باكستان... دولة نووية في ظلمة حالكة

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: تعتبر باكستان احدى اهم الدول النووية في العالم، مع عدد نفوس تجاوز المليار وتركة ثقيلة من التخلف والفقر والمرض، الى جانب الكثير من المشاكل والتوترات مع الجارة العملاقة "الهند" والحرب على الارهاب التي مازالت تراوح في مكانها (حيث تعتبر باكستان من خطوط المواجهة الأمامية ضد تنظيم القاعدة).

وسط هذه التناقضات تبحث باكستان عن تنميتها التي تكاد تكون معدمة تحت ركام الكم الهائل من المشاكل التي تعاني منها بين تجارة البشر والاعضاء وتدني مستوى التعليم بشكل قياسي مع اغلاق المدارس وسط عزوف التدريسيين بسبب انعدام الامان في العديد من مناطق باكستان، اضافة الى الفقر والبطالة التي ضربت شريحة واسعة من الباكستانيين مع انتشار العديد من الامراض والاوبئة وانعدام مياة الشرب الصالح في اغلب قراها مما ادى الى اصابة المواطنين بالتسمم والتلوث، كما خلفت الطبيعة بفيضاناتها واعاصيرها اراضي واسعة تعاني الدمار والاف العوائل تعاني الجوع، ويبدوا ان الحكومة تقف عاجزة امام هذا التحدي الكبير الذي يواجهها ومن دون ان تقدم حلول جذرية من اجل انهاء معاناة الباكستانيين. 

باكستانيون يبيعون أطفالهم

حيث قام محمد إحسان بالتخلي عن ابنه لصاحب عمله الذي يملك أحد أفران الطوب بعد فشله في سداد أموال كان قد اقترضها منه في وقت سابق، ولكن إحسان يشعر بالخجل لأن المطاف قد انتهى بابنه للعمل كخادم في منزل صاحب العمل في لاهور، وعن ذلك قال إحسان "كنت أدين له بمبلغ 100،000 روبية (1،176 دولاراً) كنت قد اقترضتها منه ولم أتمكن من سداده، ولكنه وافق على شطب الدين إذا قمت بإعطائه ابني سجاد البالغ من العمر 10 سنوات للعمل في منزله كخادم يغسل الصحون وينظف الأرضيات"، "أشعر بالخجل لأني قمت ببيع ابني وقضيت على تعليمه المدرسي بالقيام بذلك، ولكن ربما أستطيع الآن أن أتحمل نفقات تعليم أبنائي الصغار"، وقصة إحسان ليست فريدة من نوعه، فعلى الرغم من القوانين التي تمنع ذلك، إلا أن عمل السخرة المرهون بالدين يعد أمراً شائعاً في باكستان، وفي تقرير صدر عام 2009 وصفت الحكومة الأمريكية باكستان كمصدر ومعبر ومقصد للاتجار بالأطفال والرجال والنساء لأغراض العمالة القسرية والاستغلال الجنسي، وطبقاً للتقرير، فإن مشكلة الاتجار بالبشر الكبرى في باكستان هي العمل بالسخرة، ونظراً لأنها تتركز في أقاليم السند والبنجاب، فإن تلك المشكلة شائعة على وجه الخصوص في أفران الطوب وصناعة السجاد والزراعة وصيد الأسماك والتعدين ودباغة الجلود وإنتاج الأساور الزجاجية، وتتباين التقديرات حول عدد ضحايا العمل بالسخرة، إلا أن التقرير أفاد أن عددهم بالإضافة إلى أولئك الذي يقعون ضحية للزواج القسري والنساء اللائي تتم المتاجرة بهن بين الجماعات القبلية لتسوية النزاعات أو كسداد للدين، قد يزيد عن مليون ضحية، وفي دراسة جرت عام 2003، توصل معهد باكستان للتثقيف وبحوث العمل، وهو منظمة غير حكومية مقرها كراتشي، إلى أن ما يزيد عن نصف مليون شخص ممن يعملون في أفران الطوب كانوا من عمال السخرة، مع ذلك يصعب الحصول على المزيد من البيانات الحديثة في هذا الشأن. بحسب ايرين.

