إزاحة الطغاة... ديناميكية الحياة وعالم الحرية المرتقّب

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: يؤكد سماحة المرجع الديني، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، على التجدد الديناميكي المتواصل لعالم اليوم، وينبّه النخب كافة، على أهمية ملاحظة ما يحدث الآن، في إطار النزعة التحديثية لشعوب الشرق الاوسط، ويذكّر الحكام على أن العصر الراهن، هو عرص الحرية، وعصر (حوار الحضارات وليس تصادمها) وهو هدف جماهيري، ترسمه وتخطط له عقول النخب الناجحة، وتأخذ القيادات الذكية المتوقدة على عاتقها، تنفيذ البرمجة التحديثية على الارض.

وهو ما يجري من وقائع يلحظها المعنيون وغيرهم، حيث تتجدد الانتفاضات في معظم دول الشرق الاوسط، كما نلاحظ ذلك فيما يحدث الآن في البحرين، حيث تصدّت مجموعة من المنظمات المعارضة، والقيادات الشبابية وغيرها لمهمة التغيير والعصرنة.

ونظرا للمرحلة المحورية الحرجة التي تمر بها شعوب الشرق الاوسط، حيث تتطلع الجماهير الى كسح وإزالة أنظمتها السياسية العجفاء، والاتيان بأنظمة معاصرة، شكلها وجوهرها التحديث والتطور، فإن سماحة المرجع الشيرازي يطل على الجميع بأفكاره ورؤاه السديدة، ويضعها بين أيدي المعنيين من شباب الامة المتحمس، والناهض لتجديد الحياة برمتها، وقد وجّه سماحته ببعض الخطوات الفكرية والعملية التي تضع أمام الحكام مرآة الحقيقة، لتكشف أخطاءهم وتُظهر لهم مدى الوهم العميق الذي يتلبس عقولهم وبصائرهم، فهم لايزالون متمسكين بعنصر القمع كإسلوب عقيم لحماية عروشهم، بينما قانون الحياة ودينامية الحركة المتسارعة للشعوب تنبئ بغير ذلك تماما، إنها تقول للحكام السلطويين كفى لقد انتهت اللعبة، وعليكم أن تعرفوا بأنكم وصلتم الى آخر المطاف، وأن سيول التجديد الهادرة تتدفق نحو عروشكم لتقتلعها من جذورها.

وهو ما يحدث الآن على الارض فعلا، ودائما يكون الحكام المتغطرسون هم السبب، إذ يقول سماحة المرجع الشيرازي بهذا الصدد في توجيهاته الاخيرة التي جاءت منسجمة ومتوافقة مع الانتفاضات الشعبية المستعرة:

(لو أن الحكّام اليوم يتأمّلون في تأريخ من مضى من الحكّام أمثالهم، لأعادوا النظر في تصرّفاتهم وأفعالهم مع شعوبهم، ولما أقدموا على حرق تاريخهم بأيديهم).

ويحذّر سماحته من أن (الحكومة التي تبتني أساسها على الاستبداد وهضم حقوق الناس المشروعة هي حكومة زائلة وفانية لا محالة).

إن قانون التطور الطبيعي يرفض التقوقع، ويتطلع الى التغيير، فيما يستميت الحكام، كي يجعلوا من الرتابة والنمطية والسكونية، قانونا للحياة، حتى يطمئنوا على سلامة عروشهم، وهذا التضارب بين النزوع الطبيعي للتجديد، وبين تشبث الطغاة بالقديم الساكن، هو الذي يحرك بؤرة الصراع بين الطرفين (الحاكم والجماهير)، لهذا يحاول الحكام كنز الاموال، من خلال الفساد والاستئثار بالثروات على حساب الشعب، من دون أن يقتنعوا بأن قانون الحياة الصحيح، سيطيح بآمالهم بالبقاء أكثر في سدة الحكم، فيؤكد سماحة المرجع الشيرازي مشيرا في توجيهاته الى: (إن الفساد الإداري والاستئثار بأموال الناس وإيداعها في حسابات خاصة في البنوك الأجنبية أدى إلى المزيد من الحرمان والبطالة والتخلف والمرض والجهل وسوء الخدمات مما عمق جراح المظلومين والمسحوقين من أبناء هذه الشعوب وجر عليها أنواع المآسي والمحن).

الامر الذي دفع الجماهير، باتجاه معاضدة قانون التغيير الوطني، الذي يتسارع من خلال الاحتجاج، والانتفاض على السكون، والركون الى النمطية، لهذا يقول سماحة المرجع الشيرازي: (ان هذه الاحتجاجات العارمة إنما تنم عن روحٍ وطنية وإصلاحية وتدعو للتغيير الجذري وهذا حق إنساني مشروع).

بيد أن الحكام الطغاة لا يتواءم ذلك مع اهدافهم، ومصالحهم المحصورة بحماية العرش، مهما كانت الدواعي والاسباب، الامر الذي يدفع بهم الى مواصلة القمع، ومضاعفة التسلط، والتجاوز على الشعب، وصولا الى القتل الجماعي، كما حدث في البحرين مثالا، لكن هذا الاسلوب، بدلا من أن يحد من حركة الحياة الى امام، فإنه يعجّل بتقادمها وازالة العروش الخاوية، كما يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي مذكّرا الطغاة: (بأن استخدام وسائل العنف وإطلاق الرصاص الحي على المحتجين الأبرياء موقف غير مقبول ويزيد الجماهير تصميماً وإصراراً للمضي في طريق التغيير وان حوادث القتل التي ارتكبت خلال هذه الاحتجاجات مشمولة بقوله تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) المائدة:32.

ولكن في آخر المطاف، سيستمر المسار الحركي الدينامي التقدمي لطبيعة الحياة، ويعلو الحق، ويسقط المتجبرون، والسبب واضح وبسيط، يؤشره سماحة المرجع الشيرازي حين يقول: (إن عالم اليوم وجيل اليوم يبحث عن الحقيقة والسعادة، وهذا لا يتأتى إلاّ في ظل الحرية بما في الكلمة من معنى، وفي إطار العدل بما للكلمة من شمول, والممارسات الظالمة للحكّام ليست إلاّ سدّاً أمام طموح الشعوب في نيل الحرية المشروعة التي تنتهي إلى انتصار المظلوم على الظالم).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23/حزيران/2011 - 20/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م