ويكيليكس... من الصين الى ربيع العرب

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: لا تزال تسريبات موقع ويكيليس تمثل تحديا جديا بوجه العديد من دول العالم، خصوصا بعد كشفه عن الآلاف من الوثائق السرية الخطيرة، التي تسببت بأزمة حرجة للمعنيين بها، خصوصا الولايات الأمريكية المتحدة وبعض دول الشرق الاوسط.

وفي الوقت الذي تسعى واشنطن الى إدانة اسانج مالك موقع ويكيليكس وصاحب حق الامتياز في نشر الوثائق، لا يزال الاخير يسرب بين الفينة والأخرى بعض الوثائق الحساسة، التي تستثنى منها حتى الحسابات المصرفية.

فيما اعتبر اسانج في تصريح أخير ان الوثائق المسربة ساهمت في تأجيج الربيع العربي وتخلى الولايات المتحدة عن حلفائها القدامى ممن أسقطتهم شعوبهم الثائرة.

وفي الوقت الذي يخضع مؤسس الموقع الشهير للمحاكمة عما اعتبر افشاء أسرار أمنية وسيادية لبعض الدول، تقرر ادراج كلمة ويكيليكس في قاموس اللغة الإنكليزية كمفردة صحيحة، مما يعكس حجم التأثير الذي خلفه هذا الموقع في العالم!

الادارة الاميركية

فقد افادت مصادر متطابقة ان ادارة باراك اوباما تواصل جهودها للتوصل الى توجيه التهمة في الولايات المتحدة الى مؤسس موقع ويكيليكس جوليان اسانج، ونظمت جلسة لهذا الغرض عقدت قرب واشنطن.

وافاد خبراء حقوقيون ان احدى الوسائل الممكنة تكمن في الاثبات ان اسانج هو الذي طلب من مانينغ سرقة الوثائق السرية. ووفقا للجنة دعم الجندي الشاب، فقد طلب من احد اصدقائه ديفيد هاوس الذي زاره مرارا في السجن و"اشخاص يقيمون في بوسطن" حيث مقر لجنة الدعم، "الحضور للادلاء بشهادتهم تحت القسم". ورفض مثل هذا الطلب في الولايات المتحدة قد يؤدي الى ملاحقات قضائية. وقال جيف باترسن العضو في لجنة الدعم في بيان "هذه المضايقات تزيد تصميمنا على الدفاع عن حقوقنا الاساسية وحرياتنا الدستورية" ومنها حرية التعبير.

وقال كيفن زيس وهو محام في لجنة الدعم ان "القمع الشديد غير المسبوق الذي تمارسه الادارة ليس فقط بحق المتهمين بتزويد الوثائق بل ايضا بحق اصدقائهم ناجم عن تقليد الحكومات الفاسدة في العالم في اسكات الانتقادات المشروعة". ويعتزم زيس تنظيم تجمع خارج المحكمة. بحسب فرانس برس.

واسانج (39 عاما) موضوع حاليا في الاقامة الجبرية في بريطانيا في قضية اغتصاب قد يكون ارتكبها في السويد في اب/اغسطس 2010. ونفى على الدوام التهم الموجهة اليه. ويعتبر انصاره انه ضحية مؤامرة بعد ان نشر موقعه الاف الوثائق السرية.

ويشكك خبراء قانونيون اميركيون في احتمال تسليم اسانج للولايات المتحدة في حال نجحت ادارة اوباما في اقناع هيئة محلفين بتوجيه التهمة اليه رسميا.

الجندي المتهم

فيما استدعت النيابة ديفيد هاوس للمثول امام "هيئة محلفين فدرالية" اميركية تعمل كغرفة اتهام وتتحرك بسرية كبيرة، في الكسندريا في فيرجينيا. لكن هاوس صديق مانينغ الشخص الوحيد الملاحق في القضاء لتسريبات موقع ويكيليكس، قال عند مغادرته القاعة انه تمسك بحقه الدستوري "في التزام الصمت"، حسبما ورد في بيان للجنة لدعمه.

وقال هاوس امام الصحافيين في ضاحية واشنطن ان "الاستعراض (المحاكمة) الجاري يمكن ان يشكل سابقة خطيرة لفرض رقابة على وسائل الاعلام". واضاف ان "الادارة (الاميركية) تحاول تفكيك مجموعة ويكيليكس الاعلامية واتهام مؤسسها جوليان اسانج" وتقوم "بتوسيع دائرة ضحاياها لتشمل اساتذة وطلابا وصحافيين" في محيط بوسطن تم استدعاؤهم جميعا للادلاء بافاداتهم امام هيئة المحلفين. وعبر عن اسفه لمصادرة الكمبيوتر المحمول الخاص به.