ويصف التحالف الوطني الباكستاني لمكافحة عمالة السخرة الذي يتكون من مجموعة من المنظمات غير الحكومية المحلية هذه الممارسة بأنها "واحدة من أقل الأشكال المعروفة للعبودية اليوم ولكنها مسؤولة عن استعباد الملايين من الأشخاص حول العالم"، وبعيداً عن دفع الديون، يقوم الآباء أيضاً ببيع أو محاولة بيع أطفالهم لأسباب أخرى، ففي مدينة فيهاري في جنوب البنجاب، وقفت غزالة بيبي ذات مرة في ميدان المدينة لما يزيد عن سبع ساعات للعثور على مشترين لأطفالها الثلاثة، مهنور البالغ من العمر 9 سنوات وعبد الله البالغ من العمر 7 سنوات ومعصومة البالغة من العمر 4 سنوات، وقالت غزالة التي تعمل خادمة منزلية، "زوجي مدمن على مخدرات ولا يمكنني إطعام أطفالي"، وأضافت أنها ببيعهم تأمل في أن يحصلوا على حياة أفضل، وفي حالة ثانية تم الإبلاغ عنها في نوفمبر 2010، قام أربعة أطفال في فيهاري بوضع لافتة يعرضون من خلالها أنفسهم للبيع لدفع تكاليف عملية زرع كلية لأمهم البالغة من العمر 35 عام، وقد قامت حكومة إقليم البنجاب بالتدخل وتحمل تكاليف الجراحة، وقالت سميرة جابين، وهي موظفة في مجال الصحة المجتمعية، "أعتقد أن بعض الناس يقومون بتنظيم عمليات بيع وهمية للحصول على صدقات، ولكن حتى في تلك الحالات يكون الناس عموماً يائسين ويعتقدون أنه لا يوجد لديهم أي خيار"، وأضافت أن المزيد من الناس يرسلون أطفالهم لتسول الطعام، مزيد من الأشخاص يقعون في براثن الفقر، وأشار بنك التنمية الآسيوي في تقرير صدر في أبريل إلى أن ارتفاع أسعار الغذاء بما يزيد عن 10 بالمائة في الأشهر الأولى من عام 2011 قد أوقع ما يقرب من 6.94 مليون باكستاني في براثن الفقر، وأشار البنك أيضاً إلى أن أسعار القمح قد ارتفعت بنسبة 10 بالمائة وأسعار الأرز بنسبة 13.1 بالمائة هذا العام.

وقال فريد أحمد، وهو عامل في أحد مصانع النسيج، "لم يعد بوسعنا أن نقدم حتى وجبة واحدة لائقة لأطفالنا الخمسة، فالأسعار مرتفعة جداً، وقد تمت إقالتي مؤخراً من عملي ولذلك أقوم بأعمال عابرة أجني منها حوالي 6،000 روبية (70 دولاراً) في الشهر، ويذهب كل هذا المبلغ تقريباً لشراء الطعام"، وقد وردت تقارير أيضاً عن آباء يحاولون بيع أطفالهم لمجرد الحصول على كيس من دقيق القمح، كما حدث في حالة واحدة من كويتا، عاصمة إقليم بلوشستان، وقال أنور كاظمي المتحدث الرسمي باسم مؤسسة إدهي الخيرية، "لا شك في أن جميع الظروف الاقتصادية تزداد صعوبة على الناس، فالأسعار ترتفع بالفعل يوماً بعد يوم والناس يكافحون من أجل تتدبر أموره، ولكن الأشخاص الذين يقفون على جانب الطريق لبيع أطفالهم هم في الواقع يؤدون تمثيلية درامية سعياً وراء لفت انتباه وسائل الإعلام وأملاً في أن يعطيهم بعض الأشخاص المال"، واتفق مع هذا الرأي عضو في إدارة منطقة فيهاري طلب عدم ذكر اسمه، حيث قال، "المشكلة هي أن السياسيين يهرعون لتقديم المال إلى هؤلاء الأشخاص ويكسبون الدعاية وهذا هو السبب في قيام الناس بتلك التمثيليات المثيرة، ولكن هذا ليس الحل، ما نحتاجه هو استراتيجية لخلق شبكة أمان اجتماعي للمعدمين وخلق فرص للتوظيف والسيطرة أيضا على التضخم"، وطبقاً لما ذكره التحالف الوطني لمكافحة عمالة السخرة، فإن هؤلاء المتضررين يفقدون حقهم في التوظيف وفي التحرك بحرية وبيع جهدهم بسعر السوق، وهذه الأعمال تخالف حقوق الإنسان المعترف بها دولياً.

