الاحتجاجات السورية وخفايا الأجندة الإقليمية

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: ساهمت السعودية بشكل مقطع النظير في تأجيج الصراعات الدامية التي اجتاحت مطالب الإصلاح في سوريا، بشكل اخرج مسار الاحتجاجات السلمية عن مسارها القويم، بعد ان قامت بدعم المجاميع السلفية المسلحة والجهات المتطرفة معنويا وماديا بحسب بعض المراقبين.

ويشير المحللون للشؤون السياسية في المنطقة الى رغبة سعودية في ضرب ايران عن طريق حليفها الاستراتجي في دمشق، خصوصا بعد خسارتها لأقرب حلفائها مؤخرا في مصر، الى جانب رد ما تعتبره الصفعة الإيرانية في البحرين، التي يتهم نظام آل خليفة إيران بالتدخل وإشعال الثورة هناك.

ونشطت الجماعات السلفية والوهابية المدعومة من بعض الأنظمة الخليجية مؤخرا في سوريا، مما افشل جهود بعض الجماعات المحلية المناوئة لحكومة الأسد، الساعية الى التغيير الشامل، بعد ان اتفقت قوى المعارضة على تجنيب البلاد فوضى الصراعات والتدخلات الخارجية، خشية من تكرار السيناريو الليبي.

الجماعات السلفية

فقد صحيفة صندي تايمز أن متطرفين اسلاميين مسلحين شنوا هجمات ضد القوات الحكومية في سوريا ،مما اثار مخاوف من وقوع تمرد اسلامي ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وقالت الصحيفة "إن اسلاميين مدججين بالسلاح فتحوا نيران أسلحتهم على قوات الأمن السورية في ما لا يقل عن أربع مدن انتقاماً لمقتل متظاهرين سلميين، وقتلوا أربعة من رجال الشرطة في بلدة معرة النعمان الواقعة شمال غرب سوريا في هجوم شنوه على مركز عسكري بالرشاشات وراجمات القنابل".

واضافت الصحيفة أن المعارضة السورية تصر على أن معظم المتظاهرين غير مسلحين وليس لديهم أي ولاء للجماعات الاسلامية، لكنها مراسلتها في سوريا "شاهدت متشددين ملتحين بين صفوف المتظاهرين وهم يسخرون من الجنود السوريين في معرة النعمان".

وتابعت الصحيفة "أن رجال دين متطرفين في السعودية دعوا إلى الجهاد ضد النظام السوري، وهناك مؤشرات متزايدة على أن أسلحة يتم تهريبها إلى داخل سوريا عن طريق العراق ولبنان وتركيا".

وقالت صندي تايمز "إن جهاديين مسلحين اخترقوا الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في معرة النعمان لاستفزاز الجيش على الدخول في معارك دامية، واعتقد شيوخ القبائل الذين قادوا احدى التظاهرات في بداية الأمر أن هؤلاء الرجال تسلحوا للدفاع عن أنفسهم في حال اندلاع اطلاق النار، ولكن عندما رأوا المزيد من الأسلحة مثل البنادق وقاذفات القنابل الصاروخية بحوزة رجال ملتحين في سيارات وشاحنات صغيرة لا تحمل لوحات تسجيل، ادركوا أن المتاعب تنتظرهم".

واضاف الصحيفة "أن أعمال العنف اندلعت مع اقتراب المتظاهرين من ثكنة عسكرية تحصن داخلها رجال الأمن والشرطة، وتفرق المتظاهرون بعد سماع دوي الطلقات الأولى، وهرب بعض رجال الشرطة من الثكنة عبر مخرج خلفي في حين طوّق المسلحون من بقي داخلها، وتم ارسال مروحية عسكرية لانقاذهم، لكنها اشتبكت مع المسلحين لأكثر من ساعة".

ونسبت إلى زعيم قبلي قوله "إن المروحية استخدمت معظم ذخيرتها للتخفيف عن رجال الشرطة المحاصرين في المبنى، وقام المسلحون باقتحام الجزء الأمامي من المبنى واعقب ذلك تبادل كثيف لاطلاق النار أدلى إلى مقتل أربعة من رجال الشرطة ومقتل أو إصابة 12 مسلحاً واصابة 12 شرطياً آخرين بجروح، وقام المسلحون بنهب المبنى واضرام النار فيه وفي محكمة مجاورة ومركز للشرطة".