وتطالب لجنة دعم برادلي مانينغ بوقف الملاحقات ضده وبالافراج عنه. ويمكن لهذا الشاب البالغ من العمر 23 عاما الذي عمل محللا في الاستخبارات في العراق، ان يواجه حكما بالسجن مدى الحياة في حال ادانته. بحسب فرانس برس.

ولا يعني اجتماع هيئة المحلفين بالضرورة ان اسانج (39 عاما) يمكن ان يتهم قريبا بل ان ادارة الرئيس باراك اوباما التي وعدت بان تبذل ما بوسعها لمحاكمته، ما زالت تعمل لتحقيق هذا الهدف. وفتح التحقيق الجنائي ضد اسانح في تموز/يوليو 2010.

انتفاضات العالم العربي

من جهته قال جوليان اسانج مؤسس موقع ويكيليكس ان نشر برقيات دبلوماسية امريكية ساعد في تحفيز الانتفاضات في العالم العربي. وقال خبير الكمبيوتر -الذي اثار غضب حكومة الولايات المتحدة لنشره الاف البرقيات السرية- ان التسريبات ربما اقنعت بعض الانظمة السلطوية بأنها لا يمكنها ان تعتمد على الدعم الامريكي اذا استخدمت القوة العسكرية ضد المحتجين.

وابلغ اسانج مئات من الطلاب في كلمة القاها في جامعة كامبردج أن تلك البرقيات جعلت ايضا من الصعب على الغرب ان يواصل دعمه لانظمة طال بقاؤها في السلطة. وقال "البرقيات التونسية أظهرت بوضوح انه اذا وصل الامر الي حدوث قتال بين الجيش في جانب والنظام السياسي (للرئيس زين العابدين) بن علي في الجانب الاخر فان الولايات المتحدة ستدعم على الارجح الجيش."

ومضى اسانج قائلا "ذلك شيء لا بد انه كان سببا في أن دولا مجاورة لتونس توصلت الي اعتقاد بأنها اذا تدخلت عسكريا فانها ربما لن تكون في نفس الجانب مع الولايات المتحدة." بحسب رويترز.

وقال اسانج ان امتداد الاحتجاجات الي دول اخرى في المنطقة شجع ويكيليكس على نشر معلومات عن لاعبين رئيسيين في مصر وليبيا والبحرين " بأسرع ما كان في امكاننا." وفي مصر تنحى الرئيس حسني مبارك في فبراير شباط بعد 18 يوما من بدء الاحتجاجات.

وقال اسانج -الذي يقاوم طلبا لتسليمه من بريطانيا الي السويد فيما يتصل باتهامات جنسية- ان البرقيات التي نشرت عن رئيس المخابرات المصري السابق ونائب الرئيس عمر سليمان منعت الولايات المتحدة من دعمه كخليفة محتمل لمبارك. واضاف قائلا "لم يكن ممكنا ان تخرج (وزيرة الخارجية الامريكية) هيلاري كلينتون لتعلن التأييد لنظام مبارك." واستمع حوالي 800 طالب لكلمة اسانج بعد ان اصطف كثيرون منهم في طوابير لساعات وصفقوا له بحماس.

جائزة نوبل للسلام 2011

في سياق متصل وقال النائب النروجي سنور فالين انه رشح ويكيليكس لنيل جائزة نوبل معتبرا ان الموقع الذي اسسه الاسترالي جوليان اسانج والمتخصص في نشر معلومات سرية اتاح الكشف عن "الفساد وجرائم الحرب والتعذيب".

وتم ترشيح ايضا المنظمة الروسية المدافعة عن حقوق الانسان غير الحكومية "ميموريال" واحدى مسؤولاتها سفيتلانا غانوشكينا تكريما لجهودهم في حماية الحريات في روسيا.

وعلى لائحة المرشحين ايضا الرجال الثلاثة الذين اخترعوا الانترنت الاميركي لاري روبرتس وفينت سيرف والبريطاني تيم برنيرز-لي. وقد اتاح اختراعهم ظهور مواقع مثل تويتر وفيسبوك التي لعبت دورا كبيرا في "الربيع العربي".

