
شبكة النبأ: وسط تكهنات الساسة
والمحللين والمتتبعين للمشهد السياسي الليبي بات الكثيرين منهم يتحدثون
عن نهاية اللعبة (وهو تعبير مجازي) وايجاد مخرج دبلوماسي بعد ان اثار
الحلفاء احتمالية استمرار امد الحرب لفترة اطول مما كان متوقع لها (وهو
امر غير مقبول بالنسبة لهم) من جهة، وعدم امكانية حسم الحرب على ارض
الواقع لجهة معينة وتحولها الى حرب أهلية بين الشمال والجنوب من جهة
أخرى.
ويبدوا ان الحلفاء الغربيون ليس لهم الاستعداد المادي والمعنوي في
الاستمرار بحرب طويلة الامد قد تستمر لسنوات وقد تدخل في حسابات معقدة،
الامر الذي استدعى من الولايات المتحدة الامريكية التدخل وشحذ همم
حلفائها ودفعهم عبر اكمال عملياتهم العسكرية ضد قوات القذافي، وفي
الوقت نفسة تحولت الى القارة السمراء في خطاب دبلوماسي موجه الى قادة
تلك القارة بضرورة الاعتراف بالمجلس الانتقالي وعدم تقديم اي دعم لنظام
القذافي الذي فقد شرعيته الدولية في نظر الكثيرين.
المتطوعون ضد القذافي
فمع استمرار القتال ضد الزعيم الليبي معمر القذافي تتقلص مخزونات
المعارضة المسلحة من الغذاء والاسلحة لكن جيشا من المتطوعين يضخ الحياة
في هذه الحملة حتى تستمر، يطهو عاملون بمطاعم على مدار الساعة لتوفير
الوجبات على الجبهة، اما المدرسون وتلاميذ المدارس والاطباء فيساعدون
في اصلاح وصيانة أسلحة مقاتلي المعارضة، ويقول جاد الله الكاديكي (43
عاما) الذي ترك عمله كسائق شاحنة بعد بدء الانتفاضة ضد القذافي في
فبراير شباط "نعمل وفي أذهاننا هدف واحد هو انهاء حكم القذافي في أقرب
وقت ممكن ولو بلفة لمفتاح الربط"، ويقضي الكاديكي وابناه الشابان 12
ساعة يوميا في مخزن للاسلحة على مشارف بنغازي التي تسيطر عليها
المعارضة المسلحة لاصلاح العربات التي لحقت بها أضرار في الاشتباكات مع
قوات القذافي بالصحراء على مسافة كبيرة الى الغرب من بنغازي، يساعده
ابناه بتزويده بمفاتيح الربط حين يعمل لاصلاح نحو خمس عربات كل يوم،
ويقدم ميكانيكون مدربون المشورة، ويفكك نحو 100 متطوع في المخزن
الاسلحة ومعظمها غنائم من المعركة ويصلحونها وينظفونها لتدخل الخدمة من
جديد او يعيدون استخدام قطع الغيار لتصنيع أسلحة جديدة، يعملون بسرعة
تحت الشمس الحارقة ويتحركون بحذر شديد بين اكوام المعدن والمفكات
والصواميل المتناثرة على الارض، ويعلق كثيرون بطاقات كتب عليها "احفاد
عمر المختار" بطل المقاومة الليبية ضد الاستعمار الايطالي، وثمرة عملهم
طابور من المدافع المضادة للدبابات والمدافع المضادة للطائرات
والصواريخ الجاهزة للمعركة، ويطلق أحد مقاتلي المعارضة المسلحة مدفعا
تحية لبعض الزائرين، وجلب ضابط بالجيش انشق على القذافي سيارته القديمة
الى مستودع الأسلحة وأصلحها وبمساعدة الميكانيكيين زودها بمدفع مضاد
للدبابات يعتزم توصيله الى الجبهة. بحسب رويترز.
