دولة فلسطين... كلمة لا يفهمها الغرب ولا تهضمها إسرائيل

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: يبدوا ان فضاء العالم الرحب لا يتسع لإقامة دولة أخرى مستقلة وذات سيادة، فالحساسية تزداد كلما تحركت قضية فلسطين الشائكة، والأمور تتعقد بمجرد طرح موضوع اقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل "المحتلة" والتي تم الاعتراف بها منذ عشرات السنين كهدية على ما قامت به من إجرام داخل فلسطين، كما ان الشعب الفلسطيني قد مل من فقاعة دولة فلسطين التي اجبرت الساسة الفلسطينيين (والمتنتحرين فيما بينهم) على تقديم التنازلات تلو الاخرى واللهث وراء حلم يعيش بين احضان الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل بعد ان دقت "مسمار جحى"  وبدءت بالتأرجح علية متى ارادت.

ان الواقع والعقل والمنطق يؤكد على ضرورة اقامة دولة فلسطينية ذات حرمة وحفظ اراضيها وارجاع المحتل منها (حدود عام 1967 على الاقل) وكف الانتهاكات التي يقوم بها الجانب الاسرائيلي بحق الشعب الاعزل، وقد تم الاعتراف بالعشرات من الدول ومنحها السيادة الكاملة من قبل الامم المتحدة والدول المنتمية اليها ولعل جنوب السودان ستأتي في اواخر هذه الاعترافات بعد ان نجحت في الاستفتاء الاخير من الانفصال عن حكومة الخرطوم، وبالطبع فان الاستثناء الوحيد هو "فلسطين" مع حصولها على تأييد (122) دولة من اصل (192) في الامم المتحدة من اجل الاعتراف بها كدولة مستقلة.

مازال حبرا على ورق!

ففي الضفة الغربية لايزال المشتبه في انتمائهم لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) داخل السجون لمعارضتهم السلطة الفلسطينية التي يقودها الرئيس محمود عباس، وفي غزة التي تديرها حركة حماس مازال أنصار عباس يتعرضون لاعتداءات من جانب قوات الامن التابعة للحركة، وأثار عدم احراز تقدم على الارض حيث مازال الامن في أيدي الادارتين المتنافستين تساؤلات بالفعل بشأن مدى امكانية اجراء الانتخابات في غضون عام بموجب الاتفاق الذي تم توقيعه بوساطة مصر، وقالت منى منصور عضو المجلس التشريعي الفلسطيني وهي مؤيدة لحماس ان المصالحة حتى الان لا تتجاوز كونها حبرا على ورق، وأضافت في مكتبها بمدينة نابلس في الضفة الغربية أن من المستحيل أن تجري الانتخابات في هذه الاجواء وعددت الاجراءات التي مازالت السلطة الفلسطينية تتخذها ضد المشتبه في انتمائهم لحماس الذين يجري استدعاؤهم للاستجواب بشكل معتاد، ومضت تقول انها لا تشعر بأي تغيير على أرض الواقع، وتم توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية في الرابع من مايو ايار في القاهرة وكان نتاجا لموجة الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك وتتحدى الرئيس السوري بشار الاسد، ومن المعروف أن لمصر وسوريا تأثيرا كبيرا على الفلسطينيين، وبموجب الاتفاق يلتزم الفلسطينيون بتشكيل حكومة جديدة تحكم الضفة الغربية وقطاع غزة، وينظر الى هذا على أنه الجزء السهل من الاتفاق غير أن الطرفين لم يتفقا بعد على رئيس الوزراء، والاصعب سيكون اعادة الحريات السياسية التي كانت أحد الخسائر الرئيسية للازمة الفلسطينية والتي يقول مراقبون ان بدونها لا يمكن اجراء الانتخابات، وفي حين ظهر علما حركتي فتح وحماس من جديد في شوارع غزة ورام الله للمرة الاولى منذ سنوات فان أعضاء الحركتين يقولون ان اي تغييرات جرت حتى الان شكلية، ونتيجة لانعدام الثقة يشعر كل جانب بالتوتر بشأن اعادة التنظيم في المناطق التي لايزال الامن فيها تحت السيطرة المحكمة لمنافسه. بحسب رويترز.

