صورة العراقي عند جيرانه

إبراهيم سبتي

منذ سقوط التمثال المريع في ساحة الفردوس، لم يعرف المواطن العراقي المغلوب على امره طعما للانتصار الكبير الذي ازال الطغيان وهدم اسوار التماثيل.. لم يتذوق العراقي لحظة على الاقل، طعم الغبطة ونشوة التغيير.. فكان على موعد مع القتل واراقة الدماء بدلا من الاماني التي ضاعت وتقهقرت خلف حيطان الظلام والارهاب.. فصار كل شيء في البلاد، رهينة التدمير والضياع وافول الامل.. ولابد للعراقي ان يضع حلولا آنية للخروج من ازمته وانقاذ ما تبقى منه على الاقل. فلجأ اول ما لجأ اليه من حلول، الخروج من العراق !!

واعتقادا منه ان الخروج هو الحل الامثل والامنية الضالة.. ولكن لا كما يتصور ولا كما يشتهي، فدارت العجلة عكس الطريق وسقطت امنياته في بحور متلاطمة وتحمل قهرا وضيما لم يقدر عليه ووجد ان الاخوة والاصدقاء المجاورين لم يظهروا الود الذي تصور ولم يمدوا يد العود كما خطط.

وبات نهبا لمطاردات اجهزة الداخلية، ومطاردا من صاحب العمل الذي تصور انه سيعيله جراء خدماته. ناهيك عن ان المطارات لبعض دول الجيران تحولت الى اقبية سجون تمارس اقسى واعتى الاساليب مع العوائل العراقية التي استطاعت بعد عناء طويل ان تجمع اجور تذكرة الطائرة.. تحولت قاعات الانتظار وقاعات المغادرة الى ردهات سجون حقيقية يحبس فيها الطفل والمرأة والعجوز المتهافت على الامان عند الجيران..

هذه عند الخطوة الاولى من موطأ القدم وبعدها العودة القسرية مع اقرب طائرة الى العراق.

ولا نعلم لماذا يدخل الاجنبي المنتمي لكل قارات الكون الى مطاراتهم دون عقبة او حواجز، بل انهم يستقبلونه بالابتسامة والتحية ومن ثم يختمون جواز سفره بكل المراحب والتحيات.. وحده العراقي المبتلى، ينتظر تحت وابل الكلمات النابية والزعيق المتواصل بهم واقفا مع المشبوهين..

انهم ينظرون للعراقي القادم اليهم وكأنه لا ينتمي لهذا الكون، قادم من كوكب او مجرة نائية.. غريب يريد ان يدمر حضاراتهم ويسلب رزقهم ويذهب نعمتهم..

في زمن مضى، يوم كان اهل العراق في تخوم الحروب، كانت البلاد لكل القادمين اليها.. كانت البلاد تحت حريتهم وسخية معهم الى حد الكرم الباذخ.. يومها كانوا قد تملكوا المعامل والبيوت والمزارع وبعض اهل البلاد يشحذون في الازقة الرطبة والشوارع الحامية تحت اللهيب الحارق للشمس العراقية.. الان، العراقيون يبحثون عند بعض الجيران عن موطأ قدم مؤقت.. لا لشيء الا للامان والحياة بعيدا عن الصخب والعنف مع ان الوضع الان افضل بكثير مما كان في عامي 2006 و2007..

الا يتعظ الاخوة من تاريخ هيبتهم يوم كانوا في رحاب الارض العراقية؟

الا يكون التاريخ عبرة وخجلا من كرم ومودة قدمت لهم على طبق المحبة والاخوة..

هل يستاهل العراقي ما يفعله به بعض من الجيران؟ لا استقبال يليق.. ولا كلام يريح اعصابهم المتعبة.. بل ان بعض المتمردين على الكرم والسخاء العراقي، ارسلوا الاحزمة المبيدة والرجال الباحثين عن تجمعات ومناسبات ليثيروا الدمار والموت..

كل الطلب، ان يكونوا منصفين مع العراقي القادم اليهم طالبا العون.. ونعتقد جميعا بأن العون والكرم والضحكات كانت تنبع دوما من ارض النهرين لانها من طبائع اهلها.. ولان عنوان الارض هو العراق فهذا كفيل بأن يكون الاهل اعزة واحبة وكارمين لضيوفهم وان كان من بينهم غادرا..

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 26/حزيران/2011 - 23/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م