وقال حسين الخفيفي (32 عاما) وهو مهندس بمستودع الاسلحة "هذا أقل ما
يمكننا عمله لكسب هذه الحرب"، وتبددت آمال قيادة المعارضة المسلحة
ومقرها بنغازي في انتصار سريع وبالتالي فانها تواجه خطر استنزاف
الاسلحة ونقص الغذاء والمؤن الاخرى، وفشلت قوات المعارضة التي تفوقها
قوات القذافي عسكريا في السيطرة على مساحات كبيرة من الاراضي منذ حمل
ابناء شرق ليبيا السلاح ضد زعيمهم الذي يحكم البلاد منذ اربعة عقود على
الرغم من مساعدة قوات حلف شمال الاطلسي بشن غارات جوية، وقال العقيد
علي القطعاني المشرف على مستودع الأسلحة "العالم كله يعلم أننا تنقصنا
الاسلحة لكن سلاحنا هو الايمان بهذه الامة، وهذا الايمان هو ما مكننا
من صنع هذه الاسلحة"، وتبددت في بدايات الانتفاضة المخاوف من أنه لن
يتسنى حكم الشرق في غياب أجهزة القذافي الامنية القمعية لان المتطوعين
احتشدوا حتى تكون بنغازي والبيضا وطبرق والبلدات الاخرى بالشرق مستقلة
عن طرابلس، وعلى الرغم من أن معظم سكان ليبيا عاشوا لعقود على دخول
تضمنها الدولة فان هذا لم يسهم كثيرا فيما يبدو في اخماد روح المغامرة،
ورغم عدم التيقن بشأن الحصول على راتب في نهاية الشهر فان عمال المرافق
ظلوا يديرون محطات الكهرباء وتنقية المياه في حين وجد اخرون طريقة حتى
تكون شبكة المحمول بشرق ليبيا بمعزل عن العاصمة طرابلس.
ويخرج الشبان الى الشوارع لتنظيفها وجمع القمامة، ويرتدون زيا موحدا
لتنظيم المرور في التقاطعات المزدحمة وقام مهندسو الاتصالات بتركيب
وصلات انترنت تعمل عن طريق القمر الصناعي لتوصيل رسالة المعارضة
المسلحة للعالم الخارجي، وساعد مهندسون في الاسراع بعودة الشرطة الى
عملها بتجديد مباني أمن الدولة ومراكز الشرطة التي لحقت بها أضرار، وفي
مطعم القلعة على بعد بضعة امتار من مستودع الاسلحة توقفت رئيسة الطهاة
رحمة بن زبلح عن خدمة الزبائن وتكرس جهودها لاطعام قوات المعارضة
مستعينة بتبرعات من المواطنين، ويقدم مطعم القلعة يوميا 16 الف وجبة
معبأة توزع على المحتاجين حول بنغازي بما في ذلك اللاجئين والمرضى
بالمستشفيات وعلى الجبهة للمقاتلين بعد بلدة اجدابيا على بعد 140
كيلومترا جنوب غربي بنغازي، وفي المطبخ الأجواء محمومة لان اكثر من 100
متطوع بينهم طلبة مدارس ومدرسون ومهندسون وتجار يقطعون الخضروات
ويعتنون بستة وثلاثين قدرا تغلي على النار، وقالت بن زبلح "حين بدأت
الثورة انضممت الى المحتجين في (بنغازي) بميدان المحكمة، لا أستطيع
الذهاب للقتال على الجبهة لهذا قررت أن ألعب دورا في الثورة بأفضل ما
أستطيع القيام به وهو الطهي"، ويقدم مطعم القلعة اللحم والارز
والمعكرونة والدجاج والاسماك والخبز والعسل والتمر والحليب والمربى،
وتتكلف المؤن نحو 12 الف دينار ليبي (10090 دولارا) يوميا بما في ذلك
نحو 500 كيلوجرام من اللحم قيمتها تصل الى ستة الاف دينار (5089 دولارا)،
وقال فهمي المعوج مدير المطبخ "نتبرع بدخلنا من المطعم لامداد
المعارضين الذين يقاتلون من أجل حريتنا."