وقال ناشط من حماس "الناس خائفون" وذلك في معرض تفسيره للاقبال الضعيف على تجمع نظمته الحركة في رام الله الشهر الماضي وهي من المرات الاولى التي تظهر فيها حماس في العاصمة الادارية الفلسطينية منذ عدة أعوام، وستظل الترتيبات الامنية في غزة والضفة الغربية كما هي في المستقبل المنظور مما يعني أن حماس ستواصل سيطرتها على غزة في حين تتولى السلطة الفلسطينية المسؤولية الامنية عن البلدات الكبرى في الضفة الغربية المحتلة، وقال عضو كبير بحركة فتح في غزة طلب عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع "هناك أجواء من المصالحة لكن لا توجد مصالحة حقيقية"، وتقول حماس انها في الاعوام الاربعة التي سيطرت فيها على القطاع حاولت السلطة الفسلطينية اضعاف الحركة في الضفة الغربية من خلال اغلاق المؤسسات الخيرية التابعة لها فضلا عن سجن وتعذيب أعضائها واقالة من يشتبه في تعاطفهم معها من الوظائف الحكومية، ولدى حركة فتح روايتها عن القمع على يدي حماس في غزة. واتفقت حماس وفتح في اطار اتفاق المصالحة على الافراج عن سجناء سياسيين على الرغم من نفي الجانبين احتجاز اي سجناء، وتقول حركة حماس ان السلطة الفلسطينية تحتجز 200 سجين سياسي في السجون أحدهم امجد عواد وهو يقضي عقوبة بالسجن ثلاثة أعوام لمعارضته سياسات السلطة الفلسطينية وفقا لما ذكرته وثيقة رسمية موجودة لدى عائلته، وقالت مي حماد زوجة عواد انها كانت متفائلة جدا بأن يتم الافراج عن السجناء لكن للاسف تبددت الامالو وأضافت أن كل هذا لم يؤد الى شيء ويبدو وكأنه شيء نظري يحدث لمجرد التقاط الصور أمام الكاميرات، ففي غزة مؤخراً فرقت قوات الشرطة التابعة لحركة حماس تجمعا شبابيا برعاية منظمة التحرير الفلسطينية التي تهيمن عليها حركة فتح ولا تنتمي لها حماس، وقال احمد مجدلاني المسؤول بمنظمة التحرير الفلسطينية في بيان ان هذه الاجراءات تسمم أجواء المصالحة ولا تعد مؤشرا على أن الانقسام على أرض الواقع قد انتهى، ووصف المعلق السياسي الفلسطيني هاني المصري اتفاق المصالحة بأنه هش لان الجانبين اضطرا له بسبب الاحداث الاقليمية وليس بسبب قناعاتهم، وقال ان الناس يراهنون على أن تولد أجواء المصالحة زخما يجعل اجراء الانتخابات حتمي، واستطرد قائلا ان المخاطر لا يستهان بها لان استمرار الوضع الامني على هيئته الحالية سيمثل عقبة كؤود أمام الانتخابات.

ترشيح فياض لرئاسة الوزراء

من جهة اخرى زادت حدة الخلافات مؤخراً بشأن تنفيذ اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس بعدما رشحت فتح رئيس الوزراء سلام فياض لرئاسة حكومة الوحدة وهو ما قابلته حماس بالرفض، وقال المسؤول الكبير بحماس صلاح البردويل قبل يومين من المحادثات المقررة مع فتح في القاهرة بخصوص تشكيل الحكومة "المؤكد أننا لن نقبل بفياض لا رئيسا للحكومة ولا وزيرا فيه، أربعة أعوام من الحصار والاعتقالات والتعذيب لقادة وكوادر حماس ارتبطت باسم سلام فياض الذي يتحمل أيضا مسؤولية الديون المتراكمة على الشعب الفلسطيني"، وفي اجتماع عقدته حيث اختارت اللجنة المركزية لفتح وهي اعلى هيئة لصنع القرار بالحركة فياض مرشحا لها لرئاسة الوزراء، ويقول مؤيدو فياض وهو مستقل واقتصادي سابق بالبنك الدولي يحظى باحترام دولي ان مكانته الخارجية ذخر للفلسطينيين لضمان استمرار تدفق المعونات الدولية ولمواصلة الجهود الرامية لاعتراف الامم المتحدة بالدولة المستقلة في سبتمبر ايلول، لكن اسرائيل تقول ان اتفاق المصالحة الذي وقع في ابريل نيسان عقبة امام احياء محادثات السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة مع الرئيس محمود عباس الذي فقدت قواته السيطرة على قطاع غزة لصالح حماس عام 2007. بحسب رويترز.

