بدائل الطاقة التقليدية... رحلة التصالح مع الطبيعة

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: كثيرون اعتبروها خطوة للتصالح مع الطبيعة الام، وآخرون اعتقدوا انها جاءت في وقت متأخر جد، وظن قسم اخر بأنها فكرة تجارية تبلورت نتيجة لاهداف ربحية، وعلى عموم الطرح وتنوع الاراء فان البحث عن البدائل النظيفة للطاقة او "الطاقة الخضراء" التي تاتي من كرم الطبيعة ودون التاثير عليها او تلويثه، من الدراسات والابحاث الرائدة والمهمة في اغناء البشرية بموارد جديدة للطاقة تمتاز بحيويتها وتجددها بعيداً عن الطاقة التقليدية والتي بداءت في طريقها الى النفاد بعد (50) في احسن التقديرات.

ان البحث عن البدائل من خلال الاستفادة من الطاقة الكامنة في الهواء والماء والشمس والمواد العضوية وغيرها من المصادر التي لا تسبب اية اضرار بيئية مشابهة لمثيلاتها من الطاقة المستخدمة حالياً (كالنفط الذي سبب بكوارث بيئية خطيرة من خلال ارتفاع نسب الانبعاثات الكاربونية والاحتباس الحراري وتلوث مياه البحار والمحيطات...الخ) من الممكن ان يبشر ببوادر صحوة انسانية (وان كانت متأخرة) تخفف الحمل الكبير الذي ترزح الارض تحت وطئته منذ ايام الثورة الصناعية  

الرياح كمصدر للطاقة

حيث تحبذ الحكومة الأميركية تطوير طاقة الريح على نطاق كبير وقد يكون الآن هو الوقت المناسب، فقد أشارت دراسة حديثة لمؤسسة تمويل الطاقة الجديدة لبلومبيرغ أن تكاليف الكهرباء التي تولد من الريح في محاذاة الشواطئ باتت مساوية لأكلاف الطاقة التي تولد بالفحم الحجري في الولايات المتحدة وعدد من الأسواق الأخرى، ومن شأن ذلك أن يسرّع تطوير مصادر الطاقة المتجددة في وقت يسعى فيه العالم لتطوير مصادر طاقة نظيفة.وقد دعا الرئيس أوباما لأن تكون نسبة 80 في المئة من الطاقة المستهلكة في أميركا من مصادر لا تنبعث منها غازات دفيئة مسببة للاحتباس الحراري أو جزء بسيط منها، وذلك بحلول العام 2035، وهذا الهدف سيتطلب زيادة مصادر طاقة الرياح والشمس والماء ومصادر "خضراء" أخرى، ويذكر أن الولايات المتحدة تستمد نسبة 11 في المئة من طاقة الكهرباء من مصادر طاقة متجددة حالي، وقد قلّصت زيادة المبيعات وكفاءة أفضل للتوربينات الرياحية وفائض في إنتاج المعدات تكلفة طاقة الريح بمحاذاة أو قبالة الشواطئ إلى 68 دولارا للميغاواط/في الساعة، وهذا يزيد بقليل عن سعر 67 دولارا للميغاواط/الساعة لإنتاج الكهرباء بواسطة الفحم الحجري، حسبما أفادت خدمة بلومبيرغ في أحدث تحليلاتها للسوق.

