هل ستفقد الأرض خضرتها؟

وغابات دولية تتعرض للاقتطاع الجائر

 

شبكة النبأ: تعاني معظم المناطق الخضراء حول العالم من تجاوزات واسعة وخطيرة تهدد العوامل البيئية لكوكب الأرض، خصوصا بعد أن تقلصت تلك المساحات الى مستويات تثير القلق، مع تصاعد ظاهرة اقتطاع الأشجار غير المنظم، خصوصا مع ازدياد حالات التهريب للخشب بين الدول.

حيث حذرت العديد من الجهات المعنية بشؤون البيئة من الآثار المناخية المترتبة على ما يحدث في المستقبل القريب، وتأثير ذلك على ظاهرة الاحتباس الحراري الذي يشكو منها الكوكب. فيما كانت للكوارث الطبيعة مثل احتراق الغابات سببا يستدعي قلق تلك المنظمات، سيما بعد اتساع تلك الظاهرة في العديد من غابات العالم الكبيرة.

الدول النامية

فقد تتسبب حرائق الغابات في إحراق مائة مليون هكتار من الغطاء النباتي في جميع أنحاء العالم كل عام، ويبدو أن هذا الرقم سيزداد في العدد والمدى. غير أن الخبراء يقولون أن تأثير تلك الحرائق على الدول النامية يثير القلق على نحو خاص.

وتجد فئات السكان الفقيرة أو التي تعيش على الكفاف صعوبة في التعافي من آثار حرائق الغابات الخطيرة. وقال جوهان جولدمار، مدير المركز العالمي لرصد الحرائق في ألمانيا أن "الحرائق في البلدان النامية تؤثر على سبل عيش الناس بصورة أكبر بكثير من الحرائق التي تحدث في الدول الغنية التي تقوم أيضاً بإجراءات التأمين ضد هذه الكوارث. فحريق صغير في بلد نامي قد يؤدي إلى خراب أكبر بكثير مما لو حدث في دولة غنية".

ويقول الخبراء أن الحرائق التي يتم إشعالها لحرق المزروعات - التي تعتبر طريقة شائعة لتطهير الأراضي الزراعية وذات أهمية لاقتصاديات تلك الدول- تشكل خطراً كبيراً. وقال بيتر فان ليروب، مسؤول الغابات بمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وأحد المساهمين في التقييم العالمي الجديد للحرائق الضخمة: "تشهد المناطق الرعوية المزيد والمزيد من الحرائق التي تخرج عن السيطرة... نحن بحاجة إلى فعل المزيد من أجل تثقيف الناس وتعريفهم بمخاطر الحرائق".

وقد قام هذا التقييم، الذي عرضته منظمة الأغذية والزراعة في شهر مايو في المؤتمر الدولي الخامس لحرائق الغابات، بدراسة كوارث الناجمة عن الحرائق الحديثة في كل من إسرائيل وروسيا واستراليا وبتسوانا واليونان والولايات المتحدة والبرازيل وإندونيسيا، وتوصل إلى أن البشر هم المتسببون في الحرائق سواء عمداً أو بسبب الإهمال".

ومعظم الحرائق غير خاضعة للرقابة وغير موثقة، ولذلك فإن السجل الكامل لحرائق الغابات في جميع أنحاء العالم غير مكتمل.

ولكن وفقاً لتقديرات قاعدة البيانات الدولية للكوارث التابعة لمنظمة الصحة العالمية، لقي حوالي 2,000 شخص مصرعهم وتكبدت الدول خسائر بقيمة 49 مليار دولار بسبب 339 حريقاً ضخماً اندلع في مختلف أنحاء العالم منذ عام 1970، مما يجعل الحرائق من بين أكثر الكوارث تكلفة في العالم.

وقال بل دي جروت، وهو عالم ورئيس فريق في دائرة الغابات الكندية أنه "يبدو أن نشاط الحرائق، أو إجمالي الأراضي المحروقة سنوياً في ازدياد في العديد من المناطق في العالم، ويرجع ذلك إلى أسباب عديدة منها تغير المناخ والتغيرات في الغطاء النباتي والتأثيرات المتغيرة للسكان". وأضاف قائلاً: "نحن قلقون بشأن الكوارث الناجمة عن الحرائق أو حرائق الغابات والتي تتسبب في خسائر في الأرواح والممتلكات وسبل العيش".

