ربيع العرب وبقايا الحرس القديم  

عسر المخاض يحد من فرص التحول الديمقراطي الشامل

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: بحسب العديد من المحللين الذين اشاروا الى ان الثورات العربية التي هزت العالم وحركت المشاعر واللهبت احاسيس الثوار في كل مكان للسير في طريق الحرية، باتت اليوم مهددة ومحفوفة بالمخاطر اثر تعثرها في اكمال المسير بعد ان توقفت عند الخطوة الاولى، وتأتي هذه التوقعات بعد ان اصيبت الثورارت العربية بالعديد من الانتكاسات في اليمن وسوريا والبحرين بل وحتى في منبع هذه الثورات "تونس ومصر" لم يخلو الامر من تلكوء في تطبيق الديمقراطية الموعدة، واذا صدق هذا الكلام فالتوقعات في وطنً عربي جديد يفترش الديمقراطية ويلتحف بالحرية قد يصبح من الماضي ويدرج ضمن الاف الاحلام العربية التي خنقت وهي مازالت في مهدها. 

دول بوليسية

الى ذلك ينظر العالم الى المظاهرات المناوئة للنظام التي تحركت بسرعة وبصورة غير متوقعة في تونس ومصر بانها بدأت تخطئ الخطو في بلدان اخرى مع تمسك الحكام بالسلطة، وقالت صحيفة "ذي انديبندنت" البريطانية في مقال للمحلل الصحافي باتريك كوكبيرن ان النهضة العربية تحولت الى حلم عربي مزعج، فبدلا من ان تفسح المجال امام الديمقراطية فان الانتفاضات في ثلاث دول عربية على الاقل تنهج سريعا نحو حرب اهلية وحشية، ذلك انه خلال الايام العشرة الماضية دفعت التطورات الحرجة في كل من سوريا وليبيا واليمن الى خضوعها لاعمال عنف شديدة من اجل السلطة، ففي سوريا حيث هاجمت الاف من قوات الجيش بلدة جسر الشغور وادعت الحكومة ان 120 من جنودها قد قتلوا مؤخراً، فاننا اذا أغفلنا الحقيقة وراء الطريقة التي قتلوا بها، فانها توضح بما لا يرقى اليه شك ان معارضيها، سلميين كانوا ام لا، سيعاملون على اساس انهم مسلحون، ومن المظاهر الاخرى للانتفاضات السورية ان الناس يشاركون في التظاهرات بعشرات الاف رغم ان الكثيرين منهم يسقطون قتلى، وان كان البعض منهم يعتقدون أن البديل الوحيد بالنسبة لهم هو المقاومة، وقبل اسبوع احتفل المتظاهرون في اليمن الذين كانوا يشتركون في حملة احتجاج في طرقات صنعاء منذ بداية العام، لدى سماعهم انباء مغادرة الرئيس علي عبد الله صالح البلاد الى السعودية لتلقي العلاج بعد اصابته من اطلاق قذيفة على المكان الذي كان فيه، وانشدوا ان "الشعب اخيرا هزم النظام"، ومن الصعب ان يوصف هذا على انه انتصار لاحتجاج سلمي، حيث ان السبب في توجه صالح الى الرياض كان الاصابات التي مني بها نتيجة انفجار قنبلة في احد مباني الرئاسة، وقد تبين ان نظام صالح لا يعتمد على وجود الرئيس نفسه كما كان يعتقد كثيرون من قبل، فهناك افراد اخرون من عائلة صالح يتولون قيادة وحدات عسكرية حسنة التسلح والتدريب تظل تسيطر على معظم اليمن، بل انه حتى قبل عملية الاغتيال التي خطط لها بعناية على ما يبدو ضد صالح، كان يبدو ان المحتجين في الطرقات اصبحوا مهمشين، وقد تمكنوا من البقاء في "ميدان التغيير" لان اللاعبين التقليديين بمن فيهم زعماء القبائل والجيش قاموا بتغيير مواقفهم وكانوا يدافعون عنهم.

