القتال في ليبيا... نهاية لا تقبل القسمة على اثنين

النصر أو الموت في سبيل الحرية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: اتخذت المعارك التي تدور في ليبيا بين الثوار وكتائب الديكتاتور القذافي منحى جديد يختلف عما بدأت به قبيل اندلاع الثورة، حيث باتت الحرب هناك لدى اغلب الثوار مسالة حياة او موت لا تقبل القسمة على اثنين، خصوصا مع غياب اي فرصة لحلول وسط قد تعجل من نهاية ما يحدث.

وتعكس المشاهدات الميدانية في ساحات المعارك استماتة الثوار لنيل الحرية كما يعلنون، بعد ان انخرطت مختلف الفئات العمرية والطبقية في الحرب ضد نظام القذافي المتمسك بالسلطة. فيما باتت استحقاقات القتال يفرض على أبطاله متغيرات جديدة وغير مألوفة سابقا في المجتمع الليبي.

أسلحة محلية الصنع

فقد بلل العرق ملابس العمال الزرقاء التي يرتديها صادق مبكر قرين وهو منكب على اصلاح قاذف صواريخ مرتجل من أجل مقاتلي المعارضة الذين يحاربون الزعيم الليبي معمر القذافي.

قال قرين (52 عاما) وهو يشير الى قاذف صواريخ به 16 أنبوبا للصواريخ انتزعت من طائرة هليكوبتر عسكرية "هذه هي المرة الاولى التي أعمل فيها على واحد كهذا."

قام قرين وهو رئيس عمال سابق في شركة نفط بتثبيت الانابيب في اطار ملحوم ويعمل الان على وحدة التوجيه الالكتروني ليسمح لمقاتلي المعارضة باطلاق الصواريخ واحدا واحدا وفقا للحاجة.

يعمل مع زملائه في الورشة على تصنيع أسلحة من أي شيء يقع تحت أياديهم. وقال "تعلمت تصنيع أشياء أخرى وتعلمت اللحام ولذلك تمكنت من اصلاح هذا."

والبراعة التي نراها هي وليدة الحاجة. واستولى مقاتلو المعارضة في مصراتة على بعض الاسلحة وترسل لهم أسلحة أخرى من خلال ميناء مصراتة.

ولكن المعارضة تشكو من نقص في الاسلحة الثقيلة والاسلحة التي حصلت عليها في حاجة الى ادخال تعديلات كي تتناسب مع قوة نيران القوات الحكومية وقدرتها على الحركة.

ويحارب المعارضون في مصراتة ثالث أكبر مدينة ليبية الواقعة على بعد حوالي 200 كيلومتر الى الشرق من العاصمة طرابلس منذ أربعة أشهر لانهاء حكم القذافي القائم منذ 41 عاما.

ونقلوا خط المواجهة من داخل المدينة الى مشارف بلدة زليتن المجاورة التي تقف حائلا دون تقدم المعارضة صوب طرابلس.

وتشير السرعة الشديدة التي يعمل بها العمال في هذه الورشة القريبة من وسط مدينة مصراتة وبينهم مدرسون سابقون ومهندسون وسائقو سيارات الى أن المعارضة تعد الذخيرة للتحرك القادم نحو زليتن.

وتركز الورشة الى الان على اصلاح العتاد. وعندما نقلت الجبهة الى موقع أمامي الاسبوع الماضي تم نقل معظم العمال هنا الى ورشة اصلاح جديدة قرب زليتن كي لا تضطر أطقم الاسلحة للسفر لمسافة 36 كيلومترا في الذهاب وأخرى في العودة لاصلاح الاسلحة.

ولا تزال الورشة في مصراتة تتعامل مع الاصلاحات الكبيرة لكنها تركز الان على تجهيز أسلحة جديدة والسيارات التي ستركب عليها. وتسارع ايقاع العمل ويمتد من الصباح الباكر حتى ساعات متأخرة في الليل طوال أيام الاسبوع.

والمهمة الرئيسية هي بناء منصات جديدة لمدافع رشاشة ثقيلة ومدافع مضادة للطائرات التي ستركب على ظهر شاحنات صغيرة.