التلوث والمرض والفقر

من جانبها تعتمد ثارباركار في إقليم السند الباكستاني اعتماداً كبيراً على مصادر المياه الجوفية لعدم وجود أنهار فيها، إلا أن الخبراء أفادوا أن التلوث بالفلوريد يشكل مصدراً رئيسياً للمرض في المنطقة.وفي هذا السياق، قال افتكار أحمد، الباحث في جامعة داو للعلوم الصحية DUHS أن "أكثر القرى تضرراً هي سامون ريند وكالاريو وناروفاري وسوكاني، ففي سامون ريند وحدها، يعاني أكثر من 300 شخص من السكان البالغ عددهم 950 نسمة من تسمم الأسنان والهيكل العظمي بالفلور"، وأضاف قائل، "أجرينا العديد من الفحوصات لهؤلاء الأشخاص لاستبعاد أي اضطراب وراثي، إن ضعف مناعة السكان هو نتاج سوء التغذية وانخفاض مستويات النظافة الشخصية"، ويتسبب امتصاص نسب عالية من الفلوريد في تسمم الأسنان والهيكل العظمي بالفلور وحدوث مشكلات في العظام والغدة الدرقية والكلى، كما يؤدي ذلك أيضاً إلى تشوهات مزمنة يتعذر شفاؤها في العظام والمفاصل، وقد وجدت دراسة أجرتها جامعة داو للعلوم الصحية عام 2010، بالتعاون مع مجلس باكستان للبحوث العلمية والصناعية ((PCSIR ورابطة المياه والتعليم التطبيقي والطاقة المتجددة، وهي منظمة غير حكومية محلية، أن أكثر من 80 بالمائة من المياه الجوفية في المنطقة غير صالحة للاستهلاك البشري، وقال أحمد الذي لا يزال يدرس المشكلة منذ عدة سنوات، "أثناء إجراء البحث هنا في (ثارباركار)، رسمنا خريطة للمنطقة ككل، من المفترض أن يكون المستوى العادي للفلوريد في الماء جزءاً واحداً في المليون بينما يصل في الكثير من المواقع هنا إلى 13 جزءاً في المليون، ما يجعله غير صالح للاستهلاك البشري"، ووجدت دراسة أخرى أجرتها رابطة المياه والتعليم التطبيقي والطاقة المتجددة تحت عنوان "جودة المياه الجوفية في ثار، تحليل تفصيلي للأعوام 2003-2008" أن أكثر من 50 بالمائة من السكان يستخدمون ماء يحتوي على مذيبات تزيد عن 5،000 ملغم للتر الواحد، وقد ارتفع هذا الرقم في إحدى قرى نارواري إلى 20،000 ملغم للتر، وهو ما يتجاوز كثيراً الحد الأقصى الذي أقرته منظمة الصحة العالمية والذي يبلغ 1،500 ملغم للتر، وكان عدد سكان ثار يقدر بنحو 1.23 مليون نسمة عام 2008. ويقدر المعدل السنوي للأمطار في المقاطعة بما يتراوح بين 100 و300 ملم فقط، وهذا سبب اعتمادها على المياه الجوفية. بحسب ايرين.