محادثات حول نهاية اللعبة
من جهتها اجتمعت دول عربية وغربية في ابوظبي مؤخراً للتركيز على ما
وصفه مسؤول أمريكي "بنهاية اللعبة" بالنسبة للزعيم الليبي معمر القذافي
في الوقت الذي زاد فيه حلف شمال الاطلسي مرة أخرى من كثافة غاراته
الجوية على العاصمة طرابلس، وفي الامم المتحدة قال مدعي المحكمة
الجنائية الدولية ان تحقيقاتها وجدت أدلة تربط بين القذافي وسياسة
لاغتصاب المعارضين في حين اقترحت مجموعة من الحزبين الجمهوري
والديمقراطي بالكونجرس الامريكي أن يجمد الرئيس باراك أوباما أصول
الحكومة الليبية لتوفير مساعدات انسانية للشعب الليبي المحاصر في الحرب
الاهلية، واستأنف حلف شمال الاطلسي غاراته على طرابلس بعد الهدوء الذي
أعقب أعنف يوم قصف منذ مارس اذار، وتقدم الاف من جنود القذافي نحو
مصراتة وقصفوها من ثلاثة جوانب وقتلوا 12 من أعضاء المعارضة المسلحة
على الاقل، وكان وزراء من مجموعة اتصال خاصة بليبيا تضم الولايات
المتحدة وفرنسا وبريطانيا فضلا عن قطر والكويت والاردن قد اتفقوا في
مايو ايار الماضي على انشاء صندوق لمساعدة المعارضة المسلحة، ومن
المنتظر أن يؤكدوا التزامهم في العاصمة الاماراتية وأن يضغطوا على
المعارضة الليبية المسلحة لتطرح خطة مفصلة بشأن كيفية ادارتها للبلاد
اذا تنحى القذافي، وقال مسؤول أمريكي كبير للصحفيين على متن طائرة
وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون التي هبطت في ابوظبي "بدأ
المجتمع الدولي يتحدث عما قد يمثل نهاية اللعبة"، وأضاف "يشمل هذا
ترتيبات لنوع من وقف اطلاق النار وعملية سياسية م، وبالطبع فان مسألة
القذافي وربما عائلته جزء مهم من هذا ايضا"، ورفض المجلس الوطني
الانتقالي وحلفاؤه الغربيون عروض الهدنة التي قدمتها الحكومة الليبية
لانها لا تشمل تنحي القذافي وقالوا ان عليه هو وأسرته التخلي عن السلطة
قبل بدء اي محادثات، وقال المسؤول الأمريكي إن مناقشات عامة جرت بشأن
ما قد يحدث للقذافي لكن لا يوجد شيء محدد بشأن "الى أين سيذهب او ما
اذا كان سيظل في ليبيا الى أن يتم البت في هذا". بحسب رويترز.
وأعلن مسؤولون أمريكيون عن تسليم اول شحنة من النفط تباع للولايات
المتحدة لحساب المجلس الوطني الانتقالي في اطار استراتيجية اوسع نطاقا
يأملون أن تدر المال على المجلس، وقالت شركة تيسورو الامريكية في مايو
ايار انها اشترت شحنة من 1.2 مليون برميل وذكر مسؤولون أمريكيون أنه
كان من المقرر أن تصل الى هاواي، وقال اليستير بيرت الوزير بوزارة
الخارجية البريطانية والذي يشارك في محادثات ابوظبي ان الفريق الدولي
لتحقيق الاستقرار الذي يساعد المجلس الوطني الانتقالي على التخطيط
لاعادة الاعمار بعد انتهاء الصراع سيطلع المجموعة على اخر النتائج التي
وصل اليه، وأضاف بيرت "مجموعة الاتصال ستؤكد مجددا رسالتها التي لا لبس
فيه، القذافي وعائلته ونظامه فقدوا كل شرعية ويجب أن يرحلوا حتى يستطيع
الشعب الليبي تحديد مستقبله"، ومضى يقول "الى أن يفعل القذافي هذا
سيزداد الضغط اقتصاديا وسياسيا وعسكريا"، واجتمع وزراء دفاع دول حلف
شمال الاطلسي في بروكسل دون دلائل تذكر على استعدادهم لتكثيف مهمتهم في
ليبيا التي فشلت حتى الان في الاطاحة بالقذافي، ويقول الحلف ان القصف
يستهدف حماية المدنيين من قوات القذافي التي سحقت احتجاجات شعبية على
حكمه في فبراير شباط مما أدى الى سقوط كثير من القتلى، لكن الصراع أصبح
الان حربا أهلية، وفي الامم المتحدة قال مدعي المحكمة الجنائية الدولية
لويس مورينو اوكامبو ان محققي المحكمة عثروا على أدلة تربط بين القذافي
وسياسة لاغتصاب المعارضين وانه قد يواجه اتهامات منفصلة بهذا الصدد،
وطلب اوكامبو في 16 مايو ايار اصدار اوامر لاعتقال للقذافي وابنه سيف
الاسلام ورئيس المخابرات الليبية بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية خلال
محاولات سحق الاحتجاجات، وخلال مؤتمر صحفي عقد بالامم المتحدة قال ان
السؤال كان حتى وقت قريب هو هل يمكن الربط بين القذافي نفسه وجرائم
الاغتصاب "ام أن هذا حدث في الثكنات؟"، واستطرد قائلا "لكننا الان نحصل
على بعض المعلومات التي تفيد بأن القذافي نفسه قرر السماح بجرائم
الاغتصاب وهذا شيء جديد".
