الأسباب وراء انقطاع التيار الكهربائي المستمر في العراق

حيدر محمد الوائلي

بدون مقدمات...

إن أسباب الانقطاع المستمر في التيار الكهربائي في العراق، وأن سوؤها يزداد سوءاً أكثر كل يوم، هو راجع لأحد الأسباب المحتملة التالية أو بعضها مجتمعاً:

1- الاحتلال الأمريكي لا يسمح بتنفيذ مشاريع الطاقة في العراق ويعيق مشاريع الحكومة وتعاقداتها مع الشركات الأجنبية وذلك لأن أمريكا تريد أن تبقي العراق غير مستقر ومنقسم شعبياً وسياسياً على أي حكومة هي لا تقدر على تنفيذ أبسط مشروع خدمي وهو مشروع الطاقة الكهربائية، وبذلك تعطي قواتها مبرراً للبقاء...

إن صح هذا السبب فمن الخيانة بحق هذا الشعب أن لا يتم التصريح بذلك علانية، ويبرؤون ذمتهم أمام الله والشعب، ومع الأسف فأن هنالك الكثير من السياسيين داخل وخارج الكتل السياسية الدينية والعلمانية ممن لا تصرح بذلك علانية، أما حباً وخوفاً من أمريكا، أو وفاءاً لكرسي الحكم والمنصب، أو كما يسميها البعض بـ(متطلبات اللعبة السياسية)...

2- فساد الحكومة وأنها مقتنعة بأن جميع الكتل السياسية تم إرضاءها محاصصاتياً بتوزيع وإستحداث مناصب لكل كتلة إنتخابية (وكل حزب بما لديهم فرحون)، وهم مقتنعون بأن الشعب سوف لن يغير شيئاً ولو تظاهر وندد لأن الكتل القيادية الفائزة بالانتخابات سوف لن تشارك بتك المظاهرات، وأي مظاهرة تخرج فسيتم إتهامها بأنها مظاهرات (مسيسة) و (مغرضة) و (ذات أبعاد سياسية)...

إن صح هذا السبب فسوف يبقى حالنا على حاله فلا خير يرجى من الشعب لأن قياداته متقاعسة ومتخاذلة وتم إسكاتها سياسياً ومحاصصاتياً، فمثلاً أن التيار الصدري كان دائم الخروج بتظاهرات لتحسين الخدمات ولتحسين الواقع المزري للكهرباء، ولكن ما إن فاز (فلان) بمنصب (رئيس لجنة الطاقة) بمحافظة (عراقية) فلم يراهم أحد يتظاهر ومنذ سنتين !!

والغريب أن واقع الكهرباء اليوم هو أسوأ بكثير عما كان عليه الوضع قبل سنتين، حينما كانوا يتظاهرون عليه.

طبعاً كل الأحزاب والتوجهات السياسية كذلك.

فلا حزب الدعوة سوف يشارك ولا يطالب (مثلاً) بإقالة أو التظاهر ضد (رئيس الوزراء) لأنه قائد حزب الدعوة.

ولا كتلة العراقية سوف تشارك ولا تطالب (مثلاً) بإقالة أو التظاهر ضد (رئيس كتلة العراقية) لأنه رئيسها.

وهكذا دواليك، حتى جعلوا المجتمع في دوامة من النزاعات والصراعات وتقديم المصالح الفردية على مصالح ومقدرات بلد بكامله.

3- دول الجوار تضغط على الشركات لعدم تنفيذ مشاريع الطاقة في العراق لكي لا يستقر العراق، وكذلك تضغط هذه الدول على كتل سياسية داخل العراق معروفة بعلاقتها مع تلك الدول أكثر من علاقتها مع كتل سياسية داخل العراق، وهم يفعلون ذلك لإعاقة مشاريع الطاقة مما يسبب غضب شعبي مستمر، والحيلولة دون أن يصبح العراق نموذجاً ديمقراطياً ومثالياً للتغيير في سلطة الحكم.

إن صح هذا السبب فهو بسبب تقاعس وتخاذل السياسيين وبيعهم العراق لدول ومخابرات أجنبية وكذلك تخاذل من الحكومة بعدم تفعيل دور سفاراتها في الخارج لإقناع تلك الشركات وإعطائها علاوات إضافية لتنفيذ تلك المشاريع من دون أي تلكؤ.

4- عدم كفاءة المسؤولين في العراق وعدم معرفتهم وقدرتهم على التعاقد مع الشركات، فمن لديه القدرة فهو أما مستقل غير منتمي لا إلى كتلة سياسية ولا إلى حزب فائز بالانتخابات فتراه جالساً أما بمكتب ليوقع على أوراق أو في دائرة مقبور فيها.

إن صح هذا السبب فهو درس للشعب أن ينتخب من يعرفه ويعرف كفاءته ونزاهته لا كما رأينا في الانتخابات السابقة التي صوّت الناس فيها كراهة بهذه الكتلة فصوت ليس حباً بالكتلة الأخرى ولكن كرهاً بمن يقابلها...

أو ممن انتخب على أساس طائفي، أو فئوي أو حزبي فليغير تفكيره وأغبى الأغبياء من يعثر بالحجر مرتين ولقد تعثر الشعب بالفعل مرتين سابقتين بتجربتين انتخابيتين في بعض إختياراته، فلكي لا يصبح الشعب أغبى الأغبياء بأمتياز.