وقد دعا علي أكبر رحيمو، المدير التنفيذي لرابطة المياه والتعليم التطبيقي والطاقة المتجددة لإنشاء مشاريع تحلية للمياه ورفع مستوى الوعي في المنطقة، وأوضح بالقول، "ما نحتاج إليه هنا هو محطات للتحلية وإزالة أيون الفلوريد" مضيفاً أن "الرابطة قامت بتركيب طواحين هواء للحصول على المياه من أعماق الأرض، وأنشأت محطات لتحلية المياه وإزالة الفلوريد في عدة قرى ولكن هذا لا يزال غير كاف"، غير أن اثنتين من محطات التحلية التي أنشأتها رابطة المياه والتعليم التطبيقي والطاقة المتجددة في ساجاي وسامون ريند مهجورتان الآن لنقص التمويل اللازم لشراء الوقود لتشغيلهم، وقال رحيمو أن "المجتمعات فقيرة هنا ولا يمكنها جمع ما يكفي من المال لتشغيل هذه المرافق، على الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم أن تأخذ المشاكل هنا بعين الاعتبار"، وأضاف أن "تالوكاس (وهي منطقة فرعية) في عمركوت وتشاتشرو وميثي قد تأثرت بشدة بالتلوث بالفلوريد، ومع أن حفر آبار أعمق هو من الحلول الممكنة، إلا أن الناس هنا يفتقرون إلى الموارد اللازمة للحفر وصيانة هذه التجهيزات"، وقال أيض، "علاوة على ذلك، سيزيد ذلك العبء الذي تتحمله النساء، فهن من يتوجب عليه جلب الماء وسحب الحبل مسافة طويلة والانتظار لفترة أطول للحصول على الماء، قد تكون المضخات الشمسية مفيدة جداً في هذا الصدد، ولكن من جديد تبرز قضية التكلفة، إننا نعمل على مشروع لجمع مياه الأمطار ولكن هذا يعتمد إلى حد كبير على كمية الهطول"، ويقول السكان المحليون أن التشوهات تؤثر على الأسر، حيث أفاد موهان، وهو مدرس في منتصف العمر من بلدة مالو بيل، التي تبعد 55 كيلومتراً عن ميثي، "بناتي جميلات ولكن تم رفض الزواج منهن عدة مرات لأن الضعف والمرض باد عليهن وبسبب مظهر أسنانهن السيئ، إنني مستعد لتقديم مهر جيد، ولكن قبل ذلك أتمنى أن أفعل شيئاً حيال الأسنان الصفراء وضعف العظام، بالإضافة إلى ذلك، ولدت ابنتي الكبرى ولدين مشوهين"، وقال طبيب محلي أن "بنات موهان وأحفاده يعانون من التهاب المفاصل وهم إما ضحايا للتسمم بالفلور أو لاضطراب وراثي"، ولكن موهان قال، "لا يعاني أحد في أسرتي من ضعف العظام أو تحدب الكتفين بهذا الشكل، قال لي الأطباء أن السبب قد يكون مياه الآبار عندن، مع مرور السنين، تزايدت ملوحة المياه وأصبحت موحلة أكثر، أشعر أننا نستهلك السم ونحن نعلم ذلك، أتمنى وأصلي دوماً ألا يولد أي طفل في أسرتي بهذا التشوه من جديد".