وفي واشنطن قالت مجموعة من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين
والديمقراطيين انهم يدعمون مشروع قانون يستطيع الرئيس أوباما بموجبه
تجميد أصول الحكومة الليبية لتوفير مساعدات انسانية للشعب الليبي
المحاصر في الصراع، وجمدت الولايات المتحدة اكثر من 34 مليار دولار في
اطار العقوبات التي فرضتها على القذافي وكبار مسؤوليه في فبراير
شباط.وعلى الصعيد الميداني تتقدم قوات القذافي باتجاه مصراتة، وقال حسن
المصراتي المتحدث باسم المعارضة من داخل المدينة "ارسل الالاف من قواته
من جميع الجهات وهي تحاول دخول المدينة، لكنها ما زالت خارجها"، وقال
متحدث من المعارضة في مصراتة يدعى محمد في وقت متأخر ان مقاتلي
المعارضة ما زالوا يسيطرون على المدينة رغم الهجوم، وانضمت اسبانيا الى
حكومات عربية وغربية في الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي ومقره
بنغازي كممثل وحيد للشعب الليبي، وقال شاهد انه شب حريق في طرابلس في
وقت مبكر من الصباح بالفندق الذي يقيم به صحفيون أجانب، وتم اجلاء نحو
100 شخص معظمهم من الصحفيين الى مرأب قبل السادسة صباح، ولم ترد تقارير
عن وقوع اصابات وقال متحدث باسم الحكومة ان موظفي الفندق أرجعوا سبب
الحريق الى اشتعال النيران في غرفة للكهرباء.
هزائم دبلوماسية وعسكرية
في سياق متصل مني المتمردون الليبيون بأفدح الخسائر منذ بضعة اسابيع
في منطقة البريقة، فيما لحقت بالنظام هزائم دبلوماسية جديدة، في اعقاب
دعوة الولايات المتحدة القارة الافريقية الى دفع العقيد معمر القذافي
الى التنحي، وغداة زيارة قام بها وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي
لبنغازي، معقل المتمردين، وصفت وزارة الخارجية الليبية هذه الزيارة
بأنها تصرف "غير مسؤول" وانتقدت "انتهاك" السيادة الوطنية لليبي، وواصل
حلف شمال الاطسي الذي خفف في الايام الاخيرة غاراته على طرابلس، قصف
مواقع العقيد معمر القذافي في انحاء اخرى من البلاد، وفي تقريره اليومي،
ذكر الحلف الاطلسي انه قصف اهدافا خصوصا في مصراتة والزليتن (غرب)، وفي
بلغراد، قال مسؤول عسكري كبير في الحلف الاطلسي ان لدى قوات الاطلسي في
ليبيا الامكانات الكافية في الوقت الراهن، لكن الوضع قد يصبح "دقيقا"
اذا ما تواصلت العمليات، وقال القائد الاعلى في الحلف الاطلسي الجنرال
الفرنسي ستيفان ابريال، "اذا ما استمرت العمليات فترة اطول، ستصبح
مسألة الامكانات دقيقة جدا"، واضاف في مؤتمر صحافي عقده في بلغراد على
هامش مؤتمر للحلف الاطلسي مخصص لشركاء الحلف، "في الوقت الراهن، تتوافر
للقوات المشاركة كل الوسائل الضرورية لقيادة العمليات"، ويأتي هذا
التصريح بعد التحذير الذي وجهه وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الى
الحلفاء الغربيين في الحلف الاطلسي حول النقص في امكاناتهم العسكرية
والارادة السياسية، وقال ان هذه "النواقص" قد "تفسد" فاعلية المهمة في
ليبي، من جهتها، اعلنت بريطانيا التي تشارك في العمليات، انها قد تضطر
الى اتخاذ قرارات مهمة حول اعادة تصويب اولوياتها العسكرية اذا ما طال
امد تدخل الحلف الاطلسي في ليبي، وقال قائد البحرية الملكية الاميرال
مارك ستانهوب، ان من الضروري اعادة البحث في الاولويات اذا ما استمرت
العملية اكثر من ستة اشهر، معتبرا ان هذه الحملة كان يمكن ان تكون
جزئيا اقل كلفة "و"اكثر فاعلية بكثير" لو ان بريطانيا ما زالت تستخدم
حاملة طائرات عملانية، وفي واشنطن، اقر مجلس النواب تعديلا يرمي الى
منع استخدام اموال للعمليات العسكرية الاميركية في ليبيا. بحسب فرانس
برس.