واتفقت فتح وحماس بموجب اتفاق الوحدة على انشاء حكومة انتقالية من التكنوقراط او الوزراء غير المنتمين لحركات سياسية قبل اجراء انتخابات خلال عام، ويدعو رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عباس الى ان يضرب عرض الحائط بالاتفاق مع حماس التي ترفض مطالب اسرائيلية وغربية بالاعتراف باسرائيل ونبذ العنف وقبول اتفاقات السلام القائمة التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية التي تقودها فتح في التسعينيات، واتهم البردويل فياض بالتعاون مع اسرائيل في فرض الحصار على قطاع غزة، وقال ان فياض يشترك بصفته رئيسا للوزراء في المسؤولية عن اعتقال قادة واعضاء حماس في الضفة الغربية في السنوات الاخيرة، وسبق ان عبرت حماس عن معارضتها لقيادة فياض لكن مسؤولا واحدا كبيرا على الاقل في الحركة نقل عنه قوله ان حماس ستبحث فكرة استمراره في منصبه كرئيس لوزراء، وسئل ان كان رفض حماس لفياض سيعرقل المصالحة لم يرق البردويل الى الاعلان عن موت الاتفاق لكنه حذر من اي ترشيح لمناصب حكومية قد يعتبرها اي طرف استفزاز، واضاف "لايجب ان يكون في الحكومة المقبلة من يثير استفزاز الفلسطينيين ويسيء لهم"، وقال جمال محيسن عضو اللجنة المركزية لفتح ان الحركة تريد رئيس وزراء يمكنه جذب الدعم الدولي و"مهمته ستكون رفع الحصار عن غزة وليس جلب الحصار الى الضفة الغربية أيضا".

فصل دحلان وخلافات فتح

من جهتها احتدمت الخلافات داخل حركة "فتح" بشكل جلي عقب إصدار اللجنة المركزية للحركة قراراً نهائياً بفصل عضو اللجنة محمد دحلان الذي يحظى بتأييد أوساط كبيرة من الحركة في قطاع غزة، ودعا قياديون في فتح إلى اجتماع اليوم الاثنين في قطاع غزة لمناقشة تطورات هذه القضية وتداعياتها، في وقت شن فيه نواب وقياديين من فتح بغزة هجوما لاذعا على اللجنة المركزية للحركة بعد قرارها فصل دحلان، معتبرين ما جرى "اعتداءات صارخة على القانون الأساسي يتعرض لها النائب محمد دحلان"، واعتبر 11 نائباً من حركة فتح 10 منهم من قطاع غزة، في بيان مشترك ان ما يحدث مع النائب دحلان "اعتداء صارخ على القانون الأساسي"، وقالوا إن دحلان "منتخب بأعلى الأصوات في محافظة خان يونس ويتمتع بالحصانة البرلمانية الكاملة" مشددين على عدم جواز توزيع الاتهامات عبر الإعلام دون صدور قرارات قضائية من المحاكم المختصة، وكانت اللجنة المركزية للحركة أعلنت مؤخراً قرارها بفصل محمد دحلان وإنهاء أي علاقة رسمية له بالحركة، وبحسب نص القرار الذي نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" فإن اللجنة قررت أيضاً إحالة دحلان إلى القضاء في ما يخص القضايا الجنائية والمالية وأية قضايا أخرى حسب ما ورد في تقرير لجنة التحقيق، وأشارت إلى أن القرارات أيضا، تضمنت الاستمرار في التحقيق مع الأشخاص الآخرين الذين رأت لجنة التحقيق ضرورة استمرار التحقيق معهم بموجب قرار يصدر لاحقا لتحديد القضايا التي يجب متابعته، واعتبر نواب فتح أن فصل دحلان وإحالة ملفه إلى لجنة التحقيق والنائب العام أو محكمة الفساد " إهانة للمجلس التشريعي ومس صارخ بالقانون". بحسب يونايتد برس.