وبين المرشحين الاخرين، الاتحاد الاوروبي والمستشار الالماني السابق هلموت كول ورئيسة ليبيريا ايلين جونسون سيرليف والمنشق الكوبي اوزوالدو بايا سارديناس.

وسيعلن اسم الفائز او الفائزين في تشرين الاول/اكتوبر على ان تسلم الجائزة في 10 كانون الاول/ديسمبر في ذكرى رحيل مؤسس جوائز نوبل السويدي الفرد نوبل. بحسب فرانس برس.

والسنة الماضية اثار قرار لجنة نوبل التي تضم خمسة اعضاء يعينهم البرلمان النروجي، غضب بكين بعدما منحت الجائزة للمنشق الصيني المسجون ليو تشياوبو.

ثورة المعلومات

الى ذلك يسلط موقع ويكيليكس ومؤسسه جوليان اسانج الضوء على الخلافات بشأن أمن البيانات ويظهر أن ثورة المعلومات التي غذتها التكنولوجيا تفوق الجدل بشأن استخدامها. وتتناقض حملة تشنها الولايات المتحدة فيما يبدو لاغلاق موقع ويكيليكس مع خطابها العلني عن حرية التعبير. وتأتي بعد بضعة أشهر من انتقاد وزارة الخارجية الامريكية لدول الخليج لتهديدها بتعليق خدمات أجهزة البلاكبيري بسبب الرقابة على الرسائل المشفرة.

وأحدثت امكانية تحميل وتسريب نحو 250 الف برقية دبلوماسية أمريكية سرية فضلا عن جميع الملفات العسكرية تقريبا لحربي العراق وافغانستان زلازل أحاطت بكل هذه البيانات الحساسة.

ووجد موقع ويكيليكس على الانترنت نفسه مغلقا منذ ذلك الحين بعد ضغوط سياسية فيما يبدو على مقدمي الخدمة غير أن وجود خوادم بديلة تحمل نفس البيانات في عدة دول أوروبية يعني أن البيانات التي نشرت حتى الان ستظل متاحة. ووجهت مواقع للتواصل الاجتماعي مثل تويتر المستخدمين بسرعة الى المواقع الجديدة.

وقال جوناثان وود محلل القضايا العالمية بمؤسسة كونترول ريسكس لاستشارات المخاطر "كان هناك دوما خلاف بين من يريدون أن تكون شبكة الانترنت مفتوحة وحرة ومن يعتبرون هذه مجازفة. من يريدون أن تخضع المعلومات للحماية والمراقبة. من الواضح أن هذا يبرز هذه الخلافات." ويبدو أن الاراء تزداد استقطابا. بحسب رويترز.

وعبر مسؤولون وخبراء في مجال الامن عن غضبهم بعد أن نشر موقع ويكيليكس قائمة بمنشات في أنحاء العالم تعتبرها الولايات المتحدة حيوية قائلة انها تزيد مخاطر شن متشددين هجوما.

في الوقت نفسه دعت رسائل بالبريد الالكتروني تم تداولها ومواقع الكترونية تدعم اسانج مستخدمي الانترنت حول العالم الى مكافحة الرقابة بنشر البرقيات على أوسع نطاق ممكن ومقاطعة المواقع مثل امازون وبايبال التي اتخذت خطوات لاغلاق الموقع.

وقال وزير فرنسي ان باريس تبحث عن سبل لمنع محاولات لاستضافة الموقع في فرنسا ودعا بعض كبار الساسة الامريكيين الى توجيه الاتهام لاسانج بالخيانة او معاملته كارهابي. وتقول ويكيليكس ان مواقعها تعرضت لهجمات الكترونية بشكل شبه متواصل.

وقالت جماعة مراسلون بلا حدود "هذه المرة الاولى التي نرى فيها محاولة على مستوى المجتمع الدولي للرقابة على موقع مكرس لمبدأ الشفافية." وأضاف "نحن مصدومون لاكتشافنا أن سياسات دول مثل فرنسا والولايات المتحدة بشأن حرية التعبير تتفق مع سياسات الصين."

وأظهرت تسريبات ويكيليكس كم البيانات التي يمكن الاستيلاء عليها الان دفعة واحدة واتساع نطاق انتشارها. وفي عقد سابق كان نقل هذا الكم من المعلومات الورقية يحتاج أسطولا من الشاحنات. الان تتيح شبكة الانترنت نشرها عبر الحدود الدولية فورا.