فهل يمكن القول ان اليمن على طريق مواجهة دائمة من نوع تلك التي حولت الصومال الى سلطة تدميرية؟ كان اليمنيون في السابق يقولون في معظم الاحيان انه في الوقت الذي تتسم به السياسات اليمنية بالانقسام والعنف، فان لدى النخبة الحاكمة القدرة المذهلة على التوصل الى حل وسط في اللحظة الاخيرة، وقد يكون الامر كذلك، الا ان الفشل في تنحية عائلة صالح، حتى عندما خرج زعيمها من البلاد، يحمل في طياته اخبارا سيئة ويفتح الطريق امام انهيار سلطة الدولة، وفي ليبيا فان الامور سارت بعيدا عن الامال الديمقراطية التي كانت تعتمل في النفوس في شباط (فبراير)، ومن المؤشرات المهمة التي ظهرت منذ بداية حزيران (يونيو) ما يتعلق بتدخل حلف الاطلسي "ناتو" بمروحياته الهجومية، الامر الذي زاد الثوار من تحولهم الى قوة اضافية في حملة تقودها اياد اجنبية، فانتشار الثوار يتقرر الى حد كبير من جانب "ناتو" اذ لولا قوته الجوية لاصيبت القوات المناوئة للقذافي بالهزيمة. ولعل معظم الليبيين يريدون تنحي القذافي، الا ان المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي قد لا يملك الشرعية او الدعم ليحل محله. وهناك احتمال كبير في ان يطاح به قبل نهاية العام، الا ان ذلك سيكون نصرا حققته "ناتو" وليس الثورة الشعبية، وهناك دولة رابعة تبدو النهضة العربية فيها على وشك النجاح في البحرين، الا انه منذ التدخل بقيادة سعودية، ومهاجمة المحتجين المنادين بالديمقراطية والسكان الشيعة ككل منذ 15 آذار (مارس)، فان هذه المملكة الصغيرة تعتمل فيها حرب اهلية تستعر تحت السطح، فقرار عائلة آل خليفة البحرينية الملكية لاستغلال بطاقة الطائفية والتظاهر بان مطالب الاصلاح الديمقراطية ليست الا مؤامرة ثورية تدبرها ايران قد لقيت استحسانا لدى كثيرين من السنة، ويظل السبب في ان العائلة قررت علان الحرب على معظم السكان العرب في البحرين امرا غامضا نظرا لان ذلك سيجعلها تعتمد دوما على المملكة العربية السعودية، ولعل الشعور بالخوف في اوجهه في آذار (مارس) وهو الدافع وراء سقوط الانظمة في تونس ومصر، يشرح مدى قوة اعمال القمع في البحرين، وثمن ذلك سيعمق دوما العداوة المرة بين الشيعة والسنة، وقد لا يدعو الى الدهشة أن ذلك يرجع الى الحركات الجماعية المرتبطة بالربيع العربي، ولكن ما يدعو الى الدهشة حقا هو ان تكون قد نجحت بسهولة في تونس ومصر، اذ انه بعد كل هذا، فان ما يطلق عليه اسم "الثورة المخملية" لا يحمل نسبة نجاح عالية، فقد تكون نجحت في اوروبا الشرقية عندما اطيح بالنظام الشيوعي قبل 20 عاما، الا ن القيادة الشيوعية لمن تكن على استعداد للقتال ضدها، وكانت منقسمة ولا تحظى بشعبية حقيقية وكانت تامل في ان تصبح جزءا من النظام الجديد. وافضل ما يمثل الربيع العربي هو محاولة حركة الخضر للقيام بثورة في ايران في العام 2009، التي فشلت، حتى وان كانت الحكومة الايرانية قد تلاعبت بانتخابات ذلك العام، فان لديها مجموعة من الانصار الملتزمين في الحرس الثوري، والفقراء الريفيون لم ينضموا قط الى المظاهرات الجماعية مثلما حصل في تونس ومصر.

والدرس الذي يمكن استيعابه من الاشهر الستة الفائتة في العالم العربي هو انه ما لم يتمكن المتظاهرون في الطرقات من ضمان حيادية القوات المسلحة، فان فرص نجاحهم تظل محدودة، وخيارهم الوحيد هو تامين تدخل عسكري اجنبي على نطاق كامل، مثلما حدث في ليبب، وهذا يعني عمليا الحصول على دعم من الولايات المتحدة، حتى وان قامت بالعمل العسكري بريطانيا وفرنس، وكات الخشية في السعودية وملكيات الخليج هذا العام انهم لم يحصلوا على ضمانات دعم من واشنطن التي دبت في قلوبهم الخشية بسبب الهجوم العنيف على المحتجين في البحرين، وقد قامت وسائل الاعلام الاجنبية، وخاصة الجزيرة والقنوات الفضائية بدور محوري في تمهيد الطريق امام الربيع العربي، كما قامت الرقابة والسيطرة على المعلومات والاتصالات بدور هام في قيام دول بوليسية استفردت بالسلطة في العالم العربي منذ السبعينات، غير ان هذه السيطرة ما لبثت ان خفت حدتها بسبب الانترنيت والتلفزيونات الفضائية والهواتف الجوالة.في الوقت ذاته، فان التغيير لم يطل كل اجهزة القوة، فقوات الامن لا تزال في مكانه، والطبيعية العفوية للانتفاضة العربية كانت في البداية مفيدة لان الشرطة لم تكن تدري من تقبض عليه، لكن النقص في وجود قيادة اصبح عديم الفائدة عندما تواجه الثورة المعارضة، وتحول الاعتدال في الاحتجاجات السابقة الى ضعف مقعد مع توجه الحكام للقتال من اجل البقاء في مناصبهم.

