ذكرى ولادة الحجة... أمل يتجدد في بناء عالم أفضل

 

شبكة النبأ: في مثل هذه الأيام المباركة من كل سنة، يعيش المسلمون والعالم أجمع ذكرى ولادة الإمام الحجة المنتظر -عجل الله تعالى فرجه الشريف- فتخفق القلوب بالأمل، وتتطلع العقول والنفوس معا، الى بناء علاقات إنسانية، تقوم على حسن النيّات، وسلامة الحوار، للوصول الى مشتركات وعوامل، تجمع بين الشعوب والمجتمعات، وتزيد من لحمة التآخي الإنساني، بدلا من الفرقة والتناحر.

لذلك يشعر الجميع في هذه المناسبة، مسلمون أو غيرهم، أن يوم الخامس عشر من شعبان المبارك، يوم مشبّع بالأمل والرحمة، والتطلع الى غد أفضل لبني الإنسان عموما، حيث يسود العدل والمساواة، وتكافؤ الفرص، بين الأفراد والجماعات، ويحل مبدأ الحوار والتفاهم والانسجام، بدلا من نزوة القتال والاحتراب والظلم، وتنفتح أسارير النفس، نحو المنقذ المخلّص ممثلا بالإمام المهدي المنتظر عليه السلام، حيث يصبح العالم أكثر سعادة وأمنا وعدالة.

لقد بات عالم اليوم أكثر حاجة للسلم من أي وقت مضى، وباتت الحاجة الى نشر مفاهيم التسامح، والشراكة، والاحترام المتبادَل بين الأمم والشعوب، أكثر أهمية من المراحل التأريخية الماضية، وذلك بسبب تعدد المصالح وازديادها وتداخلها وتضادها في كثير من الحالات، بحيث تتسارع القيادات السياسية، الى حفظ مصالح دولها بكل الاساليب، حتى غير الانسانية منها، ويأتي ذلك على حساب فقراء وضعفاء العالم.

لهذا تكدست ثروات الارض والاموال، في بنوك الاثرياء، وهم أقلية من سكان الارض، فيما يعاني الاكثرية، من الجوع والمرض والتخلف والإهمال، أمام مرأى الجميع، الامر الذي أدى الى اختلال العلاقات بين سكان العالم، وزيادة بؤر التوتر والتطرف، وحدوث تقاطعات كبيرة بين الامم والشعوب الغنية والفقيرة، كل هذا وغيره، يحدث بسبب غياب مراعاة حقوق الآخر، وغياب مبدأ الايثار، وانتشار تفضيل الذات على غيرها، مع أن الانسانية أجمع تسير في مركب واحد هو الارض، وقد لا يعي كثيرون، أن عدم التوازن وتكديس الثروات، والصناعات والاسلحة النووية، والتقليدية لدى امم على حساب غيرها، سيؤدي بالنتيجة الى حروب شعواء لا طائل منها، سوى إحراق العالم عن بكرة أبيه، حيث ينهزم الاغنياء قبل الفقراء، لأن الاغنياء يخسرون اموالهم وسلطانهم، أما الفقراء فلا يخسرون شيئا لأنهم مهمّشون ومعزولون منذ البداية.

لذا يأتي هذا اليوم المبارك، يوم ولادة الإمام الحجة (عج)، ليعيد الامل الى المسلمين وعموم سكان الأرض، في بناء عالم متوازن، يقوم على العدل ونبذ الرذيلة، ونشر الفضيلة الحقة، عملا وقولا، وليست رياءا او سلوكا مظهريا، ليتسق هذا الهدف العالمي، مع عالمية الاهداف والحاجات التي سينهض بها الإمام الحجة (عج).

فالهدف الاول دائما وأبدا، هو تخليص العالم من الشرور ومصادرها، ولكن هذا الهدف العظيم يحتاج الى تمهيد كبير، من المسلمين أولا، وبمساعدة امم العالم أجمع، لفهم المبادئ التي ترافق ظهور الإمام الحجة (عج)، ويتمثل التمهيد المطلوب بالسعي الدائم، والعمل الدؤوب من لدن الجميع، لنبذ الظلم الفردي والجماعي، وإسناد حالة العدالة كمنهج حياة، وتنظيف القلوب من الظن والإثم، وغسل العقول بالمبادئ الانسانية العظيمة، التي يسعى الإمام الحجة المنتظر(عج) لبلوغها، وتحقيقها للمسلمين وسكان المعمورة أجمع، وطالما كانت هذه المبادئ ترمي الى نشر العدل، وطرد الظلم، وتجفيف بؤر التطرف والكراهية، وإشاعة أجواء السلام والسكينة بين سكان الارض، فإن صالحها يشمل الجميع من دون استثناء، إلا من يحاول مقاتلة الحق ومبادئ الخير، فذلك هو العدو الذي يجب أن يحاربه الجميع، من اجل عالم إنساني أفضل.

وهكذا يكون يوم الخامس من شعبان، يوم الامل والرحمة، والسعي الاسلامي العالمي، الى مساندة الخير ضد الشر، ومؤازرة الحق ضد الباطل، وهذا ما ينبغي أن   يؤمن به الناس في عموم المعمورة، لأنه الهدف العظيم الذي يؤمّن لهم حياة أفضل، وآخرة تنطوي على حسن العاقبة، فيحصل الانسان على ما يربو إليه في الدار الاولى، وعلى ما يتمناه في الدار الثانية وهذا جل ما يطمح إليه الجميع.

لذا نرى في هذه المناسبة المباركة، فرصة كبيرة للعالم أجمع، وهي فرصة تتجدد كل عام في مثل هذا اليوم، لكي يتنبَّه الانسان أينما كان، ومهما كان جنسه أو لونه أو لغته أو انتماؤه، الى الاهداف العظيمة للإمام الحجة المنتظر (عج)، والعمل منذ الآن، لتهيئة الأرضية الصالحة لظهوره، أملا ببناء العالم الأفضل للبشرية جمعاء.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/تموز/2011 - 14/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م