وتساهم أحوال الطقس والرياح والتضاريس في زيادة خطر الحرائق، غير أن البشر أيضاً تسببوا في إشعال العديد من حرائق الغابات في العقد الماضي. بحسب شبكة ايرين الانسانية.

وفي عام 2008، وبعد موسم ممطر على نحو غير اعتيادي نجم عنه وفرة أكبر في العشب (الذي يعتبر مصدر الوقود للحرائق)، أدى إشعال الحرائق من قبل البشر إلى انتشار النيران على طول أراضي السافانا العشبية الكثيفة في غنزي في بتسوانا. وعلى مدار خمسين يوماً التهمت الحرائق أكثر من 3.6 مليون هكتار من أراضي الرعي القبلية بالإضافة إلى غابة وطنية، المر الذي أدى إلى تعطيل كبير للاقتصاد المحلي الهش الذي يعتمد على جمع القش المحلي والسياحة.

وفي عام 1998، أدت مئات الحرائق التي تم إشعالها عمداً لتطهير مساحات كبيرة من الأراضي من أجل زراعة أشجار زيت النخيل واللباب إلى انتشار النيران الخارجة عن السيطرة مما أدى إلى تدمير 9.7 مليون هكتار من الغابات في مقاطعة كاليمنتان بإندونيسيا وانبعاث 700 مليون طن من الغازات الدفيئة.

وفي العام نفسه، أدت حرائق تطهير الأراضي بولاية رورايما البرازيلية، التي زاد من تفاقمها الطرق المحدودة للوصول إليها والجفاف الشديد والرياح القوية، إلى استمرار الحرائق بصورة خارجة عن السيطرة لمدة 30 يوماً، مما أدى إلى تدمير 11,000 هكتار من الغابات.

وتكافح كل من الدول النامية والدول المتقدمة من أجل إخماد الحرائق الواسعة النطاق التي غالباً ما تخترق حدود ملكية الأراضي وتحتاج إلى مشاركة الأجهزة المختصة مثل الشرطة والإطفاء والطوارئ.

وذكر ستيف بين، وهو مؤرخ بيئي وأستاذ بجامعة ولاية أريزونا، أن "مجرد الاستثمار في معدات مكافحة الحرائق ليس حلاً. فالمشكلات الأكثر عمقاً هي استخدام الأراضي وتغيير الممارسات وسياسات مكافحة الحرائق".

وقد أشاد تقرير منظمة الأغذية والزراعة باستخدام استراليا لأسلوب حرق الشجيرات المحكم لمنع انتشار حرائق الغابات في جنوب غرب ولاية استراليا الغربية المعرضة بصورة كبيرة لمخاطر اندلاع الحرائق. ولكن في الكثير من الدول النامية التي تفتقر إلى البنية التحتية والتقنية اللازمة لتنفيذ الإجراءات الوقائية، يجب اتخاذ الإجراءات الوقائية على المستوى الشعبي.

وقال خوزيه كارلوس مينديز دي ماريا، رئيس تخصص ما قبل اندلاع الحرائق في المركز القومي لمنع حرائق الغابات بالبرازيل والذي قام بدراسة حرائق رورايما، أن "التثقيف البيئي سيقطع شوطاً طويلاً لتحسين التوعية بالحرائق في الغابات والأراضي الزراعية".

وقال فان ليروب من منظمة الأغذية والزراعة: "نحن نحاول العمل مع الحكومات الوطنية والمجتمعات المحلية من أجل تأسيس برامج قائمة على مشاركة المجتمع لإدارة الحرائق"، مضيفاً أن الاهتمام المناسب بالوقاية على المستوى المحلي يعد أمراً مهماً.

الاقتصاد أخضر

من جهة أخرى دعا تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى رفع قيمة الاستثمار في الغابات 40 مليار دولار إضافية سنويا، من أجل تقليص مستوى إزالة الغابات بمعدل النصف بحلول العام 2030.

وعليه، يتعين على الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات الدولية ان "تزيد من استثماراتها لحماية الموارد الحرجية على الكوكب"، والانخراط في مسيرة "التحول الى اقتصاد أخضر"، كما دعا البرنامج ومقره نيروبي.

وشدد التقرير الذي حمل عنوان "الغابات في اقتصاد أخضر" والذي نشر بمناسبة اليوم العالمي للبيئة الذي يحتفل به رسميا هذا العام في نيودلهي، مجددا على "فوائد الغابات الهائلة بالنسبة للبشرية والاقتصاد".