وتقول شركات وحكومات ان ثمة ضرورة لاتخاذ اجراءات للسرية والخصوصية. ويجب أن تتمكن المؤسسات من الحفاظ على سرية تكنولوجيا الملكية فضلا عن معلومات الاعمال اذا كانت تريد المنافسة. على سبيل المثال يمكن أن تتعرض أرواح البشر للخطر حين يتم ذكر اسماء أشخاص يساعدون القوات الغربية في العراق أو أفغانستان.

ويشعر الناس بقلق متزايد بشأن أمن المعلومات الشخصية. وأحرجت الحكومة البريطانية عدة مرات بعد أن فقدت البيانات الشخصية للالاف التي كانت محملة على الاقراص ووحدات الذاكرة المحمولة. في نهاية المطاف لا يريد أحد أن تتسرب بيانات بطاقته الائتمانية.

لكن لا يوجد اتفاق يذكر على الاجراءات القانونية التي يجب اتخاذها لمنع اساءة استخدام البيانات او ما اذا كان يمكن تطبيق اجراءات رقابية على مستوى وطني ناهيك عن المستوى الدولي.

وقال جاك همبروف الرئيس التنفيذي لمؤسسة فابورستريم الامريكية للتكنولوجيا "أعتقد أن الحوار لم يواكب التكنولوجيا. الناس بدأوا يدركون كم البيانات التي يتم تخزينها وكم المعلومات التي يمكن استنباطها منها... لا أظن أن هناك من سبيل للسيطرة عليها."

منشآت حساسة في العالم

وقد نشر موقع ويكيليكس لائحة سرية لمواقع صناعية وبنى تحتية حساسة في كافة انحاء العالم تريد الولايات المتحدة حمايتها من هجمات ارهابية لان خسارتها "ستضر بشكل كبير" بالامن الاميركي بحسب تعبير وزارة الخارجية الاميركية.

وهذه البرقية الصادرة عن وزارة الخارجية الاميركية وتحمل تاريخ شباط/فبراير 2009 تطلب من البعثات الدبلوماسية الاميركية احصاء البنى التحتية والمؤسسات في العالم "التي يضر فقدانها بشكل كبير بالصحة العامة والامن الاقتصادي والامن الوطني للولايات المتحدة". وبحسب البرقية "لم يطلب من الدبلوماسيين التشاور مع الحكومات المحلية لوضع اللائحة".

وهذه اللائحة التي نشرت والتي تغطي العديد من الدول باستثناء الولايات المتحدة، تضم خطوط اتصالات تحت البحر ومرافىء وسدودا وانابيب نفط وغاز ومناجم وشركات تصنع خصوصا منتجات صيدلة مهمة للصحة العامة.

وهذه اللائحة تتضمن ايضا مئات مواقع البنى التحتية الحساسة وتشمل كل القارات. والى جانب البنى التحتية الاستراتيجية تشير اللائحة ايضا الى قناة بنما ومنجم كوبالت في الكونغو ومناجم اخرى في جنوب افريقيا واميركا اللاتينية وكذلك شركات صيدلة تنتج لقاحات في الدنمارك وايطاليا والمانيا او حتى استراليا.

وبخصوص فرنسا تشمل اللائحة مجموعات الصيدلة سانوفي-افنتيس و"اي ام دي فارمس" و"غلاكسو-سميث-كلاين" في ايفرو وكذلك المجموعة الصناعية الستوم ونقاط وصول خطوط الاتصالات عبر الاطلسي في بليرين ولانيون. وفي ما يتعلق بفرنسا ايضا تشير اللائحة الى شركة الصيدلة "دياغاست" او سانوفي باستور في ليون التي تنتج لقاحات ضد الكلب.

ورأى مالكولم ريفكيند وزير الدولة البريطاني السابق لشؤون الدفاع والشؤون الخارجية ان موقف ويكيليس "غير مسؤول" بحيث ان هذه اللائحة يمكن ان تساعد مجموعات ارهابية.

وقال في صحيفة "ذي تايمز" البريطانية "انه دليل اضافي على ان تصرف (ويكيليكس) غير مسؤول او حتى اجرامي تقريبا. انه نوع المعلومات الذي يهم الارهابيين".