واضاف الزعيم القبلي "أن رجال الشرطة الذي نجوا من الهجوم في العاشر من حزيران/يونيو الجاري اختبأوا في منازل عائلات كانت تتظاهر في وقت سابق، وقام هو وأبناؤه وأولاد أخيه باقتياد 25 شرطياً إلى بر الأمان".

وذكرت الصحيفة أن ناشطين "ابدوا قلقهم من أن المسلحين، بما فيهم بعض الجهاديين، يمكن أن يقسموا المعارضة ويقدموا الذريعة لقوات الأمن السورية لمواصلة اطلاق النار على المتظاهرين"، مشيرة إلى أن وجود مسلحين متطرفين "لم يأت من خلال مصادر في الحكومة السورية بل من شخصيات من المعارضة وأدلة ملموسة حصلت عليها مراسلتها في سوريا".

وقالت إن خطر انتشار التطرف الاسلامي في سوريا "يقلق الذين شاهدوا المسلحين وأشرطة فيديو عن قيام المسلحين بذبح أفرد من قوات الأمن السورية وتشويه أجسادهم، ويعتقد بعض المحللين في سوريا أن كراهية المتطرفين السنة للعلويين والمسيحيين يمكن أن يقسّم في نهاية المطاف البلاد على أسس دينية، مما يثير شبح نشوب حرب أهلية شبيهة بالحرب التي دمّرت لبنان". بحسب يونايتد برس.

وكان معارض سوري طلب عدم الكشف عن هويته ابلغ يونايتد برس انترناشونال قبل نحو اسبوعين "أن متطرفين مسلحين مجهزين بأعتدة عسكرية حديثة، من بينها صواريخ مضادة للدبابات وأسلحة فردية قادرة على اختراق السترات الواقية من الرصاص، انتشروا بشكل مركز في جبل الزاوية ومعرة النعمان وأريحا بمحافظة إدلب وفي قرى على الحدود السورية ـ التركية".

وتقول منظمات حقوقية أن عدد القتلى في سوريا منذ منتصف آذار الماضي تجاوز 1330 شخص خلال الاحتجاجات ، فيما تتهم السلطات السورية مجموعات مسلحة مدعومة من الخارج بإطلاق النار على المتظاهرين وقوات الأمن، كما اتهمت "عصابات مسلحة " بقتل 123 فرداً من القوى الحكومية في مدينة جسر الشغور.

دعوات سعودية للجهاد

وتلفت الصحيفة أيضا إلى أن رجال دين متطرِّفين في السعودية دعوا إلى الجهاد ضد النظام السوري، فهنالك ثمَّة إشارات متزايدة على أن هنالك أسلحة تُهرَّب إلى داخل البلاد من العراق ولبنان وتركيا.

وتردف المراسلة قائلة: لقد رأوا المزيد من الأسلحة: بنادق ومنصَّات إطلاق صواريخ يشغِّلها رجال بلحى كثيفة ويستقلون سياراتهم، وقد حمَّلوا الأسلحة على متن عربات نقل خفيفة (بيك أب) لا تحمل لوحات تسجيل عندئذ علموا (أي وجوه العشائر) أن المشاكل باتت تنتظرهم .

تقول المراسلة إنها وصلت إلى العاصمة السورية دمشق، حيث كانت أوَّل صحفية غربية تدخل سورية بمعرفة السلطات الرسمية السورية منذ بدء الاحتجاجات في الخامس عشر من شهر مارس/آذار الماضي.

وتضيف: لقد وعدني كبار المسؤولين أنه بإمكاني التحرُّك وإرسال تقاريري بحريَّة. ولكي أختبر مثل تلك الوعود، تحدَّثت فعلا إلى شخصيات من المعارضة وإلى نشطاء، بالإضافة إلى أعضاء في الحكومة .

