
شبكة النبأ: شكلت الحركات الجهادية
أزمة سياسية وأمنية عالمية لعبت الولايات المتحدة من خلالها دورا كبيرا
في نشأت هذه الحركات ومساهمتها بشكل أو بآخر بأخمادها أو نموها، فبعد
كل ماحدث في افغانستان والعراق من حرب على الأرهاب تأتي التصريحات من
كبار القادة الامريكيين لتكون مفتاحا لبحث الأزمة وخصوصا مع المنبع
لهذه الحركات وهي حركة طالبان، لكن خبراء سياسيون قللوا من أهمية هذه
المباحثات التي تجريها الولايات المتحدة.
هناك شيء جديد فليست الحقيقة في الاتصال بين الولايات المتحدة
وطالبان، الذي كان ملحمة ممتدة من الشد والجذب، لكن الحقيقة هي أن
تأكيد المباحثات جاء من كبار مسؤولين امريكيين.
ففي افغانستان مثلا لم تقر الحكومة فقط بأن المباحثات كانت جارية،
لكنها سمتاها أيضا مباحثات سلام وتحدث بإيجابية عن التقدم الذي أُحرز
وإن الجيش الأميركي كان مشاركا أيضا. وهذه نبرة جديدة ومعلومة جديدة
أيضا.
ويعتقد محللون سياسيون ألا تكون هناك إمكانية سلام في أفغانستان ما
لم يتم إشراك طالبان في أي تسوية كان أمرا مقبولا على نطاق واسع لبعض
الوقت.
فأن موت أسامة بن لادن الشهر الماضي غير حسابات كثيرة. فقد عزز سلطة
أوباما محليا لأنه أنجز ما حاول سلفه جورج بوش جاهدا القيام به، وسمح
للولايات المتحدة برسم صورة أوضح بين تنظيم القاعدة، الذي قطع رأسه،
وطالبان، وهو التمييز الذي جعل المباحثات مع طالبان أكثر احتمالا. كذلك
مهد القضاء على بن لادن الطريق أمام وزير الدفاع الأميركي القادم ليون
بانيتا لوضع السياسة الأفغانية على أساس جديد.
وفوق كل شيء شكك موت بن لادن في الأساس المنطقي للقوات الأجنبية أن
تبقى لفترة أطول بأفغانستان. وزاد الضغط على أوباما لإنجاز الجدول
الزمني المشروط لسحب القوات، إن لم يكن لتسريع ذلك. وهذا بدوره وجه
رسالة لكرزاي وحكومته الفاشلة بأن الولايات المتحدة قد لا تكون هناك
لدعم موقفه إلى أجل غير مسمى.
وهناك احتمال كسر حالة الجمود التي ظلت نحو ثلاث سنوات. ولكن لكي
تتمخض المباحثات، أو مباحثات السلام، عن أي نوع من التسوية، فهناك عدة
شروط يجب أن تتحقق.
الأول، أن الإدارة الأميركية، بما في ذلك المؤسسة العسكرية، يمكن أن
توافق على الغاية والوسيلة. الثاني، أن تنضم افغانستان بقواها السياسية
الى الركب.
ثالثا، أن يتحدث الجميع إلى قادة طالبان الذين يمكن أن يكونوا
متعاونين. وأي من هذا لن يكون بسيطا، لكن تصريحات الحكومة هي أفضل دليل
حتى الآن على أن البداية قد تحققت وأن المرحلة النهائية للمفاوضات
الممتدة قد بدأت أخيرا.
ويرى محللون سياسيون إن الطريق قد تمهد أخيرا لمباحثات بين الولايات
المتحدة وطالبان. والرئيس الأفغاني حامد كرزاي ووزير الدفاع الأميركي
روبرت غيتس قد أكدا أن الاتصالات التمهيدية جارية.
لكن ما زال الطريق طويلا قبل بدء مباحثات شاملة وتشكيل إجماع في
واشنطن حول ضرورتها. وكما أعلن غيتس أن أي نتيجة سياسية هي الطريقة
التي بها تنتهي معظم الحروب. والسؤال هو هل طالبان مستعدة للتباحث
الجاد ومتى سيكون ذلك؟.
إلى أن تعليقات غيتس الأخرى أوضحت أن هذا السؤال ينطبق على
الأميركيين. فقد جادل غيتس بأن الولايات المتحدة كانت بحاجة إلى ممارسة
المزيد من الضغط العسكري على حركة طالبان.
وقد كان نهج نعم للمباحثات، لكن ليس بعد هو موقف وزارة الدفاع
الدائم الذي أعرب عنه كثيرا قائد الأركان الأميركية في أفغانستان
الجنرال ديفد بترايوس، الذي سيكون لديه المزيد من التقارب مع الرئيس
الأميركي باراك أوباما في منصبه القادم وهو رئيس وكالة المخابرات
المركزية (سي آي أي).
أن صانعي القرار الأميركي ما زالوا لم يدركوا بعد أن دافع طالبان
الرئيسي للتفاوض هو الرغبة في إنهاء الاحتلال الأجنبي لأفغانستان.
والمسؤولون الأميركيون على مختلف توجهاتهم السياسية والعسكرية
يقدمون تصريحات صحفية لا حصر لها تزعم أن المواطنين ينضمون إلى طالبان
بسبب المال أو البطالة أو النزاعات المحلية حول الأرض وشرف العائلة.
وعندما أقدم كرزاي نفسه على انتقاد الأميركيين مؤخرا بسبب قتل المدنيين
رد عليه المعلقون الأميركيون بلهجة حادة وانتقدوا تصريحاته.
أن الشيء الرئيسي الذي يجب أن تقوم به افغانستان الآن هو تأجيل
المباحثات حول القواعد الأميركية الطويلة الأجل التي تحاول الولايات
المتحدة دفعها إلى الأمام تحت ستار اتفاق شراكة إستراتيجي.
وربما أن دعم وجود عسكري أميركي طويل الأجل في أفغانستان يعارض
بوضوح المفاوضات الجادة لإنهاء الحرب. كما أنه سيقوض احتمالات أي اتفاق
إقليمي بين أفغانستان وجيرانها.
وقد أجمعت روسيا والصين ودول آسيا الوسطى الأربع التي تشكل منظمة
شنغهاي للتعاون في قمة الأسبوع الماضي على "أفغانستان محايدة". وهذا هو
أيضا موقف الهند وإيران. فلن يصمد أي اتفاق سلام في أفغانستان ما لم
تنته حقبة التدخل الخارجي من قبل جيرانها، ومن ثم يجب التمسك بمفهوم
المحايدة. ومسألة وجود قوات أميركية في أفغانستان لحماية الحياد
الأفغاني هو هراء خطير.
وبالإضافة إلى إنهاء الاحتلال الأجنبي فإن أكبر تحدّ يواجه
أفغانستان هو إنهاء الحرب الأهلية التي دامت 35 عاما. والمباحثات بين
كل الشركاء والأطراف الأفغانية، بما في ذلك طالبان، هي التي يمكن أن
تفعل ذلك فقط.
ولا يستطيع الأميركيون السيطرة على النتيجة لكنهم ينبغي ألا يعيقوها
أيضا. ولهذا السبب فإن إعلان أوباما تأييد وقف لإطلاق النار ومفاوضات
على انسحاب كامل للقوات الأميركية والأجنبية الأخرى سيكون أفضل مساهمة
للتوصل إلى تسوية شاملة الأفغان في أشد الحاجة إليها. |