ووصف دحلان في تصريح متلفز القرار بأنه غير قانوني، مشدداً على أن الرئيس محمود عباس كان يريد اتخاذ مثل هذا القرار منذ عشرة أشهر، وأشار إلى أن هذا الموقف جاء لأنه تحدث عن أبناء عباس، بدوره شن القيادي في حركة فتح بغزة صلاح أبو ختلة هجوما لاذعا على اللجنة المركزية للحركة لاتخاذها قرار الفصل، وقال أبو ختلة في بيان له "غزة لم تقل كلمتها بعد والآن نقول لكم إن أبناء وكوادر حركة فتح في كل مكان لن يصمتوا عن هذا العبث في الحركة لأنكم باختصار غير مؤتمنين على هذه الحركة"، ووصف قرار فصل دحلان بأنه "وصمة عار على جبين اللجنة المركزية"، معتبراً أن اجتماع اللجنة المركزية الأخير استهدف بشكل مباشر كوادر حركة فتح في قطاع غزة أولاً ومحمد دحلان ثاني، وقال"توافقنا كمجموعة أصدقاء وكادر فتحاوى مع الأخ محمد دحلان أن يلتزم الصمت تجاه تسلسل الأحداث التي تجاوزته لتطال كل المحيطين به والتي اشتممنا منها رائحة الحقد والحسد والكراهية وهو ما لم نعرفه ولم نتربى عليه في حركتنا الآبية"، وأضاف "إكراما لوحدة الحركة التزم دحلان الصمت طيلة هذه الفترة وتعددت لجان التحقيق مصاحبة لحملة إعلامية غير مسبوقة عبر وسائل إعلامية يفترض أن تدافع عن عضو لجنة مركزية منتخب"، واعتبر أبو ختلة أن كل ما حدث "إنما يدلل على أن هذه اللجنة غير مؤتمنة على الحركة ومقدراتها وتاريخها وتراثها الذي عبد بدم الشهداء ومعاناة الأسرى".

من جهة أخرى قال عدد من أعضاء المجلس الثوري أن الأوضاع في قطاع غزة "لم تعد تحتمل وان هناك غضب واسع في صفوف كوادر وجماهير الحركة ليس بسبب المواقف من دحلان فحسب وإنما بسبب الإهمال والتهميش الكبير من قبل اللجنة المركزية لقطاع غزة بشكل عام"، وكان عباس الذي يتزعم فتح، أمر العام الماضي بتشكيل لجنة تحقيق في قضية محمد دحلان، على خلفية تصريحات للأخير طالت أبناء عباس حيث جرى تجميد عضوية دحلان في اللجنة المركزية، وخضع للتحقيق بشأن" تجاوزات أمنية وتنظيمية والفساد المالي والتورط في اغتيالات"، ووصلت الأمور لذروتها قبل أيام عندما نشر دحلان، وهو مفوض الإعلام السابق لحركة فتح، رسالة موجهة إلى أمين سر اللجنة المركزية أبو ماهر غنيم نهاية أبريل/نيسان الماضي، هاجم فيها عباس بشكل شخصي، وقيادات أخرى من حركة فتح، وحمّلهم فيها المسؤولية عن إخفاقات كثيرة وقعت فيها الحركة، إضافة لتجاوزات إدارية ومالية، تخص أموال فتح واستثماراته، كما بث دحلان تسجيلاً مرئياً، على فيسبوك، اتهم فيه خصومه بـ"محاولة إقصائه عن حركة فتح وتدبير مكائد له، وعباس بإعدامه سياسياً وملاحقة أنصاره وإغلاق أدواته الإعلامية".

اعادة تعريف الكفاح الوطني

الى ذلك فان الحرية والعدالة والكرامة والمساواة هي مطالب الجيل الجديد من الفلسطينيين الساعين الى اعادة تعريف كفاحهم الوطني بأسلوب يمكن أن يهدد كلا من اسرائيل والقيادة الفلسطينية، وهم لا ينتمون الى فتح أو حماس ولا يعبأون بسياسات الفصائل الفلسطينية ولا بحل "الدولتين" الذي طالما قدمه الرئيس محمود عباس باعتباره الحل الممكن الوحيد للصراع مع اسرائيل، ويذكر حازم أبو هلال النشط في حركة للدفاع عن حقوق الانسان يقول انها تكتسب المزيد من الاعضاء بفضل الانتفاضات التي تجتاح العالم العربي "بقدر ما يعنينا الامر فان قضيتنا هي قضية حقوق"، وأضاف وهو يتعافى من اثار سائل كريه الرائحة رشته القوات الاسرائيلية خلال احتجاج في الضفة الغربية شارك في تنظيمه "ليس من المهم الى هذه الدرجة وجود دولة من عدمه، ما يهم هو تحقيق هذه المطالب الاربعة"، وقال أبو هلال (28 عاما) "نعاني من تمييز عنصري، نعاني من قيود، لا نتمتع بحرية الانتقال، نتكلم عن حركة لحقوق الانسان"، وترفض حركته العنف حتى الرشق بالحجارة الذي يميز الاحتجاجات الفلسطينية منذ اندلاع الانتفاضة الاولى في 1987، ومع ذلك لا تنجح دائما محاولات وقف العنف خاصة اذا ما أطلق الغاز المسيل للدموع، وعدد النشطاء محدود وشارك نحو 200 فقط في احتجاج نظم مؤخر، الا أن بعض المحللين يعتقدون أن برنامجهم الذي يرتكز على حقوق الانسان يمكن أن يضطلع بدور رئيسي في صياغة فصل جديد في الصراع الفلسطيني بينما يبدو أن استراتيجيات القادة الحاليين قد باءت بالفشل، وبعد مضي عقدين على اطلاقها فقدت "عملية السلام" مصداقيتها على نطاق واسع.