من جهتها استعرت المعارك بين قوات القذافي والثوار، خصوصا على خط
الجبهة بين اجدابيا والبريقة، في الشرق، حيث قتل 21 متمردا، كما ذكر
احد قادة التمرد، واكد هذا القائد، "تعرض رجالنا لكمين، ادعى جنود
القذافي الاستسلام ووصلوا حاملين علما ابيض ثم اطلقوا النار عليهم"،
واصيب ايضا نحو عشرين من المتمردين ونقلوا الى مستشفى اجدابيا (160 كلم
جنوب بنغازي)، على الصعيد الدبلوماسي، منيت طرابلس بهزيمة جديدة مع
اعتراف برلين بـ "المجلس الوطني الانتقالي الممثل الشرعي للشعب الليبي"،
وقال وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي "نأمل في قيام ليبيا حرة
تنعم بالسلام والديموقراطية من دون القذافي"، واعلن ايضا افتتاح ممثلية
دبلوماسية المانية في بنغازي، معقل المتمردين، ووصفت وزارة الخارجية
الليبية هذا التصرف بأنه "غير مسؤول"، موضحة ان هذه "الزيارة تعد
انتهاكا صارخا للسيادة الوطنية، وتدخلا في الشؤون الداخلية لدولة ذات
سيادة وعضو في الامم المتحدة ومخالفة لكل القوانين والاعراف والمواثيق
الدولية ذات العلاقة"، وتحاول واشنطن من جهتها زيادة عزلة العقيد
القذافي من خلال حرمانه دعم القارة الافريقية، وقالت وزيرة الخارجية
الاميركية هيلاري كلينتون في اديس ابابا "اطلب من كل الدول الافريقية
ممارسة ضغوط لتطبيق وقف حقيقي لاطلاق النار ودعوة القذافي الى التنحي
عن السلطة"، ودعت كل بلدان القارة الى "تعليق انشطة السفارات" الموالية
لنظام القذافي و"طرد الدبلوماسيين الموالين للقذافي" المعتمدين في هذه
البلدان، وبعد الامارات العربية المتحدة، باتت المانيا البلد الثالث
عشر الذي يعترف بالمجلس الوطني الانتقالي، واكد العقيد القذافي الذي
يتولى السلطة منذ 1969، من جديد انه لن يتنازل عن السلطة على رغم
الانشقاقات في صفوف جيشه وازدياد الدعوات الدولية الى تنحيه، ولاسيما
من روسيا، حليفه السابق، وقد اسفر النزاع منذ 15 شباط/فبراير عما بين
"10 الاف و15 الف" قتيل، وفق الامم المتحدة، وارغم نحو 952 الف شخص على
الفرار، كما تقول المنظمة الدولية للهجرة.
مكاسب جديدة
الى ذلك حققت المعارضة الليبية مكاسب جديدة على الجبهة الغربية
لتدفع قوات الزعيم الليبي معمر القذافي للتقهقر في سلسلة اشتباكات
قربتها من العاصمة طرابلس، من جهته استأنف حلف شمال الاطلسي قصف
العاصمة الليبية بضربات أصابت شرق المدينة، وسمع أصوات ثلاثة انفجارات
مدوية على الاقل هزت شرق العاصمة الليبية، واضاف أن اعمدة من الدخان
تصاعدت في سماء طرابلس، وسمع أزيز طائرات تحلق فوق المدينة، وقال
التلفزيون الليبي الحكومي ان عمليات القصف اصابت اهدافا عسكرية ومدنية
في الفرناج أحد أكبر احياء العاصمة وعين زار، وقال انه وقعت اصابات،
وفي وقت سابق سعى المعارضون أيضا الى توسيع تقدمهم في الشرق واضعين نصب
أعينهم مدينة البريقة النفطية في محاولة لتعزيز السيطرة على المنطقة
مركز الانتفاضة على حكم القذافي الذي بدأ قبل نحو اربعة عقود من الزمن،
واجتمع وزراء دفاع حلف الاطلسي في بلجراد لبحث المهمة بعدما اتهم وزير
الدفاع الامريكي روبرت جيتس بعض الدول الغربية بالتقاعس عن القيام
بواجبه، واثار قائد كبير في حلف الاطلسي الشكوك على ما يبدو بشأن موارد
الحلف للتدخل في ليبيا في المدى الطويل، وقال الجنرال ستيفان ابريال في
مؤتمر الحلف في بلجراد "الازمة الليبية جاءت مفاجئة للجميع هن، ونحن
نخوض هذه العملية بجميع الموارد التي نملكها باذلين ما في وسعن، واذا
استمرت العملية لفترة أطول فان مسألة الموارد ستصبح حاسمة بالتأكيد"،
ويذكر ان المعارضة سيطرت على بلدة ككلة على بعد نحو 150 كيلومترا الى
الجنوب الغربي من طرابلس (بعد تراجع القوات الحكومية) وتقدمت عدة
كيلومترات الى الغرب من معقلها مصراتة صوب مشارف زليتن التي تسيطر
عليها الحكومة، واضافوا أن قوات القذافي تراجعت الى مواقع على بعد نحو
تسعة كيلومترات من ككلة، وقالوا ان المعارضة تقيم مواقع دفاعية تحسبا
لهجوم مضاد. بحسب رويترز.