وتردف قائلة: لقد وجدت بلدا يتحلَّى شعبها النابض بالحياة بتصميم متزايد على ضمان إجراء التغيير، وبدا أن قادتهم غير متأكدين من كيفية الاستجابة لمطالبهم .

وترفق الصحيفة التحقيق بصور أربع: متظاهر يرشق دبابة بالحجارة، وآخرون يحملون زميلهم المصاب ويهرعون لإسعافه بعيدا، ومجموعة أخرى من المحتجين الذين تبدو عليهم علامات التحدِّي الواضح للسلطة، وأخيرا الرئيس الأسد وعقيلته أسماء، وقد راحا يلوِّحان بيديهما ويبتسمان، وتحت الصورة تعليق يقول: مصمِّم على البقاء في السلطة .

تحول سلمي نحو نظام ديمقراطي

من جهتهم دعا معارضون سوريون الى قيام "نظام ديمقراطي" في سوريا لدى افتتاح اجتماع لهم هو الاول من نوعه في دمشق لبحث سبل الخروج من الازمة التي تهز البلاد منذ اكثر من ثلاثة اشهر.

وقال المعارض منذر خدام الذي تراس الاجتماع في كلمة له امام الحضور "يرتسم طريقان: مسار واضح غير قابل للتفاوض نحو تحول سلمي آمن لنظامنا السياسي، نحو نظام ديموقراطي وفي ذلك انقاذ لشعبنا ولبلدنا، واما مسار نحو المجهول وفيه خراب ودمار للجميع". واضاف "نحن كجزء من هذا الشعب حسمنا خيارنا بان نسير مع شعبنا في الطريق الاول ومن لا يريد ان يسير معنا فليسلك طريقه الى الجحيم".

وحذر المعارض السوري ميشال كيلو خلال افتتاح الاجتماع من ان الحل الامني للازمة "يؤدي الى تدمير سوريا". وقال ميشال كيلو خلال الاجتماع ان "الحل الامني يؤدي الى تدمير سوريا" مضيفا "يجب ايقاف الحل الامني الذي يعبر عن عقلية ستاخذ البلد الى ازمة لن تخرج منها".

واضاف "الازمة تواجه بالعقل والتدابير والقوانين، الازمة في سوريا ازمة طويلة وعميقة ولا تحل بالامن والقمع لانها ليست ذات طبيعة امنية".

وقال المحامي والحقوقي انور البني انها المرة الاولى منذ بداية الحركة الاحتجاجية التي يجتمع فيها معارضون علنا في دمشق، مشيرا الى ان الاجتماع "لن يشمل احزاب المعارضة".

واعلن ناشط حقوقي ان 400 طالب تم اعتقالهم اثناء حملة قامت بها القوات الامنية في مدينة حلب الجامعية، احيلوا الى القضاء بتهمة الشغب و"تحقير رئيس الدولة".

وافاد رئيس اللجنة الكردية لحقوق الانسان رديف مصطفى احالة 400 طالب ممن قامت الاجهزة الامنية في حلب باعتقالهم ضمن حملة امنية شنتها على مدينة حلب الجامعية وبخاصة مساء الخميس". ولفت الى ان "قاضي التحقيق امر باخلاء سبيل 17 طالبا منهم ليحاكموا طليقين".

واشار رئيس اللجنة الى ان "احالة الطلاب كانت بتهمة تظاهرات الشغب ومخالفة قانون التظاهر وتحقير رئيس الدولة واطلاق شعارات تؤثر على امن والسلامة الوطنية". وطالب مصطفى "باطلاق سراح الجميع فورا" مضيفا "ان هؤلاء الطلاب الذين حرموا من الامتحانات اعتقلوا بشكل تعسفي ومارسوا حقهم الدستوري بالتظاهر".

واشنطن تؤكد اهميته

من جهتها رحبت الولايات المتحدة بالاجتماع العلني الذي عقدته بعض قوى المعارضة السورية في دمشق ووصفته بأنه خطوة جديرة بالاهتمام. لكن المتحدث باسم البيت الأبيض شدد على ضرورة وقف العنف في البلاد. وقال المتحدث جاي كارني إن الاجتماع قد يفقد زخمه بسبب التدخل الحكومي واستمرار ما وصفه بالهجمات الدموية على المتظاهرين .