وجاء في التقرير أن "الاستثمار بنسبة 0,034 في المئة فقط من النمو الاقتصادي العالمي، اي بحوالى 40 مليار دولار، سيقلص الى حد النصف مستوى إزالة الغابات، وسيخلق ملايين الوظائف وسيساهم في مكافحة الاحترار المناخي".

واستثمار مماثل يوازي ثلثي الاموال المستثمرة حاليا في هذا القطاع من شأنه أن "يسمح ايضا بتقليص انبعاثات الكربون في الجو بنسبة 28 في المئة اضافية"، بحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

وقال مدير البرنامج اشيم ستاينر "هناك العديد من الاشارات المشجعة: إزالة الغابات على الكوكب تطال حاليا 5 ملايين هكتار سنويا، مقارنة مع 8 ملايين هكتار في العام 1990".

وتابع "في مناطق مثل آسيا والكاريبي أو أوروبا، تنامت المساحات الحرجية بنسبة 20 في المئة".

ولاحظ تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة "انخراطا متناميا للقطاع الخاص" في إعادة التشجير وحراك المجتمعات حول هذه القضية، فيما تنبثق "آليات سوق جديدة" تهتم أكثر بنظامنا البيئي.

كذلك يلقي التقرير الضوء على "السياسات البديلة التي اتخذتها بعض الحكومات (...) والتي تستند على اقتصاد السوق مثل القروض والعلامات البيئية".

وعرضت ميشلين متى من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا ملخص النتائج الرئيسية للتقرير الذي يحمل عنوان "الغابات في اقتصاد اخضر". خلال مؤتمر صحفي.

والتقرير يعرض مساهمات الغابات ووضعها الراهن ودورها في الاقتصاد الأخضر والاستثمار في قطاع الغابات وتوصيات بشأن السياسات العامة المتعلقة بالغابات في الاقتصاد الأخضر، وبعضاً من قصص النجاح بالإضافة إلى جوانب أخرى.

ورغم أن التقرير أوضح أن عملية إزالة الغابات تقلصت، غير أنه تتم سنويا إزالة 13 مليون هكتار من الغابات الاستوائية "مما يسبب عواقب وخيمة على تغير المناخ من حيث زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون."

وقالت متى إن الغابات تشكل "صلة وصل حيوية في التحول إلى الاقتصاد الأخضر، فهي تعزز التنمية المستدامة والقضاء على الفقر في إطار سعينا إلى السير نحو مستقبل منخفض الكربون وأكثر إنصافا". بحسب يونايتد برس.

وأضافت "يتم سنويا استثمار نحو 64 بليون دولار أمريكي في قطاع الغابات، تنفق نسبة 28 % منها على إدارة الغابات ويصرف الباقي على تصنيع منتجات الغابات والاتجار بها".

وحث التقرير الحكومات والمجتمع الدولي على إجراء إصلاحات في مجال السياسات العامة" من اجل إيجاد الحوافز والاستثمارات في الغابات"

سومطرة وهندوراس

أدرجت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو موقع غابات سومطرة الاستوائية التي تبلغ مساحتها 2,5 مليون هكتار على لائحة التراث المهدد، على ما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في بيان لها.

وقد أدرج هذا الموقع الذي دخل لائحة التراث العالمي سنة 2004 لتنوعه البيولوجي، على "لائحة التراث المهدد بغية مواجهة المخاطر التي يمثلها الصيد المحظور وقطع الأشجار غير المشروع والتعدي على الأراضي الزراعية ومشاريع بناء الطرقات في الموقع".

ويتيح إدراج الموقع على لائحة التراث المهدد حشد مزيد من الدعم المالي والتقني من أجل الحفاظ عليه، مع تسليط الضوء على المخاطر التي تتهدده".

كذلك أدرجت اللجنة التي تنظم دورتها السنوية حتى 29 حزيران/يونيو في باريس، محمية محيط ريو بلاتانو الحيوي في هندوراس وهي من الآثار النادرة المتبقية من غابة أميركا الوسطى الاستوائية الرطبة.

وكانت هندوراس قد طالبت بهذا الإجراء "نظرا إلى المخاطر المختلفة التي تتهدد الموقع، مثل قطع الأشجار غير المشروع والصيد واحتلال الأراضي والصيد المحظور وانخفاض قدرة الدولة على إدارة الموقع، ولا سيما بسبب تجار المخدرات". بحسب فرانس برس.

