قاعدة الظواهري... وإستراتيجية المعركة القادمة

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: بعد ان استلم ايمن الظواهري "نائب بن لادن" مقاليد الامور لاكبر تنظيم ارهابي سلفي متشدد "القاعدة" في العالم، تباينت ردود الافعال التقويمية والتحليلية للمعادلة القادمة للعنف القاعدي بقيادة الزعيم الجديد للتنظيم والحائز على شهادات عليا في الجراحة العامة وصاحب التأريخ الجهادي الطويل وابتداءً من الانتكاسات العربية على يد اسرائيل في زمن عبد الناصر والى السجون على خلفية اغتيال السادات ومحاربة السوفيت في افغانستان االى انضمامه الى بن لادن وتفجيرات نايروبي، وفي حين ان بعض المحلليين اشارو الى ان التنظيم يواجه ازمات حادة تمثلت في تحوله الى جماعات اقليمية صغيرة مبعثرة وغير منظمة ومن الصعوبة بمكان محاولة توحيدها من جديد، اشار اخرون الى امكانية القائد الجديد "والذي اعتبره التنظيم العقل المدبر للقاعدة" اعادة التوازن من جديد الى التنظيم، مع اتجاة ثالث لم يحدد وجه نضرة تجاة القيادة الجديدة الا بعد مضي فترة معقولة، ويبدو ان الايام القادمة بالتاكيد سوف تشهد تغيرات جديدة وسوف تحدد استراتيجية القاعدة الجديدة وتضع معادلة العنف السلفي للقاعدة على المحك.

الزعيم الجديد

فقد نشر موقع اسلامي مؤخراً بيانا منسوبا لتنظيم القاعدة يعلن فيه تولي أيمن الظواهري "مسؤولية امرة الجماعة" بعد مقتل مؤسسها وزعيمها أسامة بن لادن في خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع بعد سنوات طويلة كان فيها الظواهري هو الرجل الثاني في التنظيم، وفي وقت سابق من الشهر الماضي توعد الظواهري المصري الجنسية بالمضي في حملة القاعدة على الولايات المتحدة وحلفائه، ويعرف منذ وقت طويل أن الظواهري كان نائبا لابن لادن والعقل المدبر للكثير من عمليات القاعدة، وجاء في البيان الذي نشره موقع أنصار المجاهدين "ان القيادة العامة لجماعة قاعدة الجهاد وبعد استكمال التشاور تعلن تولي الشيخ الدكتور أبي محمد أيمن الظواهري وفقه الله مسؤولية امرة الجماعة"، وكان الظواهري الخليفة المرجح لابن لادن بعد مقتل الرجل المسؤول عن هجمات 11 من سبتمبر أيلول 2001 على نيويورك وواشنطن على أيدي قوات أمريكية خاصة في باكستان قبل شهرين، وقال وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس ان الظواهري لا يتمتع بالخصائص القيادية" وخبرة العمليات التي كانت يتسم بها ابن لادن، غير ان جيتس ومسؤولين امريكيين اخرين قالوا ان القاعدة ما زالت خطرا على الرغم من رحيل ابن لادن، وقال جيتس للصحفيين "يجب ان نتذكر، ان القاعدة تسعى الى المحافظة على استمراريتها وتسعى لايجاد من يخلف الذين قتلوا وما زالت ملتزمة بالمنهاج الذي وضعه ابن لادن"، واضاف قوله "ولذلك فانني اعتقد انه (الظواهري) يواجه بعض التحديات لكن الامر يعد تذكرة بأنهم ما زالوا هناك وييب علينا ان نواصل ملاحقتهم".