كما اكدت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند أن العديد من المعارضين على اتصال بالسفارة الأمريكية في سورية.

وادان البيان ما وصفه بـ التحريض الطائفي واي ممارسات تشجع على التدخل الاجنبي , معتبرا ان العملية الامنية الجارية في سوريا هي التي تستدعي التدخل الاجنبي .

واتفق المجتمعون على عقد لقاءات مماثلة في المحافظات السورية, مؤكدين أن المشاركين في الاجتماع ليسوا بديلا لاي تنظيم معارض , في اشارة الى معارضين سوريين في الخارج رفضوا حضور الاجتماع واتهموا المشاركين فيه بانهم مسيرون من النظام .

وافتتح الاجتماع في فندق سميراميس بكلمة للناشط ومنظم الاجتماع لؤي حسين أشار فيها إلى أن الاجتماع هو الأول الذي يعقد منذ عقود وبشكل علني داعياً المشاركين إلى تحمل مسؤولياتهم أمام الشعب السوري. واضاف إن الحاضرين هنا ليسوا مسلحين أو إرهابيين أو مخربين ، مشدداً على أن نظام الاستبداد لا بد من زواله وأن تسود المواطنة بين السوريين التي تحقق المساواة في ما بينهم، مضيفاً أن هذا اللقاء هو محاولة لوضع آليات للانتقال إلى دولة ديمقراطية ووضع تصور لإنهاء حالة الاستبداد والانتقال السلمي إلى دولة العدالة .

ولفت حسين إلى أن المشاركين لن يدافعوا عن أنفسهم أمام اتهامات السلطة أو أمام اتهام من يقول أنهم يساومون على دماء الشهداء، ولن يكونوا - حسب لؤي حسين - إلا أمام شعبهم وضميرهم.

وحذر من احتمال أن يكون في الغد انهيار للنظام السياسي وبالتالي علينا أن نحافظ على بنية الدولة مشيراً إلى أن الحراك الذي يسود سورية منذ أشهر ليس صراعاً على السلطة وإن السلطة تعاملت معه بشكل يعاكس فعل التطور والتاريخ.

وشارك في الاجتماع الذي عقد تحت شعار سورية للجميع في ظل دولة ديمقراطية مدنية نحو 200 شخصية بينهم معارضون بارزون من الداخل والخارج، دون مشاركة لأي من رموز السلطة.

من جانبها اعلنت السلطات السورية عن تحديد العاشر من يوليو/ تموز المقبل موعدا لانعقاد اللقاء التشاوري الذي دعت له هيئة الحوار الوطني.

وجاء في بيان صادر عن هيئة الحوار التي يترأسها نائب رئيس الجمهورية، فاروق الشرع، ان اللقاء سيبحث التعديلات الدستورية ولا سيما المادة الثامنة منه والتي تتضمن قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع ، كما سيتم خلال اللقاء مناقشة قوانين الاحزاب والانتخابات والاعلام.

وأشار بيان الهيئة أن لا بديل عن المعالجة السياسية بأبعادها المختلفة وفتح الباب واسعا امام جميع السوريين في بناء مجتمع ديمقراطي تعددي

التحول باتجاه الديمقراطية

الى ذلك قالت بثينة شعبان المستشارة الاعلامية والسياسية للرئيس السوري بشار الأسد إن حكومتها مستعدة لقبول الاصلاحات والتحول باتجاه الديمقراطية. وابلغت شعبان شبكة سكاي نيوز أنها "تريد التغيير لأن البلد خلاف ذلك سيكون في خطر، والجميع الآن في المعارضة أو الحكومة، يدرك ذلك وحقيقة أنه ليس هناك من طريق آخر سوى الذهاب إلى الأمام".

وقالت "في الواقع ستكون المسيرة نحو الديمقراطية أمراً جيداً للغاية بالنسبة لبلدنا وشعبنا، حيث ستتنافس الأحزاب السياسية والرجال والشباب والنساء على المشاركة في الحياة السياسية، ونحن نتطلع إلى حقبة مختلفة جداً من التاريخ السوري".

