
شبكة النبأ: كما توقع الشيعة في
البحرين أتت نتائج الحوار الموهوم مع السلطة مخيبة للآمال، بعد أن تجلت
الحقيقة التي تقف وراء دعوة ملك البلاد الذي بدا أكثر إصرار على مواقفه
المتصلبة إزاء الأغلبية العظمى للشعب البحريني المطالبة بالإصلاح.
فكما يبدو ان الحوار المزعوم كان مجرد ذر رماد في عيون المجموعة
الدولية للتخفيف من حجم الضغوط التي تعرضت لها بعد قمعه الوحشي
للانتفاضة الشعبية التي اجتاحت البلاد أملا في إجراءات إصلاحية تضع حد
من السياسة الطائفية التي تستهدف الشعب.
الانسحاب من الحوار
فقد قالت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المعارضة وهي اكبر جماعة
بحرينية شيعية في البحرين انها قررت الانسحاب من الحوار الوطني مع
الحكومة البحرينية، بعد اقتناعها بعدم جدية الحكومة في التحاور لتحقيق
الاصلاح السياسي المنشود. وقالت الجمعية إنها قررت الانسحاب بعد ان
تبين لها أن هذا الحوار لن ينتج حلا سياسيا جذريا للأزمة البحرينية،
وان نتائجه معدة سلفا، وستزيد التعقيد في الأزمة السياسية في البحرين.
وقال ناطق باسم الجمعية إن الحكومة غير جادة في إجراء حوار وطني. ومضى
قائلا في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية حاولنا بدون جدوى أن نجعل من
هذا الحوار حوارا جاد. ويذكر أن الحكومة البحرينية أطلقت الحوار يوم 2
يوليو/تموز الحالي.
وقالت الجمعية ان فريقها التفاوضي قدم مذكرة تحدثت عن تمثيل الوفاق
البحرينية في الحوار والذي لا يتجاوز نسبة 1,6 في المئة، في وقت حصلت
الجمعية، حسب الأرقام الرسمية، على تمثيل يتجاوز 64 في المئة، من أصوات
الناخبين البحرينيين.
واعتبرت الجمعية ان هذا يكشف عن غياب فاضح للتمثيل الشعبي الحقيقي
في هذا الحوار، بالاضافة الى تشويه مخرجات هذا المنتدى اعلاميا، مما
جعله يسير بوضوح باتجاه لا تقاطع فيه مع الرغبات والتطلعات الشعبية.
واضافت ان من الطبيعي في مثل هذه الحالة أن لا تكون النتائج محل
قبول وترحيب شعبي، وان الاستمرار في هذا الاتجاه سيفقد الحوار قيمته في
إحداث المصالحة وتحقيق الاستقرار السياسي الذي هو المطلب الأساسي من
الحوار.
واشارت الجمعية الى ان هناك عدم جدية، وعدم جدوى من وجود الفريق في
الحوار، لانه لن يكون قادرا على إخراج مملكة البحرين من مأزقها السياسي
والأمني والإنساني المستمر.
وقالت الجمعية: إننا نشعر أن وجودنا يستغل لتشويه معنى الحوار
الوطني والتوافق الوطني، ولا يعدو كونه صورةً مزيفة لمسمى الحوار
الوطني، وهذا حتما سيعمق المأزق السياسي.
ولم يعلق الجانب الحكومي حتى الآن على قرار الانسحاب، الذي يرى فيه
مراقبون نكسة لمحاولات احتواء الازمة السياسية التي ادخلت البحرين في
مأزق سياسي لم تخرج منه حتى الآن.
وكان الحوار بين الجمعية والحكومة قد انطلق في الثاني من هذا الشهر،
رغم انه بدأ وسط حالة من الشكوك من جانب المعارضة في امكانية ان تقدم
الاسرة المالكة التنازلات التي من شأنها اصلاح ما افسدته الحملة
الامنية التي شنتها السلطات ضد الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية.
من جانبه كان ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة قد ذكر ان كل
الخيارات مطروحة على طاولة المحادثات. وسبق ان حذر المتحدث باسم
الجمعية خليل المرزوق من تفجر الموقف مرة أخرى اذا لم يقدم هذا الحوار
حلولا سياسية تؤدي الى الاستقرار.
الجلسات غير السياسية
كما اكد في وقت سابق خليل مرزوق مقاطعة الجلسات غير السياسية في
الحوار الوطني الذي تشهده المملكة، كما شدد مجددا على عدم تعويل
الجمعية على الحوار معتبرا ان هذه الالية لن تؤدي الى نتيجة.
