مأتم  برلماني للذكرى فقط

د. يوسف السعيدي-العراق

بعد ان أنهى النواب قبل ايام بعض جلساتهم البرلمانية، مسدلين الستار على مشوار (ثرثرة من باب رفع العتب ) الذي اسميناه عرفاً ببرلمان الامتيازات والرواتب...و...و...، وما سيسرد الآن يأتي من باب اذكروا محاسن موتاكم، وارحموهم يرحمكم الله تعالى...

حقيقة هذا المشوار الحافل أنه شهد مدّاً وجزراً وخسوفاً وكسوفاً بينه وبين الحكومة وكذلك مع الناس، فلايزال المواطنون يتذكرون كيف قادتهم حماستهم في ايام الانتخابات إلى الاندفاع إلى صناديق الاقتراع مسحورين بالخطب الرنانة والوعود التي سرعان ما تبخر أغلبها مع ولوج النواب لعتبات المنطقة الخضراء...

رغم ما رسمناه من امال وطموحات على برلماننا المعتق وهذا ينكره إلا جاحد أو متعصب، إلا أن الناس سيظلون يسمون هذا المجلس ونوابه، بنواب الـ الامتيازات والرواتب والاسفار الى مختلف الاقطار، وعدم الاستقطاع من الرواتب عند الغياب دون وجه حقٍ شرعي بذلك، وسيظل الجميع مجمعاً على أن هذا التجمع البرلماني اضحى مجلساً طائفياً بامتياز، رغم كل المحاولات التوافقية التي حاول بعض النواب أن يعيشوها قرب الكافتيريا الخضراء...

برلماننا هذا أثبت أن هناك نواباً متمصلحين حاولوا الصعود على أكتاف الناس، وحتى على أكتاف كتلهم، وكما تم التحقق أيضاً من أن هناك نواباً وكتلاً بأكملها تدار بالريموت كنترول.

هذا المجلس أثبت أن فيه حكوميين أكثر من الحكومة، ومشاورين أكثر من الشورى، وأنّ البعض منهم مستعدٌ لأن يضحي بشعبه وأرضه من أجل مصلحةٍ شخصية أو فئوية.

هذا البرلمان أثبت أن بعض النواب المستقلين فيه ليسوا مستقلين فعلاً وكذلك بعض الكتل، وأنهم كانوا صوتاً نشازا بامتياز، كما اثبت أن الأصالة والمنبر والوفاق غير قادرين حتى هذه اللحظة على الأقل أن يتجاوزوا لبوس الطائفة، بإرادتهم أحياناً أو بإرادة غيرهم في أحايين أخرى، وأن معادلة المشاركة وليس المحاصصة...، ظلّت على الدوام هي الفيصل في كافة الملفات المصيرية.

برلماننا العتيد هذا... أكد أن هناك هياكل سياسية من النواب، مستميتة في الدفاع عن الحكومة والسلطة أكثر حتى من دفاعها عمن انتخبها...، وعن الناس وعن الشرع والدين حتى، وأن هناك من النواب من جافى تاريخه النضالي من أجل كرسي ارتضاه لنفسه لعله يحصل عليه في مجلس (شورى) ربما في قادم الايام...

هذا المجلس أثبت أن سرقات الأراضي زادت في سنينه الأربع، والتدهور الأخلاقي تفاقم خلاله إلى حد التخمة، والتمييز الطائفي استفحل تماماً، وعوامل الفساد والفاسدين والمفسدين تجاوزت فيه حتى الخطوط الحمر.....

هذا البرلمان حاول ان يثبت قدر امكانه... أثبت أن الطرح الوطني يمكن أن يتخطى جزئياً الطرح الطائفي، كما بدا ذلك في بعض جلساته...، إلا أنه أكد أن أحداً ما لا يستطيع أن يتجاوز الواقع!

هذا التجمع البرلماني أثبت أن التوافقات والمشاورات لوحدها غير قادرة على إبعاد تهم الطائفية المعلبة التي تساق ضدها بمناسبةٍ وبدون مناسبة، وأنها بحاجة إلى سندٍ وعضد من قوى وطنيه شريفه لها صوت مسموع ...

هذا البرلمان العراقي أعلن أن الكلمة العليا في قراره ليس للإرادة الوطنية الحقه لهم، وأن النواب بعد أغلب صولاتهم وجولاتهم وخطبهم النارية يضطرون مرغمين للاذعان (للغرفة الثانية.) ..لصياغة القرارات...او التصويت عليها...

فلنترحم جميعاً على برلماننا الحالي...، ولنقرأ على روحه ايات الحفظ والرحمة آملين ألا يصاب عزيزٌ فيه بمكروه، ونسأل الله أن يكون النواب الجدد في الانتخابات القادمة... الذين سيقدمون مهللين مكبرين،( أواخر فترة تسنمهم الكراسي التشريعية) إلى المنطقة الخضراء خير خلف لخير سلف....ولله في خلقه شؤون....والسلام على من اتبع الهدى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12/تموز/2011 - 10/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م