في صيف عام 2000 لاحظ العلماء فيلا صغيرا يموت على الطريق في غابات
إفريقيا، وبعد ساعات لاحقة من المراقبة لجثته، جاءت إليه بعض الفيلة
وحاولت حمله وإنعاشه من اجل إنقاذ حياته.
وفي التعليق على هذه الحادثة " الفريدة " بيّن الاستاذ دالي باتروسن
من جامعة تفتس الامريكية، وفي كتابه الجديد " الحياة الاخلاقية
للحيوانات"، ان هذا النوع من السلوك دليل على ان الانسان ليس هو
الحيوان الوحيد الذي لديه شعور اخلاقي بل ان الثدييات ومن ضمنها الفيلة
والدولفينات والقردة ايضا تمتلك حافز قوي للتعاون والتعاطف والإنصاف.
باترسون أوضح بان أخلاق الحيوانات مثل نظيرها في الانسان تقتضي
السير خلف قواعد اجتماعية معينة وتتطور بمرور الوقت، وان الحيوانات
قادرة على إظهار سلوكيات اخلاقية معينة.
هذه الدراسة الحديثة التي تكشف عن وجود سلوكيات أخلاقية لبعض
الحيوانات، تأتي متزامنة مع اعلان العراق عن القبض على مجموعة من "
الوحوش الآدمية" التي قامت بأبشع جريمة وأحقر مجزرة عرفتها الإنسانية
لا في تاريخ العراق الحديث فحسب بل ربما حتى في تاريخ المنطقة التي
نعيش فيها.
اذ اعلنت السلطات العراقية في 28 من ايار الماضي، اعتقال شبكة
إرهابية مجرمة مسؤولة عن جريمة بشعة لم يسمع بها شخص سليم العقل الا
اهتز كيانه وانعصر قلبه واقشعر بدنه وارتفع حاجبه عجبا أمام مدى فداحة
المجزرة وبشاعة تفاصيلها ووحشية فعلها المروّع.
حيث اقدمت هذه الزمرة على قتل سبعين شخصا، بينهم اطفال ونساء
وعروسين" من طائفتين مختلفتين فالرجل شيعي وزوجته سنية " كانوا في حفل
زفاف قرب منطقة التاجي، على نحو درامي تراجيدي لا نسمعه حتى في افلام
الرعب العالمية.
اعترافات المجرمين كشفت أنهم قاموا بقتل جميع من كانوا في الزفة
بطريقة اقرب الى الخيال منها الى الحقيقة، اذ قاموا بقتل جميع النساء
بعد اغتصابهن ومن ثم تم القاء جثثهن في النهر، اما الاطفال فقد وضعوا
حجرا ثقيلا بأجسادهم وألقوهم في نهر دجلة.
ولم يكتف هؤلاء " الوحوش الادمية" بهذه المجزرة بل حجزوا في دار
لديهم العريس والعروسة" السنية"، وبعدها اقتادوهما إلى سرداب في جامع
بلال الحبشي يوجد فيه مسؤول التنظيم العام الذي أمر باغتصابها المراة "
السنية "وقتلها.
ثم بدأوا تباعا باغتصاب العروس" السنية" داخل السرداب أمام أنظار
زوجها، ثم ابقوا العروس" السنية" في سرداب الجامع ثمانية أيام، وبعدها
تم اصطحاب العروس" السنية" والعريس إلى نهر دجلة وقتلوا العريس، وقام
أحدهم " رحماك يارب " بقطع أحد ثدي العروس" السنية" بـ (منجل)، وقام
أخر بقطع ثديها الآخر، وتركوا تنزف حتى الموت"، ثم ربطوا الجثتين بحبل
وتم إلقاؤهما بنهر دجلة.
ولعل القارئ قد لاحظ انني منحت العروس صفة طائفية وهي سنية ووضعته
بين معقوفتين للتنبيه على ان هؤلاء الذين ينتمون لتنظيم القاعدة او لاي
تنظيم اخر مسلح " سني"، اقول هؤلاء قد اغتصبوا هذه المرأة " السنية "
وقطعوا اثداءها تاركيها تنزف حتى الموت وهم يعلمون انها سنية من نفس
الطائفة التي ينتمون اليها.
فأين بالله عليكم ادعاء هذه التنظيمات انها جاءت لحفظ " سنة العراق"
ضد الحكومة" الرافضية الشيعية" وهو يغتصبون ويقطعون اثداء امرأة عراقية
" سنية" ؟
وكيف يزعمون بان قتالهم خالص لوجه الله وللطائفة السنية وهو يتلذذون
بقتل أمراة سنية بريئة ليس لها ذنب؟
أي حقد يحملونه، واي ذرة انسانية توجد لدى مجموعة تقتل اطفال وتغتصب
نساء وتقطع أثداءها؟
الم تنكشف لنا زيف دفاعهم عن المعتقلات العراقيات في سجون الاحتلال
؟
وهل لنا ان نتصور ونتخيل ماذا يمكن أن يفعل هؤلاء لو سيطروا على
البلد او حكموه ؟
ان هذه الجريمة والمجزرة تكشف، شأنها شأن الكثير من نظيراتها، ان
هؤلاء " الوحوش الادمية" لم يقاتلوا من اجل نصرة دين الله ولا الطائفة
السنية، وليس لهم أي علاقة بتلك الشعارات والكليشهات والخطابات التي
يصرخون بها بملء افواههم النتنة ويضحكون بها على من يصدقهم من
المضللين.
انها جريمة قذرة ستبقى غصة ماثلة أمام عيون العالم وصرخة مدوية في
ضمير الانسانية وهزة تحتاج لوعي حقيقي للتمعن في دلالتها والنظر في
تفاصيلها ودراسة شخصياتها وتحليل سلوكياتهم المريضة التي جعلتهم يقتلون
الاطفال ويغتصبون النساء ويمثلون بجثثهم من غير ان يرف لهم جفن او يندى
لهم جبين.
[email protected] |