الانتقال الى الديموقراطية

فقد اعتبر وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي الذي تتولى بلاده في الاول من تموز/يوليو الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، ان عملية الانتقال الى الديموقراطية في العالم العربي ستستغرق "نحو عشرين عاما على الاقل"، وقال في مقابلة مع بعض الصحافيين الاوروبيين "يجب ان نعد انفسنا لفترة طويلة"، وعلق بالقول ان "تحول العالم العربي البالغ عدد سكانه 500 مليون نسمة الى الديموقراطية لن يحصل في عامين، سيستغرق نحو عشرين عاما على الاقل"، واكد مجددا ان بولندا التي خرجت من الشيوعية هي بالذات قبل نحو عشرين عاما، على استعداد ل"تقديم خبرتها في الانتقال الديموقراطي" لهذه الدول، ولدعم العملية الجارية وخصوصا في شمال افريقيا، اطلقت وارسو فكرة مؤسسة اوروبية للديموقراطية، اي هيئة تكون "مستقلة" وتحظى ب"تمويل كبير"، كما اوضح الوزير البولندي، وقال سيكورسكي "في شمال افريقيا تسير الامور على ما يرام حتى الان، لكن كل دولة من هذه الدول مختلفة"، واضاف "ستتحقق نجاحات وستحصل انتكاسات"، واعلن "لدي انطباع ان تونس ستكون على الارجح الدولة الاولى في النجاح لان السكان متعلمون هناك، لانهم حرروا نساءهم، لانهم على علاقة وثيقة بفرنسا وباوروبا عموما، لان لديهم نخبة مثقفة وسياسية عصرية"، واضاف "بالنسبة الى مصر، الامر اكثر صعوبة بسبب مستوى الامية وقوة بعض الحركات المتشددة والمزيج الاتني". بحسب فرنس برس.

واشنطن بوست

في سياق متصل علقت صحيفة "واشنطن بوست" على التغييرات التى يشهدها الشرق الأوسط، وقالت إن الربيع العربى يبدو وكأنه يتحول إلى صيف قاتم، وتوضح الصحيفة مقصدها بالقول إنه عندما بدأت الثورات الشعبية تندلع فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط فى وقت مبكر من هذا العام، كان تدفق الحماس الديمقراطى سريعاً، فأطلق عليه اسم مرحلة الربيع العربى، وهى الكلمة التى أثارت تفاؤلاً بشأن ما بدا أنه عهد جديد من الحرية والأمل، لكن هذا الربيع تحول إلى صيف، وتأخذ الأحداث فى جميع أنحاء المنطقة منعطفاً أكثر قتامة بدا معه أن احتمال وجود مستقبل أكثر إشراقاً لا يبدو مضموناً بهذه السهولة، فالإطاحة السريعة برئيسى مصر وتونس، أعقبها أشهر من إراقة الدماء والوحشية فى جميع أنحاء العالم العربى، الأمر الذى يؤكد على السلطة التى لا يزال الحكام الطغاة يمارسها بعد عقود من الاستبداد، ويقول سلمان الشيخ، مدير مركز بروكنجز الدوحة فى قطر قوله، إننا نتجه سريعا نحو مفترق طرق، حيث يوجد طريقان أحدهما يؤدى إلى التغيير والإصلاح والآخر يؤدى إلى القمع، وسيكون الطريق طويلاً ودموياً وربما يستغرق الأمر عددا من السنوات، واستعرضت الصحيفة تطورات الأحداث فى الدول العربية التى تشهدت اضطرابات سياسية، بدءاً من البحرين وحتى سوريا، وفيما يتعلق بمصر، قالت إن الصدامات الطائفية المميتة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر أصبحت تذكرة واقعية بأن القوى الإيجابية وكذلك السلبية قد أُطلق عنانها بعد الإطاحة بالحكومات الديكتاتورية.

وحتى فى تونس الصعيرة، التى بشرت بالتغيير عندما أجبر رئيسها زين العابدين بن علىّ على الهروب فى يناير الماضى، فإن الانتخابات التى من المقرر أن تجرى فى يوليو القادم تدور حولها الشكوك ولا تزال الاحتجاجات مستمرة فى الشوارع بسبب الإحباط من بطء وتيرة التغيير، ويرى المحلل السياسى الأردنى لبيب قمحاوى إن الأمور لا يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه من قبل، فلقد رأينا تغييراً جذرياً، وعرف الناس الحرية ولا يمكن العودة مرة أخرى، أما رامى خورى، من الجامعة الأمريكية ببيروت، فيقول إن التغييرات التى شهدتها المنطقة فى غضون أشهر قليلة كانت مذهلة جداً لدرجة أن رد فعل العالم المتردد وغير المتناسق إزاءها يبدو مفهوماً، ولذلك يجب أيضا أن تُغفر الأخطاء والهفوات فى المنطقة التى تترنح نحو ما يعتقد الكثيرون أنه مستقبل لا رجعة فيه.