من جهتها لا تزال الكهرباء المولدة في معامل تعمل على الغاز الطبيعي تكلف أقل بصورة ملحوظة (56 دولارا للميغاواط/الساعة)، ويمكن لميغاواط واحدة في الساعة أن تزود طاقة لـ800 منزل متوسط الحجم في الولايات المتحدة لفترة ساعة واحدة، وذكر مايكل ليبرايتش المدير التنفيذي لتمويل الطاقة الجديدة لبلومبيرغ أن "الريح مستمرة على طريق أن تصبح مصدرا تنافسيا للطاقة على نطاق كبير، وتابع قائلا "ارتفعت على مدى السنوات القليلة الماضية أكلاف توربينات الهواء في ضوء زيادة الطلب حول العالم وارتفاع ثمن الحديد الصلب لكن وراء الكواليس بادر مصنعو التوربينات إلى تخفيض أكلافهم والآن بدأنا نلاحظ مدى رخص ثمن طاقة الريح حينما ينجح المطورون في استغلال الطاقة الفائضة في حلقة الإمدادات"، ويذكر أن تكاليف مجمعات، أو مزارع، توربيات الريح بالقرب من السواحل لا تزال أعلى بمعدل 50 في المئة من تكاليف توليد طاقة الريح على اليابسة، طبقا لتقرير حديث لشركة SBI Energy التي ترصد أسعار الطاقة المتجددة في الأسواق، وفي العادة يتعين أن تكون توربينات الريح بالقرب من السواحل أكبر حجما لتقاوم رياح البحار والمحيطات، لكن يمكن أن تولد طاقة أكثر ما يسهم في التعويض على نفقات الاستثمار التمهيدي فيها.

الطاقة على السواحل الامريكية

الى ذلك وفي العام 2010 مهدت الطريق أمام أول مشروع رياح  على نطاق كبير قبالة ساحل ولاية ماساتشوستس في شمال شرق البلاد، وقد فتح ذلك المجال أمام مقترحات بفتح مناطق أخرى لتطوير من هذا القبيل في ولايات بما فيها نيوجيرزي وماريلاند وديلاوير وفرجينيا الواقعة في أواسط الساحل الشرقي المطل على المحيط الأطلسي، وتأمل الحكومة أن تنشر توربينات بطاقة 10 غيغاواط من رياح البحر بحلول العام 2020 و54 غيغاوات بحلول سنة 2050، ويمكن لملايين المنازل أن تستمد طاقتها من الريح بهذه الطريقة، كما عرضت وزارة الداخلية مشاريع ولايات الأطلسي  للموافقة السريعة ويمكن أن تعرض مناطق التأجير على مطورين بنهاية العام 2011، ولغرض دعم هذه المشاريع أعلنت وزارة الطاقة عن تمويل جديد بحدود 50.5 مليون دولار لوضع تصاميم توربيات ريح ولتحديد العوائق في وجه تسويق طاقة الريح.ومؤخرا قدمت الحكومة 1.3 بليون دولار كضمانات قروض لأكبر مجمع توربينات ريح في العالم سيقام في شرقي ولاية أوريغون بشمال غرب البلاد.

ورغم أن معدل نمو مرافق الريح الأميركية تباطأ في 2010 لا تزال الصناعة في طور التوسع، ويعود الفضل في ذلك وبدرجة كبيرة إلى مزايا ضريبية تقدمها الحكومة الفدرالية تجعل من الطاقة المتجددة أكثر تنافسية مع الفحم وغير ذلك من مصادر وقود الأحافير التي طالما كانت تتمتع بإعانات الحكومة الفدرالية، وأصبح لدى 37 ولاية حاليا محطات طاقة ريح تجارية ضمن حدودها حسبما أفاد الإتحاد الأميركي لطاقة الرياح، وتتصدر هذه المجموعة ولاية أيوا التي تستمد نسبة 20 في المئة من طاقتها من الريح.وفي السنوات الخمس الأخيرة تم بناء أو توسيع 400 مصنع لإنتاج معدات طاقة الريح، بحسب ما ذكرت دنيز بود المديرة التنفيذية للإتحاد، التي قالت، "سنجعل الطاقة الكهربائية المنتجة محليا أرخص ثمنا في السنوات المقبلة".

استخراج النفط من البلاستيك

في سياق متصل فأن أكياس البلاستيك ليست صديقة للبيئة فهي نفايات غير قابلة للتحلل الحيوي و تبقى في الطبيعة مئات السنين، وتحاول الكثير من الدول تخفيف استعمال الأكياس البلاستيكية بطرق مختلفة وتحاول بعض الدول الأخرى التخلص من هذه النفايات البلاستيكية بإلقائها في البحار، مما يؤدي إلى تلوث المحيطات وتسمم الثروة السمكية والنباتات البحرية، فتلك النفايات كونت منذ عشرات السنين محيطات من البلاستيك في المحيط الأطلسي وفي المحيط الهادئ، نتيجة النفايات البلاستيكية التي حملتها التيارات البحرية، وبات من الصعب التخلص من تلك النفايات، فحرقها مثلا يزيد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي مما يرفع من تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري، وتصنع أكياس البلاستيك من مادة النفط أو من مشتقات النفط و من هنا انطلقت فكرة الياباني أكينوري أيتو من خلال جهاز يعيد تدوير النفايات البلاستيكية وتحويلها إلى نفط.