وهناك حوالي عشر منصات جديدة من الصلب شبه جاهزة لتركيب مدافع رشاشة عيار 14.5 ملليمتر أخذت من دبابات أو طائرات هليكوبتر. وبدلا من نظام الكتروني لتحريكها يمكن ضبط المدفع يدويا. ويعرض صلاح محمد (45 عاما) بفخر المدفع الجديد الى جانب طلقات للمدفع صنعت من عبوات الطلقات المستهلكة.

وابتكرت الورشة كذلك معدة لحام أساسية بها مقبض لدفع الذخيرة الى الوصلات التي ستزود المدفع الرشاش بالطلقات وهو شيء لا يمكن عمله يدويا.

ويتركز معظم النشاط المحموم الان في الورشة التي يعمل فيها 35 عاملا على مجموعة عمل صغيرة تعمل على الانتهاء من تصنيع مدفع مضاد للطائرات. واستبدل طاقم العمل أربعة مدافع رشاشة عيار 14.5 ملليمتر بمدفعين مضادين للطائرات عيار 23 ملليمترا.

ويقول قرين ان تغيير العيار يرجع أساسا الى أن المدافع الاكبر لها مدى يصل الى ستة كيلومترات مقارنة بأربعة كيلومترات للمدافع الاصغر. ويضيف أن ذلك سيكون له تأثير نفسي على قوات القذافي. ويعود قرين للعمل على قاذف الصواريخ. ويقول "أريد أن أساعد على انتهاء القتال في رمضان." وتابع "عملنا لن ينتهي حينها.. لدينا الكثير الذي يجب علينا عمله. ولكن أريد أن يتوقف القتال وقتها."

الانضباط في ساحة المعركة

وفي منتصف النهار.. بينما تسقط صواريخ جراد فوق فروع الاشجار العالية بدأ بعض أفراد اللواء الاول من فوج المرسى في الغناء. بدأ يتردد في الافق التكبيرات.. بدا على بعض الرجال الذين كانوا يختبئون وراء حاجز من أجولة الرمال التوتر. بينما أطلق البعض الاخر بين الاغاني النكات لتمضية الوقت.. لكن لم ينشق احد.

قبل أسابيع محدودة كان يمكن للمشهد أن يكون مختلفا تماما. كثيرا ما كان يندفع مقاتلو المعارضة للامام بصورة عشوائية ويحتفلون بالزحف الذي قاموا به من خلال اطلاق العشرات من الاعيرة النارية في الهواء ثم يتناثرون في كل الاتجاهات عندما تبدأ القوات الحكومية في اطلاق المدفعية.

وفي المنطقة الزراعية الواقعة خارج مدينة مصراتة على بعد 200 كيلومتر الى الشرق من طرابلس -وهي احدى الجبهات التي يجري فيها التصدي للانتفاضة التي قامت ضد الزعيم معمر القذافي- وجد المقاتلون قدرا من الانضباط.

وبدأوا ينظمون أنفسهم في وحدات رسمية مع وجود تسلسل قيادي وأصبح المقاتلون يحصلون على تدريب بدائي ويبدأون في ممارسة مهارات أساسية في المعارك مثل حفر مواقع دفاعية وعدم اهدار ذخيرتهم. بحسب رويترز.

وهو تغيير من الممكن أن يكون مفتاحا للنصر في الوقت الذي يحاول فيه المقاتلون في هذا الموقع وفي جبهتين أخريين الزحف الى طرابلس لانهاء حكم القذافي المستمر منذ اكثر من 40 عاما. كان يوم الاثنين اليوم الرابع بالنسبة لافراد اللواء الاول من الفوج من القصف المتواصل للقوات الموالية للقذافي.

وكان هذا رد القوات الموالية للقذافي بعد أن نقل المقاتلون الجبهة من قادتهم في مصراتة الى نقطة تبعد نحو عشرة كيلومترات الى الشرق من مدينة زليتن الاستراتيجية التي تقع بين المعارضة وطرابلس بمسافة تبلغ 160 كيلومترا.

وتطلق قوات القذافي صواريخ جراد -التي عادة ما تطلق من قاذفات صواريخ متنقلة- من زاوية منخفضة لدرجة أن بعضها يمكن رؤيته عاليا قبل انفجاره في المنطقة الزراعية المهجورة وراء الجبهة بما فيها من حدائق الزيتون والمحاصيل الذابلة.