محاكمة مبارك

من جهة اخرى يأتى قرار النائب العام المستشار عبد المجيد محمود بإحالة مبارك ونجليه وصديقه رجل الأعمال الهارب حسين سالم لمحكمة الجنايات، عن جرائم القتل العمد والشروع فى قتل المتظاهرين ليصبح مبارك أول رئيس عربى يواجه المحاكمة بعد الإطاحة به، وليدشن لحظة محورية فى الثورات التى اجتاحت أكثر من خمس بلدان عربية هذا العام، وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن قرار إحالة الرئيس السابق حسنى مبارك لمحكمة الجنايات يثير المخاطر بشأن الثورات فى ليبيا وسوريا واليمن، وتؤكد أن محاكمة مبارك تمثل إحراجا للولايات المتحدة بل تعقد جهودها الدبلوماسية بالمنطقة، وتوضح أن مبارك ظل أقرب حلفاء واشنطن على مدار عقود والمتلقي الأول للمساعدات الأمريكية بالمنطقة، ومن هنا فإن محاكمة ذلك الزعيم الذى وافق على التنحي وتسليم السلطة سلميا من المرجح أن يقوض الجهود الأمريكية لإقناع القادة العرب الآخرين بالتخلي عن الحكم، وتضيف أن الأمر سيبعث رساله للرئيس اليمني على عبدالله صالح، الذى تسعى الولايات المتحدة لإقناعه بالتنازل عن السلطة سلميا، أنه من الأفضل أن يتشبث بالحكم بدلا من مواجهة مصير مجهول فيما بعد ذلك على الرغم المفاوضات الجارية بشأن حمايته من الملاحقة القضائية، فمحاكمة مبارك حتما ستقنع القادة العرب الذين يواجهون إضطرابات وحركات مؤيدة للديقراطية بالسير على نموذج هؤلاء الذين سحقوا بوحشية المتظاهرين ليبقوا فى السلطة مثل القذافي كما أنه سيعقد على الأخص الجهود التى تحاول الدفع بالرئيس السورى بشار الأسد جانب، وهو ما يؤكده أيضا المحام المصرى ناصر أمين، عضو المحكمة الجنائية الدولية.

ومن المتوقع أيضا أن تثير محاكمة مبارك الغضب بين حلفاءه بدول الخليج، خاصة المملكة العربية السعودية، كما يغذى القرار المخاوف الإسرائيلية بشأن تحرك الإتجاه فى مصر بعد الثورة بعيدا عن الإعتدال لتميل إلى مزيد من التطرف، وكان دبلوماسي غربي قريب من الجيش المصري قد قال أن هناك إتفاق مسبق بين المجلس العسكرى ومبارك يقضى بتنحي الثاني مقابل حمايته وبقاءه داخل البلاد، لكن لم يتضح ما إذا كان الإتفاق قد تضمن حمايته من الإتهامات القانونية، وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن قرار النائب العام يثير الكثير من توقعات المراقبين بأنها محاولة من قبل القيادة العسكرية تهدئة ما يسعون إلى ثورة ثانية، فربما جاء القرار كمناورة ساخرة من قبل القادة العسكريين لمحاكمة قائدهم السابق فى سبيل الحفاظ على قوتهم وهيبتهم بين العامة المحبطة.

موجة الحريات في الميزان

على صعيد اخر قالت منظمة العفو الدولية ان الموجة المطالبة بالحرية والعدالة التي تجتاح العالم العربي والتي تذكيها وسائل اعلام اجتماعية قوية أتاحت فرصة غير مسبوقة لتحسن حقوق الانسان في المنطقة، لكن المنظمة التي تتخذ من لندن مقرا لها قالت في تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الانسان على مستوى العالم ان الموقف في العالم العربي على حد السيف، وقال سليل شتي الامين العام لمنظمة العفو "الناس يرفضون الخوف، اناس شجعان يتقدمهم بدرجة كبيرة الشبان هبوا وعبروا عن ارائهم في وجه الرصاص والضرب والغازات المسيلة للدموع والدبابات"، وأضاف في بيان "لم يواجه منذ انتهاء الحرب البادرة هذا العدد من الحكومات القمعية مثل هذا التحدي لمعاقلهم في السلطة"، وقال شتي ان ميل كفة الميزان لصالح الجانب الذي سينتصر يعتمد على تصرف الحكومات لكنه يعتمد ايضا على مدى دعم العالم الاوسع للحركة، واستطرد "الموقف قد يتطور لهذا او لذاك في بعض الدول، ليبيا في الميزان وسوريا كذلك"، وأدت الانتفاضات التي شهدها شمال أفريقيا والشرق الاوسط هذا العام الى الاطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي والرئيس المصري حسني مبارك، وتدخل حلف شمال الاطلسي في ليبيا بعد انتفاضة المعارضة ضد الزعيم الليبي معمر القذافي كما اجتاحت الاحتجاجات سوريا واليمن والبحرين ودول أخرى. بحسب رويترز.

وانتقد شيتي الدول الغنية التي لا تحترم حق اللاجئين وطالبي اللجوء، وقال "لدينا الاف اللاجئين القادمين من شمال أفريقيا والشرق الاوسط الذين لا يحصلون على حقوقهم في أوروبا"، وأبرز تقرير منظمة العفو دور الانترنت والمواقع الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر في مساعدة النشطاء على التحايل على قمع الحكومات للتعبير عن ارائهم بحرية، وجاء في التقرير ان حكومات قمعية أخرى مثل تلك في أذربيجان والصين وايران تحاول تفادي حدوث مثل هذه الثورات في دوله، وحثت منظمة العفو الدوية الشركات التي توفر خدمات الانترنت والهواتف المحمولة ومواقع الشبكات الاجتماعية على احترام حقوق الانسان والا تتحول الى مخلب تستغله الحكومات القمعية في التجسس على مواطنيه، وأغلقت شركة فودافون البريطانية للهواتف المحمولة شبكتها في مصر بأوامر من المسؤولين في نظام مبارك خلال الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت البلاد في فبراير شباط لكن جوجل سعت لتوفير سبل للتحايل على قطع الانترنت في مصر، وربطت منظمة العفو بين الاحتجاجات التي تعم العالم العربي ونشر موقع ويكيليكس الالكتروني على الانترنت الاف البرقيات الدبلوماسية الامريكية السرية.وأشارت المنظمة أيضا الى تفاقم الموقف القانوني لنساء اخترن ارتداء النقاب في أوروبا.

