
شبكة النبأ: أزاحت رياح التغيير التي
ضربت العالم العربي الستار عن الكثير من القضايا الاجتماعية
والاقتصادية العالقة في بعض الدول، الى جانب الشؤون السياسية بطبيعة
الحال. حيث انسحبت الاضطرابات الاخيرة على تلك القضايا بشكل مباشر نظرا
لارتباطها بالانظمة الحاكمة ان لم تكن هي سبب رئيس لإشكالاتها.
ومن بين العديد من الدول كانت دولة الامارات الخليجية في طليعة
الدول العربية التي كشف الحجاب عن مشاكلها الداخلية مؤخرا، على اكثر من
صعيد حيوي، التي كانت ولا تزال تمثل تحديا جديا لمجتمعاتها على الرغم
من التقدم الملحوظ الذي يحسب لقياداتها بالمقارنة مع نظيراتها في
المنطقة.
ولم تشهد الامارات ثالث أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم نوع
الاحتجاجات التي عصفت ببعض جيرانها، غير أنها انضمت الى دول عربية
خليجية أخرى في اتخاذ خطوات لمحاولة تخطي موجة الاضطرابات على أعتابها.
مشاكل الشمال
فمع الابتعاد عن امارة دبي تتوارى ناطحات السحاب البراقة الفخمة
وتظهر مكانها مبان أسمنتية قصيرة يعلوها التراب لا يتوقع ان يراها
الكثيرون من زوار دولة الامارات العربية المتحدة.
وتعتمد الامارات الخمس الشمالية في دولة الامارات التي لا يعرف عنها
الكثير وهي رأس الخيمة والشارقة وعجمان والفجيرة وأم القيوين على
الامارتين الأغنى في البلاد وهما أبو ظبي ودبي منذ وقت طويل. وساهم نقص
في الوقود عانت منه الامارات الخمس الشمالية في الآونة الاخيرة وسوء
حالة الخدمات في زيادة تبرم السكان هناك.
تحدثت خديجة جمعة وهي بدوية تبلغ من العمر 60 عاما عن الحي الذي
تعيش به في امارة رأس الخيمة وقالت "تنقطع المياه في بعض الأحيان لخمسة
أو ستة أو سبعة أيام." وكانت خديجة تشتري الفواكه والخضروات من سوق
شعبي وهو منظر غير معتاد في دبي أو أبو ظبي.
وتتباهى دولة الامارات الغنية بالنفط بأنها صاحبة ثامن أكبر نصيب
سنوي للفرد في الدخل في العالم حيث يصل الى 47 ألف دولار وأفلتت البلاد
من احتجاجات الربيع العربي التي تجتاح المنطقة.
وتشير احصاءات رسمية مع ذلك الى فجوات اقتصادية صارخة بين الامارات
الشمالية والامارتين الجنوبيتين. فعلى سبيل المثال بلغ معدل البطالة في
امارة الفجيرة 20.6 في المئة عام 2009 وهو أعلى بكثير من معدل البطالة
في عموم الامارات والذي يصل الى 14 في المئة.
وأضاف نقص الوقود في الامارات الشمالية في الآونة الأخيرة الى
احباطات السكان خاصة وأن السلطات تكافح لتقديم مبرر. وقالت السلطات
الاماراتية في باديء الامر ان السبب هو أعمال صيانة لكن محللين يشيرون
الى الاحجام عن الالتزام بالدعم الحكومي للبنزين.
ويهدف الدعم الى توفير الوقود الرخيص للمستهلكين لكن أسعار النفط
المرتفعة أدت الى انخفاض صافي أرباح شركات الوقود. وتبقى المخاوف من أن
تؤجج الفجوة بين الاغنياء والفقراء في الامارات المزيد من التوترات في
البلاد وهي ثالث أكبر مصدر للنفط في العالم اذا لم تتم معالجتها. وسبق
أن كانت هذه الفجوة شرارة رئيسية للاحتجاجات التي أطاحت برئيسي تونس
ومصر.