هذه التقنية ليست بجديدة غير أن أكينوري أيتو ابتكر جهازا يمكن أن يستخدم في كل منزل، فهو كناية عن مستوعب صغير يستخدم الطاقة الكهربائية لتسخين البلاستيك الذي يتحول إلى أبخرة، يلتقطها الجهاز في نظام معقد من الأنابيب لتبريد تلك الأبخرة ومن ثم تكثف على شكل نفط خام غير مكرر الذي يمكن استخدامه في المولدات الكهربائية أو أجهزة التدفئة كما يمكن في مرحلة ثانية تكرير هذا النفط الخام المستخرج من عملية تدوير النفايات البلاستيكية لتستخدم كوقود للسيارات، وعملية التحويل أو التدوير هذه تعتبر Carbon negative أي أنها خالية من الكربون كما أن الجهاز لا يستهلك الكثير من الطاقة الكهربائية إذ يمكنه معالجة كيلوغراما من النفايات البلاستيكية المصنعة من مادة البوليستيرين والبوليبروبيلين والبولي أثيلين لينتج لترا من النفط ويستهلك كيلووات واحد من الطاقة الكهربائية، ويقول أكينوري أيتو، "أن حلمه هو تحقيق جهاز يمكن لأي شخص استخدامه أو أن يتحول كل منزل إلى حقل نفط"، وقال خبراء في الطاقة إن المباني الخضراء ستسهم بشكل كبير في خفض استخدام المياه، والكهرباء، وانبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون، مؤكدين أن المباني الذكية توفر ما يراوح بين 25 و40٪ من الطاقة، ونحو 35٪ من انبعاثات الكربون.

طاقة الشمس في الشرق الأوسط

من جهته قال الرئيس التنفيذي لشركة «إينيل» الايطالية، فرانسيسكو ستراسي، إن «مصادر الطاقة المتجددة والتجارب، تنمو عاماً بعد عام، بما في ذلك تكنولوجيا الرياح، والكهروضوئية، والطاقة المائية، والكتل الحيوية»، متوقعاً زيادة هذا النمو في السنوات الـ10 المقبلة، ليتم انتاج أكثر من 3000 غيغاواط في عام ،2020 أي نحو ثلاثة أضعاف القدرة العالمية في عام 2010، وأضاف أن «الطاقة المتجددة أسهمت بنحو 4.1٪ من إجمالي توليد الكهرباء في الشرق الأوسط في عام 2009»، متوقعاً أن يقفز معدل النمو السنوي المركب من الطلب على الكهرباء في منطقة الشرق الأوسط من 6٪ بمعدل 672 تيراواط/ساعة في عام 2008 إلى أكثر من 1000 تيراواط/ساعة في عام .2015 وذكر أن «لدى دول الشرق الأوسط ضوءاً يومياً من الشمس يجاوز تسع ساعات يومياً، فيما تغطيها السحب المنخفضة، وتقل الأمطار مع وفرة بمساحة الأرض الخالية، وكلها تمثل موارد مادية مثلى لبناء محطات للطاقة الشمسية، إضافة الى الكهروضوئية في المنطقة»، كما قال المسؤول في شركة «كيما» الهولندية، تيجيس آرتن، إن «هناك دلائل على أن اقتصاد العالم بدأ في الخروج من الركود العالمي، وفي طريقه لدخول فترة من انتعاش هش، وهذا أمر مشجع للجميع في صناعة الطاقة»، وأضاف أنه «وبينما لاتزال هناك آثار ظاهرة للركود في عدد من البلدان في جميع أنحاء العالم، ظهرت تحديات عالمية، ومبادرات تتماشى مع التحول في مجال الطاقة، منها استمرار الاستثمارات في مجالات، مثل الطاقة الذكية، وإدارة الكربون، وكفاءة الطاقة، والتنقل الكهربائي، وتعزيز شبكة نقل الكهرباء، وأوضحوا أن توليد الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة، خصوصاً الرياح والطاقة الشمسية سيلعب دوراً حاسماً، وأن الحل سيكون بشبكات طاقة ذكية عالية الأداء لنقل الانتاج، وأشاروا في اليوم الأخير من فعاليات «منتدى دبي العالمي للطاقة 2011»، إلى أهمية الموارد المتوافرة في الشرق الأوسط من ضوء من الشمس يجاوز تسع ساعات يومياً، وقلة الأمطار، مع وفرة مساحة الأرض الخالية، ما يؤسس لبناء محطات للطاقة الشمسية، والكهروضوئية في المنطقة، وشدد الخبراء على أهمية تشريعات الأبنية الخضراء في دبي، لافتين إلى أن النمو في استخدام الكهرباء والمياه بلغ 203٪ و144٪ على التوالي في السنوات الـ11 الأخيرة، وأكدوا أن استهلاك الكهرباء والمياه، إضافة إلى انبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون للفرد في الإمارات، تعتبر من أعلى المعدلات في العالم.

