استهداف الأبرياء ومسؤولية المجتمع الدولي

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

شبكة النبأ: تؤكد مواثيق المم المتحدة، وفقا لما جاء في المعاهدات المبرمة والقوانين الدولية، بشأن الاحتلال وأنواعه ومهامه، على أن الدولة التي تقوم باحتلال دولة اخرى (بغض النظر عن الأسباب التي ادت الى ذلك)، فإنها مسؤولة عن الدولة التي قامت باحتلالها، مسئولية مباشرة وتامة، وفي عموم المجالات، لاسيما الامنية منها، ولا يجوز للدولة التي قامت بالاحتلال، ان تتنصل من مسؤولياتها في هذا المجال.

لكننا في واقع الحال نلاحظ بوضوح، أن الاحتلال بدلا من حماية العراق وشعبه، نراه وقد اصبح سببا واضحا من اسباب اختلال الامن فيه، لاسيما عندما فُتحت حدود العراق مع الدول المجاورة له كافة، فصارت الساحة العراقية ملاذا للإرهابيين الذين قدموا له من اصقاع العالم، ليصبح العراق مكانا لتصفية الحسابات، الامر الذي ألحق أبلغ الاضرار واشدها بالشعب العراقي، وهكذا اصبح العراق بلدا مفتوحا للصراعات الدولية والاقليمية، وقد انعكس ذلك على طبيعة حياة الناس، ناهيك عن اضطراب الامن، وحدوث انواع السرقات التي تعرضت لها خيرات هذا البلد، ومنها ذاكرته الثقافية ممثلة بالمتاحف والآثار والقطع الاثرية النفيسة، التي تم تهريبها الى معظم مزادات العالم. وقد حدث هذا على مرأى من القوات التي احتلت العراق.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في كتابه الموسوم بـ (إضاءات مرجعية) حول هذا الموضوع: (مما يؤسف له أن تؤول الأمور في العراق الجريح إلى هذه الهوة السحيقة).

ولم تسلم ارواح الزوار من الهتك والقتل والازهاق، نتيجة لتردي الوضع الامني بسبب الاحتلال، إذ يؤكد سماحة المرجع الشيرازي بهذا الخصوص قائلا: (إننا إذ نندد بما جرى من هتك المقدسات، نحمّل قوات – الاحتلال- مسؤولية ما حدث -او يحدث-، إذ إن طريقة معالجة الأمور بالطريقة الخاطئة أوصلت الأمور إلى ما نشاهده حالا، وإن هذه الطريقة ستسبب مزيدا من التدهور في الأوضاع الأمنية وتؤثر على الاستقرار السياسي وما إلى ذلك).

وهو ما حدث فعلا مع مرور الوقت، حيث تتعرض حرمة المقدسات وخاصة في الزيارات والمناسبات ومواليد الاولياء والائمة الاطهار، حين تستغل مجاميع الارهاب زحمة الزوار، لتقوم بعمليات التفجير، معرضة ارواح الابرياء الى الازهاق من دون ذرة رحمة او انسانية، ويتم هذا على مرأى من قوات الاحتلال، من دون ان تضع حلا لمثل هذه الجرائم البشعة، باعتبار ان دولة الاحتلال مسؤولة بصورة كاملة عن اوضاع العراق، حسبما تنص عليه قوانين الامم المتحدة.

إن ما يحدث من تفجيرات تستهدف الزوار في معظم الزيارات، إنما يدلل على كراهية لاحدود لها، وهي تجعل من اجساد الابرياء وارواحهم هدفا لهجمات لا تعرف الرحمة، ولا تعبأ بالمبررات، ولا يهمها الدين او القوانين او الاخلاق، في حين انها تتبجح بالمقاومة والتحرير وطرد المحتل.

يقول سماحة المرجع الشيرازي في هذا الصدد متسائلا: (فهل هتك الحرمات طريق إلى الإستقرار؟!).

كلا بطبيعة الحال، لكن الارهاب لا يتوقف، والاحتلال لا يؤدي دوره القانوني حيال العراق، كما نصت مواثيق الامم المتحدة، لذلك لابد أن تطبَّق مواثيق وبنود الامم المتحدة في هذا الصدد، خاصة ما يتعلق بانسحاب قوات الاحتلال، وابتعادها عن التدخل بالشؤون السياسة والاجتماعية وسواها.

لذا يؤكد سماحة المرجع الشيرازي قائلا بهذا الخصوص في اضاءات مرجعية: (إنّ اللازم على قوات الاحتلال:

اولاً: الإنسحاب من المدن المقدسة وإيكال أمر حفظ الأمن إلى أبناء تلك المدن.

ثانياً: حلّ المشكلات سلمياً عبر إجراء مفاوضات مع مختلف الأطراف, وعدم محاولة الغاء أي طرف من الأطراف).

وهكذا يمكن أن يستتب الامن في حالة إيكال المهمات الامنية للعراقيين، فأهل مكة أدرى بشعابها كما يُقال، أما الاعتداء على الزوار والمراقد، فهي جرائم بائسة تدل على وضاعة الجهات التي تقف وراءها، وهي أفعال معروفة الاهداف مسبقا، ولكن يبقى الخيار الأصلح بيد الشعوب دائما.

لهذا لابد للعراقيين جميعا أن يوحدوا رؤيتهم وكلمتهم وطريقة التعامل مع واقعهم، ومع المحتل واعمال الارهاب التي تطال الأبرياء من الزوار او غيرهم، في عموم العراق، وفي الوحدة والايمان بالمصير الواحد، تمكن الحلول التي تطرد المحتل والارهاب معا من ارض العراق الطاهرة.

لذلك يوجّه سماحة المرجع الشيرازي، دعوته للشعب العراقي في سبيل الخلاص الذي يتطلع الشعب الى تحقيقه ساعة قبل أخرى، قائلا في هذا الصدد: (ندعو الشعب العراقي الأبّي المظلوم إلى الإلتجاء إلى الله تعالى والتوسل بالمعصومين سلام الله عليهم لكشف الغمة وتحقيق الأمال عدم الإنجرار في دوامة العنف، والمطالبة بالحقوق المشروعة عبر الطرق السلمية).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21/تموز/2011 - 19/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م