وفي وقت سابق قال مسؤول امريكي في مكافحة الارهاب ان الولايات المتحدة تعتقد ان الاعلان حقيقي لكن وزارة الخارجية هونت من مغزاه، وقالت المتحدثة باسم الوزارة فيكتوريا نولاند "بصراحة انه غير مهم"، ومكان الظواهري غير معلوم وان كان هناك اعتقاد بانه يختبيء في منطقة على الحدود بين افغانستان وباكستان، وتعرض الولايات المتحدة مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يدلي بأي معلومات تقود للقبض عليه أو ادانته، وقال الاميرال مايك مولين رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة ان الظواهري ما زال مدرجا على القائمة الامريكية للمتشددين المطلوبين.وقال مولين للصحفيين في واشنطن "انه ومنظمته ما زالوا يهددونن، وكما سعينا الى أسر ابن لادن وقتله ونجحنا في قتله فاننا سنفعل قطعا الشيء نفسه مع الظواهري"، وفي واشنطن قال مسؤول أمريكي كبير ان الظواهري سيواجه أوقاتا عصيبة في قيادة التنظيم مع تركيزه على سلامته الشخصية، وأضاف "لم يظهر قيادة قوية أو مهارات تنظيمية خلال نشاطة بالقاعدة، بخلاف الكثير من كبار مقاتلي القاعدة لا يملك الظواهري خبرة قتالية حقيقية لكنه اختار أن يكون جنرالا غير مقاتل له صورة ناعمة"، وقال ساجان جوهل من مؤسسة اسيا والمحيط الهادي للاستشارات الامنية ان الظواهري كان مسؤولا بشكل خاص عن القاعدة لسنوات لكنه يفتقر لحضور ابن لادن و"قدرته على توحيد الفصائل العربية المختلفة تحت مظلة التنظيم"، وقال فواز جرجس (وهو خبير في شؤون الشرق الاوسط في كلية لندن للاقتصاد) ان مقاتلي القاعدة في جنوب اسيا "مطاردون" وقادتها مختبئون ولن يستطيع الزعيم الجديد فعل الكثير لاعادة التنظيم الى سابق عهده، وبالنسبة لفروع القاعدة في أنحاء أخرى من العالم قال انها في قتال محلي شرس من أجل البقاء وغير قادرة على تنسيق جهودها مع التنظيم. بحسب رويترز.

وذكر هنري ويلكنسون بمؤسسة جانوسيان للاستشارات الامنية "تنظيم القاعدة لم يتمكن من شن هجوم بحجم هجمات 11 من سبتمبر ايلول 2001، قدراته تسير في منحنى هابط منذ ذلك الحين، الانجاز الرئيسي للقاعدة هو نجاحها في البقاء"، ويرى اخرون في الظواهري شخصية قادرة على فعل هذ، وقال عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي ومقرها لندن الذي أجرى مقابلة مع ابن لادن عام 1996 ان الظواهري كان "العقل المدبر لعمليات" القاعدة وكان يحظى بالاحترام لاسباب من بينها اختيار ابن لادن له نائب، وجاء في تعليق من مشارك في موقع اسلامي اخر على الانترنت "خير خلف لخير سلف، نسأل الله أن يوفقك وجنودك لنصرة الاسلام والمسلمين ورفع راية الدين"، ويعتقد أن الظواهري في أواخر الخمسينيات من العمر والتقى مع ابن لادن في منتصف الثمانينات عندما كان الاثنان في باكستان لدعم ميليشيات كانت تقاتل القوات السوفيتية في أفغانستان، والظواهري ابن لاسرة مصرية تنتمي للطبقة فوق المتوسطة في القاهرة، ودرس بكلية الطب بجامعة القاهرة وتأهل للعمل كطبيب، وفي تسجيل فيديو بث على الانترنت يوم الثامن من يونيو حزيران الماضي قال الظواهري ان القاعدة ستواصل القتال، وأضاف الظواهري "لقد مضى الشيخ رحمه الله الى ربه شهيدا كما نحسبه وعلينا أن نواصل العمل على طريق الجهاد لطرد الغزاة من ديار الاسلام وتطهيرها من الظلم والظالمين"، ووصف الظواهري الانتفاضات العربية بانها كارثة على واشنطن لانها ستطيح بالقادة العرب الفاسدين "عملاء أمريكا" على حد وصفه، وتعهد بالولاء للملا عمر زعيم حركة طالبان الافغانية ووصفه بانه "أمير المؤمنين"، وشعر مصريون بالازدراء عند سماع نبأ تولي الظواهري زعامة القاعدة.