واضافت شعبان "بالتأكيد ان هذا يشكل مصدر قلق كبيراً بالنسبة لنا، ونحن ندين العنف ولكن يجب عليهم (المعارضة) أن يدينوا أيضاً قتل عناصر من قواتنا المسلحة والشرطة، والذين سقط منهم أكثر من 500 على يد المجموعات المسلحة". بحسب يونايتد برس.

وقالت "شخصياً، اشعر أن هناك مجموعة منظمة هي على الأغلب من المتطرفين الدينيين الذين ينفذون عمليات الاغتيال والقتل، وعندما يكون لديك مناخ من العنف تقع اضرار جانبية، ولكننا نأمل أن نكون قادرين على عزل أي جماعة مسلحة أو عنيفة من خلال الاسراع في اجراء الحوار الوطني، والعمل سوياً مع المجتمع الدولي للتغلب على هذه المشكلة الكبيرة". واضافت شعبان "ليس لدينا أي مشكلة على الاطلاق مع المظاهرات السلمية".

تركيا تفقد صبرها

في سياق متصل تواجه تركيا خطرا متناميا يتمثل في امتداد الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية في سوريا لاراضيها ويخشى البعض ان يؤدي تدفق اللاجئين السوريين لقيام القوات التركية بعمليات حدودية على مقربة من القوات السورية.

ودفعت حملة الرئيس السوري بشار الاسد ضد المعارضة علاقات بلاده التي كانت وثيقة مع تركيا في وقت ما لنقطة الانكسار. ودفعت الاحتجاجات 12 الف سوري للنزوح شمالا واللجوء لمخيمات في تركيا بينما تتحرك القوات السورية لغلق الحدود.

واحتدت اللهجة التركية تجاه سوريا وطالبت الاسد علنا بالسير على طريق الاصلاح ووصفت حملته "بالوحشية" ولكن محللين يقولون ان انقرة لا زالت تأمل ان يغير الاسد موقفه.

وقال أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي ان الخطاب الذي القاه الاسد تضمن "عناصر ايجابية مثل اشارات الى الاصلاح" مضيفا أن المهم أن يتبع اقواله بافعال.

وقال دبلوماسي غربي على دراية بالمنظور التركي "يبدو الاتراك قلقين لغياب بدائل لنظام مستقر." وتابع "اقصى امالهم -رغم انهم ليسوا سذجا- ان ينفذ الاسد بشكل ما اصلاحات ذات مغزى سعيا لانقاذ نفسه."

وسوريا دولة حليفة لايران وهي في قلب العديد من الصراعات في الشرق الاوسط. وستقع تبعات عدم الاستقرار في سوريا على تركيا التي تربطها حدود مشتركة مع العراق وايران ايضا.

وقال جاريث جنكينز وهو محلل امني في اسطنبول "الخوف من المجهول عامل رئيسي." وتابع "حزب العدالة والتنمية متحفظ جدا. يفضل التعامل مع الشيطان الذي يعرفه والاسد شيطان يعرفه" في اشارة للحزب الذي يتزعمة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان والذي حسن علاقاته مع سوريا ودول مسلمة اخرى.

وقد تقرر تركيا التخلي عن الاسد اذا ما انزلقت سوريا نحو حرب اهلية بين جماعات طائفية وعرقية. ورغم ان تركيا دولة غير عربية الا ان تركيبتها السكانية تتشابه مع سوريا. ويوجد في كل من سوريا وتركيا أغلبية سنية واقليتان كردية وعلوية. وتنتمي أسرة الاسد للاقلية العلوية.

وكتب مراد يتكين رئيس تحرير صحيفة حريت اليومية في الاونة الاخيرة "يشير البعد الاستراتيجي والسياسي الى أن الاستقرار في سوريا حيوي للاستقرار في الشرق الاوسط.

"ولكن هذا لا يعني دعم النظام الحالي باي ثمن لان الحكم البعثى لم يعد بوسعه توفير الاستقرار في ظل اصراره على سياسته الحالية."