وقال مايك براكين المتحدث باسم حلف شمال الاطلسي في بروكسل ان قوات
المعارضة تتقدم بشكل مطرد في الغرب ومناطق الامازيغ وعلى ما يبدو "تسيطر
على الارض من وازن الى جادو والزنتان وبلدة يفرن"، في الشرق، لم يتقدم
طرف بدرجة تذكر ولا يوجد تغير يذكر في حجم النشاط"، جاء التقدم نحو
ككلة بعد أسابيع من الجمود بين قوات المعارضة والقوات الحكومية رغم
تاثر قوات القذافي الافضل تسليحا بهجمات حلف الاطلسي الجوية، وقال
معارضون في الغرب ان الهجمات على مصفاة نفط في مصراتة لا تعطل
الامدادات كما كان يخشى من قبل، وأسقط حلف الاطلسي منشورات تحذر من
ضربات بطائرات هليكوبتر مما دفع المعارضين للانسحاب من مواقع سيطروا
عليها في الاونة الاخيرة خارج زليتن، وقال قائد محلي يدعى محمد
(31 عاما) "تراجعنا بسبب منشورات حلف الاطلسي، أتمنى ان يكون
هناك تنسيق بين المقاتلين والحلف، قوات القذافي بعيدة جد، هل يعقل أن
الحلف ليست لديه فكرة عن أننا استولينا على تلك المواقع"، وقال متحدث
باسم الحلف انه اسقط بالفعل منشورات تحذر من هجمات محتملة بطائرات
الهليكوبتر لكنه قال ان ذلك كان الى الغرب من مصراتة وأقرب الى زليتن،
ويقول مقاتلون معارضون من مصراتة ان الحساسيات القبلية تمنعهم من
مهاجمة زليتن وانهم ينتظرون بدلا من ذلك ان يهب السكان المحليون، ونقلت
صحيفة لندن تايمز عن قائد للمعارضة قوله ان قوات القذافي أخفت صواريخ
جراد وذخيرة في مدينة لبدة الكبرى الرومانية التي تعود الى 200 عام قبل
الميلاد، ودعت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)
كل الاطراف لضمان حماية التراث الليبي، وتحدث الحلف عن مناوشات قرب
البريقة واجدابيا لكنه قال ان شرق ليبيا هاديء نسبي، وقال ان هناك
أنباء عن هجوم للمعارضة على الزاوية وهي بلدة ساحلية منتجة للنفط على
بعد 30 كيلومترا غربي طرابلس، وقال براكين في المؤتمر الصحفي في بروكسل
"تبدو هذه المنطقة نقطة ساخنة للاشتباكات بين مؤيدي القذافي ومعارضيه"،
لكن أحد سكان الزاوية الذي اكتفى بتعريف نفسه باسم محمد قال، ان القتال
توقف وان أيا من الجانبين لم يتقدم كثيرا عن مواقعه الاصلية.