التعافي الصعب بعد الفيضانات

في سياق متصل وبعد ثمانية أشهر على إجبار الفيضانات لسليم الله عديل وأسرته على ترك منزلهم في مدينة مظفرجاره بإقليم البنجاب في جنوب باكستان، ثبت أن الطريق إلى التعافي ما يزال صعباً بالنسبة لهذا المزارع الذي لا يملك أرض، القمح الذي كان يزرعه على 10 أفدنة (أربعة هكتارات) مستأجرة من أحد ملاك الأراضي الكبار مقابل مبلغ سنوي قدره 118 دولاراً للفدان الواحد (0.4 هكتار) بحالة جيدة، ويأمل سليم الله في جمع محصول جيد لأن أحوال الطقس جيدة حتى الآن، وبالقرب من منزله، الذي تم إصلاحه جزئياً، يوجد صفوف منظمة من الخضروات، وبضعة دجاجات تأكل في الفناء، ولكنه لا يملك أي شيء آخر يدخل السرور إلى قلبه، وقال سليم الله، "اشتريت بذور القمح والأسمدة بعد بيع المجوهرات التي كنا قد اشتريناها لزفاف ابنتي الكبرى، الذي كان مقرراً هذا الشهر، أما الآن فقد تم تأجيل الزفاف بعد أن استنفذت جميع مدخراتي، وابناي اللذان كانا يعملان في مزارع سمكية فقدا وظيفتيهما كذلك"، وقد دمرت الفيضانات التي ضربت البلاد في يوليو وسبتمبر 2010 مئات المزارع السمكية في منطقة مظفرجاره، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام، تاركة العديد من الأشخاص مثل ابني سليم الله دون عمل، لكن مشاكل سليم الله لا تنتهي عند هذا الحد، فهذا المزارع لم يكن يملك الأرض التي يزرعها، ولذلك لم يحصل على تعويض من قبل الحكومة المحلية، التي أعطت ملاك الأراضي البذور والأسمدة، وأوضح قائل، "ادعى مالك الأرض الذي نستأجرها منه أنه بحاجة إلى البذور والأسمدة لأرضه"، وطالت المعاناة الكثير من الأشخاص كذلك مثل إحسان أختار، البالغ من العمر 30 عاماً. فهذا العام لم تتم الاستعانة بزوجته لجني القطن، حيث قال، "لم أكسب أي، نقود لشهور بسبب تدمير محصول القطن، والمصانع التي تسحق بذور القطن لاستخراج الزيت لم توظفنا هذه المرة كما تفعل عادة"، وقد واصل الناس في جميع أنحاء البلاد التعايش مع الخسائر التي تكبدوها خلال الفيضانات، حتى أثناء محاولة التعافي، ولكن ثبُت أن هذا من الصعوبة بمكان، وقالت سانوبير بيبي، البالغة من العمر 25 عام، "أصغر أطفالي، البالغ من العمر ستة أشهر، يعاني من الإسهال منذ شهر تقريباً، والعاملون الصحيون الذين اعتادوا على زيارتنا بعد الفيضانات مباشرة لم يعودوا يأتون إلينا، أما الدواء الذي قدمته القابلة المحلية لم يُفد طفلي على الاطلاق"، ولا توجد عيادة في قرية سانوبير. بحسب ايرين.