الميادين العامة وصياغة الثورة

بدرها ومن ميدان التحرير فى مصر إلى ساحة أبو رقيبة فى تونس وساحات المدن السورية القديمة، فإن الميداين العامة كانت ولا تزال فى قلب الربيع العربى، وتقول مجلة "التايم" الأمريكية فى تقريرها عن الدور الذى قامت به الميادين العامة فى الثورات العربية إن مركزية هذه الميادين بالنسبة لمسار الانتفاضات فى الشرق الأوسط قد سلط الضوء عليه دور شبكات التواصل الاجتماعى الذى لعبته فى إثارة الثورة، فمع كل الثناء والإشادة التى حظى بها الشباب العربى الثورى، إلا أن أحداً لا ينبغى أن ينسى تلك الساحات الرمادية القديمة التى احتشد فيها هؤلاء الشباب، ويقول فيشان تشاكربارتى، أستاذ الهندسة المعمارية فى جامعة كولومبيا والذى يكتب عن الساحات العامة فى الشرق الأوسط إن "كميات هائلة من الحبر استخدمت على فيس بوك وتويتر، لكن من المهم للناس أيضا أن يكون هناك اتصال مباشر فى الميادين العامة للتخطيط للخطوات المقبلة"، وتمضى المجلة فى القول إنه لا يوجد شىء جديد عن المعارضة الجماعية فى بعض مدن الشرق الأوسط القديمة، لكن المشهد السياسى فى المناطق الحضرية قد تغير على مر القرون.

وتشير المؤرخة بجامعة ميتشيجان جوان كول إلى أنه قبل 100 عام، لم نر احتجاجات حاشدة فى منطقة بورقيبة بتونس أو ميدان التحرير، وبدلاً من ذلك، فإن المتظاهرين فى أوقات الاستعمار كانوا يتجمعون فيما يسمى "مجمع سوق الصلاة" حيث كان عدد كبير من المسلمين يجتمعون بعد صلاة الجمعة، وكان من السهل تنظيم الناس حينئذ، واليوم لا يزال المتظاهرون يدعون إلى الاحتجاجات بعد صلاة الجمعة، لكن المظاهرات انتقلت إلى ساحات جديدة وطنية تم بناؤها على الطراز الأوروبى، فمثلا ميدان التحرير الذى يوجد به المتحف المصرى ومقر الحزب الوطنى المنحل الآن وتمثال عمر مكرم، لم يكن فى القرن التاسع عشر مركز الاحتجاجات المصرية، بل إن البارون هاوسمان، المخطط الفرنسى جلب التصميم الأوروبى إلى القاهرة لجعل المدينة على طراز باريس، وكانت القاهرة ضيقة ومزدحمة، فأمر المخطط الفرنسى مرة أخرى بتصميم الميدان بشوارع عريضة ودوائر مرورية كبيرة، وقد جعل تصميمه من السهل على الحكومات إخماد المظاهرات لأنه سهل دخول التجماعت الكبيرة إليه أكثر من الشوارع التقليدية الأقدم، وفى سوريا، فإن الأماكن الإسلامية التقليدية الأقدم تعد أكثر بروزاً، فالمعركة الحالية بين قوات الأمن والمتظاهرين تتمركز فى مسجد العمرى بمدينة درعا، وتمت تسمية الميدان الذى يقع فيه باسم ميدان الكرامة.

موقع كى الأسبانى

من جهته وعلى غرار الثورة المصرية 25 يناير، ومن إحدى الصور كانت هناك فتاة تحمل لافتة مكتوب عليها "ميدان التحرير" ومرسوم عليها "شمس" فى إشارة منها إلى أن ميدان لابويرتا ديل صول الأسبانى الذى أصبح مثل ميدان التحرير المصرى، وصورة أخرى للميدان تشبه إلى حد كبير ميدان التحرير، وأشار الموقع إلى أن المظاهرات الأسبانية بدأت أيضا عن طريق المواقع الاجتماعية حيث خرج مؤخراً أكثر من مليون شخص من 50 مدينة اسبانية فى احتجاجات ضد إجراءات التقشف التى تتبعها الحكومة الأسبانية ومنهم مجموعة من الشباب يطلقون على أنفسهم "شباب بدون مستقبل" أعربوا عن رفضه بأن يصبحوا ضحايا للأزمة الاقتصادية، ويطالبون بتحقيق ديمقراطية حقيقية و"مستقبل لائق"، ومنددين بعدم قدرتهم على مجابهة متطلبات الحياة، رغم مستوياتهم التعليمية الجيدة، وتدنى أجور العاملين، وأشار الموقع إلى أن هذه الاحتجاجات بدأت فى وقت واحد فى 50 مدنية أسبانية ومن بينهم العاصمة مدريد الذى خرج منها أكثر من 25.000 وبرشلونة بلغ عدد المحتجين فيها أكثر من 15.000، وتجمعوا خلال بعض المواقع الاجتماعية وخاصة "الفيس بوك" حيث كانوا ينظمونها منذ أشهر، رافعين شعارات "لا مزيد من الفساد "ندين السلب والنهب"، وأسفرت هذه الاحتجاجات عن مقتل 4 من رجال الشرطة واعتقال 24 أسباني، ويذكر أن اسبانيا تواجه ارتفاع نسبة بطالة تتجاوز 20%، ونموا اقتصاديا ضعيفا بلغ 0.3% خلال الربع الأول من العام الحالى.

