كوكب عراقي جديد ينضم إلى كوكبة العلماء العراقيين الأفذاذ، استطاع
بجهوده الذاتية الخالصة أن يتسلق سلم المجد والتفوق، ويكتب اسمه بحروف
من نور في لوحات العز والشرف والتألق، وينال أرفع الجوائز والأوسمة،
ويستحق التكريم من أرقى الجامعات والمعاهد العالمية.
انه العالم العربي الكبير الدكتور عبد العظيم السبتي، من مواليد
مدينة العمارة في العراق 1945، حصل على البكالوريوس والماجستير
والدكتوراه في العلوم الفلكية من جامعة مانشستر، مارس التدريس في جامعة
بغداد، ساهم في تأسيس القبة الفلكية، والمرصد الفلكي العراقي، اشترك
لسنوات طويلة في برنامج (العلم للجميع) لمقدمه المرحوم (كامل الدباغ)،
وقد اختار المملكة المتحدة مقراً له ولعائلته منذ سنوات عديدة، فواجه
المصير المتوقع الذي واجهه علماء العراق المشمولين ببرامج وأد الكفاءات
العلمية والمهنية، فحصل في المهجر على عضوية المجموعة المتقدمة في
الاتحاد الدولي للفلكيين، وعضوية المرصد الفضائي الكوني، يعمل حاليا في
مرصد جامعة لندن، لكنه عاد إلى العراق في عام 2005 محملا بالرغبات
الوطنية الجامحة، يحدوه الطموح والأمل لإحياء المرصد العراقي الذي
أصابه الجمود فوق قمة جبل (كورك)، وهو المرصد الذي تم اختياره في هذا
المكان لتميزه عن غيره من الأماكن بصفاء الأجواء ونقاوتها لمعظم أيام
السنة، وكان يرى أن إحياء هذا المرصد سيعود بالنفع والفائدة على
المؤسسات العلمية العراقية والعربية، ويمنحها القدرة على متابعة
الكواكب السيارة، واستكمالا لأحلامه العلمية الوطنية اقترح الدكتور
السبتي على جامعة أربيل أن تتولى الإشراف على المرصد لقربها من موقعه،
وأبدى استعداده التام لتوفير مستلزمات الدعم العلمي والتقني، بيد أن
آماله كلها ذهبت أدراج الرياح، ولم ينصت إليه أحد، فغادر العراق من
جديد لينضم إلى قوافل العلماء والأدباء والفنانين المغيبين والمنسيين،
ورجع إلى لندن ليمارس هواياته الفلكية المفضلة في الفضاءات الحرة،
ويحلق عالياً في تسجيل نجاحاته العلمية الجديدة في مراصد الغربة
والاغتراب، فجاءته الأخبار السعيدة من الاتحاد الدولي للفلكيين في
واشنطن، تزف إليه التكريم الأروع والأجمل والأرفع، وتطلق اسمه على
الاسترويد (Asteroid) وتعني (كويكب)، وهي تصغير لكلمة (Aster)
اليونانية، وتعني (نجم).
تشكل مثل هذه الكويكبات حزاما هائلا يدور بانتظام بين كوكبي المريخ
والمشتري، اما كويكب العالم العراقي عبد العظيم السبتي، فلا يبعد عن
الأرض سوى (308) مليون كيلومتر فقط، بينما يبعد عن الشمس (411) مليون
كيلومتر فقط. فكان الدكتور السبتي أول من كتب اسمه بالخط الكوفي بين
المجرات، وأول من رفع اسم العراق فوق هذه الكويكبات العظيمة، في خطوة
رائدة، وإنجاز علمي وتاريخي لم يحققه أحد من قبله في عموم العراق.
نال الدكتور عبد العظيم السبتي هذا التكريم الكبير تثمينا لانجازاته
العلمية الرائعة في مجال العلوم الفلكية، وتقديرا لمكانته المتميزة في
هذا المضمار، وصار للعراق اسماً يسبح في الفضاء على ارتفاع (308) مليون
كيلومتر فوق قرية (قلعة صالح) تلك القرية الريفية البائسة، التي ولد
فيها هذا العالم الجليل، والتي ينتمي إليها العالم الفيزيائي الكبير
عبد الجبار عبد الله (رحمه الله)، والواقعة إلى الجنوب من مدينة
العمارة، أغنى مدينة في كوكب الأرض، وأفقرها من دون منازع، والتي ليس
فيها شارع واحد يحمل أسماء أبنائها الذين سطروا الأمجاد والانتصارات من
دون أن يتلقوا أي تكريم أو حفاوة في وطنهم، وماتوا ودفنوا في مقابر
الغرباء، ولم يعد يذكرهم أحد.. |