع فيها مصلحة البلاد
العليا وسلمنا الاهلي ووحدتنا الوطنية وحرصنا على معرفة الحقيقة فوق كل
اعتبار"، واضاف "سنتعاطى بمسؤولية وواقعية مع هذا الحدث انطلاقا من ان
القرارات الاتهامية اي كان مصدرها ليست احكاما وان الاتهامات تحتاج الى
ادلة دامغة لا يرقى اليها الشك وبان كل متهم بريء حتى تثبت ادانته"،
ومضى يقول "دقة الظروف التي تمر بها البلاد تدعونا الى التعقل والتبصر
مليا اين تكمن مصلحة وطننا من جهة وما علينا القيام به كلبنانيين من
جهة اخرى لتفويت الفرصة على الراغبين باستهداف هذا الوطن ودفعنا الى
فتنة نعرف متى تبدأ لكننا حتما لن نعرف متى تنتهي"، وقال مدعي عام
التمييز اللبناني القاضي سعيد ميرزا انه تسلم القرار الاتهامي ومذكرات
توقيف بحق اربعة اشخاص من وفد المحكمة المدعومة من الامم المتحدة التي
تحقق في اغتيال الحريري في عام 2005، ورحب سعد الحريري رئيس وزراء
لبنان السابق ونجل رفيق الحريري بصدور لائحة الاتهام التي طال انتظارها.
بحسب رويترز.
ووصف الحدث بانه "لحظة تاريخية" ودعا الحكومة الى التعاون مع
المحكمة، ولم يكشف ميرزا عن مضمون لائحة الاتهام ولكن وسائل الاعلام
اللبنانية قالت انه يعتقد ان القرار يوجه الاتهام الى اربعة اعضاء بحزب
الله بالتورط في التفجير الذي وقع في بيروت في 14 فبراير شباط عام 2005
واودى بحياة رفيق الحريري و22 اخرين، وحزب الله الذي يشكل مع حلفائه
السياسيين الاغلبية في حكومة ميقاتي الجديدة ينفي اي دور له في مقتل
الحريري ويصف المحكمة بانها اداة في يد اسرائيل والولايات المتحدة،
ويريد حزب الله الذي تعهد بعدم تسليم اي عضو من اعضائه توقف لبنان عن
التعاون مع المحكمة وسحب القضاة اللبنانيين ووقف مساهمة البلاد في
تمويل المحكمة، وقال ميقاتي ان حكومته ستثبت "للذين راهنوا ان القرار
الاتهامي سيفرق بين اللبنانيين ان رهانهم كان خاطئا وان الغلبة ستكون
للحقيقة والعدالة ولارادة التلاقي والتضامن التي تبدو اليوم امام
امتحان جديد وكلي ثقة ان النجاح سيكون حليفنا".
انتشار للجيش اللبناني
على صعيد اخر انتشر الجيش اللبناني السبت في طرابلس كبرى مدن الشمال
بعد مواجهات دامية بين العلويين والسنة في المدينة مرتبطة بتجمع ضد
النظام في سوريا التي تشهد حركة احتجاج لا سابق له، كما ان المواجهات
ادت الى اضرار مادية جسيمة في حيي باب التبانة وجبل محسن حيث جرت
مواجهات ليلية بعد تظاهرة لمئات الاشخاص ضد نظام الرئيس السوري بشار
الاسد، ويأتي انتشار الجيش بعد سقوط ستة قتلى على الاقل وعدد من الجرحى
في اشتباكات مسلحة دارت الجمعة في مدينة طرابلس في شمال لبنان بين
منطقة باب التبانة ذات الغالبية السنية ومنطقة جبل محسن ذات الغالبية
العلوية، كما افادت مصادر امنية، ودارت الاشتباكات في محيط شارع سوريا
الفاصل بين المنطقتين الواقعتين في مدينة طرابلس ذات الغالبية السنية
عقب تظاهرة مناهضة للرئيس السوري خرجت في شوارع المدينة بعد صلاة
الجمعة، وخرج السكان لتفقد الاضرار في هذين الحيين الفقيرين للغاية حيث
غالبا ما تدور مواجهات بين سكانهما السنة والعلويين، وبحسب بيان للجيش،
الذي يتولى في لبنان حفظ الامن الداخلي الى جانب مهاته الدفاعية
التقليدية، فقد انتشرت وحداته بكثافة في المنطقة التي شهدت الاشتباكات.
بحسب فرانس برس.
و"باشرت تسيير دوريات واقامة حواجز لضبط المخالفات والظهور المسلح"،
واكدت قيادة الجيش ان "دماء الضحايا التي سقطت لن تمر من دون عقاب، وهي
لن تتهاون مع العابثين بالامن الذين تسببوا بسقوط ضحايا من المدنيين
والعسكريين، وألحقوا الضرر المادي بالممتلكات الخاصة والعامة، فضلا عن
ترويع السكان الآمنين"، ودعا البيان المواطنين الى "التجاوب مع اجراءات
قوى الجيش الآيلة الى الحفاظ على استقرارهم وأمنهم وممتلكاتهم"،
وانتشرت وحدات الجيش في شوارع المنطقة وسيرت دوريات داخل احيائه،
واسفرت الاشتباكات بحسب مصادر امنية عن مقتل جندي في الجيش اللبناني
وخمسة اشخاص، اثنان منهم في منطقة جبل محسن احدهما علي فارس وهو مسؤول
امني في الحزب العربي الديموقراطي الذي يمثل العلويين، وثلاثة في منطقة
باب التبانة السنية احدهم فتى لا يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، واندلعت
الاشتباكات اثر تظاهرة مناهضة للنظام السوري شارك فيها حوالى 600 شخص
معظمهم من الاسلاميين، وانطلقت عقب صلاة الجمعة من مساجد عدة في
المدينة، وشارك فيها لبنانيون وسوريون اطلقوا هتافات ضد الرئيس السوري
بشار الاسد، ورفعوا صورا لرئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري
ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، واثر هذه الاشتباكات اكد رئيس
الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي المتحدر من طرابلس ان "السلم الاهلي خط
احمر"، وتشهد منطقة باب التبانة وجبل محسن توترات امنية تتزامن مع
ارتفاع حدة التوتر السياسي في لبنان.