الى ذلك قال نائب الرئيس التنفيذي لقطاع تخطيط الطاقة والمياه في هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا)، يوسف جبريل، إن «دبي تتمتع بنمو كبير في اقتصادها، وتعداد السكان، والبيئة العمرانية، والطاقة، والاحتياجات من المياه».وأضاف أن «النمو في استخدام الكهرباء والماء على مدى السنوات الـ11 الماضية، كان بحدود 203٪ و144٪ على التوالي، وأنه يمكن أن يستمر على أساس توقعات النمو المعتدل للكهرباء ولاستهلاك المياه بنسبة 93٪ و59٪ على التوالي بحلول عام 2021»، مؤكداً أن هذا النمو يتطلب قدرة كبيرة جديدة لتوليد الكهرباء وتحلية المياه.وأوضح أن «استهلاك الكهرباء والمياه، وانبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون للفرد في الإمارات تعتبر من أعلى المعدلات في العالم»، مبيناً أن اقتصاد دبي يعتمد أساساً على الأعمال، والتمويل، والتجارة، والسياحة، والتجارة والعقارات واقتصاد الخدمات، ما يعني انتاج واستهلاك أكثر من 80٪ من الكهرباء وأكثر من 90٪ من المياه في المباني، التي لها مساهمة كبيرة جداً في انبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون في دبي، وأكد أن «التوجهات الخضراء في المباني ستسهم بشكل كبير في خفض استخدام الكهرباء والمياه، وانبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون»، موضحاً أن حكومة دبي أطلقت مبادرة المباني الخضراء في أكتوبر من عام 2007 لتوفير استهلاك الكهرباء والمياه، واستخدام مواد البناء وأساليب التصميم والبناء المستدامة، وتحسين جودة البيئة الداخلية، وبالتالي الظروف الصحية، وزيادة الإنتاجية من شاغلي المباني، وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وأفاد بأنه سيتم تنفيذ مبادرة المباني الخضراء في دبي على ثلاث مراحل، تحضيرية بين مطلع يناير 2008 وآخر ديسمبر 2010 واختيارية بين مطلع يناير 2011 ونهاية ديسمبر 2013 ومرحلة الانتداب التي سيتم تطبيقها على جميع المباني في المستقبل اعتباراً من الأول من يناير 2014 كاشفاً عن وجود توجه لإصدار قانون واحد لتنظيم العملية الشاملة، لتصميم البناء والفحص والتصديق على المباني الخضراء.