جهود جمع المعلومات

ومن أرقام بطاقات ائتمانية لزعماء أفارقة الى صداقات بساسة بريطانيين تظهر البرقيات التي سربها موقع ويكيليكس على الانترنت أن الدبلوماسيين الامريكيين لم يألوا جهدا في جمع المعلومات عن الاصدقاء والاعداء على حد سواء.

وتتضمن البرقيات التي تم نشرها طلبات وتقارير عن مجموعة من الموضوعات تتراوح من التوقعات بشأن المحاصيل الى شراء معدات عسكرية الى تعليقات اجتماعية لكنها تركز بشكل خاص على أنشطة شخصيات مهمة.

ويقول عديدون عن البرقيات "يعتمد مجتمع المخابرات في جانب كبير من المعلومات عن الاشخاص على موظفي وزارة الخارجية الذين يعدون تقارير بها. الابلاغ غير الرسمي بالمعلومات عن الاشخاص من خلال البريد الالكتروني والوسائل الاخرى ضروري لجهود الجمع التي يبذلها المجتمع (المخابراتي)."

ومن بين المعلومات التي يتم طلبها اسماء منظمات ومسميات مناصب وتفاصيل أخرى تحملها بطاقات التعارف وعناوين بريد الكتروني وعناوين مواقع الكترونية وأرقام بطاقات ائتمانية وجداول العمل.

كما طلبت كلمات مرور خاصة بالكمبيوتر الى جانب بيانات متعلقة بالبيولوجيا الاحصائية - وهو الدراسة التطبيقية لعلم الاحصاء على المشاهدات البيولوجية - غير أنه لم يتضح الغرض من هذا. بحسب رويترز.

وتظهر احدى البرقيات التي نشرتها صحيفة جارديان البريطانية وهي مؤرخة في شهر يناير كانون الثاني هذا العام مسؤولا كبيرا بوزارة الخارجية الامريكية يشكر السفارة البريطانية على معلومات بشأن وزير في حكومة الظل.

وكان الان دنكان وزيرا في حكومة الظل وأصبح الان وزيرا للتنمية الدولية بعد الانتخابات العامة التي جرت في مايو ايار وتمخضت عن ائتلاف للمحافظين والديمقراطيين الاحرار وهو تاجر نفط سابق وواحد من حفنة من كبار الساسة الذين لا يخفون أنهم مثليون.

وقالت وزارة الخارجية انها رحبت على وجه الخصوص بالمعلومات المتعلقة بخبراته في الشرق الاوسط وصداقته مع وزير الخارجية الحالي وليام هيج الذي اضطر الى انكار أنه مثلي في وقت سابق هذا العام بعد أن أفادت تقارير نشرتها صحف بأنه أقام في نفس الغرفة بفندق مع أحد مساعديه.

وقالت البرقية "وجد محللون... المعلومات ثاقبة وفي توقيت جيد بشكل استثنائي لان المحللين يعدون مخرجات نهائية عن القيادة المحافظة من أجل كبار صناع القرار."

ثم طلبت البرقية المزيد من المعلومات من بينها معلومات عن علاقة دنكان بهيج ورئيس الوزراء الحالي ديفيد كاميرون ورؤية حول الدور الذي قد يلعبه في حكومة للمحافظين فضلا عن طموحاته السياسية الابعد.

ومن بين البرقيات الاخرى التي تم تسريبها طلبات بمعلومات شخصية عن زعماء أفارقة من منطقة البحيرات العظمى ومسؤولين كبار من الامم المتحدة.

وتخوض برقية مؤرخة في فبراير شباط 2010 في لقاء مع رئيس اذربيجان الهام علييف في تفاصيل صريحة عن تقييمه للعلاقة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس ديمتري ميدفيديف.

وجاء في البرقية أن علييف "قال انه شخصيا شهد ميدفيديف يتخذ قرارات تطلبت حينئذ مزيدا من الموافقات قبل تطبيقها... قال ان هناك مؤشرات على مواجهة قوية بين فريقي الرجلين غير أنها لم تحدث بعد بين بوتين وميدفيديف شخصيا."

وكان علييف يفترض أن هذه التعليقات لن تظهر للعلن أبدا ويشعر بعض الخبراء بالقلق من أن الدبلوماسيين الامريكيين قد يجدون الان أن أفضل الشخصيات التي تمدهم بالمعلومات تخضع لمراقبة عن كثب.