يرد مقاتلو المعارضة باطلاق النار من حين لاخر بمدافع مضادة للطائرات موضوعة على شاحنات وبقطعة مدفعية مثبتة في ظهر سيارة جيب.

لكن المقاتلين الذين يحملون بنادق الكلاشنيكوف يتحصنون وراء أجولة الرمال تحت الشمس الحارقة ويحرصون على الانضباط ولا يهدرون ذخيرتهم.

ضحك سفيان (21 عاما) قائلا "القذافي غاضب هذا الصباح." وسفيان طالب جامعي تحول الى مقاتل يجلس على مبرد مملوء بالمياه المثلجة ويمسك أسلحة كلاشنيكوف وأضاف "انه يحاول ان يبعث لنا رسالة." ومضى يقول "لكننا لدينا أيضا الرسالة التي نريد أن نبعثها له" وهو يشير الى ماسورة بندقيته متوعدا ورافعا أصبعه لاعلى.

وقبل أربعة أشهر كان كل الرجال تقريبا الموجودين في الجبهة هنا من المدنيين الذين يفتقرون للخبرة العسكرية والكثير منهم من الشبان الصغار الذين يرتدون قمصانا رياضية وقبعات البيسبول.

تعلم أغلبهم مثل سفيان كيف يمكن استخدام المدفع في الجبهة. خلال الاشهر القليلة الاولى انخرطوا في حرب مدن وكانوا يحاربون من مبنى لمبنى لمحاولة اخراج قوات القذافي من المدينة.

وبعد أن أنجزوا هذه المهمة وانتقلوا الى حرب أكثر تقليدية تعين عليهم تغيير تكتيكاتهم والطريقة التي ينظمون بها أنفسهم.

وهم يعززون في الوقت الحالي الجبهة ويتحصنون عندما يزحفون للامام بهدف الحفاظ على الارض التي سيطروا عليها وخفض حجم الخسائر في الارواح. وفي الجبهة كان هناك شبان صغار يملاون أجولة الرمال لتوفير الغطاء اللازم لهم.

كما أن هناك تغييرا في وحدات قوات المعارضة التي تحولت الى قوة مقاتلة منضبطة ذات برنامج تدريبي ووحدات ميكانيكية ووسائل اتصالات ومدفعية بل وحتى قسم معني بالاعلام.

يقول أبو يوسف وهو في الخمسينات وهو يقاتل منذ ابريل نيسان "حرب العصابات تختلف عن حرب الجبهات... لا نحتاج قدرا كبيرا من التدريب على القتال من منزل الى منزل في المدن لكنك تحتاجه في الجبهة."

ويشمل التدريب اطلاق النار لكن نتيجة الحاجة الى عدم اهدار الذخيرة يحصل كل مجند جديد على أربع رصاصات فقط في تدريبات اطلاق النار.

ويمول رجل الاعمال محمود محمد السقطري مقاتلي اللواء الاول من فوج المرسى ويقدم لهم الغذاء والسلاح والذخيرة والاجور. وأصبح المنزل الصيفي للسقطري المطل على البحر على مشارف مصراتة قاعدة لمقاتلي اللواء.

ويقود سالم الزفري وهو سائق شاحنة سابق وشخصية بارزة في الايام الاولى من الانتفاضة في مصراتة الفوج المؤلف من لواءين.

وفي الساعات الاولى من الصباح اصطف مقاتلو اللواء الاول بطريقة منظمة ليحصل كل منه على سلاحه. يفحص كل منهم السلاح وينظفه قبل استقلال حافلة تنقلهم الى موقع على بعد عدة كيلومترات وراء خط الجبهة. كما أنهم يوقعون على استلام الذخيرة.

هناك نقص في الذخيرة لذلك يسمح للمقاتلين باطلاق النار فقط عندما تصدر لهم أوامر بذلك ولابد أن يتحدثوا عن الاهداف التي أطلقوا عليها الرصاص عندما يعودون للقاعدة. ويقضي المقاتلون في اللواء الاول نوبة واحدة مدتها 24 ساعة ثم يأخذون يومين عطلة.

وقال السقطري متحدثا في قاعدة اللواء "أيا كان الذي يفعلونه في حياتهم الشخصية هو أمر يخصهم ولا يخصنا... لكن عندما يتوجهون الى الجبهة عليهم اتباع قواعدنا."