بدوره، قال النائب الأول لرئيس شركة «سيمنز» العالمية، بون ديكسون، إن «الأزمة المالية، وازدياد الطلب على استخدام الطاقة، وتغير المناخ، وظهور الشبكة الذكية، وتسونامي الاقتصاد والتشريعات، أدت الى ظهور عاصفة في كفاءة استخدام الطاقة واحتياجاتها»، وأضاف أن «معظم اصحاب الشركات والمباني اصبحوا عرضة للمجهول عند وضع الاستراتيجية الصحيحة لمواجهة ظروف السوق، وبالتالي اصبح التعاون بين الحكومة وقطاع الصناعة يوفر مساراً واضحاً لمساعدة أصحاب الأبنية عالية الكفاءة لتحقيق أهداف الاستدامة»، إلى ذلك، أفاد مدير دائرة الاستثمارات الإقليمية المعدنية في شركة «إيه.بي.بي» الإمارات، طارق زكريا، بأن «المباني الذكية توفر ما يراوح بين 25 و40٪ من الطاقة، ونحو 35٪ من انبعاثات الكربون»، مؤكداً أن كفاءة استخدام الطاقة في البناء حاجة أساسية، وستحسن أداء البناء للأفضل، وستسهم في تعزيز العائد على الاستثمار، إلى ذلك، قالت المسؤولة في مجموعة «سيرا غودا» لعلوم البيئة، في المكسيك، مرثا ايزابيل رويز كورزو، إن «للمؤسسات غير الحكومية دوراً في دفع عجلة الاستدامة، إذ إن الوقت الآن هو للمجتمع المدني»، لافتة إلى أن هناك العديد من الاحتياجات، والمشكلات الأكثر إلحاحاً، فضلاً عن أن التغيرات الهائلة ادت إلى اختبار قدرات الأفراد والمجتمع، ورأى المستشار البيئي لحكومة عجمان، الشيخ الدكتور عبدالعزيز النعيمي، أن «الشباب يمثلون أكثر من 60٪ من سكان دول المنطقة، إذ يبلغ متوسط العمر في غرب آسيا وشمال إفريقيا 23 سنة فقط، أي خمس سنوات أصغر من بقية العالم، و14 سنة أصغر من الولايات المتحدة»، وقال إن «دور الشباب في تعزيز التنمية المستدامة، يكمن في استخدام مواهبهم، وابتكار حلول للتحديات المحلية والعالمية، والاهتمامات البيئية، والتفاعل الثقافي».

أما ممثل شركة «سيمنز إيه جي» الألمانية، الدكتور ريتشارد هوسمان، فأفاد بأن «البشر في طريقهم الى عصر جديد من الكهرباء، إذ نحتاج الى مفهوم جديد للطاقة والتنمية المستدامة في مواجهة تضاؤل الموارد وتغير المناخ، فضلاً عن تأمين الطاقة ذات الكربون المنخفض، والإمدادات بأسعار معقولة»، مؤكداً أن توليد الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة، خصوصاً الرياح والطاقة الشمسية سيلعب دوراً حاسم، ووفقاً لتوقعات «سيمنز» التي تعتمد على التطورات السياسية، سيتم إنشاء بين 4800 تيراواط/ساعة و6000 تيراواط/ساعة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في العالم بحلول عام .2030 وأوضح هوسمان أن «التحديات التي نواجهها هي التقلبات في الانتاج، عندما لا تهب الرياح أو لا تشرق الشمس، ونقل كميات كبيرة من الكهرباء من المواقع الميدانية إلى المستهلكين»، مبيناً أن الحل سيكون بشبكات طاقة ذكية عالية الأداء.وأكد أنه «يجري على نطاق واسع بناء محطات طاقة شمسية حرارية ذات قدرة عالية في المناطق الغنية والصحراوية في جنوب أوروبا وإفريقيا وفي ولاية كاليفورنيا، فيما يجري تشييد مزارع عملاقة للرياح البحرية في المياه الساحلية، واعتبر أن الشبكات الذكية العالية الأداء هي الطريقة الأكثر فعالية لنقل الكهرباء، مع انخفاض الخسائر لمسافات طويلة، لتحميل المراكز مع الضغط العالي، وتشغيل أنظمة نقل الكهرباء على مدى آلاف الكيلومترات مع كفاءة بأكثر من 95٪.

