الوقود الحيوي... "جريمة ضد الإنسانية"!

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: من وقت لآخر تبرز على واجهة الاحداث العالمية مشكلة الغذاء العالمي وطرق تأمينه وسط تنامي مخاوف شبح ارتفاع الاسعار الذي يطل برأسه بين الفينة والاخرى، ومع الظروف المحيطة بأنخفاض مستوى انتاج المواد الغذائية الرئيسية امثال ارتفاع معدلات الجفاف والاحتباس الحراري وارتفاع تكاليف النقل بسبب ارتفاع اسعار النفط...الخ، تجتاح العالم موجة من الرغبة الشديدة في زيادة استخدام هذا الغذاء الى وقود حيوي بغض النظر عن مئات الملايين التي لصقت جلودها على عظامها من اثر الجوع، ومع وجود العديد من الانصار والمؤيدين لاعتماد هذا النوع من الوقود، تكثر الاصوات المعارضة والتي وصفت هذا الامر بـ"جريمة ضد الانسانية".  

الوقود الحيوي مرة أخرى  

حيث يتصدر المزيج من ارتفاع أسعار الوقود وزيادة إنتاج الوقود الحيوي "المحرك الرئيسي لارتفاع سعر الذرة عام 2007/2008" الأخبار مرة أخرى بسبب انخفاض المخزونات إلى أدنى مستوياتها منذ 30 عاماً في الولايات المتحدة التي تعد أكبر مصدر للذرة في العالم، وقال عبد الرضا عباسيان، أمين الفريق الحكومي الدولي المعني بالحبوب في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) أن أسعار الذرة قد ارتفعت لأكثر من الضعف منذ أبريل 2010، وقد تسببت الزيادة في أسعار الحبوب الأساسية في تأثير الدومينو على أسواق الحبوب حيث يختار الناس البدائل الأرخص، وقد أشار التقرير الجديد للبنك الدولي إلى أن ارتفاع أسعار الغذاء منذ يونيو 2010 قد دفع 44 مليون شخص إضافي إلى خانة الجوع، وبنهاية عام 2010، وصلت أسعار الغذاء إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008، ولكن الخبراء اعتقدوا أن ارتفاع الأسعار لم يصل بعد إلى مستوى الأزمة التي سجلت في 2008 عندما تأثرت الإمدادات العالمية لجميع الحبوب الرئيسية، وقال كريستوفر باريت، الخبير الغذائي الذي يُدرِّس اقتصاديات التنمية في جامعة كورنيل في الولايات المتحدة أن مخزونات الذرة في الولايات المتحدة كانت "منخفضة إلى أقل من استهلاك ستة أشهر". بحسب ايرين.

ويؤكد الخبراء ان الامر لا يرتقي الى الازمة لكن مستوى قلقهم قد زاد درجة عما كان عليه في يناير، فارتفاع أسعار النفط الخام وضعف الدولار والاضطرابات المنتشرة في المناطق المنتجة للنفط في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والموقف في اليابان حيث زادت المفاعلات النووية المعطوبة من الطلب على الوقود التقليدي وانخفاض الإمدادات الغذائية نتيجة لخطر التعرض للإشعاع لا تعد وصفة لاستقرار الأسعار في أي وقت قريب، وقال عباسيان أن "الأشهر القليلة القادمة ستكون حاسمة"، وقد أشار البنك الدولي في تقرير مراقبة أسعار الغذاء لعام 2011 إلى أن أسعار النفط الخام ارتفعت بنسبة 10.3 بالمائة في مارس وارتفعت بنسبة 36 بالمائة عن مثيلاتها في نفس الوقت من عام 2010، وذكر التقرير أن "الزيادة في أسعار النفط تؤثر على أسعار الغذاء، فزيادة بنسبة 10 بالمائة في أسعار النفط الخام مرتبطة بزيادة 2.7 بالمائة في أسعار الغذاء، طبقاً لمؤشر أسعار الغذاء الصادر عن البنك الدولي"، وتحافظ أسعار النفط الخام على مستوى يزيد بكثير عن 100 دولار للبرميل وهي الأسعار التي وصل إليها النفط الخام في أزمة أسعار الغذاء عام 2007/2008، ويعني ارتفاع أسعار الوقود أن المزيد من الذرة والزيوت النباتية وقصب السكر تستخدم في إنتاج الوقود العضوي، وقد ذكرت وزارة الزراعة الأمريكية في تقريرها الخاص بتقديرات الطلب والعرض الزراعي الصادر في أبريل 2011 أن استخدام الذرة لإنتاج الإيثانول قد ارتفع من 31 بالمائة من إجمالي إنتاج الذرة في عام 2008/2009 ويتوقع أن يصل إلى نسبة 40 بالمائة في عام 2010/2011.