وأعيد فتح الطريق السريع الواقع الى الغرب من طرابلس المؤدي الى
تونس، وقال التلفزيون الرسمي الليبي ان التحالف العسكري الذي يقوده حلف
شمال الاطلسي يقصف أهدافا مدنية وعسكرية في بلدة الجفرة في وسط ليبيا
لليوم الثاني على التوالي، واضاف ان القصف استهدف منطقة الرواغة في
الجفرة، ونفى مسؤول في حلف الاطلسي وقوع اي هجوم على الجفرة لكنه قال
ان الحلف هاجم مخزن ذخائر في ودان غير بعيد من المدينة، وقال الرئيس
الجنوب افريقي جاكوب زوما ان حلف شمال الاطلسي يسيء استخدام تفويض
الامم المتحدة الذي يهدف لحماية المدنيين الليبيين من قوات القذافي من
أجل "تغيير النظام وارتكاب اغتيالات سياسية واحتلال عسكري أجنبي"، وفي
تصعيد للضغوط على القذافي حثت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون
الزعماء الافارقة على التخلي عن القذافي، وقطعت ليبيريا علاقاتها
الدبلوماسية مع ليبيا لتكون أحدث البلدان الافريقية التي تنأى بنفسها
عن الزعيم الليبي معمر القذافي منذ بدأت انتفاضة شعبية مناهضة له،
وتأتي الخطوة التي أعلنها مكتب رئيسة البلاد ايلين جونسون سيرليف بعدما
استقبلت السنغال الشهر الماضي وفدا لزعماء المعارضة، ونقل عن رئيس
موريتانيا قوله ان رحيل القذافي بات ضروري، وأبلغ جون بينر رئيس مجلس
النواب الامريكي الرئيس باراك أوباما أن الحكومة الامريكية ستنتهك
قانون الحرب الصادر عام 1973 ما لم تتوقف العمليات العسكرية في ليبيا
أو أن يوافق الكونجرس على مواصلته، وفي رسالة لاوباما طلب بينر من
الرئيس شرح الاسس القانونية لاستمرار العمليات في ليبي، وقال مصدر امني
وسكاني ان تونس نشرت طائرة من نوع اف-5 وطائرة هليكوبتر للاستطلاع على
الحدود مع ليبيا بعد سقوط صواريخ جراد على منطقة الذهيبة التونسية
الحدودية، ولم تتسبب الصواريخ في أضرار مادية أو اصابات بشرية، وفي
قرية الرياينة على بعد 15 كيلومترا الى الشرق من الزنتان في منطقة
الجبل الغربي التي تسيطر عليها المعارضة الى الجنوب الغربي من طرابلس
ان قوات القذافي تراجعت، وكانت المعارضة تحاول دون طائل على مدى أسابيع
السيطرة على الرياينة، وقالت ان اثنين من مقاتليها لقوا حتفهما لكنها
أخذت أسرى منهم مقاتلون أجانب، وقال عبد الرحمن المتحدث باسم المعارضة
من الزنتان "أسرنا 15 جنديا من الموالين للقذافي ثلاثة منهم ليبيون
والاثنا عشر الباقون اما تشاديون أو طوارق"،
عداء للقذافي في أحياء طرابلس
من جانب اخر فان صور معمر القذافي الضخمة التي كانت تزين معظم
طرابلس لم يعد لها وجود في منطقة سوق الجمعة حيث يقول السكان ان معارضي
الزعيم الليبي يشتبكون مع قوات الامن كل ليلة، ويصر مسؤولو القذافي على
انه لا توجد اضطرابات داخل العاصمة التي مازالت تحت سيطرته القوية رغم
المعارضة المهيمنة بصفة رئيسية على شرق البلاد، لكن ناشطين أذاعوا
لقطات فيديو أظهرت مئات المتظاهرين الذين يحضرون جنازة اثنين من
المحتجين قتل، وعرضت لقطات الفيديو حشودا تردد عبارات منها "معمر عدو
الله"، وأكد سكان بالمنطقة زارهم عدد صغير من الصحفيين الاجانب ان
الاحتجاج حدث وان القوات الحكومية فضته باطلاق النار، ووصفوا عدة ساعات
من الاضطرابات وأشاروا الى ما قالوا انه ثقوب طلقات في الجدران
والسيارات، وهذا الحادث فيما يبدو هو أكبر مظاهرة مؤكدة داخل طرابلس
منذ ان بدأت القوات الغربية قصف البلاد في مارس اذار ويؤيد روايات
نشطاء بأن المشاعر المناهضة للقذافي تتنامى في بعض أجزاء العاصمة،
وعندما سئل موسى ابراهيم المتحدث باسم الحكومة عن الحادث في مؤتمر صحفي
قال انه سمع عن الحادث وانه لم يكن لديه وقت كاف للحصول على معلومات،
وكان مسؤولو القذافي قد نفوا في وقت سابق ان مظاهرة ضخمة مناهضة
للحكومة جرت مؤخر، ويذيع تلفزيون الحكومة يوميا أنباء عن تجمعات حاشدة
مؤيدة للقذافي ويقول كثير من الناس في طرابلس للصحفيين الاجانب أنهم
يؤيدون الزعيم الليبي، ولم تنظم مظاهرات واسعة النطاق في طرابلس منذ ان
سحقت قوات الامن الاحتجاجات في فبراير شباط، واتسعت المظاهرات في أجزاء
اخرى من البلاد وجردت حكومة القذافي من السيطرة على معظم الشرق وبعض
أجزاء الغرب، ويقول القذافي ان قواته تقاتل عصابات اجرامية مسلحة
ومتشددي القاعدة، وصور الغارات الجوية لحلف شمال الاطلسي على انها عمل
من أعمال العدوان الاستعماري، ووفقا لرئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما
الذي زاره مؤخرا فقد جدد القذافي دعوته لوقف لاطلاق النار يشمل وقف
القصف من جانب حلف الاطلسي. بحسب رويترز.