ثقافة الثورة

من جانبه اكد الشاعر الفلسطيني سميح القاسم الجمعة في تونس ان "نيران الثورة لن تنتهي الا بزوال عار التجزئة" كما دعا الى الاستلهام من "ثقافة الثورة" للقطع مع "الحالة المزرية" التي يتسم بها المشهد الثقافي العربي، واوضح سميح القاسم قبل مغادرته العاصمة في اتجاه مدينة سبيطلة شمال غرب العاصمة حيث سيحيي امسية شعرية "ان الثورات العربية التي انطلقت شرارتها الاولى من تونس ستؤدي الى توحيد الشعوب العربية"، واضاف "لن تنتهي نيران الثورة الا بزوال عار التجزئة التي فرضت علينا" موضحا "لدينا لغة واحدة وثقافة واحدة وحضارة واحدة وتقريبا دين واحد فلا يعقل ان لا توحد هذه الامة"، وتابع "هذه الثورات ستنتقل من المطالبة بالعيش الكريم الى المطالبة بوحدة الامة التي ستبنى على اسس اقتصادية وتعليمية وتربوية واجتماعية وحتى فنية متينة وثابتة من شأنها اعادة الحق لاصحابه، الحق في حياة حرة كريمة"، وبدا الشاعر الفلسطيني متفائلا وقال "لا يجوز الا التفاؤل وانا متفائل ليس من اجل حلم شاعري بل من اجل مصير امة مضطهدة تعاني من هامشية التاريخ ومن حقها العودة الى صلب الحركة الكونية"، وشدد على ان "عصابات النهب والسطو على اموال الشعوب وآثار البلدان آلتي وستؤول الى السقوط والزوال لانها تتناقض ومتطلبات الشعب العربي في الحرية" مؤكدا على انها "ستنتقل الى بقية ارجاء العالم الاسلامي وسيكون لها تفرد على المستوى العالمي"، واعتبر سميح القاسم ان "ثورة الشباب اعطت ثمرتها الاولى بانتهاء الانقسام الموجع بين فصائل الشعب الفلسطيني" في اشارة الى اتفاق المصالحة الذي وقعته حركتا فتح وحماس اخيرا في القاهرة. بحسب فرانس برس.

واضاف ان "المسيرة لا تزال طويلة واذا لم تكن فلسطين، العمق التاريخي حرا وديمقراطيا فالصعوبات ستكون كثيرة"، وحول واقع المشهد الثقافي العربي قال سميح القاسم انه "غير معزول عن هذا الحراك" وطالب المبدعين "بالخروج حالا من الحالة المزرية التي تتسم بها الحياة الثقافية والقطع مع حالات الاحباط واليأس والمرارة والاستسلام والهوان " مشددا على اهمية الاستلهام من "ثقافة الثورة والحرية والامل والتفائل والتجديد والحداثة" التي "تقطع مع مخلفات الاستبداد والاستعمار الثقافي"، وحول ضرورة "القيام بثورة ثقافية" تواكب التغييرات على المستوى السياسي اوضح سميح القاسم "لا يمكن اختراع ثورة ثقافية فهي موجودة ومستمرة منذ زمن بعيد وشعاراتها واضحة لكن لا يمكن تحقيقها في ظل تفشي الامية وتدني مستوى التطور الصناعي وتراجع الزراعة"، واضاف "لا بد من الاستجابة لثورة الروح في الثقافة العربية من القدم الى يومنا هذا " مؤكدا انه سيكون "في مقدمة الفاعلين" في صورة وجود "مشاريع ثورة ثقافية" في المنطقة العربية، واختار "مهرجان ربيع سبيطلة" التونسية الذي انطلقت فعالياته في 20 ايار/مايو تكريم سميح القاسم في اطار احتفاء التظاهرة بمدينة القدس، وعبر الشاعر الفلسطيني الجمعة عن سعادته بالقدوم الى تونس ما بعد "ثورة الياسمين" التي اطاحت بنظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير، وقد ترجم فرحته تلك بالرقص حافي القدمين امام المارة ورواد المقاهي في جادة شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي، مركز الاحتجاجات التي انطلقت في 17 كانون الاول/ديسمبر الماضي في مدينة سيدي بوزيد بعد إقدام الشاب محمد البوعزيزي، العاطل عن العمل والذي منعته قوات الامن من العمل كبائع متجول اثر مصادرة العربة التي كان يعمل عليها، على الانتحار.