ردود الافعال

الى ذلك قال هنري ويلكنسون بمؤسسة جانوسيان للاستشارات الامنية، ومن خلال التسائل التالي، هل سيغير "هذا التطور" التهديد؟، والتساؤل الرئيسي هو هل سيحاول تعزيز سلطته من خلال شن هجوم كبير؟، وربما نرى رسائل تأييد علنية له من فروع القاعدة والجماعات المنبثقة عنه، لكن أي تنظيم ارهابي يحتاج الى مواصلة شن هجمات لتستمر مصداقيته وتنظيم القاعدة لم يتمكن من شن هجوم بحجم هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001، كما ان قدراته تسير في منحنى هابط منذ ذلك الحين، والانجاز الرئيسي للقاعدة هو نجاحها في البقاء، من جهته قال كريم ثابت (34 عاما) وهو مصري ومدير شركة نفط وغاز، "لا توجد مفاجأة هن، كان الرجل الثاني المخلص دوم، بل ان الظواهري يبدو أكثر جنونا من اسامة بن لادن وسيرغب في ان يثبت ذاته من خلال شن هجمات في وقت قريب، اعمال قتل شيطانية اخرى باسم الاسلام، شيء مقزز"، كما اضاف جون جيه ليبو مسؤول العمليات السابق بوكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه)، يشتهر الظواهري بأنه شخص عنيد ومشاكس ولا يتمتع بشعبية في صفوف الجهاديين على مستوى العالم، وسيتولى رئاسة تنظيم تحور بدرجة كبيرة الى شبكات فضفاضة تتكون من وحدات شبه مستقلة تتخذ قراراتها وتخطط وتنفذ عملياتها بنفسه، وقد أدت الهجمات باستخدام طائرات بدون طيار التي تقوم بها وكالة المخابرات المركزية الى خفض كبير في عدد كوادر المقاتلين الذين لديهم خبرة في تنظيم القاعدة وبدون شك سيظل الظواهري يشعر بالقلق بشأن أمنه الخاص مما سيقلل أكثر من فاعليته، وهناك حاجة الى بعض الوقت لمعرفة ما اذا كان لديه قوة الشخصية والمهارات التنظيمية الضرورية لتجديد القاعدة وتغيير مقدراتها وتحسين احتياطياتها المالية، بدورها قالت سارة حسين وهي تعمل في منظمة مصرية لحقوق الانسان، سواء كان بن لادن أو الظواهري فان لهما أيديولوجية معينة يعملان من أجلها وهذا لا شأن له بجنسيتهم، لذلك أيا كان الذي سيتولى زعامة التنظيم فانه لن يؤثر علي هنا في مصر، واضاف كمران بخاري مدير مؤسسة ستراتفور لمنطقة الشرق الاوسط وجنوب اسيا التي تعني بأعمال المخابرات، لا اعتقد ان لهذا قدرا كبيرا من الاهمية، تنظيم القاعدة الرئيسي (مقارنة مع الجماعات المنبثقة عنه) تلقى ضربة، اسامة قتل منذ فترة قصيرة وقبل ذلك فان العديد من كبار قادته الميدانيين اما اعتقلوا أو قتلوا في هجمات بطائرات بدون طيار في باكستان، لذلك فان التنظيم الاصلي تم تهميشه ولذلك لا أعرف ما هو الفرق الذي سيحدثه تولي الظواهري. بحسب رويترز.