ويقول منتقدوها ان التوسع في المستوطنات اليهودية على أراض يسعى الفلسطينيون الى اقامة دولتهم عليها جعل "حل الدولتين" أمرا قد عفا عليه الزمن، وأعطت المفاوضات الفلسطينيين حكما ذاتيا محدودا لكنها لم تمنح الاستقلال للفلسطينيين الذين يعيشون على اراض احتلتها اسرائيل عام 1967، وباستثناء المعبر بين غزة ومصر لا يتحكم الفلسطينيون في حدودهم أو مجالهم الجوي، ولا تزال اسرائيل تسيطر بالكامل على أكثر من 60 بالمئة من الضفة الغربية، ويجري البحث عن أفكار جديدة، وقال سام بحور رجل الاعمال الفلسطيني والمدون الذي أيد ذات يوم حل الدولتين لكنه يشك في انه لا يزال حلا ممكنا "اننا في مرحلة انتقالية خطيرة للغاية.

"أطفالي يسألون، اذا ما كانت حركتي وحرياتي كفرد ستظل رهينة لنوع ما من العملية السياسية التي تأبى أن تنتهي فمن الافضل اسقاط العملية السياسية من أجل الدولة والتركيز على حقوقي اليوم"، وأردف "هذا بالضبط ما يفعله الجيل الاصغر ويتسق تماما مع الربيع العربي"، ويب هذا النهج الفلسطينيين بطبيعة الحال من فكرة رفضتها اسرائيل لكن يبدو أنها تكتسب المزيد من التأييد بين الفلسطينيين وهي السعي للحصول على حقوق مدنية كاملة من اسرائيل كجزء من نفس الكيان السياسي، ويعني هذا ضمنا التخلي عن نهج الدولتين لصالح نهج سيفضي الى نتيجة صعبة للغاية، دولة واحدة ثنائية القومية تمتد من البحر الابيض المتوسط الى وادي الاردن، يقول أنصار الفكرة ان الامر قد يستغرق عقودا لتنفيذها اذا ما أمكن أصل، وبالنسبة لاسرائيل فان "حل الدولة الواحدة" ليس فعال، فمنح الجنسية لملايين الفلسطينيين سيقوض الصبغة اليهودية لاسرائيل وينهي الحلم الصهيوني. بحسب رويترز.