الربيع العربي يقلق الزعماء

الى ذلك قال الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف خلال زيارة لطشقند ان موجة الاحتجاجات التي تجتاح شمال افريقيا والشرق الاوسط قد تقوض الاستقرار في روسيا والدول المجاورة، وفي تصريحات اذاعها التلفزيون الروسي ابلغ ميدفيديف الزعيم الاوزبكستاني اسلام كريموف انه يأمل ان تتطور الاوضاع في المنطقة بشكل "واضح يمكننا التنبؤ به"، وقال "نرتبط بكثير من هذه الدول بكم كبير من الخيوط غير المرئية، ليس فقط علاقات اقتصادية وتجارية بل والعديد من الروابط الانسانية والثقافية، "وتابع "يمكن أن يكون الامر ايجابيا جد، لكنه قد يحمل طابعا مدمرا"، ويأتي تعليق ميدفيديف في اشارة على ما يبدو لضلوع مسلحين عرب في التمرد الاسلامي في شمال القوقاز في روسيا حيث تستمر القلاقل بعد عشرة اعوام من الاطاحة بالانفصاليين من السلطة في الشيشان، كما يخشى كريموف تمردا في وادي فرغانة المضطرب الواقع على الحدود بين اوزبكستان ودول اخري في اسيا الوسطى، وفي وقت لاحق كرر كريموف مخاوف ميدفيديف بشأن انتفاضات الربيع العربي. بحسب رويترز.

ونقلت وكالة الانباء الروسية ايتار تاس قوله "كل ما يتعلق بضمان الامن الاقليمي والاستقرار وبالتالي ما يحدث في شمال افريقيا والشرق الاوسط ينبغي ان يثير قلق روسيا واوزبكستان"، ولا يسمح كريموف بالمعارضة في الدولة التي يقطنها 28 مليون نسمة غالبيتهم من المسلمين، وتقول جماعات حقوقية ان الافا من السجناء السياسيين ملقون في سجون ينتشر فيها التعذيب، وفي مارس اذار حذرت جماعة ميموريال لحقوق الانسان في روسيا من ان الامر قد ينتهي بأن يقاتل كريموف الموجود في السلطة منذ الحقبة السوفيتية شعبه مثل الزعيم الليبي معمر القذافي، ويقول معارضو الحكومة الروسية انها قد تواجه احتجاجات ضخمة في الشوارع في السنوات المقبلة اذا لم تحسن من الديمقراطية وتطبق اصلاحات اقتصادية، ويقول معارضو الكرملين ان الديمقراطية والحقوق المدنية تراجعت في روسيا في العقد المنصرم.

يوم الجمعة

من جانب اخر وبالنسبة لمراد العزاني، كان يوم الجمعة هو يوم الراحة وأداء الصلاة، ولقاء الأقارب والأصدقاء فيما بعد، غير أن ربيع الثورات العربية قلب الموازين، وغير من مفهوم هذا اليوم.الثورة اليمنية اشتعلت في يناير/كانون الثاني الماضي، مستلهمة ما حدث في كل من مصر وتونس، ومنذ ذلك الوقت، كان ليوم الجمعة مذاق مختلف للعزاني وعشرات الآلاف من اليمنيين. المظاهرات بالصور،والعزاني، الذي يعمل أستاذا في جامعة صنعاء، لا زال يذهب للصلاة يوم الجمعة، ولكن بدلا من أدائها في المسجد، يؤديها العزاني في شوارع العاصمة صنعاء إلى جانب الناشطين والمتظاهرين المعارضين للحكومة، وبعد الصلاة، ينطلق المتظاهرون، رافعين أيديهم للأعلى، ملوحين بالأعلام اليمنية، هاتفين برحيل النظام ونشر الحريات، يقول العزاني "لقد تحول يوم الجمعة إلى حدث سياسي مهم، فصلاة الجمعة باتت وسيلة لإظهار القوة والنصرة لمطالب الثورة، ويجتمع الناس من كافة أنحاء صنعاء، للمشاركة في هذه المظاهرات"، وكجزء من الصلاة في يوم الجمعة، يستمع المصلون إلى خطبة الإمام، التي يناقش فيها قضايا اجتماعية وسياسية وتعليمية، إضافة بالطبع إلى الدينية، ويقول سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، "في الإسلام، المسجد ليس فقط مكانا لاجتماع المسلمين، ولكنه محفل يناقش فيه المصلون قضايا تهم المجتمع ككل، وليس بالضرورة أن تقام الصلاة في المسجد، بل يمكن إقامتها في الشارع ما دام هناك تجمع للمصلين، ووجود إمام ليؤم الصلاة، وهذا بالضبط ما حدث في ميدان التحرير بالقاهرة يوم 28 يناير، الذي عرف بجمعة الغضب، حيث أصبح ميدان التحرير مسجدا كبيرا في الهواء الطلق. بحسب السي ان ان.