5- عدم كفاءة المهندسين والعلماء داخل العراق، أو حتى ممن لديه الكفاءة على التطوير والابتكار فلا يتم النظر بمشاريعه لعدم تبعيته لجهة حزبية أو كتلة سياسية.

وإن صح هذا السبب فكما في النقطة الرابعة يكون الحل...

6- إن وزارة الكهرباء نفذت مشاريع كبيرة ورفعت سقف الإنتاج للكهرباء ولكن بسبب ارتفاع درجات الحرارة صيفاً وإنخفاضها شتاءاً مما يزيد الإقبال على أجهزة التدفئة والتبريد مما يسبب عدم إمكانية الوزارة على توفير الطاقة الكافية لتشغيلها.

إن صح هذا السبب فلا خير في هكذا وزارة ولا بكوادرها ولا بمستشاريها ولا بوزيرها إن لم تستطع توفير الكهرباء لأجهزة هي تعمل على الكهرباء كبقية دول العالم الفقيرة وليست الغنية.

وإن لم تكن وزارة الكهرباء قادرة على توفير الكهرباء وهي وزارة مخصصة لتوفير الكهرباء (فقط) وليس شيئاً آخر، فلماذا لا يقدمون إستقالاتهم ويبرؤون ذممهم أمام الله والناس الذين يلعنوهم يومياً عند مجيء الكهرباء وإنقطاعها، ولكن يبدو أن وزارة الكهرباء ليست ببعيدة عن مراكز الفساد المستشري في الدولة.

7- إن تركة النظام البائد كانت ثقيلة، فلقد ترك العراق بلداً مهدماً مع محطات توليدية قليلة وقديمة وغير كافية...

إن صح هذا السبب فأن المحطات التوليدية غير الكافية التي كانت في زمن النظام البائد فهي نفسها التي تعمل اليوم والتي لولاها لما كان هناك كهرباء في العراق أساساً، وقد بقت تلك المحطات على حالها بعد سقوط الصنم وإلى العام (2011) ولازالت تغطي أغلب إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق.

أي أن وزارة الكهرباء وفي ثمان سنوات أعقبت سقوط النظام البائد ولحد العام 2011 لم تستطع توفير أي شيء يذكر من إنشاء محطات عملاقة كالتي أنشأها النظام البائد.

8- إن المواطنين لا يقتصدون بإستهلاك الكهرباء، فلو أطفأ كل مواطن مصباح كهربائي واحد -كما تقول وزارة الكهرباء (رض)- فسيوفر ذلك كماً هائلاً من الطاقة (ويعطونك رقماً كبيراً يساوي حوالي "ربع – نصف" قدرة إنتاج الوزارة)، لا بل يعلنون في صحف الدول الرسمية وفي سبتايتل قناة (العراقية) عن مناقصة تقوم بها الوزارة للجهات الإعلامية لوضع برنامج عنوانه:

(نشرة الكهرباء اليومية) !!

لماذا لا تبنون محطات ولو بسيطة بالنقود التي تنفقونها على مثل هذه الخزعبلات ودعوا الشعب يرى أفعالكم على الأرض لا نشراتكم الإعلامية البائسة.

إن صح هذا السبب فأين هي الكهرباء حتى نقتصد بها...!!

طبعاً كلام الوزارة صحيح علمياً لأنهم قرأوه في مجلة أجنبية لعالم أجنبي وهم نقلوا الخبر فقط، لأني متأكد من عدم وجود خبراء ولا علماء ولا باحثين في وزارة الكهرباء كما في الكثير من وزارات الدولة، وإلا لما بقت وزارة الكهرباء على هذا الواقع المتهرئ والبائس وبقت وزارة الكهرباء بلا كهرباء توفرها...

بالإضافة الى أن المواطن هو فاقد الثقة بكم وبكلامكم ولا يشعر بأنكم صادقين معه، ولا حريصين عليه، لأنه وبكل بساطة لا يثق بكم.

ففي الوقت الذي يتنعم به وزير الكهرباء بالتكييف والإنارة ووسائل الترفيه داخل قصره فهو يطالب الشعب أن يقتصد بها..!!

كما أن الكهرباء متوفرة وبخط حرج وخط ذهبي لا ينقطع ولا (يرمش) (رمشة) له ولعائلته الكريمة ولحمايته وكذا جراً بأعضاء الحكومة والبرلمان والرئاسة ومجالس القضاء ومؤسسات الدولة الكبرى ودوائرها (ليس حباً بالمراجعين ولكن حباً بالمدير)، فيوفرون الطاقة لها وكذا بأكثر بيوت ومكاتب المحافظين وأعضاء مجالس المحافظات...

وكل هذا ويطلبون من المواطن أن يقتصد بالكهرباء وهي تأتيه ساعتين تشغيل متقطعة بضمنها في أحيان كثيرة إنطفاء الى ثلاث إنطفاءات في هاتين الساعتين مع اربعة ساعات إطفاء تام لا تأتي ضمنها الكهرباء ولا رمشة ولو سهواً...

يا أيها الرجل المعلم غيره... هلا لنفسك كان ذا التعليمُ

تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى... كيما يصح به و أنت سقيمُ

و أراك تصلح بالرشاد عقولنا... نُصحاً و أنت من الرشاد عديمُ

إبدأ بنفسك فأنهها عن غيها... فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ

لا تنه عن خلقٍ و تأتي مثله... عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21/تموز/2011 - 19/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م