وقال جون ليبو المسؤول السابق بوكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي. ايه) واستاذ دراسات الامن القومي بمركز جورج سي. مارشال الاوروبي في المانيا "متى قوضت الثقة في وزارة الخارجية كشريك يعتمد عليه في الحوار يكون من الصعوبة الشديدة بمكان استعادتها."

وأضاف "كما هو الحال عند جمع المعلومات الصحفية ومعلومات المخابرات يجب أن يتمكن الدبلوماسيون من أن يظهروا للمصادر أن ما يكشفونه لهم يخضع لحماية جيدة."

وتنقل وثيقة أخرى نشرتها صحيفة نيويورك تايمز عن برقية للسفارة الامريكية اثارة احتمال أن يكون الزعيم الليبي معمر القذافي كان على علاقة رومانسية مع ممرضة أوكرانية وصفت بأنها "شقراء جذابة."

وقالت مصادر مطلعة انه يجب الا يندهش أحد من عمق جمع معلومات المخابرات الامريكية. وتقول المصادر ان هذا ببساطة ما تفعله الحكومات. وقال اليستير نيوتن الدبلوماسي البريطاني السابق والمسؤول بالحكومة الذي يعمل الان محللا لحساب بنك نومورا الياباني "مما رأيته.. المفاجأة الرئيسية ستكون اذا لم تكن الولايات المتحدة تقوم ببعض الامور التي كشفها موقع ويكيليكس."

الهجمات الالكترونية على موقع غوغل

من جانب آخر اتهم دبلوماسيون اميركيون في بكين في مذكرات سرية كشفها موقع ويكيليكس مسؤولين صينيين كبار بالتورط في الهجمات الالكترونية التي استهدفت موقع غوغل. وافادت واحدة من هذه المذكرات التي نشرت مؤخرا على موقع صحيفة نيويورك تايمز ان "شخصا يتمتع بمكانة مهمة يؤكد ان الحكومة الصينية نسقت عمليات الاختراق الاخيرة لانظمة غوغل".

وكانت الصين وصفت الخميس "بالسخيف" مضمون مذكرات ويكيليكس الذي نشر 250 الف برقية لدبلوماسيين اميركيين يتعلق بعضها بالصين.

وتشير المذكرات الى ان لي شانغشون عضو المكتب السياسي المكلف الدعاية اشرف على الهجمات على غوغل. وقالت المذكرات التي نشرتها نيويورك تايمز ان الهجمات جرى تنسيقها باشراف لي شانغشون وجو يونغكانغ اعلى مسؤول امني في الصين. وافادت مذكرة بتاريخ 18 ايار/مايو 2009 ان لي ساهم في الهجمات بعدما كتب اسمه في محرك البحث غوغل ووجد "نتائج توجه انتقادات له". ونقلت البرقية عن صيني تربطه علاقات عائلية بالنخبة الحاكمة قوله ان لي شارك شخصيا في هجوم على احد خوادم غوغل في الولايات المتحدة.

وكان موقع غوغل اعلن في آذار/مارس انه لن ينفذ امر الحكومة الصينية بفرض رقابة على محرك البحث وقال انه تعرض لهجمات الكترونية منسقة. وكشف غوغل ان حسابات الرسائل الالكترونية "جي ميل" لمنشقين صينيين انتهكت خلال الهجوم. وتحدثت الولايات المتحدة عن هجمات لقراصنة معلوماتية من الصين في الماضي، لكن واشنطن امتنعت حتى الآن عن ادانة نظام بكين علنا.

وقالت مذكرات اخرى ان المسؤولين الصينيين تقدموا بشكوى الى سفارة الولايات المتحدة في بكين ليطلبوا خفض دقة صور لغوغل تظهر منشآت صينية حكومية حساسة.

واوضح مصدر صيني لم يكشف اسمه في الوثيقة انه ستكون هناك "عواقب خطيرة" اذا استغل ارهابيون صور غوغل لالحاق اضرار بالصين.

بنك اوف اميركا

من جانب آخر اعلن بنك اوف اميركا انه قرر تعليق كل التحويلات المرسلة الى موقع ويكيليكس المتخصص في تسريب الوثائق السرية. وقال المتحدث باسم البنك سكوت سيلفستري لوكالة فرانس برس ان "بنك اوف اميركا ينضم الى الاجراءات التي اعلنتها سابقا ماستركارد وبايبال وفيزا اوروبا وآخرون ولن يقوم بعد اليوم باي تحويل من اي نوع كان عندما يكون هناك ما يدعو للاعتقاد بانه تحويل موجه الى ويكيليكس".

