النصف من شعبان والحقيقة الخالدة

عصام حاكم

 

شبكة النبأ: بعيدا عن أجواء ومراسيم الاحتفالات السنوية تلك يقيمها عشاق ومحبي أهل البيت عليهم السلام في كافة أرجاء العالم بمناسبة ذكرى الولادة الميمونة للإمام الثاني عشر الحجة المنتظر عليه السلام في النصف من شعبان، كل ما يعنينا في هذا المقام هو جس نبض الأفكار ذات العلاقة بحتمية الرهان على النهاية كونها حقيقة خالدة كما كانت نقطة الشروع الاولى في تشكيل الخليقة.

الشيخ علي عبد الحسين طالب علم وهو في المرحلة الأخيرة من الدراسة الحوزوية يصف المناسبة بأنها دعوى لتهذيب النفس والسلوك، ولها دلالات أخرى اقل ما يقال عنها بأنها ذات صله بيوم الوعد والوعيد وان رمز ذكرى النصف من شعبان هو النواة والمرتكز الحقيقي لفكرة الفناء والتلاشي والعودة الى اصل الخليقة.

ويضيف، الا ان تلك الفكرة رغم نضارتها واشراقاتها في كشف زيف الحياة ووهم الامنيات والاحلام الرخيصة التي نؤمن بها بحكم ثقافتنا السطحية ومفهومنا المادي، الا انها تعطينا متسع من الوقت لتقبل الامر برحابة صدر وإعداد العدة ليوم الحساب والكتاب وانه آت لا ريب مهما طال الزمان وتباعدت السنين.

الاديبة حذام يوسف طاهر تعلق على موضوع الحقيقة الخالدة من وجهة نظر أدبية وتقول رغم مضاض المشهد وصعوبة التعاطي مع تلك الفكرة التي تذكرنا بفحوى العودة للتراب وانتهاء فصل الامتحان القصري وصعوبة المزاوجة ما بين العوالم المختلفة اي ما بين الحياة واشكالتها وبين العالم العلوي، لكننا نعتبر رمزية الاحتفال بذكرى الولادة في النصف من شعبان هي احدى اوجه الاعجاز الالهي، لاسيما اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار مضمون تلك الرسالة الكامنة في حيثيات واصل ولادة الإمام عجل الله فرجه الشريف، وما سبقها من كرامات ملموسة لها علاقه باخفاء مظاهر الحمل حتى جاءت الغيبة الصغرى، ومن ثمة الغيبة الكبرى وأنباء الظهور في آخر الزمان، وكل تلك الوقائع والشواهد الإعجازية هي مصاديق مؤكدة على ان الانسان في غاية الضعف وليست لديه القدرة على معرفة مكنوناته ومستقبله وواقعه الراهن.

فيما يقول الدكتور عادل الاسدي ناشط في حقوق الإنسان ومهتم بشكل كبير في فلسفة عصر الظهور، ان قوام التغيير السماوي حاصل لا محال من وجهة نظره وهو لا يخلو من ابداعات علمية قاهرة من اجل التصدي لكل التحصينات والتجهيزات العسكرية الفتاكة التي يمتلكها العالم الارضي.

ويتابع، وربما تتدخل حينذاك الظروف الجوية كعامل مساعد ناهيك عن قلة المياه وقابلية الارض على الانبات والاحتباس الحراري وانخفاض معدل الثروات المعدنية وكل تلك المشاكل هي عناصر مضعفه للجهد البشري وللامكانيات الذاتية.

 ابو منير رجال طاعن في السن وكان من بين الحاضرين الى محافظة كربلاء لإحياء ليلة النصف من شعبان عند مرقد الإمام الحسين عليه السلام، لكسب الأجر والثواب وله في هذا الموضوع رواية تعود حيثياتها الى ما قبل الثورة حينما كان يعمل موظفا في حقول الشعيبة الجنوبية في البصرة وحينها كانت الخبرات الأجنبية حاضرة. حيث يقول، في احد الأيام كان برفقة شخص انكليزي وهو يحمل صفة خبير في قطاع النفط، وبعد ان أتم ذلك الخبير عمله واثناء عودته الى محل إقامته في البصرة وفي ساعة متأخرة من الليل حصل أمر معين وتوقفت سيارة الجيب التي كان يقودها بصورة مفاجئة.

ويكمل، استنفذ الخبير كل خيارات ومحاولات التصليح الميكانيكي الا ان العجلة ظلت هامدة من دون حراك، عندها اخرج الخبير الانكليزي مسدس وأطلق رصاصة في الهواء، وعندما سأله صاحب هذه القصة عن السبب، قال بالحرف الواحد: أكد لنا رجال الدين المسيحي بان في نهاية الزمان يخرج المخلص عيسى عليه السلام وحينها تتوقف كل الاسلحة والتكنلوجيا العصرية ومن اجل ذلك أحببت ان أتأكد من تلك الحقيقة وصدق التوقيت، فربما تكون تلك الساعة قد حانة الآن، لهذا أردت ان أجرب المسدس، فقد تكون قد حانت نهاية الزمان الان!!

ويضيف ابو منير، من هنا نستخلص بان قضية الانتظار وتلاشي العالم الأرضي لا تختص بالمسلمين فقط بل كل الأديان تعترف بوجود منقذ ومخلص للبشرية في اخر الزمان ولكنها تختلف في التسمية واصل وجوده هنا او هناك.

السيد يحي الجابري إمام وخطيب جامع السجاد في حي الحسين في كربلاء المقدسة يعتقد بان مناسبة النصف من شعبان مركز إشعاع فكري وعقائدي مهم حيث تتجلى من خلال تلك المناسبة حقيقتين مهمتين وهما اصل الوجود ونهاية البقاء وفي كلا الأمرين عبر ودروس لا مناص من التعرض اليهما والاحتفال بهما بشكل لائق حتى يتناسى لنا من خلال ذلك التسبيح والحمد لله سبحانه وتعالى على نعمة الخلق والنزول عند قضاء الله وحكمه في تحديد الخاتمة والنهاية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/تموز/2011 - 14/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م