الحوار الوطني البحريني إلى أين؟

ياسر محمد

بعد انتهاء اللقاء الأول من جلسات الحوار الوطني في البحرين، بدأت تظهر للعيان ملاحظات حول مدى جدية الحوار وفاعلية التوصيات المرفوعة لملك البلاد. كانت مشاركة جمعية الوفاق الوطني كبرى الحركات الشيعية المعارضة خطوة قوبلت بتحفظ وامتعاض من قبل الحركات الوطنية البحرينية والشارع البحرين الذي بدا منقسماً في رأيه من دخول الوفاق للحوار من دون تهيئة الأرضية الملائمة ومشاركة رموز بقية الحركات.

 فكانت جمعية العمل الإسلامي (أمل) أعلنت تعليقها قبول دعوة الحوار لعدم معرفة موقف أمينها العام المعتقل الشيخ محمد علي المحفوظ في دخول الحوار من عدمه.

بدت أجواء محادثات اليوم الأول غير مريحة بالنسبة لجمعية الوفاق التي أعلنت قبل يوم واحد منه أنها ستشارك في جلسات الحوار الوطني ملوحة بالانسحاب منه ما لم يحقق الحوار نتائجه المرجوة ومن أبرزها حكومة وبرلمان منتخبين.

ويبدو أن الحوار الوطني ولد بمعاناة واضحة تعطي مؤشراً كبيراً على تعثره في المستقبل القريب ما لم يتدارك مؤسسوه النقاط مثار الجدل.

وقد بدا ذلك جلياً بعد وصف نائب رئيس مجلس النواب المستقيل وممثل جمعية الوفاق في الحوار النائب خليل مرزوق بأن الجلسة الأولى للحوار لا تلامس العقد الاجتماعي ولا ترقى إلى أن تكون حوارا حقيقيا أو جاداً.. وأن الشخصيات والمؤسسات التي تم اختيارها لا تمثل الشعب ولا تمثل أفراد وإنما تمثل أفكار.

ربما توالت تصريحات الوفاقيون واتفقت في عدم تقبلها لما جاء في الجلسة الأولى منه وهو مؤشر يرى منه المتابعون أنه قد يكون موقف استباقي للانسحاب من جلسات الحوار إن استمرت بكيفيتها الحالية خاصة وأن خيار الانسحاب كان معلناً منذ البداية ولن يكون مستغرباً إن حدث.

وقد تعرض الأمين العام للجمعية الشيخ علي سلمان في اتصاله الهاتفي مع قناة الجزيرة السبت 2 يوليو إلى أجندة الحوار التي أوضح أنها وضعت بعيداً عن أراء ووجهة المعارضة وبشكل مفرد وغابت عنها عناوين رئيسية في ظل مشاركة 45 شخصية معارضة قبالة 255 من شخصيات الموالاة.

 كما كان لغياب المشكلة الأمنية وقضايا التعذيب من أجندة الحوار نقطة توقف من قبل نائب الوفاق المستقيل السيد هادي الموسوي في الوقت الذي أعلن فيه ملك البحرين وخلال ترأسه للجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء الأربعاء 29 يونيو بتشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق للتحقيق فيما حدث في فبراير ومارس وتقييم الأحداث كما وقعت على أرض الواقع.

أوكلت مهمة اللجنة للمستشار القانوني المصري الدكتور محمد بسيوني وذلك بعد القيام بالعديد من الاستشارات ومن بينها مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة وفقاً لقول الملك في كلمته بالمجلس.

ربما كانت الحكومة تهدف من هذه اللجنة تهيئة نسبة من أرضية الحوار أردفتها بإطلاق عشرات السجناء قبيل حوار يوم السبت 2 يوليو بساعات قليلة، إلا أن هناك توجس من مدى نجاح اللجنة في استقصاء الحقائق كاملة خاصة وأن مهمتها التحقيق في أحداث شهرين فقط، يزيد من ذلك التوجس تصريح الدكتور بسيوني بأن لا أحد يضمن نجاح اللجنة وتحفظه الحديث عن الجانب السياسي الذي آثر الابتعاد عنه في بداية التحقيق حتى يصل إلى فهم الموضوع والدلائل المتعلقة بعمله لكنه أوضح انه عرض على الملك إعادة المفصولين من الطلبة والموظفين فقبل ذلك.

يبدو –والله العالم- أن قرار الدخول في الحوار جاء من باب تفويت الفرصة على الانتهازيين والفئويين الذي يشيعون بأن ممثلي الشارع البحريني يرفضون الحوار ويقطعون الطريق أمام أي محاولات إصلاحية من جانب الدولة وهي خطوة ينبغي احترامها سواء وصلت لنتائج أم لم تصل، فلكل أسلوبه الخاص في العمل ولكنهم في النهاية يجتمعون من أجل هدف واحد هو بناء الوطن.

تظل جميع الاحتمالات مفتوحة أمام الحوار ونتائجه وتظل النتائج غير ملزمة لأي طيف من أطياف الشعب ما لم يتوافق عليها وما لم يعتبر أن من دخل الحوار ممثلاً عنه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 4/تموز/2011 - 2/شعبان/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م