ما إن أعلنت حركة الوفاق انسحابها من ما يسمى بالحوار الوطني حتى
أطلت علينا بعض الوجوه المحسوبة على الحكومة البحرينية متهمة الوفاق
نفسها بالاستفراد بقرار الشعب البحريني وجره إلى ساحة من الصراع.
والحقيقة هي أن حركة الوفاق كانت تدرك منذ البداية عدم جدية هذا
الحوار وأنه مجرد محاولة من جانب الحكومة لتخفيف حجم الضغوطات الدولية
عليها والإيحاء بأن المعارضة الشعبية العارمة قد انتقلت من الشارع إلى
طاولة الحوار.
لكن من يتابع مجريات الأحداث في البحرين يدرك تماماً أن هذه
الاحتجاجات الشعبية كانت أكبر حتى من حركة الوفاق نفسها بل إن شريحة
كبيرة من التحرك الشعبي أخذت على الوفاق مشاركتها لهذا الحوار المصطنع
مع الحكومة.
من وجهة نظر الوفاق كانت المشاركة في الحوار مهمة للغاية لأسباب عدة
منها التعرف على جدية الحكومة في طرحها وعدم التسرع في إطلاق الأحكام
على الرغم من أن الأمور كانت واضحة منذ البداية فالاعتقالات كانت
مستمرة ومسلسل الترويع للأهالي والتنكيل بهم لم يتوقف. كما أن الوفاق
أظهرت بهذه المشاركة أنها على الرغم من كل هذا الظلم الذي يتعرض له
الشعب البحريني من قبل حكومته إلا أنها زادت من إحراج الحكومة
البحرينية في المحافل الدولية.
وقد بينت الوفاق الاسباب الرئيسية لفشل هذا الحوار وأهمها أن نتائجه
كانت معدة سلفاً وبنود الحوار وجلساته كانت من وجهة نظر الحكومة فقط
ناهيك عن تهميش المعارضة البحرينية وتخصيص مقاعد قليلة جداً لها تصل
إلى 3 % من المشاركين فيه.
أي أن الحكومة لم تكن أصلاً راغبة في إنجاحه وإنما محاولة واضحة
لكسب الوقت في محاولة لتهدئة الشارع المعارض وشق صفوفه.
لكن العكس هوما حصل فالكرة اليوم في ملعب الملك ونظامه الحاكم. وإذا
أراد هذا النظام أن يخرج من أزمته فعليه أن يتفهم بشكل واضح أن مطالب
الشعب لا يمكن التلاعب بها، خاصة وأنها لم تطالب إلا بالحريات ضمن إطار
الملكية الدستورية التي تحفظ للعائلة المالكة ماء وجهها وتضمن للبحرين
مستقبلاً آمناً ومزدهراً. ولا أعتقد أن هذا الحوار كان يسمح ولو بجزء
من النقاش حول هذه القضية.
إذا فالبحرين على الرغم من أنها لم تهدأ يوماً منذ اندلاع الثورة
الشعبية فيها منذ الرابع عشر من شهر فبراير شباط 2011 ولغاية هذا اليوم
فهي متجهة لمزيد من التصعيد في العمل الثوري السلمي. ولا أعتقد بأن
الشعب البحريني سوف يتوقف عن الاستمرار في السعي نحو مطالبه العادلة
وإلا فإنه سوف يكون كمن يحكم على نفسه بالموت.
ولا أعتقد أن ذل الحياة هو خيار مطروح في سلسلة خيارات الشعب
البحريني الثائر.
Nasirbahrani@gmail.com
|