واضاف، وفيما يتعلق بما يحدث في العالم الاسلامي فان القاعدة تبدو ليست ذات صلة به خاصة العالم العربي، كل هذا بينما منذ هجمات 11 سبتمبر ايلول اصبح العالم يركز فعليا على القاعدة والجهاد كما لو كانت هي الشيء الذي يستحق التركيز، لكن في ضوء الاضطرابات العربية بات واضحا للغاية ان كل هذا يحدث في الوقت الذي يتحرك فيه العالم العربي والعالم الاسلامي الاكبر في اتجاه مختلف، واعتقد معظم المراقبين الغربيين ان الجهاد هو السمة التي تعرف الشرق الاوسط لكن الاضطرابات العربية هدمت بصفة اساسية هذا المفهوم، انني لا اعرف ان كان بالامكان وضع القاعدة كتنظيم مرة اخرى على الخارطة، أشك كثيرا في ذلك، وقال ساجان جوهل من مؤسسة اسيا والمحيط الهادي للاستشارات الامنية، المفاجأة الوحيدة هي لماذا استغرق تنظيم القاعدة وقت طويلا لاصدار هذه الرسالة، قد يكون السبب هو انهم لديهم قضايا داخلية داخل التنظيم وخاصة الفصائل المصرية والليبية، وقد يكون أيضا السبب قضايا عملية تتمثل في ان الظواهري يشعر بالقلق من ان الولايات المتحدة تراقب تحركات ناقلي الرسائل من القاعدة في باكستان بعد مقتل بن لادن، كان الظواهري يتولى فعليا قيادة التوجيه الاستراتيجي للقاعدة على مدى سنوات عديدة، وكان من الواضح انه يتم التشارو مع بن لادن بشأن السياسة وانه يعطي موافقته لكن من حيث الاتجاه سواء كان ضد مصر "العدو القريب" أو الولايات المتحدة "العدو البعيد" فان الامر كان متروكا للظواهري، من جهة اخرى اعلن القائد الاعلى للجيوش الاميركية المشتركة الاميرال مايكل مولن ان الولايات المتحدة ستسعى الى قتل الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة ايمن الظواهري كما قتلت سلفه اسامة بن لادن، واعتبر الاميرال مولن في مؤتمر صحافي ان الاعلان عن تعيين الرجل الثاني في القاعدة زعيما للتنظيم لم يكن "مفاجأة"، واضاف والى جانبه وزير الدفاع روبرت غيتس "هو وتنظيمه يواصلان تهديدنا، وكما سعينا الى اعتقال وقتل بن لادن وتوصلنا الى القيام بذلك، سنعمل بالتاكيد الامر نفسه مع الظواهري"، واعتبر غيتس ان الظواهري سيواجه "عددا من التحديات" لفرض سلطته على التنظيم لانه لا يملك الكاريزما نفسها التي كان يتمتع بها بن لادن الذي قتل في الثاني من ايار/مايو في غارة شنتها فرقة كوماندوس اميركية على مخبئه في باكستان.

من هو الظواهري؟

على صعيد اخر لم يخرج أيمن الظواهري المصري الذي تولى قيادة تنظيم القاعدة بعد اسامة بن لادن من احياء مصر الفقيرة المزدحمة ولم يتبن أفكاره المتشددة في اي كلية أو مدرسة دينية، بل نشأ في ضاحية المعادي الراقية حيث تنتشر الفيلات التي يفضلها الاجانب من الدول الغربية التي يهاجمه، ودرس بكلية الطب بجامعة القاهرة وتأهل للعمل كطبيب، وهو ابن استاذ جامعي بكلية الطب، ولم يكن وحده بين أبناء جيله حين غضب كثير من الشبان المتعلمين من المعاملة التي لقيها الاسلاميون في الستينات عندما اتجهت مصر نحو دولة الحزب الواحد على نمط الاتحاد السوفيتي السابق في عهد الرئيس الاشتراكي الراحل جمال عبد الناصر، وألقي بالاف الاشخاص الذين حامت حولهم شبهات التخريب في السجون بعد محاكمات صورية، ومن أبطال الظواهري حين كان شابا سيد قطب عضو الاخوان المسلمون الذي أعدم عام 1966 بتهمة محاولة قلب نظام الحكم، وقال خليل العناني الخبير في شؤون الحركات الاسلامية بجامعة ديرام البريطانية "الظواهري كان أحد الضحايا الكثيرين لنظام عبد الناصر الذي اتسم بمظالم سياسية عميقة واحساس بالعار لهزيمة مصر على يد اسرائيل في حرب عام 1967، وأصبح شخصا متشددا"، من جهته وفي تأبين بن لادن في الثامن من يونيو حزيران وعد الظواهري بمواصلة الهجمات على الغرب مكررا تهديد زعيم القاعدة الراحل السعودي المولد بأن الغرب لن يهنأ بالامن الى ان يعيشه المسلمون حقيقة والى ان يترك الغربيون اراضي المسلمين، ووصف الانتفاضات العربية هذا العام بأنها كارثة لواشنطن لانها كما قال ستزيح زعماء عربا وصفهم بأنهم "عملاء أمريكا الفاسدون"، كما تعهد بالولاء لزعيم طالبان الافغانية الملا عمر الذي وصفه بأنه "أمير المؤمنين"، وهذا التعهد الذي يكرر تعهدا لبن لادن في التسعينات يعتبره محللون محاولة لتأمين تحالف القاعدة مع طالبان التي استضافت التنظيم الذي يتزعمه عرب حتى وقوع الهجمات الامريكية على أفغانستان عام 2001 والتي أنهت حكم طالبان، وطالبت قوى غربية طالبان بأن تقطع كل علاقاتها بالقاعدة. بحسب رويترز.