وقال الدكتور شادي حميد، من مركز بروكينغز بالدوحة، والمتخصص في قضايا علم الاجتماع والاقتصاد في العالم الإسلامي، إن مظاهرات أيام الجمعة ليست بجديدة في الشرق الأوسط، فالجديد هو الكم الهائل من المشاركين في أكثر من دولة عربية، ووصف ما حدث في جمعة الغضب باللحظة الحاسمة، وأضاف حميد، "إن نجاح جمعة الغضب، واستخدام وسائل الإعلام الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر، أثبت للمصريين قوة استعمال يوم الجمعة في تنظيم المظاهرات"، وقال حميد "الصلاة هي أيضا رمز من رموز الاستعداد للقتال، فتجمع أعداد كبيرة من المصلين جنبا إلى جنب يقدم صورة قوية حولهم."وبالنظر إلى طبيعة يوم الجمعة في العالم الإسلامي، فاختياره يعد أمرا منطقي، إذ أنه يوم إجازة، ويمكن للناس الخروج في مظاهرات فيه، إذ يقول حميد "من المستحيل تنظيم المظاهرات يوميا، فذلك سيضعف المتظاهرين جسديا ونفسيا"، وقد مثلت الثورة المصرية نموذجا يمكن الاحتذاء به في الدول العربية الأخرى، ولأهمية هذا اليوم، تم تداول نكتة تقول إن العقيد معمر القذافي قرر محو هذا اليوم من أيام الأسبوع، وفي الوقت الذي يتفق فيه الكثيرون على أهمية مظاهرات الجمعة من الناحية الاجتماعية والثقافية والسياسية، لا زال الجانب الديني موضع خلاف، إذ يقول صادق، "معظم الذي تجمعوا في ميدان التحرير أيام الجمع هم من العلمانيين، المدنيين، الذين ينتمون للطبقة المتوسطة، غير أن حميد يؤكد أن الثورة في كل من مصر وتونس لم تكونا علمانيتين، ويؤكد أن الإسلام يعطي جميع الانتماءات القوة، لأن الناس يهتمون للدين، رغم أنه ليس بالضرورة عليهم أن يكشفوا عنه أمام الآخرين.ويعود العزاني ليؤكد أن طبيعة المسلمين بشكل عام تحتم عليهم عدم الفصل بين الدين والسياسة.

خارطة طريق للديمقراطية

بدورها أطلقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو" "خارطة طريق" ترمي إلى دعم عمليات التحوّل الديمقراطي في العالم العربي يمثل التعليم واحترام حقوق الإنسان محورها الرئيسي، وأفادت "اليونيسكو" انه جرى إعداد هذه الوثيقة خلال اجتماع طاولة مستديرة دولي نظمته "اليونسكو" في مقرها بباريس في 21 حزيران/ يونيو الحالي، وتحدد "خارطة الطريق" الشروط الأساسية للنجاح في بناء دول ديمقراطية، وإلى جانب التعليم وحقوق الإنسان، تركز الوثيقة على قضايا الحوكمة، والمؤسسات الديمقراطية والمواطنة والمشاركة الفعالة للنساء والشباب والتنمية الاجتماعية والاقتصادية وحرية التعبير، وأضافت ان المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا افتتحت اجتماع المائدة المستديرة بحضور الأمين العام للمنظمة الدولية للفرنكوفونية عبده ضيوف، ووزير الخارجية البلغاري نيكولاي ملادينوف والأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي وممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية ناصيف حتي، وحوالى 250 مشاركاً، بمن فيهم عدد من الخبراء والأكاديميين وكبار المسؤولين في المجتمع المدني المختصين في شؤون المنطقة العربية أو من أبنائه، وألقت المديرة العامة كلمة افتتاحية وصفت فيها الأحداث الأخيرة في الدول العربية بأنها ثورة ديمقراطية واجتماعية كبرى، مشددةً على الدور المهم لليونسكو في هذه المرحلة الانتقالية، وقالت المديرة العامة ان "الديمقراطية وحرية التعبير بحاجة إلى التعليم ومحو الأمية، ما يتيح لكل شخص الاطلاع على المعلومات والتعبير عن أفكاره والحصول على فرصة عمل". بحسب يونايتد برس.

وأضافت "يُفترض في الديمقراطية أن تتمتع الشعوب بالوسائل اللازمة لحماية تراثها وثقافتها من اللصوص الذين يستغلون البؤس ويطمسون الهويات، ولكي تتطور الديمقراطية، فإنها بحاجة إلى العدالة والمساواة بين المواطنين والحد من وطأة الفقر"، وتابعت "في هذا السياق الصعب، من الضروري أن يقدّم المجتمع الدولي كل دعم ممكن إلى المجتمعات التي تمر بعمليات التحوّل"، وشدد جميع المشاركين على ضرورة بذل كل الجهود اللازمة لتفادي تبسيط القضايا المعقدة خلال عملية التحوّل الديمقراطي، مضيفين أن التدابير المتخذة يجب أن تكون مستدامة من أجل التصدي للتحديات المتمثلة في إرساء الديمقراطية أو إحيائها أو حمايته، وجرى التأكيد على ضرورة إعطاء الأولوية لدور النساء والشباب بوصفهم جهات فاعلة رئيسية في الحياة السياسية، تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى ان اليونسكو بدأت بمجموعة من الأنشطة في تونس ومصر لتعزيز حريات وسائل الإعلام، وتزويد المهنيين العاملين في وسائل الإعلام بالمساعدة اللازمة للمرحلة التي تسبق الانتخابات، ويجري إعداد الأنشطة المضطلع بها في الكثير من البلدان العربية في إطار برنامج "اليونسكو" لإدارة التحولات الاجتماعية بغية تقليص الفجوة بين الواقع الاجتماعي والسياسات الحكومية عن طريق تعزيز بحوث التحولات الاجتماعية الإجرائية المنحى.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/تموز/2011 - 5/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م