وقال مرزوق "لن نشارك في اجتماعات اللجنة الاقتصادية والاجتماعية"
و"سنتابع مشاركتنا في اجتماعات اللجنة السياسية واللجنة الحقوقية".
واوضح ان الجمعية تعتبر ان "الحوار يجب ان يناقش المسائل الكبرى
السياسية والامنية" مذكرا بموقف الوفاق المنتقد لكون المشاركين في
الحوار "ليس لهم صفة تمثيلية حقيقية". بحسب فرانس برس.
وقال "ان المشاركين لا يمثلون ارادة المجتمع بل يمثلون افكارا،
والصورة واضحة بالنسبة لنا وهي ان هذا الحوار لن ياتي باي حل وهو لا
يلبي حاجات انتشال البحرين من مازقها السياسي".
وعن سبب المشاركة، قال النائب السابق "نشارك لكي لا يقول لنا احد في
الداخل او الخارج اننا ضيعنا فرصة الحوار". وخلص الى القول "الان ينزل
السقف الى اقل من منتدى حوار، نتكلم خمس دقائق ولا نستطيع ان نعلق او
نداخل، وكل ما يقال يوضع في محاضر ويرفع الى جلالة الملك، هذا ليس
حوارا".
الصحفيين المعارضين
من جانبها دعت جماعة حقوقية دولية البحرين للتوقف عن مضايقة وترهيب
الصحفيين المعارضين للحكومة التي سحقت احتجاجات مناهضة لها استمرت
لاسابيع في وقت سابق العام الجاري. وقالت لجنة حماية الصحفيين ومقرها
الولايات المتحدة في بيان انها وثقت حالتين لصحفيين توفيا في السجن
ولعدة صحفيين اخرين احتجزوا او تم الاعتداء عليهم في المملكة الخليجية.
وقال محمد عبد الدايم منسق البرنامج الاقليمي للجنة حماية الصحفيين
"على حكومة البحرين مسؤولية لحماية الصحفيين من هؤلاء الذين يلجأون
للتهديد بالعنف والترهيب والاتهامات الجنائية الملفقة للتأثير على
التغطية (الصحفية)." بحسب رويترز.
وبرغم الحوار الوطني الذي اطلق في يوليو تموز فان احتجاجات صغيرة
تندلع يوميا في القرى الشيعية القريبة من العاصمة المنامة.
واستدعيت صحفية بحرينية الى النيابة باتهامات تتعلق بضربها امرأة
كانت بين مؤيدين للحكومة اقتحموا مؤتمرا صحفيا لوفد ايرلندي يحقق في
انتهاكات حقوقية بحق العاملين في مجال الصحة.
وقالت لجنة حماية الصحفيين ان الاتهامات الموجهة للصحفية ريم خليفة
تبدو ملفقة وانتقدت الصحف المؤيدة للحكومة ووكالة انباء البحرين
الرسمية لوصفها خليفة بأنها "معتدية".
كما اشارت الى حساب على موقع تويتر تحت توصيف "شبكة الاستخبارات
الشعبية لحماية البحرين من الخونة". وذكر هذا الحساب موعد ومكان قيام
من وصفها "الارهابية ريم خليفة" باستلام اطفالها من المدرسة ودعا
متابعيه على موقع التواصل الاجتماعي للذهاب لمنحها "سلاما من بعيد".
ولدى اللجنة قائمة بحالات انتهاكات وتحقيق مع صحفيين اجانب ومحليين.
وقالت "وثقت لجنة حماية الصحفيين لعشرات الحالات لاعتقال صحفيين في
البحرين ووفاة صحفيين اثنين في السجن... وعدد كبير من الاعتداءات
البدنية بحق صحفيين."
وفي مايو ايار قال صحفيان بحرينيان يعملان لحساب وسائل اعلام غربية
انهما اعتقلا وحقق معهما وضربا من قبل الشرطة. وتنفي الحكومة قيام قوات
الامن باعمال تعذيب ممنهجة وتعهدت بالتحقيق في أي اتهامات بارتكاب
انتهاكات.
تعذيب شاعرة
من جهته نشرت الاندبندنت مقابلة اجرتها مع الشاعرة البحرينية الشابة
آيات القرمزي التي اعتقلت وحكم عليها بالسجن قبل ان يطلق سراحها بشرط
عدم المشاركة في اي احتجاجات. وتحكي آيات عن تعرضها للتعذيب في بداية
اعتقالها ف ي 30 مارس/اذار خاصة الايام التسعة الاولى.
