هل العرب هم هكذا؟

توفيق أبو شومر

أتابعُ ما يقوله الآخرون عن العرب، من منطلق رؤية النفس في مرايا عديدة من كل الزوايا، لأن المرآة الوحيدة في غرفة نوم العرب، هي الوحيدة التي يرى فيها العربُ أنفسهم، وهذه المرآة ستظل تعكس صورة العربي كما يرغب فيها العربيُ، وكما يودُّ أن يراها الآخرون!

فقد قرأتُ مختصرا لكتاب جديد ألفه كاتبٌ ياباني عاش في العالم العربي وعرف العرب عن تجربة،اسمه نوبواكي نوتوهارا بعنوان العرب من وجهة نظر يابانية ترجمته للعربية السيدة/منى فياض ومما جاء فيه:

- إن علامات الكآبة على وجوه العرب وصمتَهم دليلٌ على غياب العدالة الاجتماعية، كما أن العرب يُرددون تعبير الديمقراطية، غير أنهم يمارسون عكس مدلولها!

- العرب أيضا يتشابهون، ليس فقط في ألبستهم، بل في آرائهم، ولا وجود للفكر المستقل، والعرب يستقون أفكارهم في الغالب من خارجهم، بينما يتعامل اليابانيون مع الوقائع والحقائق الجديدة، ويشكلون تيارا مؤثرا في حياة الناس، فالمشاعر عند اليابانيين مسألة شخصية لا تصنع المستقبل، وقد أدرك اليابانيون كيف يستفيدون من صدام حضارتين وثقافتين، فيوسف إدريس الذي عاش في اليابان أدرك بأن سر تقدم اليابان يكمن في شعور اليابانيين بالمسؤولية، النابعة من الداخل!

- العرب لا يكترثون بسجنائهم السياسيين، ممن ضحوا من أجل الوطن، ويتعامل الناس مع هذه القضية، بصفتها قضية تخص ذويهم فقط!!

- يعتبر العربُ أنفسهم من أنظف الناس، فهم يتوضؤون خمس مرات، على الرغم من أنهم يتركون القمامة في الشوارع، فقد زار الكاتب بيت صديق عربي فاخر، ولكنه يقع في منطقة قذرة!!

- لا احترام عند العرب للملكيات العامة، فهم يوسخون الحدائق ويخربون الممتلكات العامة، كانتقام من السلطة القمعية الحاكمة!!

- وقد لاحظ الكاتب احتقار الموظفين المتغطرسين للجمهور، الذين يعانون من البيروقراطية لإنجاز معاملاتهم، إلا إذا كان للمواطن العربي واسطة!!

- شيوع الغش فقد تعرَّض الكاتب لسرقة موظفة بنك، وهو يقوم باستبدال العملة التي يحملها بالعملة المحلية، على الرغم من أن الموظفة كانت تبتسم له، كما أن موظفا طلب منه مبلغا من المال، فظنّ الكاتب بأن المبلغ ضريبة، فأعطاه، ثم جاء موظفٌ آخر وعنَّف الموظف الأول على ابتزازه للكاتب، إلا أنه لم يأمره بإرجاع النقود، فتركه بدون عقاب، وقد عرض عليه موظف عربي آخر أن يشتري قطعة أثرية، والكاتب لم يصدق كيف يخون موظف شرفه وتاريخه، ببيع آثار بلاده!!

- كما أن الحاكم العربي يخاطب أبناء شعبه( أبنائي وبناتي) مما يمنحه سلطه أبويه ودينية تجعله إلها صغيرا!

- أما عن التربية، فالآباء يتركون أبناءهم في الشارع بلا رقابة الأهل!

- ومن الشائع استخدام الضرب في التربية في المدارس!!

ما أسهل أن نشنَّ حملة شعواء على هذا الكاتب وأمثاله، ممن (يُشوِّهون) صورتنا العربية الأصيلة العريقة الماجدة التليدة!!

 وما أكثر ما تنتفض فينا جينتنا العربية، حين ينتقدُنا منتَقِدٌ، فنعتبر ما أورده الكاتب، تجنيا على الإباء العربي والكرم، ونعُدُّ نقدَهُ السالف واقعا ضمن التشويه المتعمد للتقاليد والعادات ونعتبرُ النقد اعتداءً على موروثنا التاريخي الأصيل، الذي يُلخصه مصطلح: إباء الضيم والشمم والشموخ العربي، وقد يصل بنا الحال إلى أن نعُدَّ الناقدين، من فئة الجواسيس والعملاء، ممن يسعون لتقويض المجتمع العربي الخالد!!

 ولكن.... ليس من الصعب على كل أمة تُريد أن تتحول من أمة الجمود والتردي، إلى أمة المستقبل والتصدي، أن تجعل الصور السلبية السابقة التي أوردها الكاتب إشارات حمراء ونماذجَ سلبية ندرسها ونحدد ملامحها،تمهيدا لمحوها من صور نقائصنا، وذلك بوضع الأسس التربوية والثقافية الكفيلة بمحو تلك الصور السلبية التي عرضها الكاتب والتقط صورها من واقعنا العربي.

 وما الثورات التي تجري في عالمنا العربي سوى انتفاضة على هذه النقائص، التي تشد العرب من شعرهم، وتجرجرهم إلى الخلف، وتمنعهم من النظر إلى الأمام !!

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/حزيران/2011 - 27/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م