
شبكة النبأ: "في 14 حزيران/يونيو
2011، خاطب مايكل أيزينشتات وديفيد بولوك ومايكل نايتس منتدى سياسي في
معهد واشنطن لمناقشة رحلتهم البحثية إلى إقليم كردستان العراق في
الفترة من 17 إلى 24 أيار/مايو. السيد أيزينشتات هو مدير برنامج
الدراسات العسكرية والأمنية في المعهد، وخدم مع الجيش الأمريكي أثناء
"عملية توفير الراحة"، وهي بعثة المساعدات الإنسانية إلى الأكراد في
شمال العراق عام 1991. والسيد بولوك هو زميل أقدم في المعهد وقاد جولته
البحثية إلى إقليم كردستان العراق في عام 2008. والدكتور نايتس هو زميل
ليفر في المعهد ومؤلف " 'قوات الأمن العراقية': السياق المحلي
والمساعدة الأمريكية ". وفيما يلي موجز المُقرر لملاحظاتهم".
يقول مايكل أيزينشتات، إن مقارنة الأكراد الذين قابلناهم أثناء "عملية
توفير الراحة" بهؤلاء الذين يعيشون اليوم في المناطق الخاضعة لسيطرة "حكومة
إقليم كردستان" توفر رؤى عديدة هامة. أولاً، تتمتع "حكومة إقليم
كردستان" الآن بعلاقات مختلفة تماماً مع جيرانها. فقد تطورت العلاقة
التي كانت متوترة في السابق مع تركيا وأصبحت أكثر طبيعية - حيث تتمتع
أنقرة بروابط تجارية واسعة مع "حكومة إقليم كردستان" وربما أصبحت أهم
عنصر خارجي فاعل هناك.
ويشير، على الرغم من أن الأكراد قد أشادوا بإيران في عام 1991
لإيوائها أعداد كبيرة من اللاجئين، إلا أنهم لا يثقون الآن في
الجمهورية الإسلامية وينظرون إليها كلاعب حاسم وراء الكواليس (رغم أنهم
يقدمون القليل من الأدلة إن وجدت، التي تثبت هذا الانطباع). وفي الواقع،
أن الأحزاب الكردية غالباً ما تتهم منافسيها باستغلال علاقاتهم مع
إيران كوسيلة لإضعاف الثقة بهم - على الأقل أمام الزوار الأمريكيين.
وعلى نحو أوسع نطاقاً، يشك العديد من سكان إقليم كردستان العراق
وأغلبيتهم من السنة في نوايا النظام الإيراني الشيعي الذي يضطهد سكانه
من الأكراد.
ويتابع، يبدو أن الدعم للولايات المتحدة هو واسع النطاق في "حكومة
إقليم كردستان". ففي عام 1991، كان جميع الأكراد تقريباً من الذين
قابلناهم ممتنين للمساعدات الأمريكية حتى لو كانت لديهم توقعات غير
واقعية بشأن نوع العلاقة التي ستقيمها معهم الولايات المتحدة في الفترة
اللاحقة (فعلى سبيل المثال، كان بعضهم يأمل [بالحصول على مساعدة] تعادل
ما يمكن تسميته بـ "خطة مارشال" لكردستان). ولا يزال ذلك الإحساس
بالامتنان قائماً حتى اليوم، رغم أن العديد من المسؤولين في "حكومة
إقليم كردستان" قد خاب ظنهم من عدم قيام واشنطن بصياغة علاقات أقوى
معهم أو تطوير سياسات خاصة بـ "حكومة إقليم كردستان" تكون مستقلة عن
العلاقات الأمريكية مع بغداد.
وينوه مايكل، في الوقت نفسه، يشعر العديد من المواطنين الأكراد
بخيبة أمل من أن واشنطن لا تبذل جهوداً أكبر لدفع "حكومة إقليم كردستان"
نحو الإصلاح. كما أن الغالبية العظمى من الأكراد تعتقد ايضاً أنه إذا
لم يتم تمديد الوجود العسكري الأمريكي إلى ما بعد هذا العام، فإن صراعاً
كردياً عربياً كبيراً سيكون أمراً لا مفر منه. وعلى الرغم من أن العديد
من السكان يخشون من أن بغداد سوف لن تكون راغبة في طلب مثل هذا التمديد
من واشنطن أو قادرة على ذلك، إلا أن معظم كبار المسؤولين في "حكومة
إقليم كردستان" يؤمنون بأنه سيتم في النهاية التوصل إلى اتفاق وأن بعض
القوات الأمريكية سوف تبقى في البلاد.