ولد الظواهري في عام 1951 لعائلة قاهرية عريقة وكان جده شيخا للازهر، وأثناء الدراسة لنيل شهادة الماجستير في الجراحة في السبعينات كان الظواهري نشطا في حركة أصبحت في وقت لاحق الجهاد الاسلامي التي استهدفت الاطاحة بالحكومة واقامة دولة اسلامية متشددة، ويختلف الناس الذين يعرفون الظواهري بشأن ان كان توجهه جاء نتيجة لمزاج يشده نحو التشدد أم انه دفع اليه كاحتجاج على قمع الدولة للاسلاميين المصريين، ودفعت السياسية الامنية المصرية الصارمة التي كان القصد منها اضعاف الاسلاميين أفراد الامن الى انتهاج وسائل العنف بدرجة أكبر فيما تمرد الشبان الذين اعتقلوا في مداهمات لجهاز أمن الدولة على ما يرون انه معاملة ظالمة، وكان الظواهري ضمن مئات الذين قدموا للمحاكمة لصلتهم باغتيال الرئيس الراحل أنور السادات في عام 1981، وأمضى ثلاث سنوات في السجن لحيازة أسلحة بطريقة غير مشروعة لكن القضاء برأ ساحته في الاتهامات الكبرى، وقال محاميه نزار غراب ان الظواهري لم يحصل على فرصة ليشارك في العمل السياسي وانه عايش حقبة شهدت قمعا كبيرا للذين كان لديهم أفكار دينية وأرادوا "تغيير المشهد السياسي القمعي في عهد ناصر والسادات"، والاشخاص الذين درسوا مع الظواهري في كلية الطب بجامعة القاهرة في السبعينات يصفونه بأنه شاب مفعم بالحياة يذهب الى السينما ويستمع الى الموسيقى ويتبادل النكات مع الاصدقاء، وقال طبيب درس مع الظواهري وطلب عدم الافصاح عن اسمه "عندما خرج من السجن كان شخصا مختلفا تماما"، ويقول اخرون ان ما دفع الظواهري نحو العنف السياسي كان الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 ومعاهدة السلام التي أبرمها السادات مع اسرائيل في نفس العام، وقال العناني "طرأ تغير على فكره، لم ير أمثال الظواهري سبيلا لتحقيق أهدافهم سوى تغيير النظام بالقوة"، وقال عبد الرحمن الظواهري (26 عاما) ابن شقيق أيمن الظواهري والذي يعمل محاسبا انه لا يعتقد ان السنوات التي امضاها عمه في السجن او ما تعرض له من تعذيب هو ما دفعه لاختيار المسار الذي سلكه ووصفه بأنه مفكر لديه فكر وايديولوجية.