ويعني ارتفاع أسعار الوقود أيضاً زيادة تكلفة المدخلات الزراعية مثل الطاقة اللازمة للري والمواصلات وتكاليف الإنتاج الأخرى، وقال البنك الدولي أن أسعار الذرة قد ارتفعت في طاجيكستان وأذربيجان وجمهورية قيرغيزستان في العام الماضي مما يعكس زيادة تكاليف المواصلات من كازاخستان، وقال عباسيان أن إيثانول الذرة المصنع في الولايات المتحدة يمكن أن يتنافس مع أسعار البنزين المرتفعة دون أي دعم حكومي على المدى الطويل وهو ما "يثير القلق"، وقد كان لدى عباسيان قلق أيضاً حيال نقص إمدادات الذرة في الصين حيث تأثر الإنتاج بسوء الأحوال الجوية في عام 2010، وكان هناك أيضاً عدم يقين بشأن مستوى الواردات الصينية في عام 2011، وقال باريت أن مخزونات الأغذية الأساسية الأخرى "وخاصة القمح وفول الصويا لم تشهد نفس الاستنزاف تقريب، فالإنتاج كان جيداً جداً في أمريكا الجنوبية وحتى الآن تشير تقارير وزارة الزراعة الأمريكية إلى أن المؤشرات في الولايات المتحدة لمحصول عام 2011 جيدة وبالتالي فإن قضايا العرض هي بصورة أساسية عدم كفاية النمو في الغلة لمواكبة الطلب"، وأشار عباسيان إلى أن أسعار القمح كانت في الأسبوع الأول من إبريل 2011 أعلى بنسبة 84 بالمائة عن مثيلاتها في نفس الفترة من عام 2010، في حين أن أسعار الأرز كانت مرتفعة بنسبة 6 بالمائة فقط.

هل الدول النامية متضررة؟

الى ذلك وعلى الرغم من أن الأمر يستغرق وقتاً طويلاً لانتقال ارتفاع الأسعار العالمية إلى الأسواق المحلية، إلا أن تأثير هذا الارتفاع يحدده في الغالب الظروف المحلية، فقد أدت ندرة الأمطار في القرن الإفريقي إلى ارتفاع أسعار الذرة البيضاء في كينيا والصومال وأغندا وجمهورية الكونغو الديموقراطية وبنين مع حدوث أكبر قفزة في الأسعار "80 بالمائة" في العاصمة الصومالية مقديشو ما بين يناير وفبراير 2011 بزيادة سنوية قدارها 340 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2010، وقال البنك الدولي أن الشكوك حول الإنتاج دفعت أسعار الأرز العالمية إلى الارتفاع بنسبة 18 بالمائة ما بين يونيو وديسمبر 2010 وأدت بكبار المستوردين إلى زيادة المخزونات المحلية، وقد انخفضت الأسعار في دول مثل بنجلاديش وموزمبيق، وطبقاً لما ذكرته منظمة الأغذية والزراعة، فقد أدى انخفاض قيمة الفرنك أمام الدولار في دول غرب إفريقيا إلى ارتفاع الأسعار ما بين 10 بالمائة إلى 20 بالمائة منذ مارس 2010، وقال البنك الدولي أن النزاع في ساحل العاج أدى إلى عرقلة وصول إمدادات الأغذية المصنعة مثل الحليب المجفف والسكر والزيوت النباتية إلى البلدان غير الساحلية مثل بوركينا فاسو ومالي والنيجر، وهو ما جعل تلك البضائع أكثر تكلفة، وقد ارتفعت الأسعار في السودان وإثيوبيا والهند وكولومبيا، وقد وصل تأثير ارتفاع أسعار القمح إلى منغوليا أيضاً التي تعتمد بصورة كبيرة على الواردات، وعلى الجانب الايجابي، شجع ارتفاع الأسعار المزارعين في الاتحاد الأوروبي وروسيا وأوكرانيا على زراعة المزيد من القمح وهو ما نتج عنه محاصيل أكبر في عام 2011، لكن عباسيان قال، "إذا كان لديك موجه أخرى من سوء الأحوال الجوية "مثل موجة الجفاف في روسيا في 2010" فإننا قد نواجه أزمة". بحسب ايرين.