وقال غانم نسيبة مؤسس شركة كورنرستون اسوشيتس العالمية للاستشارات
انه لا توجد دولة في المنطقة محصنة من التوتر. وأضاف أن التفاوت في
الثروة بين الامارات الشمالية وامارتي دبي وأبو ظبي يظل هو أهم القضايا
التي تمثل تحديا لاستقرار البلاد بالكامل.
وذكر أن هذا التحدي لا يتمثل فقط في تنامي مخاطر التوترات المحلية
ولكن لان هذا التفاوت يخلق فرصة أمام قوى اقليمية للتدخل في الشؤون
الداخلية للامارات الشمالية.
وادراكا منها لهذا تعهدت حكومة الامارات والتي تقودها أبو ظبي بمبلغ
1.6 مليار دولار في مارس اذار لاعمال البنية التحتية في الامارات
الشمالية. وجاء القرار بعدما أمر رئيس الامارات وحاكم أبو ظبي الشيخ
خليفة بن زايد ال نهيان بقيام المسؤولين بجولة لتفقد أحوال الامارات في
فبراير شباط. بحسب رويترز.
ودعا رئيس الوزراء الاماراتي وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم
الحكومات المحلية للمشاركة في تطوير المناطق النائية والريفية في
البلاد وذلك خلال زيارة قام بها لوزارة الاشغال العامة الشهر الحالي.
وقال الشيخ محمد في موقعه على شبكة الانترنت ان نجاح دبي هو امتداد
لنجاح أبو ظبي والعكس صحيح والامر ذاته بالنسبة لبقية الامارات السبع
التي يشكل اتحادها قوة لا تهتز.
لكن مواطنين اماراتيين يعيشون في العاصمة أبو ظبي وفي دبي المركز
المالي الشهير قالوا ان هناك حاجة لتطوير أسرع في الامارات الشمالية
لتشجيع الناس على السعي للعمل هناك. وأضافوا أن الحاجة لتطوير الخدمات
والرعاية الصحية والتعليم في الامارات الشمالية هو الاكثر الحاحا. وقال
البعض انهم نادرا ما يخرجون من دبي وأبو ظبي الى امارات أخرى لانها
تفتقر الى الخدمات المناسبة ولا يتم الترويج لها بشكل كاف.
وقالت مايسة المنصوري وهي من سكان أبو ظبي وتبلغ من العمر 26 عاما
وتعمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات "أعلم ان هناك منتجعات (في امارات
أخرى) لكنني لا أعرف عنها الكثير."
وأضافت مايسة التي تصف رأس الخيمة بأنها قرية "يرسلون الينا رسائل
بالبريد الالكتروني أحيانا لكننا لسنا متأكدين من الاماكن حيث لا يروج
لها جيدا."
وشهدت رأس الخيمة خلال السنوات الماضية احتجاجات محدودة وتطل
الامارة على مضيق هرمز الذي يمر منه 40 في المئة من النفط المنقول بحرا
في العالم كما تقع الامارة بالقرب من ساحل ايران. وسارعت قوات الامن في
أبو ظبي بقمع احتجاجات رأس الخيمة.
وعلى عكس العاصمة الاماراتية الغنية بالنفط فان اقتصاد رأس الخيمة
يعتمد على صناعات مثل الاسمنت والادوية والزجاج. ولا توجد في رأس
الخيمة اللوحات الاعلانية الرقمية الكبيرة ومراكز التسوق والفنادق التي
تميز صورة دبي. وبدلا من ذلك تنتشر على الطرق الصحراوية عمارات سكنية
صغيرة ومحلات لاصلاح السيارات ومتاجر تجزئة تبيع بالخصم.
وتترك الملابس على أحبال الغسيل في الشمس حتى تجف وتوضع مولدات
الكهرباء بالقرب من المبان التجارية والسكنية في رأس الخيمة للعمل في
حالة انقطاع الكهرباء. وقالت حكومة الامارات ان لديها خطة على مدى
عامين للقضاء على بعض الفجوات وحل قضايا أخرى مثل الرعاية الصحية
والتعليم والاسكان والطرق والمياه.
وقال بريان بلاموندون وهو مدير كبير في شركة (اي.اتش.اس) جلوبال
انسايت "الحكومة الاتحادية قادرة على زيادة الانفاق في هذه الامارات
الاصغر لصد أي اضطراب اجتماعي."