مرفأ يوفر الطاقة

من جهة اخرى ووسط ضباب كثيف صاعد من بحر الشمال تنتظر ركائز ثلاثية القوائم يبلغ وزنها 500 طن، ان تبحر لتساهم في بناء مجمعات للطاقة الهوائية يفترض ان تخرج مرفأ كوكسهافن (شمال) من ركوده والمانيا من الطاقة النووية، يقول هانز-يواكيم ستيتزل المدير العلمي لوكالة التنمية الاقتصادية في كوكسهافن ان "الطاقة الهوائية هي وعد بمستقبل صناعي، قبل ذلك كانت الامور تعاني من الركود"، في هذه المدينة الساحلية البالغ عدد سكانها 52 الف نسمة التي كانت تقسم نشاطها بين مصانع تحويل اسماك ومؤسسات علاجية للمتقاعدين، يشكل تخلي المانيا عن الطاقة النووية الذي اعلنته الحكومة رسميا، هبة من السماء، فاعتبارا من العام 2007 راهنت كوكسهافن التي كان مرفأها يواجه صعوبات بسبب تكاثر عدد الحاويات العملاقة التي تفضل مرافئ كبيرة مثل هامبورغ وروتردام، على الطاقة الهوائية في عرض البحر (اوف شور)، وهدف المدينة ان تتحول الى موقع لانتاج الابراج وقاعدة خلفية لنصبها في البحر، فبنت كوكسهافن محطة متخصصة في المرفأ مع طريق ومنصة مصممتين لتحمل اوزان ثقيلة وحولت مراع للخراف الى اراض صناعية، كما ان المستشارة الالمانية انغيلا ميركيل تتعهد باغلاق كل المحطات النووية في البلاد في غضون عشر سنوات وتجعل من مجمعات الطاقة الهوائية في البحر احدى اولوياتها مع تخصيص خمسة مليارات يورو من الاموال العامة له، ويقول رولف برتليهايم وهو يضع خوذة حديدية على رأسه "بطبيعة الحال هذا الامر يعطي دفع، الا اننا لم ننتظر الحكومة لنتحرك!". بحسب فرانس برس.

وتحت الجسر الذي يستند اليه هذا المهندس من شركة "كوكسهافن ستيل كونستراكشنز" التي انشئت العام 2009 في المرفأ، يقوم عمال بتلحيم ركائز ثلاثية القوائم وبطرقها ويبدون الى جانبها متناهي الصغر، ما ان ينتهوا من تحضير هذه الركائز التي ستشكل قاعدة للابراج الهوائية ستنتظر في المرفأ لنقلها الى البحر الى جانب ابراج فولاذية صنعها صناعي اخر، وما ان تنصب في البحر سيزيد طول هذه الابراج عن المئة متر بكثير وعرضها كذلك، ويؤكد ستيتزل "اننا متقدمون سنتين او ثلاث سنوات" على مواقع منافسة، وهو يقول "ان المجال مفتوح للجميع" مع احتمال ان يعتمد مرفأ بريمرهافن الذي يبعد كيلومترات قليلة على الطاقة الهوائية ايض، وتعمل ثلاثة مجمعات للطاقة الهوائية في عرض البحر راهنا قبالة الشواطئ الالمانية، وحصل حوالى 20 مجمعا اخر على ترخيص بناء فيما تقدم عدد مماثل تقريبا بطلبات، بحلول العام 2030 ستبلغ القدرة الاجمالية للطاقة الهوائية البحرية 25 الف ميغاوات في المانيا اي ما يعادل حوالى 20 مفاعلا نووي، ومع ان المشورع الطموح، فان التكنولوجيا لا تزال في بداياتها في المانيا التي تأخرت على بريطانيا او هولندا بسبب تشريعات اكثر صرامة.

فحرصا على المحافظة على شواطئها، لا تسمح الحكومة الالمانية باقامة مجمعات الطاقة الهوائية الا في المياه العميقة والهائجة مما يجعل عملية التركيب وكذلك الربط بالشبكة، صعبة، ويقول بارتيلهايم "اذا توافر لنا 85 يوما سنويا يمكننا خلالها الخروج الى البحر لنصب الابراج بسبب حالة الطقس واجراءات السلامة، فهذا جيد"، ويشير الى ان التحدي الثاني يكمن في التمويل موضحا ان "الخمسة مليارات التي وعدت بها الدولة لا تغطي بتاتا الحاجات" في وقت يبدي فيها المستثمرون في القطاع الخاص بعض التردد حيال هذه المشاريع المكلفة، اذ يحتاج مجمع للطاقة الهوائية في عرض البحر الى ما لا يقل عن مليار يورو.