خلاف وزاري امني
من جهته طالب الزعيم اللبناني المسيحي ميشال عون باحالة مدير عام
قوى الامن الداخلي اشرف ريفي الى القضاء على خلفية خلاف حصل بين وزير
الاتصالات وقوى الامن الداخلي حول شبكة هاتف خليوي تملكها الدولة، وقال
عون للصحافيين اثر اجتماع لكتلة الاصلاح والتغيير النيابية التي يرئسها
ان "ما حدث في وزارة الاتصالات خطير جدا ويهدد مصير مجتمع ديمقراطي
بكامله"، وطالب بـ"ازالة المخالفة" المتمثلة في وجود عناصر من قوى
الامن الداخلي داخل مبنى تابع لوزارة الاتصالات رغم امر من وزير
الداخلية باخلاء المبنى، كما طالب بـ"احالة مدير عام قوى الامن الى
القضاء العسكري"، في هذا الوقت، استمر انتشار عناصر من فرع المعلومات
في قوى الامن داخل مبنى تابع لوزارة الاتصالات في بيروت بحجة حماية
شبكة للهاتف الخليوي اعطى وزير الاتصالات شربل نحاس امرا بتفكيكها ونقل
معداته، وكان الوزير نحاس اعلن ان عناصر من قوى الامن اعترضوه لدى
دخوله المبنى المذكور ومنعوا "موظفين من القيام بواجباتهم واعمالهم"،
معتبرا هذا الوضع "وضعا شاذا"، ومطالبا الجيش بالتدخل، في المقابل،
اعلنت المديرية العامة لقوى الامن الداخلي ان انتشار عناصرها في
"الطابق الثاني من المبنى" العائد لهيئة "اوجيرو" المستقلة للاتصالات
جاء بناء على طلب هذه الاخيرة "تأمين حماية أمنية" لمعدات وضعتها
الحكومة اللبنانية في عهدته، واوضحت هيئة "اوجيرو" في بيان ان المعدات
المذكورة عائدة لشبكة هاتف خليوي حصلت عليها الدولة اللبنانية من خلال
هبة صينية، وطلب مجلس الوزراء في قرار صادر العام 2007 من اوجيرو
تركيبها وتجربتها، كمقدمة لانشاء شركة هاتف خليوي ثالثة في لبنان، الى
جانب الشركتين الموجودتين حاليا، تكون ملك الدولة اللبنانية. بحسب
فرانس برس.
واكدت الهيئة ان قرار الوزير "فك جميع التجهيزات العائدة للشبكة
الخليوية الثالثة وتسليمها الى شركة "ام تي سي" (احدى الشركتين
المشغلتين للهاتف الخليوي)، غير قانوني"، وصرح المدير العام لقوى الامن
اشرف ريفي الجمعة لتلفزيون المؤسسة اللبنانية للارسال، انه "لن يسمح
بنقل الشبكة الخليوية الا بقرار من مجلس الوزراء"، ويمثل نحاس "تكتل
الاصلاح والتغيير" المتحالف مع حزب الله في الحكومة، بينما يحسب ريفي
على تيار المستقبل بزعامة رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري، ويأتي
هذا التصعيد الجديد على خلفية خلاف سياسي حاد بين الفريقين، واعلن وزير
الداخلية زياد بارود المحسوب على رئيس الجمهورية التوافقي الخميس تنحيه
عن عمله في الحكومة التي تقوم بتصريف الاعمال منذ اكثر من اربعة اشهر،
بعد ان رفض مدير عام قوى الامن التابع لوزارته الامتثال لاوامره باخلاء
مبنى الاتصالات، واعلن الحريري من جهته في بيان متابعة "قضية محاولة
وزير الاتصالات وضع يده على الشبكة الثالثة للاتصالات واخراجها من عهدة
الشرعية من دون اي مسوغ قانوني"، مشيرا الى ان "لا مانع لديه من قيام
القضاء المختص بوضع يده على هذه القضية"، واعتبر عون "الاستماتة في
ارتكاب المخالفات لمنع المسؤولين من الدخول الى مبنى الاتصالات اثارت
عندنا الكثير من الشبهات من استعمال هذه الشبكة الاضافية"، وكانت
تقارير اعلامية تحدثت عن احتمال استخدام قوى الامن بشكل مستقل وسري هذه
الشبكة، الا ان هيئة "اوجيرو" اكدت في بيانها ان "الشبكة الخليوية
الثالثة لم يتم استثمارها اطلاقا، لا على الصعيد التجاري ولا لمصلحة اي
جهة بتاتا، امنية كانت ام مدنية"، وتابعت "ما يخالف ذلك هو محض اكاذيب
واضاليل". |