واضاف في بيان ان "هذا القرار يرتكز الى وجود اسباب لدينا تدعونا للاعتقاد ان ويكيليكس قد يكون متورطا في انشطة هي، مع اخرى، تتعارض مع سياستنا الداخلية للمدفوعات".

ولم يتأخر رد ويكيليكس على هذا الاجراء، اذ سارع مؤسس الموقع جوليان اسانج الى التنديد بما اعتبره "شكلا جديدا من المكارثية المالية في الولايات المتحدة"، مشيرا الى انه يستعد لنشر العديد من الوثائق المالية السرية، بعدما نشر الاف الوثائق الدبلوماسية السرية.

ووجهت مجموعة من قراصنة الانترنت من انصار ويكيليكس واسانج دعوة الى "كل الذين يحبون الحرية الى اغلاق حساباتهم في بنك اوف اميركا".

وكان اسانج وعد في الشهر الفائت بكشف معلومات قد تؤدي الى انهيار "مصرف او اثنين" عبر نشر وثائق تابعة "لبنك اميركي كبير". واعادت صحيفة عافينغتن بوست آنذاك نشر مقابلة اجرتها مجلة متخصصة مع اسانج في تشرين الاول/اكتوبر 2009 واكد فيها انه يملك "5 جيغا اوكتيت من البيانات الواردة من بنك اوف اميركا، من القرص الصلب لاحد مسؤوليه".

وكان اسانج اكد في مقابلة مع محطة "سي ان بي سي" الاميركية الجمعة ان منظمته تتعرض "لهجمات" يشنها عدد من المصارف. وقال "تعرضنا لهجمات ليست بالاساس من حكومات، ولا من الحكومة الاميركية، بالرغم من احتدام الوضع حاليا، لكن من مصارف".

وعدد اسانج من بين مهاجمي موقعه "مصارف في دبي واخرى في سويسرا والولايات المتحدة وبريطانيا" لكن لم يكشف اسم اي منها.

غير انه اكد على نيته نشر وثائق تعود لمؤسسات مالية وقال "من نشاطاتنا المعتادة نشر معلومات حول المصارف"، موضحا "بالطبع سنواصل نشر مواد حول المصارف". واضاف ان المعلومات المصرفية ستكشف في الشهر المقبل.

واكد جوليان اسانج ان حريته المستعادة وان كانت مشروطة ستسمح بتسريع بث التسريبات التي لا تزال تنشر على الموقع. وقال مساء الخميس "الان وقد عدت لقيادة سفينتا، سيتواصل عملنا بشكل اسرع".

ومن المتوقع ان ينشر ويكيليكس الرزمة المقبلة من الوثائق المتعلقة بمؤسسات مالية في الشهر المقبل.

كلمة ويكيليكس تدخل رسميا اللغة الانجليزية

وحدث هذا من قبل مع زيروكس وبعدها جوجل والآن تدخل كلمة "ويكيليكس" قائمة الاسماء الصحيحة التي شاع استخدامها بدرجة كبيرة بما يؤهلها رسميا لدخول اللغة الانجليزية. وقال المركز العالمي لمراقبة اللغة (جلوبال لانجويدج مونيتور) الذي يتخذ من تكساس مقرا له ان موقع ويكيليكس الالكتروني الذي نشر الاف الوثائق الحكومية الامريكية السرية أصبح يتردد على ألسنة كثيرة وانه حقق معايير الانتشار والعمق المطلوبة ليصبح كلمة في حد ذاتها.

وقال بول جيه جيه بيياك الذي يرأس المركز "ويكيليكس انضم لعدد من وسائل الاعلام الجديدة وشركات التكنولوجيا الكبرى التي دخلت اسماؤها وأعمالها اللغة منها جوجل وتويتر والموقع الاجتماعي فيسبوك."

وأظهر بحث المركز العالمي لمراقبة اللغة ان كلمة ويكيليكس ظهرت لاول مرة في وسائل الاعلام العالمية عام 2006 . واستخدمت الكلمة حتى الان أكثر من 300 مليون مرة. والمعيار الذي يضعه المركز يقضي باستخدام الكلمة على الاقل 25 الف مرة في وسائل اعلام تستخدم الانجليزية.