وأشار باريت إلى أنه ينبغي على الدول التي تشتري معظم غذائها أن تراقب التعريفة الجمركية لصادراتها وتخفض من معدلات تلك التعريفة من أجل الحفاظ على انخفاض الأسعار، وأضاف أنه "في العديد من الدول سيؤدي زيادة قوة العملة المحلية بصورة طبيعية مقابل الدولار الأمريكي إلى خدمة هدف مكافحة التضخم، على الرغم من أن الضغط على سعر الصرف كوسيلة لوقف التضخم يعد استراتيجية خطيرة بسبب العواقب المحتملة على قطاعات الزراعة والسلع التجارية الأخرى "الصناعة الخفيفة والسياحة على سبيل المثال"، وقال عباسيان أنه كان لدى الدول الوقت الكافي منذ الأزمة الأخيرة في عام 2007/2008 للتفكير في شبكات الأمان، مضيفاً أنه "إذا لم تفكر الدول في ذلك فعليها البدء في وضع استراتيجية الآن"، وقد أشار باريت إلى أن ارتفاع أسعار سوق الحبوب الأساسية أعطى المزارعين والدول فرصة الاستثمار في تحديث الري والتحسينات الأخرى التي يمكن أن تجلب فوائد على المدى الطويل، وقد ركز البنك الدولي على ما يمكن للدول العربية "أكبر مستوردي الحبوب في العالم" فعله من أجل خفض التكاليف وإيجاد التجهيزات التي تساهم بصورة كبيرة في تحديد سعر القمح المستورد، فعلى سبيل المثال، تنتظر الحاويات التي تحمل القمح بشكل روتيني ما يقرب من 10 أيام قبل أن تقوم بتفريغ حمولتها. وقد اقترح البنك الدولي تحديث وتحسين قدرة البنية التحتية في الموانئ لخفض التكاليف. وفي أوقات الأزمات غير المتوقعة "كالفيضانات المفاجئة التي تؤثر على الإنتاج" ينبغي على الدول اتخاذ خطوات لحماية أنفسها من الهوامش الكبيرة بين السعر المتعاقد عليه وسعر التسليم كي لا تتحمل الأسواق المحلية صدمة الأسعار، وقد اقترح البنك أن يتم إنشاء مستودعات إقليمية للمساعدات الإنسانية في المناطق المعرضة للكوارث ذات البنية التحتية المتردية مثل القرن الإفريقي من أجل تلبية الاحتياجات في حالات الطوارئ بسرعة، وتملك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "ذراع المعونة للحكومة الأمريكية" وهي أكبر جهة مانحة للغذاء في العالم مستودعاً في جيبوتي في القرن الإفريقي حيث يتم وضع المعونات الغذائية لحالات الطوارئ المحتملة في إفريقيا وآسيا.

ينتقدون قرارا أوروبياً

من جانبهم قال مصنعو الوقود الحيوي الامريكيون ان قرار الاتحاد الاوروبي بتوسيع نطاق الرسوم المفروضة على واردات الوقود الحيوي غير قانوني وهو ما يؤجج نزاعا بين جانبي المحيط الاطلسي على حصة من السوق العالمية للطاقة المتجددة، وقالت مصادر دبلوماسية ومصادر بالاتحاد الاوروبي وبالصناعة ان ممثلين لحكومات الاتحاد أقروا مؤخراً خطة لتوسيع نطاق الرسوم بناء على أدلة على أن مصدرين أمريكيين يهربون الوقود الحيوي الى أوروبا عبر كندا أو يخلطونه ليصبح مزيجا أقل كفاءة لتفادي الرسوم المرتفعة التي تفرضها دول الاتحاد، وقال مانينج فيراسي نائب الرئيس للشؤون الاتحادية في الهيئة الوطنية للوقود الحيوي أكبر اتحاد لهذه الصناعة في الولايات المتحدة "نعتقد أن هذا سيكون قرارا سيئا يتعارض مع قانون الاتحاد الاوروبي الحالي بشكل مباشر"، نحن ننتظر الحصول على تأكيد نهائي لهذا القرار وسنتحرك بعد ذلك"، وقلصت رسوم الاتحاد الاوروبي صادرات الوقود الحيوي الامريكية الى أقل من ثلث مستواها البالغ 1.5 مليون طن عند فرضها في عام 2009، ويسلط هذا النزاع الضوء على سباق عالمي للفوز بحصة من السوق العالمية المزدهرة للطاقة المتجددة، وقالت مصادر ان توسيع نطاق الرسوم سيدخل حيز التنفيذ في مايو أيار ويستمر حتى عام 2014. بحسب رويترز.