وقال السقطري "هدفنا الرئيسي هو الحفاظ على سلامة شباننا لاكبر قدر ممكن لاننا نريدهم أن يظلوا قادرين على مواصلة القتال... دماؤهم غالية عندنا." وفي خط الجبهة يقول الزفري ان المقاتلين يتأهبون الان للزحف الى زليتن التي سيسيطر عليها السكان لانهم على دراية بتضاريسها.

عندما أشار اليه أحد المقاتلين عرض الزفري ندبة كبيرة في صدره وهي علامة دائمة على اطلاق الرصاص عليه في منتصف مارس اذار من مسافة قريبة برصاصة مضادة للطائرات.

في حين أن مقاتلي المعارضة يضحكون ويدخنون في الوقت الذي يستمر فيه القصف ويقولون انهم سرعان ما تكيفوا مع الحرب.

وقال خليفة (20 عاما) الذي كانت أول مرة يخدم فيها في صفوف قوات المعارضة قبل اسبوعين "أهم شيء تعلمته منذ وصولي هنا هو كيفية التحلي بالشجاعة... لم أعد خائفا."

ومع اقتراب وقت الغداء زادت كثافة القصف وسقطت قذيفة مورتر على خط الجبهة مما أسفر عن اصابة ثمانية أحدهم حالته خطيرة.

وأمسك أحد المقاتلين الشبان بيده اليمنى التي قطع منها تقريبا أحد أصابعها. بينما ظل اخر ينزف من جرح أصيب به في كتفه الى جانب شظية استقرت في بطنه حتى حان وقت نقلهم الى المستشفى الميداني وراء الجبهة. وفي وقت سابق كان هذا الشاب نفسه يقول لزملائه انه يعلم أنه سيصاب في ذلك اليوم.

وبعد دقائق معدودة من مغادرة المصابين للمكان أصدر واحد بين عدد قليل من الجنود المحنكين أوامر للمقاتلين بعدم التجمع في كتلة واحدة لكن عليهم التناثر على مساحة أكبر.

ومن بين المشكلات التي كان يواجهها المقاتلون في الماضي هي قذائف المورتر أو الصواريخ التي عادة ما تضرب مجموعة من الرجال بينما كانوا يتجمعون لتناول الغداء مما يسبب خسائر في الارواح أكبر مما لو كانوا تفرقوا.

هز هذا الهجوم بالمورتر أعصاب الشبان وكان أحدهم يدعو الله في صمت بينما قطب اخرون جباههم وأمعنوا في التفكير. قال أبو يوسف "هم يواجهون اختيارا بين الموت أو القتال وهم سيضحون بأرواحهم مقابل الوطن... ذهبوا الى مدى بعيد الان ولا يمكن منعهم."

يتوقون للعودة للقتال

من جهته عندما استسلم عمر الى جنود الزعيم الليبي معمر القذافي توقع أن يلقوا القبض عليه. حمل عمر السائق البالغ من العمر 26 عاما السلاح ضد القذافي بعد أن فتح جنوده منذ نحو الشهر النار على جمع من المحتجين العزل في مصراتة كانوا يطالبون بالمزيد من الحرية. ويقول انه عندما طوقته القوات ألقى سلاحه ورقد على الارض.

يقول عمر "ضربوني بالرصاص مرتين في معدتي وأنا راقد على الارض" مشيرا الى بطنه بينما يتلقى الان علاجا طبيعيا في عيادة جديدة في المدينة التي تسيطر عليها المعارضة. ويضيف انه لولا حضور أصدقائه لانقاذه لكان في عداد الاموات واستطرد "منحني الله فرصة ثانية".

يقود عمر حاليا عربات لمساعدة مقاتلي المعارضة الاخرين الذين يسعون لانهاء 41 عاما من حكم القذافي ونقلوا خط المواجهة مع قواته على بعد نحو 35 كيلومترا غربي مصراتة.

يقول وهو يرفع أثقالا خفيفة برجله اليمنى ان لديه أمنية واحدة الان للاستفادة من فرصته الثانية ويعتزم العودة الى القتال. ولعمر أربعة أشقاء يقاتلون وخامس قتل خلال المعارك مع قوات القذافي. ويضيف "سأقاتل حتى يمكن أن أعيش بكرامة... واذ مت سوف يعيش أطفالي بكرامة."