ويقول المركز ان مقطع "ويكي" من كلمة ويكيليكس أصوله ترجع الى هاواي ويعني "سريع" اما المقطع الثاني وهو "ليكس" فيعكس مهمة الموقع الذي لا يسعى للربح في الكشف عن وثائق سرية وخاصة.

ابل تقطع صلتها بموقع ويكيليكس

في حين انضمت شركة ابل الى عدد متزايد من الشركات الامريكية التي قطعت صلتها بموقع ويكيليكس وألغت برنامجا من على موقعها الالكتروني كان يتيح للمستخدمين الوصول الى محتوى الموقع المثير للجدل.

لكن شركة جوجل التي تدير ثاني أكبر موقع في العالم لتطبيقات الاجهزة المحمولة أتاحت أكثر من ستة تطبيقات على موقع أندرويد ماركتبليس تسهل الوصول الى الوثائق الامريكية السرية التي نشرها موقع ويكيليكس.

وتقدم بعض برامج أندرويد امكانية وصول مباشر الى برقيات ويكيليكس بل ينبه احداها المستخدمين عندما تتاح وثيقة جديدة مسربة من موقع ويكيليكس للجمهور.

وسحبت مجموعة من الشركات الامريكية من بينها أمازون دوت كوم وبنك أوف أمريكا في الاسابيع الماضية خدمات لموقع ويكيليكس الذي أثار غضب السلطات الامريكية بنشر الاف البرقيات السرية لوزارة الخارجية الامريكية.

وردا على المنظمات التي قطعت صلاتها بموقع ويكيليكس استهدف نشطاء الانترنت شركات مثل فيزا اعتبرت من خصوم الموقع.

وقال جون بومجارنر كبير مسؤولي التكنولوجيا لدى شركة سايبر كونسيكوانسيز الامريكية والخبير في مثل هذه الهجمات "هل من المرجح أن تصبح شركة ابل هدفا.. .. نعم بالطبع." واضاف "كل من ينأى بنفسه عن ويكيليكس من المحتمل أن يصبح هدفا لهجوم الكتروني."

وكان برنامج ويكيليكس الذي طوره المبرمج ايجور بارينوف متاحا فقط على موقع تطبيقات ابل مقابل 1.99 دولار لايام قليلة قبل حذفه.

وقالت شركة ابل في بيان يوم الاربعاء "حذفنا التطبيق الخاص بويكيليكس من على موقع ابل لانه ينتهك القواعد الارشادية لواضعي البرامج." وتابعت "يجب أن تلتزم التطبيقات بجميع القوانين المحلية وألا تعرض الفرد أو الجماعة المستهدفة للاذى."

ولم يتضح بعد ما اذا كان مؤيدو ويكيليكس سيستهدفون شركة ابل رغم أنه من الواضح أن الخطوة التي أقدمت عليها أغضبت بعضهم.

وأرسل أحد مؤيدي جوليان أسانج مؤسس ويكيليكس رسالة عن طريق موقع تويتر تقول "ابل تفرض مزيدا من الرقابة."

وأرسل اخر رسالة تقول "لهذا السبب لن اشتري أبدا جهاز اي أو اس" في اشارة الى نظام تشغيل الاي فون ولوحات اي باد.

فرصة لتناول الغداء مع مؤسس ويكيليكس مقابل 575 دولارا

ختاما، سنحت فرصة لثمانية معجبين بموقع ويكيليكس ومؤسسه جوليان اسانج لتناول الغداء مع معشوقهم الشهر المقبل مقابل 575 دولارا للفرد. قال اعلان نشر على موقع اي باي للمزادات على الانترت ان غداء جمع الاموال الذي يستمر لمدة ثلاث ساعات سيكون في الثاني من يوليو تموز وسيكون الاكاديمي السلوفيني سلافوي جيجيك برفقة اسانج. ووصف اعلان اي باي جيجيك بانه "فيلسوف سلوفيني شهير." وقال الاعلان ان عائدات حفل الغداء ستستخدم "لخدمة ويكيليك" دون اعطاء تفاصيل. ووصف مكان تناول الغداء فقط بأنه "احد أرقى مطاعم لندن."

وبعد غداء الثاني من يوليو تموز من المقرر ان يقوم اسانج بمناقشة عامة مع جيجيك عن "اثر ويكيليكس على العالم وما يعنيه للمستقبل."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/حزيران/2011 - 17/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م