وأشارت نيفا خان، المدير القطري لمنظمة أوكسفام الخيرية البريطانية بأصابع الإتهام إلى الحكومة، وقالت للصحافيين إن تأخير الحكومة في تقديم "استراتيجية إعادة الإعمار" أدى إلى تعطيل إعادة البناء العاجلة وأعمال التعافي الاقتصادي، مضيفة أنه في بعض الحالات، لم "تكد تبدأ هذه الأعمال بعد مرور ثمانية أشهر على وقوع الكارثة"، ولكن مسؤول في الحكومة فند هذا الإدعاء، حيث قال كمال أحمد، المتحدث باسم الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث أن "مرحلة التأهيل بدأت قبل بضعة أشهر"، وقال مسؤول في حكومة السند، فضل عدم ذكر اسمه، أن "عدم توافر الأموال" يعطل جهود التعافي في الإقليم، ولكن "يتم إحراز تقدم بطيء" على هذا الصعيد، وفي العام الماضي، تم تغيير القانون لإسناد العديد من المهام التي كان يتم تنفيذها مركزياً، إلى الأقاليم ولكن عمال الإغاثة أفادوا أن هذا الإجراء أدى إلى تعقيد عمليات التخطيط لإعادة التعمير، فعلى سبيل المثال، لا يزال الناس يفتقرون إلى المأوى في العديد من المناطق التي ضربتها الفيضانات في أقاليم خيبر بختون خوا والسند وبلوشستان، ووفقاً لمسح أجرته منظمة غير حكومية باكستانية تسمى "شبكة الانتخابات الحرة والنزيهة" لصالح منظمة أوكسفام، يسعى 70 بالمائة من السكان المتضررين من الفيضانات إلى الحصول على وظائف، وقالت خان أن "الناس يريدون وظائف، وليس صدقات"، وفي 31 مارس، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الفيضانات ألحقت أضراراً بأكثر من 18 مليون شخص قد خلفت وراءها موجة من المرض والدمار لم تنحسر بعد، حتى بعد أن جفت المياه، وأفاد تقرير أصدره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أنه لا تزال هناك حاجة إلى المأوى ومياه الشرب النظيفة ولا يزال العديد من الأشخاص يعانون من الأمراض أيض، وفي الكثير من المناطق التي ضربتها الفيضانات، تحولت برك المياه في المناطق المنخفضة إلى مقالب قمامة، وقالت الطبيبة رافيا علي أن "ذلك يضيف إلى انتشار الأمراض، والمياه القذرة في بعض الأحيان تلوث إمدادات المياه النظيفة المستخدمة لأغراض الشرب"، وأضافت أن "الحديث عن الفيضانات اختفى من شاشات التلفاز ولا تصل سوى كميات محدودة من المساعدات إلى الناجين، ولكن لا يزال الخراب الناجم عن واحدة من أكبر الكوارث الطبيعية في تاريخ البلاد مستمراً، ولا تلوح نهاية لهذا الوضع في الأفق".وشاطرها الرأي إبراهيم مغل، رئيس مجلس الزراعة في باكستان، الذي قال، أن "الخسائر الزراعية الناجمة عن الفيضانات كانت مدمرة، والتعافي سيستغرق وقتاً طويلاً".

إغلاق المدارس وعزوف المعلمين

من جهة اخرى أغلقت المدرسة المحلية في وانا، البلدة الرئيسية في منطقة وزيرستان القبلية بجنوب باكستان، أبوابها منذ عدة أشهر ولا يأتي الأطفال إليها إلا للعب، وعن ذلك، قال رضا علي، البالغ من العمر 8 سنوات، "لا يوجد لدينا معلم في المدرسة، ولذلك نقضي يومنا في اللعب أو في القيام بأعمال المنزل"، ويعيش المعلم الذي كان يدرس رضا وزملاءه قبل أن يؤدي انعدام الأمن إلى إغلاق المدارس في المنطقة على بعد كيلومتر واحد فقط من المدرسة، ولكنه غير مستعد للعودة إلى العمل، ولذلك لم يحضر الأطفال في وانا فصولاً دراسية منذ نوفمبر، وقال سيد فواد علي شاه، مسؤول التعليم في حالات الطوارئ في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في باكستان أنه "نتيجة للمشكلات الأمنية لا يقوم المدرسون وخاصة الإناث منهم بالذهاب إلى الفصول وهذا يؤثر على تعليم الفتيات"، وطبقاً لما ذكرته تقارير إعلامية، يعني الخوف من طالبان أن الكثير من المدرسين لم يعودوا إلى العمل حتى في مناطق مثل سوات الخالية من المسلحين الآن، وقالت أمينة مالك، البالغة من العمر 25 عاماً من منطقة خيبر حيث قامت بالتدريس في مدرسة للفتيات خلال الفترة من 2006 إلى 2009: "أحب مهنة التدريس لكني لن أقوم أبداً بالتدريس مرة أخرى، فزوجي يرى أن علي التخلي عن هذه المهنة لخطورتها الشديدة، وهناك عدد قليل فقط من المدرسات المستعدات للتدريس الآن"، وقالت مريم بيبي، وهي أم لفتاتين تعيش في منطقة ريفية على مشارف بيشاور، "من الأفضل أن يبقين في أمان في المنزل ويتعلمن الطبخ والحياكة"، وتحلم ابنة مريم البالغة من العمر 13 عاماً، وتدعى جميلة، أن تصبح مدرسة ولكنها تقول الآن، "يبدو أنني لن أكمل حتى شهادتي الثانوية"، 'لطالما كان من الصعب العثور على مدرسات في تلك المناطق، فهناك عدد قليل من النساء المتعلمات وأسرهن تفضل بقاءهن في المنزل دون عمل''من جهته، قال عبد المنيب، وهو مدرس ثانوي في منطقة باجور، "كمدرس أشعر دائماً بالحزن عندما يتسرب الطلاب من الدراسة قبل إكمال تعليمهم، والآن لم يعد يستطيع الكثير من الطلاب الاستمرار في التعليم لأن أسرهم بحاجة إلى عملهم، ويخشى آخرون من الحضور إلى فصول الدراسة بسبب التفجيرات التي وقعت في المدارس في الماضي ويرفضون الحضور مرة أخرى". بحسب ايرين.