وكانت رأس الخيمة اخر امارة تنضم الى الامارات العربية المتحدة في
أوائل السبعينيات من القرن العشرين عندما انسحبت بريطانيا من الخليج
وأشرفت على مفاوضات لتأسيس اتحاد يضم البحرين وقطر والامارات السبع
التي تشكل الان دولة الامارات. واختارت البحرين وقطر أن تصبحا مستقلتين.
واحتفظت امارات أخرى بشخصيتها. وتفرض امارة الشارقة التي تربطها
صلات قوية بالسعودية قوانين اسلامية أكثر صرامة وهي الامارة الوحيدة
التي تحظر الكحول وتفرض معايير أكثر تحفظا على ملابس النساء.
وترددت رأس الخيمة في الانضمام الى دولة الامارات بسبب النفود
الاكبر لامارة أبو ظبي الاغنى لكنها انضمت عام 1972 . ومازال بعض سكان
رأس الخيمة الى اليوم يشعرون بالتفاوت وقال أحدهم "يظهر الاستثمار في
الامارات الشمالية وحده أن هناك اختلافا. لا يوجد وجه للمقارنة."
الانتفاضات وأبوظبي
من جهتها صحيفة الفاينانشيال تايمز تشير إلى أن الانتفاضات في أرجاء
العالم العربي قد خلقت إحساسا بضرورة التحرك العاجل لتنفيذ سياسة "أمرتة
الوظائف" أو تشغيل مواطنين إماراتيين بدلا من الأجانب العاملين في أبو
ظبي حاليا".
وتقول الصحيفة إن إبطال عقود العمل لأجانب في البلاد يهدف أًصلا
لتحسين ميزانية البلاد وتعزيز عدد العاملين فيها من أهل البلاد، وإن
هيئات حكومية وأخرى مرتبطة بالحكومة تقوم بتخفيض نسبة العاملين الأجانب
فيها تنفيذا "لأوامر عليا".
وتضرب الصحيفة مثلا على ممارسة هذه السياسة بسلطة أبو ظبي للثقافة
والتراث والتي تخلت عن 160 من موظفيها من أصل 500، نقلا عن مصادر
داخلية. كما أن شركات خاصة تزايدت صعوبات الحصول على تأشيرات دخول
لاستقدام عاملين من دول كلبنان ومصر وإيران وكذلك للمنحدرين من الأقلية
الشيعية.
وتضيف أنه رغم أن زيادة عدد الإماراتيين العاملين قد لا يخفض
التكلفة بدرجة كبيرة، إلا أن "الأمن هو الأهم في هذا البلد" كما يقول
عبد الخالق عبد الله المحاضر في علم السياسة بجامعة الإمارات،
و"البطالة عن العمل لعبت دورا كبيرا في الانتفاضات العربية، والحكومة
لا تريد أن تدع شيئا للصدف".
وتقول الصحيفة إن تسريح العاملين الأجانب قد يشير إلى إعادة تقييم
استراتيجية النمو السريع للإمارة خلال الأعوام الخمسة الماضية. وتقول
إنه رغم زيادة عائدات النفط فإن قطاع العقارات قد تضرر بشكل خاص بسبب
الأزمة المالية العالمية.
وتضرب مثلا على ذلك بالمشروع الذي تنفذه شركة تطوير السياحة
والاستثمار بتحويل جزيرة "السعديات" إلى مركز ثقافي به فرع من متحف
اللوفر وآخر لمتحف غوغنهايم، حيث أعلنت الشركة تأخير بدء تشييد بعض
الفنادق، وقالت شركات متعاقدة بأن كثيرا من المشاريع قد تأخرت في
التنفيذ.
منح الاراضي للمواطنين
فيما قالت وكالة أنباء الامارات (وام) الرسمية ان حاكم امارة أبوظبي
منح أكثر من 1200 قطعة أرض سكنية لمواطنين اماراتيين في غرب البلاد في
أحدث سلسلة منح اجتماعية منذ انتشرت اضطرابات في أنحاء المنطقة.
