مسألتان في مقارنة السيادة بين الامامية والجمهور

الشيخ فاضل الصفّار

المسألة الأولى: في أن الامامة من أصول الدين

عرفت مما تقدم أن الإمامة أس الإسلام والعمود الذي تقوم عليه خيمة السلطة ونظام الحكم، وقد اختلفت فيها الأقوال بين الخاصة والعامة، فقد رأى السنة قاطبة أن الإمامة والخلافة ليست من أصول الدين، وقد تطابقت على ذلك كلمات أعلامهم قديماً وحديثاً، وقد عرفت بعض النصوص في هذه المسألة فيما تقدم. قال أبو حامد الغزالي: اعلم أن النظر في الإمامة أيضاً ليس من المهمات، وليس من فن المعقولات، بل من الفقهيات... ولكن إذا جرى الرسم باختتام المعتقدات بها أردنا أن نسلك المنهج المعتاد، فإن فطام القلوب عن المنهج المخالف للمألوف شديد النفار[1].

وقال عضد الدين الإيجي: وهي عندنا من الفروع، وانما ذكرناها في علم الكلام تأسياً فيمن قبلنا، وكذا عن الجرجاني [2].

وقال سعد الدين التفتازاني: لا نزاع في أن مباحث الإمامة بعلم الفروع أليق؛ لرجوعها إلى أن القيام بالإمامة ونصب الإمام الموصوف بالصفات المخصوصة من فروض الكفايات، وهي أمور كلية تتعلق بها مصالح دينية أو دنيوية لا ينتظم الأمر إلا بحصولها، فيقصد الشارع تحصيلها في الجملة من غير أن يقصد حصولها من كل أحد، ولا خفاء في أن ذلك من الأحكام العملية دون الاعتقادية[3].

ومن الواضح أنه لما كانت الإمامة عندهم من الفروع فقد ذهبوا إلى أن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) لم ينص على تعيين الخليفة على المسلمين من بعده حتى يقوم بمهمات الحكم والدولة، كما ذهبوا إلى أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يبين الطريق والمنهج الذي يجب على المسلمين اتباعه في تعيين الحاكم الإسلامي، وعلى هذا الأساس فللمسلمين أن يسلكوا في تعيين الإمام الخليفة كما تقتضيه الطبيعة البشرية في ملء فراغات الدولة والحكم، فيعينون الإمام بأي طريقة يشاءون؛ لأن لازم القول بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)لم يعين خليفة من بعده ولم يشرع منهجاً وأسلوباً في اختيار الحاكم هو ان يكون قد عهد بالنظر فيه إلى الأمة المسلمة لتختار ما تريد وكيف تريد.

وانسجاماً مع ما تقدم فقد ذهب الفقهاء والمتكلمون منهم إلى أن الإمام يتعين باختيار أهل الحل والعقد في الأمة على رأي شاذ، أو أهل الحل والعقد في عاصمة الحكم على الرأي المشهور بينهم، ومن حيث العدد فقد ذهب البعض إلى اعتبار اختيار الجميع، وهذا رأي متروك بينهم لمنافاته بيعة ابي بكر حيث تمت بالبعض، والذي عليه المشهور كفاية البعض منهم، وذهب بعضهم إلى كفاية خمسة، وذهب آخرون منهم إلى كفاية ثلاثة، وتنازل فريق ثالث إلى كفاية اثنين، ورابع إلى كفاية الواحد، وقد تقدمت الأبحاث والنصوص حول هذه الأقوال[4]، كما ذهبوا إلى مشروعية تعيين الإمام بالعهد من الإمام السابق، وذهبوا إلى مشروعية تعيينه بنفسه من غير معين، وذلك إذا غلب الآخرين واستولى على السلطة بالقوة، فمن تولى السلطة بإحدى هذه الطرق كان إماماً شرعياً تجب طاعته على الأمة، وتحرم مخالفته[5].

نعم، اشترطوا فيه أن يكون قرشياً – وفي ظاهر شرح المواقف اجماع الاشاعرة على القرشية[6]، وفي شرح المقاصد: اتفقت الامة عليه[7] - ذكراً حراً عاقلا كفوءاً بدنياً ومعنوياً - بأن يكون مؤهلاً في أعضائه وحواسه- وشجاعاً خبيراً بأمور الحرب وتعبئة الجيوش، وذا رأي وبصيرة في شؤون الحكم والسياسة، والمشهور اشتراط كونه عالماً مجتهداً بأحكام الشريعة[8].

ولكن ملاحظة الواقع التأريخي في سالف الأيام تكشف عن أن هذا الشرط لم يراع في أكثر الحالات، بل إنه لم يكن معياراً متبعاً في جميع الحالات؛ إذ لم يحدث أن دار الأمر بين مرشحين وقدم أحدهما على الأخر في تولي أمور السلطة والحكم؛ لكونه مجتهداً في أحكام الشريعة مثلاً، كما أن المشهور بينهم اشتراط العدالة، ولكن صريح كلماتهم يكشف عن أنها شرط كلي لا يؤثر زوالها في استدامة الإمامة إجماعاً، والمشهور أنه لا يؤثر عدمها في انعقاد الإمامة وشرعية سلطة الإمام، فيجوز أن يكون الإمام فاسقاً جائراً خارجا عن أحكام الشريعة وجادة العدالة بين الناس، وهذا ما تلمسه صريحاً في كلمات أعلامهم.

 قال التفتازاني: فإذا مات الإمام وتصدى للإمامة من يستجمع شرائطها من غير بيعة واستخلاف وقهر الناس بشوكته انعقدت الخلافة له، وكذا إذا كان فاسقاً أو جاهلاً على الأظهر إلا أن يعصي بما فعل[9].

وقال الشربيني: والطريق الثالث باستيلاء شخص متغلب على الإمامة جامع للشروط المعتبرة للإمامة على الملك بقهر وغلبة بعد موت الإمام، لينتظم شمل المسلمين. أما الاستيلاء على الحي فإن كان الحي متغلباً انعقدت إمامة المتغلب عليه، وإن كان إماماً ببيعة أو عهد لم تنعقد إمامة المتغلب عليه، وكذا فاسق وجاهل تنعقد إمامة كل منهما مع وجود بقية الشروط بالاستيلاء في الأصح وإن كان عاصياً بذلك [10].

وفي مآثر الانافة: تنعقد الامامة بالقوة والغلبة لمن لم يجمع الشرائط ايضا، كما لوكان فاسقا او جاهلا، ونسبه الى اصح القولين عند الشافعية [11].

وقال الطحاوي: ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يداً عن طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله فريضة ما لم يأمروا بمعصية [12].

ولا يخفى مافي كلامه من التناقض؛ إذ انه في نفس الوقت الذي يصرح بأن الإمام إذا جار وعصى الله عز وجل فإن يد الطاعة باقية، بل هي فريضة يقول هذه الفريضة باقية ما لم يأمر بمعصية، وكأنه يفرق بين الجور والعصيان، فيعد الجور والظلم ليس من مصاديق العصيان، أو يفصل بين عصيان الحاكم والإمام وبين عصيان المسلمين، فعصيان الحاكم لا ينزع عنه مقام الولاية والسلطة؛ فلذا طاعته باقية وهي فريضة، وأما إذا أمر المسلمين بعصيان الباري عز وجل فحينئذ تسقط عنه الطاعة، والجمع بين هذين الرأيين مع أنهما في المآل واحد لن يرجع إلى محصل.

وقال الباقلاني: ولا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه بغصب الأموال وضرب الأبشار وتناول النفوس المحترمة وتضييع الحقوق وتعطيل الحدود، ولا يجب الخروج عليه، بل يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شيء مما يدعو إليه من معاصي الله [13].