ومع تدفق اللاجئين على الحدود اوردت وسائل الاعلام ان القيادات السياسية والعسكرية في تركيا تدرس اقامة منطقة عازلة داخل سوريا في حالة زيادة حادة في اعداد اللاجئين. وينفي مسؤولون ان لديهم دراية بمثل هذه الخطط.

ولا ترحب دمشق بوجود قوات تركية على اراض سورية وكاد البلدان ان يخوضا حربا في اواخر التسعينات بسبب ايواء سوريا متمردين اكرادا اتراكا. ولازالت انقرة تشهد توغلات لمتمردين اكراد يسعون لاقامة دولتهم في الجنوب والشرق. وتحرص تركيا على فتح حدودها امام حركة التجارة مع سوريا وايران والعراق وفي نفس الوقت منع تسلل المتمردين.

وقال جنكينز ان اقامة منطقة عازلة في سوريا ينطوي على مخاطر في ظل مخاوف بعض الدول العربية من طموحات خارجية "عثمانية جديدة" للاتراك ولكنه ذكر ان انقرة ربما تضطر لاقامة المنطقة العازلة في حالة تدفق اعداد كبيرة من اللاجئين.

وفشلت تركيا في استغلال ثقلها الاقتصادي لارغام دمشق على التغيير نظرا لان انقرة أكبر شريك تجاري لسوريا الا انها تناور للتعامل مع اي تبعات. وقبل أشهر قليلة فقط عقدت تركيا وسوريا اجتماعات حكومية ومناورات عسكرية مشتركة والغيتا شرط الحصول على تأشيرة دخول. وفي وقت سابق من الشهر الجاري استضافت تركيا مؤتمرا لشخصيات سورية معارضة في مدينة انطاليا كما يعمل اعضاء من جماعة الاخوان المسلمين المحظورة من تركيا. وفي ذات الوقت لاحت بوادر تحسن في العلاقات الفاترة بين تركيا واسرائيل عدوة سوريا.

وقال سامح ايديز خبير السياسة الخارجية في صحيفة ميليت التركية "انهارت سياسية التقارب مع سوريا كليا ولكن سنرى تركيا تبحث عن هامش جديد للمناورة في ظل اي وضع يطرأ بدلا من ان تبلغ نقطة تفقد فيها صبرها مع الاسد."

وقال دبلوماسي غربي "يمقت الاتراك العقوبات. عانى الاتراك كثيرا من عقوبات استمرت لفترات طويلة على العراق في ظل حكم (الرئيس السابق) صدام والان في ايران. اخر ما يريده الاتراك اخضاع دولة ثالثة على حدودها الشرقية لعقوبات دولية.

استقرار المنطقة

في حين اعتبر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان استقرار المنطقة مرتبط بامن واستقرار سوريا التي تشهد حركة احتجاجات تهز البلاد منذ اكثر من ثلاثة اشهر. وقال المالكي خلال لقائه وفدا من رجال الاعمال السوريين في بغداد الاثنين ان "إستقرار المنطقة ككل مرتبط بإستقرار سوريا وأمنها". واضاف "نحن على ثقة بقدرة الشعب السوري الشقيق وقيادته على تجاوز التحديات التي تواجههم"، معتبرا ان "تنفيذ الإصلاحات ومواصلة الحوار سيكون كفيلا بعودة الأمن والإستقرار إلى سوريا". بحسب فرانس برس.

ودعا المالكي "الإقتصاديين ورجال الأعمال في الجانبين إلى العمل والتعاون المشترك، لما لذلك من آثار طيبة على مجمل العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين".

وجرى خلال اللقاء النقاش في مجالات التعاون والعقبات التي تعترض تطوير العلاقات الإقتصادية والتجارية بين البلدين، بحسب البيان. واكد المالكي "على ضرورة تفعيل جميع مجالات التعاون بين العراق وسوريا، لاسيما في المجالين الإقتصادي والتجاري، مشددا على العلاقة التكاملية بين البلدين".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 29/حزيران/2011 - 26/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م