وبعد الافراج عنه سافر الى باكستان حيث عمل مع الهلال الاحمر في علاج المجاهدين الاسلاميين الذين أصيبوا في أفغانستان خلال الغزو السوفيتي عام 1979، وقال محفوظ عزام خال أيمن الظاهري "في طفولته وفي شبابه كان دائما بشوشا ضاحك، السنوات التي عاشها على الحدود وقت الحرب الافغانية غيرت وجهة نظره بالنسبة للمقاومة وكيفية التغيير السياسي"، وتولى الظواهري قيادة تنظيم الجهاد في مصر عام 1993 وأضحى وجها بارزا في حملة العنف في منتصف التسعينات لاقامة دولة اسلامية وهي الحملة التي قتل فيها أكثر من 1200 مصري، وفي عام 1999 أصدرت محكمة عسكرية حكما غيابيا بالاعدام على الظواهري، وفي ذلك الحين كان الظواهري قد ترك الضاحية الراقية التي نشأ فيها وعاش حياة المجاهدين الخشنة، وقال جون برينان مستشار الرئيس الامريكي باراك اوباما لمكافحة الارهاب انه يعتقد ان الظواهري يقيم في باكستان أو أفغانستان وان مطاردته لا زالت مستمرة، وقال حارس عقار في الشارع الذي يقيم فيه شقيق الظواهري بحي المعادي ان عائلة الظواهري تمتلك فندقا في الضاحية وانها اسرة معروفة ومحل احترام، ويعمل عدد كبير من المغتربين الامريكيين في شركات نفط أمريكية أو في السفارة الامريكية، وهي أكبر بعثة أمريكية من حيث عدد العاملين الدائمين وشاهد على العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة وبرنامج المساعدات العسكرية السنوي البالغ حجمه 1.3 مليار دولار والذي كان أحد نتائج اتفاق السلام مع اسرائيل، ووقع السادات اتفاق السلام ودعمه خليفته حسني مبارك خلال السنوات الثلاثين التي أمضاها في السلطة والتي انتهت يوم 11 فبراير شباط بانتفاضة شعبية، ولم تظهر القاعدة التي هاجمت بعنف الحكام العرب الشموليين المدعومين من الغرب في تلك الاحتجاجات وانما قاد الاحتجاجات شبان غالبيتهم ذو اتجاهات علمانية استخدموا موقعي تويتر وفيسبوك لحشد المتظاهرين، وكانت شقيقة الظواهري ضمن الذين احتشدوا في ميدان التحرير بوسط القاهرة، وقال العناني المحلل بجامعة ديرام البريطانية "الثورات السلمية في العالم العربي هزيمة هائلة للقاعدة وأفكارها".

مجموعات اقليمية

في سياق متصل فقد اكد وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس ان تنظيم القاعدة اصيب بضعف كبير وانه قد ينقسم الى مجموعات اقليمية مختلفة بعد ان قتل زعيمه اسامة بن لادن، وقال غيتس "الامر الاول انهم اصيبوا بضعف كبير جدا"، مضيفا ان بن لادن لم يكن الزعيم الوحيد للتنظيم الذي قتل اخير، واضاف "لقد قتلنا عددا كبيرا منهم وخصوصا خلال السنتين الاخيرتين"، يذكر ان تنظيم القاعدة قد اعلن مؤخراً تعيين ايمن الظواهري، الرجل الثاني في التنظيم، خلفا لاسامة بن لادن الذي قتل في الثاني من ايار/مايو بيد فريق كوماندوس اميركي في باكستان، واضاف غيتس "السؤال هو معرفة ما اذا كان الظواهري الزعيم الجديد الذي حل محل بن لادن، قادرا على الابقاء على هذه المجموعات منضوية ضمن حركة موحدة، او ما اذا كانت (القاعدة) ستبدأ بالانقسام، وسيصبحون قبل اي شيء مجموعات ارهابية اقليمية مع اهداف اقليمية، هذا لا نعرفه حاليا"، اكد وزير الدفاع الاميركي ان الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة سيواجه "عددا من التحديات" لفرض سلطته على التنظيم، معتبرا انه لا يتمتع بكاريزما بن لادن. بحسب فرانس برس.