هذا مضافاً إلى ثمة رأي شائع يرى أن مصدر شرعية السلطة هو الأمة، ولكن الملاحظ أن هذا الرأي لا أساس له إطلاقاً، ففي الفقه السياسي النظري عند الجمهور وفي التطبيقات التأريخية لهم ليس للأمة بما هي أمة حضور سياسي، وليس لها دور في اختيار الإمام والخليفة، كما أنه ليس لها على مستوى الممثلين اختيار ولا دور، ومصطلح أهل الحل والعقد ليس له أي مدلول واقعي، فلم يختر أهل الحل والعقد في التاريخ الإسلامي إلا مرة واحدة هي بيعة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولم تبرم الخلافة لأحد قبله أو بعده باختيار أهل الحل والعقد بالصورة التي توحي بها نصوص الفقهاء والمتكلمين من العامة، وأكثر الوقائع التاريخية وشواهد الدول والحكومات المتعاقبة في تاريخ المسلمين تكشف أن أكثر الطرق المتبعة في تعيين الأئمة والحكام هي الوراثة والتنصيب من الإمام السابق للإمام اللاحق مهما كانت الأوصاف، ومهما كانت الشرائط، خصوصاً بعدما عرفت أن القيام على الإمام الجائر الفاسق يعد خروجاً على الإمام، ويعتبر القائمون به حينئذٍ بغاة يجب قتالهم؛ لأن خروجهم على الحاكم الجائر غير مشروع، ومنه يظهر بأنّ الخطوط العامة لنظام الحكم عند العامة فيما يتعلق بطبيعة منصب الإمامة وشخص الإمام ومصدر شرعية سلطته وإن اشترطوا فيها بعض الشرائط كاختيار أهل الحل والعقد واختيار الأمة، إلا أن الوقائع التاريخية تدل على عدم الالتزام بالشرائط في التعيين، ولا الالتزام بتنصيب أهل الحل والعقد واختيار الأمة، ولا غير ذلك من النصوص والشروط [14].

في لزوم عصمة الامامة

وأما الشيعة الإمامية فبعد ان سلموا بأن الإسلام هو نظام حياة متكامل لجميع شؤون الإنسان في مختلف المجالات الشخصية والاجتماعية والاقتصادية ونحوها ذهبوا إلى أن الإمامة بعد النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) يجب أن تكون معصومة، وأن الإمام يجب أن يكون معصوماً أيضاً، وذهبوا إلى أن الإمامة المعصومة ثابتة في متضافر أدلة العقل والشرع، وإلى أن الاعتقاد بالإمامة المعصومة يعد من أصول الدين لا من فروعه، وأن تولي الإمام المعصوم واتباعه وطاعته من الواجبات العقلية والشرعية، وذهبوا أيضاً إلى أنها كغيرها من أصول الدين الإسلامي، ليس المرجع فيها إلى الأمة المسلمة، وإنما إلى الله عز وجل ورسوله الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) فمقتضى تمام التبليغ وكمال الدين ونهوض الحجة عقلاً ونقلا أن يكون النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أدى ذلك إلى المسلمين، وبلغهم إياه، كما أدى وبلغ غيرها من أحكام الدين وعقائده وأصوله. قال تبارك وتعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}[15] وقد دلت النصوص على أن مورد التبليغ هنا هو تعيين الإمام والخليفة بعد النبي [16]، فالآية الشريفة جعلت ملازمة - كما يظهر من صدرها وذيلها - بين تبليغ الرسالة وبين تنصيب الإمام والخليفة.

 فإذاً لا بد وأن يكون قد صدرت عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) نصوص فيها بلاغ عن هذا الأصل الأصيل الذي تقوم عليه خيمة الدين وخيمة المجتمع، وتكون مرجعاً للمسلمين في عملهم وسيرهم حينما يتوفاه الله وتواجه الأمة شؤونها بعد فقدانه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد قامت في هذا الشأن نصوص نبوية رواها المسلمون جميعاً دالة على ما ذهبوا إليه تفسيراً لآيات القرآن الكريم من حيث تعيين المصداق الأجلى، أو المنحصر، كآية التطهير[17] وطاعة أولياء الأمر[18] وأهل الذكر[19]، أو تأسيس مكمل لبيان القرآن كحديث الغدير وحديث الدار والمنزلة وغيرها من الأحاديث[20].

وهذه النصوص لا تبين نظام الحكم، فليس في جميع ما استدل به يتضمن تحديداً لنظام الحكم بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنما هي نصوص تعين الإمام والخليفة بعد النبي، والإمام المعصوم يتعين بالنص من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نصاً جلياً بالاسم، أو بالنص من الإمام المعصوم الذي سبقه في الإمامة والولاية الذي نص عليه النبي، ولا يتعين الإمام المعصوم باختيار الأمة أو باختيار أهل الحل والعقد منها، أو بغير ذلك من طرق التعيين والنصب عند العامة، فقد اتفقت كلمة الامامية على أن الإمامة بالنص لا بالتعيين [21].

 ومن الواضح أن الإمامة المعصومة عند الشيعة هي رئاسة عامة في شؤون الدين والدنيا [22]، واستمرار للنبوة في مهمة تبليغ الأحكام وحراستها من الزيادة والنقص والتحريف وشرح مبادئها بتشريعات تواكب نمو الأمة وحاجة الحياة وتطورات الأجيال اللاحقة لعهد النبوة القصير.

 فالإمام خليفة للنبي في مهمة التبليغ، ويواصل سياسة النبي في التدبير في بسط العدل وحفظ الأمن والنظام، ولكن الإمام لا يوحى إليه.

وعليه فالإمام المعصوم هو ولي أمر الأمة وحاكمها بعد النبي الاعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنه تتفرع الولايات الأخرى، ومصدر شرعية سلطة الإمام المعصوم المقتضي لوجوب طاعته واتباعه وحرمة مخالفته هو الله عز وجل ورسوله الكريم، وليس الأمة أو أهل الحل والعقد، فالنص من النبي قد كشف عن أن الإمام المعصوم هو القيم بعده، أو بعد الإمام المعصوم الذي سبقه في تولي أمور المسلمين.

وأساس هذا المبدأ قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}[23] وفي الروايات الشريفة المتواترة المراد من ولاة الأمر هم الأئمة المعصومون (عليهم السلام) [24] هذا من حيث الكبرى.

وأما من ناحية الصغرى فقد نص عليها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في نصوص متضافرة، فالأئمة المعصومون (عليهم السلام) الذين نص عليهم الرسول واقع تشريعي لطفي تاريخي تعبدي مبرم، وليسوا نتيجة اختيار واجتهاد، وهم كالتالي:

أولهم مولانا الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ثم الإمام الحسن بن علي، ثم الإمام الحسين بن علي، ثم الإمام علي بن الحسين، ثم الإمام محمد الباقر بن علي، ثم الإمام جعفر الصادق بن محمد، ثم الإمام موسى الكاظم بن جعفر، ثم الإمام علي الرضا بن موسى، ثم الإمام محمد الجواد بن علي، ثم الإمام علي الهادي بن محمد، ثم الإمام الحسن العسكري بن علي، ثم الإمام المهدي المنتظر الحجة بن الحسن(عليهم السلام).

وهذا النظام هو نظام متسلسل؛ إذ كل إمام هو الحجة في زمانه وفي عصره، ومن بعده يأتي الإمام الذي يليه، والإمام المعصوم يبقى إماماً واجب الطاعة والاتباع ما دام حياً من حيث فعلية الحكم وتنفيذ الأحكام، ولا تنقطع إمامته الفعلية إلا بالموت، ولا سلطة لأحد على الإطلاق على عزله، ولا يعقل أن ينعزل عن الإمامة لجهة التنصيب الإلهي، والعصمة والإمامة المعصومة اليوم موجودة ومنحصرة ومستمرة بشخص الإمام الثاني عشر أرواحنا لمقدمه الفدا، ولكن الإمام المعصوم غائب، ومن ثم فلا يوجد حاكم إسلامي معصوم يتولى السلطة بالفعل، ولكن الإمام المعصوم (عليه السلام) نص على لزوم الرجوع إلى الفقهاء جامعي الشرائط في التقليد ونظام الحكم، وجعل حكمهم حكمه، وقولهم قوله، وحجتهم حجته، فمنهم تبدأ السيادة والشرعية، وإليهم تعود في زمان الغيبة مع بعض التفاصيل التي عرفتها وستعرف عنها المزيد.