وكانت محمية محيط ريو بلاتانو الحيوي حيث يعيش سكان أصليون حافظوا على أسلوب الحياة التقليدي في الغابة الاستوائية، قد أدرجت على لائحة التراث العالمي سنة 1979.

مهمة مستحيلة

في السياق ذاته تواجه دول العالم الثالث، وخصوصا الدول الأفريقية في حوض الكونغو معضلة تتمثل في مواكبة التطور من دون المس بالغابات، الضرورية للبشرية، وهو امر أشبه بالمهمة المستحيلة.

ويشكل هذا النقاش أحد القضايا التي يطرحها الخبراء في قمة أحواض الغابات الاستوائية الثلاثة في برازفيل (28 ايار/مايو ولغاية 3 حزيران/يونيو).

وقال ايتيان ماسار، مستشار الرئيس الغابوني علي بونغو اونديمبا، وهو رائد التنمية "الخضراء"، قبيل القمة، انه "من غير الوارد نبذ التنمية والتطور، فهدفنا يبقى رفاه شعوبنا"، داعيا "في المقابل، الى التفكير مليا في أفعالنا واستراتيجيتنا كي لا نرهن المستقبل".

تعي مسؤولة الغابات في منظمة الاغذية والرزراعة (الفاو) ميتي لويش فيلكي المشكلة جيدا. وقالت "بحلول العام 2050، سيكون علينا زيادة الإنتاج العالمي من الزراعة بنسبة 70 % إذا أردنا ان نؤمن غذاء العالم.. ولكن علينا ايضا توسيع المناطق الزراعية على حساب الغابات. علينا ان نتأكد ان يحصل ذلك في المناطق المناسبة لا في المناطق الحيوية بالنسبة للتنوع البيولوجي".

وبعدما دعت الى تجاوز "النظريات"، قالت "في الماضي، كنا نحافظ على الغابات لمجرد حمايتها، ونسينا ما كان يجري حولها. اليوم، نعلم اننا لن ننجح في التنمية اذا لم ندمج (في خططنا) السكان واحتياجاتهم". بحسب فرانس برس.

وخلصت الى "اننا بحاجة الى خطة استخدام للأراضي، بطريقة تسمح لنا باختيار اي الغابات نحميها (...) وفي اي الغابات نستثمر الخشب واي الغابات بالإمكان تحويلها. في بعض البلدان، يتعين قطع الأشجار من اجل إنشاء مرفأ جديد وطرق جديدة ومنازل واراضي زراعية".

من جهته دافع ماريو بوكوتشي من برنامج الأمم المتحدة للبيئة عن "اقتصاد أخضر"، وقال "ما نريده هو ايجاد حوافز لنوع جديد من الاقتصاد، اقتصاد يواصل تحقيق النمو وانتاج الصادرات والوظائف، ولكن من دون تدمير الغابة. وهذا لا يمكن ان يحدث من دون توازن بين النفقات العامة والاستثمارات الخاصة".

وأورد بوكوتشي مثال "اندونيسيا التي تريد تطوير زيت النخيل. هي تريد زراعات جديدة، بالتالي أراضي جديدة. والخطة تكمن في أخذ هذه الأراضي من الغابة، في حين ان اندونيسيا تتمتع بأراض تالفة بالإمكان استخدامها"، لافتا الى ان هذه الأراضي غالبا ما تكون مشغولة او ان حق استخدامها غير واضح.

وتابع ان "القطاع الخاص لن يستثمر ملياري دولار على اراض متنازع عليها"، ولهذا فإن المستثمرين يفضلون إزالة الأشجار. ولكن إذا تم "توضيح الوضع من قبل الدولة" سيصبح لدى القطاع الخاص كل المصلحة لاستثمار اراض تالفة أصلا.

وأكد بوكوتشي ان "معدلات إزالة الغابات في الكونغو بلغت 0,03 %. هناك فرصة للتخطيط لإيجاد طرق بديلة للتنمية. كل البلدان بحاجة الى التوسع والتطور وبإمكاننا ان نفعل ذلك من دون إزالة الغابات بالضرورة".

من جهته، رأى مدير الحماية في وزارة الاقتصاد الحرجي الكونغولية غاستون فوتو أن "على الشعوب ان تلمس نتائج انتاج الغابات وحماية الأنظمة البيئية"، مذكرا بأنه "لا يمكننا ان نتطور من دون إزالة الغابات. اذا كنت بحاجة الى طاولة او كرسي، يجب ان تكون قادرا على قطع (شجرة). يجب سن سياسة قابلة للحياة لكي نستثمر الغابة بطريقة منطقية وايضا تستفيد منها الشعوب".