كما أن الفكرة تتعارض مع عقدين من الدبلوماسية التي قادتها الولايات المتحدة في الشرق الاوسط ومع استراتيجية منظمة التحرير الفلسطينية التي تقوم على فكرة اقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن فلسطينيين أيدوا فيما سبق حل الدولتين يقولون ان هناك بديلا الان لتحول استراتيجي كبير صوب كفاح من أجل الحقوق يماثل الكفاح الذي خاضه سكان جنوب أفريقيا ضد نظام الفصل العنصري، يقول جمال حماد المسؤول في حركة فتح التي يتزعمها عباس والذي لم يعد يؤمن بامكانية اقامة دولة فلسطينية الى جوار اسرائيل "ليس هناك طريق اخر"، وقال غسان الخطيب المتحدث باسم السلطة الفلسطينية التي تأسست بموجب اتفاقيات أوسلو للسلام كحكومة مؤقتة ان استطلاعات الرأي تظهر أن غالبية الفلسطينيين لا يزالون يؤيدون حل الدولتين، وأضاف انه مع ذلك قد يتغير هذا نتيجة الممارسات الاسرائيلية التي تقلل من امكانية تطبيق هذا الحل، ويمثل هذا تحديا أمام المسار الذي تنتهجه منظمة التحرير التي بدأت التفاوض مع اسرائيل منذ عقدين بهدف اقامة دولة في الضفة وغزة، ومع حالة الجمود التي تعيشها المفاوضات الان يعتزم عباس أن يسعى للحصول على عضوية كاملة في الامم المتحدة لدولة فلسطين فوق هذه الاراضي في سبتمبر أيلول حتى بالرغم من أن الخطوة محكوم عليها بالفشل نظرا لمعارضة القوى العالمية الكبرى ومن بينها الولايات المتحدة، ويرى منتقدون ذلك مؤشرا اخر على ان عباس لم تعد لديه خيارات أخرى، وتوجه نفس الانتقادات الى حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) المحاصرة في قطاع غزة، كما أن استراتيجيتها التي تقوم على المواجهة المسلحة مع اسرائيل لم تؤت ثمارا أمام عدو أقوى بكثير، يقول أحمد عويضة الرئيس التنفيذي للبورصة الفلسطينية "جربنا كل شيء، بالتأكيد أعطينا أوسلو ميزة حسن الظن"، ليس فقط الحركة المتشددة هي التي تعتبر أن حل الدولتين انتهى واننا بحاجة الى التركيز على حل دولة واحدة وعلى الحقوق المدنية، كفاح من أجل الحرية على نمط جنوب أفريقي، بل اناس مثلي، رئيس البورصة الفلسطينية"، لكن ليس لدينا نيلسون مانديل، ليس لدينا حتى ديزموند توتو لذا أمامنا مشوار طويل."

أسئلة وأجوبة

بدورها قالت جامعة الدول العربية انها ستسعى الى عضوية كاملة لدولة فلسطينية في الامم المتحدة تقام على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون القدس الشرقية عاصمة لها متجاهلة معارضة واشنطن واسرائيل.ورغم أن هذه الخطوة قد تكون رمزية فلا يبدو أن هناك فرصة تُذكر لنجاحها في الوقت الراهن.

1.ما هو وضع الفلسطينيين الان داخل الامم المتحدة؟

الفلسطينيون مراقبون في الامم المتحدة لا يتمتعون بحق التصويت مثلهم مثل الفاتيكان والاتحاد الاوروبي.

2.ما الذي يريده الفلسطينيون والاسرائيليون وغيرهم؟

كتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في نيويورك تايمز مؤخراً يقول ان المجتمع الدولي يجب أن يعترف بدولة فلسطينية في الامم المتحدة في سبتمبر أيلول ويؤيد انضمامها للمنظمة الدولية، وقال الرئيس الامريكي باراك اوباما العام الماضي انه يأمل في امكانية أن تنضم دولة فلسطينية الى عضوية الامم المتحدة بحلول موعد اجتماع زعماء العالم في نيويورك لحضور الجلسة السنوية للجمعية العامة للمنظمة، ويقول مسؤولون أمريكيون ان هذا التصريح كان من قبيل التمني وليس دعوة للتصويت هذا الخريف على انضمام الفلسطينيين لعضوية الامم المتحدة، وتحشد اسرائيل الرأي العام العالمي ضد المسعى الفلسطيني في الامم المتحدة، لكن يقول دبلوماسيون بالامم المتحدة ان العديد من الدول الاوروبية تتطلع بتأييد متزايد للفكرة فيما يرجع بدرجة كبيرة الى مشاعر الإحباط إزاء حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وما يرون أنه تجاوزات من جانبها فيما يتعلق بالمستوطنات وقضايا أُخرى تعطل محادثات السلام.

3.هل يمكن للامم المتحدة الاعتراف بدول؟

فنيا لا تعترف الامم المتحدة بدول بل يفعل ذلك اعضاء الامم المتحدة بشكل ثنائي، وفي واقع الامر تعتبر العضوية في الامم المتحدة على نطاق واسع تأكيدا على أن دولة ما أصبحت معترفا بها دوليا وذات سيادة.