فالبحث عن الإمامة المعصومة عند الشيعة الإمامية باعتبارها حكماً سياسياً وسلطة عامة له زمن محدد بين وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيبة الإمام الثاني عشر، وأما بعد ذلك فنظام الحكم في الإسلام عند الشيعة يرتكز على مبادئ اخرى بين الولاية العامة للفقيه الجامع للشرائط وبين رضا الأمة. والبحث عن الإمامة والخلافة عند العامة مجاله ممتد منذ وفاة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم ينقطع، بل لا يزال، وسيبقى المجال مفتوحاً على المستقبل؛ لأنهم يرون أن كل حاكم ولو تولى الرئاسة بالغلبة والقهر وبايعه شخص واحد هو ولي للأمر فطاعته واجبة، ومخالفته حرام، وإقالته بغي.

المسألة الثانية: في صفات الحاكم عند الجمهور

الرأي بين الشيعة والجمهور هنا مختلف أيضاً، فرأي الجمهور أن الإسلام لم يقدم ضمانات دستورية تحول بين الحاكم وبين طغيانه، فلم تشترط العدالة في الحاكم عند الكثير منهم، والعدالة هي العاصم النفسي الذي يمسك بالحاكم عن الانحراف والزيغ، ومن اشترطها منهم فيه لم يجعلها إلا شرط انعقاد لا شرط استدامة، فيشترط في الحاكم أن يكون عادلاً ابتداءً لا استدامةً، بمعنى أن يكون عادلاً حين يولى الحكم، فإذا فسق بعد ذلك فلا ضير عليه، ولا تسقط ولايته، ولا وجوب طاعته [25] ؛ لأن هذا لا يكون سبباً لعزله، بل هو لا ينعزل إذا جار وظلم [26]، ثم لا يجوز الخروج على الإمام الجائر عندهم إجماعاً، ومن خرج عليه يجب قتاله وإن كان الخارج عادلاً [27].

وإذ يشترط مشهور فقهاء العامة الاجتهاد في الخليفة فإن ذلك لن يطبق تاريخياً، فقد تعاقب على الخلافة رجال ليسوا من الاجتهاد بالفقه في كثير ولا قليل، فتعرضت السنة وتفسير القرآن للوضع و التحريف، وتسللت الإسرائيليات إلى الفكر الإسلامي، وترتبت على ذلك آثار سلبية على الأحكام الشرعية والعقيدة الصحيحة، ومنها ما رأينا من أفكار حول شروط الخليفة التي أخضعت الأمة باسم الشريعة لحكام الجور الذين تمثلوا بالخلفاء الذين توالوا على الحكم في الإسلام، خصوصاً بعد الصدر الأول، وفقاً للوضع الدستوري المقدم من العامة، فقد كان أكثرهم طائفة من المرضى في نفوسهم وعقولهم وأديانهم؛ إذ انتهكوا حرمات الإسلام، وخدموا شهوات أنفسهم [28]، وتراجعوا بالعالم الإسلامي إلى الوراء، فبثوا بين صفوفه الفرقة والبغضاء، وكان نتاج هذا الوباء دائماً حروباً ماحقة تلاحقت على العالم الإسلامي عطلت إمكاناته العظيمة، وأخرت المسلمين، ولا زال المسلمون يدفعون ثمن هذه التصرفات.

فالأمويون رغم إقرارهم بالصفة الروحية للخلافة يعترفون بحق الخليفة بالتوصية لمن يخلفه، وهذا ما فعله معاوية الذي حول الخلافة إلى ملك لابنه يزيد رغم تهتك هذا الأخير، حيث اتفقت النصوص على أنه كان يشرب الخمر، ويزني بالعمات والخالات، ويلعب بالقرود والفهود والقمار وما أشبه ذلك قبل الخلافة وبعدها، وقد تولى ثلاث سنين، ففي السنة الثانية هجم على المدينة وأباحها لجيشه، وانتهك جيشه أعراض النساء الصالحات، وقتل الصحابة، وفي السنة الاولى قتل فيها سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي ريحانة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيد شباب أهل الجنة، وفي السنة الثالثة هدم الكعبة ورماها بالمنجنيق [29].

فالخلافة أصبحت في عهد بني أمية ملكاً إرثياً يتوارثها الأقرباء[30] رغم المحافظة الشكلية على طلب البيعة من الأمصار التي استغني عنها فيما بعد لدعم سلطتهم وملكهم، ولإعطائه الصفة الروحية، ولمضاهاة حجج الشيعة، بالإضافة إلى العنف والوعود وشراء النفوس.

 وتؤكد حوادث التاريخ أن المبايعة واستشارة أهل الحل والعقد كانت شكلية، وأن اختيار الخليفة لم يكن اختياريا، بل بفعل عامل القوة والغلبة، ويقدم مثلاً على ذلك استخلاف يزيد بن معاوية، فقد كتب معاوية إلى سائر الأمصار لترسل إليه وفودها لمبايعة ابنه يزيد، ولما حضرت الوفود طلب إلى أصحاب الكلام التكلم بشأن مبايعة يزيد، فتكلم جماعة منهم، وأخيراً قام احدهم فقال: أمير المؤمنين هذا وأشار إلى معاوية، ثم فإن هلك هذا وأشار إلى يزيد، ثم قال: فمن أبى فهذا وأشار إلى سيفه. ففرح بذلك معاوية وقال له: أنت أخطب القوم وأكرمهم [31].

 وقد استمال الأمويون إليهم فريقاً من الفقهاء الذين انبروا للدفاع عن حقهم الإلهي بالخلافة على ما يزعمون، معتمدين على قوله تبارك وتعالى: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير}[32] وهذا دليل قاطع على أن الله وحده مصدر السلطة، وهو الذي يختار من تسند إليه، ولكن من الواضح أنه لو أخذنا بهذه الحجة لانتفت معها فكرة البيعة التي اتفقت عليها كلمة الجمهور، وعلى لزومها، والتي تقوم على الموافقة الدنيوية على شخص الخليفة، وتثبت صحة نظرية الشيعة، وهذا أحد الأسباب التي منعت الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عن مبايعة الأول على أصح الروايتين؛ لأن الخلافة هي من تعيين العناية الإلهية.

 وكيف كان، فقد خرجت الخلافة عن حدودها الشرعية أكثر في العهد الأموي، وواصل بنو العباس من بعدهم هذا النهج، وهكذا استمر هذا النهج في إقامة الدول وأنظمة الحكم كما عرفت مما تقدم، وأما الشيعة فإن مبدأ العصمة الذي قامت عليه نظريتهم يغلق الثغرات كافة التي يمكن أن يتسلل منها الفساد العقيدي والتشريعي والسياسي للسلطة، وأول هذه الثغرات هي السلطة التي يكون إليها مرجع الأمر في تعيين الحاكم بين الناس، فهذه السلطة هي التي تمسك بزمام ما يتعلق بالحكم والحاكم، وهي التي يتوقف على حسن اختيارها صلاح الحكم والحاكم أيضاً.

مرجعية تعيين الحاكم عند الإمامية

تقول الامامية: أن المرجع في تعيين الحاكم ليس سلطة بشرية؛ لأن لها حدوداً من المعرفة والإدراك تقف عندها ولا تتعداها إلى ما وراءها، فهي بذلك لا تستطيع استكناه بواطن الأمور والنفوذ إلى حقائقها؛ ولذلك فهي حرية أن تخطأ القصد فتنحرف عن حسن نية أو بدونه، ثم هي مهما وجد لها من الضوابط التي تعين لها اتجاهاتها خليقة بأن تحيد عنها، وتتمرد عليها، وتنعتق من إسارة الضوابط والقيود، خاصة إذا لاحظنا كون الأمة حديثة عهد بالإسلام، ولا تزال الرواسب النفسية والثقافة الجاهلية والروح القبلية حية فاعلة في تصورات الإنسان وسلوكه.

 فلولا العصمة تكون الإرادة المشرفة على النظام الإسلامي إرادة مريضة منحرفة تذهب في تفسير القانون إلى ما يخدم مصالحها كما عرفته من العهد الأموي والعباسي، وهذا يتناقض مع منطلقات الإسلام ومبادئه وأهدافه، وبذلك لا يكون الإسلام قد حقق للإنسان ما يصبو إليه من الكمال؛ ولذا فإن الأمر في تعيين الحاكم عندهم ليس سلطة بشرية، وإنما المرجع في هذا الأمر هو الله عز وجل، وهو مرجع كل شيء، وإليه مصير الأمر كله في الآخرة والأولى، وبذلك يختلفون مع العامة حيث يذهبون إلى توسيط بين الله وبين خلقه، وهي سلطة أهل الحل والعقد.