تلاميذ ينتجون الكهرباء

حيث يجلس لوكا ورفاقه على دراجات مصفوفة في قاعة رياضية وهم يدوسون وعيونهم شاخصة الى شاشة كبيرة تظهر كمية الكهرباء التي ينتجونها بفضل جهدهم هذا الهادف الى تخفيض انبعاثات ثاني اكسيد الكربون في مدرستهم الثانوية، هذه المبادرة تأتي في الوقت المناسب اذ تستعد ايطاليا للتصويت في استفتاء حول اعتماد الطاقة النووية مجددا من عدمه بعد 24 عاما على توقف كامل لمحطات البلاد، اقيمت "قاعة الطاقة" في احد المنازل الصغيرة المحاطة باشجار الزيتون والصنوبر في معهد (ج. فالروي) وهو مدرسة تقنية في ضاحية روما الشرقية، وبضحكة يقول لوكا الشاب الذي خطط وصمم البرنامج المعلوماتي للمشروع الذي عمل عليه على مدى سنة ونصف السنة، "لقد دوست اكثر من الاخرين وانتجت 1،5 كيلوات اي ما يكفي لتغذية جهاز التلفزيون في القاعة لمدة خمس ساعات"، ويبدو ان الامر يعمل على ما يؤكد لوكا الذي يقول "لقد تعلمت قيمة الوات! انا بت استقل دراجتي الهوائية ووسائل النقل المشترك اكثر للتنقل واتجنب السيارة، وادركت الكثير من الامور"، مبدأ المشروع بسيط، ينتج الوات ويخزن في "قاعة الطاقة" فيما يحمل كل طالب بطاقة تحتسب رصيده من الطاقة التي تستهلك بعد ذلك في المدرسة، ويوضح اوسكار سانتيللي "اذا اراد احد الاساتذة عرض فيلم وثائقي عبر جهاز (دي في دي) يطلب من التلاميذ ما اذا كان لديهم وات، انها حلقة صالحة". بحسب فرانس برس.

ولتشجيع التلاميذ على التدويس تقدم الاطراف الراعية مكافات من بطاقات لحضور مباريات نادي روما لكرة القدم ولحضور افلام سينمائية ورصيد لشراء الاغاني عبر الانترنت، يضاف الى ذلك ان حداثة المنشآت تحث الطلاب على المشاركة من دراجات ثابتة متطورة وجهاز موسيقى بمواصفات رائعة وتصميم حديث، وتساهم منطقة روما بمبلغ 25 الف يورو في المشروع الا ان البروفسور سانتيللي يؤكد ان "المشروع امكن تحقيقه خصوصا بفضل المساهمات الطوعية لزملاء وتلاميذ سابقين" موضحا ان "المشروع سينطلق فعلا في تشرين الاول/اكتوبر الا ان التلاميذ يصورون من الان فيلما سيعرض على موقع يوتيوب"، وهذه المبادرة تحظى برضا مدير المدرسة ماسيمو دي سينيي الذي يقول "الافكار المجنونة تعجب لاسيما في مجال الطاقة"، ويشدد على "متانة المشروع الذي يهدف الى الترويج لفكرة الاستهلاك الصالح للطاقة"، ويضيف هذا الرجل بفخر "الهدف هو نقل هذا المشروع الى مدارس اخرى، منطقة روما تنوي وضع الواح للطاقة الشمسية فوق اسطح كل المدارس وهذه قيمة مضافة لكل المبادرات"، ومع اقتراب الاستفتاء حول الطاقة النووية اعتبر مدير المدرسة ان "السياسة يجب ان تتأثر بالشباب الذين يساهمون اكثر بفضل تجربة ايجابية ومسلية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 26/حزيران/2011 - 23/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م