الى ذلك قالت المنظمة الخيرية البريطانية اوكسفام ان زيادة انتاج الوقود الحيوي قد ادى الى زيادة عدد الفقراء في العالم بحوالي 30 مليون انسان، وقالت المنظمة في تقرير لها ان ما يسمى بالسياسات الصديقة للبيئة في الدول الغنية هي احد اسباب ارتفاع اسعار المواد الغذائية والتي يكون اول ضحاياه الفقراء، وقالت المنظمة ان خطط الدول الغنية في استخدام مزيد من الوقود الحيوي لن تساهم في الحد من الاحتباس الحراري، ودعت المنظمة الدول الاوروبية الى الغاء خططها في اعتماد مصادر طاقة متجددة في 10 بالمائة من مجمل عمليات النقل بحلول عام 2020، وحذرت من ان استخدام مصادر طاقة متجددة في 10 بالمائة من عمليات النقل سوف يرفع من انبعاث غاز الكربون سبعين ضعفا بسبب استغلال مزيد من الاراضي الزراعية لانتاج الوقود الحيوي، وانتقد مستشار اوكسفام في مجال السياسات البيئية روب بيلي الدول الغنية بسبب دعمها المالي الذي تقدمه لانتاج المزيد من المنتجات الزراعية التي تستخدم في انتاج الوقود الحيوي مثل الايثانول، وقال بيلي "اذا كانت قيمة الوقود المستخرج من المنتج الزراعي اعلى من قيمته في السوق كمادة غذائية فسيتم استخدام المنتج كمصدر للوقود وليس كسلعة غذائية"، واضاف ان الدول الغنية تساهم في تدهور البيئة وتزيد الاحتباس الحراري لانهم عمليا يسرقون المحاصيل الزراعية والاراضي الزراعية لاستخدامها كمصدر للوقود وليس كمواد غذائية وهم بذلك يدمرون مصدر معيشة الملايين حول العالم.

فرصة ام جريمة؟

في سياق متصل يعتبر الوقود الحيوي من المواضيع التي يدور حولها جدل قوي بين انصاره والمعادين له، فمن بين انصار الوقود الحيوي الرئيس البرازيلي لولا الذي اعلن ان نمو انتاجه يمنح الدول النامية فرصة تنمية صادراتها من المحاصيل المستخدمة في انتاج الوقود الحيوي وبالتالي زيادة دخلها للحد من الفقر في الدول المنتجة لهذه المحاصيل في افريقيا وامريكا الوسطى وحوض الكاريبي، لكن العديد من المنظمات الانسانية ومنظمات الاغاثة والمحللين يحذرون من انتشار زراعة المحاصيل المستخدمة في انتاج الوقود الحيوي، وقد وصل الامر بأحد المستشاري لدى الامم المتحدة الى حد وصف انتاج الوقود الحيوي بانه "جريمة ضد الانسانية"، يذكر ان الوقود الحيوي هو الطاقة المستمدة من الكائنات الحية سواء النباتية أو الحيوانية منه، وهو أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة، على خلاف غيرها من الموارد الطبيعية مثل النفط والفحم الحجري وكافة أنواع الوقود الإحفوري والوقود النووي، وبدأت بعض المناطق بزراعة أنواع معينة من النباتات خصيصاً لاستخدامها في مجال الوقود الحيوي، منها الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة، وأيضا اللفت في أوروبا وقصب السكر في البرازيل وزيت النخيل في جنوب شرق آسي، أيضا يتم الحصول على الوقود الحيوي من التحليل الصناعي للمزروعات والفضلات وبقايا الحيوانات التي يمكن إعادة استخدامها، مثل القش والخشب والسماد، وقشر الارز، والمجاري، وتحلُل النفايات، ومخلفات الأغذية، التي يمكن تحويلها إلى الغاز الحيوي عن طريق الهضم اللاهوائي، الكتلة الحيوية المستخدمة كوقود يتم تصنيفها على عدة أنواع، مثل النفايات الحيوانية والخشبية والعشبية، كما أن الكتلة الحيوية ليس لها تأثير مباشر على قيمتها بوصفها مصدر للطاقة.