 وهنا حقيقة اجتماعية نفسية تؤيد العصمة، وتقضي علينا بأن نذهب إلى القول بأن تكون الحكومة بعد النبي إلهية، ويكون تعيين الحاكم فيها بوحي من السماء خاصة، وهذه الحقيقة تنبع من أهداف الإسلام ورسالته الإنسانية، فإن الإسلام يهدف في ضمن ما يهدف في تشريعاته تحقيق مجتمع إنساني مثالي في السلوك الشخصي والعلاقات الاجتماعية ونظام الحكم والدولة، وبالتالي الوصول بالبشرية إلى سعاداتها المادية وكمالاتها الروحية.

 ومن الواضح أن للحاكم في تحقيق هذه الأهداف العليا والوصول إليها دوراً أكبر؛ ولذا لا بد وأن يتسم بسمات، وينهض بصفات تجسد صفات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتعكس الإسلام في كل أفكاره ومبانيه، وفي كل أسسه ومناهجه، وتكمل مسيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتتابع طريقته في الهداية والتعليم والتدبير، وهذا مالا يكون إلا بإمام معصوم، وإلا انتقض الغرض، وقصر الإسلام عن الوصول إلى أهدافه، فإن من الواضح أن الممسك بزمام القيادة العليا في المجتمع هو المهيمن على جميع نواحي النشاط الاجتماعي والإنساني، فيصوغه كيفما يشاء، ويكون قدوة وأسوة لجماعته ورعاياه، وهذه حقيقة اجتماعية نفسية تثبتها علوم الاجتماع والنفس فضلاً عن التجارب البشرية وواقع الحضارات والدول.

ومن الثابت أن التقدم والتأخر في أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية مرهونان أيضاً بالذهنية التي يمتلكها قائد هذا المجتمع، وبالعقلية التي تسيره، وبمثله العليا التي تهيمن على نشاطه، وهذه الحقيقة يمليها العقل الذي يدرك النتائج الوثيقة التي تربط الجماعة الإنسانية بقائدها، وهذا ما أكدته النصوص كما في مثل قولهم: كما تكونوا يولى عليكم [33]، وفي الآيات والروايات بأن الأمم تحشر بأئمتها [34].

هذا ويقرر هذه الحقيقة التاريخ كظاهرة عامة في حياة المجتمعات الإنسانية في مراحل تحولها من عقيدة إلى عقيدة، ومن فوضى إلى نظام رجعي متخلف إلى نظام آخر تغييري شامل.

 وهنا حقيقة ثانية تعضد الأولى حاصلها أن الإسلام يسعى ليجعل الإنسان الذي تدعو إليه مبادئه ونظمه عادة وطبيعة تصبح في المسلمين جزءاً من نفسيتهم وتركيبتهم الفكرية والوجدانية، وهذا لا يمكن أن يحصل إلا إذا تحولت مبادئه في نفوس أتباعه إلى طاقة، وانصهرت في كل تصرفاتهم وحركاتهم وأنشطتهم؛ ولذلك كان على الإسلام أن يوجد قيادة تجعل من هذه المبادئ الجديدة للمسلمين نظاماً يأخذون به أنفسهم عن وعي تام واقتناع صادق، وهذه القيادة لا يمكن أن يفوض اليهم أمر اختيارها بحال من الأحوال؛ لأن عليها أن تعي روح الإسلام بما فيها من صغيرة وكبيرة على السواء حتى لا تخل بوظيفتها، وبالتالي ينتقض الغرض من البعثة، فلا يمكن أن يطلب إلى مجتمع حديث عهد بالإسلام وهو لا يزال يحن في بعض جوانبه إلى جاهلية كانت تهيمن على عقلية أبنائه فتسيره حسب النظم القبلية الفاسدة التي خلفت فيه وفي لا شعوره رواسب العقائد القديمة المهترئة أن يختار خليفة دون أن يرجع إلى ما في نفسه من معايير قبلية جامحة وعقلية جاهلية ولو في صورة اللاشعور واللاوعي [35].

هل العصمة بالاختيار؟

يتحصل مما تقدم: أن المجتمع لم يكن صالحاً لاختيار الإمام والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ولا يمكن أن يفرط برسالته ويترك المسلمين في فوضى وبلبلة عندما يترك لهم صلاحية اختيار الحاكم، وهنا تظهر أهمية ما يقوله الشيعة وعمق مسلكهم حيث يقولون: ان الإمام المعصوم هو مناط السلطات جميعاً، فالتشريع والتنفيذ والقضاء أمور ترجع كلها إليه مع ما يتعلق بها من شؤون المال والحرب وعقد المعاهدات والصلح وقيام التحالفات وغيرها؛ ولذلك فهي حقيقة تطالع المسلم كل يوم، لأنه يحسها في جميع شؤون حياته التي يمارسها، والمسلم يقف من الإمام المعصوم دائماً موقف المقتدي المتبع؛ ولذلك فللإمام أثر عظيم في التكوين النفسي للمسلمين؛ لأنه قدوة لهم في كل ما يأخذون وما يدعون، فاتجاهاتهم الخلقية وعلاقاتهم الاجتماعية تصطبغ باللون الذي ينعكس عليها من حياة الإمام المعصوم في حياته الخاصة والعامة؛ ولأن حياته هي الينبوع الذي يستمدون منه أحلامهم وآمالهم وهمومهم وتطلعاتهم وشؤون معيشتهم وسلوكهم في الحياة، ولعل قول الصديقة الطاهرة عليها السلام في مقام المدح والثناء وتوعية الامة: «فجعل الله... طاعتنا نظاما للملة، وإمامتنا أمانا للفرقة»[36] يشير الى ذلك.

ومن هنا يظهر أن العصمة ليست أمراً تخرج بالإمام عن كونه إنساناً كعامة الناس يحس بما يحسون من لذات وآلام، ويختلج في نفسه ما يختلج في نفوسهم من آمال وأحلام وأمان، وهو ليس مخلوقا آخر لا يلتقي معهم في خصائصه البشرية.

وأما العصمة التي يشترطها الشيعة في الإمام فهي في أبسط تعابيرها عبارة عن ملكة نفسية لا تصدر المعاصي عمن اتصف بها مع قدرته على مقارفتها، وهي مأخوذة من المعنى اللغوي وهو المنع[37]، ويزيد آخرون العصمة بياناً فيرون أنها لطف من الله تعالى بصاحبها، وأسباب هذا اللطف أربعة:

1ـ أن يكون لنفسه أو لبدنه ملكة مانعة عن الفجور.

2ـ أن يحصل له علم بمثالب المعاصي ومناقب الطاعات.

3ـ تأكيد هذا المعلوم بتتابع الوحي أو الإلهام من الله تعالى.

4ـ مؤاخذته على ترك الأولى، بحيث يعلم أنه لا يترك مهملاً، بل يضيق عليه الأمر في غير الواجب من الأمور الحسنة [38].

وهذه هي حقيقة العصمة التي يذهب الشيعة إلى اشتراطها في الحاكم الإسلامي المعصوم، وهي طبيعية، وليس فيها من الشذوذ والخروج عن المألوف، وهو امر فطري بديهي لولاه لبطل الدين، وانتفت حكمة التكوين [39]، ولعل طوائف اخرى من المسلمين ذهبوا الى القول بلزوم وجود العصمة في الامة كالهذيلية من المعتزلة، حيث قالوا: لا تخلو الأرض من جماعة هم أولياء الله معصومون لا يكذبون، ولا يرتكبون الكبائر، فهم الحجة لا التواتر؛ إذ يجوز أن يكذب جماعة ممن لا يحصون عدداً إذا لم يكونوا أولياء الله، ولم يكن فيهم واحد معصوم، وإلى ذلك ذهب أبو يعقوب الشحام والآدمي [40]، وذهب النظّامية من المعتزلة إلى هذا أيضاً.

فقد قال إبراهيم بن يسار النظام: إن الإجماع ليس بحجة في الشرع، وكذلك القياس في الأحكام الشرعية لا يجوز أن يكون حجة، وإنما الحجة في قول الإمام المعصوم [41]، وشايعه على ذلك من فرق المعتزلة الخابطية أصحاب أحمد بن خابط، والحدثية أصحاب الفضل الحدثي [42].