4.كيف تقبل الامم المتحدة أعضاء جددا؟

يتعين على الدول الراغبة في الانضمام للامم المتحدة أن تقدم طلبا أولا لمجلس الامن الدولي، واذا وافق المجلس الذي يضم 15 دولة على طلب العضوية يُحال الطلب الى الجمعية العامة للموافقة عليه وهو ما يعني اليوم تصويت 128 دولة من اجمالي 192 دولة لصالح الطلب، ومن المقرر ان يستقل جنوب السودان اعتبارا من التاسع من يوليو تموز المقبل ومن المرجح أن يقدم طلب كذلك لعضوية الامم المتحدة، وفور انضمامه للمنظمة سيزيد عدد الاعضاء الى 193 دولة ما يعني زيادة أغلبية الثلثين الى 129 دولة للموافقة على أي عضوية جديدة.

5.هل يمكن أن ينضم الفلسطينيون الى الامم المتحدة؟

نعم يمكنهم ذلك نظري، قال ماجد عبد العزيز سفير مصر لدى الامم المتحدة للصحفيين في نيويورك ان 112 دولة تعترف الان بدولة فلسطينية ذات سيادة ومن المتوقع أن يزيد العدد في الاشهر القليلة المقبلة، لكن مادامت الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام حق النقض (الفيتو) لوقف المسعى الفلسطيني فلا توجد فرصة لنجاحه، وحتى اذا ضمن الفلسطينيون أغلبية الثلثين في الجمعية العامة فليس هناك مجال للالتفاف حول الموافقة الضرورية المسبقة لمجلس الامن اذ يقضي ميثاق الأمم المتحدة بأن العضوية في المنظمة "تنفذ بموجب قرار الجمعية العامة بناء على توصية من مجلس الامن"، لكن اذا غيرت واشنطن موقفها ووافقت على مساندة المسعى الفلسطيني او الامتناع عن التصويت في مجلس الامن فان المسعى سينجح على الارجح.

6.هل ينطبق قرار "الاتحاد من أجل السلام" على هذا الوضع؟

اقترح بعض الدبلوماسيين العرب لدى الامم المتحدة ان يسعى الفلسطينيون لتجاوز مجلس الامن بالاشارة الى قرار "الاتحاد من أجل السلام" الصادر عام 1950 والذي يسمح للجمعية العامة بالدعوة لاجتماع استثنائي لبحث أمور تتعلق بالسلام والامن الدوليين عندما ينشب خلاف بين الاعضاء الدائمين في مجلس الامن، ومكن هذا القرار الولايات المتحدة وحلفاءها من احباط محاولة الاتحاد السوفيتي استخدام حق الفيتو لوقف الدعم للقوات التي تعمل بتفويض من الامم المتحدة في الحرب الكورية، وقال دبلوماسيون غربيون وعدد من مسؤولي الامم المتحدة ان قرار "الاتحاد من أجل السلام" لا ينطبق على مسائل تتعلق بعضوية الامم المتحدة، وأوضحوا ان قرار الجمعية العامة هذا ينطبق فقط على القضايا المتعلقة بالامن والسلام الدوليين وليس طلبات العضوية، وقالوا كذلك ان ميثاق الامم المتحدة محدد بما يكفي فيما يتعلق باجراءات العضوية وليس هناك ضرورة تحتم تجاوز هذه الاجراءات. بحسب رويترز.

7.ما الذي قالته محكمة العدل الدولية عن هذا الامر؟

اصدرت محكمة العدل الدولية التابعة للامم المتحدة رأيين استشاريين غير ملزمين بشأن قبول الاعضاء الجدد في عضوية الامم المتحدة، الاول في عام 1948 ويفيد بضرورة ألا تكون قرارات قبول الدول سياسية بل تستند الى انطباق معايير العضوية وهي ان يكون المرشح دولة وأن تكون الدولة محبة للسلام وأن تقبل الالتزامات الواردة في ميثاق الامم المتحدة وأن تكون قادرة على تنفيذ هذه التزامات وأن تكون مستعدة للقيام بذلك، وجاء الرأي الاستشاري الثاني للمحكمة في عام 1950 وأفاد بأن الجمعية العامة لا يمكنها قبول عضوية دولة في الامم المتحدة دون توصية ايجابية من جانب مجلس الامن.

8.هل يكون لتصويت الجمعية العامة قوة قانونية؟

لا، اذا أقرت الجمعية العامة في سبتمبر قرارا يعلن تأييد فكرة انضمام دولة فلسطينية لعضوية الامم المتحدة فلن يكون لذلك سوى قيمة رمزية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 22/حزيران/2011 - 19/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م