وقالت الوكالة على موقعها الالكتروني ان الامر الذي أصدره الشيخ
خليفة بن زايد ال نهيان رئيس الدولة بصفته حاكما لامارة أبوظبي يأتي "تأكيدا
على حرص صاحب السمو رئيس الدولة على توفير مقومات العيش الكريم والحياة
المستقرة لجميع المواطنين والتزاما من سموه بتوفير السكن الملائم لكل
أسرة."
وأضافت أن قطع الارض التي يبلغ عددها 1235 قطعة ستمنح لمواطنين في
أبوظبي والعين والمنطقة الغربية. ولم يتضح على الفور من سيحصلون على
الاراضي.
وكانت أبوظبي التي تملك نحو سبعة في المئة من احتياطيات النفط
العالمية وتمثل نحو 55 في المئة من الاقتصاد الاماراتي قد قالت في
يونيو حزيران انها ستنفق نحو سبعة مليارات درهم (1.9 مليار دولار) على
قروض سكنية للاماراتيين. بحسب رويترز.
ومنذ بداية العام الحالي رفعت الامارات معاشات التقاعد للعسكريين
واستحدثت دعما للخبز والارز وتعهدت باستثمار 1.6 مليار دولار لتحسين
البنية التحتية في الامارات الشمالية الاقل تنمية خلال ثلاث سنوات.
توسيع دائرة الناخبين
كما نقلت صحيفة اماراتية عن مسؤول كبير قوله ان دولة الامارات قد
تفكر في توسيع المشاركة في الانتخابات بحيث تضم عددا أكبر من مواطنيها.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي تقرر زيادة عدد مواطني الامارات المؤهلين
للمشاركة في انتخابات تجرى في سبتمبر أيلول المقبل لاختيار أعضاء
المجلس الوطني الاتحادي لاكثر من عشرة أمثاله اذ بات العدد 80 ألفا بعد
أن كان أقل من 7000 . وحتى العدد الجديد يقل عن عشر سكان البلاد الذين
يقدر عددهم بمليون نسمة.
ونقلت صحيفة جلف نيوز عن أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون
الخارجية قوله "ربما تكون الخطوة القادمة اضافة 150 ألف ناخب ثم كل
المواطنين" مضيفا أنه لن تكون هناك تغييرات قبل الانتخابات.
ويقول محللون ان المجلس الوطني الاتحادي مجلس استشاري بدرجة كبيرة
ولا يملك سلطات ضخمة في حد ذاته. وقال قرقاش ان الاضطرابات في العالم
العربي دفعت الامارات للتفكير في هذه الخطوة. وقال "أظهرت الاحداث
السياسية في العالم العربي أن الحراك السياسي قد يحتدم فجأة وهو ما
يتطلب خطة لحماية أمن بلدنا واستقراره الاجتماعي والسياسي." بحسب
رويترز.
وفي مارس اذار الماضي جمعت مجموعة من المثقفين الاماراتيين 160
توقيعا على التماس يدعو لاجراء انتخابات حرة وديمقراطية في علامة على
أن البلاد ليست بمعزل عن التيارات السياسية التي تشهدها المنطقة.
ويحاكم الان أحد النشطاء الذين وقعوا على الالتماس هو وأربعة اخرون
بتهمة سب الرئيس ونائبه وولي عهد أبوظبي واتيان أفعال تهدد أمن الدولة
والنظام العام.
وأجريت أول انتخابات لاختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي البالغ
عددهم 40 عضوا في عام 2006 . واختار وقتها نحو 6500 شخص يمثلون أقل من
واحد في المئة من مواطني الامارات نصف أعضاء المجلس بينما تم تعيين
النصف الاخر.
ويختار حكام الامارات السبع مجموعة الناخبين الذين يمكن أن يرشحوا
أنفسهم أو يصوتوا لاخرين. ويختار الناخبون نصف أعضاء المجلس الوطني
الاتحادي بينما يعين الحكام الباقين بشكل مباشر.