 وممن ذهب إلى أن العصمة ضرورة لا غنى عنها في مسألة الحكم في الإسلام الفخر الرازي، إلا أنه لم يشترطها في الحاكم، وإنما اشترطها في أهل الإجماع، أي إن العلماء إذا أجمعوا على شيء واتفقت أقوالهم فيه كان ذلك دليلاً على عصمتهم، وعلى عدم تطرق الخطأ والزيغ إلى ما ذهبوا إليه، وقد استند في ذلك على قوله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}[43] وأولو الأمر عندهم اجماع الامة الحاصل باتفاق اهل الحل والعقد كما ذكره في تفسيره [44]، ولعله قد انفرد بهذا القول بين علماء أهل العامة، لكن ظاهره أنه يتفق مع الشيعة في الكبرى، وهو لابدية وجود العصمة بين الناس لإدامة مسيرة النبي وضمان استقامة التشريع والتدبير في الأمة، وإنما خالفهم في الصغرى، بل الذي يتتبع كلمات الجمهور في مختلف مذاهبهم واتجاهاتهم يجد أنهم وإن لم يقولوا بالعصمة إلا أنهم جعلوا صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بدرجة من العدالة، بحيث يمتنع عليهم النقص أو الخطأ وما أشبه ذلك، فقدسوهم جميعاً، وعدّلوهم جميعاً، واخذوا عنهم الاحكام، وجعلوا سيرتهم حجة، بل في تفسير القرطبي لايجوز ان ينسب الى احد من الصحابة خطأ مقطوع به... وهم كلهم لنا ائمة، وقد تقيدنا بالكف عما شجر بينهم [45]، وهذا في المآل والمضمون يرجع إلى العصمة وإن لم يصرحوا به، مما ربما يكشف عن ارتكازهم في لزوم وجود العصمة في الأمة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن خالفوا في المصداق، ولهذا بحث كلامي مفصل لا يسعنا المجال هنا لتناوله [46].

 وكيف كان، فالظاهر أن نظرية العصمة وضرورتها في الحاكم من الأمور التي تعد من الضرورات التي لا مجال للاستغناء عنها، كما أنها لا تبتني على الأدلة العقلية والفطرية فقط، بل تستند إلى نصوص قرآنية ونبوية أيضاً، فمن الكتاب قوله تبارك وتعالى: {إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين}[47] والخطاب وإن كان موجهاً لإبراهيم (عليه السلام) إلا أنه يشمل الرسول والأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) بوجوه ثلاثة:

أحدها: القاعدة الأصولية القائلة: ان خصوص المورد لا يخصص عموم الوارد، وإلا لبطلت حجية الكتاب والسنة في الكثير من الموارد.

 ثانيها: الدليل العقلي والنقلي المثبت أفضليتهم من إبراهيم عليه السّلام ومن سائر الأنبياء (عليهم السلام)، ومن الواضح أن ما يثبت للأدنى من الفضل والكمال يثبت للأعلى بالأولوية القطعية [48].

 ثالثها: الروايات الدالة على شمولها لهم (عليهم السلام)[49].

وكيف كان، فالآية الشريفة دالة على أن الإمامة على الخلق لا تجوز إلا لمن برئ من الظلم، أما من كان ظالماً فلا يصح أن يحكم، والظلم هو المعصية، ويتحقق إما بظلم النفس أو بظلم الغير، فيتعين أن يكون الإمام معصوماً قد برئ من ارتكاب الذنوب منذ الصغر، فلا يقارب في حياته ذنباً قط، ولم يتلبس بأية جريمة خلقية أو اجتماعية أو غيرهما. وهذا ما ينسجم مع رسالة الحكم وهدفية الحكومة من التعليم والتربية والتهذيب والإيصال إلى الكمالات، ومن الواضح أن الظالم لا يمكن أن يكون أسوة لذلك؛ لأنه فاقد لها وفاقد الشيء لا يعطيه.

ويدل على ذلك أيضاً قوله تعالى في آية التطهير {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}[50] وقد وردت الروايات المتواترة بين الفريقين في سبب نزولها، وأنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) في حديث الكساء المعروف [51]. وقوله سبحانه: { ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}[52] حيث دلت النصوص على ان الصادقين هم (عليهم السلام) من باب أجلى المصاديق، او المصداق المنحصر[53] ؛ لقرينة الامر بالاتباع والكينونة معه مطلقا، وهو لايصح على طبق الحكمة الا مع العصمة، وهو مادلت عليه اخبار اهل البيت (عليهم السلام)، وعليه اجمعنا، بل هو كذلك عند بعض العامة.

ففي تفسير الفخر الرازي: الاية دالة على ان من كان جائز الخطأ وجب كونه مقتديا بمن كان واجب العصمة، وهم الذين حكم الله تعالى بكونهم صادقين، فهذا يدل على انه واجب على جائز الخطأ كونه مع المعصوم عن الخطأ حتى يكون المعصوم عن الخطأ مانعا لجائز الخطأ عن الخطأ، وهذا المعنى قائم في جميع الازمان، فوجب حصوله في كل الازمان[54]، وماذكره يتفق مع ماذكرناه وإن مال عن الصواب في تشخيص الصغرى، ووجوه الفساد في الصغرى التي ذكرها كثيرة نتركها الى الكتب الكلامية[55]. هذا وقد عقد الشيخ الكليني في الكافي بابا خاصا لما ورد من التنزيل في ذلك، وقد ذكر فيه اثنتين وتسعين رواية، وهي تغني عن مزيد البيان[56].

ومن السنة جملة من الأحاديث:

 منها: حديث الثقلين [57]، وقد جاء فيه: «والثقلان: كتاب الله جل ذكره واهل بيتي فلا تسبقوهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم»[58]

وجاء في بعض الروايات عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): «من اراد ان يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل جنة عدن التي غرسها الله ربي بيده فليتول علي بن ابي طالب، وليتول وليه، وليعاد عدوه، وليسلم للاوصياء من بعده؛ فانهم عترتي ولحمي ودمي، واعطاهم الله فهمي وعلمي، الى الله اشكو امتي المنكرين لفضلهم، القاطعين فيهم صلتي»[59]، وفي حديث اخر: «وليقتد بالائمة من بعده، فانهم عترتي، خلقوا من طينتي، اللهم ارزقهم فهمي وعلمي، وويل للمخالفين لهم من امتي، اللهم لاتنلهم شفاعتي»[60] وجاء في روايات أخرى: «فإنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة»[61] والضمير هنا يرجع إلى الامام علي وذريته (عليهم السلام) وهو صريح في عصمتهم.

 وجاء في بعض الروايات: «في كل خلف من أمتي عدل من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجهال، ألا وإن أئمتكم وفدكم إلى الله، فانظروا من توفدون في دينكم وصلاتكم»[62].

 ومنها: قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار»[63].

ومنها: ما ورد عن الديلمي، عن عمار وأبي أيوب أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «يا عمار، إن رأيت علي قد سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع علي، فإنه لن يدليك في ردى، ولن يخرجك من هدى»[64].

وهذه الأحاديث صريحة في عصمته (عليه السلام) ؛ إذ إن غير المعصوم لا يتصف بهذه الصفات، والذي يخرج به الباحث من دراسة هذه النصوص واستيحاء بعض التعابير الواردة فيها كإذهاب الرجس الوارد في الآية الكريمة وكون أهل البيت لن يخرجوا من هدى ولن يدخلوا في ضلالة وغير ذلك تشير إلى العصمة من الذنب، ومن الواضح أن هذه المنزلة ليست إلا لحجج الله والقوّامين بأمره خاصة بحكم العقل والنقل، وهم علي أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة من ذريته.

القاعدة النفسية في العصمة

هذا وقد تمسك البعض ببعض القواعد النفسية في فهم آية التطهير الشريفة الدالة في ألفاظها ومضامينها وشأن نزولها على طهارة أهل البيت (عليهم السلام) من كل نقص مادي أو روحي لإثبات العصمة في الحاكم، فحين نستوحي هذه الآية من خلال معرفة الأبحاث الحديثة في علم النفس نجد أن الآية قد قررت حقيقة نفسية عظيمة أجمعت عليها المدارس النفسية على ما بينها من خلاف عظيم في غيرها من المسائل.