وعلى غرار مؤسس التنظيم اسامة بن لادن، اختبأ الظواهري (59 عاما) بعد اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 وشوهد لاخر مرة بعد شهر منها، في تشرين الاول/اكتوبر 2001، على الحدود الافغانية الباكستانية، وسيترك غيتس (67 عاما) منصبه بعد اربعة اعوام ونصف عام امضاها في البنتاغون، وسيخلفه مدير الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) ليون بانيتا الذي سيصبح في الثالثة والسبعين قريب، من جهة اخرى، وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فان ضربات الطائرات من دون طيار والعمليات السرية ضد القاعدة في افغانستان اضعفت التنظيم وقد تبرر انسحابا سريعا من هذا البلد، وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين اميركيين كبار، ان 20 من اصل 30 مسؤولا كبيرا في التنظيم المتطرف في المنطقة قتلوا خلال العام الماضي.

اختبار العلاقات

من جهة اخرى اهتمت غالبية الصحف البريطانية بإعلان تنظيم القاعدة اختيار أيمن الظواهري زعيما له، لكن رغم ذلك ظلت قضايا الربيع العربي حاضرة بقوة على صفحات الأخبار والتحليلات السياسية، حيث نشرت صحيفة الغارديان تقريرا عن إعلان تنظيم القاعدة اختيار أيمن الظواهري زعيما جديدا له، واختارت الصحيفة لتقريرها، الذي توسطته صورة للظواهري وهو يجلس بجوار الزعيم السابق للتنظيم أسامة بن لادن، عنوان القاعدة تسمي المصري العقل المدبر لتفجيرات نيروبي خليفة لبن لادن يقول التقرير، الذي أعده ديكلان ويلش من إسلام أباد، إن تنظيم القاعدة قد تحرك لإعادة فرض سلطته، وذلك بتعيين أيمن الظاهري خليفة لبن لادن، ويصف التقرير الظواهري بأنه العقل المدبر الذي أقسم على الانتقام لمقتل أسامة بن لادن بهجوم شامل على شاكلة الحادي عشر من سبتمبر، ويذكر التقرير بأن تعيين الظواهري أعلن من قبل المجلس الحاكم للقاعدة عبر شبكة الانترنت، وذلك بعد قيام القوات الأمريكية الخاصة بتصفية بن لادن، ويرى الكاتب ان السؤال الكبير هو إذا ما كان الظواهري الذي يعتبر أقل جاذبية من سلفه السعودي في إشارة إلى بن لادن، يستطيع أن يوحد فصائل القاعدة عبر جنوب آسيا والشرق الأوسط بينما يظل بعيدا عن أيدي مطارديه، ويشير الكاتب هنا إلى أن هدف القاعدة المتمثل في إنشاء خلافة إسلامية تمتد عبر العالم الإسلامي قد تقلص إلى جيب من المناطق الصغيرة التي ينعدم فيها القانون وتسيطر عليها فصائل متفرقة، ويضيف التقرير أن اليمن تعد الآن أكثر اقسام القاعدة قوة، تليها الصومال ربما، لكن يظل التنظيم متمركزا عبر الحدود الباكستانية الافغانية الجبلية، ويرى الكاتب أن الظواهري لبس عباءة القائد حتى قبل تعيينه زعيما للتنظيم، مشيرا إلى أنه تبنى أسلوبا يهدف إلى توحيد الفصائل المختلفة داخل القاعدة، أما صحيفة الدايلي تيليغراف، فقد نقلت عن خبير في مجال مكافحة الإرهاب أن الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة يمكن أن يشن هجوما كبيرا على الغرب في محاولة لتعزيز سلطته، ويقول ماغنوس رانيستورب محلل شؤون الإرهاب في كلية الدفاع السويدية الملكية، حسب الصحيفة، إن الظواهري لا يمتلك نفس مواصفات بن لادن، مضيفا أنه من أجل ذلك سيركز على مهاجمة الغرب بصورة كبيرة، ويرى رانيستورب أن هذا الهجوم سيكون من أجل الانتقام لبن لادن ولتعزيز مكانته الظواهري أيضا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5/تموز/2011 - 3/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م