ومن الملاحظ حالياً أن الأنواع الأخرى من الطاقة المتجددة تتفوق على الوقود الحيوي من حيث أثر محايدة الكربون، وذلك بسبب ارتفاع استخدام الوقود الاحفوري في إنتاجه، بالإضافة إلى ناتج احتراق الوقود الحيوي من ثاني أوكسيد الكربون فضلاً عن الغازات الغير بيئية الأخرى، الكربون الناتج عن الوقود الحيوي لا يتمثل فقط بنواتج الاحتراق وإنما يضاف إليه ما هو صادر عن النبات خلال دورة نموه، لكن الجانب الايجابي من الموضوع هو أن النبات يستهلك ثاني أوكسيد الكربون في عمليات التركيب الضوئي (التمثيل الضوئي) ومن هنا أتى ما يسمى بتعديل الكربون أو "محايدة الكربون"، ومن الواضح أيضا أن قطع الأشجار في الغابات التي نمت منذ مئات أو آلاف السنين، لاستخدامها كوقود حيوي، دون أن يتم استبدالها لن يساهم في الأثر المحايد للكربون، ولكن يعتقد الكثيرون أن السبيل إلى الحد من زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي هو استخدام الوقود الحيوي لاستبدال مصادر الطاقة غير المتجددة.

الوقود الحيوي والسيارات

من جهتها فان شركات السيارات تتجه إلى محركات تعمل بالوقود الحيويمع اتجاه شركات السيارات إلى إنتاج سيارات تعمل بالوقود الحيوي، أثيرت المناقشات حول هذا النوع من الوقود، الذي يؤدي إنتاجه إلى ارتفاع أسعار الغذاء وإلحاق دمار بالبيئة، طرحت عدة شركات عارضة في معرض فرانكفورت للسيارات سيارات تعمل بالبنزين أو الإيثانول، مما أثار نقاشات عما إذا كان الوقود الحيوي يمثل نعمة أم نقمة؟، وفي الوقت ذاته أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (أويسد) تقريرا يدعو لوقف  الدعم للوقود الحيوي، مشيرة إلى أن الاتجاه العالمي المتسارع نحو الديزل الحيوي والإيثانول أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء وإلى إلحاق دمار بالبيئة أكثر من الفائدة المكتسبة، وعن آثار الوقود الحيوي، ذكر تقرير للمنظمة أن الاندفاع الراهن صوب الوقود الحيوي أوجد ضغوطا  على التنمية المستدامة، ومن شأنه أن يربك الأسواق دون أن يعود بمنافع كبيرة على البيئة، وأشار التقرير إلى أن الآثار البيئية للإيثانول والديزل  الحيوي تتجاوز في مجملها الآثار الناجمة عن البنزين والديزل عندما نضع في الاعتبار الخسائر في مجال التنوع الحيوي والسموم الناتجة عن استخدام المبيدات. بحسب وكالة الانباء الالمانية.

وفي الوقت الذي تطلق فيه مرسيدس سيارة من الفئة بي عام 2009 مزودة بمحرك كهربائي لا تصدر عنه انبعاثات ضارة من ثاني أكسيد الكربون، أعلنت تويوتا التوسع في إنتاج الطرازات المهجنة، وعرضت فورد وفولفو طرازات تعمل بوقود إي 85 وهو مزيج بنسبة 85 في المائة من الإيثانول و15 في المائة من البنزين، وفي مناقشة تمت في معرض فرانكفورت الدولي للسيارات، اعترف برنهارد ماتيس، مدير شركة فورد في ألمانيا، بأن الجيل الأول من سيارات الوقود الحيوي يعاني من مشاكل كما أنه تسبب في ارتفاع أسعار الأغذية، ولكنه ذكر أنه في غضون خمسة أعوام سيطرح في الأسواق الجيل الثاني من  السيارات التي تعمل بالوقود الحيوي المخلق والذي يتماشى مع التنمية المستدامة، وأشار إلى أنه  في السويد يتم إنتاج  الوقود الحيوي من الأخشاب، وأن السويد لديها شبكة كبيرة من محطات التموين التي تعرض وقود إي 85 مما يجعل من الإيثانول وقود مجد اقتصاديا.