والعيادة التي يعالج فيها عمر واخرون أقامتها وتديرها بالمجان كلية التقنية الطبية في جامعة مصراتة التي كان يحتلها موالون للقذافي حتى أواخر أبريل نيسان.

وافتتحت العيادة في أواخر يونيو حزيران ويعمل بها 10 متطوعين ويعالج فيها نحو 60 مريضا بينهم 20 امرأة. ويقول عقيلة محاضر العلاج الطبيعي الذي يدير العيادة ان أكثر من 2000 أصيبوا حتى الان في مدينة مصراتة ويتوقع ان تزداد الحاجة الى الخدمات الطبية. ويضيف "كثير من المصابين تلقوا العلاج خارج ليبيا... لكن عندما يعودون سيحتاجون الى مساعدتنا."

ونفى القذافي أن قواته استهدفت عمدا المدنيين ويقول انها فتحت النار على مجرمين مسلحين ومتشددي القاعدة. بحسب رويترز.

يحكي مصطفى (54 عاما) رواية مختلفة. في 16 مارس اذار كان يقف أمام منزله في مصراتة يدخن سيجارة ويرفع احدى ساقيه على جدار منخفض ويريح احدى ذراعيه على هذه الساق. ويضيف ان جنود القذافي ظهروا وبدأوا يطلقون النار بدون تمييز.

يرفع طرف سرواله ليكشف عن الندوب ويقول ان رصاصة من بندقية مضادة للطائرات عيار 14.5 ملليمتر استخدمت ضد المدنيين في الشوارع اخترقت ساقه اليمنى المرفوعة وخرجت من ذراعه اليمني لتمر بساقه اليسرى.

وقتل أخوه وأحد أبنائه في الاشتباكات ويرقد ابن اخر مصابا في المستشفى ويقاتل ثالث قوات القذافي التي تحاصر مصراتة من ثلاث جهات. يقول وهو يجلس على دراجة رياضية لمساعدته في تقوية رجله اليسرى "سيهون كل هذا لو تخلصنا من القذافي."

أما محمد (49 عاما) فأطلق عليه جنود القذافي النار 13 مرة في مارس بينما كان يسير في الشارع.. خمس مرات في كل ساق وثلاث مرات في ذراعه اليسرى.

يرقد محمد على سرير بينما يدلك متطوع قدمه لعلاج تلف في الاعصاب وتنتشر الندوب في ساقيه. أجريت لمحمد ثلاث جراحات واحدة في مصراتة والثانية في تركيا والثلاثة في تونس. ويحاول الان جمع 24 ألف يورو (34 ألف دولار) يحتاجها لاجراء جراحة لاستبدال المرفق في ألمانيا. ويضيف في هدوء "انه مبلغ كبير...لكن ان هزمنا القذافي سيستحق الامر هذا الثمن."

وانضم محمد غولا (21 عاما) الذي كان يدرس المحاسبة قبل الحرب الى القتال وأصيب في هجوم بالمورتر يوم 17 يونيو حزيران على الجبهة الشرقية لمصراتة. واخترقت شظيتان ساقه اليمنى لتكسر عظمة الساق.

وركبت له شريحة من البلاتين في ساقه ويسير الان على عكازين. وبينما يتماثل للشفاء يعمل غولا في تجهيز الذخيرة لبنادق الية ومدافع مضادة للطائرات. لكن هذا فقط الى ان يمكنه السير من جديد. ويستطرد "سأعود الى الجبهة حالما أستطيع... انه واجبي."

يقول محمود أحد العاملين في العيادة ان ابنه أحمد (20 عاما) في حالة مماثلة بعدما أصيب في الظهر في مستهل يوليو تموز خلال هجوم بالمورتر. وزار أحمد بالفعل أصدقاءه على الجبهة ولا يتحدث الا عن العودة للقتال.

يقول محمود "لست شجعا مثل هؤلاء الشبان... لا يمكنني أن أقوم بهذه الاشياء الرائعة التي حققوها...لكن من خلال هذه العيادة يمكنني أن أقوم على الاقل بدور صغير في مساعدتهم على كسب الحرب."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 18/تموز/2011 - 16/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م