 فمن المقرر في علم النفس أن لسني الحداثة الأولى أثراً عظيماً في التكوين النفسي والخلقي لأي إنسان، ولذلك فأي تلقين منحرف أو سلوك شاذ أو نشأة في وسط منحرف ومنحط اجتماعياً وخلقياً خليق بأن يترك في نفس الطفل رواسب ضارة تنتقل مع الأيام من عالم الشعور لتستقر في اللاشعور، فينشأ الطفل وبه تجاه لا شعوري نحو مقارفة الإثم والجريمة، وتزداد هذه الرواسب الضارة ضراوة وفعالية بزيادة ما يمدها به المحيط والمعشر الذي ينشأ فيه الطفل من الانطباعات السيئة من الانفعالات؛ ولذلك نرى أن علم النفس الجنائي يتجه دائماً إلى علاج الميول الإجرامية في المجرم بالبحث عن هذه الرواسب النفسية المترسبة في اللاشعور.

 وحينما نريد أن نجعل من إنسان ما حاكماً علينا أن نتأكد جيداً من أنه سليم في تركيبه النفسي، وأنه لا يحمل في لا شعوره رواسب ضارة إذا أردنا حكماً صالحاً مستقيماً. أما إذا قدمنا إلى الحكم إنساناً مشوشا في التركيب النفسي بحكم ما يحمل من الميول والرغبات فيجدر بنا أن لا نأمل كثيراً في حكم صالح؛ لأن هذه الرواسب النفسية لابد أن تؤكد وجودها يوماً فتؤدي بالحاكم الى الانحراف عن سواء السبيل، وإن الداء الذي تشكو منه الحضارة الحديثة هو هذا الداء، وهذه شهادة من مفكر ثقة ذي خبرة واسعة في هذا الأمر، حيث قال: ونحن ندرك انه بالرغم من الآمال العريضة التي وضعتها الإنسانية في الحضارة العصرية فقد أخفقت هذه الحضارة في إيجاد رجال على خط من الذكاء والخبرة يقودونها عبر الطريق الخطر الذي تتعثر فيه؛ لأن بني الإنسان لن ينموا بالسرعة نفسها التي تثب بها الأنظمة من عقولهم، ومن ثم فإن أكثر ما يعرض الأمم العصرية للخطر هو النقص العقلي والأدبي الذي يعاني منه الزعماء السياسيون[65].

لهذا نرى كثيراً من الحكومات تعنى عناية خاصة بمن يشغلون وظائف مهمة وخطرة في الدولة، فتتأكد من سلامة كيانهم النفسي قبل أن تنيط بهم المسؤوليات، وتفصلهم عن وظائفهم بمجرد معرفة المسؤولين فيها بأنهم مرضى من الناحية النفسية، كما صنعت حكومة الولايات المتحدة ببعض موظفي وزارة خارجيتها، فقد فصلتهم لأنهم لا يؤتمنون على أسرار الدولة، وعند البحث عن السبب في عدم ائتمانهم على تلك الأسرار تبين أن السبب الوحيد هو أن فيهم ميولاً جنسية شاذة، أي انهم مرضى نفسياً، بل إن بعض الدول الحديثة كإنكلترا تعد رجال الحكم فيها في مدارس خاصة إعداداً خاصاً كل ذلك تثبتاً لسلامة البناء النفسي لمن يناط بهم مسؤوليات الحكم لكيلا ينحرف بها ولا يشذ.

وإذاً فالذي يحمل في لا شعوره جراثيم مرضية ضارة لا يجوز أن يحمل مسؤوليات عظيمة؛ لأنه غير أمين على هذه المسؤوليات، ولأنه خليط، فلو حملها قد يخونها ولو من حيث لا يشعر، ولا يعي أنه يخون، وقد جاءت هذه الآية الكريمة تعلن هذا المبدأ النفسي الكبير، فتنادي أن المرضى في نفوسهم لا ينالهم عهد الله، ولا يمكن ان يقدم الله حاكماً مريضاً؛ لأنه دائما مظنة الانحراف والزيغ تحت ضغط مؤثرات مرضية لا بد له فيها، ولكي نطمئن إلى أن الحكم الذي يوجه المسلمين بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حكم صحيح مستقيم لا بد لنا من أن نطمئن إلى أن الإرادة المهيمنة على جهاز الدولة هي إرادة سليمة من الأمراض الكفيلة بالذهاب باتزانها، ولكي نثق ثقة تامة باتزان هذه الإرادة وبسلامة الجهاز النفسي الذي تصدر عنه يجب أن يكون الحاكم الإسلامي معصوماً.

 نعم بهذا نطمئن تماماً إلى خلو الجهاز النفسي في الحاكم من أية رواسب ضارة قد تنحرف به حين يمارس سلطاته الواسعة، وهنا يأتي من يقول: إن الآية قد أشارت إلى أن الحاكم الإسلامي لا يجوز أن يكون ممن قارفوا الجريمة، ولكن هذه الرواسب اللاشعورية التي تجعل الاتجاه نحو الجريمة اتجاهاً طبيعياً في الإنسان لا تنشأ عن مقارفة الجريمة فحسب، ونحن نقر بهذا، ونقول حسب الآية الكريمة: إنها قد أشارت إلى هذا المبدأ النفسي بسبب من أسبابه، وهو الرواسب التي تنشأ عن مقارفة الجريمة، وهذا لا يعني أنها لا تدخله في حسابها فيما لو كانت هذه الرواسب قد نشأت عن سبب آخر.

 هذا ما ساقتنا إليه مبادئ علم النفس الحديث، فهي تؤكد على ضرورة كون الحاكم متمتع بالصحة النفسية، وقد رأينا أن المبادئ الإسلامية تؤكد على هذا أيضاً. أفيكون الشيعة بعد ذلك قد أتوا ببدع من القول حين سايروا الحقائق العلمية والموضوعية وساروا على منهاج المبادئ الإسلامية؟ أم بالتعبير بلفظ العصمة ما يخرج بالحقيقة العلمية عن كونها حقيقة علمية، فنضطر الى استبدال لفظ العصمة بلفظ آخر ينطبق على المفهوم الحديث كالصحة النفسية مثلاً؟ [66].

هذا وربما يعضد ذلك أمران:

أحدهما: الضرورة التشريعية؛ إذ لا إشكال في حدوث فراغ تشريعي كبير بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن الرسالة والأمة والدولة لا زالت تتطلب المزيد من التشريع والتقنين، أو الشرح والتفصيل لمجمل القرآن وتبسيط مضامينه، ومن الواضح أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) رحل دون أن يعين لجنة تشريعية تتولى إصدار التشريعات، فالمنطق يقودنا تلقائياً إلى إلقاء هذه المهمة على عاتق الحكومة الإسلامية، حيث يكون الإمام هو المرجع التشريعي الأعلى، ومن أولى شروط المرجع التشريعي في قانون من القوانين أن يكون على علم تام بهذا القانون وروحه العامة، وأن يكون على وعي تام للتطورات الاجتماعية كافة في الأمة التي أناطت به مهمة التشريع.

والإسلام رسالة دينية فذة جمعت بين شؤون الروح وشؤون المادة في نظام من القوانين عظيم، فالقائم على شؤون التشريع فيه يجب أن يجمع إلى الوعي التام للروح العامة للقوانين والوعي التام للتطورات الاجتماعية في الأمة صفة روحية خاصة يستطيع بها أن ينفذ إلى أعماق النفس الإنسانية، ولا بد من أن يكون النبي قد عهد إلى المرجع التشريعي بعده بالتشريعات التي تساعد المجتمع المسلم على التدرج والنمو وفقاً للتطورات التي ستتعاقب على المسلمين، ولن يكون هذا الإنسان الذي ينيط به النبي مهمة التشريع إلا خليقاً بهذه المهمة العظيمة، وأولى هذه الضمانات المطلوبة في مثل هذا الإنسان العصمة التامة عن الذنب وعن الخطأ والانحراف وسوء التأويل.