الموظفين الاجانب
على صعيد متصل قالت مصادر مطلعة ان امارة أبوظبي سرحت أعدادا كبيرة
من الموظفين الاجانب لسعيها لخفض التكاليف والتوسع في توظيف
الاماراتيين. وقال مصدران ان مئات أخرى من وظائف الاجانب في الدوائر
الحكومية في أبوظبي قد تكون على المحك في المستقبل القريب لكن لم تتوفر
لديهما أرقام محددة.
وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها بسبب حساسية المسألة
ان حملة الامرتة في أبوظبي تحركها أرفع المستويات متمثلة في المجلس
التنفيذي الذي يرأسه ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد ال نهيان.
وتقول مصادر ان الشيخ هزاع بن زايد ال نهيان شقيق الشيخ محمد ونائب
رئيس المجلس التنفيذي -الذي عين في أول منصب له في المجلس في ديسمبر
كانون الاول- يشرف على هذه الحملة النشطة.
ومن بين المؤسسات التي شملتها الحملة حتى الان دائرة النقل وبلدية
أبوظبي وهيئة أبوظبي للثقافة والتراث واثنان على الاقل من المستشفيات
المملوكة للحكومة.
وقال موظف أجنبي في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ان الهيئة طلبت من
118 موظفا ترك وظائفهم في غضون شهر الى ثلاثة. وأضاف "السبب الذي ذكروه
هو الامرتة" في اشارة الى نظام الحوافز ونسب الوظائف الذي يهدف الى
تعزيز التوظيف الوطني.
وتقوم أبوظبي بمراجعة استراتيجية في كل الدوائر الحكومية للتحول الى
المركزية في جمع التمويل وتعزيز المساءلة في القطاع العام.
وقال ديفيد بتر مدير قسم منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وحدة
المعلومات التابعة لمجلة ايكونوميست في لندن "من الواضح أن هناك بعض
القلق بشأن احتمالات التمرد بين الجيل الجديد من الاماراتيين."
ولم تشهد الامارات احتجاجات على النظام كتلك التي اجتاحات دولا
عربية وهي تدرك احتمالات حدوث استياء شعبي خاصة بين الشباب الاماراتي
ولا سيما بعد أن أصبحت الوظائف الحكومية غير مضمونة.
وقال محلل في أبوظبي انه في بعض الحالات تم الامتناع عن تجديد عقود
موظفين أجانب لتخفيض ميزانيات الرواتب المتضخمة.
وتعتمد الامارات كمعظم دول الخليج العربية على الموظفين الاجانب
لشغل وظائف في كل مستويات الاقتصاد نظرا لقلة عدد مواطنيها وقلة
المؤهلين. وهناك 35 ألف اماراتي عاطل في الامارات ولا يعمل في القطاع
الخاص الا سبعة بالمئة من الاماراتيين وفقا لبيانات وزارة الاقتصاد.
وقال الشيخ محمد في يونيو حزيران ان برامج التدريب الحكومية أهلت
أكثر من ستة الاف اماراتي للقطاع العام. وحث الحكومة والشركات الحكومية
على توفير وظائف لهم.
وتوجد بالفعل نسب مقررة للموظفين الاماراتيين لكن الحاجة أصبحت أكثر
الحاحا لتنفيذ اجراءات مباشرة بعد الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في
المنطقة في وقت سابق من العام الجاري.
وقال غانم نسيبة مؤسس شركة كورنرستون جلوبال اسوسيتس للاستشارات
ومقرها لندن "التحدي الذي تواجهه الحكومة هو الموازنة بين احتياجات
مواطنيها من حيث كفاية التوظيف وقدرة المواطنين على الحصول على وظائف
وبين أن تضمن ألا تخسر البلاد ميزتها التنافسية."
وقال وزير العمل صقر غباش في مايو ايار انه لا بد من توفير ما يصل
الى 20 ألف وظيفة سنويا للاماراتيين في القطاع الخاص خلال السنوات
العشر المقبلة لتمكين خريجي المدارس من دخول سوق العمل.
وقال مسؤول في حكومة أبوظبي على دراية بالمسألة "كان هذا دائما هو
الهدف.. أن تكون هناك حكومة ذكية وكفؤة تسمح للقطاع الخاص بالازدهار."