ويختتم، على المستوى الثقافي، ففي حين كان الزي الكردي التقليدي
واسع الانتشار عام 1991، وكان جميع السكان تقريباً يتحدثون بعض اللهجات
الكردية، إلا أن العديد منهم كانوا يتكلمون العربية أيضاً. أما اليوم،
فاللباس التقليدي هو أقل انتشاراً (لا سيما بين الشباب)، لكن هناك
القليل من الشباب الأكراد الذين يتحدثون العربية؛ وقد أصبحت الهوية
الكردية أكثر قوة، واتسعت المسافة الثقافية عن بقية العراق. ومع ذلك،
فإن العلاقات الاجتماعية بين الأكراد والعرب وغيرهم من العراقيين تتحدى
التصنيف السهل، كما أن الزواج المختلط لا يعد أمراً غير مألوفاً.
في حين يقول ديفيد بولوك، تتسم "حكومة إقليم كردستان" بالعديد من
التناقضات الملحوظة. فقد سجلت المنطقة إنجازات هائلة في الاقتصاد
والبنية التحتية على مدى السنوات، تتمثل بانتاج الكهرباء التي يمكن
الوثوق بها إلى جانب بناء فنادق فاخرة. كما تُظهر استطلاعات الرأي
الأخيرة أن الأكراد مقتنعون إلى حد معقول بوضعهم الاقتصادي.
ويضيف، لا يزال اقتصاد "حكومة إقليم كردستان" يعاني من نقاط ضعف
خطيرة، بما في ذلك أخلاقيات عمل هي أقل من أن تكون قوية ومعدلات بطالة
مرتفعة وقطاع عام عالي التطور - ويعزى الأخير جزئياً إلى الاعتماد
المفرط على عائدات النفط. وفي الواقع، توظف الحكومة أكثر من مليون كردي
من بين تعداد سكان يبلغ عددهم خمسة ملايين نسمة. ولتعزيز التطور
الاقتصادي بشكل أكبر، تحتاج "حكومة إقليم كردستان" إلى معالجة ثقافة
الاعتماد المتأصلة على العمل في القطاع الحكومي، إلى جانب الواقع
العملي بأن شركات القطاع الخاص في المنطقة توظف أعداد كبيرة من العمال
الأجانب رغم معدلات البطالة العالية.
وعلى الجانب السياسي يتابع ديفيد، فإن إنشاء "حزب غوران" كان بمثابة
تطور إيجابي. فقد فاز "غوران" بـ 25 مقعداً من بين 111 مقعداً في
الانتخابات البرلمانية الكردية في عام 2009 وهو مُتحدٍ شرعي وقوة
سياسية خارج الإحتكار الثنائي التقليدي القائم بين "الحزب الديمقراطي
الكردستاني" و "الاتحاد الوطني الكردستاني". والأمر الأكثر أهمية هو
انتقال سياسات المعارضة إلى الشوارع، حيث تظاهر عدة آلاف من الشباب في
الفترة بين شباط/فبراير ونيسان/أبريل هذا العام مطالبين بإحداث تغييرات،
ومعبرين عن عدم رضاهم عن البطالة والفساد. ومع ذلك، يرغب معظم الأكراد
إجراء إصلاحات دون الإطاحة بالنظام، ومن ثم فإن احتمالات تحول "الربيع
الكردي" قصير المدى إلى شيء أكثر عمقاً تعد ضئيلة للغاية.
ويشدد، من جانبها، انضمت المعارضة الإسلامية - التي تمثلها إلى حد
كبير "الجماعة الإسلامية الكردستانية" و "الاتحاد الإسلامي الكردستاني"
- إلى "حزب غوران" للمشاركة في الاحتجاجات الشعبية وطرح برنامج سياسي
مشترك. ويبدو أن الأحزاب الإسلامية تتبنى منهجاً معتدلاً كأسلوب بينما
تحتفظ بأيديولوجيتها وتأمل أن توحد القوى وتوجه المجتمع في اتجاه
إسلامي.
ويشير، في ردهم على الانتفاضة الحالية في سوريا، أعرب العديد من
المسؤولين الأكراد عن الأمل بشأن احتمال سقوط "نظام بعثي آخر". لكن
يبدو أن علاقتهم مع باقي العراق تأخذ منحنى كارثياً، حيث لا تزال
القضايا الرئيسية عالقة. ومع ذلك، نجح الأكراد في تعزيز هوية ثقافية
وحياة سياسية فريدة خاصة بهم - ويعود ذلك إلى إحساسهم بالواقعية، وربما
يكون ذلك إرثاً إيجابياً متيناً للمشاركة الأمريكية في العراق.
من جهته مايكل نايتس يرى ان مصالح الولايات المتحدة تخدم من خلال
الاستقرار المستمر في المناطق الخاضعة حالياً لسيطرة الأكراد العراقيين.
حيث يقول، يعد شمال العراق بيئة عمليات رئيسية للإرهابيين الذين
يتحركون بين أفغانستان وأوروبا، وتُعد الأجهزة الأمنية لـ "حكومة إقليم
كردستان" من الحلفاء المهمين في الصراع ضد التطرف القائم على العنف.