 ثانيها: ضرورة الحكمة والعقل؛ إذ إن عدم النص من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الإمام من بعده مناقض لحكمته ومبادئ الإسلام إذا نظرنا إليها نظرة علمية اجتماعية وسياسية صحيحة، وعند الأخذ بعين الاعتبار الظروف التي رحل فيها النبي والوضع الذي كان فيه المسلمون حيث كان يعاني جملة منهم رواسب الجاهلية وانقسام المجتمع إلى عشائر وأطراف وتكتلات وتربص الكفار والمنافقين واليهود والنصارى بهم الدوائر. هذا الوضع يفرض على المسؤول استخلاف من يقوم مقامه ليحفظ للرسالة سيرها ومعناها، وللأمة وحدتها، وللدولة كيانها، وذلك ليس إلا المعصوم. هذا ما تقوم عليه ضرورة الحكمة والعقل، وإنكاره ينتهي إلى تنقيص النبي مقاما ورتبة، بل وجعل النبي أقل شأناً حتى من أقل فرد في المجتمع تولى بعض المسؤولية، حيث تشهد سيرة العقلاء على الاستخلاف والاستئمان على شؤونهم حينما يمرضون أو يرحلون أو يسافرون.

 إذاً حكمة النبي تدل على أنه نص على الحاكم، والمنصوص عليه ليس إلا الإمام المعصوم علي بن أبي طالب (عليه السلام) ؛ لأنه أفضل الأمة وأعلمها وأشجعها وأقدمها في الإسلام والإيمان، وأثبتهم في الجهاد، فهو أكمل من توفرت فيه شرائط الحاكم[67]، ولو قيل بعكسه لزم أيضاً نسبة النقص ومخالفة الحكمة لترجيح المرجوح على الراجح، أو نسبة عدم الحرص على الرسالة والأمة الى النبي الاعظم – والعياذ بالله - وكلاهما باطلان، مضافاً إلى قيام النص على أن المنصوص عليه ليس إلا علياً (عليه السلام) ؛ لعدم ادعاء غيره في ذلك، وعدم ورود النص في التعيين في ذلك الغير.

والغريب حقاً في أمر الذين يستهجنون اشتراط النص هو إعجابهم بأبي بكر عندما عهد إلى عمر بالخلافة بعده؛ إذ يكبرون منه هذا التصرف حفظاً لوحدة المسلمين، وخوفاً من انتقاضهم على الإسلام بعد وفاة الخليفة إذا لم يكن هناك قائم على أمورهم، فيكبرون من أبي بكر هذا التصرف وإن كان خرقاً لقاعدة الشورى التي بها يتعين الخليفة[68] حسب منطوقهم؛ لأنهم يرون أن الظرف الذي توفي فيه أبو بكر كان يقضي بذلك، ويحتمه، ويرون فيه شاهداً على مقدرة سياسية فائقة، ثم لا يستغربون ما ينسبونه إلى النبي من أنه توفي ولم يعهد إلى أحد يقوم بأمور المسلمين بعده، بل تركهم يتيهون لا يعرفون ما يقدمون عليه، مع العلم بأن الظرف الذي توفي فيه النبي كان أدق من الظرف الذي توفي فيه أبو بكر، وأخطر على الإسلام والمسلمين، فمنطق العقل بملاحظة الوضع الذي توفي فيه النبي يملي علينا القول بضرورة العهد إلى من يقوم بأمور المسلمين من بعده، والشيعة الإمامية الاثني عشرية يؤمنون بهذا المنطق، وبهذه الضرورة، ويقولون بأن النبي قد استجاب لها، وعهد إلى من يقوم بأمور المسلمين من بعده. هذا مضافاً إلى النصوص الخاصة الدالة على علي من بعد النبي؛ لكونه الإمام من بعد النبي، وأنه المعصوم من كل نقص أو شائبة بما فصله الأعلام في كتب التاريخ والكلام.

* فصل من كتاب فقه الدولة

وهو بحث مقارن في الدولة ونظام الحكم على ضوء الكتاب والسنة والأنظمة الوضعية

** استاذ البحث الخارج في حوزة كربلاء المقدسة

*** للاطلاع على فصول الكتاب الاخرى

http://www.annabaa.org/news/maqalat/writeres/fadelalsafar.htm

....................................................

[1] الاقتصاد في اصول الاعتقاد: ص95.

[2] شرح المواقف: ج8 ص344.

[3] شرح المقاصد: ج5 ص232-233.

[4] انظر مآثر الاناقة: ج1 ص 42 – 44.

[5] شرح المقاصد: ج5 ص232 – 233 ؛ شرح المواقف: ج8 ص 352 – 353.

[6] شرح المواقف: ج8 ص350 ؛ مقدمة بن خلدون: ص242.

[7] شرح المقاصد: ج5 ص244.

[8] شرح المقاصد: ج5 ص244-245 ؛ مقدمة بن خلدون: ص241 ؛ شرح المواقف: ج8 ص350 ؛ مآثر الانافة: ج1 ص31-39.

[9] شرح المقاصد: ج5 ص 233 ؛ وانظر مآثر الانافة: ج1 ص 41.

[10] مغني المحتاج: ج4 ص 131.

[11] مآثر الانافة: ج1 ص 58؛ وانظر تفسير القرطبي: ج16 ص273 ذيل الاية 9 من سورة الحجرات.

[12] شرح العقيدة الطحاوية: ج2 ص 540.

[13] التمهيد: ص 186.

[14] انظر بعض شواهده في مقدمة بن خلدون: ص 260 – 265.

[15] سورة المائدة: الاية 67.

[16] الكافي: ج2، ص289 ح4 وص295 – 296 ح3 ؛ الامالي للصدوق: ص400 ؛ عيون اخبار الرضا: ج2 ص 130 ح10 ؛ تفسير نور الثقلين: ج2 ص267 – 272 ح298 وح299 وح301 ؛ وانظر مجمع البيان: ج3 ص223 الاية 67 من سورة المائدة.

[17] انظر سورة الاحزاب: الاية 33.

[18] انظر سورة النساء: الاية 60.

[19] انظر سورة النحل: الاية 43.

[20] انظر تلخيص الشافي: ص45 – 46 وص56 -57 وص167 وص205 وص235-239 ؛ كشف المراد: ص393 – 298 ؛ وانظر ماورد من طرق الفريقين من ذلك في نهج الحق: ص212 – 231 ؛ شرح المقاصد: ج5 ص272 وص 295 – 299 ؛ صحيح الترمذي: ج5 ص632 – 633 ح3712 وح3713 ؛ مناقب علي بن ابي طالب: ص638 ح3724 وص640 – 641 ح3730 وح3731 ؛ سنن بن ماجه: ج1 ص42 – 45 ح115 وح116 وح117 وح121 ؛ الصواعق المحرقة: ص121-125 ؛ شرح المواقف: ج8 ص358 – 363 ؛ مقدمة بن خلدون: ص246 – 247 ؛ مروج الذهب: ج2 ص437 ؛ تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص133-137.

[21] انظر الكافي: ج1 ص279 ح4 وص276 ح2 وح3 وص277 ح4 وح5 وح6 وص699، ح5 وص202 ح1 ؛ حق اليقين: ج1 ص257 ؛ كتاب سليم بن قيس الهلالي: ج2 ص752-753 ؛ الامالي للصدوق: ص539.

[22] انظر الباب الحادي عشر: ص39 وشرحه: ص40.

[23] سورة النساء: الاية 59.

[24] تفسير العياشي: ج1 ص249-250 ح168 وح169 وص251-252 ح171 وح174 وح175 ؛ مجمع البيان: ج3 ص64 ذيل الاية 60 من سورة النساء؛ انظر مفردات الفاظ القران الكريم: ص90 امر ؛ تفسير نور الثقلين: ج2 ص 94 ح359.

[25] انظر شرح المقاصد: ج5 ص57 ؛ مآثر الانافة: ج1 ص72-73 ؛ تفسير القرطبي: ج5 ص249 ذيل الاية 59 من سورة النساء.

[26] مآثر الانافة: ج1 ص 62-63.

[27] انظر روح المعاني: ج26 ص 151 ذيل الاية 9 من سورة الحجرات.

[28] انظر مروج الذهب: ج2 ص341-344 ؛ مقدمة بن خلدون: ص257 – 261 ؛ تاريخ التمدن الاسلامي: ج1 ص82 – 85 ؛ الكامل: ج4 ص13.

[29] انظر مروج الذهب: ج3 ص77-81 ؛ تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص156 وص 164-168؛ تاريخ التمدن الاسلامي: ج1 ص84.