مهربو الأخشاب

على صعيد متصل تتوقف شاحنات مكدسة بالأخشاب في بقعة خالية من الأشجار في غابة كازامنس جنوب السنغال... هنا تنشط حركة تهريب الأخشاب التي تهدد بإزالة الغابات في هذه المنطقة التي تواجه تمردا انفصاليا.

هنا بالقرب من الحدود مع غامبيا، ثمة أشجار مقطوعة وجذوع مخزنة في أماكن متعددة من المنطقة المسماة منطقة النخيل.

في هذه المنطقة حيث تترامى الغابة وتظهر مناطق شاسعة تحتلها جذم الأشجار، نشاهد شاحنات تحمل أرقام تسجيل غامبية متوقفة مع حمولتها من الأخشاب امام قرى عديدة.

فيشير أحد المترددين على المنطقة "هذه المركبات جميعها تسلك طرقات في الغابة لنقل الخشب المهرب، خصوصا باتجاه غامبيا".

وتتمتع كازامنس بموارد طبيعية هائلة، من بينها العديد من الغابات الكثيفة، حيث تمركزت العديد من المنشار السرية، بحسب مصادر متطابقة.

ويقول مصدر مقرب من إدارة المياه والغابات التابعة لوزارة البيئة ان "قد لا يتمكن اطفالنا من التعرف على الغابة. هذه الظاهرة نسجلها منذ بدء" تمرد حركة القوى الديموقراطية في كازامنس الانفصالية في 1982.

من جهته، يشدد ايلي جان برنار دياتا وهو استاذ في مدرسة زيغوينكور المدينة الرئيسية في كازامنس ومعد دراسة حول القضية، على أنه "يتم الاعتداء على الغابة بشكل مفرط. الحرب والجفاف هما ابرز عوامل" التدهور.

ويوضح بأن "الحرب خلقت مناخا انعدم فيه الأمان. واقتصاد المنطقة تراجع، فلجأ الناس إلى الغابة". بحسب فرانس برس.

أما المسؤولون عن إزالة الغابات فهم شعوب المنطقة والأجانب على حد سواء، كما قال دياتا مشيرا أيضا الى "العسكريين والمتمردين الذين يحرقون الغابة لإجراء عمليات أمنية".

ويلفت مسؤول إداري في المنطقة إلى ان "عمليات التهريب تجري بالتواطؤ مع السكان والعصابات المسلحة والسلطات الغامبية. قبل يام، ضبطنا في المنطقة ثلاث شاحنات مليئة بجذوع أشجار، قبل أن يفر سائقوها".

وتابع ان "الشاحنات تمر ليلا عبر مناطق لا تخضع للمراقبة. وعناصر إدارة المياة والغابات لا يمكنهم الذهاب الى هناك بسبب انعدام الأمن، لكن الجيش والشرطة غالبا ما يشنان عمليات ضد المهربين".

من جهته، يقول مسؤول اقليمي في إدارة المياه والغابات ان "عمليات التهريب مستمرة رغم الغرامات الكبيرة (ما بين 6000 و7600 يورو للشاحنة المضبوطة الواحدة)، لأن هذه العمليات تعود بنفع كبير".

ويضيف ان "المقاتلين يستثمرون بأنفسهم. يظنون انهم استولوا على المكان فيفعلون ما يشاؤون".

اما دياتا فيقول ان بعض "المتمردين يحمون الغابة. هم يعرفون انه اذا اختفت الغابة، فهذا يعني نهاية تمرد" حركة القوى الديموقراطية في كازامنس، التي يتمركز عدد كبير من قواعدها في البراري.

ويعدد أحد موظفي إدارة المياه والغابات بعض الأنواع الأكثر استغلالا على طول الحدود الغامبية مثل ماهوغوني السنغال واللينكيه والفين. ويلفت دياتا إلى ان "نوعا مثل +تيك+ بات في طور الاندثار تماما مثل +فين+". وهذه الأنواع المستغلة تتمتع بجودة عالية في صناعة الأثاث.

بالنسبة إلى أحد المسؤولين الإداريين، فإنه من الصعب التصدي لعمليات التهريب في شمال كازامنس خصوصا باتجاه الحدود مع غامبيا، لأنها تجري في "أماكن مهجورة لا تخضع لرقابة الدولة".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/تموز/2011 - 14/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م