خسائر كبيرة

بدوره فان الوقود الطبيعي يمثل خطراً على التنوع الحيوي الطبيعي وفي ألمانيا، وصف اتحاد دعم الزيوت والنباتات البروتينية تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأنه متحيز، وأنه لم يضع عدة شروط مختلفة في أوروبا في الاعتبار، وأشار إلى أن الكثير من الآلات الزراعية في القارة الأوروبية تعمل بالوقود الحيوي  وأن هناك وفرة من الأراضي غير المستصلحة التي يمكن أن تزرع فيها الذرة والمحاصيل الأخرى المنتجة للديزل الحيوي، ولكن معظم الخبراء يتفقون على أن أوروبا يتعين عليها أن تستورد الوقود الحيوي لكي تلبي الطلب المتزايد، وأن هذا يتطلب نظام شهادات لحماية، وذكر تقرير لصندوق الطبيعة العالمي أن الملايين من الهكتارات من الغاباتالاستوائية تم قطعها من أجل زراعة نخيل الزيت والصويا وقصب السكر، وكلها من المصادر الرئيسية للوقود الحيوي، الأمر الذي يؤدي إلى خسائر فادحة في، ويقول اتحاد الوقود الصناعي الأوروبي وهو اتحاد يضم شركات منتجة للسيارات ومنتجة للوقود الحيوي الصناعي إنه ما أن يتوافر الوقود الحيوي تجاريا فإن  ذلك من شأنه أن يخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 90 في المائة مقارنة بالوقود  المستخرج من البترول.

من جهة اخرى قال البنك الدولي ان من المرجح أن ينمو اقتصاد افريقيا جنوب الصحراء 5.1 بالمئة هذا العام و 5.4 بالمئة في 2012 لكن اسعار الوقود والغذاء المرتفعة قد تبطئ التعافي السريع من الازمة المالية العالمية، كان البنك يتوقع في وقت سابق أن ينمو اقتصاد المنطقة 5.3 بالمئة هذا العام و5.5 بالمئة في 2012. ونما اقتصاد المنطقة 4.7 بالمئة في 2010 بعد نمو بنسبة 1.7 بالمئة في العام السابق حينما اضرت الازمة الاقتصادية العالمية بالانتاج، وقال شانتايانان ديفاراجان كبير اقتصاديي البنك الدولي لشؤون افريقيا "بعدما رسم صورة متفائلة الى حد كبير ينبغي أن اضيف أن هناك بعض المخاطر الحقيقية على هذا التوقع للنمو، ربما كان اكثرها أهمية هو الارتفاع الذي نراه الان في أسعار الغذاء والوقود"، وأضاف "اذا واصلت أسعار الغذاء والوقود الارتفاع فهناك بعض المخاطر الحقيقية على توقعات النمو"، وتضررت افريقيا بشدة جراء التباطؤ الاقتصادي العالمي اذ تراجع الطلب على السلع الزراعية مثل الشاي والبن والكاكاو وارجأ السائحون من أوروبا وامريكا الشمالية رحلاتهم الى القارة وانحسر الاستثمار الاجنبي المباشر، وقال ديفاراجان في العاصمة التجارية لتنزانيا ان معظم الاقتصادات الافريقية انتعشت من الازمة العالمية وتتمتع بنمو جيد بفضل مبادئ الاقتصاد الكلي الحصيفة وقفزة في الاستثمارات، وأضاف "اعتقد أنها انتعشت بسرعة كبيرة بعد الازمة، في الحقيقة هذا هو التعافي الاسرع في تاريخ افريقيا"، وقال المسؤول ان اقتصادات كثير من الدول المستوردة للغذاء والنفط قد تكون الاكثر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 18/تموز/2011 - 16/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م