ولمح سكان تحدثوا الى مراسلين اجانب في أزقة سوق الجمعة الى مخاوفهم
من الشرطة السرية، وتحدثوا بهدوء وكانوا ينظرون حولهم للتأكد من انه لا
يتنصت أحد عليهم، وابتعد البعض عندما مرت سيارة ليعودوا لمواصلة الحديث
عندما تصبح المنطقة امنة، وقال رجل في زقاق بالقرب من مسجد وصف نفسه
بأنه موظف سابق بشركة ايطالية "النساء والبنات يخشون الخروج"، وأضاف
"في الليل حتى اذا خرجنا لبضع دقائق فان الناس يقولون (ل، عودوا الى
دياركم)"، ووفقا لروايته عن الجنازة التي انعكست في مقابلات مع العديد
من السكان الاخرين فان قوات الامن ظهرت في الشارع وفتحت النار، وقال ان
قوات الامن غالبا ما تزور منازل في الليل لاعتقال رجال، وأضاف "لديهم
قوائم بها أسماء وصور"، وقال رجل اخر "الناس مصابون بالرعب من ميليشيا
القذافي"، لكن العديد من السكان اشاروا الى ثقوب طلقات في مؤخرة سيارة
حمراء والعديد من ثقوب الطلقات في جوانب المباني، وتم وضع دائرة
بالطباشير حول ثقب طلقة في جدار، وقال سائق سيارة اجرة من المنطقة ان
سوق الجمعة منذ فترة منطقة غضب من حكومة القذافي، وقال انه في الليل
يكتب الشبان عبارات معادية للقذافي على الجدران وسرعان ما تأتي الشرطة
لاخفائها بطلاء، وقال "الجميع في سوق الجمعة، مناهض للقذافي"، وداخل
متاجر في الضاحية قال تجار ان النشاط التجاري أصبح متباطئا بسبب
الاضطرابات، وقال صاحب متجر ملابس "كل ليلة يوجد" راسما علامة سلاح الي
بيديه مقلدا صوت زخات الرصاص، وعندما سئل من المسؤول عن اطلاق الرصاص
قال "لا أعرف، انني أنام"، وفي أحد محال الذهب تم اخلاء جميع اماكن
العرض، وعندنا سئل لماذا ليس لديه بضاعة ابتسم ابتسامة عريضة وقال "الحرب"،
وغالبا ما يقابل الصحفيون الغربيون بحذر في أجزاء من طرابلس مؤيدة
للقذافي حيث تبث دعاية معادية للغرب باستمرار في الاذاعة والتلفزيون
وتعلق في لافتات على الجدران، لكن في سوق الجمعة يبدو السكان أكثر
سعادة لان يروا مراسلين أجانب، وعندما قيل ان مجموعة الصحفيين تضم
اثنين من بريطانيا وواحدا من امريكا ابتسم صاحب متجر وبدأ يشيد بفريق
مانشستر يونايتد لكرة القدم وبالمغني البريطاني كريس ري، وقال اخر وهو
يبتسم بحرارة "انجلترا امريكا فرنسا ايطاليا جميعها جيدة ". |