تقول الشاعرة، التي تبلغ من العمر 20 عاما والقت قصيدة في حشد
للمتظاهرين في ميدان اللؤلؤة في فبراير/شباط انتقدت فيها السلطات، انها
تعرضت للضرب المبرح على يد امرأة من عائلة آل خليفة الحاكمة. ولم تقدم
آيات القرمزي للمحاكمة الا في 12 يونيو/حزيران ليصدر عليها حكم لمدة
عام لكن افرج عنها بعد قليل.
وفي مقابلة الاندبندنت بعد الافراج عنها تقول انه رغم محاولة
المحققين عصب عينيها الا انها استطاعت ان تلمح المرأة التي كانت تضربها
على رأسها بالعصا وكانت في الاربعين من عمرها وحين وصفتها بعد ذلك
لحراس السجن سموها بانها من عائلة ال خليفة ومنصبها رفيع في جهاز الامن.
ومع ان تلك المرأة ليس من اختصاصها التحقيق مع المعتقلين السياسيين،
كما قال الحراس للمعتقلة، الا انها تطوعت على ما يبدو للقيام بذلك.
وقالت آيات انها نقلت عدة مرات لمكتب المرأة لتقوم بضربها وهي تصرخ
فيها "عليك ان تفخري بآل خليفة، انهم لن يتركوا هذا البلد. هذا بلدهم".
وتحكي الشاعرة الشابة، التي اصبحت قصيدتها واعتقالها احدى قصص
انتفاضة البحرينيين الرئيسية، عن الضرب بكابلات الكهرباء والحبس
الانفرادي والبصق في فمها وكم الاهانات الذي تعرضت له.
وتقول ان المحققين كانوا يركزون على من طلب منها كتابة القصيدة،
ويصرون على انتمائها لتنظيم سياسي وهو ما نفته، اضافة الى التركيز على
ولائها لايران رغم اصرارها على انها بحرينية عبرت عما يريده البحرينيون.
طائفية طبية
في حين روبرت فيسك يحكي في صحيفة الإندبندنت كيف "انقلب الأطباء ضد
بعضهم البعض فيما تمزق الطائفية البحرين إربا"... يقول فيسك إن أصدقاء
الأطباء البحرينيين الشيعة المحبوسين في البلاد يتداولون قائمة بأسماء
أفراد في الأجهزة الطبية من السنة "أرسلوا للتجسس على زملائهم وللشهادة
زورا ضدهم".
ويضيف أن من بين ما تشمله القائمة اتهاما لطبيب عيون بالوشاية
بزميله الشيعي، "كما أن جراحا صرح للتليفزيون بأن 7 مرضى "فقط" كانوا
في المستشفى خلال أحداث العنف، وأن إخصائيين في الأمراض الجلدية أعلنا
أنه تم إخفاء "أسلحة ثقيلة" داخل المجمع الطبي".
ويؤكد الكاتب انه ليس هناك أية وسيلة للتحقق من صدق هذه الاتهامات
التي يوجهها الشيعة إلا أنها أول مثال على نزاع طبي طائفي منذ مذابح
رواندا.
ويضيف فيسك أن الحكومة البحرينية هي التي وصمت بالطائفية مطالب
الشيعة بإقامة ديمقراطية حقيقية في البلاد، وذلك حين أعلنت أن الأطباء
في مجمع السليمانية الطبي مارسو التمييز عمدا ضد المرضى السنة في
المستشفى، وذلك خلال احتجاجات شباط فبراير الماضي.
ويشير الكاتب إلى أن السلطات البحرينية على علم بهذه القوائم التي
ستزيد الانقسام الطائفي في الحقل الطبي، فحين تتهم كبيرة ممرضات تحدد
بالإسم بتزويد معلومات حول عدد من زملائها "لا يزالون رهن الاعتقال"
فمن الصعب تصور كيف يمكن أن يعمل هؤلاء معا بعد ذلك.
ومن الأمثلة المذكورة طبيبا امتياز من السنة جاء ذكر اسميهما في
القائمة ويتهمان بأنهما قادا مسلحين إلى الدور السادس من المجمع الطبي
لاعتقال مرضى، ويوضح فيسك بأن هناك حاجة لهؤلاء الأطباء كي يقرأوا
الملفات الطبية للمرضى لأن أفراد قوات الأمن لا يجيدون الانجليزية
مشيرا إلى أن معظم أفراد الجيش البحريني في الحقيقة باكستانيون. |