وقد نجا القطاع الخاص حتى الان من أي تقليص ملموس لوظائف الاجانب
لكنه يواجه ضغطا. وذكرت تقارير أن بنك الخليج الاول وهو بنك رئيسي في
أبوظبي سرح عشرات الموظفين الاجانب في الاشهر القليلة الماضية.
وقالت موظفة كبيرة في بنك الخليج الاول ان اماراتيا حل محلها رغم
أنه قيل لها انها الشخص المناسب للوظيفة. وأعلن مصرف أبوظبي الاسلامي
أنه سيفتح الباب لمثلي عدد المتدربين الاماراتيين في الصيف هذا العام
مقارنة بالعام الماضي. لكن اجتذاب الاجانب المؤهلين لشغل مناصب مهمة في
الحكومة والشركات وهو نهج متبع منذ سنوات لن يتغير قريبا وليس هذا هو
هدف حكومة أبوظبي.
عدد السكان
في سياق متصل سجل عدد سكان الامارات العربية المتحدة ارتفاعا بنسبة
65% في اربع سنوات ليبلغ 8,26 مليون نسمة بنهاية العام 2010 مع استمرار
توافد الاجانب للعمل والاقامة في ثاني اكبر اقتصاد عربي، بحسب احصاءات
رسمية. وانخفضت نسبة المواطنين جراء ذلك الى 11,47% من اجمالي السكان.
وكان عدد السكان في الامارات بحدود خمسة ملايين نسمة في 2006،
وارتفع العدد الى 8,26 مليون نسمة في 2010، حسبما افاد المركز الوطني
للاحصاءات على موقعه الالكتروني.
ويرتبط هذا الارتفاع الكبير في عدد السكان بوصول اعداد كبيرة من
الاجانب للعمل في الامارات، خصوصا خلال سنوات الطفرة في 2007 و2008.
وارتفع عدد الاماراتيين من 851 الفا في 2006 الى 948 الفا في 2010.
ويعيش 42% من مواطني الامارات في امارة ابوظبي، عاصمة الدولة، فيما
لم تشر الارقام الرسمية الى كيفية توزع اعداد الوافدين بين الجنسيات.
وكان الوافدون من جنوب آسيا يشكلون غالبية السكان في 2009. بحسب فرانس
برس.
وتراجعت حركة الوفود بقوة تحت وطأة الازمة الاقتصادية التي تسببت
بفقدان كثيرين لوظائفهم، الا ان هذه الحركة لم تتوقف قط. ففي 2007،
وصل1,15 مليون وافد جديد ومن ثم 1,8 مليون وافد في 2008، الا ان الرقم
تدنى الى حوالى 58 الف وافد جديد في 2009، وهي سنة انكمش فيها الاقتصاد
الاماراتي بنسبة 2,5%.
المستثمرون العقاريون
من جانب آخر قررت الامارات منح المستثمرين العقاريين الاجانب تاشيرة
اقامة لمدة ثلاث سنوات بهدف المساهمة في انعاش قطاع العقارات الذي تاثر
بشكل كبير جراء تداعيات الازمة المالية. وافادت وكالة انباء الامارات
ان الحكومة الاتحادية برئاسة الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم نائب رئيس
الدولة وحاكم دبي، وافقت خلال اجتماعها على "تمديد مدة التأشيرة
للمستثمرين في القطاع العقاري لتصبح ثلاث سنوات بدلا من ستة أشهر".
ويهدف ذلك بحسب الوكالة الى "تعزيز جاذبية القطاع العقاري وتوفير
البيئة المناسبة للمستثمرين في هذا القطاع الحيوي". وبعد سنوات من
الطفرة الكبيرة، انهارت في نهاية 2008 اسعار العقارات في الامارات،
خصوصا في دبي حيث تراجعت الاسعار الى اقل من نصف قيمتها.
ومن شأن منح تاشيرات طويلة الامد المساهمة في جذب المستثمرين من شتى
انحاء العالم لشراء عقارات في الامارات حيث تبدو الاسعار مغرية في ظل
الفائض الكبير في المعروض العقاري. |