وعلاوة على ذلك، تتبوأ الولايات المتحدة مكانة تتيح لها الاستفادة من
التوسع المحتمل للنفوذ التركي في "حكومة إقليم كردستان" على حساب إيران.
وينوه، إن العلاقات بين بغداد و "حكومة إقليم كردستان" يمكنها أن
تقرر النجاح أو الفشل النهائي لمهمة الولايات المتحدة في العراق. فإذا
تعثرت تلك العلاقات، فقد تتحول العراق إلى دولة عربية أخرى هي في صراع
مع أقلياتها العرقية. لكن إذا تم دمج "حكومة إقليم كردستان" في العراق
كشريك تتوافر لديه الإرادة، فقد تظهر الدولة كنموذج حقيقي للمنطقة:
ديمقراطية فدرالية متعددة الأعراق والطوائف وثنائية اللغة في قلب الشرق
الأوسط.
ويؤكد مايكل، تواجه الولايات المتحدة عدداً من التحديات بينما تسعى
إلى تعزيز المكاسب التي حققتها بتكلفة باهظة في العراق. إن البنية
التحتية الخاصة بالكهرباء والنفط في المناطق الفدرالية ومناطق "حكومة
إقليم كردستان" آخذة في التطور بشكل متوازٍ وليس بطريقة متكاملة. وعلى
الجانب الأمني، تشترك قوات "حكومة إقليم كردستان" ونظراؤها الفدراليون
في عمليات محدودة للغاية حول تبادل المعلومات الاستخباراتية رغم
التهديد الكبير الذي يشكله "تنظيم «القاعدة» في العراق" وغيره من
الجهات الفاعلة. لقد تعمدت بغداد منذ عام 2008 على إبطاء دمج أعضاء
ميليشيا البشمركة الكردية في الفرقتين 15 و16 اللتين شكلتا حديثاً في
الجيش العراقي للضغط على "حكومة إقليم كردستان" والحد من وصولها إلى
التدريب والمعدات الأمريكية. وعلاوة على ذلك، لا يتحمل الأكراد أو
العرب المسؤولية الكاملة على طول الحدود الداخلية المتنازع عليها بين "حكومة
إقليم كردستان" والمناطق الخاضعة لسيطرة [الحكومة] الفدرالية، مما يخلق
أرضاً خصبة للمصادمات وكذلك ملاذات آمنة للجماعات المتمردة.
ويتابع، على الرغم من أن "حكومة إقليم كردستان" تدعم السياسة
الأمريكية في العراق منذ فترة طويلة، إلا أن واشنطن وجهت مساعداتها
الأمنية نحو بغداد منذ عام 2003. ينبغي على الولايات المتحدة أن تدعم
مستقبلاً قوات الأمن التابعة لـ "حكومة إقليم كردستان" فيما يتعلق
بالمسائل المثيرة للجدل مثل التمويل الفدرالي العراقي لـ "كتائب الحرس
الإقليمي" (وحدات كردية في "قوات الأمن العراقية" تتألف من أعضاء
سابقين في ميليشيا البشمركة)، ودعم المشتريات الأمريكية لقوات الأمن
التابعة لـ "حكومة إقليم كردستان" والدعم التدريبي منخفض التكلفة لقوة
"أسايش" (قوة أمن إقليم كردستان على غرار مكتب التحقيقات الفدرالي في
الولايات المتحدة) والدمج الإضافي لميليشيا البشمركة في الجيش الاتحادي.
ويشير، في المقابل ينبغي على الولايات المتحدة أن تشجع الأكراد على
تقديم تنازلات حول العديد من القضايا، بما في ذلك التدريب المشترك
والسيطرة "الثنائية" على قوات الأمن الكردية من قبل كل من بغداد
وأربيل، وتحسين تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الحكومة الفدرالية و
"حكومة إقليم كردستان"، وإصدار التوجيهات باللغة العربية لقوات الأمن
وعدم تسييس قوات البشمركة و"أسايش". إن قيام الولايات المتحدة بعقد
مؤتمر حول مستقبل العلاقات الأمنية بين الحكومة الفدرالية و "حكومة
إقليم كردستان" - على نحو مماثل لذلك الذي حضره كبار صناع السياسات من
كلا الجانبين في تشرين الأول/أكتوبر 2006 - قد يعمل على تعزيز هذه
الأهداف. كما أن استمرار بعض أشكال المراقبة العسكرية الأمريكية، التي
ربما يكون مقر بعثات المراقبة في المكاتب الدبلوماسية الأمريكية في
أربيل وكركوك، قد يعمل على زيادة تسهيل ورصد التنسيق الأمني بين
الحكومتين الاتحادية والكردية.
نبذة عن معهد واشنطن
الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه
الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية
في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل
توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه
المنطقة الحيوية من العالم.
وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم
المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة
العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم
للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق
باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف
الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف
به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة. |