[30] شرح المقاصد: ج5 ص 266 ؛ مقدمة بن خلدون: ص263-265 ؛ مآثر الانافة: ج1 ص12-13 ؛ تاريخ التمدن الاسلامي: ج1 ص84 وص117-119.

[31] تاريخ الخلفاء لابن قتيبة: ص171 ؛ وانظر عندما يحكم الاسلام: ص15 – 19.

[32] سورة آل عمران: الاية 26.

[33] وفي النبوي الشريف: علامة رضا الله عن خلقه رخص اسعارهم وعدل سلطانهم، وعلامة غضب الله على خلقه جور سلطانهم وغلاء اسعارهم تحف العقول: ص34

[34] منها قوله سبحانه: { يوم ندعوا كل اناس بامامهم فمن اوتي كتابه بيمينه فاولئك يقرءون كتابهم ولايظلمون فتيلا} سورة الاسراء: الاية 71، والاية صريحة في تقسيم الناس الى قسمين: جماعة هدى ولهم ائمة، وجماعة ضلال ولهم ائمة، وفي يوم القيامة كل امة تدعى بامامها الذي ائتمت به نبيا كان او وصيا او شقيا، وهناك تبين الحقائق، وتنكشف الاسرار، ويتميز اهل السعادة والشقاء، فكل فئة لها امام خاص ولون خاص ولواء خاص. ففرعون مثلا: { يقدم قومه يوم القيامة فاوردهم النار وبئس الورد المورود واتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود} سورة هود: الاية 98-99 ؛ انظر مجمع البيان: ج5 ص190-191 تفسير الايتين الشريفتين. وفي تفسير نور الثقلين: سأل رجل يقال له: بشر بن غالب ابا عبد الله (عليه السلام) فقال: يابن رسول الله اخبرني عن قول الله عزوجل: { يوم ندعوا كل اناس بامامهم} قال: امام دعا الى الهدى فاجابوه اليه، وامام دعا الى ضلالة فاجابوه اليها، هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار، وهو قوله عزوجل: { فريق في الجنة وفريق في السعير} سورة الشورى: الاية 7 ؛ وانظر تفسير نور الثقلين: ج4 ص 214 ح335 ؛ الكافي: ج1 ص215-216 ح1 وح2 ؛ تفسير العياشي: ج2 ص302-304 الاحاديث 116-123 ؛ الخصال: ص644 ح26 ؛ مجمع البيان: ج6 ص429-430 ذيل الاية 71 من سورة الاسراء؛ تفسير نور الثقلين: ج4 ص214 ح326 ؛ تفسير الصافي: ج3 ص206-207.

[35] انظر تلخيص الشافي: ص61-62.

[36] الاحتجاج: ج1 ص134.

[37] - انظر مجمع البحرين: ج6 ص116 عصم ؛ لسان العرب: ج12 ص403 عصم ؛ مفردات الفاظ القران الكريم: ص569- 570.

[38] انظر كشف المراد: ص391-392؛ توضيح المراد: ص645-649 ؛ حق اليقين: ص191؛ وانظر تفاصيل بعض الاقوال فيها من العامة في نهج الحق وحواشيه: ص142-143 وص164.

[39] انظر تفاصيل ذلك في البحار: ج38 ص186-191 ح1.

[40] الملل والنحل: ج1 ص53.

[41] المصدر نفسه: ص57.

[42] المصدر نفسه: ص59 وص61-62.

[43] سورة النساء: الاية 59.

[44] تفسير الرازي: ج10 ص144 تفسير الاية 59 من سورة النساء ؛ وانظر المصدر نفسه: ج16 ص230 تفسير الاية 119 من سورة التوبة.

[45] تفسير القرطبي: ج16 ص273 ذيل الاية 9 من سورة الحجرات ؛ شرح المقاصد: ج5 ص247 ؛ وانظر البحار: ج10 ص443 ح15.

[46] انظر شرح المواقف: ج8 ص373-374 ؛ شرح المقاصد: ج5 ص303 وص310-312 ؛ مقدمة بن خلدون: ص262-272 ؛ تفسير القرطبي: ج16 ص272-274 ذيل الاية 9 من سورة الحجرات.

[47] سورة البقرة: الاية 124.

[48] انظر الكافي: ج1 ص223-226 الاحاديث 1 – 7 وص255-256 الاحاديث 1 – 4 ؛ وانظر بعض التفصيل في ذلك في الانوار النعمانية: ج1 ص18-37.

[49] الكافي:ج1 ص174-175ح1عيون اخبار الرضا: ج1 ص216ـ217ح1 الخصال: ص304-305 ح84وفي مجمع البيان: { لاينال عهدي الظالمين} قال مجاهد: العهد الامامة وهو المروي عن الباقر وابي عبد الله وانظر وجوه الاستدلال في تلخيص الشافي: ص253-255 ؛ المظاهر الالهية: ج1 ص26-30.

[50] سورة الاحزاب: الاية 33.

[51] الكافي: ج1 ص286-287 ح1 وص423 ح54 ؛ تفسير القمي: ص193 الاية 33 من سورة الاحزاب ؛ علل الشرائع: ج1 ص242؛ الامالي للصدوق: ص381-382 الاحاديث 4-7 ؛ وفي مجمع البيان: ج8 ص356 عن ابي سعيد الخدري وانس بن مالك ووائلة بن الاسقع وعائشة وام سلمة ان الاية مختصة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)؛ وانظر المصدر نفسه: ص357 ؛ صحيح مسلم: ج5 ص37 ح61 ؛ المستدرك على الصحيحين: ج2 ص416 وقال: هذا حديث صحيح عدا شرط مسلم ؛ السنن الكبرى للبيهقي: ج2 ص149 ؛ صحيح الترمذي: ج5 ص663 ح3787 ؛ وانظر فضائل الخمسة من الصحاح الستة: ج1 ص270 – 289 تجد المزيد من تفاصيل المصادر عن ذلك.

[52] سورة التوبة: الاية 119.

[53] انظر الكافي: ج1 ص208-209 ح1 – 6 ؛ تقريب القران: ج10 ص49 الاية المزبورة؛ الدر المنثور: ج3 ص290 ؛ روح المعاني: ج11 ص45 تفسير الاية 119 من سورة التوبة.

[54] تفسير الرازي: ج16 ص221 تفسير الاية 119 من سورة التوبة.

[55] انظر في ذلك كشف المراد: ص397-398 ؛ القول السديد: ص353 ؛ توضيح المراد: ص704 – 710.

[56] الكافي: ج1 ص412- 436 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية.

[57] صحيح مسلم: ج5 ص26 ح36 وص27 ح37 ؛ السنن الكبرى للبيهقي: ج2 ص148 ؛ صحيح الترمذي: ج5 ص662 – 663 ح3786 وح 3788.

[58] الكافي: ج1 ص294 ح3.

[59] الكافي: ج1 ص209 ح5.

[60] الكافي: ج1 ص208 ح3 وح4 وص 209 ح6.

[61] الكافي: ج1 ص287 ح1.

[62] قرب الاسناد: ص77 ح250 ؛ وفي كمال الدين: وان ائمتكم قادتكم الى الله، فانظروا بمن تقتدون في دينكم وصلاتكم كمال الدين: ج1 ص221 ح7 ؛ وانظر البحار: ج23 ص30 ح46

[63] البحار: ج38 ص188 ح1 ؛ وج10 ص451 ح17 ؛ وانظر الامالي للصدوق: ص222 ح18 ؛ اعلام الورى: ص186-187؛ المستدرك على الصحيحين: ج3 ص124 – 125 ؛ تاريخ بغداد: ج14 ص321 ح7643 ؛ الصواعق المحرقة: ص123-124 ح21 ؛ تفسير الرازي: ج1 ص205.

[64] البحار: ج38 ص39 ح14.

[65] الانسان ذلك المجهول: ص35.

[66] نظام الحكم والادارة في الاسلام: ص291 – 293 بتصرف.

[67] انظر كشف المراد: ص407 – 423 ؛ حق اليقين: ج1 ص285 – 309 ؛ شرح المقاصد: ج5 ص295 – 299 ؛ شرح المواقف: ج8 ص354 – 373.

[68] انظر مقدمة بن خلدون: ص262.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/حزيران/2011 - 17/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م