ويؤثر انعدام الأمن على معدلات التعليم، وقال روحي بانو، المدير الإقليمي لمنظمة خويندو كور غير الحكومية في بيشاور التي تعمل في مجال تعليم الفتيات، "بالكاد يوجد واحد بالمائة من النساء المتعلمات في تلك المناطق"، وقالت أزرا خان، مديرة إحدى المدارس الخاصة في بيشاور، "لطالما كان من الصعب العثور على مدرسات في تلك المناطق، فهناك عدد قليل من النساء المتعلمات وأسرهن تفضل بقاءهن في المنزل دون عمل، وسيزيد الموقف الذي نشأ الآن بعد عهد طالبان الأمور سوءاً مع وجود عدد أقل من النساء الراغبات في هذا العمل"، وأوضحت أنه في بعض الحالات تلقت المدرسات تهديدات حتى في المدن الكبرى، وأضافت، "لم تعد معلمتان على الأقل في مدرستي راغبتين في العمل هنا"، وتتفاقم المشكلة بسبب إحجام الآباء عن السماح للرجال بتدريس الفتيات، وقالت زكية بيبي، البالغة من العمر 40 عاماً من مدينة مينجورا في سوات، "أصر زوجي على سحب ابنتنا من المدرسة بسبب وجود بعض المدرسين الرجال في المدرسة، لديه وجهات نظر متشددة ويقول أن هذا غير مقبول"، وهناك عوامل أخرى تؤثر على التعليم، حيث قال إحسان الله البالغ من العمر 40 عاماً ويدير مصنعاً لصناعة الأحذية في منطقة وزيرستان الجنوبية، "هناك العديد من الأسر التي عانت مالياً واستخدمت جميع مدخراتها أثناء النزوح وهي غير قادرة على العثور على وظائف الآن حتى بعدما عادت إلى ديارها"، وأضاف أنه يتلقى عشرات الطلبات للحصول على وظائف كل أسبوع ولكنه لا يستطيع استيعاب المزيد من العمال، وتتساءل زينب بيبي من مدينة مردان في إقليم خيبر بختون خوا كيف يمكنها تعليم أطفالها الأربعة، كان زوج زينب تابعاً لقوات طالبان في المنطقة، حيث قالت، "لقد هربت بمفردي مع الأطفال عام 2010 عندما اشتدت حدة القتال، لقد ساعدنا بعض الأقارب، ولكنني لم أسمع عن زوجي من ذلك الحين، يبلغ أبنائي الكبار 14 و15 عاماً وهما يذهبان إلى العمل في ورشة للسيارات للحصول على بعض الدخل ولكني أتوق إلى رؤيتهما مرة أخرى في المدرسة".ويساور بيبي القلق من أنه إذا لم يتعلم أبناؤها فقد يتم إغرائهم للانضمام إلى طالبان، مضيفة أن "البندقية عامل جذب كبير للأولاد الصغار".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 18/حزيران/2011 - 15/رجب/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م